ما معنى قول الطبري في ( أن بورك من في النار)

هاني عبدو

New member
إنضم
03/07/2015
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
40
الإقامة
مصر
قال الطبري رحمه الله
(واختلف أهل التأويل في المعنِّي بقوله(مَنْ فِي النَّارِ ) فقال بعضهم: عنى جلّ جلاله بذلك نفسه، وهو الذي كان في النار، وكانت النار نوره تعالى ذكره في قول جماعة من أهل التأويل.)
 
{ فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) } (سورة النمل 8)

عند المجيء قال المنادي لموسى عليه السلام ثلاثة أمور(متغايرة)
1- بركة من في النار
2- بركة من حول النار
3- مفردة (سبح ) المفردة لازمها التنزيه من كل سوء وإثبات العلو والبعد الذاتي عن الخلق ولله المثل الاعلي ، فمن لم يعلم أن الله سبحانه وتعالى في السماء ، بائن عن خلقه ، فلاتسبيح له .

ثانيا :المجيء أعم من الإتيان وخاتمته ، فوصل موسى عليه السلام للنور (نور رب العالمين ،مراجعة سبح 3) وأصبح فيه فالبركة كانت لموسى عليه السلام ومن كان معه من الملائكة

ثالثا
: ومن حول النار ...عند الإتيان كان موسى عليه السلام مكانيا حول النور فشملته البركة وقد تشمل الملائكة و أهله عليه السلام (هارون عليه السلام ومن كان معهم في السفر ) .

والله أعلم
 
ما ورد في تفسير الطبري كاملا من تفسير الآيات 8 من سورة النمل

ما ورد في تفسير الطبري كاملا من تفسير الآيات 8 من سورة النمل

القول في تأويل قوله تعالى :{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} سورة النمل- الآية 8.

وقوله: (فَلَمَّا جَاءَهَا ) يقول: فلما جاء موسى النار التي آنسها(نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ).

كما حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) يقول: قدّس.

واختلف أهل التأويل في المعنِّي بقوله (مَنْ فِي النَّارِ ) فقال بعضهم: عنى جلّ جلاله بذلك نفسه، وهو الذي كان في النار، وكانت النار نوره تعالى ذكره في قول جماعة من أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: (فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) يعني نفسه; قال: كان نور ربّ العالمين في الشجرة.

حدثني إسماعيل بن الهيثم أبو العالية العبدي، قال: ثنا أبو قُتَيبة، عن ورقاء، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، في قول الله: (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) قال: ناداه وهو في النار.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن في قوله: (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ) قال: هو النور.

قال معمر: قال قَتادة: (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) قال: نور الله بورك.

قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال الحسن البصري: (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) ،.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بوركت النار.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني الحارث، قال: ثنا الأشيب، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) بوركت النار. كذلك قاله ابن عباس.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) قال: بوركت النار.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال مجاهد: (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) قال: بوركت النار.

حدثنا محمد بن سنان القزاز قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا موسى، عن محمد بن كعب، في قوله: (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) نور الرحمن، والنور هو الله (وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ).

واختلف أهل التأويل في معنى النار في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: النور، كما ذكرت عمن ذكرت ذلك عنه.

وقال آخرون: معناه النار لا النور.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن سعيد بن جبير، أنه قال: حجاب العزّة، وحجاب المَلِكَ، وحجاب السلطان، وحجاب النار، وهي تلك النار التي نودي منها. قال: وحجاب النور، وحجاب الغمام، وحجاب الماء، وإنما قيل: بورك من في النار، ولم يقل: بورك فيمن في النار على لغة الذين يقولون: باركك الله. والعرب تقول: باركك الله، وبارك فيك.

وقوله: (وَمَنْ حَوْلَهَا ) يقول: ومن حول النار. وقيل: عَنى بمن حولها: الملائكة.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (وَمَنْ حَوْلَهَا ) قال: يعني الملائكة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن الحسن، مثله.

وقال آخرون: هو موسى والملائكة.

حدثنا محمد بن سنان القزّاز، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا موسى، عن محمد بن كعب (وَمَنْ حَوْلَهَا ) قال: موسى النبيّ والملائكة، ثم قال: يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .

وقوله: (وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) يقول: وتنـزيها لله رب العالمين، مما يصفه به الظالمون.


