ماهكذا يا حفظة كتاب الله؟!

إنضم
07/03/2012
المشاركات
71
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
الإقامة
مكة المكرمة

إن حفظة كتاب الله قومٌ علت مرتبتهم، وشرفت منزلتهم، وسما قدرهم، لعظم ما يحفظونه من كلام العزيز الرحمن في صدورهم.
وهم بذلك لا بد أن يدركوا عظم هذه المنزلة، فيكون لهم معها إجلالٌ خاص لكتاب الله، يتناسب وعلو هذه المرتبة.
وقد نرى بعض الأخطاء في صفوف بعض هؤلاء الحفظة – وهم قلة بإذن الله وهي في غيرهم أكثر – لكن لعظم قدرهم وقدر ما يحملونه في صدورهم كانت هذه الكلمات مني إليهم لعل الله أن ينفعني وإياهم بها.
فمن أبرز هذه الأخطاء:-

أولا: التحاسد والتباغض:

إن وجود مثل هذه المسابقات نعمة عظيمة على الأمة، وهي في ذاتها تربية للناشئة على التسابق والتنافس وعلو الهمة، وقد يُحدث التنافس على المراتب والمناصب التحاسد والتباغض عند عامة الناس، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك عند أهل القرآن فهم أشرف نفوساً، وأعظم قدراً، وأجلُ غاية.
وترك التحاسد والتباغض من عظيم وصايا نبي هذه الأمة – عليه الصلاة والسلام – حيث قال في خطبة الوداع: " لا تحاسدوا ولا تباغضوا".

ثانياً: العُجب:
فالحافظ لكتاب الله إنما حفظه بعون الله وتوفيقه ومنته، فلا يصلح أن يتأتى له الإعجاب بنفسه فيكون حاله كمن قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [سورة القصص،آية:78] ، وهذا العجب داء عظيم، وعلاجه إنما يكون بتحقيق قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة،آية:5]
فالحفظ لكتاب الله نعمة عظيمة تستلزم الشكر والحمد لا العُجب والكبر.

ثالثاً: قسوة القلب:

من أعظم الحرمان أن يقسو القلب فلا يتأثر بمعاني القرآن وآياته.
وقد كان من نهج الصالحين البكاء والخشية عند تلاوة كتاب الله وسماعه، مما قد لا نراه في صفوف الكثير من الحفظة اليوم وقد قال تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [سورة مريم،آية:58]، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [سورة الانفال،آية:2]، {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [سورة الزمر،آية:23]
وغيرها من الآيات الكثير.

رابعاً: التقليد المذموم:
إن من أعظم ما ينبغي أن يحرص عليه حافظ القرآن أن يكون في هديه ما يدل على صلاحه وعظيم ما يحمله في صدره، فلا يكون في هديه كغيره من الناس ممن ابتلي بالتقليد المذموم في اللباس وبعض القصات ونحوها.
بل لا بد أن يظهر من هديه أنه من حفظة كتاب الله، وما يوجد من تساهل من البعض في هذا الجانب يُقال له: أنت ممن يقتدى بك فارع هذا الجانب في هديك، فإن الكثير من العوام خاصة يتجرؤون على ارتكاب ما تفعله اقتداء بك لأنك حافظ للقرآن.
وهذا التقليد والله كما قال ابن القيم: (والله إنها فتنة عمت فأعمت، ورمت القلوب فأصمت، ربى عليها الصغير، وهرم فيها الكبير، واُتخذ لأجلها القرآن مهجوراً).

خامساً: الإصرار على صغائر الذنوب:

قد يستصغر العبد هذا الأمر في نفسه فلا يبالي به، فيصر على الذنوب دون أن يراعي حرمة لذلك فالإصرار على الصغيرة كبيرة، ولا يستشعر عظم آثره على ما يحفظه من كتاب الله، فالعبد يُنسى القرآن بالذنب يُحدثه، قال الضحاك ابن مزاحم: (ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [سورة الشورى،آية:30]، وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب)، وقال وكيع ابن الجراح: (استعينوا على الحفظ بترك المعاصي).
إلى جانب عظيم آثره كما سلفنا في جانب الاقتداء فإن الجاهل يقول: (لو كان هذا ذنباً لما ارتكبه حافظ القرآن) فيسهل عليه فعله.

