[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
ذكر القفطي في (إنباه الرواة) 1/51 عند ترجمته المطولة لأبي الأسود الدؤلي رحمه الله(ت69هـ) أن أبا الأسود أتى عبدَالله بن عباس ، فقال : إني أرى ألسنة العرب قد فسدت ، فأردت أن أضع شيئاً لهم يُقَوِّمونَ به ألسنتَهم.
قال : لعلك تريد النحو ، أما إنه حق ، واستعن بسورة يوسف. أ.هـ .
وعلى افتراض صحة نسبة هذا القول إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، ما الحكمة في قوله :(واستعن بسورة يوسف) ؟
في انتظار أرائكم وفقكم الله .
أخي الدكتور عبد الرحمن-زادك الله توفيقا-:
على افتراض صحة النسبة ظهر لي احتمالان :
1-ابن عباس رضي الله عنهما قصد أن يرشد أبا الأسود إلى ضرورة اعتماد القرآن متنا أوليا لاستخلاص القواعد فعبر رضي الله عنه بسورة يوسف على عادة العرب في إطلاق الجزء وإرادة الكل....ويكون اختيار هذه السورة لما ورد في مطلعها: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (2) فحصل التناسب.
قد يقال وهل يخفى على أبي الأسود رحمه الله مثل هذا حتى يرشده إليه حبر هذه الأمة.
الجواب أن تقعيد اللغة العربية يمر من استقراء لغات العرب ولهجاتها، والقرآن نزل بلغة قريش فقط-أو إجمالا- وهي اللغة التي اعتمدت في المصحف العثماني...فيكون تنبيه الحبر له محل.
2-ابن عباس الذي أوتي التأويل يعرف أكثر من غيره أن سورة يوسف اشتملت على شواهد لوجوه عديدة من لغة العرب وليس يوجد في غيرها..فأرشد الباحث في اللغة إلى هذا المصدر الغني الكريم......ولعل خلو السورة من الأحكام وتمحضها للبيان المشعر به مفتتحها: الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) وسردها غير المنقطع يرشحها للبحث اللغوي...فميزة الصفة الأولى أن تكون فيها الكلمات غالبا محافظة على دلالاتها العربية لأن الأحكام تستدعي اصطلاحات شرعية وهي جديدة أو محورة كما هو مقرر في علم الأصول.
والتمحض للبيان يفي بمقصود التلوين البياني وهذا مفيد لمعرفة الأساليب.أما السرد غير المنقطع فمفيد جدا من جهة رصد الأفعال وأنواعها لأن السرد يتبع الزمن والزمن من شأن الفعل والفعل من أهم مقولات اللغة..
وقد لاحظت أن من مظاهر سورة يوسف ظاهرة الحذف على كل المستويات بما قد لا يوجد في سورة أخرى.....فمن أدرانا بما لاحظه الحبر القرشي رضي الله عنه .....وهوالذى دعا له النبي بفهم القرآن...ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم مستجابة.
والله أعلم.
قد يكون أشار عليه بسورة يوسف من حيث الإعتبار بدلالاتها المعنوية كالصبر والتحمل فيوسف تحمل وصبر كثيرا حتّى نال مراده --- من المحتمل أنّ إبن عباس رضي الله عنه يحث أبا الأسود على الإقتداء بالعبر التي تضمنتها السورة
بسم الله
الحمد لله
اللهم صل على محمد:
ربما أراد ابن عباس رضي الله عنهما الإلماع إلى قوله تعالى:
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (2) سورة يوسف
فأراد التذكير باعتماد القرآن عند الالتباس في لسان العرب
والله أعلم
قول ابن عباس رضي الله عنهما يفيد أن " سورة يوسف " لها خصوصية في تقعيد النحو ، أو أنها أكثر شواهد له ،
و هو ما لا تنفرد به عن كثير من السور غيرها ،
و لعل آخر الكلام المذكور ليس من قوله ،
و " المواقع " على شبكة المعلومات العالمية جاء فيها نقل القفطي خاليا من تلك الزيادة - أي : ( و استعن بسورة يوسف ) ؟
و الله أعلم
بارك الله فيكم جميعاً على هذه الإضافات العلمية القيمة ، وما تفضلتم به جميعاً توجيه وجيهٌ له حظ من النظر والاعتبار وفقكم الله وسدد آرائكم .
وأما خلو النسخ الالكترونية ومواقع الانترنت من هذه الزيادة يا أبا بكر فهذا من عيوب النسخ الالكترونية ، وقد نقلت النص من الكتاب المحقق مباشرة .
شيخنا عبد الرحمن أجد في سورة يوسف امرا مميزا من ذكر خطاب الناس بعضهم البعض في امور دينهم و دنياهم في شتى مجالات الحياة ففيها من الايات ما يصلح لتقويم كلام الناس فيما يتداولونه من حديث كلام العوام فيما بينهم أكثر من اي سورة أخرى .لان فساد اللسان يظهر من تعامل الناس في البيع والشراء والخطاب وامور معايشهم اليومية التي يتداولونها .فسورة يوسف فيها اساليب الخطاب والنداء : يوسف لابيه وكلامه مع الملك وحديثه مع أخوته وحديثه مع السجناء وحديثه مع فتيانه ونداء فتيانه لاخوته.
