لمحات في متن الشاطبية

إنضم
09/04/2007
المشاركات
1,499
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
لمحات في متن الشاطبية


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرورأنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أنلا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه و سلم


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ


يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما


ثم أما بعد :


إن أصدق الحديث كتاب الله و خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه و سلم


وبعد :



فهذه إطلالة سريعة علي بعض المسائل التي اختلف فيها شراح متن الشاطبية ، وحاولت قدر الجهد إثبات ما صح لدي في المسألة ، كما وضعت بعض التنبيهات علي بعض الاختلافات من جهة الأداء مدعما قولي بأقوال أئمتنا وسلف الصالح . والله المستعان .




الاستعاذة :



99 - وَإِخْفَاؤُهُ فَصلْ أَبَاهُ وَعُاَتُنَا *** وَكَمْ مِنْ فَتىً كالْمَهْدَوِي فِيهِ أَعْمَلاَ



مسألة : قوله" فصل أباه" هل يعدا من الرموز أم لا ؟



قال الشيخ القاضي في كتابه " الوافي في شرح الشاطبية " بعد ذكره شرح البيت السابق : ..ولكن الصحيح أن لا رمز في البيت ..ثم أخذ في توجيه ما ذهب إليه )ص44


وبالرجوع لشراح الشاطبية الأوائل نجد أنهم يقرون بأن قوله ( فصل أباه) يعدا رمزا وهما لحمزة ونافع ـ رحمهما الله ـ .



قال السخاوي وهو تلميذ الشاطبي : نُقِل إخفاء التعوذ عن حمزة ونافع في قوله " فصل أباه وعاتنا "وأشار بظاهر اللفظ إلي ضعف هذا المذهب)ص268



وقال أبو شامة في شرحه ص92 : أي روى إخفاء التعوذ عن حمزة ونافع لأن الفاء رمز حمزة والألف رمز نافع وهذا أول رمز وقع في نظمه والواو في وعاتنا للفصل وتكررت بقوله وكم هذا هو المقصود بهذا النظم في الباطن .​

وأما ظاهره فقوله فصل يحتمل وجهين :

أحدهما : أنه فصل من فصول القراءة وباب من أبوابها كرهه مشايخنا وحفاظنا أي ردوه ولم يأخذوا به والوعاة جمع واع كقاض وقضاة يقال وعاه أي حفظه .

والثاني : أن يكون أشار بقوله فصل إلى بيان حكمة إخفاء التعوذ وهو الفصل بين ما هو من القرآن وغيره فقوله وإخفاؤه فصل جملة ابتدائية وأباه وعاتنا جملة فعلية وهي صفة لفصل على الوجه الأول مستأنفة على الوجه الثاني لأن الوعاة ما أبوا كونه فاصلا بين القرآن وغيره وإنما أبا الإخفاء الوعاة لأن الجهر به إظهار لشعار القراءة كالجهر بالتلبية وتكبيرات العيد . )ا.هـ



والمعلوم أن الشاطبي ـ رحمه الله ـ اختصر في متنه كتاب التيسير للإمام الداني كما قال هو :



وَفي يُسْرِهَا التَّيْسِيرُ رُمْتُ اخْتَصَارَهُ فَأَجْنَتْ بِعَوْنِ اللهِ مِنْهُ مُؤَمَّلاَ​



وبالرجوع لكتاب التيسير وجدناه ذكر الإخفاء عن نافع وحمزة قائلا : وروى اسحق المسيبي عن نافع أنه كان يخفيها في جميع القرآن ، وروى سليم عن حمزة أنه كان يجهر بها في أول أم القرآن خاصة ويخفيها بعد ذلك في سائر القرآن كذا قال خلف عنه وقال خلاد عنه أنه كان يجيز الجهر والإخفاء جميعا والباقون لم يأت عنهم في ذلك شيء منصوص وبالله التوفيق))ا.هـ​




فالراجح أنهما رمز كما جاء في أصل الشاطبية وهو التيسير وكما نقل ذلك تلميذه الإمام السخاوي كما سبق .



إلا أن الإمام ابن الجزري ـ رحمه الله ـ صحح في طيبته الإخفاء عن حمزة فقط من طرق كتابه ، ولم يأخذ ما صح عن نافع من رواية المسيبي حيث قال :



وقيـــل يخفي حمــزة حــــيث تـــلا ***وقــيل لا فـاتحـــة وعـــــلــــــلا




وقال في نشره :



الأولى : أن المختار عند الأئمة القراء هو الجهر بها عن جميع القراء لا نعلم في ذلك خلافاً عن أحد منهم إلا ما جاء عن حمزة وغيره مما نذكره وفي كل حال من أحوال القراءة كما نذكره .



قال الحافظ أبو عمرو في جامعه: لا أعلم خلافاً في الجهر بالاستعاذة عند افتتاح القرآن وعند ابتداء كل قارئ بعرض أو درس أو تلقين في جميع القرآن إلا ما جاء عن نافع وحمزة ثم روى عن ابن المسيبي أنه سئل عن استعاذة أهل المدينة أيجهرون بها أم يخفونها؟


قال ما كنا نجهر ولا نخفي،ما كنا نستعيذ ألبتة.


