ما معنى قوله تعالى: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ)[الأنبياء:2]

نزار حمادي

New member
إنضم
25/06/2008
المشاركات
270
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
تونس
قوله تعالى: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ)[الأنبياء:2]
ما المحكوم عليه بالحدوث (وهو الوجود بعد العدم) في الآية؟
هل هو راجع إلى حدوث حكم من الأحكام، أو حدوث إنزاله؟ أو قول آخر؟
هذا الموضوع مطروح للمتدبرين بعلم، المتفهمين بحلم، وهو من باب مدارسة بعض آيات الذكر الحكيم، للاستفادة منها واستبعاد كل فهم سقيم.
 
هذه الآية من أسهل ما يفهمه العربي.

و لايتلكأ في فهمها إلا من كان عنده حكم مسبق عنها، أو امتزج عقله بمنهج في الفهم يشوش عليه الواضحات.
 
إن الإنجيل ذكر محدث من ربنا لبني إسرائيل بعد التوراة
وكذلك القرآن ذكر محدث من ربنا بعد الإنجيل وكذلك دلالة قوله تعالى " ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون" ويعني أن المؤمنين بالتوراة يجب عليهم أن يصلوا ما أمر الله به أن يوصل وهو وصل الإنجيل بالتوراة ولا يقطعونها منها بالإيمان بالتوراة والكفر بالإنجيل ، وعلى المؤمنين كذلك بالإنجيل أن يصلوا ما أمر الله به أن يوصل وهو وصل القرآن بالإنجيل ولا يقطعونه منه بالإيمان بالإنجيل والكفر بالقرآن .
وهذا القول ذكر للأمة المحمدية لتتذكرهوكما فصلت كثيرا في كلية الكتاب من تفسيري من تفصيل الكتاب وبيان القرآن
وليس كما ذكر الأخ الفاضل أن مدلول حرف الحج كما وصف "هذه الآية من أسهل ما يفهمه العربي.
و لايتلكأ في فهمها إلا من كان عنده حكم مسبق عنها، أو امتزج عقله بمنهج في الفهم يشوش عليه الواضحات.اهـ بلفظه
بل حرف الأنبياء هذا " ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون" ومن المثاني معه حرف الشعراء "وما يأتيهم من ذكر من الرحمان محدث إلا كانوا عنه معرضين .
الحسن
 
الأخ الكريم العبادي
فهم الآية ليس بالسهولة التي تعتقدها؛ إذ لو كان كذلك لما تنوعت تفاسير العلماء فيها، وهم قطعا من العرب، بل ومن علماء اللغة العربية وقواعدها وأصولها، بل ومن علماء التفسير وأئمته. و"الذكر" في القرآن العظيم ورد على ستة معاني متغايرة كما استقرءها ابن التين في شرحه على صحيح البخاري "الخبر الفصيح الجامع لفوائد مسند البخاري الصحيح" (مخ)، فلا يتبين لأول وهلة ما المراد بالذكر في الآية إلا بعد النظر والتأمل، ولذا اختلفت التفاسير كما ذكرت، لكن منها الصحيح ومنها الباطل.
فأنت أخي العبادي كعربي تفهم اللغة العربية وترى وضوح الآية، ولم يكن عندك قبل فهمها أي فهم مسبق، ما المعنى الذي تفهمه من الآية؟؟ وما دليلك عليه إلى جانب كونك عربيا؟؟
 
قد سبق لك طرح هذا التساؤل بصيغة أخرى بمعرفك الآخر (1) ، وأجيب على سؤالك فذهبت لا تلوي على شيء .
وفيها أجوبة من المتدبرين بعلم، المتفهمين بحلم، لكن الشأن هل مراد السائلين العلم ؟!
:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=7766
ونحوه هنا :
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=8481

------------------------------
(1) الدليل على أنه هو :
http://www.tafsir.org/vb/showpost.php?p=62785&postcount=64
.
 
إذا كنت تعتقد أن ما أحلت عليه فيه جواب صحيح أو فهم مليح، فهذا شأنك واعتقادك، لكن الواقع بخلاف ذلك.

ثم دعني أقول لك أمرا مهما يا أخ عبد الرحمن:

هذه الخلافات لن تنتهي إلى يوم القيامة حيث يحكم الله تعالى فيها وهو أحكم الحاكمين، لكنا مطالبون شرعا بالوصول إلى الحق فيها واعتقاده، وأسلوبك المبني على اعتقادك الخاص أنك حصلت الحقائق واستقر عليها قلبك ونصبت نفسك للدفاع عنها، لا يفيد الباحثين عن الحق، بل يفيد المقلدين الذين يركنون إلى من يظهر أنه على الحق بأي أسلوب كان.

هذه الآية التي طرحتها للتحاور حول مفهومها، نعتقد ــ جمهور أهل السنة والجماعة من المحدثين والمفسرين والفقهاء والمتكلمين الأشاعرة والماتريدية ــ أنها لا تدل على حدوث القرآن الذي هو كلام الله القائم بذاته، أو أنه معاذ الله أحدث سبحانه وتعالى كلاما في ذاته وتكلم به حروفا وأصواتا بعد أن لم يكن متكلما به بل بغيره، زعما ممن قال ذلك أن ذلك من صفاته الاختيارية فله أن يحدث في ذاته ما يشاء.. بل لها مفهوم آخر يناقض هذا الفهم السطحي الظاهري الباطل تماما والمخالف لما عليه جمهور المفسرين لكتاب الله تعالى، ولنا على ذلك أدلة عديدة أولها وليس آخرها تفسير الإمام البخاري في كتابه "خلق الأفعال" هذه الآية تفسيرا صحيحا حيث قال: وأما تحريفهم: (من ذكر من ربهم محدث) فإنما حدث عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما عَلَّمَـ[ـهُ] اللهُ ما لم يكن يعلم. (ص23). طبعة مؤسسة الرسالة. وفي هذه الطبعة خطأ فاحش وهو حذف الضمير من قوله: علمه.

ونرى ـ ـ أهل السنة ـ ـ أن من فسرها بحدوث كلام الله تعالى الذي هو القرآن، وادعى أن الخلق يغاير الإحداث، وأن الله تعالى يفعل في ذاته ما يشاء، ويحدث فيها ما يريد، ومما أحدث في ذاته القرآن العظيم حروفا وأصواتا، قد خالف الأمة وشق إجماعها وابتدع في الدين، وأتى بما لم يأت به سيد المرسلين لا صراحة ولا ضمنا ولا التزاما. واستشهاد هذا القائل بحديث: "إن الله يحدث من أمره ما شاء، وإن مما أحدث ألاَّ تكلَّموا في الصلاة‏" باطل أيضا بشهادة جمهور شراح كتب الحديث، ولا يخفى على من طالعها بفهم ما قالوا في تفسيره.

قال الإمام الطبري في تفسير سورة الشعراء: القول في تأويل قوله تعالى ( وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين) يقول تعالى ذكره : وما يجيء هؤلاء المشركين الذين يكذبونك ويجحدون ما أتيتهم به يا محمد من عند ربك من تذكير وتنبيه على مواضع حجج الله عليهم على صدقك وحقيقة ما تدعوهم إليه مما يحدثه الله إليك ويوحيه إليك لتذكرهم به إلا أعرضوا عن استماعه ، وتركوا إعمال الفكر فيه وتدبره.

فالمسألة أعظم وأكبر مما يستخف بها البعض، وادعاء الإجماعات الخيالية على الأمور الباطلة لا يغتر بها إلا مقلد تقليدا رديئا، وهذا الملتقى يضم ثلة من الأساتذة والدكاترة والمشايخ الذين يحسن الحوار معهم، فيحسن بمن ربط على قلبه مفاهيم فيها نظر كبير بل هي باطلة عند جمهور علماء الأمة وسلم صحتها وصار ينافح عنها أن لا يسلك سبيل الترهيب لإقناع غيره، فليتكلم بعلم أو ليسكت بحلم. وبالله تعالى التوفيق، فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء.

لا تشغل نفسك كثيرا بمسألة المعرفات... فأنت طالب علم ولست شرطيا مخبرا.
 
وللمحتجين ببعض متشابه كلام الإمام البخاري أقول:
قال للكرماني في الكواكب الدراري (ج25/ص216): قال المهلب: غرض البخاري من الباب الفرق بين وصف كلامه بأنه مخلوق ووصفه بأنه حادث، يعني لا يجوز إطلاق المخلوق عليه ويجوز إطلاق الحادث عليه.
أقول (الكرماني) الغالب أن البخاري لا يقصد ذلك ولا يرضى به ولا بما نسبه إليه؛ إذ لا فرق بينهما (المحدث والمخلوق) عقلا وعرفا ونقلا. وقال شارح التراجم: مقصوده أن حدوث القرآن وإنزاله إنما هو بالنسبة إلينا، وكذا ما أحدثه من أمر الصلاة فإنه بالنسبة إلى علمنا. اهـ.
ويؤيد كلام الكرماني كلام البخاري نفسه في كتاب خلق أفعال السابق ذكره، حيث قال: فإنما حدث عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لمّا عَلَّمَهُ اللهُ ما لم يكن يعلم. (ص23).
 
