لم تقل مريم: أعوذ بالله منك، فلماذا؟!

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
لم تقل مريم: أعوذ بالله منك، فلماذا؟!

اقتحم عليها خَلْوَتَها، وفُوجِئَتْ به معها في محرابها الذي اعتزلت فيه عن الناس، فلم تقل: [أعوذ بالله منك]، ولم تقل: [أعوذ بالله من شرك]؟ أو غير ذلك مما يشابه، بل: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} فلماذا؟

لماذا لم تستعذ مريم عليها السلام منه ومن شره؟!
ولماذا قالت: {أعوذ بالرحمن} ولم تقل أعوذ بالله؟!
لكي نجيب على هذه المسائل علينا أن نتأمل الآيات ودلالات الألفاظ والمعاني.

إن المفسرين يكادون يجمعون في تأويل قول الله عز وجل: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} على تأويل واحد يدور حول "إني أستجير بالرحمن منك أن تنالني بسوء إن كنتَ ممن يتقي الله" وكان من تعليل المفسرين لقولها: {إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} أن قالوا: "هَذَا كَقَوْلِ الْقَائِلِ: إِنْ كُنْتَ مُؤْمِنًا فَلَا تَظْلِمْنِي أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِيمَانُكَ مَانِعًا مِنَ الظُّلْمِ".

وحقيقة هذا التعليل لا أراه يشفي الصدر، ويبقى السؤال لماذا ظنَّتْ مريم فيه التقى؟!
فإنَّ قولها: {إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} يدل على أنها تَأَمَّلَتْ فيه التقوى، فكيف؟!
ولماذا تَأَمَّلَتْ مريم التقوى في شاب اقتحم عليها محرابها وخلوتها؟!

ولِنَبْدَأْ فنسأل: كيف جاءها الملَك (الروح)؟
ويأتينا الجواب في قول الله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} لقد أتاها في صورة بشر تام الخلقة، جميل الطلعة، اجتمعت فيه خصال الجمال والقوة والشباب، حتى قال بعض المفسرين أن ذلك كان اختبارا لمريم في عفتها قال أبو السعود في الإرشاد: "كان تمثيلُه على ذلك الْحُسن الفائق والجمال الرائق لابتلائها وسَبْر عِفّتها، ولقد ظهر منها من الورع والعَفافِ ما لا غايةَ وراءه".

وإني وإنْ كنتُ أتفق مع السادة العلماء في تأويلهم هذا، لكني أراهم قد غفلوا عن خَصْلة أخرى هي الأهم، ألا وهي أن الملَك أتاها في صورته البشرية التامة ويبدو على هيئته تلك الصلاح والتُّقَى إلى جانب الجمال والقوة والشباب، وهذا ما جعلها تَتَأَمَّلُ فيه الصلاح، وترجو فيه التقوى فقالت: {إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}، يؤيد ذلك ويؤكده اختيارها لاسم الله (الرحمن) فقالت: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ} ولم تقل إني أعوذ بالله منك؛
فإن الأولى: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ} ترغيب في الرحمة.

أما الثانية: [إني أعوذ بالله منك] تخويف وترهيب.

فإن مريم قالت: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} لأنها تَأَمَّلَتْ فيه الصلاح، وظَنَّتْ فيه التقوى، ورغم ذلك لم تأمن بوادره، فاستعاذت بالله، وحين استعاذت قالت: { أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ} ترغيبا له في رحمة الله وتذكيرا له.

والله أعلم
د. محمد الجبالي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين أما بعد. .جزاكم الله تعالى خيرا. .استاذ محمد ..أعتقد ان الصديقة عليها السلام. .أرادت ان تجمع بين أمرين اﻻول التعوذ بقوة الله تعالى والثاني التعرض لنفحات رحمة الله سبحانه من خلال النطق بإسم الرحمن..فهي ربما شعرت ان الله سبحانه ربما ساق لها رحمة عن طريق هذا الرجل الذي دخل فجأة عليها..والله تعالى اعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
إنها لأجوج بهذا الظرف لرحمته وهو يقتحم محرابها
لذا استعاذت بالرحمن
واذا سمح لنا علماؤنا بالتفكر
اقول حسب امكانياتي البسيطة
تأملت فيه التقوى
والله اعلم لانه ملك وإن أتاها بصورة بشرية
فلايحمل نزعات النفس البشرية فلم تبدوا عليه
وبدا لها تقيا
إضافةً
أن الجو التعبيري لسورة مريم من أولها لآخرها تفيض بالرحمة
والله أعلم
 
بسم1
___​
السورة التي احتوت أكبر عدد من مشتقات الرحمة أي من مادة (رحم) هي سورة مريم، في عشرين موضعا باستثناء البسملة، منها ستة عشر بلفظ اسمه تعالى "الرحمن"، سأوردها تباعًا في سياقٍ موضوعِيٍّ متصلٍ.
كل المواضع العشرين تحوم حول موضوع ثنائية الرحمة والعبودية والعلاقة القائمة بينهما، وهذا الذي بينته أول آيتين بوضوح: {كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} (مريم 1 - 2).
وهذه العلاقة تقودنا إلى تفحص السورة ذاتها أي سورة مريم التي فيها:

