ما القيمة العلمية التي تقدمها الرسائل الجامعية لطالب العلم المبتدئ و المتوسط ؟؟!

إنضم
03/03/2007
المشاركات
344
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
الرياض
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

إن الناظر لرفوف المكتبات ينبهر بعناوين براقة تتوق إليها النفس بمجرد قراءتها - أقصد العناوين - ، فتهفو النفس لاقتناء مثل هذه الكتب - خصوصا مما هو من الأطروحات الجامعية (الماجستير وادكتوراة) !! و في نفس الوقت نسمع مشايخنا يقولون : كثرة اقتناء الكتب مشغلة عن التحصيل!! خاصة لمن هم في مراحل الطلب الأولى و المتوسطة ولم تتشكل بعد عندهم أصول العلوم و الحاسة النقدية فيتلقفون هذه الرسائل على محمل الثقة التامة - بالذات إذا كانت مقرظة من لجنة مناقشة من المشايخ المعتبرين -.

و كثير من المشايخ المتصدين للتعليم يلحون على طلبة العلم بالارتكاز على المتون و شروحها حفظا وفهما و مدارسة، في المقابل فإن هذه الرسائل تتميز بتركيز للمعلومات و ترتيبها و تبويبها بحيث يسهل هضم المعلومة و استيعابها ، وكذلك احتواؤها على تحرير لبعض المسائل التي تهم طالب العلم بشكل كبير فيتصور المسألة من اطرافها، وهذا قد لا تجده في المتون و شروحها.

نريد من المشايخ الكرام من خلال تجربتهم و خبرتهم رسم منهج وسط لطالب العلم ( المبتدئ و المتوسط ) يمشي فيه على الجادة في تأصيل نفسه في العلوم الشرعية مع الإفادة من هذه الأطروحات النافعة و ما تحتويه من تحرير و ترتيب للمعلومات.

و جزاكم الله خيرا
 
رؤية جميلة، وملحظ جيد.

ولعل السؤال يتركز على الشق الثاني منه وهو: " رسم منهج وسط لطالب العلم ( المبتدئ و المتوسط ) للإفادة من هذه الأطروحات النافعة و ما تحتويه من تحرير و ترتيب للمعلومات " لأنه هو المهم هنا، وهو الذي يدل عليه العنوان.

وفقك الله أخي الكريم، ولعل المشايخ ممن كتب رسائل علمية -وهم بحمد الله في الملتقى كثر- يفيدونك.
 
مثل هذه المسائل المتعلقة بالمنهجية في طلب العلم يا أخ عبد الرحمن، يندر أن يتفق فيها اثنان ، لكن لا بأس من إبداءالتجارب المختلفة، ويبقى لكل طالب علم عقله وطبيعته وقدراته وظروفه.
 