قال الحافظ المفسر البغوي في تفسير قوله تعالى: (ما يأتيهم ذكر من ربهم محدث) : قال مقاتل: يحدث الله الأمر بعد الأمر. قيل: الذكر المحدث: ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وبينه من السنن والمواعظ سوى ما في القرآن، وأضافه إلى الرب عز وجل لأنه قاله بأمر الرب. ( معالم التنزيل، ج5/ص306)

وقال القرطبي: ما يأتيهم ذكر من ربهم محدث: يريد: في النزول وتلاوة جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان ينزل سورة بعد سورة وآية بعد آية، كما كان ينزله الله تعالى عليه في وقت بعد وقت، لا أن القرآن مخلوق. (الجامع، ج14/ص172)
قلت: انظر كيف عبر القرطبي عن عدم إحداثه بعدم مخلوقيته، وهو شاهد على أن التفريق بينهما محض تحكم. وكذا أبو حيان عندما قال: وقد احتجت المعتزلة على حدوث القرآن بقوله: محدث. (ج6/ص275) فلم يفرق بين المخلوق والمحدث.

والمقصود بكل هذا الكلام أن من فسر الآية الكريمة بأن الله تعالى يحدث القرآن كلامه (الحروف والأصوات المحدثة على زعم القائل)، بل وزعم أن الأصح من الأقوال هو جواز إطلاق أن الله تعالى أحدث القرآن في ذاته، من اعتقد هذه الأشياء حق الله تعالى قد خالف جمهور الأمة، وأتى بمنكر من التفسير لم يقل به أحد من علماء أهل السنة. والله يهدي برحمته وفضله من يشاء إلى صراط مستقيم.
 
أولا: مرحبا بعودتك أخي نزار.

أما ما يتعلق بمعنى الآية فهو: انه كلما نزل عليهم شيء من الفرآن وتجدد لهم تذكير بأياته أعرضوا عنه.
وحول هذا المعنى دارت أقاويل المفسرين سلفا وخلفا.
وهو الظاهر المتبادر من معنى الآية.

أما بحث صفة الكلام فليس هذا مقامها.
قال الألوسي: وبالجملة ليست الآية مما تقام حجة على رد أهل السنة ولو الحنابلة كما لا يخفى.
وقال ابن عاشور: :وليس المراد بـ(محدث) ما قابل القديم في اصطلاح علم الكلام لعدم مناسبته لسياق النظم.
 
نعم فيها جواب لمن يريد الحق ويتبعه لا من حاله كحال من يقول: "وجدنا آباءنا على أمة" .
ولذا عجزتَ عن الجواب وتركتها وراءك ظهريا !
وقد سبق وتحاوت معك مرارا وتبين أنك تكثر من الدعاوي العريضة، وتكرر الكلام، ولا تسير في الحوار على طريقة أهل العلم.

وليس ما تقوله وتدعيه بمنهج لأهل السنة، بل هو قول مبتدع محدث، ويكفي في رد دعواك: أن أول من تكلم به ابن كلاب، وتبعه عليه بعض من سميتَ !
وقد كان المسلمون قبله لا يعرفون عنه شيئا بل هم على الحق المبين.
ومحاولة تكثرك بمن ذكرت بمن سميتهم الجمهور = سبق أن رددتها عليك في حوار سابق لكنك ـ مع الأسف ـ من نوع يحب المماحكة والتكرار ومحاولة الضحك على القراء، وقد سبق أن رد عليك المشرف العام بقوله:
ولسنا في شك من هذه الأمور العقديَّة ولله الحمد ، ولسنا على جهلٍ بلغتنا وكتابِ ربِّنا وكلام علماءنا من الصحابة والتابعين وأتباعهم بإحسان إلى اليوم لهذه الدرجة التي تتوقعها وتظهر من طريقة كلامك.
http://www.tafsir.org/vb/showpost.php?p=62789&postcount=65

أما مسألة المعرفات .. فنعم لست شرطيا لكن مقصودي منها :
بيان أن من يكتب قد لا يريد الحق بل الجدال بالباطل، ونشر مذاهب المبتدعة، وجر الموقع للخروج عن سياسته.
وهذا آخر تعليق لي هنا .
فالعشر مباركة والوقت أنفس من تضييعه بجدال لا يثمر، وقد أحلت القارئ الباحث عن الحق لما يفيده .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الخطاب الآن موجه إلى عقلاء المدرسة السلفية:

قوله تعالى: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ)[الأنبياء:2] من الآيات التي اشتد الخلاف فيها بين اهل السنة والمعتزلة وغيرها من الفرق الإسلامية، كيف لا وهي متعلقة بصفة الكلام التي يجعلها البعض من أكبر المسائل الخلافية حتى سمي علم كامل باسمها على رأي.

وليست المسألة بالوضوح الذي يخيّله الأخ عبد الرحمن، ولا دلة على ما يقصده ويشير إلى ابتداع من خالفه في ذلك الفهم وإن لم يصرح (أي عبد الرحمن) بما فهمه من معنى الآية على نحو ما صرح به مثلا الشيخ ابن تيمية، فهي عند الأخير تدل على أن الله تعالى أحدث القرآن حروفا وأصواتا في ذاته تعالى، بل وصرح بذلك في فتاويه وادعى أن الصحيح إطلاق هذا القول، فقال:

"وهل يقال‏:‏ أحدثه (أي القرآن) في ذاته‏؟‏ على قولين‏:‏ أصحهما أنه يقال‏:‏ ذلك، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏2‏]‏‏.‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله يحدث من أمره ما شاء، وإن مما أحدث ألاَّ تكلَّموا في الصلاة‏" ‏، وقد بوب البخاري في صحيحه لهذا بابًا دل عليه الكتاب والسنة‏.‏" اهـ.

وهذا في الحقيقة فهم مخالف لما عليه السلف الصالح ولمدلول الآية ومدلول الحديث بالأحرى كما بين ذلك أهل الحديث في شروح السنة، بل هو فهم مبني على رأي خاص ونظرية خاصة لابن تيمية في الصفات الاختيارية الحادثة التي تقوم بذات الله تعالى، وهو فهم مسقط على الآية والحديث اللذين لا يشيران إلى ذلك المعنى نصا، بل هما يحتملانه احتمالا مرجوحا منتفيا اعتباره أمام البراهين القاطعة المشيرة إلى بطلانه..

ومن جملة ما بنى الشيخ ابن تيمية فهمه الخاص لهذه الآية الكريمة تفريقه المزعوم بين مدلول المحدَث والمخلوق، وهذا التفريق لا أصل له لا لغة ولا عرفا ولا شرعا كما أشار إلى ذلك الشيخ الكرماني في الكواكب الدراري: لا فرق بينهما (المحدث والمخلوق) عقلا وعرفا ونقلا. (ج25/ص216)

بل حتى الشيخ ابن تيمية في بعض كلامه يعترف بأن المحدث والمخلوق ألفاظ مترادفة لها معنى واحد، فقال مثلا في درء التعارض: "القديم الأزلي الواجب الوجود، الذي كل ما سواه محدَثٌ ممكن مخلوق له» (ج1/ص 110)

وحتى السلف الصالح لم يفرقوا بين مدلول المحدث والمخلوق، فقد قال مثلا الشيخ إسماعيل بن يحيى المزني: (264هـ): وكلمات الله وقدرة الله ونعته وصفاته كاملات غير مخلوقات، دائمات أزليات، وليست بمحدَثات فتبيد. (شرح السنة ص 81 ـ 82. دراسة وتحقيق جمال عزون)

وإذا تقرر عدم التفريق بين المحدث والمخلوق، فكيف يعتقد بأن كلام الله تعالى محدَث في ذاته؟؟ وكيف يقال بأن الأصح إطلاقه؟؟

قال الطبري في التبصير ردًّا على من يقول بأن الله تعالى خلق كلاما تكلم به: «أخبرنا عن الكلام الذي وصفت أن القديم به متكلم مخلوق، أخلقه إذ كان عنده مخلوقا في ذاته، أم في غيره، أم قائم بنفسه: فإن زعم خلقه في ذاته فقد أوجب أن تكون ذاته محلا للخلق، وذلك عند الجميع كفر. (ص202) تحقيق علي الشبل. دار العاصمة. المملكة السعودية. ط1، 1416هـ.

فما الفرق بين أن تكون ذات الله تعالى محلا للخلق أو محلا للمحدثات؟؟ لا فرق سيما إذا تقرر أنه لا فرق بين المحدث والمخلوق لا لغة ولا عرفا ولا عقلا، فكلامهما يشير إلى شيء لم يكن ثم كان، اي كان معدوما ثم وجد، سواء كان حروفا أو أصواتا أو أي صفة أخرى، وكلام الإمام الطبري في التبصير يشير إلى أنه اعتقاده أمر خطير جدا على إيمان المسلم..

