ماالغرض من اختلاف صيغة الجمع في: رواسي وراسيات، حافظين وحفظة، خازنين وخزنة...

لطيفة

New member
إنضم
15/07/2007
المشاركات
471
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
يرد القرآن الكريم تارة بجمع التكسير رواسي ، حفظة، خزنة...وتارة بالجمع السالم راسيات، حافظين ، خازنين...
فما الغرض من ذلك ، وما دلالة كلا الجمعين..؟
 
رواسي وراسيات

رواسي وراسيات

حقيقة شدني الموضوع وأردت أن أبحث فوجدت أن الجبال جاءت موصوفة بلفظ "رواسي" في كل المواضع في القرآن ، ولم تأت بلفظ "راسيات" ولا مرة واحدة:
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )(3) الرعد
(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) (19)الحجر
(وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (15) النحل
(وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (31) الأنبياء
(أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (61)النمل
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (10) لقمان
(وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) (10) فصلت
(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (7) ق
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا) (27) المرسلات

ولم تأت لفظة " راسيات" إلا في آية واحدة صفة للقدور :
(يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) سبأ(13).

فهل من توجيه ؟

 
نعم هناك توجيه للمعنى أخي ابا سعد والأخت لطيفة. وهو باختصار أن الجمع على صيغة السالم أقرب الى الفعلية، بينما يكون جمع التكسير أقرب الى الاسمية . ولتبيان ذلك نعرض لمثال بسيط:
اذا أردت أن تصف ثلاثة كتب وضعت على طاولة نقول : " الكتب موضوعات على الطاولة " ولا نقول " الكتب مواضيع على الطاولة "، فكلمة موضوعات تجلب الى ذهن المستمع هيئة الفعل "وضع" . بينما نقول في وصف ما أعددنا لاجتماع ما: "سنتناول مواضيع مختلفة" فهنا صارت كلمة مواضيع اسماً ولم تعطي أي معنى للفعل "وضع".
وهذا يتضح أيضاً في "رواسي" و" وراسيات" حيث صارت "رواسي" اسماً للجبال . بينما جاءت " راسيات" وصفاً للقدور بمعنى " التي ترسو". ولو قلنا " وقدور رواسي" لما جاء الى بال المستمع وصف القدور وهي ترسو على الأثافي،بل لأبتعدت عن معنى الوصف لتصبح أقرب الى الاسم.

ويمكن تعليل ذلك باقتراب صيغة السالم من لفظ الفعل المضارع و اسم الفاعل " كفر، كافر ، يكفرون ، كافرون " فهو مشترك مع اسم الفاعل في نفس الأحرف دون تكسير مع اضافة الواو والنون المشتركة مع صيغة الفعل المضارع والواو التي للجمع. بينما تبتعد صيغ التكسير عن اسم الفاعل " كفر، كافر، يكفرون، كفّار أو كفرة أو كوافر" وليس فيها تقارب من صيغة المضارع للجمع. وبهذا يقترب السالم من معنى الفعل أكثر من التكسير لاقترابه من لفظ الفعل .

كما أن العرب لم تجمع اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المزيد الا على السالم وفي هذا دليل على أن السالم أقرب الى الفعل من التكسير. فكلمة "مسلم" مثلاً لا تجمع الا على السالم، فهي مشتقة من الفعل "أسلم" وهو مزيد من الثلاثي "سلم" . وتجمع على "مسلمون" وليس لها جمع تكسير.

وتعليل هذا أن الفعل لا يزاد عند العرب الا لتبيان زيادة في المعنى، ومن غير المنطقي أن يزاد في معنى الفعل، ثم يشتق منه اسم الفاعل الذي يدل على زيادة في معنى الفعل أيضاً، ثم نتحول بالجمع الى التكسير الذي يبتعد عن معنى الفعل أصلاً ويقترب من الاسمية.!!

أمّا فيما يتعلق بصيغ التكسير واختلاف معانيها بعضها عن بعض، فهذا مبحث طويل. وقد وجدت أفضل ما قرأت من الكتب في هذا المبحث وأكثرها ترتيباً واختصاراً كتاب ( معاني الأبنية للدكتور فاضل السامرائي).

أرجو بذلك أن يكون قد وضح الغرض من اختلاف صيغ الجمع بين السالم والتكسير.

والله أعلم.
 
شكر الله لك أخي "سليم"
وبودي أن أسـأل عن الكلام الجميل الذي ذكرته هل أجده في مرجع ما..؟
أما كتاب معاني الأبنية للسامرائي فقد ذكر كلامًا جميلاً لكن السامرائي استنتجه استنتاجًا من كلام لابن يعيش
فهل من مرجع آخر ذكر ذلك غير السامرائي..وهل أشير إليه في شىء من كتب التراث..؟
 
حقيقة شدني الموضوع وأردت أن أبحث فوجدت أن الجبال جاءت موصوفة بلفظ "رواسي" في كل المواضع في القرآن ، ولم تأت بلفظ "راسيات" ولا مرة واحدة:
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )(3) الرعد
(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) (19)الحجر
(وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (15) النحل
(وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (31) الأنبياء
(أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (61)النمل
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (10) لقمان
(وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) (10) فصلت
(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (7) ق
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا) (27) المرسلات

ولم تأت لفظة " راسيات" إلا في آية واحدة صفة للقدور :
(يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) سبأ(13).