1. نموذج زكرياء عليه السلام {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} (مريم 2)، إذ جعل له جزاء لحسن تعبده مولاه ودعائه له عَقِبًا ورَحِمًا برحمة منه هو يحيى عليه السلام، وأتمَّ النعمة بهِ آيةً على كبَرٍ وعقمٍ نبيا آتاه الحكم صبيا وبرا بوالديه متواضعا لله خاضعا بالعبودية له.

2. نموذج الصديقة مريم عليها السلام في تمام عبوديتها لله جل شأنه، والتماسها رحمة الله كونها غاية ما يرجو عبد أو أمةٌ طائعة مخبتةٌ نذرتها أمها امرأة عمران لله قبل أن تولد، فهذا سر مبادرتها للتفكير السريع فيما قد ينجم في حالها حين رأتْ أجمل ما تتمنى امرأة شابَّةٌ يافعةٌ معزولة، فإن عصت رجته مغفرة وتوبة، وأعظم منه بعد الصفح رحمة، وأعظم منه عصمة من الزلل قبل هذا المشهد المريع لقلوب أمثال البتول عليها السلام برحمة الله جل شأنه: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} (مريم 18).

3. إقرار عبودية عيسى عليه السلام، ردا على افتراءات النصارى، فأثبت أنّ هناك ما هو أجمل وأرفع من النسب والرحِم كعلاقة موهومة باطلة لا تنبغي بحال منَ الأحوال بين الخالق جلَّ شأنه ومخلوقيه، وإنما هي علاقة عبوديَّةٍ ورحمةٍ: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} (مريم 21). ففيها نفي الرحم مع الله الرحمن، وإنما كان بالمقابل رابطة أسماءَ وأحاسيسَ خالدةً بالتعظيمِ والودِّ، ولذا اشتق الله من الرحمن اسم الرحم لعظم شأنها، وجعل الناس يسّاءلون به وبالأرحام، وفيها أنّ عيسى عليه السلام رعى نعمة الله بإيتائه الكتاب وجعله مباركًا أن امتثل بعبادتينِ عظيمتَيْن الصلاة والزكاة، وباثنتين حسَنَتَيْن جميلتين أولهما صلة رحمه بأمه وثانيهما خضوعه وتمام عبوديته للرحمن: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} (مريم 32).

4. وبعْدَ نعمتَيْن عظيمتَيْن كُلِّلَتَا برحمتِها أنْ أعاذها من فسادِ عبوديَّتها، وأوهَب لها رحمًا لم تحتسبها، وساقها إليها مولاها من غير بَعْل، وكلتاهما آيتان عظيمتان، وجبت آيةٌ ثالثةٌ تمامًا عليهما هي نذر الصوم.. صومٌ لمن وضعت حملها؟؟!!، نعمْ صومٌ، لكنه برحمة الله مع الأكل والشربِ وقرة عينٍ، فليكنْ عن الكلامِ بدلا، وتلكَ رحمة الله لأحبِّ عباده إليه، وهل كانت هذه العبادة الثالثة الجليلةُ وهي الصوم إلا لمن تجلت رحمته في الآيتين السابقتين، إنَّهُ الرحمن يا عباد الرحمن: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} (مريم 26). وجميل ما كان من قومها بعدئذ في مناشدتهم إياها الإفصاح عن بدْعٍ من الأمر لم يدركوه فقالوا إنشادًا وتذكيرًا بأصلحِ الرحم أخًا وأبًا وأمًّا: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (مريم 28).

5. إن كان في نموذَجَيْ زكريّا وابنه عليهما السلام ومريم وابنها عليهما السلام إحلال الرحمة على الولد والوالد، فإن مشيئة الله أنْ توجدَ استثناءاتٌ، وهذا حال إبراهيم عليه السلام مع أبيه، فخاطبه بما يرقق قلبه: {يَٰأَبَتِ}، ونهاه أن يكون لثالثٍ بينهما وبين الله مدّخلٌ {لَا تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَٰنَ}، وذكر العلةَ وذكّره بمنْ أوهبهما مع ما يجمعهما من أوثق صلات قرابة الرحم رحمةً: {يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا} (مريم 44). وبين له عاقبةَ أمن عقوبة من يرحمُ: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} (مريم 45).

6. ثم عوض الله خليله وحبيبه، وجاء في السورة امتنان عليه - من رحمة الله- بذريةٍ طيبةٍ فيها النبوة ابنًا وحفيدًا: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} (مريم 49 - 50)، وما بعدهم من سلالته المباركة:

7. نموذجا لصلة رحمٍ، ورحمةٍ مزدوجة أخرى، بين العبد وربه رحمةً، وبين العبد والعبد رحمًا، وتجلتْ أسمى وأجمل رابطة للأخوة مع النبوة: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)} (مريم 51 - 53).