ارجو من العقلاء النظر بإنصاف واعتدال طلبا للحق وتجردا له، ولا ألومك يا شيخ عبد الرحمن فإنه من الصعب جدا حل ما ربط على القلب ربطا محكما معقدا.. لكن لا تنسى أن الحق أحق أن يتبع.. وبالله تعالى التوفيق.
 
أخي نزار:
هل تريد بمشاركتك مناقشة رأي ابن تيمية في المسألة؟
أم الحديث عن صفة الكلام عموما؟

إن كنت تريد الأول، فإن ما ذكرته لا يدل على رأي ابن تيمية في المسألة، بل هو -أي كلامك- اجتزاء من كلامه عن نقطة محددة فهمتها على غير وجهها، ووضعتها في غير محلها.
ومن أراد معرفة رأي الشيخ ابن تيمية في المسألة فليقرأه من كتبه بشمول وفهم.

أما إن كنت تريد الثاني: فليس هذا مقامه كما أشرت في تعليقي السابق.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ما ذكره الأخ نزار حمادي عجيب جدا في هذا المقام ! إذ ان الأشعرية يقرون بأن القرآن الكريم محدث مخلوق ! بل قد صرح الرازي بأن الخلاف بين الأشاعرة و المعتزلة لفظي لأنهم يتفقون على حدوث أي خلق هذا القرآن الكريم ! و الثابت عند الأشاعرة ان الكلام النفسي غير مخلوق أما القرآن الكريم فهو مخلوق لأنه غير الكلام النفسي ! فهم يفرقون بهذا الاعتبار بين القرآن و الكلام النفسي فإذا أريد بالقرآن : الكلام النفسي فهو غير مخلوق ! و إذا أريد به هذا القرآن الذي بين أيدينا فهو مخلوق , هذه خلاصة رأي الأشاعرة فما كان يفيد الأخ نزار أن يفتح موضوعا يُظهر فيه غلط الأشاعرة , فابن تيمية عندما قال بحدوث القرآن و عدم خلقه = كان أسعد من الأشاعرة الذين قالوا بحدوث القرآن أي بخلقه ! و من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة


هذا كله دون الخوض في تقرير المسألة من عدمها : إنما تكفي النظرة الأولى لها ليرى المنصف ان قول الأشعرية بحدوث القرآن و التزامهم بخلقه : بعيد جدا عن مذهب السلف بل هو مذهب المعتزلة في الحقيقة و لهذا كفّر بعض السلف القائلين بخلق القرآن

أما من حيث تقرير المسألة بالأدلة العقلية والنقلية فمن الواضح جدا جدا أن ما ذكره الشيخ تقي الدين ابن تيمية هو الصواب و هو الذي دل عليه الكتاب و السنة و مذهب السلف الصالح , و الأدلة على ذلك كثيرة جداً , و قبل أن ابدأ بتقرير هذا المقام و حشد الأدلة النقلية و العقلية من كتاب رب البريّة و السنة النبوية والآثار السلفية و أقوال أهل العلم الكبار من بعد القرون المفضلة الى يومنا هذا على تأييد مذهب أهل السنة ; اسأل الأخ نزار حمادي :

هل تقر إقرارا جازما ان ما بين دفتي هذا القرآن الكريم الذي بين أيدينا بحروفه و معانيه و آياته و سوره : هو كلام الله تعالى على الحقيقة و هو الذي سمعه جبريل عليه السلام من رب العزة جل و علا و سمعه نبينا صلى الله عليه و سلم من جبريل عليه السلام , أم لا ؟


ان أقررت بذلك و خالفت أساطين الأشاعرة كالرازي و البيجوري و غيرهم : فهذا تقدم عظيم منك و عندها نبدأ النقاش معك

أما ان كنتَ على رأيهم في ان هذا القرآن الكريم الذي بين أيدينا مخلوق ! فالواجب المناظرة عليه قبل البدء في تقرير ما لا يتقرر إلا بهذا الأصل العظيم ! و هو دفع مسألة الخلق عن القرآن الكريم
 
الخطاب الآن موجه إلى عقلاء المدرسة السلفية

أخي أبا عبد الله الشافعي، لقد وجهت الخطاب إلى عقلاء المدرسة السلفية، وما أتيت أنت به يخجل المرء العاقل منه فضلا عن عقلاء المدرسة السلفية، ليتك راعيت من تخاطبك رحمني الله تعالى وإياك، فأنت لا تخاطب أناسا لا يحسنون كتابة أسمائهم حتى تغالطهم بأبشع الكذب وأفضحه على الأشعرية. ومع ذلك لا ألومك فلعل ذلك مبلغ علمك.

قال الشيخ السنوسي أحد أئمة أهل الحق أهل السنة والجماعة في شرحه على مقدماته وعند ذلك لصفة الكلام الذي يتصف به الله تعالى:

(وَالكَلاَمُ الأَزَلِيُّ: هُوَ المَعْنَى القَائِمُ بِالذَّاتِ، المُعَبَّرُ عَنْهُ بِالعِبَارَاتِ المُخْتَلِفَاتِ، المُبَايِنُ لِجِنْسِ الحُرُوفِ وَالأَصْوَاتِ، المُنَزَّهُ عَنِ البَعْضِ وَالكُلِّ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَالسُّكُوتِ وَالتَّجَدُّدِ وَاللَّحْنِ وَالإِعْرَابِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّغَيُّرَاتِ، المُتَعَلِّقُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ العِلْمُ مِنَ المُتَعَلَّقَاتِ.)

ش: لاَ شَكَّ أَنَّ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالإِجْمَاعَ مُصَرِّحَةٌ بِإِثْبَاتِ الكَلاَمِ لِمَوْلاَنَا ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ وَتَبْشِيرٍ وَتَحْذِيرٍ وَإِخْبَارٍ.
وَدَلِيلُ العَقْلِ أَيْضًا يَدُلُّ بِالطَرِيقِ القَطْعِيِّ أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ بِأَمْرٍ يَصِحُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، وَمَوْلاَنَا ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ عَالِمٌ بِجَمِيعِ المَعْلُومَاتِ الَّتِي لاَ نِهَايَةَ لَهَا، فَصَحَّ أَنَّ لَهُ كَلَامًا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَكُلُّ مَا صَحَّ أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ ـ جَلَّ وَعَلاَ ـ وَجَبَ لَهُ؛ لِاسْتِحَالَةِ اتِّصَافِهِ تَعَالَى بِصِفَةٍ جَائِزَةٍ، فَالكَلاَمُ إِذًا وَاجِبٌ لَهُ تَعَالَى.

ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ هَذَا عَلَى فِرَقٍ؛ فَذَهَبَ الحَشْوِيَّةُ إِلَى أَنَّ هَذَا الكَلاَمَ الَّذِي يَتَّصِفُ بِهِ مَوْلاَنَا ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ عَلَى حَسَبِ مَا ثَبَتَ فِي الكَلاَمِ اللِّسَانِيِّ فِي الشَّاهِدِ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ حُرُوفًا وَأَصْوَاتًا قَدِيمٌ، بَلْ زَعَمُوا أَنَّ المِدَادَ حَادِثٌ فَإِذَا كُتِبَ بِهِ القُرْآنُ صَارَ بِعَيْنِهِ قَدِيمًا. وَهَذَا المَذْهَبُ وَاضِحُ الفَسَادِ؛ إِذْ مِنَ المَعْلُومِ أَنَّ الحُرُوفَ وَالأَصْوَاتَ لاَ تُعْقَلُ إِلاَّ حَادِثَةً؛ لِتَجَدُّدِهَا بَعْدَ عَدَمٍ وَعَدَمِهَا بَعْدَ تَجَدُّدٍ، فَالعَدَمُ يَكْتَنِفُهَا سَابِقًا وَلاَحِقًا، وَالقَدِيمُ لاَ يَقْبَلُ العَدَمَ، لاَ سَابِقًا وَلاَ لاَحِقًا.

وَذَهَبَ المُعْتَزِلَةُ إِلَى أَنَّ كَلَامَهُ تَعَالَى حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ كَمَا قَالَتِ الحَشْوِيَّةُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ خَالَفُوهُمْ بِأَنْ قَالُوا: إِنَّ كَلاَمَهُ تَعَالَى فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِهِ، كَرَزْقِهِ وَإِعْطَائِهِ، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَقُومَ بِذَاتِهِ؛ لِاسْتِحَالَةِ قِيَامِ الحَوَادِثِ بِهِ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ ـ تَعَالَى ـ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الكَلاَمِ خَلَقَ ذَلِكَ فِي جِرْمٍ مِنَ الأَجْرَامِ، وَأَسْمَعَ ذَلِكَ مَنْ شَاءَ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ.

وَهَذَا المَذْهَبُ أَيْضًا وَاضِحُ الفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ اِمْتِنَاعَ مَا عُلِمَتْ صِحَّتُهُ مِنَ الكَلاَمِ فِي حَقِّ العَالِمِ، وَأَيْضًا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الذَّاتِ العَلِيَّةِ أَمْرٌ وَلاَ نَهْيٌ وَلَا وَعْدٌ وَلَا وَعِيدٌ، وَإِنَّمَا هِي مَوْجُودَةٌ فِي الأَجْرَامِ الحَادِثَةِ، فَالمُكَلَّفُونَ إِذًا عَابِدُونَ لِتِلْكَ الأَجْرَامِ؛ إِذْ هِيَ الآمِرَةُ النَّاهِيَةُ.

فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ مَا خَلَقَ الله فِيهَا دَالٌّ عَلَى مَا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنَ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالوَعْدِ وَالوَعِيدِ، فَهِيَ كَالمُبَلِّغَةِ عَنْهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

فَالجَوَابُ: أَنَّ الذَّاتَ العَلِيَّةَ عِنْدَهُمْ عَارِيَةٌ عَنِ الكَلاَمِ أَصْلًا، فَلاَ أَمْرَ فِيهَا وَلاَ نَهْيَ وَلاَ خَبَرَ وَلاَ وَعْدَ وَلاَ وَعِيدَ، وَمِنْ شَرْطِ تَبْلِيغِ هَذِهِ الحَقَائِقِ أَنْ يَتَّصِفَ بِهَا المُبَلَّغُ عَنْهُ أَوَّلاً ثُمَّ تُبَلَّغُ عَنْهُ.

وَمَذْهَبُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الحَقَائِقَ إِنَّمَا وُجِدَتْ اِبْتِدَاءً فِي تِلْكَ الأَجْرَامِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وُجُودٌ أَصْلاً فِي ذَاتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَلَيْسَ إِذًا عِنْدَهُ حُكْمٌ وَلاَ خَبَرٌ يُبَلَّغَانِ عَنْهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالنَّاسُ إِذًا عَابِدُونَ لِتِلْكَ الأَجْرَامِ الَّتِي سُمِعَ مِنْهَا الأَمْرُ وَالنَّهْيُ.

وَلاَ يُخَلِّصُهُمْ مَا زَعَمُوهُ أَنَّ لِلهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِرَادَةٌ لِلْخَيْرِ فَهِيَ الَّتِي تُمْتَثَلُ، وَهِيَ الَّتِي بَلَّغَتْهَا الأَجْرَامُ عَنْهُ بِصِيغَةِ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالوَعْدِ وَالوَعِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي تَخَيَّلُوهُ بَاطِلٌ؛ لِمَا ثَبَتَ بِالْبُرْهَانِ القَطْعِيِّ أَنَّ إِرَادَةَ اللهِ تَعَالَى عَامَّةٌ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالطَّاعَةِ وَالمَعْصِيَةِ وَالكُفْرِ وَالإِيمَانِ، فَيَلْزَمُ إِذًا أَنْ لاَ مَعْصِيَةَ أَصْلاً؛ لِأَنَّ الخَلْقَ كُلَّهُمْ مُتَصَرِّفُونَ عَلَى وِفْقِ إِرَادَتِهِ تَعَالَى.

وَالحَامِلُ لِهَؤُلاَءِ المُبْتَدِعَةِ عَلَى هَذِهِ الأَقْوَالِ الفَاسِدَةِ: إِنْكَارُهُمْ كَلاَمًا مِنْ غَيْرِ حَرْفٍ وَلاَ صَوْتٍ، وَقَدْ نَقَضَ عَلَيْهِمْ عُلَمَاءُ أَهْلِ السُّنَّةِ بِمَا نَجِدُهُ فِي أَنْفُسِنَا مِنَ الكَلاَمِ الدَّالِّ عَلَى المَعَانِي؛ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ مُغَايِرٌ لِمَا فِي النَّفْسِ مِنَ العُلُومِ وَالإِرَادَةِ وَالظُّنُونِ وَالشُّكُوكِ وَالأَوْهَامِ، وَإِذَا ثَبَتَ فِي الشَّاهِدِ كَلاَمٌ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلاَ صَوْتٍ بَطَلَ مَا عَوَّلُوا عَلَيْهِ مِنْ حَصْرِ الكَلاَمِ فِي الحُرُوفِ وَالأَصْوَاتِ، وَاتَّضَحَ أَنَّ الحَقََّ: مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ ثُبُوتِ كَلاَمٍ للمَوْلَى ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الحُرُوفِ وَالأَصْوَاتِ، مُنَزَّهًا عَنِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَالجُزْءِ وَالكُلِّ وَاللَّحْنِ وَالإِعْرَابِ وَالسُّكُوتِ وَنَحْوِهَا مِنْ خَوَاصِّ كَلاَمِنَا الحَادِثِ، لِسَانِيًّا كَانَ أَوْ نَفْسِيًّا ؛ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ كُلِّهِ النَّقْصَ وَالبَكَمَ وَالحُدُوثَ، وَإِنَّمَا كَلاَمُهُ ـ جَلَّ وَعَلاَ ـ صِفَةٌ وَاجِبَةُ القِدَمِ وَالبَقَاءِ، مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ عِلْمُهُ، وَكُنْهُهُ مَحْجُوبٌ عَنِ العَقْلِ؛ إِذْ لاَ مِثْلَ لَهُ، لاَ عَقْلِيًّا وَلاَ وَهْمِيًّا وَلاَ خَيَالِيًّا وَلاَ مَوْجُودًا وَلاَ مُقَدَّرًا، وَذَلِكَ كَذَاتِهِ العَلِيَّةِ وَسَائِرِ صِفَاتِهِ.

وَإِذَا عَرَفْتَ مَذْهَبَ أَهْلِ الحَقِّ فِي كَلاَمِ اللهِ تَعَالَى، عَرَفْتَ أَنَّ إِطْلَاقَ السَّلَفِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ـ عَلَى كَلاَمِ اللهِ تَعَالَى أَنَّهُ مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ، مَقْرُوءٌ بِالأَلْسِنَةِ، مَكْتُوبٌ فِي المَصَاحِفِ، هُوَ بِطَرِيقِ الحَقِيقَةِ لاَ بِطَرِيقِ المَجَازِ، وَلَيْسَ يَعْنُونَ بِذَلِكَ حُلُولَ كَلَامَ اللهِ ـ تَعَالَى ـ القَدِيمِ فِي هَذِهِ الأَجْرَامِ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنَّ كَلاَمَهُ ـ جَلَّ وَعَلاَ ـ مَذْكُورٌ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِتِلَاوَةِ اللِّسَانِ وَكَلاَمِ الجَنَانِ وَكَتَابَةِ البَنَانِ، فَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا فَهْمًا وَعِلْمًا، لاَ حُلُولًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَهُ وُجُودَاتٌ أَرْبَعٌ:
• وُجُودٌ فِي الأَعْيَانِ.
• وَوُجُودٌ فِي الأَذْهَانِ.
• وَوُجُودٌ فِي اللِّسَانِ.
• وَوُجُودٌ فِي البَنَانِ، أَيْ بِالكِتَابَةِ بِالأَصَابِعِ.
فَالوُجُودُ الأَوَّلُ: هُوَ الوُجُودُ الذَّاتِيُّ الحَقِيقِيُّ، وَسَائِرُ الوُجُودَاتِ إِنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَارِ الدِّلَالَةِ وَالفَهْمِ. وَبِهَذَا تَعْرِفُ أَنَّ التِّلاَوَةَ غَيْرُ المَتْلُوِّ، وَالقِرَاءَةَ غَيْرُ المَقْرُوءِ، وَالكِتَابَةَ غَيْرُ المَكْتُوبِ؛ لِأَنَّ الأَوَّلَ مِنْ كُلِّ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الأَقْسَامِ حَادِثٌ، وَالثَّانِي مِنْهُمَا قَدِيمٌ لاَ نِهَايَةَ لَهُ، وَبِاللهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . انتهى