فهل من توجيه ؟

سؤال:
لماذا لم يستخدم الوصف في الجبال مثلا : وجعل فيها راسيات ؟

وسؤال آخر قال تعالى :
(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) (19)الحجر
(وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (15) النحل
(أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (61)النمل
(وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) (10) فصلت
ما هي المعاني الزائدة في الآيات الثلاث الآخيرة ؟

 
السلام عليكم
وضع النحاة قواعد أدلتها واهية ولذلك هى غير مقنعة وغير منطبقة على أمثلتها
أن العرب لم تجمع اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المزيد الا على السالم وفي هذا دليل على أن السالم أقرب الى الفعل من التكسير. فكلمة "مسلم" مثلاً لا تجمع الا على السالم، فهي مشتقة من الفعل "أسلم" وهو مزيد من الثلاثي "سلم" . وتجمع على "مسلمون" وليس لها جمع تكسير.
الجمع على السالم من المنطقى أن يكون أقرب إلى الاسم حيث أصبح كالعلم ؛ ثم هو -لو صح قولك - كان يجب أن يكون من الثلاثى حيث هو الأصل لا من المزيد الذى اختل فيه أصل الفعل بالزيادة

ثم ماموقف المفرد فى الدليل الذى سقته ... هل سالم اقرب للفعل من مسلم ؟

ونعود للموضوع
من قال أن الجبال هى الرواسى ... لم تشر ولاآية واحدة إلى ذلك ؛ إنما هو تفسير قد يصح وقد لايصح !!
وفى قوله تعالى "وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا " تكون الجبال مُرسَاه ؛ والفعل رباعى " أرسى " ؛فالجبال ليست فاعلة الرسى ولكن مفعول بها
وأظن أن القرآن لايقول بالصفة -رواسى - كناية عن الأصل - الجبال -......هذا فى حالة تقديرنا أن النص -والجبال الرواسى ألقاها -فنقول أنه حذف الجبال واكتفى بذكر كناية عنها .

والله أعلم
 
الأخت لطيفة،
كتاب ( بدائع الفوائد) لابن قيم الجوزية .
ودمتم بحفظ الله
 
شكر الله لك أخي سليم.
 
أخوتي الأفاضل،
قال السامرائي في كتابه "معاني الأبنية":
(ذكرنا أن الأصل في الجمع السالم أنه يفيد القلة غير أن هذا القول ليس على اطلاقه وانما يحتاج الى تفصيل، فان هذا الجمع يدل على القلة في الجوامد، وأما في الصفات فان دلالته على القلة ليست مطردة بل نستطيع أن نقول: ان الأصل فيه عدم دلالته على القلة وانما الأصل فيه أن يدل على الحدث، فجمع الصفات جمعاً سالماً يقرِّبها من الفعلية وتكسيرها يبعدها من الفعلية الى الأسمية.
قال ابن يعيش:(اعلم أن تكسير الصفة ضعيف والقياس جمعها بالواو والنون، وانما ضعف تكسيرها لأنها تجري مجرى الفعل وذلك أنك اذا قلت: زيد ضارب،فمعناه: يضرب أو ضرب اذا أردت الماضي، واذا قلت مضروب فمعناه: يُضرب أو ضُرب لأن الصفة في افتقارها الى تقدم الموصوف كالفعل في افتقاره الى الفاعل....
فكان القياس ألا تجمع كما أن الأفعال لا تجمع.
فأما جمع السلامة فانه يجري مجرى علامة الجمع من الفعل اذا قلت : يقومون ويضربون فأشبه قولك: قائمون يقومون، وجرى جمع السلامة في الصفة مجرى جمع الضمير في الفعل لأنه يكون على سلامة الفعل، فكل ما كان أقرب الى الفعل كان من جمع التكسير أبعد وكان الباب أن يجمع جمع السلامة لما ذكرناه أن ضاربون ومضروبون يشبه يَضربون و يُضربون من حيث سلامة الواحد في كل منهما وأن الواو للجمع والتذكير كما كانت في الفعل كذلك. وقد تُكسر الصفة على ضعف لغلبة الأسمية، واذا كثر استعمال الصفة مع الموصوف قويت الوصفية وقلّ دخول التكسير فيها، واذا قل استعمال الصفة مع الموصوف وكثر اقامتها مقامه غلبت الأسمية عليها وقوي التكسير)
وجاء في" شرح الرضي على الشافية" :( اعلم أن الأصل في الصفات أن لا تكسر لمشابهتها الأفعال وعملها فيلحق للجمع بأواخرها ما يلحق بأواخر الفعل وهو الواو والنون فيتبعه الألف والتاء لأنه فرعه....ثم انهم مع هذا كله كسروا بعض الصفات لكونها أسماء كالجوامد وان شابهت الفعل.
وتكسير الصفات المشبهة أكثر من تكسير اسم الفاعل في الثلاثي اذ شَبَهُها بالفعل أقل من شبهه)

