ما السر في قراءة أبي عمرو ؟

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,144
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
ممَّا اشتهر نقله عن الإمام أبي محمد ابن حزم رحمه الله قوله:
( يقال: من تختَّم بالعقيق, وقرأ لأبي عمرو, وحفظ قصيدة ابن زريق = فقد استكمل الظرف ) ثمرات الأوراق, لابن حجة الحموي (ص:474).
فتسائلت ما وجه الكلام؟ وما سر الاختصاص لقراءة أبي عمرو رحمه الله؟
 
- أما العقيق فهذا منه:

FLP%20dbc.JPG



- وأما قصيدة ابن زريق فلو قال ابن حزم جازماً: من حفظ قصيدة ابن زريق فقد استكمل الظرف. لصدق؛ فإنها من أجمل الشعر وأبهاه, وأعذبه وأشجاه, ولعل المشرف الأديب أبا عبد الله يمتعنا بلماسته الأدبية الرائقة لهذه القصيدة:

[poem=font="Arabic Transparent,5,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/33.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لا تعذليه فإن العذلَ يولِعُهُ=قد قُلتِ حقاً ولكن ليس يسمعُهُ
جاوزت في لومه حداًَ يضر به=من حيث قدرت أن اللوم ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً=من عنفه فهو مضني القلب موجعه
قد كان مضطلعاً بالبين يحمله=فضلعت بخطوب البين أضلعه
يكفيه من روعة التفنيد أن له=من النوى كل يوم ما يروعه
ما آب من سفر إلا وأزعجه=رأىٌ إلى سفر بالعزم يجمعه
كأنما هو من حل ومرتحل=موكل بفضاء الأرض يذرعه
إذا الزمان أراه في الرحيل غنى=ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه
تأبى المطامع إلا أن تجشمه=للرزق كداً وكم ممن يودعه
وما مجاهدة الإنسان واصلة=رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه
والله قسم بين الخلق رزقهم=لم يخلق الله مخلوقا يضيعه
لكنهم ملئوا حرصاً فلست ترى=مسترزقاً وسوى الفاقات تقنعه
والدهر يعطي الفتى ما ليس يطلبه=يوماً ويطعمه من حيث يمنعه[/poem]

وأجمل ما فيها مما لا يكاد يُلحق فيه:

[poem=font="Arabic Transparent,5,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/33.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أستودع الله في بغداد لي قمراً=بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودعته وبودي لو يودعني=صفو الحياة وأني لا أودعه
وكم تشفع بي أن لا أفارقه=وللضرورات حال لا تشفعه
وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى=وأدمعي مستهلات وأدمعه
لا أكذب الله ثوب العذر منخرق=عني بفرقته لكن أرقعه
إني أوسع عذري في جنايته=بالبين عني وقلبي لا يوسعه[/poem]

ثم يقول:

[poem=font="Arabic Transparent,5,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/33.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أعطيت ملكا فلم أحسن سياسته=وكل من لا يسوس الملك يخلعه
ومن غدا لابسا ثوب النعيم بلا=شكر عليه فعنه الله ينزعه
اعتضت من وجه خلي بعد فرقته=كأسا تجرع منها ما أجرعه
كم قائل لي ذقت البين قلت له=الذنب والله ذنبي لست أرقعه
إني لأقطع أيامي وأنفذها=بحسرة منه في قلبي تقطعه
بمن إذا هجع النوام أبت له=بلوعة منه ليلى لست أهجعه
لا يطمئن بجنبي مضجع وكذا=لا يطمئن له مذ بنت مضجعه
ما كنت أحسب ريب الدهر يفجعني= به ولا أن بي الأيام تفجعه
حتى جرى البين فيما بيننا بيد=عسراء تمنعني حظي وتمنعه
بالله يا منزل القصر الذي درست=آثاره وعفت مذ بنت أربعه
هل الزمان معيد فيك لذتنا=أم الليالي التي أمضت ترجعه
في ذمة الله من أصبحت منزله=وجاد غيث على مغناك يمرعه
من عنده لي عهد لا يضيعه=كما له عهد صدق لا أضيعه
ومن يصدع قلبي ذكره وإذا=جرى على قلبه ذكرى يصدعه
لأصبرن لدهر لا يمتعني=به كما أنه بي لا يمتعه
علماً بأن اصطباري معقب فرجاً=فأضيق الأمر إن فكرت أوسعه
عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا=جسمي تجمعني يوما وتجمعه
وإن ينل أحد منا منيته=فما الذي في قضاء الله يصنعه[/poem]
 
لعله لما ورد في ترجمته :

فهو زبان بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحسين ابن الحارث بن جلهمة بن حجر بن خزاعي بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم ابن مر بن أد بن طباخة بن الياس بن مضر بن معد بن عدنان الإمام السيد بن عمرو التميم المازني البصري أحد القراء السبعة، قال الحافظ أبو العلاء الهمذاني هذا الصحيح الذي عليه الحذاق من النساب