وقال أيضا بعض علماء أهل السنة والجماعة الأشعرية:
اعلموا وفقني الله وإياكم أن كلام الله والقرآن اسمان تسمى بهما ستة أشياء:
• فيطلق كل واحد منهما على الصفة الأزلية القائمة بالذات العلية، كقولنا: القرآن صفة الله، والكلام صفة من صفات الله.
• ويطلق أيضا على المعاني التي دلت عليها الصفات الأزلية القائمة بالذات العلية، كقولنا: القرآن ينقسم إلى أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص وأخبار ونحو ذلك، وكذلك أيضا في كلامه، يقال: ينقسم إلى أمر ونهي ووعد ووعيد ونحو ذلك، فالمراد هنا مدلولات الكلام، لا صفة الكلام.
• ويطلق أيضا على الأدلة الأربعة التي نستدل بها نحن الآن على المعاني المدلولة لصفة الكلام، وهي أدلة تكتب في المصاحف والألواح فيطلق عليها كلام الله، كقولنا: ما بين دفتي المصحف كلام الله، وكتبت كلام الله، فالمراد بكلام الله والقرآن هذه الحروف، إذ لا نكتب إلا الحروف ولم يكن بين دفتي المصحف إلا الحروف.
• وأدلة تقرأ، وهي اللفظ المعجز الذي أعجز الله العربَ بأقصر سورة منه، فيطلق عليه كلام الله كقولنا: قرأت كلام الله، وتلوت كلام الله، فالمراد بكلام الله الألفاظ؛ إذ لا يقرأ ولا يتلى إلا الألفاظ.
• وأدلة تسمع، وهي صوت القارئ، فإذا قلت: سمعت كلام الله، فالمراد بكلام الله تعالى صوت القارئ؛ إذ لا يسمع لنا عادة إلا الأصوات.
• وأدلة تحفظ، وهي النور الذي يخلق الله تعالى في قلب الحافظ مع الدرس غالبا، فيحرك الحافظ بخلق الله مع تلك الحركة فهمًا للمعاني المدلولة لصفة الكلام.
فإذا فهمت هذا وعلمت أن كلام الله اسم لهذه الستة، فلتعلم أن الصفة القائمة بذات الله تبارك وتعالى من صفات المعاني السبعة التي تسمى بالكلام على جهة الحقيقة في هذا الفن الذي هو فن التوحيد، وهي التي عرفوها أهل الفن بقولهم: صفة أزلية قائمة بالذات العلية، يعبر عنها بأنواع العبارات المختلفة، المباينة لجنس الحروف والأصوات، المنزهة عن الكل والبعض والتقدم والتأخر واللحن والإعراب وسائر أنواع التغيرات، المتعلق بجميع الواجبات والمستحيلات والممكنات، فيعنون بذلك أن الصفة القائمة بذاته تبارك وتعالى الأزلية يعبر عنها بأنواع العبارات المختلفة، اي تسمى بأسماء عديدة مختلفة كالقرآن والفرقان والتوراة والانجيل ونحو ذلك، أسماء عديدة ومسماها واحد.
وقولهم: المباين لجنس الحروف والصوات، يعني المخالف لجنس الكلام المشتمل على الحروف والأصوات، يعني أن كلامه تبارك وتعالى صفة من صفاته الوجودية، لا هواء ولا صوت خارج من الفم متركب من الحروف والأصوات، تعالى الله أن تكون صفاته كصفات الحوادث.
وقولهم: المنزهة عن الكل والبعض الخ يعني أن صفته تبارك وتعالى التي تسمى بصفة الكلام منزهة عن الاتصاف بالكلية والبعضية لأنه لا يتصف بالكلية والبعضية إلا من له أجزاء ومتركب من أبعاض كلأجسام، وصفة الله تعالى ليست كذلك. ولا يتصف بالتقدم والتأخر إلا من كان حادثا فانيا، وكلام الله تبارك وتعالى ليس بلفظ. وقولهم: وسائر أنواع التغيرات، أي كالسكون والتحول والنسخ والنسيان والنزول وغير ذلك، فإن كلام الله منزه عنها.
فإن قلت: كيف نفهم تنزه كلام الله عن النزول، مع قولهم جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن وسائر الكتب المنزلة.
قلت: لا إشكال ولا معارضة عند من فهم ما قدمته أوّلا من أن القرآن والكلام اسمان لستة اشياء، وقد تقدمت، فالمراد بالمنزل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الألفاظ الدالة على المعاني المدلولة لصفة الكلام، لا صفة الكلام نفسها، تعالى الله أن تكون الصفة القائمة بذاته تتحول أو تنزل.
 
ما زدتَ الأمر إلا وضوحاً و تأكيدا على قولكم بخلق القرآن !



فإذا فهمت هذا وعلمت أن كلام الله اسم لهذه الستة، فلتعلم أن الصفة القائمة بذات الله تبارك وتعالى من صفات المعاني السبعة التي تسمى بالكلام على جهة الحقيقة في هذا الفن الذي هو فن التوحيد، وهي التي عرفوها أهل الفن بقولهم: صفة أزلية قائمة بالذات العلية، يعبر عنها بأنواع العبارات المختلفة، المباينة لجنس الحروف والأصوات، المنزهة عن الكل والبعض والتقدم والتأخر واللحن والإعراب وسائر أنواع التغيرات، المتعلق بجميع الواجبات والمستحيلات والممكنات، فيعنون بذلك أن الصفة القائمة بذاته تبارك وتعالى الأزلية يعبر عنها بأنواع العبارات المختلفة، اي تسمى بأسماء عديدة مختلفة كالقرآن والفرقان والتوراة والانجيل ونحو ذلك، أسماء عديدة ومسماها واحد.
.


فالقرآن عبارة عن كلام الله تعالى ! لا أنه هو كلام الله تعالى ! فما فعلتَ شيئا أيها الفاضل سوى تأكيد ما ذكرته في مشاركتي السابقة

و قد أتى بها الرازي صريحة فقال بعد تقرير ان الله تعالى قادر على خلق الأصوات بتقطيعات مخصوصة في جسم جمادي او حيواني , و ان الله تعالى جعل هذه الأصوات معرفة لكونه تعالى مريدا لبعض الأشياء او كارها له :

( فثبت بما ذكرنا ان كونه تعالى متكلما بالمعنى الذي يقوله المعتزلة مما نقول به و نعترف به و لا ننكره بوجه من الوجوه ) اهـ ص 59 من كتاب خلق القرآن بين أهل السنة و المعتزلة بتحقيق احمد حجازي السقا


و هذا واضح جدا ان الخلاف بين الأشعرية والمعتزلة إنما هو في مسألة الكلام النفسي اما القرآن الذي بين أيدينا فلا يشك أحد منهم في خلقه


و قال في أثناء رده على شبه القائلين بحدوث القرآن :

( فالجواب عنها شيء واحد و هو ان تصرف كل تلك الوجوه الى هذه الحروف و الأصوات فإنا معترفون بأنها محدثة و عندهم القرآن ليس إلا ما تركب عن هذه الحروف و الأصوات فكانت الدلائل التي ذكروها دالة على حدوث هذه الحروف و الأصوات و نحن لا ننازع في ذلك و إنما ندعي قدم القرآن بمعنى آخر فكانت كل هذه الشبه ساقطة عن محل النزاع ) اهـ ص 70 بتحقيق احمد حجازي السقا

و معلوم ان المعنى الآخر الذي يقصده الرازي و أتباعه : قدم الكلام النفسي , أما هذا الذي في الصدور و المكتوب في المصاحف و الآيات و السور و الحروف و المعاني : كلها مخلوقة محدثة عنده بلا ريب


و قال البيجوري في شرح جوهرة التوحيد ص 130 بتحقيق علي جمعة :

( واعلم أن كلام الله يطلق على الكلام النفسي القديم ، بمعنى أنه صفة قائمة بذاته تعالى
وعلى الكلام اللفظـــــي بمعنى أنه خلـــــــقه ، وليس لأحد في أصل تركيبه كسب . وعلى هذا يحمل قول السيدة عائشة : ما بين دفتي المصحف كلام الله تعالى ) انتهى .


و قال أيضا :

( ومع كون اللفظ الذي نقرؤه حادثا : لا يجوز أن يقال : القرآن حادث إلا في مقام التعليم ) ص 130 بتحقيق علي جمعة


و أوضح أكثر فقال :

( و قد أضيف له تعالى كلام لفظي كالقرآن فإنه كلام الله قطعا بمعنى أنه خلقه في اللوح المحفوظ ) ص 131

و قد تفطن أئمة أهل السنة لقول الأشعرية بخلق القرآن فقال شيخ الشافعية باليمن الإمام الفقيه العلامة يحيي بن أبي الخير العمراني رحمه الله " صاحب كتاب البيان في فقه الشافعية " - ت 558 هـ - في كتابه الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار :

( و الأشعرية موافقة للمعتزلة في أن هذا القرآن المتلو المسموع مخلوق ) اهـ ج2 ص 544 بتحقيق د . سعود الخلف

و قال العلامة الإمام شرف الإسلام شيخ الحنابلة بالشام عبدالوهاب بن عبدالواحد الشيرازي - ت 536 هـ - في كتابه : " الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة "


( فإذا قال لك القائل منهم : القرآن كلام الله , و لكن الحرف و الصوت مخلوق قيل له : أنت في حل من الحرف فما تقول في الكلمات ؟ فمن قوله : مخلوقةٌ .
فقل له : نهب لك الكلمات , فما تقول في الآيات التي تكلم الله بها ؟
فمن قوله : ان الله ما تكلم بذلك و الجميع عنده مخلوق , فيعلم العاقل ان ذكر الحرف حيلة و خديعة و إلا فلا فرقَ عندهم بين الجملة و التفصيل في أن الله تعالى ما تكلم بالجملة و ان الجميع مخلوق .) اهـ ج2 ص 408 تحقيق د . علي الشبل

و قال العلامة السفاريني رحمه الله - ت 1188 هـ - في لوامع الأنوار البهية :

( والحاصل أن المعتزلة موافقة الأشعرية ، والأشعرية موافقة المعتزلة في أن هذا القرآن الذي بين دفتي المصحف مخلوق محدث وإنما الخلاف بين الطائفتين أن المعتزلة لم تثبت لله كلاما سوى هذا ، والأشعرية أثبتت الكلام النفسي القائم بذاته تعالى ، وأن المعتزلة يقولون : إن المخلوق كلام الله ، والأشعرية لا يقولون أنه كلام الله ، نعم يسمونه كلام الله مجازا هذا قول جمهور متقدميهم ، وقالت طائفة من متأخريهم : لفظ كلام يقال على هذا المنزل الذي نقرؤه ونكتبه في مصاحفنا ، وعلى الكلام النفسي بالاشتراك اللفظي . ) اهـ

فالحاصل ان هذا هو قول الأشعرية بالإتفاق و لهذا طلبتُ من الأخ نزار حمادي الإقرار بعدم خلق القرآن الذي بين أيدينا و التبرؤ من قول الأشاعرة في القرآن , ثم المناقشة فيما بعد ذلك أما ان يقعقع على أهل السنة بشيء يلتزم فيه أشنع المذاهب بل يوافق المعتزلة فيه : فهذا عجب عجاب !