وهذا الذي ذكره ابن يعيش وغيره صواب فان جمع الصفات جمعاً سالماً يدل على ارادة الحدث وجمعها جمع تكسير يبعدها عن ارادة الحدث ويقربها الى الاسمية. قال تعالى (والحافظون لحدود الله)- التوبة: 112 وقال:(وانا له لحافظون)-يوسف:12 ، وقال:(والحافظين فروجهم والحافظات)-الأحزاب:35 أي الذين يحفظون فروجهم والذين يحفظون حدود الله ونحوها ولم يقل والحفاظ أو الحفظة فروجهم وذلك لأن التكسير يبعدها عن الحدث.
وقال:(فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين)-الحجر:22، ولم يقل وما انتم له بخزنة. وقال:( وقال لهم خزنتها)-الزمر:71، وقال:(وقال الذين في النار لخزنة جهنم)-غافر:49، فأنت تلاحظ أن (خازنين) تفيد الفعلية بخلاف (خزنة) فانها لا تدل على الفعل وانما تدل على الاسم اذ هو اسم صنف من الملائكة الموكلين بالنار.
وقال:(وانا به كافرون)-الزخرف:30،وقال:( وان كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون)-الروم:8، ولم يقل بلقاء ربهم لكفار أو كفرة لأن في كافرين معنى الحدث فتعلق به الجار والمجرور أكثر من عشر مرات في القرآن لقرب هذا الجمع من الفعلية ولم يتعلق مرة واحدة بالكفار مع ترددهما في اثنين وعشرين موطناً في القرآن الكريم.
ويوضح هذا الأمر استعمال القرآن للرواسي والراسيات جمع (راسية) فقد وردت (الرواسي) تسع مرات في القرآن الكريم كلها بمعنى الجبال كقوله تعالى:(وجعل فيها رواسي)-الرعد:3، وقوله:(وجعلنا فيها رواسي)-المرسلات:27، ولم ترد راسيات الا مرة واحدة وهي قوله تعالى:(وقدور راسيات)-سبأ:13.
فأنت ترى أنه لما أراد الاسمية جمعها جمع تكسير ولما أراد الحدث جمعها جمعاً سالماً.
ومما يوضح هذا الأمر أنك تقول:(انا كاتبون لك هذا الأمر) ولا يحسن أن نقول: (انا كتبة لك هذا ولا كُتَّاب لك هذا الأمر)، وتقول: (نحن حافظون لكم ثروتكم) ولا يحسن أن تقول: نحن حفظة لكم ثروتكم أو حُفّاظ. وتقول:(نحن بائعون غداً دورنا). ولا تقول نحن باعة غداً دورنا. وتقول:(نحن زارعون غداً أرضنا) أي نزرع، ولا تقول نحن زراع غداً أرضنا، وتقول:(نحن قائدون زيداً الى داره) ولا تقول نحن قادة زيداً الى داره.
فاتضح بذلك أن السالم يدل على ارادة الحدث والتكسير يباعده عنه.
ومما يزيد الأمر اتضاحاً أنك تقول:(القادة قائدون جيوشهم) والباعة بائعون أمتعتهم، والقضاة قاضون في هذا الأمر، وهكذا فتستعمل التكسير للاسم والجمع السالم للحدث ولا تقول: القادة قادة جيوشهم ولا الباعة باعة امتعتهم ولا القضاة قضاة في هذا الأمر مفرقاً بين ارادة الاسم وارادة الحدث.
وهذا ما نفعله في لغتنا الدارجة فنفرق بين الجمع السالم وجمع التكسير فنريد بالسالم الدلالة على الحدث وبالتكسير الدلالة على الاسمية فنقول مثلاً ذهبنا الى الحفل ووجدنا اللواعيب لاعبين ومنتهين. فاللواعيبجمع لاعوب أي: اللاعب واللواعيب اسم لهذا الصنف من الناس الممارس للعب. ونريد ب ( لاعبين) الحدث أي لعبوا، ولا يقولون: وجدنا اللاعبين لاعبين ولا وجدنا اللواعيب لواعيب منتهين يفرقون بين التكسير والجمع السالم.
ومثله" ذهبنا الى المحكمة فوجدنا الحكام حاكمين بالقضية ومنصرفين".فأنت تلاحظ أن المقصود بالحكام هذا الصنف المعين من الناس، ومعنى حاكمين حكموا أي ارادة الحدث ولا يقولون: وجدنا الحكام حكاماً بالقضية أو الحاكمين حاكمين.
ومثله: راجعنا الدائرة ووجدنا الكتاب كاتبين الكتاب، فأنت ترى أن المقصود بالكتاب اسم لهذا الصنف المخصوص من الناس و(كاتبين) بمعنى (كتبوا) فيفرقون بين السالم والتكسير.
والأمر أوضح من أن يفاض فيه بعد هذا) انتهى.
 
جزاكم الله خيراً على هذا الحوار العلمي الماتع والفوائد المنتقاة ، وأخص بالشكر الأخوين أبا سعد الغامدي والأخ سليم برهان على تجشمه نقل هذه النقول العلمية الموفقة ، وهذه ثمرات التدبر والتأمل في كلام الله سبحانه وتعالى ، نسأل الله من فضله . وللأستاذ الدكتور فاضل السامرائي وفقه الله الكثير من أمثال هذه التأملات وأحسبه - والله حسيبه - من أهل القرآن الصادقين زاده الله توفيقاً وعلماً .
 
