ما المقصود بكلام مكي بن أبي طالب ؟

إنضم
24/03/2020
المشاركات
109
مستوى التفاعل
11
النقاط
18
الإقامة
الجزائر
يقول مكي بن أبي طالب عن قوله تعالى: (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي اَلْحَجِّ) [البقرة: 197]: ... ولا يحسن أن يكون (في الحج) الظاهر خبرا عن الأسماء الثلاثة، لأن خبر (ليس) منصوب، وخبر (جدال) مرفوع، لأن (ولا جدال) اسم واحد، في موضع رفع على الابتداء، ولا يعمل عاملان في اسم واحد. [ الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب القيسي: 286/1 ].
السؤال: ما هي المسألة النحوية المقصودة في هذه العبارة ؟ وما هي مذاهب النحويين في تلك المسألة ؟
وشكرا للجميع .
 
هذه المسألة تتعلق بإعراب (لا) الناهية و (لا) النافية ، لأن الآية فيها قراءتان :
1- (فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحج) وقد اختار هذه القراءة ورجحها لانسجامها جميعاً بكون (لا) فيها جميعاً هي النافية للجنس التي تعمل عمل (إنَّ) فتنصب الاسم وترفع الخبر.
2- (فلا رفثٌ ولا فسوقٌ ولا جدالَ في الحج) تكون لا هنا هي الناهية وهي تعمل عمل (ليس) وما بعدها اسمٌ مرفوعٌ، وخبرها محذوف تقديره : (فليس رفثٌ ولا فسوقٌ في الحج) وقد قدرنا المحذوف اعتماداً على الظاهر في الآية بعد كلمة ولا جدال في الحج.
فهو يقول أنه لا يناسب أن يكون (في الحج) الظاهر في الآية خبراً عن الأسماء الثلاثة مع اختلاف إعرابها في القراءتين.
 
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ عبد الرحمن على الإيضاح والبيان، وبارك في جهودكم وضاعف مثوبتكم .
 
هنالك من بحث في المسألة من جهة تناوله خصائص الواو العاطفة التي تستقل بها عن أخواتها من حروف العطف،
وعدَّ بعضهم للواو العاطفة (40) حكماً
منها
اقترانها بـ (لا) المفيدة نفي الفعل عن المتعاطفين
بشرط أن تسبق بنفي نحو " فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحج "
و : "ما جاء زيدٌ ولا أخوه ".
قال ابن هشام: والنحاة يسمون لا هذه زائدة، وليست البتة زائدة، إذ لو قيل: ما جاء زيدٌ وأخوه احتمل نفي مجيئهما مطلقاً في كل حال
ونفي مجيئهما في حال اجتماعهما فقط ومع لا يصير الكلام نصاً في المعنى الأول.


انظر مغني اللبيب لابن هشام 1 / 133
وحاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك 3 / 136



والأكثر بحث في المسألة من جهة أنواع (لا) وبخاصة جزئية عملها إذا تكررت

انظر المسألة والخلاف فيها في شرح التصريح للأزهري 1 / 348
فصل: (ولك في نحو: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، خمسة أوجه)


