بنت اسكندراني
New member
هذه رسالة كنتُ قد كتبتُها حين فاجئني صمتُ الجميع عما يجري مع إخواننا الليبين في بلادهم في أول الحدث, ثم انشغلتُ عنها بمتابعة ماجرى, وحين عدتُ إليها عازمةً نشرها؛ كان الصمتُ الذي شكوتُه فيها من بني قومي قد زال وانصهر مع تلاحق الأحداث وسخونتها..
فترددتُ أأنشر مقالتي أم أدفنها؟؟ ولأن إجراءات الدّفن أصعب من إجراءات تسجيل الولادة؛ نشرتها على علّاتها لتبقى ذكرى توثّق ذلك الحدث!.
وهاهي بين أيديكم ...
فترددتُ أأنشر مقالتي أم أدفنها؟؟ ولأن إجراءات الدّفن أصعب من إجراءات تسجيل الولادة؛ نشرتها على علّاتها لتبقى ذكرى توثّق ذلك الحدث!.
وهاهي بين أيديكم ...
ليبيــا , ورسالةٌ في ثنايا كابوسٍ !!
دوّى الرّصاص وصوته علا صراخ صغيرتي ... دوّى الرّصاص فَخَبَا هتافُ الفلولِ التي تجمهرتْ تحتَ جنح الظلام في أزقّةِ حارتي... فيهم أبي .. وفيهم أخي .. وابن عمي وجاري وإمام مسجدي.
دوّى الرّصاص وبعدها رَجَّتْ زلازل عنيفةٍ جدران منزلي .. سقطتْ الشمعة من يدي ... وهديرُ طائرة حربية يزمجر في مسمعي..
سقطتْ الشمعة من يدي .. فتساقطتْ جثث الظلام المخيفة فوق رؤسنا .. وكما المقابر الموحشة أضحى بيتنا ..
علا صراخ صغيري فذكّرني أن الجوع ينهش جسده, وأظنّها رغم الظلام لم تزل أمّه من عجزها تحاول أن تلقمَه ثديها.. وبكبرياءٍ ـ لستُ أرى أنّ هذا أوانه ـ أَبَى الصّبيّ بعد الفطام أن يعود لثديها !.
دوّى الرّصاص غير أنّي قد ألفتُ دويّه , لكنّ صوتَ مدافعٍ رشاشةٍ قد شتّتْ أُلفتي المزعومة تلك ..
وسعاد صغيرتي تتشبّثُ بي وتنشبُ في جسدي أظفارها .. تدفنُ جسدها المفزوعِ بين أضلعي .. وتطفأ أعقاب شهقاتها الحارقةِ على جلد رقبتي.. ولاتزال يُسراها تقبض لحيتي.
عبثَتْ يدايَ باحثةً عن عود الثقاب لأشعل شمعةَ البؤس التي تحلّقنا حولها .. أشعلتُها لأجل الصغار .. ولأجل أن نبصر بؤسنا ..
أصواتُ المدافع لم تزل تصرّ بأنْ يكون العزف عزفها..
نام الصغير بعد أن كاد صوته يشطرُ جماجمنا .. ويدكُّ بقذائفه آخر قلاعنا .. فتُحرقُ البقيّة الباقية من أعصابنا ..
نام الصغير وبصمته خِلْتُ الرّصاص قد توقف أو صمتَ ..
تركتْ صغيرتي جسدي البارد؛ وزحفتْ تتلمس الدفءَ بين أحضان أمّها..
أرهفُ السمع وعبثا أحاول من حيث أجلس أن أطلّ من النافذة ..
تعصف بي الأفكار كما زوبعة إعصار أنا نقطة ارتكازها ..
عاد الرصاص لكن صوته يقترب .. وبرغم أن فكري مضطرب ..
أتى على بالي ذكركم .. فهرعتُ إلى حيث وضعتُكم ..
والشمعة لم تزل بيدي .. وضياءها لازال يرقص ويتهافتْ وينـزوي.
وصلتُ إلى حيث أنشد, فرأيتُها بكل شموخ تعتلي العلا, ولم تزل واقفة بيقين وثبات وهدى .. رغم الخوف.. رغم الظلام.. رغم دوي الرصاص الذي .. أكاد أقسم أن دويه يقترب ..