السلام عليكم
ليس الأمر بالوضوح الذى يمنع الافاضة فيه
القاعدة وضعت بناءا على أمثلة غير صحيحة من ناحية التركيب ولا البلاغة
القادة قائدون جيوشهم......والقضاة قاضون في هذا الأمر
إنما نقول القادة يقودون جيوشهم ...وليس هناك نص حكيم بهذا التركيب الذى أوردته لنقيس عليه
ذهبنا الى المحكمة فوجدنا الحكام حاكمين بالقضية ومنصرفين
حاكمين ومنصرفين فى آن!!.. إنما نقول حكموا وهم الآن منصرفين
نحن زارعون غداً أرضنا...... يمكن القول :نحن زراع هذه الأرض
إنما نريد التفريق بين قولنا : نحن زارعو هذه الأرض؛ ؛وقولنا : نحن زراع هذه الأرض
على كل حال
فى قوله تعالى "وان كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون " ذكر الموصوف وهو كثير من الناس وذكر متعلق الكفر وهو لقاء ربهم "؛ وهو كفر قابل للتغير فقد يؤمن الكافر غدا
أما فى آية " أولئك هم الكفرة ..." فأصبح الكفر ملازما لهم من كل الجهات وتمكنوا منه وتمكن منه وأصبح صفة ملازمة لهم ولاتتغير
انظر إلى قول يوسف عليه السلام
" رأيتهم لى ساجدين " وفى آخر السورة " وخروا له سجدا " إذ هم الآن أقروا أنه أولى بالرسالة والنبوة وبحب أبيهم منهم ؛ فسجودهم له دائم لايعتريه رفض لهذه الحقيقة بعد ذلك أبدا ؛ أما فى البداية فقد كان لايستطيع الحكم عليهم أنهم سيدومون على حال السجود والانقياد له .
فإذن يمكن القول أن السالم يدل على القلة .. قلة الحدث من الفاعلين وليس قلة عدد الفاعلين
أو أنه متجدد .. فالمسلم يسلم فى كل عمل عن وعى وقصد
أما التكسير فيدل على تلبس الفاعل بفعله دائما كاختيار مرة واحدة أو هو مجبول عليه ولاعمل له سواه مثل الحفظة والخزنة
وهذه يفسر لماذا كان التكسير والسالم فى قوله تعالى
"كراما كاتبين " هم دائما كراما .. ولكن فى وقت يكونوا كاتبين وفى وقت غير كاتبين
والله أعلم
 
أخي الكريم مصطفى:
قد أثرتَ مواضيع عديدة في مشاركاتك وهي بحاجة الى مناقشة، ولكنني أرجو منك أن تعذرني ان أنا قصّرت في الرد على كل ملاحظاتك، فما هو الا لضيق الوقت. ولعلي أكتفي بالرد على ما يلي، محاولاً الخروج منه الى اجابة سؤال الأخ أبي سعد.

وأظن أن القرآن لايقول بالصفة -رواسى - كناية عن الأصل - الجبال -......هذا فى حالة تقديرنا أن النص -والجبال الرواسى ألقاها -فنقول أنه حذف الجبال واكتفى بذكر كناية عنها .

والله أعلم

بل نزل القرآن الكريم بلغة العرب، وبأساليبها الفصيحة، فحذف حيث كان الحذف بليغاً، وذكر حيث كان الذكر فصيحاً، دونما اطالة تشرد منها الأذهان، ولا ابهامٍ تضيع فيه العقول. وحذف الموصوف حاصلٌ في اللغة وفي القرآن العظيم.

وَمَا مِنَ المَنعُوتِ والنَّعتِ عُقِل************ يَجُوزُ حَذفُهُ، وفِي النَّعتِ يَقِل .

وقد جاءت آياتٌ كثيرة بهذا الحذف، أذكر منها قوله تعالى:(وعندهم قاصرات الطرف)-الصافات:48، أي حور قاصرات، وقوله:(وحملناه على ذات الواح ودسر)-القمر:13، أي سفينة ذات ألواح ودسر، وقوله: (أن اعمل سابغاتٍ)-سبأ:11.أي دروع سابغات.

ولجواز حذف الموصوف شرطان أذكرهما لك على لسان الزركشي صاحب كتاب " البرهان في علوم القرآن"، حيث يقول رحمه الله:
( حذف الموصوف يشترط فيه أمران:
أحدهما: كون الصفة خاصة بالموصوف حتى يحصل العلم بالموصوف.
الثاني: أن يعتمد على مجرد الصفة من حيث هي لتعلق غرض السياق.)

ومن الثاني الآيات التي ذكرتها لك من الصافات، والقمر، وسبأ .

ومن الأول الآيات التي نتدارسها وفيها كلمة " الرواسي" . فأنت تلاحظ أن الموصوف وهو الجبال محذوف في كل الآيات التسع التي ذكرها أخي أبو سعد.

فعلى ما قال الزركشي فان حذف الموصوف وهو كلمة "الجبال" من الآيات التسع يدل على أن كلمة "الرواسي" صارت خاصة بالجبال، فلم يقع الابهام عند حذف الموصوف. فقويت بذلك الأسمية وقوي التكسير فيها. وهذا هو ما قاله ابن يعيش ونقلته في مشاركتي السابقة، قال :( واذا قل استعمال الصفة مع الموصوف) - أي كثر حذف الموصوف- (وكثر اقامتها مقامه غلبت الاسمية عليها وقوي التكسير فيها) - أي استحالت اسماً. فكأننا نقول أن الرواسي هو اسم للجبال أو لصنف منها، والله أعلم.

