تحيّاتي لشيخنا الفاضل السالم الجكني
- ابن الجزري نفسه قال إنه حرر كتابه ، فما في النشر محرر على مراد صاحبه الذي لم يزد في تحريره حرفاً طيلة 35وثلاثين عاماً .
جوابك هذا عليك، إذ مهما بلغ الرجل من العلم إلاّ وتراجع عن بعض ما جنح إليه أوّلا، وأغرب كيف لم يزد في تحريره حرفاً واحداً طيلة هذه المدّة. الذي أعرفه أنّه استدرك على كتابه النشر في تبريز عندما ذكر بعض مسائله الموسومة بالمسائل التبريزية، والدليل على ذلك أنّها ألحقت بكتاب النشر، والمحرّرون لا ينسبون هذه المسائل إلى النشر، فلعلّكم تصوّبونني في هذه الجزئيّة بالذات إذ إنّكم أدرى منّي بذلك. ثمّ لو سلمنا أنّه ما زاد حرفاً واحداً طيلة هذه المدّة فهل يدلّ ذلك أنّه معصوم وأنّ ما ذكره في النشر صحيح من طرقه المسندة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فأنتم - أيها المحررون - بين مسألتين :
أ- تكذيب ابن الجزري رحمه الله - وحاشاه وحاشاكم من ذلك- في ادعائه أنه حرر كتابه!!
ب- استدراك على ابن الجزري ما لم يستدركه على نفسه !
هذا شرف عظيم لي أن تنسبني إلى المحرّرين.
أفهم من قولكم أنّ الأمر لا يخلو من شيئين: إمّا وصف ابن الجزريّ بالكذب، أو بالعصمة، فإمّا أننا ملزمون بما في النشر اعتقاداً منّا بأنّه معصوم، أم أننا لا نعتقد عصمته في ذلك فنحن نحكم عليه بالكذب في هذه الحال. والصحيح أننّا نعتقد بأنّه بشر يُخطئ ويصيب، وأنّه ناقل للرواية وليس مصدراً لها، وأنّنا ملزمون بما في النشر شريطة أن يكون موافقاً لمضمون المصدر وفق الطريق المسند، لأنّ اتّباع النصوص، وعدم الالتزام بالأداء المنقول مطلقاً هو من منهج ابن الجزريّ الذي أعمله في كتابه النشر.
وأيضاً : هل ابن الجزري بنى كتابه فقط على الكتب حتى تلزموه وتلزموا كتابه باجتهاداتكم التي نسبة اتفاقكم عليها لا تعدو 20% !
وأقول للمبتدئين أمثالي : ابن الجزري لم يعتمد على الكتب فقط ، بل روى طرقاً وروايات بأسانيد لا توجد في كتاب من أصوله ، فكيف والحال هذه أنكم مصممون على أن كل شيء غير موجود في الكتب لا يمكن أن يكون الصواب فيه مع ابن الجزري ؟ ألا يكفي وجوده في النشر الذي هو كتاب أهل القراءات المعتمد عند الجميع ؟
إن كنت تقصد الطرق الأدائية فعلى العين والرأس، فأنا من الملتزمين بما في النشر لعدم توفّر المصادر من جهة، ولكون ابن الجزري ثقة، وهذا هو الأصل، إذ الخبر إن جاء عن ثقة وجب قبوله إن لم يرد ما يبطله، لذلك لم تُقبل زيادات الثقات إن خالفت. بل الأمر أعمّ من ذلك، فكلّ ما وقع فيه غموض، وإشكال فالنشر هو المخرج، وكذا فيما يتعلّق بالمصادر المفقودة حيث كان المحرّرون يعتمدون على ظاهر النشر عند افتقاد المصدر.
ما قاله تلميذ ابن الجزري هو رأي واجتهاد منه لا يلزم ابن الجزري بحال من الاحوال ، حتى التلميذ نفسه لم يجرؤ على أن ينسبه لشيخه ألبتة ، بل صرح بأن قراءته عليه تخالف اجتهاده .
ومن قال أنّ كلام طاهر بن عرب يلزم ابن الجزري ؟ لا هذا ملزم بقول هذا، ولا الثاني ملزم بقول الأوّل إذا اتضّح الدليل وجب الخضوع له، وهكذا العلم.
والعجب أنكم تأخذون باختيار التلميذ الذي لا تمر أسانيدكم عليه ، وتمنعون اختيار ابن الجزري الذي صرح بأنه قرأ به ، وأنه صحيح عنده ، وأسانيدكم كلها تمر عليه ، فهل هذا تحرير !!!
شيخنا، القضيّة ليست قضيّة إسناد، القضية في التثبّت من أنّ الغنّة ثبتت بالدليل عن الأزرق من الطرق النشرية، فإن لم تثبت، فثبوتها في النشر لا يلزمني لأنّ إسنادي يمرّ كذلك بتلك المصادر، فابن الجزري هو الملزم باتّباع ما في المصادر لأنّه ناقل للرواية وليس مصدراً لها، والقراءة سنة متّبعة.
لكلام طويل والاعتراضات على المحررين وتحريراتهم لا يكفيها الوقت الآن .
بل أقول لكم بكلّ تواضع، إنّ المحرّرين أدّوا ما عليهم، فالذي قاموا به هو جزء ممّا كان ينبغي القيام به اتّجاه كتاب النشر، لعلّ الأيّام تتيح لي توضيح ذلك.
شيخنا الفاضل لكم منّي كلّ الاحترام والتقدير، وأتشرّف دائما بالحوار معكم.
أما قول الشيخ آيت عمران:
لاحظ أن المشايخ وجهوا عنايتهم إلى غنة الأزرق ومنع ابت طاهر بن عرب إياها، ولم يتكلموا عن منعه -
رحمه الله
- غنة اللام والراء للنقاش على الإشباع، ولأصحاب السكت كابن ذكوان وحفص، أو على الأقل ابن الأخرم.
إنّ شيخنا الجكني هو الذي وجّه النقاش إلى مسألة الغنّة لا أدري لماذا فلعلّه يجيبنا إن شاء الله تعالى. أمّا فيما يتعلّق بالغنّة مع السكت لحفص فالمسألة محسومة عند المحرّرين لأنّ السكت لحفص هو من طريق التجريد، والروضة للمالكي والتذكار وليست الغنة من طرقهم لأنّ الغنة لحفص هي من الكامل والوجيز. أمّا بالنسبة للنقاش فلم أبحث بعد في المسألة، والذي قرأت به هو الغنّة مع الإشباع من غير سكت للنقاش، ولابن ذكوان مع السكت والغنّة مع التوسط.
والعلم عند الله تعالى.
لو اعتمدنا تحريره في هذين الأخيرين لزم تخطئة المحررين من كلا المدرستين.
ليس هناك أيّ إلزام بما قاله طاهر بن عرب، وإنّما القضيّة قضيّة بحث وتحقيق. فإن ثبت صحّة ما جنح إليه بالدليل صار ملزماً للباحث إن كان عن قناعة.
تحياتي للجميع.