لمحة عن عقيدة التخلق بأخلاق الله .

إنضم
01/05/2010
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الطائف / حي السداد

01.png


يدعو بعض المتكلمين إلى التخلق بأخلاق الله تعالى؛ ويستدلون على ذلك بحديث :(تخلقوا بأخلاق الله)، ويبدو أن الدافع الأساس لهذه الدعوة هو التأثير الفلسفي لا اتباع الحديث؛ لأن هؤلاء المتكلمين لايقبلون حديث الآحاد حتى لو كان في الصحيح فضلا عن حديث كهذا لا يُعرف له أصل في شيئ من كتب السنة!
وبقطع النظر عن الدوافع والمقاصد فإن الدعوة إلى التخلق بأخلاق الله تعالى لها محملان : -

أحدهما : محمل صحيح ؛ وهو اتصاف العبد بما يناسبه من صفات الله تعالى ؛ كالعلم والرحمة والحكمة ونظائرها ؛ كما في حديث:(إن الله طيب لايقبل إلى طيبا) وحديث:(إن الله جميل يحب الجمال).
وتقييد الصفات بمايناسب العبد يخرج الصفات التي لا يجوز للعبد الاتصاف بها ؛ كالألوهية والكبر والجبروت! فإن هذه خاصة بالرب لايجوز أن يشاركه فيها أحد ادعاءً كما أنه لاشريك له فيها حقيقة!

والثاني : محمل فاسد ؛ وهو محاولة الاتصاف بكل صفات الله تعالى ؛ بناء على القاعدة الفلسفية الشهيرة غاية الحكمة ونهاية الكمال الانساني التشبه بالإله على قدر الطاقة!! وهذه المحاولة تعم حتى الصفات المختصة بالله تعالى؛ كالتأله مثلا ؛ بل إنني أكاد أجزم أنهم إنما يقصدون هذا الضرب من الصفات؛ لأنهم من أكبر أهل التعطيل؛ فغاية أحدهم أن يكون نداً لله تعالى لا عبداً له! وهذا سر الفلسفة الحقيقي ؛ ولهذا تجد مقصد أحدهم بعد الموت أن يكون من جنس العقول العشرة التي تخيلوها؛ بريئا من المادة وعلائقها! وهذا هو المعاد الروحاني الذي دانت به الفلاسفة خلافا لجميع المسلمين !
والغريب - ولا غريب من المتكلمين - أن صاحب الدعوة إلى التخلق بأخلاق الإله هو نفسه الذي كَفَّرَ الفلاسفة بالقول بالمعاد الروحاني ! وهذا يحقق ما قاله عنه ابن طفيل من أنه يربط في موضع ويحل في آخر ويكفر بأشياء ثم ينتحلها !
 
جزاك الله خيرا يا دكتور عيسي علي تلك الفائدة نفيسة والتحليل دقيق لهذه الكلمة نعم فموقف المتكلمين من السنة النبوية بل من الكتاب أيضا مما ينبغي التنبه له ومن الرسائل العلمية التي بينت ذلك رسالة الدكتور سليمان الغصن "موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة طبعة دار العاصمة1416هـ وأنا في انتظار فوائدك
 
أشكر الأخوة على كريم مشاعرهم وأوافق الأخ الكريم يسري خضر على ماذكره وأود أن أضيف لكلام فضيلته التنبيه على ظاهرة التناقض عند المتكلمين نقلا وعقلا ! فهم يرفضون الاستدلال على العقيدة بخبر الواحد حتى لوكان في الصحيح ثم يقررون عقائد كهذه بأحاديث لاأصل لها ! وأيضا فهم يعطلون الصفات الإلهية كما هو معلوم ثم يدعون إلى التخلق بصفات الله ! فبم يتخلق العبد وصفات الرب عندهم معطلة ؟! ولعل هذا ابتلاء أو عقوبة لهم فقد زعموا أن إجراء النصوص على ظاهرها يستلزم التناقض والتشبيه فابتلاهم الله بهما معا فإن تعطيل الصفات يستلزم التشبيه بالمنقوصات أو الجمادات أو المعدومات أو الممتنعات ! والجزاء من جنس العمل وماربك بظلام للعبيد .
 