مداخلة

مداخلة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على ختام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين وعلينا معهم في التابعين، أما بعد:
الملاحظة جديرة بالاهتمام والتنبيه، ولكن الحقيقة الملحة أن ليس كل ما يكتب في هذه الرسائل مناسبا لأن يقرأه كل أحد، فلكل منزلته وفهمه، ونحن مأمورون بإنزال الناس منازلهم، وخطابهم على قدر عقولهم، ومن عايش البحث الأكاديمي يدرك كتابته لأغراض ووفق مناهج، والمختصون في جانب المنهجيات لا يقرون نشر الرسائل العلمية على النحو الذي نوقشت عليه، بل لا بد من مراجعتها وتهذيبها على نحو يقربها للجمهور العام من القراء،
لكن لا بأس من النظر إلى المستوى الذي يكون عليه الطالب وتحديد ما يصلح لمثله الاطلاع عليه.
فالطالب المبتدئ عليه أولا أن يشكل لنفسه أساسا متينا من المعرفة في الفن الذي يقدم على التخصص فيه قبل أن يخوض غماره، وإلا كان كمن يبني على شفا جرف هار، يتهاوى أمام أي عاصفة، أو شبهة، ولهذا فإن الأولى اتباع منهج السلف في مسألة حفظ ما يشد من عضد الباحث من المتون قبل مباشرة البحث، كي لا يضعف ولا يتضعضع يقينه.
وللحق فلربما شكل هذا التوجه حافزا لدى الباحث فعمل على تقوية معارفه وخبراته كي يصل إلى هذه المرتبة، فلقد كان أحد أهم المواقف في حياتي مماثلا، إذ كنت في مكتبة عامة لأحد علماء السنة جزاه الله عني خيرا، وكان ذلك في فترة مراهقتي وحاولت دون أن أنتبه لتركيز الشيخ علي أن آخذ كتاب هدية العارفين، فلمحني الشيخ وقال بحنان شديد لي ليس هذا من مستواك يا بني فاذهب إلى قسم كذا من المكتبة، فعملت بنصيحته، لكنها جعلتني أدخل في تحد مع نفسي فلم تمض عشرون يوما تقريبا حتى أعددت بحثا حول الضبع وحل أكله صيدا في المذاهب الأربعة، غيرت به رؤية الشيخ لمستواي البحثي حينها، وأثبت له أنني أهل لأن أطلع على ذلك الكتاب.
فمثل هذا قد يمثل دافعا للطالب المبتدئ لأن يجد في بحثه فيكون بالمرتبة التي تؤهله لأن يناقش ويطلع على الكتب التي قد يتم صرفه عنها في مرحلة ما من مراحل تحصيله.
وأعود فأكرر أن الأساس المتين بحفظ المتون أو دراستها على المشائخ هو عماد الطلب في المراحل الأولى، ولا يستغني عنه حتى من بلغ المرحلة المتوسطة منه، ومن تجاوزها، فمراجعة المتون سبيل ترسيخ العلم وثبات الأقدام فيه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم​
= قلتَ أخي (عبدالرحمن شاهين) :
{و في نفس الوقت نسمع مشايخنا يقولون : كثرة اقتناء الكتب مشغلة عن التحصيل!! خاصة لمن هم في مراحل الطلب الأولى و المتوسطة ولم تتشكل بعد عندهم أصول العلوم و الحاسة النقدية فيتلقفون هذه الرسائل على محمل الثقة التامة - بالذات إذا كانت مقرظة من لجنة مناقشة من المشايخ المعتبرين - .
و كثير من المشايخ المتصدين للتعليم يلحون على طلبة العلم بالارتكاز على المتون و شروحها حفظا وفهما و مدارسة، ...} .
هذا له وَجهٌ وحُجّةٌ ، وهوَ أن الطّالبَ المبتدئ عليه أن يبدأ بالتقرير ، والبعد عن النَّقد - وهذا يختلف من مسألة لأخرى ، ويختلف في الرسائل الجامعية تَبعًا لموضوعها ، فهناك الرسائل الجامعية النقدية ، وهناك الرسائل الجامعية التي ترتكز على الجمع - .
وله وجهٌ آخر ، وهو أن الطالب المبتدئ كلما كثرت عنايته بكتب (المتقدمين) الصغيرة ثم الكبيرة المتبحرة ، قويت ملكته العلمية ، وكان حاد النظر - وهذا يختلف أيضًا من طالب لآخر - .
وأيضًا ، فالرسائل الجامعية لا تعدو أن تكون تخريجًا وموازنة لما كتبه الأئمة من قبلُ .
فإذا قويت الملكة العلمية كان سهلا على الطالب - بعد قطع الشوط الأساس في الطلب - قراءة ما كتب في الرسائل الجامعية ، وإدراك مواضع الضعف والقوة في الرسالة الجامعية ، ومواضع التناقض والاختلاف - إن وجد - .
وهذا يدعونا إلى النظرِ في تراثِ المتقدّمين الذي يدرسُه الطالب ..


= قولك :
{ ... في المقابل فإن هذه الرسائل تتميز بتركيز للمعلومات و ترتيبها و تبويبها بحيث يسهل هضم المعلومة و استيعابها ، وكذلك احتواؤها على تحرير لبعض المسائل التي تهم طالب العلم بشكل كبير فيتصور المسألة من أطرافها، وهذا قد لا تجده في المتون و شروحها ... } .
نعم لا يجده الطالب المبتدئ في المتون ، فهو أنفع ؛ لأنه في زمن بناء - ما يطلق عليه - الصورة العلمية في ذهنه ، ولذلك ، فهو بين أن يحفظ ويتقن متنه وكتابه ، فسيشوش عليه بأن يبحث في الكتب المطولة - وهي مراجع للرسائل الجامعية - وسيتشعب بين هذا الفن وذاك ، وسيذهب لينقب عن كل مسألة يجدها ؛ لأنه قليلُ العلم ، فسيقطع زمنًا طويلًا وهو لم يحصل إلا الشيء اليسير المشوش .. ، بينما لو أتقن في كل فنٍّ متنًا على شيخ متقن ضابط ؛ لَعَلِم كيف كتب صاحب الرسالة الجامعية رسالته ، وسيدرك المآخذ والمحاسن في الرسالة الجامعية .

= قولك :
{ ... نريد من المشايخ الكرام من خلال تجربتهم و خبرتهم رسم منهج وسط لطالب العلم ( المبتدئ و المتوسط ) يمشي فيه على الجادة في تأصيل نفسه في العلوم الشرعية مع الإفادة من هذه الأطروحات النافعة و ما تحتويه من تحرير و ترتيب للمعلومات ... } .
تكون الاستفادة من الرسائل - بناءً على ما ذكرتُه من قبل - بإشراف شيخ أو معلم قطع شوطًا كبيرًا في العلم .
وما كتبته أمرٌ شهدتُه على بعض الطلبة ..

هذا رأيي ، والله أعلم ، وجزاكَ الله خيرًا ..
 
