ما طريقة الابتداء في هذه الآية ومثيلاتها؟

محبة للعلم

New member
إنضم
25/04/2013
المشاركات
17
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
المغرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حينما تقرأ الطالبة آية طويلة ويكون نفسها ضيقا، فإنها تضطر للوقف، وإذا لم تكن هناك علامة وقف في المصحف فإن الكثير من مدرسات التجويد تطلبن من الطالبة البدء بالكلمة التي قبلها. ولكن أحيانا يظهر لي أن المعنى لو استأنفت سيكون أوضح مما لو بدأت بالكلمة التي قبلها.
مثال: قال تعالى:(مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون)
لو وقفت الطالبة على "بنورهم"، ويضيق نفسها عن البدء بــ (فلما أضاءت) أو (ذهب) أليس الأولى أن تبدأ بــ (وتركهم) عوضا عن البدء بالجار والمجرور (بنورهم)، خصوصا وأنه يغتفر في عطف الجمل ما لا يغتفر في عطف المفردات.
جزاكم الله خيرا.
 
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يجب على القارئ إذا وقف على كلمة لا تعطي معنًا تامًا أو كافٍ أو حسن أن يرجع فيبدأ بما قبلها ليربط الكلام بعضه ببعض ويبرز المعنى كما قال بن الجزري في المقدمة " وغير ما تم قبيح وله *** الوقف مضطرًا ويبدا قبله" وهذا ما عليه أهل هذا الفن لأن الوقف على كلمة في جملة ذات عدة معاني ثم البدء بما بعدها يُقطِّع معاني الجملة وهذا غير حسن ولعل الوقف يوهم السامع أن بين كل معنى وأخر فترة زمنية، ولكن هناك بعض الوقفات الاختيارية التي تعطي معنًا حسن ويقف عليها بعض القراء ثم يبدأون بما بعدها لكنها تحتاج إلى تعمق في علم الوقف والابتداء وأيضًا علمي النحو والتفسير.
وأخيرًا هناك ملاحظة: يجب على القارئ عندما يرجع ليربط الكلام بعضه ببعض أن يكون متذوقًا للمعاني فيكون مقدار رجوعه حسب ما يبرز المعنى ويعطي رونقًا للتلاوة فيرجع كلمة أو كلمتين أو أكثر ولو كان النفس ضعيف بحيث إذا رجع لن يتسطيع إلا أن يضيف كلمة أو كلمتين فلا إشكال يضيف ثم يبدأ من عندهم ويربط الكلام مرة أخرى المهم أن لا يكون هناك تقطيع للمعاني ليستقر المعنى الكامل للجملة في ذهن سامعها خاصة إذا كان من أهل التدبر.
 
جزاكم الله خيرا.
1- أريد أن أؤكد على أنني أتحدث عن طالبات نفسهن قصير، فقد تنطق الكلمتين ثم تضطر للوقف، وإلا فإن الوقف يتفاضل بحسب التعلق المعنوي واللفظي بما بعده.

2- أقسام الوقف التي ذكرها العلماء في كتبهم اجتهادات منهم، فمنهم من قسم الوقف إلى تام وكاف وحسن، ومنهم من قسمه إلى أقسام أخرى، وطبعًا هؤلاء العلماء مصابيح نهتدي بعلمهم.
فما المانع إذا كانت عندي آية طويلة، أن آخذ فيها برأي الإمام السجاوندي رحمه الله مثلا، فمن الأقسام التي ذكرها في كتابه المجوز لوجه والمرخص ضرورة ولا يُلزِمُ فيه الوصل بالعود.

3- بالنسبة للعلماء الذين ذكروا الوقف الحسن والقبيح كالإمام ابن الأنباري رحمه الله، والإمام الداني رحمه الله، والإمام ابن الجزري رحمه الله، فإن القارئ مُطالب حال الابتداء بالرجوع إلى ما قبل الوقف:
قال الإمام الداني رحمه الله في "المكتفى" في معرض حديثه عن الوقف القبيح: (والجلة من القراء وأهل الأداء ينهون عن الوقف على هذا الضرب، وينكرونه، ويستحبون لمن انقطع نفسه عليه أن يرجع إلى ما قبله حتى يصله بما بعده، فإن لم يفعل فلا حرج عليه).
فالإمام رحمه الله لم يلزم القارئ بالرجوع وإنما استحبه له.
ثم إنه لما ذكر الرجوع إلى ما قبله، لم يذكر إن كان يرجع بكلمة أو كلمتين، وهذا يجرنا إلى الحديث عن النقطة الرابعة.

4- الوقف يكون اختياريا أو اضطراريا، أما الابتداء فلا يكون إلا اختياريا.
وإذا كان أهل العلم يكرهون أن يقف القارئ على العامل دون معموله 1، مع أنه يقف اضطرارا، فهل يتساهلون في ذلك في الابتداء الذي لا يكون إلا اختياريا؟
أيهما أقبح:
الابتداء بــ (بنورهم) أم الابتداء بـ(وتركهم)؟

5- وختاما، فإنني أقرّ بأن المعلم أو الطالب لا يستطيعان الخوض في هذه الأمور دون الرجوع إلى كتب أهل العلم، ولذلك فإنني أريد أن أعرف إن صنفوا في الابتداء كما صنفوا في الوقف.

1: انظر كتاب "الإيضاح" لابن الأنباري رحمه الله، باب ذكر ما لا يتم الوقف عليه.
 
