ما بعد الدكتوراه .. عظة وعبرة

حسين بن محمد

فريق إشراف ملتقى الكتب
إنضم
08/09/2008
المشاركات
934
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
القاهرة
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
01.png

الحمد لله على كل حال ..

كان رجلا ديّنا فاضلا كريما ، حافظا للقرآن ، يلتقي إخوانة مرة على الأقل كل أسبوع في بيته ، يراجع القرآن ، ويذاكر معهم التفسير والسيرة ، كان ذا همة عالية ، حريصا على العلم جدا ، يحب اللغة والتاريخ والأدب ..
كان متفوقا في دراسته .. وقد عمل طبيبا جراحا ، ومدرسا بكلية الطب في إحدى الجامعات المصرية ..
كان يخصص أياما يعالج فيها المرضى مجانا .. وعلم يوما بوجود مريض يقف على باب عيادته بعد منتصف الليل وكنتُ معه .. فاستأذنني وهرول مسرعا إليه !

عرفته منذ بضع سنين ، ودخلت بيته وعيادته مرارا ، تعلمت من سمته وأدبه أكثر مما تعلمت من قوله وعلمه .. أحببته في الله وأحبني .. هو أوّل من وجّهني - بعد والديّ - وعلمني وربّاني ..
وفي مدة وجيزة بلغت ثقته بي أن جاءني يوما بقرص مدمج عليه فيديو له وهو يجري العملية الجراحية المبتكرة التي سيحصل بها على درجة الدكتوراه ، وطلب مني عمل مونتاج لها ، تحملت المناظر فيها - وكاد يُغشى علي - من أجله ..

حضرتُ مناقشته لرسالة الدكتوراه ، فأعجب الحاضرين لعرضه ..
بعد المناقشة مباشرة - وهذا هو الشاهد - سأله أحد إخواننا : يا دكتور محمد ، هل بعد هذه المناقشة شيء آخر ؟
فأجاب دون تردد : ليس إلا سؤال الملكين !!

ولم تمر على كلمته هذه عدة أشهر حتى قبضه الله إليه وهو في ريعان شبابه !
وقد خلف طفلتين جميلتين ، تولاهما الله وأمهما برحمة من عنده ..
مرت على وفاته فترة ، وتذكرته أمس لما حضرت مناقشة بعض زملائنا .. فأردت ذكرها عظة وعبرة ..

ولكأني أسمعه الآن يقول :
وإن شئتَ تأبيني فدعوةُ ساجدٍ ، لها بين أحناء الضلوع حنينُ

رحمه الله وغفر له ..
 
[poem=]
عُمرُ الفتى ذِكْرُهُ لا طولُ مُدَّتِهِ = وموْتُهُ خِزْيُهُ لا يوْمُه الداني
فأحْيِ نفسَكَ بالإحسانِ تزرعه = تُجْمَع به لك في الدنيا حياتانِ​
[/poem]
 
رحمه الله وموتى المسلمين جميعا رحمة واسعة، وغفر لهم وعفا عنهم.
لقد كان البون بين السؤال والجواب شاسعا.
 
عودة
أعلى