وتوجه مع أبيه لما هرب من الحجاج فقرأ بمكة والمدينة وقرأ أيضاً بالكوفة والبصرة على جماعة كثيرة فليس في القراء السبعة أكثر شيوخاً منه سمع أنس بن مالك وغيره

...وروى عنه الحروف محمد بن الحسن ابن أبي سارة و"ك" سيبويه،

وكان أعلم الناسب بالقرآن والعربية مع الصدق والثقة والزهد

قال الأصمعي قال لي أبو عمرو لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري في صدرك لفعلت لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها ولولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قرىء لقرأت كذا وكذا كذا وكذا وذكر حروفا،

وقال أبو عبيدة كانت دفاتر أبي عمرو ملء بيت إلى السقف ثم تنسك فاحرقها وتفرد للعبادة وجعل على نفسه أن يختم في كل ثلاث

وقال أيضا حدثنا أبو عمر قال أخافنا الحجاج فهرب أبي نحو اليمن وهربت معه فبينا نحن نسير إذا إعرابي ينشد على بعير له.
لا تضيقن بالأمور فقد تـف رج غماؤها بغير احتـيال

رب ما تكره النفوس من الأم ر لها فرجة كفرج العقـال
فقال أبي ما الخبر فقال مات الحجاج فكنت بقوله فرجة أسر مني بقوله مات الحجاج والفرج من الهم وبالضم من الحائط،

وقال الأصمعي سمعت أبا عمرو يقول ما رأيت أحداً قبلي أعلم مني وقال الأصمعي أنا لم أر بعد أبي عمرو أعلم منه وكان إذا دخل شهر رمضان لم يتم فيه بيت شعر وسمعته يقول أشهد أن الله يضل ويهدي ولله مع هذه الحجة على عبادة،

وبسنده عن عبد الوارث قال حججت سنة من السنين مع أبي عمرو بن العلاء وكان رفيقي فمررنا ببعض المنازل فقال قم بنا فمشيت معه فأقعدني عند ميل وقال لي لا تبرح حتى أجيك وكان منزل قفر لا ماء فيه فاحتبس عليّ ساعة فاغتممت قفمت أقفيه الأثر فإذا هو في مكان لا ماء فيه فإذا عين وهو يتوضأ للصلاة فنظر إليّ فقال يا عبد الوارث أكتم علي ولا تحدث بما رأيت أحداً فقلت نعم يا سيد القراء قال عبد الوارث فو الله ما حدثت به أحداً حتى مات،

وروينا عن الأخفش قال مر الحسن بأبي عمرو وحلقته متوافرة والناس عكوف فقال من هذا فقالوا أبو عمرو فقال لا إله إلا الله كادت العلماء أن تكون أرباباً كل عز لم يؤكد بعلم فإلى ذل يؤول،

وروينا عن سفيان بن عيينة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله قد أختلفت على القراءات فبقراءة من تأمرني أن أقرأ فقال اقرأ بقراءة أبي عمرو بن العلاء،

وعن أبي عبيد القاسم بن سلام قال حدثني شجاع بن أبي نصر وكان صدوقاً قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو فما رد علي إلا حرفين أحدهما وأرنا مناسكنا والآخرة ما ننسخ من أية أو ننساها،

قال ابن مجاهد وحدثونا عن وهب ابن جرير قال قال لي شعبة تمسك بقراءة أبي عمرو فإنها ستصير للناس أسناداً وقال أيضاً حدثني محمد بن عيسى بن حيان حدثنا نصر بن علي قال قال لي أبي قال شعبة أنظر ما يقرأ أبو عمر مما يختار لنفسه فإنه سيصير للناس اسناداً قال نصر قلت لأبي كيف تقرأ قال على قراءة أبي عمرو وقلت للأصمعي كيف تقرأ قال على قراءة أبي عمرو، قلت وقد صح ما قاله شعبة رحمه الله فالقراءة التي عليها الناس اليوم بالشام والحجاز واليمن ومصر هي قراءة أبي عمرو فلا تكاد تجد أحداً يلقن القرآن إلى على حرفه خاصة في الفرش وقد يخطئون في الأصول

ولقد كانت الشام تقرأ بحرف ابن عامر إلى حدود الخمسمائة فتركوا ذلك لأن شخصاً قدم من أهل العراق وكان يلقن الناس بالجامع الأموي على قراءة أبي عمرو فاجتمع عليه خلق واشتهرت هذه القراءة عنه أقام سنين كذا بلغني وإلا فما أعلم السبب في أعراض أهل الشام عن قراءة ابن عامر وأخذهم بقراءة أبي عمرو وأنا أعد ذلك من كرامات شعبة،

قال أبو عمرو الأسدي لما أتى نعي أبي عمر أتيت أولاده فعزيتهم عنه فأني لعندهم إذ أقبل يونس بن حبيب فقال نعزيكم وأنفسنا بمن لا نرى شبها له آخر الزمان والله لو قسم علم أبي عمرو وزهده على مائة إنسان لكانوا كلهم علماء زهاداً والله لو رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم لسره ما هو عليه.

اهـ مختصرا من غاية النهاية لابن الجزري ص 288 ج 1
 
عودة
أعلى