وروى عن أبيه عن نافع أنه كان يخفي الاستعاذة ويجهر بالبسملة عند افتتاح السور ورؤوس الآيات في جميع القرآن.


وروى أيضاً عن الحلواني قال خلف: كنا نقرأ على سليم فنخفي التعوذ ونجهر بالبسملة في الحمد خاصة ونخفي التعوذ والبسملة في سائر القرآن نجهر برؤوس أثمنتها وكانوا يقرؤون على حمزة فيفعلون ذلك، قال الحلواني: وقرأت على خلاد ففعلت ذلك. قلت : صح إخفاء التعوذ من رواية المسيبي عن نافع وانفرد به الولي عن إسماعيل بن نافع وكذلك الأهوازي عن يونس عن ورش ، وقد ورد من طرق كتابنا عن حمزة على وجهين:




أحدهما : إخفاؤه وحيث قرأ القارئ مطلقا أي في أول الفاتحة وغيرها وهو الذي لم يذكر أبو العباس المهدوي عن حمزة من روايتي خلف وخلاد سواء وكذا روى الخزعي عن الحلواني عن خلف وخلاد. وكذا ذكر الهذلي في كامله وهي رواية إبراهيم بن زربى عن سليم عن حمزة.




الثاني: الجهر بالتعوذ في أول الفاتحة فقط وإخفاؤه في سائر القرآن، وهو الذي نص عليه في المبهج عن خلف عن سليم وفي اختياره وهي رواية محمد بن لاحق التميمي عن سليم عن حمزة ورواه الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه عن أبي الحسن بن المنادي عن الحسن بن العباس عن الحلواني عن خلف عن سليم عن حمزة أنه كان يجهر بالاستعاذة والبسملة في أول سورة فاتحة الكتاب ثم يخفيها بعد ذلك في جميع القرآن. وقرأت على خلاد فلم يغير علي وقال لي كان سليم يجهر فيهما جميعاً ولا ينكر على من جهر ولا على من أخفى، وقال أبو القاسم الصفراوي في الإعلان: واختلف عنه يعني عن حمزة أنه كان يخفيها عند فاتحة الكتاب وكسائر المواضع أو يستثني فاتحة الكتاب فيجهر بالتعوذ عندها فروى عنه الوجهان جميعاً انتهى. وقد انفرد أبو إسحاق إبراهيم ابن أحمد الطبري عن الحلواني عن قالون بإخفائها في جميع القرآن.)ا.هـ


هذا والله أعلم .
 
الشيخ الكريم.
أنقل لفضيلتك ما جاء في "شرح روضة التقرير" وهو موافق لما تفضلتم به.
قال الديواني ناظمًا وشارحًا[بتعليقي]:
الاستعاذة والبسملة
كَالنَّحْلِ جَاءَتْ وِفَاقًا ثُمَّ مُطْلَقُنَا * * * لِكُلِّ قَارٍ يَعُمُّ الْجَهْرَ كَيْفَ بَدَا
الضمير في جاءت راجع إلى الاستعاذة، ومعنى كالنحل يريد {فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98].
ثم أخبر أنَّ الجهر بذلك عند أبي العِزِّ مُطْلَقٌ لكل القُرَّاء عند ابتداء القراءة، ولو بآية واحدة.
وَعِنْدَهُمْ قَدْ رَوَى الإِخْفَا لِنَافِعِهِمْ * * * إِسْحَاقُهُ وَرَوَى التَّخْيِيرَ مُطَّرِدَا
خَلاَّدُهُمْ عَنْ سُلَيْمٍ وَاكْتَفَى خَلَفٌ * * * عَنْهُ بِالاِخْفَاءِ إِلاَّ الْحَمْدَ فَاتَّحَدَا
الذي ذكره أبو عمرو في كتاب "التيسير" أنَّ إسحاقَ المُسَيَّبِيّ روى إخفاءَ الاستعاذة عن نافِعٍ حيثُ ابتَدَأَ، وذكر أنَّ خلاَّدًا رَوَى عن سُلَيْم عن حمزة التخييرَ بين الإخفاء والجهر حيث ابتدأ أيضًا، وروى خلفٌ عن سُلَيْم حيث ابتدأ إلاَّ إذا قرأ الفاتحةَ فإنَّهُ يجهَرُ بالاستعاذة، وهذه المسائل مِمَّا تَسامَحَ فيها الإمام الشاطِبِيُّ رحِمه الله تعالى؛ فإنه ذكر الإخفاءَ مطَّرِدًا حيث بدأ عن نافعٍ وعن حمزةَ من غير تفصيل؛ فعلى هذا يُقْرَأُ لِنَافِعٍ وحمزة في[1] رأي الشاطبي بالإخفاء وجْهًا واحِدًا، وعلى ما ذكر صاحبُ التَّيْسِير لنافعٍ وجهانِ: الجهْرُ من كُلِّ طُرُقِه ورواياته، والإخفاء من طريق إسحاق المسيَّبي[2]، وكذلك لحمزة وجهان في رواية خلاَّد والإخفاءُ وجهًا واحدًا في رواية خلف إلاَّ في الفاتحة، والله أعلم.

[1] أو (على)

[2] مع أنه ليس من طرق التيسير.
 
السلام عليكم
بارك الله فيكم ونفع الله بكم .
وهل كتاب الديواني مطبوع أم مازال يحقق ؟
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم
 
اللمحة الثانية

اللمحة الثانية

(ش) وَوَصْلُكَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فَصَاحَةٌ*** وَصِلْ وَاسْكُتَنْ كُلٌّ جَلاَيَاهُ حَصَّل


وَلاَ نَصَّ كَلاَّ حُبَّ وجْهٍ ذَكَرْتُهُ وَفِيهاَ خِلاَفٌ جِيدُهُ وَاضِحُ الطُّلاَ


مسألة : قوله" كلا حب" وقوله " جيده " هل يُعَدُّوا من الرموز أم لا ؟



قال الإمام أبو شامة : ..... فحاصل ما في هذا البيت أن الخلاف في البسملة مروي عن ابن عامر وورش وأبي عمرو ، بل أكثر المصنفين لم يذكروا عن ابن عامر إلا البسملة ، وقد ذكرنا عبارة المصنفين عنهم في ذلك في الشرح الكبير ، فإذا قلنا : لا يبسملون فهل يصلون كحمزة أو يسكتون ؟ لم يأت عنهم في ذلك نص وذكر الشيوخ الوجهين لهم استحبابا وقد بسطنا الكلام في ذلك بسطا شافيا .


ولم نجعل في هذا البيت رمزا لأحد كما ذكر غيرنا(لعله يقصد شيخه السخاوي ـ رحمه الله ـ ) فإنا إذا قلنا : إن (كلا حب رمز ابن عامر وأبي عمرو) لزم من مفهوم ذلك أن يكون ورش عنه نص في التخيير وليس كذلك بل لم يرد عنه نص في ذلك ، وإن قلنا: إن (جيده) رمز ورش لزم أن يكون ابن عامر وأبو عمرو لم يرد عنهما خلاف في البسملة وهو خلاف المنقول فلهذا قلنا لا رمز في البيت أصلا والله أعلم))ا.هـ



قال ابن القاصح في شرحه للشاطبية : اختلف الشراح : هل في هذا البيت رمز أم لا ؟ فأكثرهم علي أن الكاف والحاء من " كلا حب " رمز وكذلك الجيم من " جيده " رمز ....)ص28



ولقائل أن يقول : ما الذي يترتب علي هذا الخلاف ؟؟



الجواب كما ذكر الشيخ الضباع في " مختصر بلوغ الأمنية "ما مفاده : فيقتصر لأبي عمرو وابن عامر علي السكت والوصل دون البسملة ، ويؤخذ لورش بالثلاثة وذلك موافق لما في التيسير عن أبي عمرو وابن عامر دون ورش فتكون البسملة له من زيادات القصيد ( هذا في حالة كونهم رموزا ) .أو ليست رموزا فيؤخذ لهم بالثلاثة وتكون البسملة لهم من زيادات القصيد ...ثم جزم بكونها ليست رموزا فقال : وهذا هو المأخوذ به الآن أراد الناظم أن يبين ذلك فقال :



وَفِيهاَ خِلاَفٌ جِيدُهُ وَاضِحُ الطُّلاَ *** وذا الخلف للبصري وشام تنقلا "بتصرف ص28



قال السخاوي : يعني أنه لا نص في ذلك عن ابن عامر وأبي عمرو ولكنه وجه مستحب من الشيوخ يعني التخيير من غير تحديد ..ثم قال السخوي : والخلاف المشار إليه عن ورش أن أبا غانم الظفر بن أحمد بن حمدان المقرئ كان يأخذ بالبسملة لورش في جميع القرآن ..) 1/257


قال أبو شامة : .... أي لم يرد بذلك نص عن هؤلاء بوصل ولا سكوت وإنما التخيير بينهما لهم اختيار من المشايخ واستحباب منهم وهذا معنى قوله حب وجه ذكرته وكلا حرف ردع وزجر كأنه منع من اعتقاد النصوصية عن أحد منهم على ذلك ثم قال وفيها أي في البسملة خلاف عنهم جيد ذلك الخلاف واضح الطلا أي أنه مشهور معروف عند العلماء)ا.هـ



وقال ابن الجزري في التحبير "وبكل من السكت والوصل قطع جماعة من الأئمة لورش وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب ، وبالسكت قرأ المؤلف (يقصد الداني) لورش على جميع شيوخه، ولأبي عمرو على أبي الحسن وأبي الفتح وابن خاقان ، ولابن عامر على أبي الحسن ، وبالوصل قرأ على الفارسي لأبي عمرو ، وبالبسملة قرأ لابن عامر على الفارسي وأبي الفتح فهذا من المواضع التي خرج فيها عن طريق الكتاب والله الموفق" اهـ ص 39



يقول الدانى فى التيسير : " ويختار من مذهب ورش و ابن عامر و ابى عمرو السكت بينالسورتين بدون قطع وابن مجاهد يرى وصل السورة بالسورة مع تبيين الاعراب و يرى السكتايضا)ا.هـ



وما قاله الداني نقله الإمام الشاطبي إلا أنه زاد لورش وجه البسملة وهو ما يعبر عنه بـ ( زيادات القصيد ) فعلي ما في التيسير فالمقصود بـ(كلا حب ..خلاف جيده) الإمام ابن عامر وأبي عمرو وخلاف ورش .


