مالفرق في المعنى بين (فإنك رجيم) و (وإن عليك لعنتي)؟

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
قال تعالى:(قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ *وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ)
مالفرق في المعنى بين (فإنك رجيم) و (وإن عليك لعنتي)؟
 
بسم1​
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
يقول الحق تبارك و تعالى في سورة الحجر:

قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)

وقال جل شأنه في سورة ص :

قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78)

لا شك بوجود فرق بين قضاء الله تعالى في حق إبليس عليه لعائن الله بقوله تعالت ذاته (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) و بين استحقاقه للعنة الله وطرده من رحمته تعالى بقوله (عَلَيْكَ لَعْنَتِي) والأمر فيه تفصيل :

اختصاص الشيطان بحكم الرجم حتى يوم القيامة :
لقد حكم الله تعالى على الشيطان بعقوبة الرجم منذ أن طرد من ملكوت الله وهي عقوبة ذات أثر مستمر في الدنيا والآخرة ، إذ أن الرجم هو أشد علامات الذلة والصغار جزاءاً مقابلاً في الدنيا لقاء فعلته بأشد صور التكبر والعصيان ، فكان الرجم حكماً سارياً مستمراً في السماء والأرض ، والرجم هو الرمي طرداً وإهانة وتحقيراً ، لذلك ومذ أن طُرِدَ هذا المخلوق الفاسق من رحمة الله وكافة المخلوقات ترجمه وترميه يقول تعالى :

(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ) (5) الملك​
فكان الشيطان مرجوما هو وذريته في السماء ، ومرجوماً هو وذريته في الأرض ، فجعل تعالى من نسك المسلم رمي الجمار في كل حج ، فكان رجماً للشيطان تصديقاً لحكم الله عليه بأنه (رجيم) ، وقد أمر الله بحرمانهم من الاقتراب من مواضع الاستماع في السموات فكان مصير كل من يستمع الرجم بالشهب ، يقول تعالى :

وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) الجن
والرجم كما قلنا من أشد صور الاذلال وقد ورد الرجم في كتاب الله في مواضع عديدة كلها تدل على أنه من أبشع صور العقاب والإذلال فقال تعالى :

قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) هود
فكان الرجم أقرب إلى الإهانة منه إلى العذاب وشاهد ذلك قولهم لشعيب (وما أنت علينا بعزيز) وهكذا كان الرجم وصمة تصيب من يُرجم فتبقى تشعره بالذل فكيف إن كان رجيماً لا يتوقف الرجم عن مطاردته ؟ ، فهذا هو الذل المستمر بعينه وهذا هو حال الشيطان المتكبر وذريته من الفاسقين .


إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) الكهف​
فكان الرجم مما سبق في الأمم لردع من يخالفهم وجعله عبرة للناس فلا يجد من يتبعه خوفاً من الرجم ، ويتفرق الناس من حولهم خوفاً من ملاقاة ذات المصير.

قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) مريم
فكان تهديد آزر لابنه إبراهيم عليه السلام بالرجم ، ومن ثم الهجر والانقطاع إمعاناً في الإذلال والتعذيب النفسي لعله يتوب عن عبادة الله ويعود لعبادة أوثان أبيه لما علمه عن إبراهيم من برٍّ وإحسان وحلم ومحبة لأبيه فاستعمل أسوأ ما يؤلم ابنه من فعل ليدلل على غضبه الشديد لاستمالته إلى الباطل وحرفه عن طريق الحق.


قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) يس

فالرجم هنا إنما كان تهديداً بإيقاع الأذى المهين والرجم المذل للدلالة على أن هؤلاء الرسل إنما هم بشر لا يملكون سلطانا يرفعهم عن القوم ، والتشاؤم لا يكون إلا من مصدر الشر والشؤم ، فأرادوا أن يمعنوا في إذلالهم وإظهار رفضهم لنبوتهم.



وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) الدخان
ويقول جل شأنه عن ذات الموقف : وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27)غافر

فاشتملت الآيتين الكريمتين على مفردات متلازمة معنوياً كما مضى معنا (العلو ،والتكبر، والاستعاذة ، الرجم ) والكبرياء والرجم لا تحق إلا منه تعالى فهو صاحب الكبرياء والعظمة ومن نازعه فيها رجمه فكان ذليلاً كما كان الشيطان وكان فرعون وملاءه.

والرجيم غير المرجوم ، فالأخير مرجوم قد لا يصيبه الرجم إلا مرة واحدة أو لفترة محدودة أما الرجيم فهي صفة اتصف بها لأن الرجم يلاحقه طيلة بقاءه فهو رجيم صيغة مبالغة لاسم مفعول على وزن (فعيل) كقولنا (جريح، مهيل، عجيب)
أما اللعن -نعوذ بالله تعالى منه - فهو الطرد والابعاد من رحمة الله ، فالمرجوم قد ياتي عليه يوم يرحمه الله تعالى مما سلف عليه من ذلة فيكتفي بما أصابه من عذاب وإهانة ، ولكن الملعون لا يستحق رحمة الله البتة فهو محروم في الدنيا والآخرة إلا ما شاء الله فهذا هو الفرق بين اللعن والرجم ، وأسوأ مافي الرجم استمراره طيلة حياة المرجوم في الدنيا ، وأسوأ مافي اللعن هو استحقاقه للحرمان في الآخرة فكان كلا الأمرين يحمل صنوفاً من السوء والعذاب ، والله تعالى أعلم وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم.
 
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
بارك الله في علمك أخي الكريم
لن أزيد فقد فصّلتَ المعنى تفصيلا مفهوما.
 
السلام عليكم
من الآيات التى ورد فيها الجذر رجم " ... وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ... "
وفيه دلالة على أن قائل الكذب يَرْجِم ...أي راجم ، أي إنه فاعل الرجم ... وإن كان كثير الكذب فهو رجيم ، ومن أكثر من اللعين كذبا ؟!!
لذلك " رجيم " ... من اسم الفاعل وليس من المفعول . وإضافة إلى ذلك يُمكن أن يُقال أن من رجم مرة واحدة يموت ولايكون رجيما - بمعنى فعيل من المفعول - لأنه لم يُرجم مرة بعد مرة ليموت رجما كما أن اللعين لم يمت وهو من المنظرين إلي يوم الوقت المعلوم ...
وكذلك لم يكن يُرجم حين خوطب بهذا ولا رُجم قبل لحظة هذا الخطاب ،
ولكي نقول أنها من المفعول فإنها تُقال إن مات مرجوما ومرّ علي رجمه زمن بعيد .. كمقتول وقتيل حيث الفرق بينهما هو الزمن الذى مرّ بعد وقوع القتل لا أنه قُتل أكثر من مرة .
 
عودة
أعلى