ما الفرق بين مصطلح هبوط ونزول في القرآن الكريم

وليد الغشم

New member
إنضم
25/03/2025
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
صنعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
معظم التفاسير الم يكن جميعها تشير الى أن كلمة هبوط التي تكررت بنحو 4 مرات بالقران الكريم مثل قوله تعالى (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)، سورة الأعراف) تعني النزول من مكان في الأعلى الى الأسفل وبالمعنى الحرفي هذا التفسير صحيح، ولكن هناك من العلماء المجتهدين من يقول ان كلمة هبوط تشير الى النزول من مكان مرتفع الى مكان منخفض ومن هذا القول يفترضون ان ادم لم يخلق بالجنة وانما خلق في مكان قريب من الأرض وانزل الى الأرض، مستشهدين بقصه قوم نبي الله موسى علية السلام عندما طلبوا من نبيهم ان يدعي الله ليخرج لهم مما تنبت الأرض بقوله تعالى (اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ) سورة البقرة)، هذا تفسير ليس له أساس من الصحة.
ولكي نعرف السر من استخدام كلمة هبوط عن كلمة نزول في القرآن الكريم دعونا نستعرض الآيات التي وردت فيها كلمة هبوط وبعض الآيات التي ورد فيها كلمة نزول، علماً بان الموضوع تم تناوله في كتابي ( الكون في كتاب مكنون في خلق السماوات والأرض والكائنات الحية) لمن أراد التوسع بالموضوع وهو منشور بالمجان في موقع مكتبة نور.


الآيات التي ورد فيها كلمة (هبوط)
1- قال تعالى (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)، سورة البقرة)
2- قال تعالى (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)، سورة البقرة).
3- قال تعالى (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)، سورة الأعراف).
4- قال تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)، سورة البقرة)


بعض الآيات التي ورد فيها كلمة (نزول)
1- نزول الملائكة: كثير من الآيات تتحدث عن نزول الملائكة منها قوله تعالى( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)، سورة ال عمران) وقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)، سورة الانعام) وقوله تعالى (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)، سورة الحجر).
2- نزول الكتب السماوية: هناك كثير من الآيات القرآنية التي تشير الى نزول الكتب السماوية منها قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)، سورة يوسف) وقوله تعالى (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99)، سورة البقرة) وقوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ)، سورة المائدة)
3- نزول الماء من السماء: هناك الكثير من الآيات منها قوله تعالى (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ)، سورة يونس) وقوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)، سورة النبأ) وقوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)، سورة لقمان)
4- نزول العذاب: هناك اكثر من ايه ومنها قوله تعالى (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)، سورة البقرة
5- نزول المن والسلوى: لقوله تعالى (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)، سورة البقرة).
6- انزال اللباس لادم عليه السلام وحواء: لقوله تعالى (يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)، سورة الأعراف)
7- انزال الحديد: لقوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)، سورة الحديد)


التحليل
أولا: النزول
مما سبق نجد ان كلمة ( النزول ) استخدمت لوصف النزول من الأعلى الى الأسفل مثل النزول من السماوات الى الأرض التي تقع في السماء الدنيا أي السماء الأولى، او نزول الماء (المطر) من السماء، وكذلك نزول الكتب السماوية والعذاب ونزول المن والسلوك ولباس ادم عليه السلام وأم البشر حواء، إضافة الى انزل الحديد من السماوات الى الأرض ... اذن تعني هذه الكلمة النزول من الأعلى الى الأسفل.

ثانياً: الهبوط
أشار القران الكريم الى ان امنا حواء وابونا ادم عليه السلام اخرجا من الجنة وهو مكان مرتفع عن السماوات السبع، هذا يطرح التساؤل الاتي:-
لماذا استخدم الله مصطلح (اهبطوا) بدلاً من انزلوا؟
نعلم جميعا ان ادم علية السلام كان يسكن الجنة لقوله تعالى (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا) ونقول ان الله سبحانه وتعالى دقيق في استخدام اللفظ فعندما قال الجنة فذلك يعني انها الجنة ولا يعني بها كوكب اخر فيه نعيم وملذات يشبه الجنة كما يذهب اليه بعض المفسرين من العلماء.
ومن ما سبق كان يفترض ان يستخدم الله سبحانه وتعالى مصطلح النزول، ولكنه استخدم مصطلح الهبوط، وبالبحث في الآيات يأتي الجوب من قصة قوم موسى علية السلام عندما انزل الله لهم المن والسلوى وهو من افضل من اطعمة الأرض لقوله تعالى ((وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)، سورة البقرة)، ولكن قوم موسى بطروا بتلك النعمة وطلبوا من النبي موسى عليه السلام ان يدعي الله سبحانه وتعالى بان يخرج لهم من نبات الأرض لقوله تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)، سورة البقرة) أي انهم استبدلوا ما هو افضل بما هو ادنى، وبهذه الحالة استخدم الله سبحانه وتعالى كلمة هبوط وهو الانتقال من الأفضل الى الأدنى، وكذلك حال ادم علية السلام انتقل من المكان الأفضل وهو الجنة الى المكان الأدنى وهو الأرض.
اذن استخدم لفظ الهبوط للتعبير عن الانتقال من ما هو افضل واعلى مرتبه الى ما هو ادنى، وكذلك استخدم الله سبحانه وتعالى هذا اللفظ للإشارة الى ان الهبوط موقت وسيعاد الوضع الى السابق، بعكس ذلك على ما سبق من الآيات نجد ان البشر سيعودن بعد محاسبتهم لقوله تعالى (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)، سورة الأعراف).ولكن هذه المرة لن تكون العودة للجنه فقط وانما للنار لمن كفر، كذلك سيحصلون على المن والسلوى في الجنة، لأنها من اطعمة الجنة المنزلة، أي ان الهبوط موقت يعقبه مغادرة، اما النزول فقد يكون نزول بلا عودة مثل انزال الحديد الى الأرض على سبيل المثال.

الخلاصة

استخدم الله سبحانه كلمة الهبوط بدلا من النزول للدلالة على الانتقال من شيء افضل الى شيء ادنى مكانه. وكذلك لان الهبوط يعادوه رجوع.
تفضلوا بقبول خالص التقدير
وليد احمد الغشم
الحقوق محفوظة
 
عودة
أعلى