ما تفسيرقوله:(قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي ...الآية) وقوله :(ما نفدت كلمات الله)

ت

تسنيم

Guest
قرأت في بعض كتب التفسير عن هذه الآيه ولكن هل لديكم تفسير واضح عنها لو تكرمتم
وجزاكم الله خيرا
قال تعالى (( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولوجئنا بمثله مددا ))
ما المقصود بكلمات ربي في هذه الآيه وهل يوجد فرق ( كلمات ربي) في هذه الآية
و ( كلمات الله ) في آية (( ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم))
يقال هي كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته ام المقصود كلمات القران المنزلة من عند الله هي التي لا تنفد عندما قال المشركون ان هذا الكلام يوشك ان ينفذ فأنزل الله تعالى هذه الآية
الرجاء توضيح لي هذه المسألة وجزاكم الله خير ..
 
يقول الشيخ السعدي رحمه الله:" قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا "

أي : قل لهم ـ مخبرا عن عظمة الباري ، وسعة صفاته ، وأنها لا يحيط العباد بشيء منها :

" لو كان البحر "

أي : هذه الأبحر الموجودة في العالم ،

" مدادا لكلمات ربي "

أي : وأشجار الدنيا ، من أولها إلى آخرها ، من أشجار البلدان والبراري ، والبحار ، أقلام ،

" لنفد البحر "

وتكسرت الأقلام

" قبل أن تنفد كلمات ربي "

وهذا شيء عظيم ، لا يحيط به أحد . وفي الآية الأخرى

" ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم "

. وهذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان ، لأن هذه الأشياء مخلوقة ، وجميع المخلوقات ، منقضية منتهية ، وأما كلام الله ، فإنه من جملة صفاته ، وصفاته غير مخلوقة ، ولا لها حد ولا منتهى ، فأي سعة وعظمة تصورتها القلوب ، فالله فوق ذلك ، وهكذا سائر صفات الله تعالى ، كعلمه ، وحكمته ، وقدرته ، ورحمته ، فلو جمع علم الخلائق ، من الأولين والآخرين ، أهل السموات وأهل الأرض ، لكان بالنسبة إلى علم العظيم ، أقل من نسبة عصفور ، وقع على حافة البحر ، فأخذ بمنقاره من البحر بالنسبة للبحر وعظمته ، ذلك بأن الله ، له الصفات العظيمة الواسعة الكاملة ، وأن إلى ربك المنتهى .
 
جزاكم الله خيرا على ما تفضلتم به .
وشكر الله لكم اهتمامكم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى – سيد ولد آدم وأفضلهم واتقاهم وأعدلهم, المتصف بكل كمال بشري- خلقا وخُلقا- ولو كره الكافرون ولو كره المشركون ولو كره الحاقدون
وبعد
للإجابة على هذا السؤال يجب أن يعلم كل ناظر في كتاب الله عز وجل أن كل لفظة قرآنية لا يمكن فهمها ولا معرفة معناها إلا بعد النظر إلى سباق الآية وسياقها ولحاقها فكل آية لها ارتباط بما قبلها من الآيات, بل لك آية ارتباط بالسورة التي تذكر فيها هذه الآية – على نحو ما تقرر في علم المناسبات
وبعد تأصيل هذه القاعدة يمكننا أن ننظر إلى الآيتين اللتين معنا فنجد أن الآية الأولى هي قوله تعالى { قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ ربي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ ربي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } الكهف109 وبالنظر إلى ما تناولته السورة من قضايا نجد أن
التعرض لصفة الربوبية ورد صريحا في السورة فى مواضع عدة وهى هذه الآيات

1. { إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا ربنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } الكهف10
2. { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِربهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } الكهف13
3. { وَربطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا ربنَا رب السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } الكهف14
4. { وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ ربكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً } الكهف16
5. { وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا ربكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } الكهف19
6. { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً ربهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً } الكهف21
7. { سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل ربي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً } الكهف22
8. { إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر ربكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ ربي لِأَقْرب مِنْ هَذَا رَشَداً } الكهف24
9. 0{ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ ربكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } الكهف27
10. { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ربهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } الكهف28
11. { وَقُلِ الْحَقُّ مِن ربكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً } الكهف29
12. { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى ربي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً } الكهف36
13. { لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ ربي وَلَا أُشْرِكُ بِربي أَحَداً } الكهف38
14. { فَعَسَى ربي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } الكهف40
15. { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِربي أَحَداً } الكهف42
16. { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ ربكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } الكهف46
17. { وَعُرِضُوا عَلَى ربكَ صَفّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً } الكهف48
18. { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ ربكَ أَحَداً } الكهف49
19. { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ ربهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } الكهف50
20. { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا ربهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً } الكهف55
21. { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ ربهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً } الكهف57
22. { وَربكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } الكهف58
23. { فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا ربهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرب رُحْماً } الكهف81
24. { وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ ربكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن ربكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } الكهف82
25. { قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى ربهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً } الكهف87
26. { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ ربي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً } الكهف95
27. { قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن ربي فَإِذَا جَاء وَعْدُ ربي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ ربي حَقّاً } الكهف98
28. { أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ ربهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً } الكهف105
29. { قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ ربي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ ربي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } الكهف109
30. { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ ربهِ أَحَداً } الكهف110




ويلاحظ أن التعرض لصفة الألوهية فى هذه السورة لم يزد عن بضع عشرة آية وهى:-
1 - { وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً } الكهف4
2 - { هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً } الكهف15
3 - { وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً } الكهف16
4 - { وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً } الكهف17
5 - { وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً } الكهف21
6 - { إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً } الكهف24
7 - { قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً } الكهف26
8 - { لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً } الكهف38
9 - { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً } الكهف39
10 - { وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً } الكهف43
11 - { وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } الكهف45
12 - { قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً } الكهف69
*يقول الإمام البقاعي المتوفى : سنة خمس وثمانين وثمانمائة فى كتابه نظم الدرر [ جزء 6 - صفحة 197 ]
"ولما تم الجواب عن أسئلتهم على أحسن الوجوه مخللاً بما تراه من الحجج البينة والنفائس الملزمة لهم بفصل النزاع، وأتبع ذلك بقص الأمر الذي بإغفاله تجرؤوا على الكفر، وهو أمر البعث إلى أن ختمه بما يقتضي أن معلوماته لا تحد، لأن مقدوراته في تنعيم أهل الجنة لا آخر لها فلا تعد، وكان اليهود قد اعترضوا على قوله في أولها { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } [الإسراء: 85] بأنهم أوتوا التوراة، وكان لكل ما سألوا عنه من الفصول الطويلة الذيول أمور تهول، وكان ربما قال قائل: ما له لا يزيد ذلك شرحاً؟ قال تعالى آمراً بالجواب عن ذلك كله، معلماً لهم بأنهم لا يمكنهم الوقوف على تمام شرح شيء من معلوماته، وآخر استفصال شيء من مقدوراته، قطعاً لهم عن السؤال، وتقريباً إلى أفهامهم بضرب من المثال: { قل } أي يا أشرف الخلق لهم: { لو كان البحر } أي ماؤه على عظمته عندكم { مداداً } وهو اسم لما يمد به الدواة من الحبر { لكلمات } أي لكتب كلمات { ربي } أي المحسن إليّ في وصف ذكر وغيره مما تعنتموه في السؤال عما سألتم عنه أو غير ذلك { لنفد } أي فني مع الضعف فناء لا تدارك له { البحر } لأنه جسم متناه. ولما كانت المخلوقات - لكونها ممكنة - ليس لها من ذاتها إلا العدم، وكانت الكلمات من صفات الله، وصفات الله واجبة الوجود، فكان نفادها محالاً، فكان نفاد الممكن من البحر وما يمده بالنسبة إليها مستغرقاً للأزمنة كلها، جرد الظرف من حرف الجر فقال: { قبل أن تنفد } أي تفنى وتفرغ { كلمات ربي } لأنها لا تتناهى لأن معلوماته ومقدوراته لا تتناهى، وكل منها له شرح طويل، وخطب جليل؛ ولما لم يكن أحد غيره يقدر على إمداد البحر قال: { ولو جئنا } أي بما لنا من العظمة التي لا تكون لغيرنا { بمثله مدداً * } أي له يكتب منه لنفد أيضاً، وهذا كله كناية عن عدم النفاد، لأنه تعليق على محال عادة كقولهم: لا تزال على كذا ما بل بحر صوفة وما دجى الليل، ونحو هذا، ولعله عبر بجمع السلامة إشارة إلى أن قليلها بهذه الكثرة فكيف بما هو أكثر منه، وذلك أمر لا يدخل تحت وصف، وعبر بالقبل دون أن يقال " ولم تنفد " ونحوه، لأن ذلك كاف في قطعهم عن الاستقصاء في السؤال ولأن التعبير بمثل ذلك ربما فتح باباً من التعنت وهو أن يجعلوا الواو للحال فيجعلوا النفاد مقيداً بذلك، وأما سورة لقمان فاقتضى سياقها في تأسيس ما فيها على { الغني الحميد } [لقمان: 26] ومقصودها أن يكون التعبير فيها بغير ما ههنا، فما في كل سورة أبلغ بالنسبة إلى سياقه، مع أنه ليس في إفصاح واحدة منهما ما يدل على نفاد الكلمات ولا عدمه، وفي إفهام كل منهما بتدبر القرائن في السياق وغيره ما يقطع بعدم نفاذها، ولا تخالف بين الآيتين وإن كان التعبير في هذه السورة أدخل في التشابه، ويجاب عنه بما قالوا في مثل قول الشاعر " على لاحب لا يهتدى بمناره " من أن ما في حيز السلب لا يقتضي الوجود، ولعل التعبير بمثل ذلك من الفتن المميزة بين من في قلبه مرض وبين الراسخ الذي يرد المتشابه إلى المحكم، وهو ما دل عليه البرهان القاطع من أن الله تعالى لا نهاية لذاته، ولا لشيء من صفاته، بل هو الأول والآخر الباقي بلا زوال - والله أعلم". أهـ