وحتى يتضح المعنى نتدبر كلمة (الجوارح) في قوله تعالى :( قل أحل لهم الطيبات وما علّمتم من الجوارح مكلِّبين)-المائدة:4.
يقول ابن كثير رحمه الله: ( الجوارح هي " الكلاب والفهود والصقور وأشباهها" كما هو مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة، وممن قال ذلك ابن عباس في قولهم (وما علّمتم من الجوارح) وهن الكلاب المعلمة والبازي وكل طير يعلم للصيد، والجوارح يعني الكلاب الضواري والفهود والصقور وأشباهها) ثم يقول :( وسُميت هذه الحيوانات التي يصطاد بهن جوارح من الجرح وهو الكسب )
والشاهد من قوله رحمه الله أن كلمة جوارح صارت اسماً لصنف معين من الحيوانات. ولم تعد صفة. ولذلك جمعت على التكسير.


أما بالنسبة لسؤال أخي أبي سعد :

سؤال:
لماذا لم يستخدم الوصف في الجبال مثلا : وجعل فيها راسيات ؟

أن الله عز وجل عدد نعمه على الناس في الآيات التسع فكان الأولى أن يذكر الجبال بكل ما فيها من منافع للناس وليس رسوها فقط فلم يأتي الجمع على ( راسيات)، بل جاء على رواسي وهو اسم للجبال بكل ما فيها وليس برسوها فقط.

فان قلت: فلماذا لم يكتفي -سبحانه من قائل- بذكر كلمة "الجبال"، بل ذكرها باسم "الرواسي"؟

قلت والله أعلم: أنه ورد في الآيات التسع ذكر الأرض والجبال كنعمٍ أنعم بها على الناس، وهي من مخلوقاته، وفي كلٍ على حدة من النعم ما لا يخفى على انسان، الا أنه عز وجل امتن علينا أيضاً بالتوافق الذي بينهما والانسجام حين سمى الجبال بالرواسي. فهي الراسية على الأرض والتي تُرسيها (أن تميد بكم) . فبذكر الرواسي بدلاً من الجبال منّ عز وجل علينا بالأرض وبالجبال وبحكمته سبحانه وتعالى كيف أتم كل واحدة منهما بالأخرى. ولو قال " الجبال" بدلاً من "الرواسي" لكان بذلك قد امتن علينا بالأرض وبالجبال كلٌ على حدة، دون الاشارة الى ما بينهما من توافق وحكمة في الخلق . فتبارك الله أحسن الخالقين وأحسن القائلين .والله أعلم .
وأرجو منكم اخوتي ان كنت قد أخطأت أن تردوني .
ودمتم في حفظ الله.
 
التعديل الأخير:
السلام عليكم
بارك الله بك
لقدأحسنت وأفهمت
لكنى مازلت أرى أن تفسير رواسى فى القرآن بأنها الجبال ليس له دليل أو قرينة
فقد وردت كلمة رواسى فى كل مواردها نكرة
وعليه فهى تحتمل أن تكون جبالا أو غيرها
وكذلك كوتها نكرة يجعل قياسها على كلمة -الجوارح - المعرفة بعيد
ولاأدرى إن كان فى القرآن قد وردت صفة نكرة لتدل على موصوف مقدر محذوف بغير قرينة تدل على هذا الموصوف ؛
قاصرات الطرف ..؛ وذات ألواح ودسر .... ورد فى القرآن قرائن تجعل الأولى صفة لنساء الجنة والثانية للسفينة التى ركب فيها نوح عليه السلام
حتى إن قلنا أن رواسى تعود على نوع من الجبال.... أو قلنا أن الجبال جزء من رواسى الأرض ... فإن هذا قطعا لايجعل رواسى مرادفا لكلمة جبال
وعلى هذا فإن فى قوله تعالى "وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا " مايدل على أنها كانت متحركة فى وقت ما من تاريخ التكوين الأرضى والآن هى نفسها مُرساة بفعل قوة ما كما أن اليابسة كلها لها رواسى كى لاتميد ؛
وإن كان هذا لايمنع أن نقول أن الجبال مُرساة وهى فى نفس الوقت جزء من آليات رسو الأرض إلا أنه يمنع أن نجعل كلمة رواسى مرادفا لكلمة جبال ؛ أو صفة لاتنصرف إلا إلى الجبال .

وفى النهاية يظل السؤال - ولو على فرض صحة أن التقدير : جبال رواسى - لماذا هذه قدور راسيات وهذه جبال رواسى ؟
هل نقول أن الأولى ترسى نفسها بنفسها والأخيرة مُرساة بقوة من خارجها أو العكس ....
أو أن القدور ترسو رغم وجود أسباب لعدم الرسو والجبال رسوها ثابت دائما لها ؟
أى مادلالة أن السالم يراعى الفعلية والتكسير يراعى الاسمية خاصة أن كلا منهما جمع لاسم الفاعل ؟

وفقنى الله واياك لتدبر آياته
والسلام عليكم ورحمة الله
 
وفى النهاية يظل السؤال - ولو على فرض صحة أن التقدير : جبال رواسى - لماذا هذه قدور راسيات وهذه جبال رواسى ؟
هل نقول أن الأولى ترسى نفسها بنفسها والأخيرة مُرساة بقوة من خارجها أو العكس ....
أو أن القدور ترسو رغم وجود أسباب لعدم الرسو والجبال رسوها ثابت دائما لها ؟
أى مادلالة أن السالم يراعى الفعلية والتكسير يراعى الاسمية خاصة أن كلا منهما جمع لاسم الفاعل ؟

أخي الكريم مصطفى أشكرك ..
وأوافقك في سؤالك المطروح أعلاه ، وأشاركك الحيرة نفسها ، لا سيما أن الدكتور السامرائي حين ذكر أن جمع المذكر يدل على الحدث وجمع التكسير يدل على الوصف استنتج ذلك من نص لابن يعيش ذكر فيه أن جمع المذكر يشبه الفعل ، ولم ينص ابن يعيش على أنه يشبهه في الدلالة على الحدث ،
فالدكتور السامرائي ـ حفظه الله ـ استنتج ذلك بشكل شخصي..
ومع أنه قامة علمية كبيرة إلا أنه بودي أن نقف على قول لعالم آخر ذهب إلى ما ذهب إليه السامرائي حتى يتواتر القول ويقوى لا سيما إذا كان ذلك العالم من القدماء.
 