8. حتى كان آخر العنقودِ المثمرِ المغدقِ المباركِ من جهة إسحاقَ ويعقوبَ زكرياءُ ويَحيى ومريمُ وعيسى عليهم السلام جميعًا.

9. وخلاصة ما سبقَ، تدركُ بها وشيجةً تجمعُ الحسنيين: علاقة الرحم الطيبة مع أفضل الخلق من الأنبياء، وعلاقة العبودية مع الخالق سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (مريم 58).

10. فهل خص الرحمنُ الأنبياء بتلك الفضائل دون غيرهم من الصالحين المتقين: { جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا } (مريم 61).

11. وهلْ حقّ الوعيدُ بآزرَ أبي إبراهيم عليه السلام دون سائر من كفر وعاند واغتر برحمته فنسي عذابه: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} (مريم 69).

12. وهل يستقيم أن تجتمع الرحمة في أعظم درجاتها حتى يتسمى الله جل شأنه بالرحمن دون سائر الموجودات مع الإمداد ثم العقوبة والبطش: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا} (مريم 75).

13. ثم ما خَطْبُ من يُكَذِّب بِكُلِّ ما سبق في السُّورة من آياتٍ في هؤلاء الأنبياء برحمته لهم رحِمًا ونبوة، ويتذرع بقدرته كما السَّوداءُ من الناس فيما جرت به الطبيعة والدهرُ بزعمه على الكسب والتناسلِ دون حاجةٍ إلى إيمان، وينسى أنَّ كل رحِمٍ منْ خلق الله وأوثقها الولد لا تكون إلا بإذنه، ولا عهدَ له عند الرحمنِ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} (مريم 77 - 80). سيكون يومئذ فردًا بائسًا لا ذرية له يعتدُّ بها.

14. وأما الحال الكريمة للمتقينَ في موكبهم الجماعيّ بتلكم الرحمة فسيكون: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} (مريم 85).

15. أمر عجيب محيرٌ، أليس النصارى اليوم أكثر الناسِ اعتزازا وتقديسا وتعظيما وإجلالا لرحمة الله في كل محفل، وفي كل موطن ينشب فيه أوار الجدل بينهم وبين أهل الإسلام خاصة.. تَذَكَّرْ أننا في سورة مريمَ.. ماذا فعلوا حتى يكون الرحمنُ عليهم ظهيرا لا نصيرا في دعاويهم: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} (مريم 86 - 95).

16. بَيْنَ الرّحمنِ وعِبادهِ صِلةُ الرحمة والعبوديّةِ والودِّ لا صلة القربى بالنسب والرَّحم، فالحذر الحذر: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} (مريم 96 - 98).
___​
والسورة مع أنها طويلة إلا أنها لمْ تحوِ بالتصريح من أسماء اللهِ تعالى إلّا ثلاثًا الـربّ والله والرحْمن، وهو أقلُّ ما احتوته سورة في طولها. وسياقها في ترتيب النزولِ موحٍ أنها تهيّء لما بعدها، وهو سورة طه -وهي تاليتها في المصحف أيضا- وفيها: { اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } (طه 8)، وووردَتْ أسماء عظيمةٌ إضافةً إلى الثلاث الرب والله والرحمن مثل الإله الذي لا إله إلا هو والحيّ القيوم والملك الحقّ، وهي قليلة أيضًا، لكنها زيادةٌ بتدرُّجٍ تعْليميٍّ منهجيٍّ مقصودٍ، ليسَ هذا محلَّ التفصيل فيه أكثر.
وأما المواضع السبعة التي جاء فيها كلمة (الله) في سورة مريمَ فكلُّها لأجل غايةٍ واضحةٍ هي مناقشةٌ لترسيخ أحقيَّة الله بالعبادةِ ابتداءً، وعدمُ التعريجِ إلى أيٍّ من صفاتهِ ما لمْ تثبتْ هذه الحقيقةُ في خلَدِ المناقَش لا الرحمة ولا غيرها.
لذا تجدُ أنَّ خطابَ منْ قُصدَ تذكيرهم بالتوحيدِ بالأساس أو خطابَ المشركينَ عمومًا بكلمةِ (الله)، وبعضهم كمشركي قريش يؤمنون بالله ولا يؤمنون أنه الرحمن، وتجدُ خطابَ المؤمنينَ أو خطابَ خواصِّ المشركين منْ المغْترِّين برحمةِ الله الذين آمنوا به أنه الله وأنه الرحمن مع الإشراك كالنصارى مثلاً بلفظ (الرحمن).

- { قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا } (مريم 30).
- { وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ } (مريم 36).
- { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا } (مريم 48 - 49).
- { أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } (مريم 58).
- { وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا } (مريم 76).
- { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا } (مريم 81).
___​
والله أعلى وأعلمُ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
جزى الله خيرا كل المتفاعلين مع الأخ الدكتور محمد وأود أن أشير إلى أن هذه الآية من الآيات التي استدل بها الشيخ أبو عرفة على أن الرحمن إسم دال على التخويف لا على الرحمة.
"قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18)"-مريم-:
ووجه الدلالة –عنده- على أن اسم الرحمن اسم تخويف أن مريم لم تكن لتستعيذ إلا بما يخوف لا بما يفتح باب الرجاء والرحمة.
وقد سبق لي ولله الحمد أن رددت عليه وبينت بطلان استدلالاته الكثيرة، ومما قلت بخصوص احتجاجه بآية مريم:
وهذا استدلال باطل، فمريم إنما استعاذت باسم الله"الرحمن" لأن رحمته شملتها وشملت كل العالمين، فلا ملجأ لها إلا لمن كان كذلك، فبرحمته سبحانه سيجيرها من كل أذى، والمخاطب ستحمله تقواه وعلمه برحمة الله تعالى على عدم إلحاق أدنى ضرر بها.
يقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى:" { إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ } أي ألتجئ به وأعتصم برحمته أن تنالني بسوء { إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا } أي إن كنت تخاف الله وتعمل بتقواه فاترك التعرض لي ..."([1]).
ويقول العلامة الألوسي رحمه الله تعالى:" وإنما ذكرته تعالى بعنوان الرحمانية تذكيرا لمن رأته بالرحمة ليرحم ضعفها وعجزها عن دفعه أو مبالغة للعياذة به تعالى واستجلابا لآثار الرحمة الخاصة([2]) التي هي العصمة مما دهمها."([3]).

أما قول الأخ البهيجي أن مريم عليها السلام ربما شعرت أن الله سبحانه ربما ساق لها رحمة عن طريق هذا الملك المتمثل لها بشرا سويا فأراه بعيدا والله أعلم.


([1] ) تيسير الرحمن:491.

([2] ) وهذا فيه نظر لأنها لو أرادت الرحمة الخاصة لذكّرته باسم الرحيم لا الرحمن، والله تعالى أعلم وأحكم.

([3] ) روح المعاني:16/76.
 
جزى الله خيرا كل من علق على المنشور وكل من مر عليه
ولكل من علق بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

واسمحوا لي أن أعلق على تعليق أختنا الفاضلة [ رقية خشفه ]
بداية التوجه للتفكر والاستنتاج راااائع عظيم واستنتاجك قد يكون له وجاهته من جانب هو صحيح لا شك وهو الطبيعة الملائكية التي هي الطهارة والنقاء

لكن يا أختنا - وهذا ليس رفضا لاستنتاجك - ولكن هو رؤية من جانب آخر لها ما يصدقها ويؤكدها حيث ورد في القرآن ما يؤكد أن البشر لا طاقة لهم برؤية الملائكة رغم ما يوصفون به طهارة ونقاء قال الله عز وجل: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9)} الأنعام
وكما تعلمين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رأى جبريل -عليه السلام- على حقيقته فزع فزعا شديدا، ورجع إلى زوجه خديجة -رضي الله عنها- يرتعد قائلا زملوني زملوني ونزل في ذلك سورة المزمل.
وقد كان جبريل حين يأتي النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يأتيه في صورة دحية الكلبي والذي كان جميل الخلقة.

فحين جاء الملك مريم عليها السلام أتاها في صورة بشرية جميلة وعلى هيئة طيبة من هدى وتقى وصلاح
أما قولك [[FONT=&quot]أملت فيه التقوى [/FONT][FONT=&quot]والله اعلم لانه ملك وإن أتاها بصورة بشرية فلايحمل نزعات النفس البشرية فلم تبدوا عليه]
وأن بروز هيئة التقى[/FONT]
لأنه ملك ، فلا أظن ، فإن بعض الملائكة هيئتهم فتنة كمنكر ونكير
والله أعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك أخي الدكتور الفاضل محمد الجبالي لحسن اسلوبك وأخلاقك في النصح والإرشاد والحث على البحث والتفكر والاستذكار
صحيح أن البشر لاطاقة لهم برؤية الملائكة ولكن مريم عليها السلام والنبي صلى الله عليه وسلم أودع الله فيهم طاقةً لرؤية الملائكة ومن شاء من عباده المرسلين
لقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام جبريل على هيئته الحقيقية مرتين بستمائة جناح كل جناح سدَّ الأفق
عندما رفعه جبريل بالبراق الى السماء السابعة الى مقام لم يصل إليه أحد من الخلق حتى جبريل تاأخر ولم يتقدم ووصل عليه الصلاة والسلام الى أعلى مقام يرى نور الحجاب بينه وبين الله
وكلمه من وراء حجاب جل علاه

