كتاب درء تعارض العقل والنقل أو كتاب منهاج السنة النبوية نحن نعلم أن مثل هذا الكتب لايفهمها كثيرون ممن يحملون شهادة الدكتوراة الان
فماهي الفئة التي كان يستهدفها ابن تيمية لتفهم عنه هذا الفكر العميق الراقي؟
أخي الكريم، لقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لم يؤلف ابتداء أبدا ً، إنما كانت مؤلفاته ردا ً على جواب، أو نقضا ً لكتاب، أو إجابة لطب ... هذا في عموم كتبه.
أما كتابه منهاج السنة النبوية، فلو انعمت النظر في مقدمة الكتاب لوجدت الجواب، وهو أن أناس أتوه بكتاب الرافضي ابن المنجس ( منهاج الندامة ) وطلبوا من ابن تيمية أن يرد على هذا الكتاب، الذي عمت به البلوى وافتتن به أناس كثيرون، فكان كتابه هذا موجها ً لمن خاض في هذه المسائل .
أما درء التعارض فمن قرأ الكتاب أو تصفح مباحثه وجده ردا ً على الرازي في الظن الغالب، ويقوى هذا الظن كثيرا ً عندما يجد أن شيخ الإسلام أراد أن يهدم ما أسسه الرازي في أساس تقديسه ومسائله الأربعين والخمسين ومباحثه المشرقية ومطالبه العالية ... فهذا في الأصالة، ويدخل في ذلك العموم عموم المتكلمين، ابتداء من الجهمية الكبرى ( اتباع جهم ) وانتهاء بالجهمية الصغرى ( الأشاعرة ) .
وقد جعل النقاش في كتابه كأنه هرم أو قياس منطقي
مثال:
الظن لا يفيد اليقين
النصوص ظنية
النتيجة : النصوص لا تفيد اليقين
ثم بعد ذلك
العقل دلنا على النقل
فالعقل أصل النقل
النتيجة : يجب تقديم العقل على النقل.
ومن هذين القياسين انطلق شيخ الإسلام لهدم قاعدة المتكلمين، أو بشكل أدق ( قانون الرازي في التأويل ) وتفصيله في كتاب عبدالقادر صوفي ( الأدلة التي بنى عليها المتبدعة مذهبهم في الصفات ) المجلد الثاني.
أما الفئة التي وجه ابن تيمية لهم كتابه فهم من يخوضون في تلك المسائل .
أما قولك يا أخي الفاضل: ( نحن نعلم أن مثل هذه الكتب لا يفهمها كثيرون ممن يحملون شهادة الدكتوراه الآن )
فليتك أعرضت عنها، وذلك من لسببين:
الأول: أن هذا الكلام يحتاج إلى دليل، ولا دليل إلا بالاستقراء التام، أو الناقص، ولا أظن أن أحدا ً يزعم أنه قام بذلك أبدا ً، فالواجب أن نمثل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) لاسيما وأننا نقرأ رسائل الإخوة الزملاء في الدكتوراه، ونرى النقولات من هذين الكتابين، ونقرأ في هذه الرسائل تحليل كلام شيخ الإسلام في بعض المواطن من منهاج السنة أو درء التعارض، فكيف يصح هذا من أناس لا يفهم أكثرهم هذين الكتابين!!
السبب الثاني: أن مثل هذه العبارات التي فيها نوع استعجال قد فرح بها بعض الأوباش العاجزين، وبعض المرتزقة العابثين، الذين يعبثون في العلم ويخوضون فيه وهم ليسوا بأهل اختصاص، وليس لهم ذارع ولا كراع في هذه المسائل، فإذا أشفق المتخصصون عليهم وراموا أن يردوا عليهم جنايتهم ويذكرونهم بأنهم ليسوا بأهل لذلك، قاموا هؤلاء الأوباش وقفزوا قفز المشاغبين، مرددين عبارات الطعن في الأكاديميين، ومنددين بالدرجات العلمية، حتى جعلوا المعيار في العلم، هو ( أن لا تحمل شهادة دكتوراه )
ويجعلون أنفسهم في مصاف الشنقيطي وابن باز والألباني وأحمد شاكر وغيرهم ممن لم تتشرف بهم درجة الدكتوره.
بل إن واحدا ً من هؤلاء المكثرين من التحقيق المسرفين في الطعن في الدكاترة ( وأعرفه شخصيا ً ) يعيش على أكتاف من يطعن فيهم ويقتات من رسائلهم، بل إنه لا يحقق كتابا ً حتى يضح أمامه الكتاب محققا ً في رسائل علمية، ويجعله النسخة ( أ ) وباقي النسخ الخطية هي ( ب ) ( ج ) ( ي ) ، بل لا يتكلم في موضوع ولا يقدم بمقدمة إلا بعد النظر في الرسائل العلمية المتعلقة بموضوعه، ومع ذلك فما أكثر سخريته بمن يحملون شهادة الدكتوراه، فلا حول ولا قوة إلا بالله .