[اهـ نقلا عن موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف المعتمد على طبعة الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله]

ومحصل ما ورد فيه من أقوال:
1. قال بعضهم[ابن عباس، سعيد بن جبير]: عنى جلّ جلاله بذلك نفسه، وهو الذي كان في النار، وكانت النار نوره تعالى ذكره في قول جماعة من أهل التأويل.
2. الحسن قال هو النور.
3. قتادة: نور الله بورك.
4. محمد بن كعب، في قوله: (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) نور الرحمن، والنور هو الله
5. وقال آخرون[ابن عباس، مجاهد]: بوركت النار
6. (ومن حولها): ابن عباس والحسن: (وَمَنْ حَوْلَهَا ) قال: يعني الملائكة.
7. (ومن حولها) : محمد بن كعب (وَمَنْ حَوْلَهَا ) قال: موسى النبيّ والملائكة
 
(من في النار) لا تعني في ذات النار ، وهذا يشبه قوله تعالى (طهر بيتي للطائفين والقائمين ..) و البيت هو الكعبة (جعل الله الكعبة البيت الحرام) فلا يعني هذا الطواف والصلاة في داخل الكعبة وإنما حولها وقربها ، وبهذا يكون (من في النار) يشير إلى موسى عليه السلام الذي هو أقرب إلى هذه النار، (ومن حولها) من هم بعيدون عن النار التي جاءها موسى فيكون هذا إشارة إلى أهله..
أما القول بأن الله في النار لا يستقيم ولا يصح -تعالى الله عن ذلك- ، كما أن القول بأن النار نور لا يستقيم أيضاً وهذا واضح..

والله أعلم والحمد لله رب العالمين
 
سؤال في محله، فقد اضطرب المتأولون فيه وعبر بعضهم بعبارات مردودة شنيعة، وخرجه ابن عطية بتقدير مضاف وهو: بورك من قدرته وسلطانه في النار.
 
(من في النار) لا تعني في ذات النار ، وهذا يشبه قوله تعالى (طهر بيتي للطائفين والقائمين ..) و البيت هو الكعبة (جعل الله الكعبة البيت الحرام) فلا يعني هذا الطواف والصلاة في داخل الكعبة وإنما حولها وقربها ، وبهذا يكون (من في النار) يشير إلى موسى عليه السلام الذي هو أقرب إلى هذه النار، (ومن حولها) من هم بعيدون عن النار التي جاءها موسى فيكون هذا إشارة إلى أهله.. أما القول بأن الله في النار لا يستقيم ولا يصح -تعالى الله عن ذلك- ، كما أن القول بأن النار نور لا يستقيم أيضاً وهذا واضح.. والله أعلم والحمد لله رب العالمين

أتفق معك في عدم صرف الظاهر المتبادر من غير قرينة (وأنها نار) ولكنها مباركه بواد مقدس يرى ضوئها من مسافة والصحيح كذلك أنه لادليل مباشر يربطها بصفات الله العلى

أما (في ) فهي ظرفيه في المقتضب : (هي للوعاء كقولنا زيد في الدار) انتهى ، فلا نفهم من ذلك أن جدران البيت مطبقة على زيد ولكنها تحيط بزيد ، كذلك النار هنا ، فقد تحيط بزيد ونقول زيد في النار (كتحديد مكاني او زمني لموقع زيد من النار).

ملاحظة : وقد يطرأ سؤال هنا كيف أصبح موسى عليه السلام داخل هذه النار ، الجواب .. هو علمه المتقدم بحقيقة بركتها وسلامها وأنها من عند الله سبحانه وتعالى، لقوله تعالى ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى) (سورة طه ) . حدث ذلك قبل إقترابه من مصدر النار والدخول بها تبركا

والتفرقة بين المجيء والاتيان مهمة ، توضحه الاية التالية
وقوله تعالى { قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) } (سورة الأَعراف)

وللتصور الجيد ، نقسم المجيء لوحدات صغيره ، كل وحدة ( إتيان) ، والسياق يوضح ويظهر لنا السابق من اللاحق منها والنهاية بالمجيء .