أخوتي الأفاضل،
أنقل لكم فيما يلي ما جاء في كتاب بدائع الفوائد لابن القيم والذي نقل فيه عن السهيلي، لعله يعين في تبيان الفرق البياني بين استخدامات جموع التكسير والجمع السالم.
يقول رحمه الله: ( ومما ذكره بهذا الباب - يقصد السهيلي-قوله :(وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود)-الحج:26. بدأ بالطائفين للرتبة والقرب من البيت المأمور بتطهيره من أجل الطوافين، وجمعهم جمع السلامة، لأن جمع السلامة أدل على لفظ الفعل الذي هو علة تعلق بها حكم التطهير، ولو كان مكان الطائفين " الطوّاف" لم يكن في هذا اللفظ من بيان قصد الفعل ما في قوله (للطائفين) ألا ترى أنك تقول: تطوفون كما تقول: طائفون، فاللفظان متشابهان.
فان قيل: فهلا أتى بلفظ الفعل بعينه فيكون أبين، فيقول وطهر بيتي للذين يطوفون؟
قيل: ان الحكم يعلل بالفعل لا بذوات الأشخاص، ولفظ "الذين" ينبئ عن الشخص والذات، ولفظ "الطوّاف" يخفي معنى الفعل ولا يبينه فكان لفظ (الطائفين) أولى بهذا الموطن ثم يليه في الترتيب (القائمين)، لأنه في معنى العاكفين وهو في معنى قوله: (الا ما دمت عليه قائماً)-آل عمران:75 أي مثابراً ملازماً وهو كالطائفين في تعلق حكم التطهر به، ثم يليه بالرتبة لفظ الركع، لأن المستقبلين البيت بالركوع لا يختصون بما قرب منه كالطائفين والعاكفين، ولذلك لم يتعلق حكم التطهير بهذا الفعل الذي هو الركوع وأنه لا يلزم أن يكون في البيت ولا عنده، فلذلك لم يجيء بلفظ جمع السلامة، لأنه لا يحتاج فيه الى بيان لفظ الفعل كما احتيج فيما قبله). انتهى.
ودمتم في حفظ الله
 
أخوتي الأفاضل:
أرجو الاطلاع على الفوائد التالية التي جمعتها من كتاب "بدائع الفوائد" والتي تبين كيف تناول ابن القيم رحمه الله معنى الفعلية في الجمع السالم، وكيف استدل من ذلك على أن الجمع المذكر السالم يستعمل "اذا كان القصد الى تعيين آحاد الجموع وأنت معتمد الاخبار عن كل واحد منهم"، وكيف ربط علماؤنا بين اللفظ والمعنى حتى علل ابن القيم رحمه الله سبب استعمال العرب للواو دلالة على الجمع المذكر السالم.
وقد جمعت الفقرات التالية من عدة أبواب متفرقة وردت في الكتاب القيم، فأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك .

فقد قال رحمه الله: ( أن العرب لم يجمعوا بالواو والنون من الأسماء الّا ما كان فيه معنى الفعل:"المسلمون والصالحون دون رجلون وخيلون".
فان قيل: فالأعلام ليس فيها معنى الفعل وقد جمعوها كذلك؟
قيل: الأسماء الأعلام لا تجمع هذا الجمع الّا وفيها الألف واللام، فلا يقال: جاءني زيدون وعمرون، فدل على أنهم أرادوا معنى الفعل أي الملقبون بهذا الاسم والمعرفون بهذه العلامة، فعاد الأمر كما ذكرنا)

وقال:( ولم يقولوا صنعوا الا لمن يعقل، لم يجعلوا الواو علامة للجمع في الأسماء الا فيما يعقل، اذ كان فيه معنى الفعل)

وعلل ذلك فيما بعد فقال:(وكذلك الواو في جمع المذكر السالم علامة الجمع نظير واو (فعلوا)، ولا تجد الواو علامة للرفع الا في الأسماء المشتقة من الأفعال، أو ما هو في حكمها).