ولكل ملك وظيفته التي أوكلها الله اليه
فإسرافيل لنفخ الصور
ومالك خازن النار ورضوان خازن الجنة وملك الموت وملك العذاب وملك الجبال وغيرهم

نتأمل وننظر إلى حال المؤمنين الذين استقاموا قال الله تعالى( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فصلت
الذين آمنوا بوحدانيته على شهادة أن لا اله الا الله وأداء فرائضه واستقاموا وأخلصوا بالعمل والثبات على الإيمان
كان جزاؤهم صحبة الملائكة وولاءهم ومودتهم وتبشيرهم بالجنة عند الإحتضار
نحن قرناؤكم في الحياة الدنيا نسددكم ونوفقكم للعمل الصالح ونذكركم ونلقي السكينة في قلوبكم عند الحزن
ونؤنس وحشتكم في القبور وفي النفخ في الصور وعند البعث من القبور
وعند الصراط ونوصلكم الى الجنة

فالملك يتولى من يناسبه بالنصح والارشاد والتثبيت والتعليم فهو أنيسه في الوحدة ووليه ومثبته في الخير ومُحَذره ُ من الشر

فلكل حال مقام
ومريم عليها السلام لأحوج في هذا الموقف العصيب أن يأتيها الملك بهيئة التقوى والصلاح ليدخل عليها الطمأنينة
فهي امام أمر خارق عن السنة التي وضعها الله في امتداد التناسل بالزواج بين الذكر والأنثى
وهو هين على الله
وهي العذراء التي لم يمسها بشر ستواجه الآلام النفسية والجسدية وهي وحيدة فريدة تعاني حيرة العذراء ومواجهة قومها حتى قالت (ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا ً منسيا )مريم
فالسياق كله رحمةً وتطمين بهذا الحال والظرف والموقف العصيب
قال تعالى (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) مريم
وأنطق الله وليدها بالمهد ليكشف سرها قال تعالى (قال
ل إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)

والدكتور فاضل السامرائي نور الله حياته وصراطه الى الجنة
نتأمل ماذا كتب عن هذه الآية (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18)) وفي البقرة (قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)) حتى لو أخذنا اللفظة الرحمن في مريم وردت في 16 مرة ووردت في البقرة مرة واحدة فقط (وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)) فإذا أخذناها من السمة التعبيرية فالرحمن أكثر. هناك أمر آخر إضافة إلى السمة التعبيرية بين الآيتين (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا) (قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) أصلاً السياق في البقرة سياق عقوبة ومسخ وتنكيل (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (66)) لفظ الرحمن لا يناسب المسخ والتنكيل فقال (أعوذ بالله) بينما في مريم (أعوذ بالرحمن) هي تستجير وتطلب من الرحمن أن يرحمها لأن لفظ الرحمن مناسب للحالة التي هي فيها تريد أن يرحمها ربها ويخلّصها مما هي فيه فإذن كل لفظة هي مناسبة في سياقها. سياق المسخ والعقوبة لا يتناسب مع الرحمة والرحمن فكيف مسخهم وهو الرحمن وكيف جعلهم قردة وخاسئين وهو الرحمن لا يستوي. مع أن الآيتين فيهما أعوذ وأعوذ ولكن ننظر السياق التي وردت فيه اللفظة. أنت لما تطلب الرزق تقول يا رزاق ارزقني ولا تقل يا قابض فكل كلمة لها مغزى ودلالة.

