وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .....أهلاً بك يا أخي عبدالرحمن
أما الكتب البلاغية للمبتدئ وخاصة لمن لم يلج هذا المضمار من قبل فعليه :
أولاً وقبل كل شيء أن يتقدم قليلاً في النحو , لأن شيخ البلاغيين عبد القاهر يقول عن النظم : واعلم أن النظم هو أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو وتعمل على قوانينه , وعرفه مرة أخرى فقال : اعلم أن النظم هو توخي معاني النحو ....
خطوات أولية لكي تستلذ في هذا الفن :
أولاً / خبرة مسبقة في علم النحوتصل أقل شيء إلى 75% , والهدف هو أن تتلذذ في هذا العلم , واعلم يا أخي أن علم النحو هو الجدير بالكشف عن مواطن اللفتات في النصوص البليغة والجماليات في الكلام الفصيح والنُكت التي لا تُتخرج إلا باسترفاد المكون النحوي .
ثانياً / حاول أن تقرأ أهداف البلاغة العربية , ولماذا نقرأ البلاغة العربية ؟؟
ستجده هنا :
1ـ يتيح للمتعلم معايشة نصوص العلماء الأفذاذ السابقين والتمرس على فهمها حتى تزول الجفوة القائمة بين طلاب العصر والتراث .
2ـ تنمية الملكة الأدبية القادرة على حسن التعبير .
فالبلاغة ترشدنا إلى ترك العيوب وأخذ الأسلوب الصحيح وذلك بوسيلتين :ـ
أ ـ القواعد التي ترشدنا إلي الأساليب الصحيحة والعيوب التي ينبغي تجنبها .
ب ـ تذوق القواعد في تلك الشواهد وأن نحذو حذوها .
جـ ـ تنمية الملكة النقدية القادرة على التمييز بين الجيد و الرديء والصحيح والفاسد وذلك بوسيلتين : ـ
1- الوقوف على أفكار العلماء البلاغيين والنقاد التي نوازن بينها ونرجح ، رأي على رأي وهذا من النقد العلمي .
2- طريق الشواهد التي نستحسن منها ما نستحسن ونرد منها ما نرد ونستهجن منها ما يستهجن وهذه النقد الأدبي .
3- التمكن من معايشة القرآن الكريم وفهم معانية وتدبر مضامينه واستنباط غاياته والوقوف علي شيء من إعجازه .
هنا سؤال : ــ هل البلاغة كفيلة بالوقوف علي تدبر القرآن ........ ؟
الجواب :
قال أبو هلال العسكري في الصناعتين : ( اعلم علمك الله الخير ودلك عليه ، وقيضه لك ، وجعلك من أهله أن أحق العلوم بالتعلم , وأولاها بالتحفظ ـ بعد معرفة الله جل ثنائه ـ علم البلاغة ، ومعرفة الفصاحة ، الذي" به " يعرف {أي يعرف به لا بغيره } إعجاز كتاب الله تعالى ....... وقد علمنا أن الإنسان إذا أغفل علم البلاغة وأخل بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن، الكريم من جهة ما خصه الله به عن حسن التأليف وبراعة التركيب .......... ) أ .هـ
لكن الزمخشري كان أوضح منه فقال في مقدمة تفسيره : ( إن النحوي ولو كان أنحى من سيبويه واللغوي ولو علك اللغات بلحييه ، والواعظ ولو كان من الحسن البصري أوعظ , والقصصي ولو كان من ابن القرية أحفظ ، لم يستطع أن يفسر كتاب الله عز وجل إلا إذا درس علميين وعكف على دراستهما أزمنة وفتش عنهما أمكنة هما " علم البيان وعلم المعاني " .
سؤال آخر : ــ
لماذا كانت البلاغة خصوصاً هي الجديرة بمعرفة الإعجاز ؟
الجواب :
لأن إعجاز القرآن يكمن في نظمه وفي لغته .
ثالثا / هناك مذهبان سار عليهما البلاغيون وهما :
المذهب الأدبي : وهذا أقرب إلى القلوب منه للأسماع لأن صوت الأدب فيه عالياً , والنظم فيها متفوقاً وهنا تجد المتعة كلها وعليه سار الأقدمون .
المذهب المعياري : هو السبيل الذي نهجه أصحاب المدرسة السكاكية ( السكاكي ) في تقعيد علم البلاغة , حتى عاد علماً جافاً منطقياً , لا تدخله الصنعة الأدبية إلا نادراً , وتحس أنك لا تستطيع إلا أن ترمي الكتاب جانباً ( وهذا الفن أنصحك أن لا تطرقه مبدئياً , لأنه مذهب صعب وصوت المنطقية فيه واضحة وجلية ) ولذلك ستكره البلاغة , ولكن عليك بالأول فهو الأصل .
أما الكتب المبدئية فأنصحك أن تشتري كتاب البلاغة فنونها وأفنانها للدكتور فضل حسن عباس ( البيان والبديع ) و( المعاني ) فهو يعلمك كيف تقيم جسوراً بينك وبين البلاغة وإذا رأيت أنك تقدمت قيليلاً فاشتر ( أي كتاب لشيخنا د. محمد محمد أبو موسى )
أسأل الله لك التوفيق والرعاية ... ودمت في صحة وعناية ....
وإذا احتجت شيئاً فلا تتردد ...