والله اعلم
 
[ما جاء في تفسير الزمخشري "الكشاف" عن هذه الآية]
{ فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ أَنَ } هي المفسرة: لأنّ النداء فيه معنى القول. والمعنى: قيل له بورك فإن قلت: هل يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة وتقديره: نودي بأنه بورك. والضمير ضمير الشأن؟ قلت: لا، لأنه لا بدّ من «قد». فإن قلت: فعلى إضمارها؟ قلت: لا يصح؛ لأنها علامة لا تحذف. ومعنى { بُورِكَ مَن فِى ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا } بورك من في مكان النار، ومن حول مكانها. ومكانها: البقعة التي حصلت فيها وهي البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى:
{ نُودِىَ مِن شَاطِىء ٱلْوَادِى ٱلأَيْمَنِ فِى ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ }
[القصص: 30] وتدل عليه قراءة أبيّ. «تباركت الأرض ومن حولها». وعنه: «بوركت النار»؛ والذي بوركت له البقعة، وبورك من فيها وحواليها حدوث أمر ديني فيها: وهو تكليم الله موسى واستنباؤه له وإظهار المعجزات عليه؛ وربّ خير يتجدّد في بعض البقاع، فينشر الله بركة ذلك الخير في أقاصيها، ويبث آثار يمنه في أباعدها، فكيف بمثل ذلك الأمر العظيم الذي جرى في تلك البقعة. وقيل: المراد بالمبارك فيهم: موسى والملائكة الحاضرون. والظاهر أنه عامّ في كل من كان في تلك الأرض وفي تلك الوادي وحواليهما من أرض الشام، ولقد جعل الله أرض الشام بالبركات موسومة في قوله:
{ وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ }
[الأنبياء: 71] وحقت أن تكون كذلك، فهي مبعث الأنبياء صلوات الله [وسلامه] عليهم ومهبط الوحي إليهم وكفاتهم أحياء وأمواتاً. فإن قلت: فما معنى ابتداء خطاب الله موسى بذلك عند مجيئه؟ قلت: هي بشارة له بأنه قد قضى بأمر عظيم تنتشر منه في أرض الشام كلها البركة { وَسُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } تعجيب لموسى عليه السلام من ذلك، وإيذان بأنّ ذلك الأمر مريده ومكوّنه رب العالمين، تنبيهاً على أن الكائن من جلائل الأمور وعظائم الشؤون.
 
[ما جاء في تفسير القرطبي عن هذه الآية]
فلما رأى موسى النار وقف قريباً منها، فرآها تخرج من فرع شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها الُعلَّيق، لا تزداد النار إلا عظماً وتضرّماً، ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسناً؛ فعجب منها وأهوى إليها بضِغْث في يده ليقتبس منها؛ فمالت إليه؛ فخافها فتأخر عنها؛ ثم لم تزل تطمعه ويطمع فيها إلى أن وضح أمرها على أنها مأمورة لا يدري من أمرها، إلى أن { نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا }. وقد مضى هذا المعنى في «طه». { نُودِيَ } أي ناداه الله؛ كما قال:
{ وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ }
[مريم: 52]. { أَن بُورِكَ } قال الزجاج: { أَنْ } في موضع نصب؛ أي بأنه. قال: ويجوز أن تكون في موضع رفع جعلها اسم ما لم يسم فاعله. وحكى أبو حاتم أن في قراءة أبيّ وابن عباس ومجاهد { أن بوركت النار ومن حولها }. قال النحاس: ومثل هذا لا يوجد بإسناد صحيح، ولو صح لكان على التفسير، فتكون البركة راجعة إلى النار ومن حولها الملائكة وموسى. وحكى الكسائي عن العرب: باركك الله، وبارك فيك. الثعلبي: العرب تقول باركك الله، وبارك فيك، وبارك عليك، وبارك لك، أربع لغات. قال الشاعر:
فبوركتَ مولوداً وبوركتَ ناشِئاً وبوركتَ عند الشَّيبِ إذ أنتَ أشيبُ
الطبري: قال { بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ } ولم يقل بورك (في من في) النار على لغة من يقول باركك الله. ويقال باركه الله، وبارك له، وبارك عليه، وبارك فيه بمعنًى؛ أي بورك على من في النار وهو موسى، أو على من في قرب النار؛ لا أنه كان في وسطها. وقال السّدي: كان في النار ملائكة فالتبريك عائد إلى موسى والملائكة؛ أي بورك فيك يا موسى وفي الملائكة الذين هم حولها. وهذا تحية من الله تعالى لموسى وتكرمة له، كما حيّا إبراهيم على ألسنة الملائكة حين دخلوا عليه؛ قال:
{ رَحْمَةُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ }
[هود: 73]. وقول ثالث قاله ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير: قُدِّس من في النار وهو الله سبحانه وتعالى، عنى به نفسه تقدّس وتعالى. قال ابن عباس ومحمد بن كعب: النار نور الله عز وجل؛ نادى الله موسى وهو في النور؛ وتأويل هذا أن موسى عليه السلام رأى نوراً عظيماً فظنه ناراً؛ وهذا لأن الله تعالى ظهر لموسى بآياته وكلامه من النار لا أنه يتحيز في جهة
{ وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ }
[الزخرف: 84] لا أنه يتحيز فيهما، ولكن يظهر في كل فعل فيعلَم به وجود الفاعل. وقيل على هذا: أي بورك من في النار سلطانه وقدرته. وقيل: أي بورك ما في النار من أمر الله تعالى الذي جعله علامة.