*ويقول الطاهر بن عاشور – رحمه الله – فى تفسيره التحرير والتنوير [ جزء 1 - صفحة 2581 ]
لما ابتدئت هذه السورة بالتنويه بشأن القرآن ثم أفيض فيها من أفانين الإرشاد والإنذار والوعد والوعيد وذكر فيها من أحسن القصص ما فيه غيره وموعظة وما هو خفي من أحوال الأمم حول الكلام إلى الإيذان بأن كل ذلك قليل من عظيم علم الله تعالى
فهذا استئناف ابتدائي وهو انتقال إلى التنويه بعلم الله تعالى مفيض العلم على رسوله صلى الله عليه وسلم لأن المشركين لما سألوه عن أشياء يظنونها مفحمة للرسول وأن لا قبل له بعلمها علمه الله إياها وأخبر عنها أصدق خبر وبينها بأقصى ما تقبله أفهامهم وبما يقصر عنه علم الذين أغروا المشركين بالسؤال عنها وكان آخرها خبر ذي القرنين أتبع ذلك بما يعلم منه سعة علم الله تعالى وسعة ما يجري على وفق علمه من الوحي إذا أراد إبلاغ بعض ما في علمه إلى أحد من رسله . وفي هذا رد عجز السورة على صدرها
وقيل : نزلت لأجل قول اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقول أي في سورة الإسراء ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) وقد أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا . وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) في سورة الإسراء
وقال الترمذي عن ابن عباس : قال حيي بن أخطب اليهودي : في كتابكم ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) ثم تقرأون ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ؛ فنزل قوله تعالى ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي... ) الآية
وكلمات الله : ما يدل على شيء من علمه مما يوحي إلى رسله أن يبلغوه فكل معلوم يمكن أن يخبر به . فإذا أخبر به صار كلمة . ولذلك يطلق على المعلومات كلمات لأن الله أخبر بكثير منها ولو شاء لأخبر بغيره فإطلاق الكلمات عليها مجاز بعلاقة المآل . ونظيرها قوله تعالى ( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) . وفي هذا دليل لإثبات الكلام النفسي ولإثبات التعلق الصلوحي لصفة العلم . وقل من يتنبه لهذا التعلق
ولما كان شأن ما يخبر الله به على لسان أحد رسله أن يكتب حرصا على بقائه في الأمة شبهت معلومات الله المخبر بها والمطلق عليها كلمات بالمكتوبات ورمز إلى المشبه به بما هو من لوازمه وهو المداد الذي به الكتابة على طريقة المكنية وإثبات المداد تخييل كتخيل الأظفار للمنية . فيكون ما هنا مثل قوله تعالى ( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) فإن ذكر الأقلام إنما يناسب المداد بمعنى الحبر
ويجوز أن يكون هنا تشبيه كلمات الله بالسراج المضيء لأنه يهدي إلى المطلوب كما شبه نور الله وهديه بالمصباح في قوله تعالى ( مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ) ويكون المداد تخييلا بالزيت الذي يمد به السراج
والمداد يطلق على الحبر لأنه تمد به الدواة أي يمد به ما كان فيها من نوعه ويطلق المداد على الزيت الذي يمد به السراج وغلب إطلاقه على الحبر . وهو في هذه الآية يحتمل المعنيين فتتضمن الآية مكنيتين على الاحتمالين
واللام في قوله ( الكلمات ) لام العلة أي لأجل كلمات ربي . والكلام يؤذن بمضاف محذوف تقديره : لكتابة كلمات ربي إذ المداد يراد للكتابة وليس البحر مما يكتب به ولكن الكلام بني على المفروض بواسطة " لو "
والمداد : اسم لما يمد به الشيء أي يزاد به على ما لديه . ولم يقل مدادا إذ ليس المقصود تشبيهه بالحبر لحصول ذلك بالتشبيه الذي قبله وإنما قصد هنا أن مثله يمده
والنفاد : الفناء والاضمحلال . ونفاد البحر ممكن عقلا
وأما نفاد كلمات الله بمعنى تعلقات علمه فمستحيل فلا يفهم من تقييد نفاد كلمات الله بقيد الظرف وهو ( قبل ) إمكان نفاد كلمات الله . ولكن لما بني الكلام على الفرض والتقدير بما يدل عليه ( لو ) كان المعنى لو كان البحر مدادا لكلمات ربي وكانت كلمات ربي مما ينفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي
وهذا الكلام كناية عن عدم تناهي معلومات الله تعالى التي منها تلك المسائل الثلاث التي سألوا عنها النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقتضي قوله ( قبل أن تنفد كلمات ربي ) أن لكلمات الله تعالى نفادا كما علمته
وجملة ( ولو جئنا بمثله مددا ) في موضع الحال
و ( لو ) وصلية وهي الدالة على حالة هي أجدر الأحوال بأن لا يتحقق معها مفاد الكلام السابق فينبه السامع على أنها متحقق معها مفاد الكلام السابق . وقد تقدم عند قوله تعالى ( فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ) في سورة آل عمران . وهذا مبالغة ثانية وانتصب ( مددا ) على التمييز المفسر للإبهام الذي في لفظ ( مثله ) أي مثل البحر في الإمداد .أهـ