ومما ورد فيه:
مذهب سيبويه يجوز أن يقدر بعدهما خبرًا لهما معًا، أي: لا حول ولا قوة لنا، أي: موجودان لنا؛ لأن مذهبه أن "لا" المفتوح اسمها لا تعمل في الخبر فهما في موضع رفع "ولا قوة" مبتدأ معطوف على مبتدأ، والمقدر مرفوع بأنه خبر عنهما جميعًا، فيكون الكلام جملة واحدة، نحو: زيد وعمرو قائمان، ويجوز أيضًا عنده أن يقدر لكل واحدة منهما خبر، أي: لا حول موجود لنا، ولا قوة موجودة لنا، فيكون الكلام جملتين.
وعلى مذهب غير سيبويه القائل بأن "لا" المفتوح اسمها عاملة في الخبر، كما عملت فيه "لا" الناصبة اسمها، فيجوز أيضًا أن يقدر لهما معًا خبر واحد،
وذلك الخبر يكون مرفوعًا بـ"لا" الأولى والثانية، وإن كانت عاملتين إلا أنهما متماثلان فيجوز أن يعملا في اسم واحد عملًا واحدًا، كما في: إن زيدًا وإن عمرًا قائمان؛ لأنهما شيء واحد، ويجوز أيضًا عند هؤلاء أن يقدر لكل منهما خبر على حياله، وأما رفعهما فوجهه أن تجعل "لا" الأولى ملغاة لتكرارها، فما بعدها مرفوع بالابتداء، أو عاملة عمل "ليس"، فيكون ما بعدها مرفوعًا بها, وعلى الوجهين فـ"لنا" خبر عن الاسمين إن قدرت "لا" الثانية تكرار للأولى وما بعدها معطوف فإن قدرت الأولى مهملة، والثانية عاملة عمل "ليس" أو بالعكس، فـ"لنا" خبر عن إحداهما، وخبر الأخرى محذوف، كما في: زيد وعمرو قائم، ولا يكون خبرًا عنهما لئلا يلزم محذوران: أحدهما: كون الواحد مرفوعًا منصوبًا. والثاني: توارد عاملين على معمول واحد، قاله في المغني في مسألة: لا رجل ولا امرأة، برفعهما،
وأما فتح الأول ورفع الثاني، فوجهه أن "لا" الأولى عاملة عمل "إن" ولا الثانية زائدة، وما بعدها معطوف على محل "لا" الأولى مع اسمها، فعند سيبويه يجوز أن يقدر لهما معًا خبر واحد؛ لأنه خبر مبتدأ، وما عطف عليه، وعند غيره لا بد لكل واحد من خبر لئلا تجتمع "لا" والابتداء في رفع الخبر الواحد، ويجوز أن نجعل "لا" الثانية غير زائدة، وهي ملغاة، أو عاملة عمل "ليس".
وأما رفع الأول وفتح الثاني فوجهه أن "لا" الأولى ملغاة. أو عاملة عمل "ليس" و"لا" الثانية عاملة عمل "إن"، وتقدير الخبر في هذا الوجه كالوجه الذي قبله، سواء على المذهبين.

وأما فتح الأول ونصب الثاني فوجهه أن "لا" الأولى عاملة عمل "إن"، و"لا" الثانية زائدة، وما بعدها منصوب منون، "وهو أضعفها"؛ لأن نصب الاسم مع وجود "لا" ضعيف والقياس فتحه بلا تنوين، "حتى" قال ابن الدهان في الغرة: "خصه يونس وجماعة" من النحويين "بالضرورة، كتنوين المنادى" المفرد المعرفة، وجعله الزمخشري منصوبًا على إضمار فعل أي: ولا أرى قوة، "وهو عند غيرهم على تقدير "لا" زائدة مؤكدة، وأن الاسم" بعدها "منتصب بالعطف" على محل اسم "لا" الأولى عند ابن مالك، وعند غيره على لفظ اسم "لا" لأنه لما اطرد في "لا" بناء اسمها معها على الفتح نزلت منزلة العامل المحدث للفتحة الإعرابية، وأما الخبر فلا يجوز عند سيبويه أن يقدر لهما خبر واحد بعدهما؛ لأن خبر ما بعد "لا" الأولى مرفوع بما كان مرفوعًا، قبل دخول "لا" عنده، وخبر ما بعد "لا" الثانية مرفوع بـ"لا" الأولى؛ لأن الناصب لاسمها عاملة في الخبر عنده، كما يقول غيره، فيلزم ارتفاع الخبر بعاملين مختلفين، وهو لا يجوز، فيجب أن يقدر لكل منهم خبر.
 
بارك الله في شيخنا عبد الرّحمان على الإجابة الموجزة الدّقيقة،وشكر الله الأستاذ عبد الرّحيم على التفصيل الدّقيق في المسألة،ووللشّيخ امحمد على طرح المسألة،بوركت الجهود.
 
عودة
أعلى