هذا وأسأل الله أن يغفر لنا جميعاً ويجعلنا أهلاً للقرآن ويجعل القرآن شفيعاً وحجة لنا لا علينا، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
 
إن حفظة كتاب الله قومٌ علت مرتبتهم، وشرفت منزلتهم، وسما قدرهم، لعظم ما يحفظونه من كلام العزيز الرحمن في صدورهم.
وهم بذلك لا بد أن يدركوا عظم هذه المنزلة، فيكون لهم معها إجلالٌ خاص لكتاب الله، يتناسب وعلو هذه المرتبة.
وقد نرى بعض الأخطاء في صفوف بعض هؤلاء الحفظة – وهم قلة بإذن الله وهي في غيرهم أكثر – لكن لعظم قدرهم وقدر ما يحملونه في صدورهم كانت هذه الكلمات مني إليهم لعل الله أن ينفعني وإياهم بها.
..
..
أما الحاسدُ فذاكُ أخبثُ أنواعِ سرائره؛ لأنه يعيش في نكد وحسرة، ومن عجائبِ ما رأيتُ من يافع بلغ الخامسة عشرة ممن يحفظ القرآن وصحيحَ البخاريّ ومسلم وألفية السيوطي وسلم الوصول أنه إذا جلس مع قرينِه من المدرسةِ الأخرى انفردَ به متحدّثًا عن كثرةِ همومه وغمومه، وأن لو ابتلعتهُ الأرضُ ولم يكن يومًا طالبا، وأن لو رُزِق الانتحار بأسهل طريق؛ للوصبِ والنصب.
فإذا جاءني قرينُه قال لي: باللهِ عليك، اجلس مع قريني فقد أكلتُه المصائبُ بالمعائب، فلما جلستُ بينَ يديهِ فاحت همتُه، وتاقت نفسُه ليأكل كل أخضر ويابسٍ متصلٍ بالعلم، فلما عجنتُ الخبز تبيّن لي أنه حاسدٌ لقرينِه فإذا زاوله منفردًا حدثه بما يعتريه؛ ليثبّط همته حسدًا وغيرةً، - إنا لله وإنا إليه راجعون -.

وجزاكم الله خيرا على المقالة النافعة.
 
جزاكِ الله خيراً على هذه النصيحة الطيّبه من شخصكم الكريم

أسأل الله ان يجعلنا من اهل القرآن وخاصّته
اللهم آمين​
 
بارك الله فيك يا دكتورة، فقد وضعت يدك على موضوع في غاية الأهمية.
وإذا كان السلف من الصحابة والتابعين قد عابوا ما وقع فيه بعض قراء زمانهم من الأخلاق التي لا تليق بهم، فماذا يقال في قراء زماننا ؟ فالله المستعان.
وقد سبق أن كتبت بحثا بعنوان ( آداب حملة القرآن الكريم أهميتها وجهود العلماء فيها ) نشر في مجلة جامعة القصيم، وسيصدر لي بإذن الله تعالى كتاب جامع في آداب حملة القرآن، يصلح أن يكون مقرراً دراسياً في المعاهد والكليات القرآنية، لعله يساهم في علاج هذه المشكلة، ولعل الدكتورة ابتسام تتكرم بالاطلاع عليه قبل طباعته لكي تساهم في تقويمه.
 
بارك الله فيكم ووفقكم وأسعد بالاطلاع على كتابكم وإفادتكم ما أمكن والإفادة من كتابكم في تقويم أنفسنا والحفظة،وأسال الله البصيرة والعمل فيما يرضيه وهذا إيميلي [email protected]
 
شكر الله لك طرح مثل هذه المواضيع وبارك فيكم
 
بارك الله فيك دكتوراه على هذه المقالة القيّمة، والله حقيقة ما ذكرته، فهذا ما نراه في واقعنا اليوم للأسف ، نسأل الله أن يصلح أحوالنا ويهدينا سواء السبيل وأن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا،وجلاء همومنا.
 
عودة
أعلى