واستغفر الله العظيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
 
بارك الله فيك دكتور "محمد الجبالي" وزادك علما نافعا ..وحفظ عليك هذه الروح العلمية العالية ,الداعية إلى إعمال الفكر والتدبر في كنوز ماأنزل الله إلينا في هذا الكتاب الكريم ...
قال الإمام الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير " 16-81 "ذكرها صفة (الرحمان) دون غيرها من صفات الله لأنها أرادت أن يرحمها الله بدفع من حسبته داعرا عليها.
وقولها "إن كنت تقيا" :تذكير له بالموعظة بأن عليه أن يتقي ربه.
ومجيء هذا التذكير بصيغة الشرط المؤذن بالشك في تقواه قصد لتهييج خشيته، وكذلك اجتلاب فعل الكون الدال على كون التقوى مستقرة فيه. وهذا أبلغ وعظ وتذكير وحث على العمل بتقواه".. وهذا أبلغ في الوعظ والتذكير والحث على العمل بالتقوى. ومثل هذا الأسلوب كثير في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وفي كلام الناس. يقول الله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {لأنفال: 1}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.. .
ولأن المؤمن التقيّ هو الذي يخاف الله، ويحترم الاستعاذة به، وكأنها قالتْ: إنْ كنت تقياً فابتعد عني، واختارت الاستعاذة بالرحمن لما عندها من الأمل الذي أوحته لها هيئته وما يبدو عليه من سمت الصلاح.. وحتى على إفتراض إنْه لم يكُنْ تقياً مؤمناً أن يبتعد عنها رحمةً بها وبضعفها، ..ثم أنها لجات إلى الرحمن الرحيم الذي يحميها ويحرسها منه...كما أن سياق السورة مفعم بألفاظ الرحمة , طافح بمعانيها , فناسب أن يستعمل إسم الرحمن في الاستعاذة توافقا مع سياق السورة وجوها العام. والله أعلم بمراده.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بوركت يا دكتور ووفقك الله وفتح عليك
الحقيقة أن لي بحثاً عنونتهُ "الدلالات والمضامين لاسم الجلالة الله الرحمن جل جلاله" الخصه هنا واختصره ليظهر مفهوم جدير بالنظر للآية التي تفضلتم بإيرادها فنقول وبالله التوفيق :
إن الله جل وعلا قد أعلمنا باسمين عظيمين دون كل أسماءه جلت قدرته هما " الله ، الرّحمن" ولا تخلو بسملة من هذين الاسمين العظيمين "بسم الله الرحمن الرحيم" وقد اختصهما الله دون سواهما فلفت أنظار قراء كتاب الله إليهما فقال :
{ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا } [الإسراء:110]
فلماذا اختص الله جل في علاه هذين الاسمين دون سواهما من أسماءه الحسنى وصفاته العلى ؟؟
لا شك أن ذلك يحمل دلالات ومضامين هامة ينبغي الالتفات إليها:
اسم الجلاله "الله" :
وهذا الاسم العظيم متعلق باستحقاقه جل جلاله لعبادة العابدين وتفرده بالألوهية فالله هو المألوه الذي يُتّخَذُ معبوداً ، فتعلق هذا الإسم بما يصعد إليه جل جلاله من عبادة العابدين وتأليه وتنزيه وإعلاء في قلوبهم ، ولو تتبعنا مواضع هذا الاسم العظيم في القرآن لوجدناه يحمل دلالة التأليه والتنزيه والعبادة .
اسم الجلاله " الرحمن":
وهذا الإسم متعلق بربوبيته جل في علاه لخلقه وإحاطته وقدرته وجميع ما ينزل إليهم من كرمه وعطاءه أو من قوته وعذابه فكانت ذات دلالة مكملة لدلالة الالوهية عند الخلق ، ففي حين كانوا يؤلهون الأصنام وينزهونها ويفردونها بالعبادة فقد كانوا يدركون عجزها عن الربوبية والحفظ والعقاب والحساب والتصرف في الكون فيصرفون لها مالا يستقيم مع حالها وحقارتها فلا تقدر على ربوبية حتى ولو كانت مألوهة من ضُلَّالِ الخلق وكفارهم.

فلا إله في الكون يستحق التأليه والعبادة وهو لا يملك القدرة والكمال ، ولا تتجلى هاتين الصفتين إلا في الله الرحمن الرحيم فهو إله منزه متعالٍ مستحق لصعود العبادات إليه وخضوع الخلق ، وهو في نفس الوقت متصرف رب ليس كبقية الارباب بل رب بحق ، تتحقق منه الربوبية بكل معانيها ومفاهيمها.

لذلك يقول جل شأنه:
{ وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ } [البقرة:163]​
فجمع تعالى رأسي الأمر "الألوهية" و "الربوبية" ليبين لنا كمالات لا تتحقق إلا فيه جل في علاه.


{ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا } [مريم:18]
ولما كان الموقف موقف حفظ ولجوء حَسُنَ أن يؤتى بمناط الربوبية في هذا الموضع فالرحمن لا تحمل الدلالة على الرحمة فحسب بل على كل قدرة نازلة من الله إلى خلقه كما ان الألوهية استحقاق كل عبودية من الخلق إلى الله ، ولجوء مريم للرحمن هو عين الحق فعقاب الله للمعتدي رحمة للمعتدى عليه في أصلها ، وعدله جل جلاله في خلقه قمة الرحمة بهم وهي مناط الربوبية التي لا يقدر عليها سواه.


{ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا } [مريم:45]
فقد يقول قائل كيف يناسب اسم "الرحمن" موضع عذاب ؟ ، وهنا يتجلى لنا هذا المفهوم المتعلق بالربوبية بكل صورها أي بكل ما ينزل لخلقه من قدرة وحفظ ورزق وهداية وتصرف وعقاب وعذاب لأن كل ذلك عدل ، فلما كان عدلاً كان رحمة بالخلق.

