د محمد الجبالي
Well-known member
ما السِّتْرُ في قول الله تعالى:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90]
كُلَّمَا مَرَرْتُ بهذه الآية يَـمُرُّ بخاطري تأويل العلماء لـ [السِّتر] فأَمْضِي في التلاوة غير رَاضٍ عن التأويل، مُسَلِّمًا لهم، مُنْتَهِياً عن رَدِّ كلامهم رغم عدم اقتناعي به، واليوم أَبَتْ نفسي إلا الوقوف عند الآية والنظر والبحث في تأويلها.
الستر في المعاجم: هو الإخفاء، والغطاء، والحجاب.
تأويل علماء التفسير:
لا تكاد تجد علماء التفسير يخرجون عن هذه التآويل:
كان هؤلاء القوم يعيشون في أرض لا يستقر فوقها بناء، فهم لا بيوت لهم، فكانوا يُؤْوُون إلى الكهوف يَسْتَتِرُونَ بها مِنْ حَرِّ الشمس، فإذا غَرَبَتْ الشمس خرجوا لِمَعَاشِهم، وقال بعضهم: كانوا حُفَاةً عُرَاةً لا ثِيَابَ لهم تَسْتُرُهم وتَقِيهم حَرَّ الشمس، ومِنْ غَريبِ تأويلهم قَوْلِ بعضهم: كان هؤلاء القوم يدخلون في الماء يَغُوصُونَ فيه يَسْتَتِرُون به مِنْ حَرِّ الشمس، فإذا غَرَبَت خرجوا لِمَعَاشِهِم.
رأي الباحث:
الرد على تآويل المفسرين:
وبعد:
إنَّ الآية تَقُصُّ عَلَيْنَا بَعْضَ رحلات ذي القرنين عليه السلام وهو يضرب في الأرض ينشر دين الله، فهَاهُوَ قد قَطَعَ الأرضَ حتى بَلَغَ مَشْرِقَها، وهناك وَجَدَ قَوْمًا تُشْرِقُ عليهم الشمسُ ولا يَسْتَطِيعُونَ السِّتَرَ منها، فلا شَيْءَ يَـحْجُبُ الشَّمسَ عنهم، فَهِيَ عِنْدَهم قَائِمَةٌ دَائِمَةٌ مُشْرِقَةٌ لا تَغِيب.
ومِنَ الْمَعْلُوم أنَّ في الأرض مَنَاطِقَ تُشْرِقُ عليها الشمسُ شُهُوراً طَوِيلَةً لا تَغِيبُ طَوالَ فَتْرَةَ الصَّيْفِ، وعادة ما تكون هذه المناطق قريبا من القطب الجليدي، في بلاد النرويج، وفي السويد، وأيسلندا، والسويد وغيرها.
فَلَعَلَّ ذا القرنين عليه السلام قد بَلَغَ بَعْضَ هذه الْمَناطِق، ووصَل إليها في فترة الصيف الطويل الذي لا تغيب فيه الشمس، فإنَّ هذا هو التأويل الأقرب للآية ولِمَعْنَى {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}، وهو التأويل الأقرب للعقل.
في اليوتيوب:
وقد بحثتُ في اليوتيوب لَعَلِّي أَجِدُ مَنْ أَوَّلَ هذه الآية، واِلْتَفَتَ إلى هذه النُّكْتَة، فَوَجَدْتُ الشيخ الشعراوي رحمه الله ذَكَرَهَا ذِكْراً عَابِراً مَعَ تَآوِيلِ العلماء، ثم وَجَدتُ فيديو لإمام مِنَ النرويج حيث خرج يوما بعد صلاة التراويح من المسجد، وصَوَّرَ لنا فيديو نرى فيه قُرْصَا الشمس والقمر كليهما معا، كُلٌّ منهما في ناحية من السماء، ومما قال هذا الإمام: إنَّ الشمس تَظَلُّ مُشْرِقَةً طُوالَ فَتْرَةِ الصيف لا تغيب، ولَعَلَّ هذا تأويل لِرِحْلَةِ ذي القرنين نحو الْمَشْرِق في قول الله تعالى من سورة الكهف: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90].
وهذا رابط فيديو الإمام النرويجي:
https://www.youtube.com/watch?v=oyipSzdLWyo
والله أعلم
د. محمد الجبالي
[1] السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الطبعة : الأولى 1420هـ -2000 م، مؤسسة الرسالة، ص486.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90]
كُلَّمَا مَرَرْتُ بهذه الآية يَـمُرُّ بخاطري تأويل العلماء لـ [السِّتر] فأَمْضِي في التلاوة غير رَاضٍ عن التأويل، مُسَلِّمًا لهم، مُنْتَهِياً عن رَدِّ كلامهم رغم عدم اقتناعي به، واليوم أَبَتْ نفسي إلا الوقوف عند الآية والنظر والبحث في تأويلها.