ولو نظرنا إلى سورة لقمان لظهر لنا أن التعرض صفة الربوبية ورد فى مواضع عدة

1 - { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } لقمان6
2 - { خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } لقمان9
3 - { هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ } لقمان11
4 - { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } لقمان12
5 - { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } لقمان13
6 - { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } لقمان16
7 - { وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } لقمان18
8 - { أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ } لقمان20
9 - { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } لقمان21
10 - { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } لقمان22
11 - { وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } لقمان23
12 - { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } لقمان25
13 - { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } لقمان26
14 - { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } لقمان27
15 - { مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } لقمان28
16 - { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } لقمان29
17 - { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } لقمان30
18 - { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } لقمان31
19 - { وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } لقمان32
20 - { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } لقمان33
21 - { إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } لقمان34
فناسب


بينما التعرض صفة الربوبية مصرحا به ورد في السورة فى موضعين لا ثالث لهما


1 - { أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن ربهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } لقمان5
2 - { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } لقمان33


يقول الطاهر بن عاشور فى تفسيره لقوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } لقمان27

"تكرر فيما سبق من هذه السورة وصف الله تعالى بإحاطة العلم بجميع الأشياء ظاهرة وخفية فقال فيما حكى من وصية لقمان ( إنها إن تك مثقال حبة من خردل ) إلى قوله ( لطيف خبير ) وقال بعد ذلك ( فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور ) فعقب ذلك بإثبات أن لعلم الله تعالى مظاهر يبلغ بعضها إلى من اصطفاه من رسله بالوحي مما تقتضي الحكمة إبلاغه وأنه يستأثر بعلم ما اقتضت حكمته عدم إبلاغه وأنه لو شاء أن يبلغ ما في علمه لما وفت به مخلوقاته الصالحة لتسجيل كلامه بالكناية فضلا على الوفاء بإبلاغ ذلك بواسطة القول . وقد سلك في هذا مسلك التقريب بصرب هذا المثل ؛ وقد كان ما قص من أخبار الماضين موطئا لهذا فقد جرت قصة لقمان في هذه السورة كما جرت قصة أهل الكهف وذي القرنين في سورة الكهف فعقبتا بقوله في آخر السورة ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) وهي مشابهة للآية التي في سورة لقمان . فهذا وجه اتصال هذه الآية بما قبلها من الآيات المتفرقة
ولما في اتصال الآية بما قبلها من الخفاء أخذ أصحاب التأويل من السلف من أصحاب ابن عباس في بيان إيقاع هذه الآية في هذا الموقع . فقيل : سبب نزولها ما ذكره الطبري وابن عطية والواحدي عن سعيد بن جبير وعكرمة وعطاء بن يسار بروايات متقاربة : أن اليهود سألوا رسول الله أو أغروا قريشا بسؤاله لما سمعوا قول الله تعالى في شأنهم ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فقالوا : كيف وأنت تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن سألوه : هي في علم الله قليل ثم أنزل الله ( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ) الآيتين أو الآيات الثلاث