ولو تتبعنا ارتباط الربوبية بالرحمن لوجدناها تبرز في أكثر من موضع تجد فيه العطاء والاحاطة والقدرة النازلة للخلق مرتبطة باسم الرحمن دون غيره من اسماء الله وخاصة عندما يراد ذكر عموم الربوبية بلا تخصيص ، وفيما يلي من آيات ما يُبْرِزُ لنا هذا المفهوم بجلاء فيقول جل من قائل :

{ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي } [طه:90]

{ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَٰنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ } [الأنبياء:42]

{ قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } [الأنبياء:112]

{ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ } [يس:23]

وهكذا فكما تقدم فإن اسم الرحمن متعلق بالربوبية والقدرة النازلة من الله الى عباده خيراً كانت أو ضراً ، واسم الله متعلق بالالوهية وما يتعلق بها من عبادات صاعدة وتنزيه وعلو واستحقاق للخضوع من خلقه ، ولذلك كان لجوء مريم لاسم الرحمن تستجير به وبقوته وربوبيته لخلقه.
إن الآلهة كثيرة متعددة ولكن الإله المستحق للعبادة دون سواه هو "الله"
والأرباب كثر متعددون ، ولكن الرب القائم المتصرف في أمر الكون واحدٌ وهو "الرحمن"
والله اعلى وأعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
تبارك الله ماشاء الله
معلومات قيمة ونفيسة جزاك الله الخيرات
 
اضافة هامة وفقكم الله:

دلالات الربوبية في اسم الرحمن :
إن من أظهر الدلائل على تعلق اسم الرحمن بربوبيته سبحانه ومطلق تصرفه في خلقه من حفظ ورزق وثواب وعقاب أنه أنزل في كتابه الكريم سورة أسماها باسمه الدال على ربوبيته جل وعلا وضمنها أبرز صور تلك الربوبية بل أفرد آياتها لهذا الغرض وهي سورة الرحمن ، ولو قرأنا وتدبرنا هذه السورة العظيمة لوجدناها جماع الربوبية ، يعدد الله فيها صور ربوبيته لخلقه في الدنيا والآخرة ، من رزق وخلق وثواب وعقاب ومغفرة وحساب ، وتتكرر الإشارة لربوبية الرحمن لتكرس هذا المفهوم لمن ألقى سمعه وحواسه فيقول جل وعلا :
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

وفي موضع آخر فإننا سنجد أن طلب المعونة من الله على الكافرين وما يصفون ، استعانةً بالرحمن الذي هو مناط الربوبية والعون والمدد النازل إلى عباده بهذا الإسم العظيم ، فيقول تعالى :
{ قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } [الأنبياء:112]

ولكن عندما يتعلق الأمر بالعبادة والتأليه والقيام على رفع العمل الصاعد لله تعالى فإن اسم الجلالة "الله" هو الذي نلحظ استخدامه في السياق القرآني ، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [الأحقاف:13]
 
السلام عليكم
اسم الجلاله " الرحمن"[FONT=&quot]:[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا الإسم متعلق بربوبيته جل في علاه لخلقه وإحاطته وقدرته وجميع ما ينزل إليهم من كرمه وعطاءه أو من قوته وعذابه فكانت ذات دلالة مكملة لدلالة الالوهية عند الخلق ، [/FONT]
قدرة الرب وعطاؤه يشملان الكون كله والمخلوقات كلها ، والمؤمن والكافر ، ،لكن اسم" الرحمن" يعطى دلالة على ماهو فوق ذلك
فى قصة زكريا نجد أن عطاء الربوبية يقتضى ألا ينجب زكريا وهو شيخ كبير وزوجته عاقر، ولكن عطاء الرحمانية جعلها تنجب .
ومريم كانت فى كنف الرحمن ، يرزقها بغير حساب ، وبديهى أن تستعيذ بمن هي فى كنفه ممن دخل عليها ولا تعرفه
وكذلك كانت نجاة ابراهيم من النار، وفى قوله تعالى : "يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا " ، إن عذاب الله قد يعنى الاستئصال ، وعذاب الرب يعنى قلة أسباب العيش ، أما عذاب الرحمن فيكون غير ذلك .. ونتيجته فى الآية لا هي الاستئصال ولا الفقر وماشابه .


 
صفة الاستعاذة قد لا تكون ذات أهمية أمام الاستعاذة نفسها ، فقد استعاذت بالرحمن وكان يفترض ان يفارقها جِبْرِيل عليه السلام ولكنه لم يفعل لسبب هام لفت احد الإخوة انتباهي اليه واشحذ أفهامكم إخوتي الكرام لتكشفوا السبب ، واليكم حديث الجونية التي استعاذت من النبي صلى الله عليه وسلم ففارقها من ساعته وألحقها بأهلها احتراما للاستعاذة بالله تعالى:
روى البخاري رحمه الله في صحيحه (5254) عن الإمام الأوزاعي قَالَ : سَأَلْتُ الزُّهْرِي أَي أَزْوَاجِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ ؟
قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : ( أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ لَهَا : لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ ، الْحَقِى بِأَهْلِكِ ) .
فكيف إذا كانت العائذة مريم إبنة عمران ؟؟ فقد كان من المنتظر أن تؤدي استعاذتها لمفارقة جِبْرِيل لها في الحال.
 