مددتُ يدي أتلمّس أسمائكم المحبّبة التي نقشتها بشغاف قلبي قبل أن تُنقَشَ على أغلفةِ مجلداتكم.
وهناك بين رفوف مكتبتي التي أعشقها ـ وبرغم الظلام ـ رأيتُ نور وجوهكم .. وسمعتُ طنينا يشبه في مجمله خليطا من أصواتكم .. ورأيتُني أبعث سلامي عبر الأثير إليكم.
دوّى الرّصاص وصوته علا صراخ صغيرتي ... دوّى الرّصاص فَخَبَا هتافُ الفلولِ التي تجمهرتْ تحتَ جنح الظلام في أزقّةِ حارتي... فيهم أبي .. وفيهم أخي .. وابن عمي وجاري وإمام مسجدي.
دوّى الرّصاص وبعدها رَجَّتْ زلازل عنيفةٍ جدران منزلي .. سقطتْ الشمعة من يدي ... وهديرُ طائرة حربية يزمجر في مسمعي..
سقطتْ الشمعة من يدي .. فتساقطتْ جثث الظلام المخيفة فوق رؤسنا .. وكما المقابر الموحشة أضحى بيتنا ..
علا صراخ صغيري فذكّرني أن الجوع ينهش جسده, وأظنّها رغم الظلام لم تزل أمّه من عجزها تحاول أن تلقمَه ثديها.. وبكبرياءٍ ـ لستُ أرى أنّ هذا أوانه ـ أَبَى الصّبيّ بعد الفطام أن يعود لثديها !.
دوّى الرّصاص غير أنّي قد ألفتُ دويّه , لكنّ صوتَ مدافعٍ رشاشةٍ قد شتّتْ أُلفتي المزعومة تلك ..
وسعاد صغيرتي تتشبّثُ بي وتنشبُ في جسدي أظفارها .. تدفنُ جسدها المفزوعِ بين أضلعي .. وتطفأ أعقاب شهقاتها الحارقةِ على جلد رقبتي.. ولاتزال يُسراها تقبض لحيتي.
عبثَتْ يدايَ باحثةً عن عود الثقاب لأشعل شمعةَ البؤس التي تحلّقنا حولها .. أشعلتُها لأجل الصغار .. ولأجل أن نبصر بؤسنا ..
أصواتُ المدافع لم تزل تصرّ بأنْ يكون العزف عزفها..
نام الصغير بعد أن كاد صوته يشطرُ جماجمنا .. ويدكُّ بقذائفه آخر قلاعنا .. فتُحرقُ البقيّة الباقية من أعصابنا ..
نام الصغير وبصمته خِلْتُ الرّصاص قد توقف أو صمتَ ..
تركتْ صغيرتي جسدي البارد؛ وزحفتْ تتلمس الدفءَ بين أحضان أمّها..
أرهفُ السمع وعبثا أحاول من حيث أجلس أن أطلّ من النافذة ..
تعصف بي الأفكار كما زوبعة إعصار أنا نقطة ارتكازها ..
عاد الرصاص لكن صوته يقترب .. وبرغم أن فكري مضطرب ..
أتى على بالي ذكركم .. فهرعتُ إلى حيث وضعتُكم ..
والشمعة لم تزل بيدي .. وضياءها لازال يرقص ويتهافتْ وينـزوي.
وصلتُ إلى حيث أنشد, فرأيتُها بكل شموخ تعتلي العلا, ولم تزل واقفة بيقين وثبات وهدى .. رغم الخوف.. رغم الظلام.. رغم دوي الرصاص الذي .. أكاد أقسم أن دويه يقترب ..
مددتُ يدي أتلمّس أسمائكم المحبّبة التي نقشتها بشغاف قلبي قبل أن تُنقَشَ على أغلفةِ مجلداتكم.
وهناك بين رفوف مكتبتي التي أعشقها ـ وبرغم الظلام ـ رأيتُ نور وجوهكم .. وسمعتُ طنينا يشبه في مجمله خليطا من أصواتكم .. ورأيتُني أبعث سلامي عبر الأثير إليكم.
أيَا مشايخنا الكرام دمتم .. ودام عزكم ..
يا تاج فخر فوق رؤسنا .. يانور حق ينير دروبنا .. أحبّكم .. وحبّي لكم إنما هو برهان حبّي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم, وسأظل أرجو الله أن يجمعني دوما بكم .
