السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
جل أقوال المفسرين رحمهم الله تدور حول تفسير واحد مفاده :
قل (يا محمد ) لا أسأل لنفسي مالا على دعايتي لكم إنما أجري على الله فهو يثيبني على عملي , وقوله (فهو لكم) أي مالكم الذي تظنون أني أسعى له أجرا لقاء دعوتي إنما هو لكم ولا أريد منه شيئا.
اختار ما قدمه ابن جرير رحمه الله كنموذج لذلك المفهوم فيقول رحمه الله:
القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك المكذبيك، الرادين عليك ما أتيتهم به من عند ربك: ما أسألكم من جُعْلٍ على إنذاريكم عذاب الله، وتخويفكم به بأسه، ونصيحتي لكم في أمري إياكم بالإيمان بالله، والعمل بطاعته، فهو لكم لا حاجة لي به. وإنما معنى الكلام: قل لهم: إني لم أسألكم على ذلك جعلا فتتهموني، وتظنوا أني إنما دعوتكم إلى اتباعي لمال آخذه منكم. (انتهى كلامه رحمه الله)
ولكن الآية قد تحمل -والله أعلم- وجها آخر :
قل (يا محمد ) ما (موصولة بمعنى الذي) أسألكم من عبادة وتوحيد إنما أنتم من ينتفع به ( فهو لكم ) وليس لي انتفع به فالله يجزل ثواب عبادته ويقرر لكم اجرها وانا كذلك يؤتيني أجري على عملي الذي شهد كل دقائق الفعل لا يخفى عليه منه شيء سواء كان من عملي أو من أعمالكم.
وبمعنى آخر : إن كنتم تظنون أن الذي ادعوكم لاتباعه أجر لقاء دعوتي فهذا غير صحيح إنما مردود أجره لكم ومقابل فعله في موازين أعمالكم لا ينالني إلا ما يؤجرني الله عليه من عمل اؤديه وهو سبحانه شهيد على كل شيء .
والله اعلم