أما ما استشكله العلامة أبو شامة حيث قال : ... لزم من مفهوم ذلك أن يكون ورش عنه نص في التخيير وليس كذلك بل لم يرد عنه نص في ذلك ...)ا.هـ



قال د حميتو : ... فقول الخراز"والعمل في ذلك على رواية أبي يعقوب ـ يعني ترك البسملة ـ يفيد بظاهره أن البسملة ليست برواية عنه وإنما هي اختيار بعض الشيوخ الآخذين بطريقه كأبي غانم المذكور ومحمد بن علي الأذفوي.

والصحيح أن البسملة بين السورتين ثابتة أيضا في طريق الأزرق في رواية ابن هلال عن أبي الحسن النحاس عنه. قال الإمام برهان الدين الجعبري في الكنز: "وهو طريق ابن هلال عن الأزرق، وبه أخذ أبو غانم والأذفوي، وتركها طريق ابن سيف، وبه أخذ أبو الطيب" ويعني ابن غلبون.

وقد أشار أبو زيد بن القاضي إلى الوهم الذي وقع للشراح في شرح قول ابن بري المذكور فقال: "كذا وقع لهم، وفيه نظر، لأن ذلك يؤدي إلى تخليط الطرق، لأن الشيخ ـ رحمه الله ـ لم بتعرض في "الدرر" إلا لرواية الأزرق فقط عن ورش، وأبي نشيط عن قالون، بل الصواب أن استعمالها وعدم استعمالها معا منقولان عن أبي يعقوب الأزرق، فتركها رواية أبي بكر عبد الله بن سيف، واستعمالها رواية أبي جعفر أحمد بن هلال الأزدي عنه، فإذا أردت حفظ هذا فزد بعد قول أبي الحسن نقلا:
"فنجل سيف تركها به تلا… عن يوسف، وابن هلال أعملا
وقال بعض أشياخنا:
ومن طريق ابن هلال بسملا ... أزرقهم ومن ريق الغير لا"
وبهذا يعلم أن الفصل بالبسملة بين السورتين ثابت عن ورش من طريق الأزرق أيضا ثبوت ترك الفصل، إلا أنه خلاف المشهور، وبذلك يكون الفصل له بالبسملة ـ كما أصبح العمل عليه اليوم في قراءة الحزب وغيرهما عند المغاربة ـ لا يصادم الرواية وإن كان فيه مخالفة المشهور الذي كان عليه العمل وما يزال في البوادي ومدارس القراءة.)أ.هـ




والاستشكال الآخر لأبي شامة : وإن قلنا إن جيده رمز ورش لزم أن يكون ابن عامر وأبو عمرو لم يرد عنهما خلاف في البسملة وهو خلاف المنقول فلهذا قلنا لا رمز في البيت أصلا والله أعلم))ا.هـ


الجواب : قد يعذر الشاطبي لأنه نقل ما في التيسير لهذين الإمامين والمنقول عنهما في التيسير عدم البسملة ..والله أعلم
 
واسمح لي بنقل ما يخص لمحتكم الثانية من كلام الديواني أيضًا.

قال:
* وَابْنُ الْمُجَاهِدِ يَخْتَارُ السُّكُوتَ لَهُمْ = وَالْوَصْلَ مَعْ حَمْزَةٍ وَالنَّصُّ مَا وُجِدَا
* لِلشَّامِ وَابْنِ العَلا وَالشَّاطِبِيُّ حَكَى = خُلْفَ التَّبَسْمُلِ عَنْ وَرْشٍ لِمَا وَرَدَا
الضمير في لهم عائدٌ على وَرْشٍ وأبي عمرٍو في المذهب الشاميّ، فأخبر أنّ ابْنَ مُجَاهِدٍ أجازَ لِهَؤُلاءِ الثلاثة السكت المُتَوَقَّف عليه في المذهب العراقي، وأجاز الوصل بالإعراب لهم كحمزة وذلك من غير نَفَسٍ في كتاب "التيسير" عن ابن عامر وأبي عمرو، ولكن هو اختيار ابن مجاهد.
فأمَّا وَرْشٌ فَقَدِ اخْتَلَفَ الإمامانِ السخاوي والفاسي في مذهبه؛ لأنَّ الشاطبيَّ زاد على التَّيْسيرِ البسملةَ له بخلاف؛ فأمَّا السخاويُّ فأوَّلَ قولَ الشاطبيّ: «وَفِيهَا خِلافٌ جِيدُهُ» أي السكتة خلاف عن ورش؛ فعلى هذا يتعيَّنُ تركُ النَّصّ لأبي عمرو ويتعين النص في التخيير لورش[1].
وأمَّا الفاسِيّ فإنَّه أوَّلَ أنَّ ضميرَ: «وَفِيهَا خِلافٌ» راجعٌ إلى البسملة الزائدة على "التيسير" لورش؛ فعلى هذا يتعيَّنُ لوَرْشٍ تَرْكُ النَّصّ أيضًا في التَّخْيير كإمامه،
[[12]] ويتعيَّنُ له السكتُ؛ لأنَّ الوصل كحمزة بدليل قوله: «وَوَصْلُكَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فَصَاحَةٌ» ويتعين لورش البسملة بالخلف عن الشاطبي وتركها عند صاحب التيسير،، والله أعلم.

[1] أو: كورش
 
فأمَّا وَرْشٌ فَقَدِ اخْتَلَفَ الإمامانِ السخاوي والفاسي في مذهبه؛ لأنَّ الشاطبيَّ زاد على التَّيْسيرِ البسملةَ له بخلاف؛ فأمَّا السخاويُّ فأوَّلَ قولَ الشاطبيّ: «وَفِيهَا خِلافٌ جِيدُهُ» أي السكتة خلاف عن ورش؛ فعلى هذا يتعيَّنُ تركُ النَّصّ لأبي عمرو ويتعين النص في التخيير لورش[1].
وأمَّا الفاسِيّ فإنَّه أوَّلَ أنَّ ضميرَ: «وَفِيهَا خِلافٌ» راجعٌ إلى البسملة الزائدة على "التيسير" لورش؛ فعلى هذا يتعيَّنُ لوَرْشٍ تَرْكُ النَّصّ أيضًا في التَّخْيير كإمامه، والله أعلم.

[1]أو: كورش
السلام عليكم
هذه النقطة لمحة طيبة من الدايوني
بارك الله فيكم شيخنا الكريم علي هذه اللمحة الطيبة .

(اللمحة القادمة ـ إن شاء الله ـ في باب إدغام المتقاربين لا أعتقد أنك ستجدها عند الديواني ولا غير الديواني " بسمة "
والسلام عليكم
 
طيب.
حيرتني بلفتتك الكريمة المشفوعة ببسمة.
ولا أستطيع أن أجاريك شيخنا الكريم.
لكن هذه ثلاث محاولات للرد:

1- يا أنت - يا شيخ - يا الديواني (بسمة).

2- غلاوتك من غلاوة الديواني (بسمة).

3- إذا لم تكن عند الديواني فلا أريدها (بسمة).
 
<p><p>
</p> <p>لكن هذه ثلاث محاولات للرد:</p> <p>&nbsp;</p> <p>1- يا أنت - يا شيخ - يا الديواني (بسمة).</p> <p>&nbsp;</p> <p>2- غلاوتك من غلاوة الديواني (بسمة).</p> <p>&nbsp;</p> <p>3- إذا لم تكن عند الديواني فلا أريدها (بسمة).
</p> السلام عليكم
;هذه الابتسامات الثلاث ذكرني بقول القائل : إذا رأيت نيوب الليث بارزة ... فلا تظنن أن الليث يبتسم


فهذه الابتسامات هي ابتسامات قاتلة .

أما الأول نختصرها ونقول: يا أنا ،،يا هوه


أما الثالثة : سوف تريدها وضعها في هامش التحقيق سوف تستفاد منه ،، ولا تقلق يا شيخنا لن تجد فيها بدعا من القول وهي لمحة لطيفة ..أنا شخصيا متأكد إنها ستعجبك . ولن أتأخر عنك كثيرا .


ليباركك الرب


والسلام عليكم
 
اللمحة الثالثة

اللمحة الثالثة

اللمحة الثالثة
((باب إدغام الحرفين المتقاربين في كلمة و في كلمتين))
قال الإمام الشاطبي ـ رحمه الله ـ :
وَأَشْمِمْ وَرُمْ فِي غَيْرِ بَاءٍ وَمِيمِهَا** مَعَ الْبَاءِ أَوْ مِيمٍ وَكُنْ مُتَأَمِّلاَ
وَإِدْغَامُ حَرْفٍ قَبْلَهُ صَحَّ سَاكِنٌ** عَسِيرٌ وَبِالإِخْفَاءِ طَبَّقَ مَفْصِلاَ
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ** وَفي المَهْدِ ثُمَّ الخُلْدِ وَالْعِلْمِ فَاشْمُلاَ
مسألة : لماذا عبّر الشاطبي في البيت الأول بكلمة ( ورم ) وعبّر في البيت التالي بـ ( الإخفاء) مع أنهما يستويان في المقدار ؟؟

قال الفاسي في شرحه : ( ... ورمها إن كانت ضمة وكسرة ..)ص193
وقال ابن القاصح في شرحه : ورمها إن كانت ضـمة أو كسرة إلا في الباء والميم .....)ص 44
وقال أبو شامة : فالروم هنا عبارة عن الإخفاء والنطق ببعض الحركة فيكون مذهبا آخر غير الإدغام وغير الإظهار .))ا.هـ ص75
وبذلك قال الضباع في شرحه (ص75)
وأعيد السؤال مرة أخري : لماذا عبّر الشاطبي في البيت الأول بكلمة ( ورم ) وعبّر في البيت التالي بـ ( الإخفاء) مع أنهما يستويان في المقدار ؟؟
وقبل الجواب عن هذا السؤال نذهب للتعرف علي الفرق بين الروم والاختلاس .
قال العلامة احمد البنا في الإتحاف : أما الروم فهو الإتيان ببعض الحركة وقفا فلذا ضعف صوتها لقصر زمنها ويسمعها القريب المصغي وهو معنى قول التيسير : هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفيا ، وهو عند القراء غير الاختلاس وغير الإخفاء ، والاختلاس والإخفاء عندهم واحد ولذا عبّروا بكل منهما عن الآخر .
والروم يشارك الاختلاس في تبعيض الحركة ، ويخالفه في أنه لا يكون في فتح ولا نصب ، ويكون في الوقف فقط ، والثابت فيه من الحركة أقل من الذاهب .
والاختلاس يكون في كل الحركات كما في ( أرنا ، وأمن لا يهدي ، ويأمركم ) ولا يختص بالوقف ، والثابت من الحركة فيه أكثر من الذاهب ، وقدره الأهوازي بثلثي الحركة ولا يضبطه إلا المشافهة...))ا.هـ
وقال الشيخ عطية قابل نصر في كتابه (غاية المريد في علم التجويد)
: الرَّوم والاختلاس يشتركان في تبعيض الحركة إلا أن الرَّوم يخالفه فلا يكون في المفتوح والمنصوب على الأصح وهو رأي جميع القراء.
أما إمام النحو سيبويه فقد أجازه فيهما، إلى ذلك يشير الإمام الشاطبي بقوله:
ولم يَرَهُ في الفتح والنصب قارئ ** وعند إمام النحو في الكل أعملا
أما الاختلاس : فهم متفقون على أنه يكون في الحركات الثلاث.
كما أن الرَّوم الثابت فيه من الحركة أقل من المحذوف، وقدَّره بعضهم بالثلث.
أما الاختلاس : فالثابت فيه من الحركة أكثر من المحذوف وقدَّره بعضهم بالثلثين وكل ذلك لا يضبط إلا بالمشافهة.))138
وبعد معرفة الفرق بين الروم والاختلاس أقول : الشاطبي ـ رحمه الله ـ أراد في البيت الأول بكلمة ( ورم ) أن يكون الحديث عن المضموم والمكسور وأراد أن يُخرج الحرف المفتوح .
وأراد بكلمة (الإخفاء ) الحركات الثلاثة في هذا النوع وهو الساكن الصحيح قبل الحرف المدغم نحو : ( العفْو وأمر) حيث يؤدي إلي اجتماع الساكنين علي غير حدهما ـ أي من غير أن يكون قبل المدغم حرف مد أو لين نحو : فيه هدي ـ كيف فعل ـ
ولعل سائلا يستشكل قائلا : الروم والإخفاء يفترقان في مقدار الحركة وهذا يؤدي إلي اللبس ..فكيف لنا معرفة الفرق ؟
الجواب : الروم إذا استخدم في الوصل حُمل علي الإخفاء في المقدار (ثلثي الحركة ) ، وإذا استخدم في الوقف حُمل علي معناه (ثلث الحركة )
والدليل علي ذلك : قال في الطيبة :( ...... تأمنا أشم ورم لكلهم )
وعبّر الشاطبي بقوله : ( .............** وتأمنا للكل يخفي مفصلا
وأدغم مع إشمامه البعض عنهم **.............. )
وابن الجزري أمن اللبس في هذا الموضع لأن الروم في الوصل يعادل الإخفاء في المقدار .ولأن روم الوقف معروف بأنه أقل في المقدار ـ كما سبق ـ .
والخلاصة : لما كان الروم في الوقف مقداره ثلث الحركة ، والروم والاختلاس في الوصل مقدارهما ثلثي الحركة ، أمن اللبس من جهة المقدار ( الثلث والثلثان ) لأن الروم وصلا مثل الاختلاس ـ كما مر ـ.
والشاطبي ـ رحمه الله ـ اختار لفظ الروم في الموضع الأول لإخراج الحرف المفتوح .وإدخال المضموم والمكسور
واختار في البيت الثاني الإخفاء لأجل إعمال الحركات الثلاثة .
ولو وضع أحدهما مكان الآخر ، أو اكتفي بواحدة في الموضعين لفات المقصود من الحكم ، ولحصل اللبس بين حكم المدغم مطلقا ، وبين حكم المدغم الذي قبله ساكن صحيح .
لله در الشاطبي ـ رحمه الله ـ حيث قال :
وقد كسيت منها المعاني عناية ** كما عريت عن كل عوراء مفصلا
والسلام عليكم
 
