السلام عليكم
أطرح التالي للمناقشة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
سبعين في واحد؟
الكلام عن الشيخ سعد النعماني النقال طويل، وهو موجود على القنوات والشبكة حاليا، لكن سأقتصر على بعض الأدلة والحقائق التي تثبت أن ما عنده صريح في مخالفة الشرع. نسأل الله أن يرده إلى الحق ردا جميلا عاجلا غير آجل.
هذا الرجل جاء بشيء جديد - ألا وهو تقليد أصوات الأئمة والقراء. هذا الفن الذي يظهر أنه متخصص فيه لم يسمع من غيره قبله قط.
هناك أدلة من الكتاب ثم من كلام الفقهاء والقراء على أن فعله محرم وبدعة صريحة.
فمن الكتاب قوله تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن".
فالقراءة إن لم تكن بقصد التدبر أو في مجال التعليم الذي غايته التدبر فهي تخالف هذه الآية.
وقال تعالى: "قل أبالله وآيته ورسوله كنتم تستهزءون".
أخبرني بعض الثقات أنه يقرأ الآية في صوت إمام والأخرى في صوت إمام آخر (أظن الشيخين عبد الرحمن السديس وسعود الشريم إمامي الحرم المكي)، ولم أصدق أولئك الثقات حتى سمعت ذلك منه بأذني. وزاد بعضهم فقالوا: سمعناه يفعل ذلك في الصلاة! أين المكان للخشوع في الصلاة له ولمن اقتدى به حينئذ!؟ هذا من أخطاء الشيخ النقال، ويجب تحذير الناس من الاعتقاد بكونه أمرا حسنا. إن لم يكن هذا من الاستهزاء فما أدري كيف سيتحقق الاستهزاء بالشريعة، على أن قد رأينا تحقق الاستهزاء بما هو أقل من هذا بدرجات.
وكذلك سمعته ينقل الشيخ سبيل إمام الحرم المكي والذي قد كبر في السن، فبعض الناس يضحكون على تقليده إياه، وهذا حث الناس على الاستهزاء معه، ليس بكتاب الله فقط ولكن بإمام كبير السن وهذا لا ينـزل عن درجة الغيبة، أراد ذلك أم لا، رضي بذلك أم أبى، أحس بذلك أم لم يشعر.
وكل تحسين للصوت إلي يؤدي إلى الخلل في التدبر بآيات القرآن غير محمود. روى الإمام البخاري في الخلق بسند حسن عن نوفل بن إياس الهذلي قال:
كنا نقوم في عهد عمر بن الخطاب في المسجد، فيتفرق ههنا فرقة وههنا فرقة، وكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتا، فقال عمر: "أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني، أما والله لئن استطعت لأغيرن." فلم يمكث إلا ثلاث ليال حتى أمر أبيا فصلى بهم.
وجه الدلالة أن عمر رضي الله عنه رآى خللا في المصلين في جانب التدبر، فإن كان هذا الذم متوجها إلى المستمع للقارئ فكيف القارئ بنفسه؟
ثم من عبارات الفقهاء ما روى الحنابلة عن الإمام أحمد رحمه الله في القراءة بالألحان: "بدعة لا تسمع. كل شيء محدث لا يعجبني، إلا أي يكون طبع الرجل كطبع أبي موسى (الأشعري، لأنه كان حسن الصوت بدون تكلف)."
وهذا الشيخ جاء بشيء محدث في الدين لم نسمعه في أسلافنا الأولين.
قال ابن مفلح في الفروع: ونقل غير واحد (عن الإمام أحمد): "أو يحسنه بلا تكلف".
سمعت الشيخ النقال في حين لم أكن أعرفه فجاء إلى مسجد كنت قد حضرت للصلاة فيه، فاشتكى بعد حوالي نصف ساعة عن حنجرته، فتوقف عن النقل - ولا أقول التلاوة - على المنبر أمام الناس لساعة يسيرة. فكيف لا ينشأ هذا التعب والألم إلا عن التكلف الذي هو مكروه أو محرم إجماعا فضلا عن التكلف بالنقل الذي ظاهر كلام الإمام أحمد يشعر بأنه بدعة محدثة!؟
وعند المالكية:
العبدري في التاج عن ابن رشد: إنما كرهه مالك لأنه أمر مبتدع ولأنهم يبتغون به الألحان على نحو ما يفعل في الغناء (أي لا تدبر في القراءة وقد يخالف قواعد التجويد باختلاف الأئمة والقراء)
وقال ابن القاسم: سئل مالك عن الألحان في الصلاة فقال لا يعجبني وأعظم القول فيه وإنما هذا غناء يتغنون به ليأخذوا الدراهم عليه.
وعند الحنفية:
الجصاص رحمه الله في مختصر اختلاف العلماء: وقال ابن وهب: سئل مالك عن النفر في المسجد يقولون لرجل حسن الصوت اقرأ علينا يريدون حسن صوته فكره ذلك وقال: إنما هو يشبه الغناء.
فالناس الذين يجتمعون حوله إنما يجتمعون لسماع تقليده لأصوات غيره، لا للتدبر في القرآن، وهذا القدر هو الذي يشبه سماع الأغاني.
ومن كلام القراء ما نقله الذهبي رحمه الله في السير عن حمزة الزيات رحمه الله أحد القراء السبعة: إن لهذا التحقيق (أي القراءة) حدا ينتهي إليه ثم يكون قبيحا.
وهذا الشيخ بلغ من القبح ما تتحير به النفوس السليمة، وكان من الواجب عليه الوقوف على صوت نفسه، لكنه لم يستطع أن يقف على إمام أو قارئ حتى أروى نفسه بتقليد سبعين منهم – نسأل الله السلامة والعافية. الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا.
وفقنا الله الجميع للهدى. إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان
وصلى الله وسلم على عبد ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه