ما الفرق بين علم التجويد وعلم الأصوات ؟

حمدي باه

New member
إنضم
26/03/2006
المشاركات
9
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
بسم الله الرحمن الرحيم
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
أعزائي أهل التفسير أهل الله وخاصته : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد طلب مني مشرفي أن أعرف كلا من علم التجويد وعلم الأصوات وأذكر الفرق بينهما وذلك من خلا ل بحثي الذي هو بعنوان : ( الوصف الصوتي بين علمي التجويد والأصوات )
وقد استطعت أن أقدم التعريفا لكل من المصطلحين إلا أني لم أجد كتابا من الكتب التي اطلعت عليها خلال البحث يتطرق إلي التفريق بين المصطلحين مما جعلني ألجأ إليكم أنتم أهل الخير حتى تساعدوني بآرائكم واقتراحاتكم
في الفرق بين هذين العلمين ( علم التجويد وعلم الأصوات ) وجزاكم الله خيرا على مساعدتي وكان عونا لكم
أخوكم حمدي باه
 
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
[align=center]الفرق بين علم الأصوات وعلم التجويد[/align]
إن تدريس هذين العلمين في الجامعات العربية في زماننا يترك انطباعاً بأنهما علمان مختلفان ، فعلم الأصوات اللغوية يُدَرَّسُ في أقسام اللغة العربية في كليات الآداب والتربية ، وكذلك في أقسام اللغات الأجنبية ، بوصفه من علوم اللغة ، بينما يُدَرَّسُ علم التجويد في أقسام العلوم الإسلامية ، بوصفة من علوم القرآن ، وهناك شبه جفوة بين القائمين على تدريس هذين العلمين ، في المناهج والوسائل ، بسبب عوامل تاريخية أدت إلى هذه الحالة.

لكن هذه الصورة لا تعبر عن الحقيقة العلمية لهما ، ولا تعكس الأصول المشتركة التي تربطهما ، ولإيضاح العلاقة بين العلمين وبيان مدى اتفاقهما واختلافهما ينبغي التعريف بالعلمين ، وتاريخ كل منهما ، والموضوعات التي يتناولانها ، بقدر ما تسمح به هذه العجالة .

أما علم التجويد : فإنه ظهر علماً مستقلاً في تراثنا العربي الإسلامي في القرن الخامس الهجري ، حين تمكن علماء قراءة القرآن من استخلاص المباحث الصوتية من كتب علماء العربية ووضعها في إطار علم جديد ، أُطْلِقَ عليه هذا الاسم منذ ظهور المؤلفات الأولى فيه ، مثل كتاب ( الرعاية لتجويد القراءة ) لمكي بن أبي طالب القيسي المتوفى سنة 437هـ ، وكتاب ( التحديد في الإتقان والتجويد ) لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني المتوفى سنة 444هـ .

وتتابع التأليف في هذا العلم في الحقب اللاحقة لظهور مؤلفاته الأولى ، ولم ينقطع التأليف فيه حتى وقتنا الحاضر ، وقد تنوعت مناهج التأليف فيه وأساليبه بين النظم والنثر ، والإيجاز والتفصيل ، والابتكار والتقليد ، وكانت السمة الغالبة على تلك المؤلفات المحافظة على صورته الأولى ، مع إضافات متميزة لبعض علماء التجويد في بعض العصور ، لكن ذلك لم يغير من صورته التي استقر عليها .

أما علم الأصوات : فيُعَدُّ من العلوم اللغوية الحديثة في العربية ، وظهرت بوادر التأليف فيه في العربية على يد المستشرقين في النصف الأول من القرن العشرين ، لكن أول مؤلف كُتِبَ فيه بالعربية في العصر الحديث هو كتاب " الأصوات اللغوية " للدكتور إبراهيم أنيس ، الذي صدرت طبعته الأولى في القاهرة سنة (1947) ، وتوالت المؤلفات فيه وتكاثرت بعد ذلك ، وغلب على تلك المؤلفات الاعتماد على الدراسات الصوتية الغربية ، وترجمة نتائج تلك الدراسات إلى العربية ، مع الإشارة إلى جهود علماء العربية مثل الخليل وسيبويه وابن جني في ميدان دراسة الأصوات ، لكن جهود علماء التجويد على ضخامتها لم تحظ بالعناية منهم ، بل إنها تكاد تكون مجهولة في الكتابات الصوتية العربية الحديثة والمعاصرة .

وتقدمت دراسة الأصوات اللغوية في العقود الأخيرة لدى الغربيين ، واستفادت كثيراً من مختبرات الصوت والأجهزة الحديثة التي تستعمل في دراسة الصوت وتحليله ، وتنوعت مناهج تلك الدراسة ووسائلها وموضوعاتها ، وتمخض عن ذلك ثلاثة فروع لعلم الأصوات ، هي :

(1) علم الأصوات النطقي ، ويعنى بعملية إنتاج الصوت اللغوي .

(2) علم الصوت الفيزياوي ، ويعني بطبيعة الصوت الإنساني ، وكيفية انتقاله من مصدر التصويت إلى أذن السامع .

(3) علم الأصوات السمعي ، ويعنى بكيفية إدراك الإنسان للصوت اللغوي.

وانعكست آثار ذلك التقدم في دراسة الأصوات اللغوية على كتابات الأصواتيين العرب ، وظهر عدد من المؤلفات التي تستند إلى ما تحقق من تقدم في مجال دراسة الأصوات ، لكن دراسة علم التجويد ومؤلفاته في العصر الحديث ظلت في معزل عن ذلك كله ، ومن هنا صار يُنظر إلى العلمين كأنهما مختلفان موضوعاً ومنهجاً ، لكنهما في الحقيقة من وادٍ واحد ، ويؤولان إلى أصل واحد ، ولعل في النظر في تاريخ العلمين وطبيعة كل منهما والموضوعات التي يتناولانها ما يؤكد ذلك ، وهذه نظرة سريعة في تلك الجوانب :

(1) النشأة : إن "علم التجويد" أقدم نشأة من (علم الأصوات) بما يقرب من عشرة قرون ، فالمؤلفات الجامعة في علم التجويد ظهرت في منتصف القرن الخامس الهجري ، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار سبق الغربيين إلى تأسيس علم الأصوات الحديث منذ القرن السابع عشر أو القرن الثامن عشر ، فإن علم التجويد يظل أقدم نشأة منه بستة قرون أو سبعة قرون .

(2) التسمية : إن مصطلح " علم التجويد " استعمل للدلالة على المباحث الصوتية المتعلقة بقراءة القرآن الكريم ، وكانت تلك المباحث مختلطة بالمباحث النحوية والصرفية لدى علماء اللغة العربية ، ولم يفردوها بمصطلح خاص أو علم مستقل ، وقد حاول ابن جني ذلك في كتابه ( سر صناعة الإعراب ) حين عبَّر عن موضوع الكتاب بـ ( علم الأصوات والحروف ) ، لكن من جاء بعده من علماء العربية لم يوفقوا في استثمار تلك اللمحة من ابن جني والبناء عليها ، حتى تمكن علماء قراءة القرآن بعده من استخلاص المباحث الصوتية من كتب علماء العربية ، وأفردوها في كتب خاصة ، واختاروا لها تسمية جديدة ، كانت في أول الأمر تتكون من عنصرين : الأول المخارج والصفات ، والثاني التجويد والإتقان ، فسمَّى مكي بن أبي طالب كتابه " الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة بعلم مراتب الحروف ومخارجها وصفاتها وألقابها " ، لكن معاصره أبا عمرو الداني سمى كتابه " التحديد في الإتقان والتجويد " ، ثم غلبت كلمة التجويد في عناوين الكتب التي ألفها العلماء في العلم من بعدهما .

أما مصطلح " علم الأصوات اللغوية " فإنه مصطلح جديد ، استعمله المتخصصون بعلم اللغة العربية في العصر الحديث ، وجاء ترجمة للمصطلح الغربي الدال على هذا العلم ، ودرسوا تحته مباحث صوتية قديمة سبق إلى دراستها علماء العربية والتجويد ، ومباحث صوتية جديدة نقلوها من الدرس الصوتي الغربي ، على نحو ما يتبين في الفقرة الآتية .

(3) الموضوعات : تتلخص موضوعات علم التجويد في ثلاثة أمور ، هي :

أ: معرفة مخارج الحروف .

ب: معرفة صفات الحروف .

ج: معرفة الأحكام الناشئة عن التركيب ، مثل الإدغام والإخفاء ، والترقيق و التفخيم ، والمد والقصر ، وغيرها من الموضوعات الصوتية المتعلقة بقراءة القرآن الكريم .

وتعد هذه الموضوعات من أهم موضوعات علم الأصوات اللغوية المعاصر ، لكن هذا العلم يدرس اليوم إلى جانب ذلك موضوعات أخرى بعضها يتعلق بعلم الأصوات النطقي ، مثل آلية إنتاج الصوت اللغوي ، والمقطع الصوتي ، والنبر والتنغيم ، وبعضها يتعلق بعلم الصوت الفيزياوي وعلم الصوت السمعي ، وبعض هذه الموضوعات الصوتية الحديثة مما يحتاج إليه دارس علم التجويد ، لو أتيح له الاطلاع عليها .

(4) المصطلحات : يستخدم علم أصوات العربية المعاصر معظم المصطلحات الصوتية التي استخدمها علماء العربية والتجويد ،وقد فضَّل بعض الدارسين مصطلحات عربية جديدة جاءت ترجمة للمصطلحات الصوتية الغربية ، ففي الوقت الذي استخدم فيه معظم المحدثين مصطلح المجهور والمهموس ، فإن بعضهم آثر مصطلح الانفجاري والاحتكاكي بدلاً من الشديد والرخو ، ولا يزال موضوع المصطلح الصوتي عند المحدثين من الموضوعات التي يكثر فيها الاختلاف والاضطراب ، لاسيما في التعبير عن المفاهيم الصوتية الحديثة ، وبعض ذلك راجع إلى عدم اطلاع الأصواتيين العرب المحدثين على كثير من التراث الصوتي عند علماء التجويد .

(5) وسائل الدراسة : اعتمد علماء العربية الأوائل وعلماء التجويد على الملاحظة الذاتية والتجربة الشخصية في دراسة الأصوات ، ولا تزال هذه الوسيلة من الوسائل المهمة في الدرس الصوتي الحديث ، لكن التقدم العلمي قد وضع في أيدي علماء الصوت وسائل جديدة تعتمد على الأجهزة الحديثة ، وتمكنوا من خلالها من إحراز تقدم هائل في فهم الصوت اللغوي والكشف عن أسراره ، ولا يستغني المشتغلون بعلم التجويد وتعليم قراءة القرآن من الاستفادة من هذه الوسائل الحديثة ، إذا ما توفرت المستلزمات الضرورية لذلك .

ويبدو من خلال هذا العرض الموجز أن أصل العلمين واحد ، وأن الموضوعات التي يدرسانها واحدة ، سوى أن علم التجويد يركز على المباحث الصوتية التطبيقية المتعلقة بقراءة القرآن ، وأن علم الأصوات يعنى بكل المباحث المتصلة بأصوات اللغة ، وأحسب أن ما يبدو من اختلاف بين العلمين في بعض الموضوعات والمصطلحات والوسائل إنما هو خلاف شكلي سوف يتلاشى في المستقبل القريب ، إن شاء الله تعالى ، بسبب زوال الموانع بين المشتغلين في ميدان التجويد والمشتغلين بعلم الصوت الحديث ، وحرص الكثير منهم على خدمة القرآن الكريم بأحدث ما وصل إليه العلم ، مع عدم التفريط بثوابت القراءة القرآنية ، هذا والله تعالى أعلم.
 
الحمد لله رب العالمين .
شكر الله للأستاذ الدكتور غانم الحمد هذا الجواب العلمي المفصَّل ، فهو أجدر من يجيب على هذا السؤال ، فجزاه الله خيراً على تفضله بذلك ، ومثل هذه الأجوبة الموفقة من الدكتور غانم مثال يحتذى في الأجوبة العلمية المفصلة في هذا الملتقى ، فليتنا نقتدي به في هذا الجواب ، حتى يكون للجواب قيمته العلمية ، وقبوله لدى السائل والمحاور .
وأرجو من الأخ السائل حمدي باه أن ينسب هذا الجواب المفصل للأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد ، وينسبه لملتقى أهل التفسير أيضاً ، فهو مرجع علمي معتمد ولله الحمد .
 
الحمد لله الذي جمعني بأهل الخير والمشورة- (وأمرهم شورى بينهم) _ أسأله أن يجمعني بهم في فصيح جناته مع زمرة المصطفى صلى الله عليه وسلم
أعزائي أعضاء منتدى ملتقى أهل التفسير أهل الله وخاصته
السلام عليكم ورحمة الله
وبعد/
أتقدم بشكري وامتناني للأستاذ الجليل الشيخ غانم القدوري الحمد على اهتمامه باستفساري أشكره شكرا جزيلا فجزاه الله خيرا أطال الله في عمره ونفعنا بما عنده من علوم ومعارف جليلة قيمة في مجال كتاب الله .
كما أشكر المشرف العام عبد الرحمن وأعده أنى سأحيل هذه المعلومات إلى الشيخ وعن طريق ملتقى أهل التفسير كما أني سأقوم بنشر الموقع بين طلاب الجامعة الإسلامية بالنيجر ليستفيدوا من المنتدى كما استفدت أنا كما أشعر سماحتكم – عبد الرحمن أني قد ذكرت المنتدى في مراجعي كثيرا مثلا عندما كتبت عن نشأة علم التجويد فقد أخذت كثيرا من كلام الشيخ الفرغلى حين تحدث عن نشأة علم التجويد وحال مصنفاته القديمة وهو _ الفرغلى – بدره نقل _كما يذكر _ عن الشيخ غانم لكني أحلت المقالة المنقولة إلى الفرغلى لأني ماكنت عضوا في الملتنقى ولم أطلع على نص ماكتبه الشيخ غانم
وبعد الشكر والتقدير أعدكم أني إنشاء الله سأقوم بشر هذه المعلومات في جميع أقسام المنتدى حتى تعم الفائدة كما سأنشر بحثي بعد طباعته في هذا الملتقى لأنني نقلت كثيرا من مقالات أصحاب الفضيلة في هذا المنتدى
وأخيرا أشكر الجميع على مساعدتي وأسأل الله أن يجمعنا جميعا في فصيح جناته كما جمعنا هنا في هذا الملتقى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الطالب حمدي باه
الجامعة الإسلامية بالنيجر
السنة الرابعة: قسم اللغة العربي
 
الأخ الكريم حمدي باه وفقه الله ورعاه
شكراً جزيلاً لأدبك الجم ، وحرصك على توثيق العلم ، ونسبته لأهله ، وهذا إن شاء الله مما يبارك الله به لك في علمك . كما أشكرك على نشر الملتقى بين زملائك لينتفعوا بما فيه من العلم الذي نرجو أن يكون نافعاً لهم .

ملحوظة لغوية :
فصيح جناته -الصواب أن تكتب بالسين هكذا : فسيح جناته .
 
عودة
أعلى