فأرجو من الأخ نزار الإقرار بما طلبته منه سابقا و إلا كانت المناظرة ساقطة بيننا لأنني أقر بعدم خلق القرآن الذي بين أيدينا و الاخ نزار يقر بخلق القرآن الذي نتلوه ! و هذه طامة كبرى و مصيبة عظمى !
 
اعتبرها ساقطة فعلا معك..
فإني قصدت محاورة إخواني من العقلاء.. وهم ثلة لا بأس بها في هذا المنتدى الذي يضم الأساتذة والدكاترة والشيوخ.
أما ما أتيت به يا أخي أبا عبد الله فلا يُرَدُّ عليه.. بل من المخجل والمؤسف أن يعتبر صادرا من طالب علم فضلا عن طالب الحق.

ولكي تجد شيئا تشغل به نفسك، ابحث لي عن هذه العبارة أو عن هذا المعنى في كلام الفخر الرازي وفي أي كتاب شئت من كتبه: "ان الله تعالى جعل هذه الأصوات معرفة لكونه تعالى مريدا لبعض الأشياء او كارها له"اهـ.

فهذه العبارة التي نسبتها إلى الرازي تقليدا للسقا أو لغيره تصرح بأن الرازي يعتقد أن كلام الله تعالى حقيقة هو ما يخلق من أصوات تدل على مراده أو كراهيته.

ففي يدك الدهر كله لتأتي بهذا المعتقد الذي نسبته للفخر الرازي من كلامه أو ما يشير إلى أنه يعتقد ذلك. فإن لم تفعل ولن تفعل فاعلم أنك مجرد مقلد لما يقوله الجهلة لتشنع على الفخر الرازي بغير علم. وهذا لا يليق بالمسلم. ولا يليق الحوار من من يسلك هذا السبيل.

ثم اعلم ما يلي:

1ـ محل النزاع بيننا هو الصفة القائمة بذات الله تعالى التي تسمى الكلام، فالمعتزلة ينفون رأسا أن تقوم بذات الله تعالى صفة وجودية اسمها الكلام، وأهل السنة يثبتونها وجودية قائمة بذات الله تعالى واحدة قديمة، والشيخ ابن تيمية يثبتها حادثة متعددة قائمة بذات الله تعالى على حسب مشيئته بناء منه على أنه تعالى يؤثر في ذاته ويوجد فيها أشخاص صفاته، وهذا ما بينت مخالفته لما عليه أهل الاسنة في صدر المقال.

2 ـ الحبر الذي كُتبت به الحروف الموجودة بين دفتي المصحف، والأضواء التي كتبت بها المصاحف الالكترونية على جهاز الحاسوب، لا يخلو إما أن تكون عين كلام الله تعالى القائم بذاته، أو أشياء دالة على عين كلام الله تعالى القائم بذاته، فأيهما تختار؟ لا واسطة لك. فإن قلت بالأول فقد خرجت من كل الأطوار، وإن قلت بالثاني ولا ثالث لك فلم النزاع والشقاق المفتعل؟؟

وقد نقلت من كلام الإمام السنوسي ما يغني عن إعادة الكلام معك، وهو فعلا نافع لذوي الألباب السليمة.

أما الأخ الكريم العبادي، فما نقلته كانت عين عبارة الشيخ في الفتاوى، وإن كنت ترى أن لها مفهوما آخر فأرجو أن تبينه لنتدارسه بكل حلم وعلم لعلي أتصوره فأصدق به، فإني أحسبك من العقلاء الذين يحسن التحاور معهم. أما الأخ أبا عبد الله الشافعي فأرجو أن يسقط الحوار معه لأنه سيرجع بنا إلى الأوليات بل إلى تهافتات الفرق البائدة التي لم يعد لها ذكر إلا في بعض كتب الفرق، أقصد الحشوية الذين يقولون ما يقولون في حروف المصحف والمداد الذي كتب به، ولست مستعدا لذلك معه.
 
الحمدلله ربنا و بعد

ما زلتَ يا نزار تدور و تدور و لا تريد الإقرار بما أتيتك به من نصوص أهل مذهبك , و ما ذكره أئمتنا من أهل السنة ممن ذكرت كلامهم


فالقرآن الكريم : مخلوق عندك بلا ريب : فكيف تريد المناظرة في مسألة حدوث القرآن الكريم من عدمه و أنت أصلا تقر بخلقه ؟ هذه واحدة


أما نص الرازي فتجده أيضا في الأربعين له في الجزء الأول ص 249 , إلا ان كنتَ ترى السقا كاذبا في تحقيقه و ينسب للرازي ما ليس له : فأتحفنا بتحقيقاتك ! اما ان تنعتني بالمقلد للجهلة ثم ترتب عليه ما تريد من معائب و كأنني ارتكبت جرما بنقلي لهذا النص عن شيخك الرازي : هذا كله بعيد عن منهج الأدب في النقاش ,,,,


1ـ محل النزاع بيننا هو الصفة القائمة بذات الله تعالى التي تسمى الكلام، فالمعتزلة ينفون رأسا أن تقوم بذات الله تعالى صفة وجودية اسمها الكلام، وأهل السنة يثبتونها وجودية قائمة بذات الله تعالى واحدة قديمة، والشيخ ابن تيمية يثبتها حادثة متعددة قائمة بذات الله تعالى على حسب مشيئته بناء منه على أنه تعالى يؤثر في ذاته ويوجد فيها أشخاص صفاته، وهذا ما بينت مخالفته لما عليه أهل الاسنة في صدر المقال.

و هذا كلام سقيم جدا ! فإن أهل السنة يقولون ان كلام الله تعالى صفة أزلية له , و ما نقلته عن الشيخ تقي الدين كذب و إفتراء بل الذين يقولون ان صفة الكلام حادثة هم الكرامية و قد رد عليهم الشيخ رحمه الله , أما قول الشيخ فهو ان هذه الصفة ذاتية من جهة أزليتها و فعلية من جهة ان الله تعالى يتكلم متى شاء اذا شاء و هذا الذي دل عليه الكتاب و السنة و إجماع سلف الأمة

و رحم اللهُ العلامةَ الحجة المتقدم في سعة العلم و المعرفة و معرفة الخلاف شمس الدين ابن القيم عندما قال :


( قال تعالى: ((إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)) فـ(إذا) تخلص الفعل للإستقبال و(أن) كذلك و (نقول) فعل دال على الحال والاستقبال و (كن) حرفان يسبق أحدهما الآخر . فالذي اقتضته هذه الآية هو الذي في صريح العقول والفطر... وكذلك قوله: ((ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لأدم)) وإنما قال لهم اسجدوا بعد خلق آدم وتصويره. وكذلك قوله تعالى: ((وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي)) الآيات كلها فكم فيها من برهان يدل على أن التكلم والخطاب وقع في ذلك الوقت. وكذلك قوله: ((فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ)) والذي ناداه هو الذي قال له: ((إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي)). وكذلك قوله: ((وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فيقول)) وقوله: ((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ)) وقوله: ((يوم نقول لجهنم)) الآية ومحال أن يقول سبحانه لجهنم ((هل امتلأت وتقول هل من مزيد)) قبل خلقها ووجودها ؟؟. وتأمل نصوص القرآن من أوله إلى آخره ، ونصوص السنة ولا سيما أحاديث الشفاعة وحديث المعراج وغيرها كقوله: ((أتدرون ماذا قال ربكم الليلة))[متفق عليه] وقوله : ((إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة)) وقول: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حاجب)) وقد أخبر الصادق المصدوق أنه يكلم ملائكته في الدنيا فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي ، ويكلمهم يوم القيامة ويكلم أنبياءة ورسله وعباده المؤمنين يومئذ ، ويكلم أهل الجنة في الجنة ويسلم عليهم في منازلهم إلى أضعاف أضعاف ذلك من نصوص الكتاب و السنة التي إن دفعت دفعت الرسالة بأجمعها ، وإن كانت مجازاً كان الوحي كله مجازا وإن كانت من المتشابه كان الوحي كله من المتشابه وإن وجب او ساغ تأويلها على خلاف ظاهرها ساغ تأويل جميع القرآن و السنة على خلاف ظاهره ، فإن مجيء هذه النصوص في الكتاب والسنة وظهور معانيها وتعدد انواعها واختلاف مراتبها أظهر من كل ظاهر وأوضح من كل واضح ، فكم جهد ما يبلغ التأويل والتحريف والحمل على المجاز؟ هب ان ذلك يمكن في موضع واثنين وثلاثة وعشرة ، افيسوغ حمل أكثر من ثلاثة آلاف موضع كلها على المجاز وتأويل الجميع بما يخالف الظاهر؟؟ ولا تستبعد قولنا أكثر من ثلاثة آلاف : فكل آية وكل حديث إلهي وكل حديث فيه اخبار عما قال الله تعالى أو يقول وكل أثر فيه ذلك إذا استقرئت زادت على هذا العدد ويكفي أحاديث الشفاعة وأحاديث الرؤية وأحاديث الحساب وأحاديث تكليم الله لموسى وأحاديث التكلم عند النزول الالهي ، وأحاديث التكلم بالوحي ، وأحاديث تكليمه للشهداء ..... إذ كل هذا وأمثاله وأضعافه مجازا لا حقيقة له ، سبحانك هذا بهتان عظيم!!! ، بل نشهدك ونشهد ملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك أنك أحق بهذه الصفة وأولى من كل أحد وأن البحر لو أمده من بعده سبعة أبحر وكانت أشجار الأرض أقلاماً يكتب بها ما تتكلم به لنفدت البحار والأقلام ولم تنفد كلماتك "مختصر الصواعق4/1325