قلت: ومما يدلّ على صحة قول ابن عباس ما خرّجه مسلم في «صحيحه»، وابن ماجه في «سننه» واللفظ له عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القِسط ويرفعه حجابه النور لو كشفها لأحرقت سُبُحات وجهه كل شيء أدركه بصره " ثم قرأ أبو عبيدة: { أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } أخرجه البيهقي أيضاً. ولفظ مسلم عن أبي موسى قال: " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات؛ فقال: إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يُرفَع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور ـ وفي رواية أبي بكر النار ـ لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصرهُ من خلقه " قال أبو عبيد: يقال السُّبَحات إنها جلال وجهه، ومنها قيل: سبحان الله إنما هو تعظيم له وتنزيه. وقوله: «لو كشفها» يعني لو رفع الحجاب عن أعينهم ولم يثبِّتهم لرؤيته لاحترقوا وما استطاعوا لها. قال ابن جُريج: النار حجاب من الحجب وهي سبعة حجب؛ حجاب العزّة، وحجاب الملك، وحجاب السلطان، وحجاب النار، وحجاب النور، وحجاب الغمام، وحجاب الماء. وبالحقيقة فالمخلوق المحجوب والله لا يحجبه شيء؛ فكانت النار نوراً وإنما ذكره بلفظ النار؛ لأن موسى حسبه ناراً، والعرب تضع أحدهما موضع الآخر. وقال سعيد بن جبير: كانت النار بعينها فأسمعه تعالى كلامه من ناحيتها، وأظهر له ربوبيته من جهتها. وهو كما روي أنه مكتوب في التوراة: «جاء الله من سيناء وأشرف من ساعير واستعلى من جبال فاران». فمجيئه من سيناء بعثه موسى منها، وإشرافه من ساعير بعثه المسيح منها، واستعلاؤه من فاران بعثه محمداً صلى الله عليه وسلم، وفاران مكة. وسيأتي في «القصص» بإسماعه سبحانه كلامه من الشجرة زيادة بيان إن شاء الله تعالى.

قوله تعالى: { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } تنزيهاً وتقديساً لله رب العالمين. وقد تقدّم في غير موضع، والمعنى: أي ويقول من حولها { وَسُبْحَانَ اللَّهِ } فحذف. وقيل: إن موسى عليه السلام قاله حين فرغ من سماع النداء؛ استعانة بالله تعالى وتنزيهاً له؛ قاله السدي. وقيل: هو من قول الله تعالى. ومعناه: وبورك فيمن سبح الله تعالى رب العالمين؛ حكاه ابن شجرة.
 
[ما جاء في تفسير ابن عبدالسلام ٦٦٠ ه من تفسير لهذه الآية]

{ فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ جَآءَهَا } جاء النور الذي ظنه ناراً وقف قريباً منها فوجدها تخرج من شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق، لا تزداد النار إلا تضرماً ولا تزاد الشجرة إلا خضرة وحسناً { بُورِكَ } قُدِس " ع " ، أو تبارك، أو البركة في النار. { النَّارِ } نار فيها نور، أو نور لا نار فيه عند الجمهور { مَن فِى النَّارِ } مَنْ: صلة تقديره بوركت النار، أو بورك النور الذي في النار، أو بورك الله الذي في النور أو الملائكة، أو الشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق. { وَمَنْ حَوْلَهَا } الملائكة، أو موسى عليه الصلاة والسلام. { وَسُبْحَانَ اللَّهِ } من كلام الله تعالى لموسى، أو قاله موسى لما سمع الكلام وفزع استعانة بالله تعالى وتنزيهاً له، وسمع موسى كلام الله تعالى من السماء عند الشجرة وحكى النقاش أن الله تعالى خلق في الشجرة كلاماً حتى خرج منه فسمعه موسى عليه الصلاة والسلام ولا خبر فيما ذكره من ذلك. قال وهب لم يمس موسى عليه الصلاة والسلام امرأة بعد ما كلمه ربه.
 
