ما الحكمة من التعبير بكلمة ( ونزعنا ) في سورة القصص ؟

إنضم
8 يناير 2012
المشاركات
34
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
السعودية
بسم1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عدت لتفسير السعدي لقول الله تعالى ( ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون )

ولم أجد جوابا لتساؤلاتي :

كنت أعلم أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم تشهد على الأمم السابقة ، والرسول عليه الصلاة والسلام يشهد على أمته ..
لكن لم أكن أعلم أن كل أمة ينزع الله منها شهيدا حتى وقفت مليا عند هذه الآية !

فما الحكمة من ذلك ؟ أهو زيادة في تأكيد إقامة الحجة ؟
وهل هذا الشهيد ممن آمن ؟ واذا كان نعم فهناك رسل لم يؤمن بهم أحد ..
وما الحكمة من التعبير بكلمة ( نزعنا ) الدالة على القوة في الإخراج أهو لكونهم يحاولون إنكار إقامة الحجة عليهم في المحشر كما جاء في بعض الآيات ، أم ماذا ؟


وجزاكم الله كل خيرٍ ..
 
الفاضلة أم البراء الفاتح
يقول الله تعالى :
{وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ }[القصص:75]
أغلبية المفسرين تقول : ونزعنا أي وجئنا ، شهيدا : نبيا . وهذا لا يستقيم مع سياق هذه الآية . يقول ابن عاشور (ت:1393ه) : " والنزع : جذب شيء من بين ما هو مختلط به واستعير هنا لإخراج بعض من جماعة كما في قوله تعالى { ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتياً } في سورة مريم ( 69 ) "
فمن خلال السياق يتبين أن الكلام عن الأمم الكافرة ، ينزع الله من كل أمة شهيدا من شهود الكفر ، فيأتيهم السؤال عن برهانهم على كفرهم وادعائاتهم ، فلا يجدون حجة ويعلمون آنذاك أن الحق لله ، وضل عنهم ما كانوا يفترون .
والله أعلم وأحكم
 
بسم الله الرحمن الرحيم.

جزاكم الله خيرا أخي عبد الكريم على اجتهادكم.

أختي في الله أم البراء،

سأحاول أن أقرب المعنى الذي ذكره أغلب المفسرين والذي أراه الأقرب للمراد منها والله أعلم، وإن كنت لا أستبعد أن تحتمل الآيات معان أخرى لم يذكروها.

يقول الله سبحانه:
"وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (75)" [القصص]

يقول الطبري في تفسيره:
"يعني تعالى ذكره: ويوم ينادي ربك يا محمد هؤلاء المشركين فيقول لهم: (أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أيها القوم في الدنيا أنهم شركائي.
وقوله: (وَنزعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا) وأحضرنا من كلّ جماعة شهيدها وهو نبيها الذي يشهد عليها بما أجابته أمته فيما أتاهم به عن الله من الرسالة. وقيل (ونزعنا) من قوله نزع فلان بحجة كذا، بمعنى أحضرها وأخرجها".

تفصيل ذلك:

"وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ"
إذا كان يوم القيامة نادى الله سبحانه كل من أشرك به شيئا يسألهم عن شركائهم الذين زعموا أنهم لله شركاء، فذلك كقوله سبحانه:
"وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)" [الأنعام]

فيجيب المشركون وقاحة وتكذيبا بأنهم لم يشركوا به شيئا، يقول الله سبحانه:
"وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)" [الأنعام]

فيحضر الله سبحانه من كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وهم الرسل التي أرسل الله سبحانه إلى تلك الأمم :
" وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا "
والنزع هنا بمعنى أخذ وجاء بالشيء وأحضره كما ذكر الله سبحانه في آيات أخرى: "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ" و"وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ"، فذلك قول الطبري :"وقيل (ونزعنا) من قوله نزع فلان بحجة كذا، بمعنى أحضرها وأخرجها".
وقد يرادف النزع استعمال للقوة والشدة إذا دل عليه السياق وليس بلازم في معناه كما في قوله سبحانه:"وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" و"وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ".

"فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ"
فبعد أن يشهد الرسل على أن أقوامهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، يوجه الله سبحانه الخطاب إلى المشركين فيأمرهم أن يأتوا بدليل على زعمهم أن لله شركاء.

"فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ".

والله أعلم.
 
عودة
أعلى