دوّى الرصاص .. والمدافع لايزال صوتها يعلو ويقترب ..
أعدتُ بصري نحوكم , وأطلقتُ روحي حولكم, لكن دمعةَ عتابٍ قد تأرجحتْ على أطراف مقلتي .. وحين عجزتُ أُمْسِكُها؛ تدحرجتْ فانفلتَ معها سيل تساؤلٍ :
لم الصمتُ أحبّتي؟؟!!
أما ترون نزف أمّتي؟؟!!
أما تناثرتْ أخبارنا على شاشتكم حين تناثرتْ أشلاء أخوتي؟
لم الصمتُ أحبّتي؟؟!!
أوما تسمعون صراخ صغارنا؟؟
أوما تسمعون دويّ الرصاص يدكّ أجسادنا؟؟
أو ما شممتم البارود الذي أزكم أنوفنا؟؟
أنا لا أستفتيكم في الخروج في زمن الفتن!! ... أنا لا أستفتيكم في الخروج .. فأنا أعرف رأيكم فيه منذ زمن !!..
أعرف رأيكم .. وأتفهّم حرجكم .. أحفظ كل أدلّتكم واجتهاداتكم, غير أني اليوم لا أطلب الفتيا ..
أنا أُدينُ الله برأيكم ..
وها أنا ذا باقٍ في منزلي . لم أخرجْ .. ولم أهتفْ ..
ورغم ذلك أتعجّب صمتكم ..
أنا لا أستفتيكم ولكن أَسْمِعوني صوتكم ..
قولوا: حرام ما يجري بشعبنا..
قولوا للرّصاص: كفى إزهاقا لأرواحنا ..
قولوا لعصابة الظلم: كفاكِ عبثا بحياتنا ..
قولوا للضياء: ألا أشرق بأرضنا ..
قولوا لنا: آلمنا مابكم ..
قولوا لنا : بكينا لبكائكم ..
قولوا لنا: سهرنا الليل ندعو الله أن ينبلج فجركم..
أنا لا أستفتيكم في الخروج .. فخروج بني قومي قد حدث! .. وإنما نحن اليوم نعايش ما قُدِّرَ علينا وماحدث ..
أسمعونا صوتكم ودعائكم .. فإن عجزتم عن الكلام؛ فسجّلوا بكاءكم ونحيبكم.. وابعثوا به دواءً .. سجلوا به وفاءً .. فلقد سئمنا الصمت حد الإرتواء.
ألسنا كالجسد الواحد إذا ما اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؟؟!!
أنا لن أطالبكم بأن تقرّوا أن قتلانا شهداء.. ولا أن أرواحهم تسبح في السماء..
ولكن أرجوكم قولوا: أن دماء أبنائنا أُريقت ظلما وعدوانا .. قولوا: بأن الذّلّ ذقناه أشكالا وألوانا ..
قولوا: بأن إمام مسجدنا مجتهدٌ .. ولربما خالفه الصواب ..
قولوا: بأن الله ناصرُ المظلوم وعدا عليه في الكتاب ..
يا تاج فخر فوق رؤسنا .. يانور حق ينير دروبنا .. أحبّكم .. وحبّي لكم إنما هو برهان حبّي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم, وسأظل أرجو الله أن يجمعني دوما بكم .
دوّى الرصاص .. والمدافع لايزال صوتها يعلو ويقترب ..
أعدتُ بصري نحوكم , وأطلقتُ روحي حولكم, لكن دمعةَ عتابٍ قد تأرجحتْ على أطراف مقلتي .. وحين عجزتُ أُمْسِكُها؛ تدحرجتْ فانفلتَ معها سيل تساؤلٍ :
لم الصمتُ أحبّتي؟؟!!
أما ترون نزف أمّتي؟؟!!
أما تناثرتْ أخبارنا على شاشتكم حين تناثرتْ أشلاء أخوتي؟
لم الصمتُ أحبّتي؟؟!!
أوما تسمعون صراخ صغارنا؟؟
أوما تسمعون دويّ الرصاص يدكّ أجسادنا؟؟
أو ما شممتم البارود الذي أزكم أنوفنا؟؟
أنا لا أستفتيكم في الخروج في زمن الفتن!! ... أنا لا أستفتيكم في الخروج .. فأنا أعرف رأيكم فيه منذ زمن !!..