وجاء في حاشية الصاوي :
قوله: { نُودِيَ } أي ناداه الله. قوله: (أي بأن) أشار بذلك إلى أن أن مصدرية، وما بعدها في تأويل مصدر، وحرف الجر مقدر قبلها، أي نودي ببركة { مَن فِي ٱلنَّارِ } الخ، أي بتقديسه وتطهيره مما يشغل قلبه عن غير الله وتخليصه للنبوة والرسالة، أي ناداه الله، بأننا قدسناك وطهرناك واخترناك للرسالة، كما تقدم في طه حيث قال:
{ وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ }
[طه: 13] الخ.
قوله: { مَن فِي ٱلنَّارِ } هو نائب فاعل { بُورِكَ } ، وهذه تحية لموسى وتكرمة له. قوله: (أو العكس) أي فتفسر من الأول بالملائكة، والثانية بموسى، وعلى هذا التفسير فلا يحتاج لتقدير مضاف. قوله: (يتعدى بنفسه) أي فيقال باركك الله. قوله: (وبالحرف) أي اللام وفي وعلى. قوله: (ويقدر بعد في مكان) أي على التفسير الأول، فيقال أن بورك من في مكان النار، وإنما احتيج لهذا التقدير، لأن موسى إذ ذاك لم يكن في النار حقيقة، بل كان في المكان القريب منها.
 
أتفق معك في عدم صرف الظاهر المتبادر من غير قرينة (وأنها نار) ولكنها مباركه بواد مقدس يرى ضوئها من مسافة والصحيح كذلك أنه لادليل مباشر يربطها بصفات الله العلى

أما (في ) فهي ظرفيه في المقتضب : (هي للوعاء كقولنا زيد في الدار) انتهى ، فلا نفهم من ذلك أن جدران البيت مطبقة على زيد ولكنها تحيط بزيد ، كذلك النار هنا ، فقد تحيط بزيد ونقول زيد في النار (كتحديد مكاني او زمني لموقع زيد من النار).

ملاحظة : وقد يطرأ سؤال هنا كيف أصبح موسى عليه السلام داخل هذه النار ، الجواب .. هو علمه المتقدم بحقيقة بركتها وسلامها وأنها من عند الله سبحانه وتعالى، لقوله تعالى ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى) (سورة طه ) . حدث ذلك قبل إقترابه من مصدر النار والدخول بها تبركا

والتفرقة بين المجيء والاتيان مهمة ، توضحه الاية التالية
وقوله تعالى { قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) } (سورة الأَعراف)

وللتصور الجيد ، نقسم المجيء لوحدات صغيره ، كل وحدة ( إتيان) ، والسياق يوضح ويظهر لنا السابق من اللاحق منها والنهاية بالمجيء .


والله اعلم

أحسنت في قولك أنها محيطة ولا يشترط أن تكون مطبقة ، لكن القول بأن موسى عليه السلام "دخل" في النار و أن هذه النار كانت برداً و سلاماً فإن هذا بعيد ، لأنه لا إشارة لدخوله ولا لكونها برداً و سلاماً..

كما أن القول بوجود الملائكة في ذاك الوقت لا دليل عليه من الآيات ، وإنما ما نعرفه هو وجود موسى عليه السلام قرب النار ، وبقاء أهله بعيداً..
والقول بالشجرة بعيد أيضاً إذ لا دليل عليه من الآيات أيضاً..
كما أن القول ببركة المكان لا يصح في هذه الآية ، لأن الله عز وجل يقول (من) وهذا ظاهره للعاقل..

وإعادة لما ذكرت سابقاً فلا يصح القول بأن الله في النار -تعالى الله عن ذلك- فهذا من سوء الأدب مع الله ، ولا يصح أن يقال أن النار نور ، لأنه لو كانت نوراً لذكر الله لفظ النور في الآية ، فهذا من إبعاد المعاني الظاهرة.. وزيادة على هذا لا يصح نسب النور الذي هو نار إلى الله عز وجل.. فهذا سوء أدب أيضاً..
 
لأنه لا إشارة لدخوله ولا لكونها برداً و سلاماً..

1 - جاء تدل على نهاية مطاف وأخر نقطه يمكن الوصول لها ( فَلَمَّا جَاءَهَا )
2 - هذه النقطه داخل النار دل على ذلك { بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ } (سورة النمل ) ولايوجد في الايات غير ذكر موسى عليه السلام ، فهو الاقرب سياقا وانه المعنى (بمن في النار)
3 -برد وسلام ، لانها في نفسها بركة تبارك من فيها (بورك من في النار ) ولانها نار بأمر الله سبحانه وتعالى بالواد المقدس ، برد وسلام ، لكليمه موسى عليه السلام ، فلا أقول غير ذلك أو أنها محرقة ويصعب تصور شيء أخر في هذا المقام العظيم المهيب .

والله اعلم
 
أليس المراد-والله أعلم بمراده-:
فلما وصل موسى إلى حيث النار، نودي أن بورك من جاء إلى مكان النار وبورك من حولها من الملائكة..
 
عودة
أعلى