هذا المثال متعلق بالوقف الحسن وجواز الابتداء بما بعده .
وأوطئ له بالآتي :
أما الوقف الحسن فجائز إجماعا عند العلماء ، أما الابتداء بما بعده فجمهور العلماء على عدم جوازه إلا أن يكون رأس آية ، وأجازه بعضهم كخالد الأزهري وأبي القاسم البقري .
وكنت قد قكتبتُ بحثا قديما ذكرتُ فيه رؤيتي في جواز الابتداء بما بعد الحسن إذا كان في ثنايا الآيات ، مشروطا بوفاء القصد ، ووضوح المعنى ، لا يحتاج إلى ما قبله _ بالمعنى العام _ لبيان مراده .
فمن ذلك ، لو وقف القارئ على "ورسوله " من قوله : " وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ (وقف) وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ "
فالوقف هنا حسن ، ولو ابتدأ القارئ بـ " ولا تنازعوا ...." لجاز له ذلك ، لوضوح المعنى ، بما لا يقع معه لبس .
فإذا أراد القارئ الرجوع إلى ما قبل الحسن فعليه تحري المعنى الصحيح ، الموف بالمقصود ، الواضح المعنى ، فلو وقف القارئ على " بأنفسهم " من قوله : ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
وهو وقف حسن = جاز له الابتداء بما بعده ، لسببين :
الأول : : أن الابتداء بـ ﴿ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ واضح المعنى موف بالمقصود ،لا يخفى على أحد
الثاني : أن رجوع القارئ إلى ما قبل ﴿ بِأَنفُسِهِمْ ﴾ من أجل ربط الكلام سيجعله يبتدئ بكلام غير مستقل ، متوقف على ما قبله في فهمه .
فإذا تساوى الأمران ، الابتداء بما بعد الحسن ، والرجوع إلى ما قبله = تعين حيئذ الرجوع ؛ربطا للكلام بعضه ببعض .
ومن ذلك قوله تعالى :
﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ﴾ (المائدة:5) .
فلو وقف القارئ على﴿ بِهِ ﴾ – وهو وقف حسن- فعليه الرجوع إلى قوله ﴿ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ ﴾ لتساويه مع البدء بـ ﴿وَالْمُنْخَنِقَة ﴾.
أما إذا كان الوقف حسنا والابتداء بما بعده غير موف بالمقصود غير واضح المعنى يحتاج إلى ما قبله لبيانه = تعين حينئذ العودة إلى ما قبله .
﴿لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ﴾
فالوقف على ﴿ الْقَوْلِ ﴾ حسن ولا يجوز الابتداء بما بعده؛ لكونه غير واضح المعنى غير موف بالمقصود يحتاج إلى ما قبله لبيانه .
وما مر ذكره لبيان الجواز ، مع أولوية الوصل إن كان ذلك في الاستطاعة .
يتبع ....
 
2- الوقف المرخص ضرورة عند السجاوندي لم يلزموا العود شريطة أن يكون ما بعده جملة مفهومة ، في إطار ما ذكر في المشاركة السابقة ، الأمر الذي جعل المرعشي يظن أنه من قبيل الوقف الكافي ، وليس كذلك ، فالوقف الكافي مرخص من غير ضرورة .
3- قول الداني المذكور يحتاج إلى وقفه !! حيث أن الداني لم يجوز الابتداء بما بعد الحسن إذا كان في ثنايا الآيات ، رغم أنه كلام تام ، ويجوز الابتداء بما بعد القبيح الذي لم يتم معناه !! ولا يمكنني حمل كلامه إلا أن عدم الرجوع ليس بإثم ، وإن كان ذلك غير جائز ,هذا الأقرب إلى الصواب ، جمعا للقولين ، والله أعلم .
4- قولهم إن الابتداء يكون اختياريا ذلك إذا كان بعد قطع ، أما بعد وقف أما في غير ذلك فلا يكون اختياريا , فقد يضطر القارئ إلى ابتداء قبيح , وذلك إذا كان المنقول عن بعض الكفرة طويلا لا ينتهي نفس القارئ إلى آخر المنقول , فيقف في بعض مواضعه بالضرورة , فيضطر إلى الابتداء بما بعده .
وأخير : أيهما أولى ، الابتداء بـ " وتركهم " أم العودة إلى " بنورهم" ؟
إذا وقف القارئ على " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم " لانقطاع نفسه أو غيره فالأولى له العودة إلى قوله : " فلما أضاءت..." فإن لم يستطع فالأقرب له " ذهب الله بنورهم " ، فإن لم يستطع لضيق نفسه ابتدأ بـ " وتركهم ..." بلا عودة .
لأنه في حكم الاضطرار ، وإذا كان العلماء أجازوا للمضطر الوقف القبيح ، فهو أولى في الابتداء غير القبيح ، وإن لم يكن المعنى تاما واضحا .
مع تحفظي على مسألة ضيق النفس هنا ؛ لأن الذي يقرأ الآية حتى قوله " بنورهم " لا يعجزه البدء بـ " ذهب الله ..." .
وبعضهم يسحسن الوقف على " وتركهم " بدلا من " بنورهم " توطئةً ، ثم يبتدأ بها ، وعندي الأولى الوقف على " بنورهم " والابتداء بما بعده .
وفقكم الله لكل خير .
 
عودة
أعلى