الستر في المعاجم: هو الإخفاء، والغطاء، والحجاب.
تأويل علماء التفسير:
لا تكاد تجد علماء التفسير يخرجون عن هذه التآويل:
كان هؤلاء القوم يعيشون في أرض لا يستقر فوقها بناء، فهم لا بيوت لهم، فكانوا يُؤْوُون إلى الكهوف يَسْتَتِرُونَ بها مِنْ حَرِّ الشمس، فإذا غَرَبَتْ الشمس خرجوا لِمَعَاشِهم، وقال بعضهم: كانوا حُفَاةً عُرَاةً لا ثِيَابَ لهم تَسْتُرُهم وتَقِيهم حَرَّ الشمس، ومِنْ غَريبِ تأويلهم قَوْلِ بعضهم: كان هؤلاء القوم يدخلون في الماء يَغُوصُونَ فيه يَسْتَتِرُون به مِنْ حَرِّ الشمس، فإذا غَرَبَت خرجوا لِمَعَاشِهِم.
رأي الباحث:
الرد على تآويل المفسرين:
- أما تآويل شيوخنا الأفاضل رحمهم الله فإنَّ قلبي لا يَقْبَلُها، فإنْ كان هؤلاء القوم يُؤْوُونَ إلى الكُهُوف فإنَّ الكُهُوفَ سِتْرٌ لهم مِنَ الشمس، والآية تقول: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}.
- أما إن كانوا حُفَاةً عُرَاةً أَفَلَا يَـجِدُونَ حَوْلَهُم شَجَرا أو جِبَالا أو كُهُوفا يَسْتَظِلُّونَ بها.
- أما قولهم بدخولهم الماء يَسْتَتِرُونَ فيه مِنَ الشمس فهذا ما لا يقبله العقل.
وبعد:
إنَّ الآية تَقُصُّ عَلَيْنَا بَعْضَ رحلات ذي القرنين عليه السلام وهو يضرب في الأرض ينشر دين الله، فهَاهُوَ قد قَطَعَ الأرضَ حتى بَلَغَ مَشْرِقَها، وهناك وَجَدَ قَوْمًا تُشْرِقُ عليهم الشمسُ ولا يَسْتَطِيعُونَ السِّتَرَ منها، فلا شَيْءَ يَـحْجُبُ الشَّمسَ عنهم، فَهِيَ عِنْدَهم قَائِمَةٌ دَائِمَةٌ مُشْرِقَةٌ لا تَغِيب.
ومِنَ الْمَعْلُوم أنَّ في الأرض مَنَاطِقَ تُشْرِقُ عليها الشمسُ شُهُوراً طَوِيلَةً لا تَغِيبُ طَوالَ فَتْرَةَ الصَّيْفِ، وعادة ما تكون هذه المناطق قريبا من القطب الجليدي، في بلاد النرويج، وفي السويد، وأيسلندا، والسويد وغيرها.
فَلَعَلَّ ذا القرنين عليه السلام قد بَلَغَ بَعْضَ هذه الْمَناطِق، ووصَل إليها في فترة الصيف الطويل الذي لا تغيب فيه الشمس، فإنَّ هذا هو التأويل الأقرب للآية ولِمَعْنَى {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}، وهو التأويل الأقرب للعقل.
في اليوتيوب:
وقد بحثتُ في اليوتيوب لَعَلِّي أَجِدُ مَنْ أَوَّلَ هذه الآية، واِلْتَفَتَ إلى هذه النُّكْتَة، فَوَجَدْتُ الشيخ الشعراوي رحمه الله ذَكَرَهَا ذِكْراً عَابِراً مَعَ تَآوِيلِ العلماء، ثم وَجَدتُ فيديو لإمام مِنَ النرويج حيث خرج يوما بعد صلاة التراويح من المسجد، وصَوَّرَ لنا فيديو نرى فيه قُرْصَا الشمس والقمر كليهما معا، كُلٌّ منهما في ناحية من السماء، ومما قال هذا الإمام: إنَّ الشمس تَظَلُّ مُشْرِقَةً طُوالَ فَتْرَةِ الصيف لا تغيب، ولَعَلَّ هذا تأويل لِرِحْلَةِ ذي القرنين نحو الْمَشْرِق في قول الله تعالى من سورة الكهف: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90].
وهذا رابط فيديو الإمام النرويجي:
https://www.youtube.com/watch?v=oyipSzdLWyo
والله أعلم
د. محمد الجبالي
[1] السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الطبعة : الأولى 1420هـ -2000 م، مؤسسة الرسالة، ص486.