لفتةٌ طيبةٌ أخي عدنان.
والفارقُ والله أعلمُ أنَّ المستعاذَ منهُ في حالةِ ابنةِ الجونِ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعَ علُوِّ مقامِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فإنه خشيَ على نفسهِ الوقوعَ فيما يستحقُّ به عقوبةَ الاستعاذة، لكونه بشرًا والبشرُ خطاؤون، بخلافِ حالة مريمَ التي استعاذت من جبريلَ عليه السلام، وجبريلُ عليه السلام مَلَكٌ مجبولٌ على ألا يعْتريه ما يعتري الآدميينَ من الخطأ، {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} (الأنبياء 26 - 27)، وَ{لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم 6).
ثم إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مخيرٌ في الزواج من الجونية، وهو في حلّ من أمرها إن طلّق، بخلافِ جبريل الذي هو مرسلٌ لمهمةٍ ما ينبغي لهُ أن ينصَرفَ حتَّى يؤديَها على الوجه الأكمل الذي يرضي ربنا: { قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا } (مريم 19).
ويلاحظُ في كلام الأنبياء والصديقين والعلماء احتياطهم لأدقِّ تفاصيل الحديث والعمل، ومن ذلك ما جاء في ردِّ عيسى عليه السلامُ على السارقِ كما في البخاريِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ أَسَرَقْتَ قَالَ كَلَّا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَقَالَ عِيسَى آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ عَيْنِي"، وذلكَ خشيةَ أنْ يقولَ له كذبتَ فتقعَ تأوّلا على "لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ"، ولعِظَمِ خلُقهِ ورحمته بالخلقِ وهديه المباركِ في التعليم عليه السلام.
 
في مدارسة ماتعة في مدونتي ، لفت اخ كريم الانتباه للمسألة التالية :
تمثل جِبْرِيل عليه السلام لمريم بشراً سوياً ، سوياً في خلقه فتطمئن اليها نفس مريم عليها السلام وسوياً في خلقته فيبدو عليه الصلاح والتقوى ، ولكن اقتحامه خلوتها جعلها تشتبه في مظهره مع ما يخفيه فخشيت ان يكون "تقيّاً" لغير الله وان ما يظهره يخالف ما يبطنه ، فيكون ما يظهر منه "تقيَةً" لا تتفق مع حقيقة ما يضمره من نوايا تجاه مريم فاستعاذت " إني أعوذ بالرحمن منك " استعاذة مشروطة "إن كنت تقياً" أي اعوذ منك بالله إن كنت تخفي ما يخالف مظهرك فتتقي وانت تحمل نية سوء.
ففهم جِبْرِيل عليه السلام مقصدها فقصر وحصر فقال "إنما أنا رسول ربك" فليس لدي ما أخفيه وتنطوي عليه نفسي من سوء خلاف ما أمرني به ربي بأن أهب لك غلاماً طاهراً منزهاً عن النقائص.
ولا شك بأن التقوى غالباً يأتي مضافاً صراحة أو اضماراً ولا تصلح أن تأتي مجردة ، ومنها قوله تعالى [إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً] فالتقوى ليست لله فقط ، فلكل متقٍ ما يضمره في نفسه لتحقيق تقواه فأهل النفاق مثلا يتقون المؤمنين ولا يتقون الله ، فرأيت أن هذا نلحظ حسن يوجب الوقوف التدبر.

والله تعالى أعلم.
 
السلام عليكم
ولكن اقتحامه خلوتها جعلها تشتبه في مظهره مع ما يخفيه فخشيت ان يكون "تقيّاً" لغير الله وان ما يظهره يخالف ما يبطنه ، فيكون ما يظهر منه "تقيَةً" لا تتفق مع حقيقة ما يضمره من نوايا تجاه مريم
أرى أنه إفتراض غير موجود ولا دليل عليه ،
" تقي" إن أطلقت تدل على أنه يتقي الله ، وإلا لسألنا كل من : يقول فلان تقي .. نسأله : أتقصد تقي لله أم تقي لغير الله ؟
ولنا أن نتخيل طريقة دخول الملك عليها .. لاتوصف بالاقتحام .... إنه لم يكسر بابا ولا شباكا لكنه دخل بطريقة طبيعية غالبا بعد استئذان .. واستعاذت بالرحمن منه لأنها لا تعهد أن يدخل عليها إلا شخص أو أشخاص تعلمهم .. وهذا غريب عنها
فى الآية
جملة الاستعاذة غير جملة الشرط ... لقد أتمت جملة الاستعاذة ، ثم قالت جملة شرطية ، أي الاستعاذة غير مشروطة ،
فى جملة الشرط ذُكر فعل الشرط .. أما جواب الشرط فإنه مفهوم من السياق وهو اخرج أو اتركنى وشانى أو ماشابه .
 
عودة
أعلى