جزاك الله خيرا أخي أبا بكر، فلقد شفيت في جوانب كثيرة من جوابك، وأضيف على ذلك مشكلة أن الرسائل العلمية تكتب وفق منهجيات ورؤى قد لا تكون مناسبة للاطلاع العام، بل إن كثيرا من الزائغين جسدوا زيغهم في شبهات بثوها في رسائلهم او رسائل طلابهم كما فعل أمين الخولي في رسالة تلميذه محمد أحمد خلف الله التي تقدم بها لنيل درجة الدكتوراه بعنوان الفن القصصي في القرآن، وهذه الرسالة وإن كانت قد ظهرت في حينه صورتها البشعة، فإن كثيرا من مثيلاتها تمرر دون أي إدراك لما في طياتها من شبهات وضلالات.
وزيادة على ذلك فإن طلاب العلم الذين أعدوا تلك الرسائل غالبا ما تغيرت رؤاهم بعدها، فهي كانت تمثل مرحلة من مراحل الطلب بالنسبة لهم، مما يعني أنها لن تكون في ثبات وقوة المتون التي ألفها المختصون بعد أن قطعوا أشواطا طويلة من التأليف والتدريس فاكتسبوا بذلك الخبرة والمعرفة معا، فقلت عندهم جوانب القصور والخلل، على عكس ما عليه الحال بالنسبة لطلاب المراحل العليا من الماجستير والدكتوراه فإن بنيتهم العقلية لم تكتمل عادة ولم تنضح، وكذا فإن طريقة كتابتهم للرسالة ومنهجياتهم في مواجهة لجان الإشراف ولجان المناقشة غير ما إذا أرادوا خطاب الجمهور العام من القراء والله أعلم.
 
وزيادة على ذلك فإن طلاب العلم الذين أعدوا تلك الرسائل غالبا ما تغيرت رؤاهم بعدها، فهي كانت تمثل مرحلة من مراحل الطلب بالنسبة لهم

وجه جيد وتنبيه مهم ، ولم أنتبه له . فجزى الله من شاركَ خيرًا .
 
شكرا على هذا الموضوع ولكن لابد من البحث عن الشيخ المتقن في كل فن لكي تستفيدمن العلم الصحيح والله أعلم
 
إن الرسائل العلمية أشد تبايناً وتفاوتاً من غيرها؛ وذلك لشدة تفاوت الباحثين والمشرفين .
وأنا أرى أن من تمام الفائدة والنصح لطلاب العلم أن يعيد الباحث النظر في بحثه بعد المناقشة وقبل الطباعة،
فالبحث الاكاديمي له خصوصيته التي يُعذر بها الباحث، لكنه لا يُعذر أن يُرسله إلى المطبعة بِعُجَرِهِ وبُجَرِهِ،
ولو طبعَ معه ملخصاً له لكانت الفائدة به أعم .
ثم إن من الواجب على أهل التخصص في كل فنٍّ إظهارُ الرسائل العلمية المميزة في فنهم.
أما المبتدئ من الطلاب فلن تتم له الفائدةُ بِهذه الرسائل حتى يُحكِمَ أصولَ هذا العلم الذي تبحث فيه الرسالة .
 
أشكر أخي عبدالرحمن شاهين - وفقه الله - على إثارة هذا الموضوع للنقاش، حيث إن بعض الطلاب في بداية طلبه للعلم يدفعه حبه للعلم، ورغبته في الإتقان والشمول، ويُبهره ما يسمعه من المشايخ من سعة معرفتهم بالكتب والبحوث والرسائل المطبوعة والمخطوطة، فربما أربك هذا سيره في طلب العلم، وجعله يستعجل المراحل، ويسابق الزمن كي يقارب خطو هذا الشيخ أو ذاك، وهذا قد يسبب التشوه في طلبه للعلم، واستعجاله أموراً كثيرة قبل أوانها، فيصاب بالدوار العلمي، والتشتت الذهني نتيجة هذا الاستعجال .
ولذلك فإنَّ الرسائل العلمية - غالباً - لا تستهدف طلاب العلم المبتدئين، وربما حتى المتوسطين، وإنما تخاطب الباحثين المتخصصين، إلا ما ندر . ولذلك فإنها تكتب بلغة علميَّة عالية يتفاوت الباحثون في القدرة على بلوغها والوفاء بها . وقد تصلح مراجع يراجعها الطالب المتوسط في بعض المسائل المشكلة فحسب، وأما أن تصبح الرسائل العلمية هي المقصد الأساسي في طلب العلم للطالب المبتدئ قبل أن يُحكِمَ أصول العلم وأساسياته فهذا قد يُضِرُّ بالطالب، ويسبب له مرض التعالم أو بعض أعراضه، وهو مرضٌ يصيب بعض الطلاب المبتدئين ويحتاج في التعافي منه إلى عناء .
 
عودة
أعلى