ثم يقول:( ولما كانت الواو ضمير العاقلين خاصة في (فعلوا) خصوها بجمع العقلاء في نحو: هم مسلمون وقائمون)

ثم ينتقل رحمه الله الى استنتاج معنى بياني جديد يقصد باستخدام الجمع السالم بدلاً من التكسير فيقول:
( ولما كان الاخبار عن جمع ما لا يعقل يجري مجرى الجملة والأمة والبلد، لا يقصد به في الغالب الا الأعيان المجتمعة على التخصيص لا كل منها على التعيين، كان الاخبار عنها بالفعل كالاخبار عن الأسماء المؤنثة، اذ الجملة والأمة وما هو في ذلك المعنى أسماء مؤنثة، ولذلك قالوا: الجمال ذهبت والثياب بيعت. اذ لا يتعين في قصد الضمير كل واحد منهما في غالب الكلام والتفاهم بين الأنام. ولما كان الاخبار عن جمع ما يعقل بخلاف ذلك، وكان كل واحد من الجمع يتعتن غالباً في القصد اليه والاشارة، وكان اجتماعهم في الغالب عن ملازمتهم وتدبير وأغراض عقلية، جعلت لهم علامة تختص بهم تنبئ عن الجمع المعنوي كما هي في ذاتها جمع لفظي، وهي الواو، لأنها ضامّة بين الشفتين وجامعة لهما، وكل محسوس يعبر عن معقول فينبغي أن يكون مشاكلاً له، فما خلق الله الأجساد في صفاتها المحسوسة الا مطابقة للأرواح في صفاتها المعقولة، ولا وضع الألفاظ في لسان آدم وذريته الا موازنة للمعاني التي هي أرواحها. وعلى نحو ذلك خصت الواو بالعطف لأنه جمع في معناه وبالقسم، لأن واوه في معنى واو العطف).


وأخيراً أعاد رحمه الله ذكر هذه الفائدة البديعة وكأنه يعلم العُجمة التي أصابتنا فبسط القول حتى تتم الفائدة فقال:
( سر المسألة: أنك اذا جمعت وكان القصد الى تعيين آحاد الجموع، وأنت معتمد الاخبار عن كل واحد منهم سلم لفظ بناء الواحد في الجمع كما سلم في معناه في القصد اليه، فقلت: فعلوا وهم فاعلون وأكثر ما يكون فيمن يعقل، لأن جمع ما لا يعقل من الأجناس يجري مجرى الأسماء المؤنثة المفردة كالثلة والأمة والجملة، فلذلك تقول: الثياب بيعت وذهبت، ولا تقول: بيعوا وذهبوا، لأنك تشير الى الجملة من غير تعيين آحادها. هذا هو الغالب فيما لا يعقل الا ما أجري مجرى العاقل.
وجاءت جموع التكسير معتبراً فيها بناء الواحد جارية في الاعراب مجراه حيث ضعف الاعتماد على كل واحد بعينه، وصار الخبر كأنه عن الجنس الكبير الجاري في لفظه مجرى الواحد، وكذلك جمعوا ما قل عدده من المؤنث جمع السلامة، وان كان ما لا يعقل نحو الثمرات والسمرات الا أنهم لم يجمعوا المذكر منه، وان قل عدده الا جمع تكسير لأنهم في المؤنث لم يزيدوا غير الف فرقاً بينه وبين الواحد، وأما التاء فقد كانت موجودة في الواحد، وفي وصفها، وان كثر جمعوه جمع تكسير كالمذكر. فاذا كانوا في الجمع القليل فيسلمون لفظ الواحد من أجل الاعتماد في اسناد الخبر على افراده) انتهى.