اللمحة الرابعة

اللمحة الرابعة

باب هاء الكناية
قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ : وَفي الْكُلِّ قَصْرُ الْهَاءِ كانَ لِسَانَهُ بخُلْفٍ وَفي طه بِوَجْهَيْنِ بُجِّلاَ.
مسألة : هل لهشام الوجهان ـ القصر والإشباع ـ في هاء ( يأته ) ؟ أم له وجه واحد وهو (الإشباع) ؟؟؟
قال الداني في التيسير : قالون بخلاف عنه ( ومن يأته مؤمنا ) باختلاس كسرة الهاء في الوصل وأبو شعيب باسكانها فيه والباقون بإشباعها)ا.هـ
فلم يذكر في التيسير سوي وجه واحد وهو المذكور في قوله (والباقون بإشباعها) وهشام منهم ـ أي من المشبعين ـ
ولقائل أن يقول : وجه القصر يُعد من زيادات القصيد ـ أي من زيادات الشاطبي علي التيسير .
الجواب : قال ابن الجزري في النشر : يأته ...وروى الصلة عنه أبو الحسن طاهر بن غلبون والداني من طريقيه وأبو القاسم ابن الفحام فيما أحسب وسائر المغاربة. وبذلك قرأ الباقون وهو ابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وورش والدوري وابن جماز وروح....)ا.هـ
فذكر الصلة لابن عامر بتمامه .ولم يذكر القصر لهشام فدل علي أن هذا الوجه لا وجود له لهشام .
قال صاحب الإتحاف :
تنبيه : بما تقرر علم أن ابن عامر من أصحاب الصلة في هذا الحرف أعني ( يأته ) قولا واحدا وهذا هو الذي في الطيبة كالنشر وتقريبه وغيرهما لكن كلام الشاطبي رحمه الله تعالى يفهم بظاهره جريان الخلاف لهشام عنه بين الصلة والاختلاس وذلك أنه قال بعد ذكره يأته مع حروف أخر وفي الكل قصر الهاء بأن لسانه بخلف فأثبت الخلاف لهشام في جميع ما ذكره من ( يؤده ) إلى (يأته ) ودرج على ذلك شراح كلامه فيما وقفنا عليه ولم أر من تنبه لذلك غير الإمام الحافظ الكبير أبي شامة رحمه الله تعالى فقال بعد أن قرر كلامه على ظاهره ما نصه : وليس لهشام في حرف طه إلا الصلة لا غير وإن كانت عبارته صالحة أن يؤخذ له بالوجهين لقوله أولا وفي الكل قصر لكن لم يذكر أحد له القصر فحمل كلامه على ما يوافق كلام الناس أولى انتهى
بحروفه ولم ينبه عليه في النشر وهو عجيب))ا.هـ

وذكره الشيخ الجمزوري في الفتح الرحماني ـ تحقيق العلامة الشيخ عبد الرزاق علي موسي ـ رحمه الله تعالي ـ
وذكر ابن الجزري في التحبير الخلف لقالون والإسكان للسوسي ثم قال "والباقون بإشباعها"ص461

وذكر السخاوي والفاسي وابن القاصح والجعبّري وغيرهم الوجهين لهشام
ومن تأمل متن الشاطبية يعلم أن الشاطبي لم ينسب لهشام سوي وجه واحد وهو الإشباع ويؤخذ هذا من قوله "وفي طه بوجهين بجلا" استثناء موضع (طه) لهشام لأنه لم يذكره مع قالون في الخلف .
وقد يقول قائل : فقد ذُكر له الوجهان في قوله " وفي الكل ..لسانه بخلف " فلا داعي لذكره مع قالون ؟؟

أقول : الشاطبي ـ رحمه الله ـ إن ذكر قاعدة عامة لقارئ ثم ذكر لقارئ آخر القراءة نفسها يأتي بصاحب القاعدة أيضا لكيلا يوهم خروج صاحب القاعدة في هذا الموضع . كما فعل ذلك في قوله :
وَفِي اللاَّمِ لِلتَّعْرِيفِ أَرْبَعُ عَشْرَةٍ فَإِسْكَانُهَا (فَـ)ـاشٍ

ثم ذكر موافقة بعض القراء لحمزة وذكر حمزة مرة أخري مع كل قارئ حتي لا يحدث وهم من استثناء هذه المواضع من عموم ما أقره لحمزة ..فقال :