أكرِّرُ شُكري وتقديري للأستاذ الدكتور عيسى السعدي - حفظه الله وزاده علماً وتوفيقاً - على هذه الدقائق العلمية المهمة جداً التي يتحفنا بها، وينتقيها لنا بأسلوب العارف الخبير، ونحن في أمسِّ الحاجة إلى تعاهدنا في الملتقى من الدكتور عيسى السعدي خصوصاً - لما لكتابته من القبول والمتانة - بالبيان لأهم كتب العقيدة الصحيحة ومناهجها ومسائلها.
حيث إننا - لكثرة استغراقنا في التخصص العلمي - نحتاج إلى التذكير بأبرز وأهم مسائل وكتب الاعتقاد والمميز من الصادر حديثاً فيها والتي لا يستغني عنها المتخصص في القرآن الكريم وعلومه .
وقد فرغتُ قبل أيام من قراءة كتاب (الاعتصام) للإمام الشاطبي رحمه الله، بعد أن كنت قرأته للمرة الأولى عام 1412هـ ونحن ندرس مقرر العقيدة في كلية الشريعة بأبها، واستفدت منه فائدة كبيرةً جداً، وشعرتُ كأنني أقرؤه لأول مرة، ولولا تعليقاتي بخطي على الكتاب لشككتُ أنني قرأته من قبل !
وأضمرتُ في نفسي أن أطلب من شيخنا الدكتور عيسى السعدي أن يتعاهدنا بالإشارة إلى مثل هذه الكتب الأمهات التي يشعر القارئ لها بفائدة كبيرة جداً في تأصيل علمه، والاطلاع على ثَمرات عقول هؤلاء الأئمة الكبار، ليسلم من إهدار وقته الثمين في التشتت بين مؤلفات لا تستحق العناء ولا يخرج منها القارئ بثمرة علمية كبيرة توازي الوقت المبذول في قراءتها والاطلاع عليها. وليت أخي الدكتور عيسى يلخص لنا رأيه في القيمة العلمية للاعتصام والإضافة المميزة التي أضافها لكتب الاعتقاد .
وفقكم الله شيخنا العزيز وتقبل منكم .
 
الأخ الكريم الدكتور عبدالرحمن الشهري حفظه الله وبارك في حياته
أشكركم على ثقتكم الغالية وحسن ظنكم وعلى متابعتكم الدقيقة التي وصلت بالمنتدى إلى هذا المستوى الذي نشرف جميعا بالانتساب إليه ! والحمدلله الذي جمعنا تحت راية القرآن .
أما بخصوص كتب العقيدة فقد اعددت مقالا مختصرا حوى أهم كتب العقيدة ربما أنشره قريبا بعد مراجعة أخيرة وإضافات يسيرة
وأما الدراسة المفصلة لبعض كتب العقيدة فلعلها تكون مستقبلا بإذن الله تعالى ؛ وبخصوص الكتاب الذي ذكرتم فلاشك أنه على درجة كبيرة من الأهمية ، وقد كنا ندرس بعض مباحثه لطلاب العقيدة ثم طلاب الشريعة ، ويعتبر من أهم المراجع فيما يتعلق بالرؤى وبخاصة رؤية النبي ؛ وكذلك يعتبر أوسع كتاب في شرح حديث الافتراق الذي يدرسه الطلاب في علم الفرق . وقد استهواني الكتاب كما استهواكم فقرأته فيما بعد كاملا ودونت عليه تعليقات كثيرة لعلي أراجعها في الوقت المناسب ثم أكتب نبذة عن هذا الكتاب القيم ! ولكن من العجيب أن هذا الرجل على فضله وعلمه وتعظيمه للنقل سلم ببعض أصول الأشاعرة وبنى عليها ؛ كزعمهم أن دلالات الألفاظ لاتفيد اليقين ! وهناك ملحوظات أخرى دونتها أثناء القراءة فيها تأثر واضح بمذهب الأشاعرة ؛ فينبغي لطالب العلم أن يتنبه لذلك أثناء القراءة لهذا العالم العلم الذي تعتبر كتبه بحق من أثرى وأنفع كتب أهل العلم . وختاما أكرر شكري لفضيلة الدكتور عبدالرحمن ولكافة الأخوة القائمين على هذا المنتدى المتألق شكلا وموضوعا وأسأل الله تعالى أن يبارك جهودهم وأن يزيدهم من فضله آمين
 