راجياً من الله أن يكون هذا النقل معيناً لنا في تدبر القرآن الكريم والوقوف على بعض أساليبه البليغة.
ودمتم في حفظ الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ما الغرض من اختلاف صيغة الجمع في رواسي وراسيات ، حافظين وحفظة، خازنين وخزنة...؟
للإجابة على هذا السؤال نحتاج إلى قراءة صرفية للكلمات التي وردت في السؤال، والمعنى يدور حول ما يعرف بصيغ " المبالغة"، ومعروف أن المبالغة تعني كثرة تكرار الفعل ، وليس الموضوع حول الأسمية أو غيرها كما ورد في بعض التعليقات.
ففي الآية :يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) سبأ(13؛ فإن قدور هي جمع كلمة "قدر" بكسر القاف، والقدر عند العرب مؤنث وتؤنث ، فنقول قدر "راسية"؛ ويكون الجمع قدور راسيات، والقدور راسيات في حال استخدامها، ولكن يمكن تحريكها ونقلها فحالة الرسو ليست دائمة ثابتة، ولذلك لا نستخدم صيغة المبالغة، و لا نقول قدور رواسي.
وأما الجبال ؛ فإن رسوها دائم وثابت مع دوران الأرض( أي أن فعل الرسو يتكرر بشكل مستمر ويناسبه صيغة المبالغة)؛ ولذلك جاء جمع جبل "راسي" على صيغة كلمة "رواسي" ، وهو على صيغة ما يعرف بمنتهى الجموع ويصاغ من "فاعل" على وزن "فواعل"، فيكون جبل "راسي" وجبال رواسي، ونقول "ثابت" و ثوابت، وجامد وجوامد، وهكذا...، وهذه الصيغة كما تفيد المبالغة في تكرار الفعل تفيد أيضا "المفاعلة والمشاركة" فالجبال تتفاعل وتتشارك مع الأرض في حالة الثبات والرسو.
ولو كان رسو الجبال عابرا ليس فيه مبالغة ولا مفاعلة ومشاركة لقلنا جبال راسيات، وهذا يفسر لماذا جاءت الجبال موصوفة بلفظ "رواسي" في كل المواضع في القرآن ولم تأت بلفظ راسيات و لا مرة واحدة، ولذلك جاء ذكر "رواسي" في وصف الجبال في جميع الآيات التي ذكر فيها الأرض حتى أصبحت كلمة "رواسي" دليلا ثابتا على أن المقصود بها الجبال.
وحافظ، إذا أردنا جمعها؛ يقابلها "حافظون" في حال الرفع و "حافظين" في النصب والخفض، ولكن إذا أردنا المبالغة نقول "حفيظ" على وزن "فعيل"؛فيكون جمع هذه الصيغة حفظة على وزن "فعلة"، وإذا كان مع المبالغة في تكرار الفعل هناك "المفاعلة والمشاركة" في الحفظ مع أمر آخر نقول "حوافظ" على صيغة "فواعل".
و كذلك خازن تجمع خازنون في حال الرفع و " خازنين" في حال النصب والخفض ولكن إذا أردنا المبالغة نقول "خزين" على وزن "فعيل" ويكون جمع هذه الصيغة "خزنة" على وزن "فعلة"، وإذا كان مع المبالغة هناك مفاعلة ومشاركة نقول في صيغة الجمع "خوازن".
والله تعالى أعلم.
إذا الأمر ليس له علاقة بالإسمية أو الحدث والفعلية أو الوصفية كما ورد في بعض التعليقات؛ بل الأمر يدور حول المبالغة وصيغ المبالغة، والمفاعلة والمشاركة وهذا مشروح في كتب علم الصرف.والله تعالى أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ما الغرض من اختلاف صيغة الجمع في رواسي وراسيات ، حافظين وحفظة، خازنين وخزنة...؟
للإجابة على هذا السؤال نحتاج إلى قراءة صرفية للكلمات التي وردت في السؤال، والمعنى يدور حول ما يعرف بصيغ " المبالغة"، ومعروف أن المبالغة تعني كثرة تكرار الفعل ، وليس الموضوع حول الأسمية أو غيرها كما ورد في بعض التعليقات.
ففي الآية :يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُمِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِوَقُدُورٍرَاسِيَاتٍاعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَالشَّكُورُ ) سبأ(13؛ فإن قدور هي جمع كلمة "قدر" بكسر القاف، والقدر عند العرب مؤنث وتؤنث ، فنقول قدر "راسية"؛ ويكون الجمع قدور راسيات، والقدور راسيات في حال استخدامها، ولكن يمكن تحريكها ونقلها فحالة الرسو ليست دائمة ثابتة، ولذلك لا نستخدم صيغة المبالغة، و لا نقول قدور رواسي.
وأما الجبال ؛ فإن رسوها دائم وثابت مع دوران الأرض( أي أن فعل الرسو يتكرر بشكل مستمر ويناسبه صيغة المبالغة)؛ ولذلك جاء جمع جبل "راسي" على صيغة كلمة "رواسي" ، وهو على صيغة ما يعرف بمنتهى الجموع ويصاغ من "فاعل" على وزن "فواعل"، فيكون جبل "راسي" وجبال رواسي، ونقول "ثابت" و ثوابت، وجامد وجوامد، وهكذا...، وهذه الصيغة كما تفيد المبالغة في تكرار الفعل تفيد أيضا "المفاعلة والمشاركة" فالجبال تتفاعل وتتشارك مع الأرض في حالة الثبات والرسو.
ولو كان رسو الجبال عابرا ليس فيه مبالغة ولا مفاعلة ومشاركة لقلنا جبال راسيات، وهذا يفسر لماذا جاءت الجبال موصوفة بلفظ "رواسي" في كل المواضع في القرآن ولم تأت بلفظ راسيات و لا مرة واحدة، ولذلك جاء ذكر "رواسي" في وصف الجبال في جميع الآيات التي ذكر فيها الأرض حتى أصبحت كلمة "رواسي" دليلا ثابتا على أن المقصود بها الجبال.
وحافظ، إذا أردنا جمعها؛ يقابلها "حافظون" في حال الرفع و "حافظين" في النصب والخفض، ولكن إذا أردنا المبالغة نقول "حفيظ" على وزن "فعيل"؛فيكون جمع هذه الصيغة حفظة على وزن "فعلة"، وإذا كان مع المبالغة في تكرار الفعل هناك "المفاعلة والمشاركة" في الحفظ مع أمر آخر نقول "حوافظ" على صيغة "فواعل".
و كذلك خازن تجمع خازنون في حال الرفع و " خازنين" في حال النصب والخفض ولكن إذا أردنا المبالغة نقول "خزين" على وزن "فعيل" ويكون جمع هذه الصيغة "خزنة" على وزن "فعلة"، وإذا كان مع المبالغة هناك مفاعلة ومشاركة نقول في صيغة الجمع "خوازن".
والله تعالى أعلم.
إذا الأمر ليس له علاقة بالإسمية أو الحدث والفعلية أو الوصفية كما ورد في بعض التعليقات؛ بل الأمر يدور حول المبالغة وصيغ المبالغة، والمفاعلة والمشاركة وهذا مشروح في كتب علم الصرف.والله تعالى أعلم.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

المشاركة قديمة لكنها قيمة جدا جزا الله كل من نفع بها المسلمين ... سؤالي هو ان السيد عبد الرحمن ذكر صيغ المبالغة شرحه قيم جدا ... ممكن اسم الكتاب الذي يشرح صيغ المبالغة لان كتب علم الصرف كثيرة : اتمنى اسم الكتاب الذي يقصده الكاتب في كلامه...

بل الأمر يدور حول المبالغة وصيغ المبالغة، والمفاعلة والمشاركة وهذا مشروح في كتب علم الصرف.

اتمنى اسم كتاب يحتوي على شرح صيغ المبالغة و المفاعلة و المشاركة ... بالتحديد.
 
عودة
أعلى