وعن السدي قالت قريش : ما أكثر كلام محمد ! فنزلت ( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ) الآية
وعن قتادة قالت قريش : سيتم هذا الكلام لمحمد وينحسر " أي محمد صلى الله عليه وسلم فلا يقول بعده كلاما " . وفي رواية سنفد هذا الكلام . وهذه يرجع بعضها إلى أن هذه الآية نزلت بالمدينة فيلزم أن يكون وضعها في هذا الموضع في السورة بتوقيف نبوي للمناسبة التي ذكرناها آنفا وبعضها يرجع إلى أنها مكية فيقتضي أن تكون نزلت في أثناء نزول سورة لقمان على أن توضع عقب الآيات التي نزلت قبلها
و ( كلمات ) جمع كلمة بمعنى الكلام كما في قوله تعالى ( كلا إنها كلمة هو قائلها ) أي الكلام المنبئ عن مراد الله من بعض مخلوقاته مما يخاطب به ملائكته وغيرهم من المخلوقات والعناصر المعدودة للتكون التي يقال لها : كن فتكون ومن ذلك ما أنزله من الوحي إلى رسله وأنبيائه من أول أزمنة الأنبياء وما سينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم أي لو فرض إرادة الله أن يكتب كلامه كله صحفا ففرضت الأشجار كلها مقسمة أقلاما وفرض أن يكون البحر مدادا فكتب بتلك الأقلام وذلك المداد لنفد البحر ونفدت الأقلام وما نفدت كلمات الله في نفس الأمر
وأما قوله تعالى ( وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا ) فالتمام هنالك بمعنى التحقق والنفوذ وتقدم قوله تعالى : ( ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ) في سورة الأنفال
وقد نظمت هذه الآية بإيجاز بديع إذ ابتدئت بحرف " لو " فعلم أن مضمونها أمر مفروض وأن ل ( لو ) استعمالات كما حققه في مغنى اللبيب عن عبارة سيبويه . وقد تقدم عند قوله تعالى ( ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ) في سورة الأنفال
و ( من شجرة ) بيان ل ( ما ) الموصولة وهو في معنى التمييز فحقه الإفراد ولذلك لم يقل : من أشجار, والأقلام : جمع قلم وهو العود المشقوق ليرفع به المداد ويكتب به أي لو تصير كل شجرة أقلاما بمقدار ما فيها من أغصان صالحة لذلك . والأقلام هو الجمع الشائع لقلم فيرد للكثرة والقلة
و ( يمده ) بفتح الياء التحتية وضم الميم أي يزيده مدادا . والمداد بكسر الميم الحبر الذي يكتب به . يقال : مد الدواة يمدها . فكان قوله ( يمده ) متضمنا فرض أن يكون البحر مدادا ثم يزاد فيه إذا نشف مداده سبعة أبحر ولو قيل : يمده بضم الميم من أمد لفات هذا الإيجاز
والسبعة : تستعمل في الكناية عن كثرة كثيرا كقول النبي صلى الله عليه وسلم " والكافر يأكل في سبعة أمعاء " فليس لهذا العدد مفهوم أي والبحر يمده أبحر كثيرة
ومعنى ( ما نفدت كلمات الله ) ما انتهت أي فكيف تحسب اليهود ما في التوراة هو منتهى كلمات الله أو كيف يحسب المشركون أن ما نزل من القرآن أوشك أن يكون انتهاء القرآن فيكون المثل على هذا الوجه الآخر واردا مورد المبالغة في كثرة ما سينزل من القرآن إغاظة للمشركين فتكون ( كلمات الله ) هي القرآن لأن المشركين لا يعرفون كلمات الله التي لا يحاط بها
وجملة ( إن الله عزيز حكيم ) تذييل فهو لعزته لا يغلبه الذين يزعمون عدم الحاجة إلى القرآن ينتزرون انفحام الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لحكمته لا تنحصر كلماته لأن الحكمة الحق لا نهاية لها. أهـ
ولهذا الذى ذكره العلماء ولما فتح الله به يتضح لنا أن كل لفظة تؤدي معناها من غير ما تكرار عار عن الفائدة , ويتأكد لكل ناظر فى كتاب الله أنه كتاب معجز فى لفظه ومعناه وأنه تنزيل من حكيم حميد غير أن ما فيه من الأسرار تحتاج إلى تحقيق قوله تعالى " واتقوا الله ويعلمكم الله ..., "نسأل الله ذلك وصلى الله على النبي الأمين محمدٍ صلى الله عليه وسلم .
 