شكر الله لكم يا دكتور عيسى هذا البيان والجواب الشافي ، ونحن في انتظار تلك المقالة عن أهم كتب العقيدة وفقكم الله، وفي انتظار بقية ما ييسره الله لكم من فوائد وتوجيهات حول مسائل الاعتقاد ، ولو كانت لمحات خاطفة مركزة كهذه المقالة عن (التخلق بأخلاق الله) .
 
الحمد لله وحده..

عقيدة الشاطبي لا يقال فيها سلم ببعض أصول الأشعرية،أو تأثر بالأشاعرة،فهذا تقصير في بيانها يجب كشفه،ولعل مراد الدكتور عبد الله ما ظهر له من خلال كتاب الاعتصام..

أما الحكم العام باستقراء كتب الشاطبي = فهو -رحمه الله-أشعري قائل بأكثر أصول الأشاعرة في القرآن والصفات والعلو والاستواء والإيمان ووالكسب والتعليل وخبر الواحد والتأويل..
 
عوداً على موضوع التخلق بأخلاق الله ...
العجيب أن هؤلاء الذين يدعون للتخلق بأخلاق الله ينفون الصفات بحجة الفرار من التشبيه ، وتنزيه الله عن مشابهة المخلوقين . فكيف يدعون للتخلق بأخلاقه وهم ينفون صفاته ويعطلونها ؟
 
حياكم الله يادكتور عبدالرحمن وشكر الله لكم الاهتمام بهذا الموضوع والعودة إليه مرة أخرى وأعتذر لتأخر الرد فقد كنت مشغولا
وبخصوص ماذكرتم فهو سؤال في محله تماما ويبدو أن الذين يدعون إلى التخلق بأخلاق الله على نوعين :-
1- من غفل عن أصله في التعطيل وتناقض فركب الشيء على غير أصله وهذا كثير في المتكلمين ؛ فمثلا عند التأصيل النظري ينفون العلو ويزعمون أن الله لاداخل العالم ولاخارجه وعند التأله يميل بعضهم إلى الحلول ويطلبه في كل مكان ! وقد نبه لذلك شيخ الإسلام رحمه الله .
2- من عقل أصل هذه الدعوى وتابع الفلاسفه وحينئذ يكون كلامه وإن كان باطلا إلا أنه يوافق أصله ؛ فإن الفلاسفة يزعمون أن الإله عقل محض ؛ وهذا يعني نفي جميع الصفات ! وكمال الإنسان عند الفلاسفة أن يكون إلهيا بعد أن كان هيولانيا !! أي أن كمال الإنسان أن يكون عقلا محضا من جنس الإله الذي تخيلوه والعقول المفارقة التي تماثله بزعمهم ! ولهذا زعموا أن المعاد روحاني فقط وكمال النفس في أن تكون من جنس هذه العقول ! فدعوى التشبه إذن توافق أصلهم الباطل ؛ لأن التشبه في التجرد من الصفات حتى يكون عقلا محضا من جنس الإله !! وفي هذه الدعوى دلالة قاطعة على أن غاية أحدهم أن يكون ندا لله لاعبدا له ( إن في صدورهم إلا كبر ماهم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) .
 
عودة
أعلى