أعرف رأيكم .. وأتفهّم حرجكم .. أحفظ كل أدلّتكم واجتهاداتكم, غير أني اليوم لا أطلب الفتيا ..
أنا أُدينُ الله برأيكم ..
وها أنا ذا باقٍ في منزلي . لم أخرجْ .. ولم أهتفْ ..
ورغم ذلك أتعجّب صمتكم ..
أنا لا أستفتيكم ولكن أَسْمِعوني صوتكم ..
قولوا: حرام ما يجري بشعبنا..
قولوا للرّصاص: كفى إزهاقا لأرواحنا ..
قولوا لعصابة الظلم: كفاكِ عبثا بحياتنا ..
قولوا للضياء: ألا أشرق بأرضنا ..
قولوا لنا: آلمنا مابكم ..
قولوا لنا : بكينا لبكائكم ..
قولوا لنا: سهرنا الليل ندعو الله أن ينبلج فجركم..
أنا لا أستفتيكم في الخروج .. فخروج بني قومي قد حدث! .. وإنما نحن اليوم نعايش ما قُدِّرَ علينا وماحدث ..
أسمعونا صوتكم ودعائكم .. فإن عجزتم عن الكلام؛ فسجّلوا بكاءكم ونحيبكم.. وابعثوا به دواءً .. سجلوا به وفاءً .. فلقد سئمنا الصمت حد الإرتواء.
ألسنا كالجسد الواحد إذا ما اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؟؟!!
أنا لن أطالبكم بأن تقرّوا أن قتلانا شهداء.. ولا أن أرواحهم تسبح في السماء..
ولكن أرجوكم قولوا: أن دماء أبنائنا أُريقت ظلما وعدوانا .. قولوا: بأن الذّلّ ذقناه أشكالا وألوانا ..
قولوا: بأن إمام مسجدنا مجتهدٌ .. ولربما خالفه الصواب ..
قولوا: بأن الله ناصرُ المظلوم وعدا عليه في الكتاب ..
لم يعد للصمت معنى ! ولا يسعكم إلا أن تكونوا معنا ..
ماتت الشمعة على يدي .. لم أشعر بحرقتها فحرقة قلبي قد أشغلتني بلفحها ..
دوى الرصاص وسمعت صراخ زوجتي: أنِ اسرع؛ فالجرحى في الشوارع تستغيث وتحتضر , والناس تصرخ: ساعدونا كي نواري الجثث.
دوى الرصاص وسمعت صراخ زوجتي: أنِ اسرع؛ فالجرحى في الشوارع تستغيث وتحتضر , والناس تصرخ: ساعدونا كي نواري الجثث.
اعذروني فلا بد أن أذهب ـ أحبتي ـ
سأمضي لأضمّد جراح أمتي .. سأحمل طفلي والصغيرة وأمّها.. سأنزل إلى الأزقّة أبحث عن أبي ..
سأجمع أشلاء جثّث أخوتي .. سأهتف مع الجموع حين أدفن أبناء عمومتي:
لا إلـه إلا اللـه ... والشهيـد حبيب اللـه.
سأمضي لأضمّد جراح أمتي .. سأحمل طفلي والصغيرة وأمّها.. سأنزل إلى الأزقّة أبحث عن أبي ..
سأجمع أشلاء جثّث أخوتي .. سأهتف مع الجموع حين أدفن أبناء عمومتي:
لا إلـه إلا اللـه ... والشهيـد حبيب اللـه.
لكم وددتُ لو أسمعتموني صوتكم.. وكم يؤلمني حقا أن أرى صمتكم .. وبرغم ذلك أشهد الله أني أحبكم .. فحبي لكم برهان حبي للنبي محمدصلى الله عليه وسلم.
دوّى الرّصاص وأرى المنازل حولي تحترق ... وأكاد أقسم أن المدافع تقترب ..
بقلم: بنت اسكندراني
ملاحظة: أؤكد أني كتبتُ هذا العتاب قبل أن تتدافع البيانات والتصريحات من مشايخنا ودعاتنا الكرام ـ بارك الله فيهم أجمعين ـ لذا حِرتُ في نشر رسالتي هذه خاصة بعد زوال المبرر والسبب الذي دفعني لها. وأسأل الله بمنه وكرمه أن يحفظ أهل ليبيا من كل سوء ومكروه.