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
وتوضيح المسألة أن حرف " لو " وضع للملازمة بين أمرين يدل على أن الحرف الأول منهما ملزوم ، والثاني لازم ، وهي ترد في القرآن الكريم ونصوص السنة النبوية المطهرة وفي كلام العرب على أربعة أحوال :
الأول : أن يلازم بين نفيين . ومثاله قوله تعالى: " قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق ." الثاني : أن يلازم بين ثبوتين . ومنه قول عمر رضي الله عنه :" ]نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه."
الثالث : أن يلازم بين ملزوم مثبت ولازم منفي، ومثاله قول الله تعالى :" ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله "
الرابع: أن يلازم بين ملزوم منفي ولازم ثابت. ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم:"لولم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ."
فالآية إذا من القسم الثالث ، وقد تكفل ابن القيم يرحمه الله بدفع الاشكال الواقع في الآية بقوله : " فافهم نظير هذا المعنى في الآية ، وهو عدم نفاد كلمات الله تعالى على تقدير أن الأشجار أقلام والبحار مداد يكتب بها . فإذا لم تنفد على هذا التقدير كان عدم نفادها لازماً له . فكيف بما دونه من التقديرات ؟ "
ثم قال يرحمه الله : " فافهم هذه النكتة التي لا يسمح بمثلها كل وقت ولا تكاد تجدها في الكتب ، وإنما هي من فتح الله وافضاله فله الحمد والمنة ، ونسأله المزيد من فضله ، فانظر كيف اتفقت القاعدة العقلية مع القاعدة النحوية. وجاءت النصوص بمقتضاهما معاً من غير خروج عن موجب عقل ولا لغة ولا تحريف لنص. "
ــــــــــــــ
(1) هذا من الأحاديث التي وضعها النحاة لبيان قاعدة "لو " قال العراقي وغيره:" لا أصل له ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث."
(2) رواه مسلم
 
عودة
أعلى