أما كلامك عن الحبر : فما ظننت عاقلا يسأل عنه ! فهو مخلوق بلا شك وكلام الله الذي يكتب بالحبر غير مخلوق قال الله تعالى : { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا } و ليس كلامنا عن المداد هنا انما كلامنا عن المكتوب بهذا المداد فأنت تقول انه مخلوق ! و نحن نقول انه ليس بمخلوق و من المعلوم ان من قال بأن كلام الله الذي يكتب بالحبر : مخلوق فقد صرّح بخلق القرآن





اما سقوط المناظرة معك : فهي ساقطة بالفعل لأسباب عديدة : أدناها انك لا تفهم مذهب مخالفك أصلا بل لا تعرف مذهبك أو تتوارى خلف العموميات وتترك الأصل و الا لماذا تدور و تدور و لا تريد التبرؤ من مسألة خلق القرآن ؟ و قد شهد على ذلك أئمة مذهبك فيما نقلته لك بل شهد أيضا أئمة مذهبنا من أهل السنة على ذلك !

و لا أظن احدا من العقلاء يناقش من لا يفهم مذهبه و مذهب خصمه !
 
أما نص الرازي فتجده أيضا في الأربعين له في الجزء الأول ص 249 , إلا ان كنتَ ترى السقا كاذبا في تحقيقه و ينسب للرازي ما ليس له : فأتحفنا بتحقيقاتك !

ألا تخجل من إصرارك نسبة ما نسبت إلى الفخر الرازي؟؟
أين الأمانة العلمية وأين الصدق الذي يهدي إلى البر الذي أمرنا بسلوكه؟؟
كيف تريد أن يهديك الله تعالى إلى الحق وأنت تنسب إلى الفخر الرازي ما ينقله هو عن المعتزلة؟؟
كيف ستلقى الله تعالى بهذا السلوك في مسائل الدين والإيمان؟؟

قال الفخر الرازي في الأربعين (ص170) طبعة دار الجيل: وأما المعتزلة فقالوا [...] إذا عرفت هذا فنقول (أي نحن المعتزلة) إنه تعالى إذا أراد شيئا أو كره شيئا خلق هذه الأصوات المخصوصة في جسم من الأجسام لتدل هذه الأصوات على كونه تعالى مريدا لذلك الشيء المعين أو كارها له. اهـ.

والحمد لله تعالى أن كتاب الأربعين مطبوع ومتداول، ويمكن لأي أحد أن يقف على هذا الكلام ويعلم علم اليقين أن ما ذكره الرازي هو شبهة من شبهات المعتزلة في نفي الكلام القائم بذات الله تعالى، ثم رد عليها مباشرة.

واعلم أن عقائد أمثالك مبنية فقط على مثل هذه المغالطات والافتراءات على كثير من علماء أهل السنة، وليس هذا من سبيل الهدى من شيء، بل من أراد الله به خيرا جنبه الكذب على عوام الناس فضلا عن علماء الدين، فضلا عن الإصرار على الكذب عليهم. والله الهادي من يشاء ويصطفي إلى صراط مستقيم.
 
فائدة : حكم الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله فيمن قال ان القرآن الذي بأيدينا مخلوق

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في صريح السنة :

( القول في القرآن وأنه كلام الله فأول ما نبدأ بالقول فيه من ذلك عندنا : القرآن كلام الله وتنزيله ؛ إذ كان من معاني توحيده ، فالصواب من القول في ذلك عندنا أنه : كلام الله غير مخلوق كيف كتب وحيث تلي وفي أي موضع قرئ ، في السماء وجد ، وفي الأرض حيث حفظ ، في اللوح المحفوظ كان مكتوبا ، وفي ألواح صبيان الكتاتيب مرسوما ، في حجر نقش ، أو في ورق خط ، أو في القلب حفظ ، وبلسان لفظ ، فمن قال غير ذلك أو ادعى أن قرآنا في الأرض أو في السماء سوى القرآن الذي نتلوه بألسنتنا ونكتبه في مصاحفنا ، أو اعتقد غير ذلك بقلبه ، أو أضمره في نفسه ، أو قاله بلسانه دائنا به ، فهو بالله كافر ، حلال الدم ، بريء من الله ، والله منه بريء ، بقول الله عز وجل : ( بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ) ، وقال وقوله الحق - عز وجل - : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله (2) ) . فأخبر ، جل ثناؤه ، أنه في اللوح المحفوظ مكتوب ، وأنه من لسان محمد صلى الله عليه وسلم مسموع ، وهو قرآن واحد من محمد صلى الله عليه وسلم مسموع ، في اللوح المحفوظ مكتوب ، وكذلك هو في الصدور محفوظ ، وبألسن الشيوخ والشباب متلو . قال أبو جعفر : فمن روى عنا ، أو حكى عنا ، أو تقول علينا ، فادعى أنا قلنا غير ذلك فعليه لعنة الله وغضبه ، ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين ، لا قبل الله له صرفا ولا عدلا ، وهتك ستره ، وفضحه على رءوس الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) اهـ
 
راجع الطبعة التي أحلتك عليها و اترك المشاغبة فلسنا نحن الذي نكذب على ائمتك

راجعها و بعدها تعال و تكلم

سبحان الله ! انقل له نصا من كتاب بطبعة معينة فيقول : اين الامانة العلمية !

و انت أشعري و ادرى بكتب اهل مذهبك فراجع تحقيق السقا و افرد موضوعا لافترائه على الرازي ان كنتَ فعلا تريد الحق
 
ثم ان الرازي عقب بعد هذا الكلام قائلا : " و هذا أيضا غير ممتنع و اذا سلم هذا المقامان من الطعن فقد سلمنا لهم صحة كونه تعالى متكلما بالمعنى الذي أرادوه "

ثم تكلم عن المنازعة اللفظية و بعدها قال :

( فثبت بما ذكرنا ان كونه تعالى متكلما بالمعنى الذي يقوله المعتزلة مما نقول به و نعترف به و لا ننكره بوجه من الوجوه )

فما معنى إقراره بالمعنى الذي يقوله المعتزلة ؟

سبحان الله !
 
اقرأ من بداية قول الرازي : " و قد نازعهم أصحابنا فيه .. " الى قوله " و عندي ان هذه المنازعة ضعيفة "

ثم تلخيصه لكلام المعتزلة و تقريره ان هذا غير ممتنع


هذا لتعلم الصادق من الكاذب , و احفظ لسانك فقد أكثرتَ من الطعن عليّ بالبهتان و الله حسيبك
 
كيف وما زلت تصر على أن الرازي يقول بمقالة المعتزلة؟؟
هل بك شيء عافانا وعافاك الله؟؟
هل مجرد تضعيفه لرد من ردود أهل السنة على المعتزلة يقتضي أنه قائل بمقالتهم؟؟
بأي ميزان تزن الأمور؟؟
لقد جاراهم جدلا في معتقدهم الفاسد ثم بيّن حقيقة الكلام الذي يصف أهل السنة الله تعالى به وهو الكلام القائم بذاته الواحد القديم والمنزه عن الحدوث، وبين ذلك بما لا مزيد عليه من الأدلة والبراهين، وبعد ذلك تأتي أنت وتقول بأنه صرح بحدوث كلام الله تعالى الذي هو صفة قائمة بذاته؟؟
الله تعالى يعلم من هو الصادق من الكاذب، وكفى به حسيبا.
 