وفيها البيع والكيال والصدق وذكر فيها الفساد والسرقة والقتل و الخبز والسنابل وتأويل الرؤيا والسجن والسقاية والصلب والكيد والصبر والعمى والابصار بعده والزراعة والحصاد والادخار والأكل والسكين والقطع والشكر والاستغفار ......الى أخر ما يفعله اي انسان في يومه. وكأن سورة يوسف فيها عمل كل اليوم فلا يمر يوم الا ويتكلم الناس بهذه الامور .
أرى أن نبحث في صحة هذا الأثر قبل أن نشتغل بتوجيهه ، وما ذكره الإخوة من توجيهات ليست بظاهرة عندي ، وعلى كل حال هذه فائدة نفيسة من فضيلة مشرفنا العام ؛ فإن المشهور أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو الذي أمره به .
اطلعت على كتاب جديد بعنوان : الأحاديث والآثار الواردة في فضل اللغة العربية وذم اللحن ، روايةً ودراية .للدكتور: أحمد بن عبد الله الباتلي . نشر دار كنوز أشبيليا . لكن لم يذكر هذا الأثر ، وذكر الاتفاق على أن واضع علم النحو أبو الأسود ، وذكر الخلاف فيمن أمره بذلك وخرج الآثارفي هذه المسألة ولم يحكم عليها .
من المصادر التي ذكرت هذا الأثر نور القبس - (ج 1 / ص 3) وأورده بصيغة التمريض التي تدل على الضعف فقال :
وقيل: إن أبا الأسود أتى ابن عباس فقال: إني أرى ألسنة العرب قد فسدت، فأردت أن أضع لهم شيئاً يقيمون به ألسنتهم. قال: لعلك تريد النحو، أما إنه حق، وأستعين بسورة يوسف عليه السلام.
ولكن إن أراد الباحث أن يتلمس بعض الأسباب فلعل فيما وقفت عليه مايعين على ذلك .
ذكر الخطيب في تاريخه (ج 4 / ص 13) :
أخبرنا بشري بن عبد الله الرومي حدثنا سعد بن محمد بن إسحاق الصيرفي حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الرازي وأخبرنا الحسن بن أبي طالب حدثني عبيد الله بن أحمد بن يعقوب المقرىء حدثنا أبو علي بن الرازي صاحب الحسين بن فهم قال حدثنا حسين بن محمد بن فهم حدثني خلف بن هشام قال أتيت سليم بن عيسى لأقرأ عليه قال وكان بين يديه قوم فأظنهم سبقوني فلما جلست قال لي من أنت قلت خلف فقال لي بلغني أنك تريد الترفع في القراءة فلست آخذ عليك شيئاً قال فكنت أحضر المجلس ولا يأخذ علي شيئاً قال فبكرت يوماً في الغلس وخرج فقال من ههنا يتقدم يقرأ فتقدمت فجلست بين يديه قال فاستفتحت سورة يوسف وهي من أشد القرآن إعراباً فقال لي من أنت فما سمعت أقرأ منك فقلت أنا خلف فقال لي فعلتها ما يحل لي أن أمنعك اقرأ قال فكنت أقرأ عليه حتى قرأت يوماً حم المؤمن فلما بلغت إلى قوله " ويستغفرون للذين آمنوا " غافر 7 بكى بكاء شديداً ثم قال لي يا خلف أما ترى ما أعظم حق المؤمن تراه نائماً على فراشه والملائكة يستغفرون له.
وقد يستأنس بما ذكره أبونعيم في تاريخ أصبهان - (ج 1 / ص 56)
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سياه ثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ثنا هدبة ثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير قال بلغني أن القرآن يرفع يوم القيامة غير سورة يوسف وسورة مريم يتكلم بها أهل الجنة.
ولأبي العباس ابن تيمية رحمه الله قواعد سورة يوسف في مجلد كبيرذكر ذلك الصفدي في أعيان العصر وأعوان النصر - (ج 1 / ص 60)
وفي تفسير البغوي - (ج 4 / ص 209)
{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ } يعني: الكتاب، { قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي: أنزلناه بلغتكم، لكي تعلموا معانيه، وتفهموا ما فيه
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ } أي: نقرأ عليك { أَحْسَنَ الْقَصَصِ } والقاصُّ هو الذي يتبع (2) الآثار ويأتي بالخبر على وجهه.
معناه: نبّين لك أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية أحسن البيان.
وقيل: المراد منه: قصة يوسف عليه السلام خاصة، سماها أحسن القصص لِمَا فيها من العِبَر والحِكَم والنُّكَتِ والفوائد التي تصلح للدين والدنيا، من سِيَرِ الملوك والمماليك، والعلماء، ومكر النساء، والصبر على أذى الأعداء، وحسن التجاوز عنهم بعد الالتقاء، وغير ذلك من الفوائد.
قال خالد بن معدان: سورة يوسف وسورة مريم يتفكه بهما أهل الجنة في الجنة.
وقال ابن عطاء: لا يسمع (1) سورة يوسف محزون الا استراح إليها.
ومن قرأ تفسير سورة يوسف في التحرير والتنوير أدرك ذلك.
زيادة على ماذكره الغني بالله أحيل على ما ذكره جار الله الزمخشري وهو قوله :تلك الآيات التى أنزلت إليك فى هذه السورة الظاهر أمرها فى إعجاز العرب وتبكيتهم ....التى لاتشتبه على العرب معانيها لنزولها بلسانهم