طبعا لن تجد غير الهرب مما سقته لك و لم تعتذر عن غلطك فأنا نقلتُ كلام الرازي فأتيت تطعن فيّ بأنني كذبت عليه! ثم لما أرشدتك لكلامه رجعتَ و قلت : كيف و مازلت تصر ..ألخ

و هذه آفتك : عدم الرجوع للحق و إلا فأنا ما ذكرتُ إلا كلامه

ثم ان الخلاف بيننا في القرآن الذي بين أيدينا و و أنا لم أقل ان الرازي يقرر حدوث كلام الله تعالى النفسي - على إصطلاحكم - إنما قرر حدوث القرآن الذي بين أيدينا


فافهم و عِ ! و دع عنك المشاغبة و التلاعب بالكلام فهذا مما لا يجدي و لا يفيد !
و الكلام واضح و لا يحتاج الى مزيد بيان , فإن كنتَ لا تفهم كلام إمامك فهذا شأنك !


و ماذا تصنع بقول الرازي :" ( فثبت بما ذكرنا ان كونه تعالى متكلما بالمعنى الذي يقوله المعتزلة مما نقول به و نعترف به و لا ننكره بوجه من الوجوه )


فما هو المعنى الذي يقول به المعتزلة ؟ و لماذا يقول به الرازي و لا ينكره بوجه من الوجوه ؟ اقرأ كلامه جيدا فالظاهر انك لا تميز بين الإقرار و الإلزام !
 
أما كلامك عن الحبر : فما ظننت عاقلا يسأل عنه ! فهو مخلوق بلا شك

المعنى الذي قصده الرازي هو من قبيل المعنى الذي صرحت أنت بحدوثه، وقلت بأنه مخلوق بلا شك.
وما نسبته للفخر الرازي زورا ثابت في مشاركاتك عن قصد منك أو عن غير قصد فلا يسعك إنكاره، والتوبة بابها مفتوح.
 
اذكر لي ما نسبته زورا للرازي في مشاركاتي السابقة !

و كان يسعك الإعتذار لا المكابرة كما تفعل الآن !

اما ان يكون مقصد الرازي من قبيل مقصدي اي الحبر ! فهذا ظاهر البطلان فالرازي أصلا لا يقر بأن (( آلم )) من كلام الله تعالى ! بل هذا أحرف مخلوقة عنده و هي عبارة عن كلام الله تعالى !
 
هذه هي النتيجة الحتمية لمثل هذه المناقشات!
مراء، لجاج، خصومة ...!
فكيف لـ(العقلاء) أن يساهموا فيها؟!

ولنا أن نتساءل:
هل فيما ذكر أعلاه جديد لم يذكره العلماء ويناقشوه في كتبهم بكل وضوح؟
الجواب:
لا يوجد، فكل ما طُرح قد أفاض فيه العلماء بما لا يدع مجالا للزيادة.

إذا لماذا نحيي الخلاف فيها من جديد؟

ولو أردنا التدارس فهل هذه سبيله؟



أما بالنسبة لرأي الشيخ ابن تيمية فواضح مأخذه مما ذكره في الفتاوى، وقد أطال فيه النفس وأبان المقال في كل ما يخطر بالبال من متعلقات هذا الباب، فيمكن قراءته من هناك، ومن أراد الخلاصة والاختصار فقد وضعت في المرفقات نقلا من أحد الكتب التي لخصت الموضوع،والله الهادي والموفق.
 
أخي الكريم العبادي..

وددت لو استشعرت بأن محاورك ليس في حاجة لنقل الرسالة المذكورة، بل قد لخصت لك محل النزاع وجلبت لك صفوة وزبدة مذهب الشيخ ابن تيمية في الكلام الذي هو محل النزاع وهو الصفة القائمة بذات الله تعالى لا غير..

والمذاهب في ذلك معلومة ومحصورة، فالفلاسفة ينفون الكلام رأسا، والمعتزلة تنفيه كصفة قائمة بذات الله تعالى وتثبته مجرد خلق لأصوات، والكرامية والشيخ ابن تيمية يثبتونه حروفا وأصواتا محدثة قائمة بذات الله تعالى على طريق التجدد والحدوث، بل قد صرح الشيخ ابن تيمية بأن الأصح إطلاق القول بأن تلك الصفة ـ الكلام ـ محدثة بذات الله تعالى كما نقلت لك. وأهل السنة من السلف الصالح وكل الأشعرية والماتريدية يثبتونه صفة قديمة قائمة بذات الله تعالى، وما ثبت قدمُه استحال عدمُه.

فهذا محل النزاع أخي الفاضل، وأصل الموضوع هو بيان بطلان الاستناد على الآية المذكورة في صدر الحوار على أن القرآن تلك الصفة القائمة بذات الله تعالى محدثة بذات الله تعالى. والبطلان مستند إلى جانب الأدلة العقلية على ما نقلته من كلام الإمام المزني والطبري في التبصير، وعلى استحالة التفريق عرفا وعقلا ونقلا بين المحدَث والمخلوق، وأنه من المحال تصميم السلف على عدم النطق بخلق القرآن ـ صفة الله ـ وهم يعتقدون في قلوبهم بأنه محدَث.

فهذا أخي الكريم لب البحث.. واعلم أن صفة الكلام هي أساس الخلاف الحقيقي بين فرق المسلمين، وما اختاره الشيخ ابن تيمية يعبر عن رأيه الخاص وليس عن معتقد السلف الصالح، ورأيه مبني على أصول ـ صدقني ـ فلسفية بحتة مع تدعيمها بظواهر نقلية محتملة لعدة وجوه، فمن القواعد الفلسفية التزامه تسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية في جانب الماضي، وكون الذات الإلهية قابلة وفاعلة ـ وهو يسمي ذلك القبول والفعل بالصفات الاختيارية ـ وإلى غير ذلك مما يحيط به أهل هذا الفن، والتزامه بعض التحكمات كانقلاب الصفة من عدم الكمال إلى الكمال، فالتزم أن الله تعالى لم يكن متصفا بعين تلك الصفة المعينة مثلا فلم تكن كمالا، ثم لما اتصف بها صارت كمالا، ومعلوم أن هذا تحكم وأنه لا واسطة بين الكمال والنقص، وأنه الصفة يستحيل خلوها عن النقص والكمال، كما يستحيل انقلابها من النقص إلى كمال وبالعكس.

فاللهم افتح بصائرنا لرؤية الحقائق على ما هي عليه، وارزقنا نبذ التقليد وسلوك طريق التحقيق.. آمين
 
أخي الكريم نزار ...

هذه وقفات سريعة لعلي أختم بها الحديث :
1/ سبق في مناسبات شتى ذكرُ أن هذا الملتقى ليسا مكانا لطرح هذه المسائل، فهي وإن كانت من مسائل الاعتقاد التي بينها القرآن الكريم =فإن التفصيل فيها ليس مما تتبناه رسالة الملتقى وخصوصا ما يتعلق بالأدلة العقلية التي يطول النقاش فيها ولا ينتهي، وتتحزب حوله الآراء وتسوء فيه النوايا وتظهر الخصومات بسبب انعدام أسس الحوار المثمر فيه، وهي قضية علمية تاريخية نفسية ليس هذا مقام التفصيل فيها.
والشاهد أنه مع كون الملتقى لم يضطلع بهذه المهمة فإني لم أدخل في المشاركة إلا لمسيس تعلق هذه المسألة بكتاب الله تعالى الذي هو كلامه الكريم.
2/ لقد كان غرضي من إيراد المبحث السابق هو أن يخرج القارئ الكريم بفائدة يجنيها وخلاصة واضحة في مسألة كلام الله تعالى، والأقوال التي قيلت فيها ومنشأ كل قول.
لأن كل ما ذكر في الموضوع إنما هو مسائل متفرقة مبتورة، وأسئلة مفتوحة، وإجابات ناقصة تحتاج إلى تكميل، فكانت الحاجة ماسة لوضع كلام علمي مرتب الأجزاء، حسن الترتيب، يفصل في ذكر الأقوال ويبين نشأتها بكل وضوح.

نعم أخي نزار إنني أدرك أنك ممن يحسنون الحديث في هذه المسائل وقد لا تكون بحاجة لكل التفاصيل، لكن غيرك ليس مثلك، كما ان في كلامك ما دعاني للنقل السابق، فأنت أثرت قضية الفرق بين المحدث والمخلوق دون تفصيل، ونقلت كلاما للشيخ السنوسي وغيره من العلماء ولكنه نقل لا يكفي لأنه يحتاج الى توضيح منشئه، ووجه نقضه لغيره من الأقوال ،فكنت كمن يكتفي بنقل كلام مختصر لابن تيمية عند أشعري.
كما انك آخرا جعلت رأي الكرامية ورأي ابن تيمية واحدا وليس ذلك صحيحا.

إذاً ..

ما موقف الأشاعرة من كلام الله تعالى؟
وما موقف ابن تيمية منه؟
وما هو منشأ كل قول؟

إذا أحسنا الإجابة على هذه التساؤلات نكون قد خرجنا من الموضوع بفائدة يحسن الخروج بها ..
وهذا ما ظننت تحققه بنقل المبحث السابق.

أما بغير هذا فأظن أن الحديث سيتشعب بغير فائدة كما هو الحال في كثير من أمثال هذه الحوارات .. والله من وراء القصد.
 
عودة
أعلى