.......................** ..........
وَعَهْدِي (فِـ)ي (عُـ)لاَ

وَقُلْ لِعِبَادِي (كَـ)ـانَ (شَـ)رْعاً وَفِي النِّدَا (حِـ)مًى (شَـ)ـاعَ آيَاتِي (كَـ)مَا (فَـ)ـاحَ مَنْزِلاَ
ومثال آخر :
وكذا في قوله : وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا
فكلمة (تذكرون ) في جميع مواضعها في القرآن قرأها بالتخفيف حفص وحمزة والكسائي وهو المشار إليهم بـ (علي شذا)
ثم قال في سورة الأعراف : وَتَذَّكَّرُونَ الْغَيْبَ زِدْ قَبْلَ تَائِهِ ***كَرِيماً وَخِفُّ الذَّالِ كَمْ شَرَفاً عَلاَ
قال أبو شامة : أي زاد ابن عامر ياء فقرأ ( قليلا ما يتذكرون) ، وخفف الذال ، والباقون لم يزيدوا هذه الياء الدالة على الغيب وهم في تخفيف الذال وتشديدها مختلفون على ما سبق في الأنعام (وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا) وإنما احتاج إلى إعادة الكلام في تخفيف الذال هنا لأجل زيادة ابن عامر على تخفيفها .. والله أعلم)انتهي بتصرف
وقال أيضا في سورة الرعد :
وَمَا كُرِّرَ اسْتِفْهَامُهُ نَحْوُ آئِذَا أَئِنَّا فَذُو اسْتِفْهَامٍ الْكُلُّ أَوَّلاَ
وهو يعني بما يطلق في هذا الباب الاستفهام المكرر وهو يقصد جميع المواضع لأنه قال بعدها : "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ "
فجميع القراء يستفهمون في الموضع الأول سوي نافع في النمل فيخبر فيه ، ثم تحدث عن المواضع الأخري ما عدا موضع النمل فقال : ".....وَالشَّامِ مُخْبِرٌ سِوَى النَّازِعَاتِ مَعْ إِذَا وَقَعَتْ وِلاَ"
أي أخبر الشام في جميع المواضع الأخري الموضع الأول ، وقد استثني موضعي النازعات والواقعة .. ومن قوله "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ " علمنا استثناء موضع النمل .
فالخلاصة : أن ابن عامر استثني من الإخبار الموضع الأول من النمل والواقع والنازعات . أي استفهم في الأول في هذه السور الثلاث .
والشاهد : أن الشاطبي لو أراد الإخبار لابن عامر في موضع النمل لذكره مع الإمام نافع وحيث لم يذكره دل علي انفراد نافع فقط بموضع النمل ، ولذا قال أبو شامة في شرحه : .....أي نافع وحده قرأ في النمل بالإخبار ودل على أنه منفرد بذلك أنه لم يعد ذكر ابن عامر معه وذلك لازم كما بيناه قوله رمى صحبة وفي غير ذلك ..)

وبما أن الشاطبي لم يذكر هشاما مع قالون في الخلف فمعناه أنه ينفي عنه الخلف ، ويستثني موضع (يأته) من جميع ما سبق . والله أعلم .
تنبيه :

قد أجبت علي هذا السؤال في هذا الرابط من قبل :
http://qiraatt.com/vb/showthread.php?t=388
ثم وجدت الأخ السائل قد أجاب في مكان آخر ـ يعلم الله ويشهد ـ أني لم أر جوابه إلا بعد إنزالي لجوابي وهذا رابط جواب الأخ :
http://qiraatt.com/vb/showthread.php?t=393
إلا أني زدت هنا بعض الزيادات اليسيرة .
والسلام عليكم
 
متابعون يا شيخنا الكريم، بارك الله فيك.
السلام عليكم
وبارك الله فيكم شيخنا الكريم
عند رؤيتي لاسمك قبل الدخول ، قلت في نفسي : يبقي الديواني ـ رحمه الله ـ قال شيئا في المسألة ، مع أنه أعياني الطلب عن اللمحة الثالثة فلم أجده في شئ من الكتب ، ولا علق أحد من مشايخنا عليها .. فحمدت الله أن هداني لهذه المسألة . ولله الحمد والمنة
والسلام عليكم
 
اللمحة الخامسة

اللمحة الخامسة

باب الهمزتين من كلمتين
وَالأُخْرَى كَمَدٍّ عِنْدَ وَرْشٍ وَقُنْبُلٍ*** وَقَدْ قِيلَ مَحْضُ المَدِّ عَنْهَا تَبَدَّلاَ
وَفي هؤُلاَ إِنْ وَالْبِغَا إِنْ لِوَرْشِهِمْ *** بِيَاءِ خَفِيفِ الْكَسْرِ بَعْضُهُمْ تَلاَ
مسألة : اختلف القراء : هل هي ياء خفيفة الكسر أو ياء مشبعة الكسر .؟؟
نعرض شرحا مختصرا للبيتين قبل الجواب عن هذا السؤال :
قوله " كمد" يقصد به التسهيل بين بين أي هذا الوجه لورش وقنبل .وهذا من زيادات القصيد .
وهناك وجه آخر لهما : وهو إبدالها حرف مد من جنس حركة ما قبلها ، أي إبدالها ياء ساكنة فيمد للساكن مدا مشبعا .
ولورش وحده في (هؤلاء إن ـ والبغاء إن ) وجه ثالث وهو إبدالها ياء مكسورة خالصة فيكون لورش ثلاثة أوجه .
فوجهي التسهيل والإبدال ياء ساكنة لا إشكال فيهما . إنما الإشكال وقع في الوجه الثالث فمنهم من عبّر بياء خفيفة الكسر ، ومنهم من عبّر بياء مكسورة .
وقد اختلف القراء : هل هي ياء خفيفة الكسر أو ياء مشبعة الكسر .؟؟
قال أبو شامة :
وَفي هؤُلاَ إِنْ وَالْبِغَا إِنْ لِوَرْشِهِمْ *** بِيَاءِ خَفِيفِ الْكَسْرِ بَعْضُهُمْ تَلاَ
قال صاحب التيسير :ثم نقل الكلام السابق للداني ثم قال : قلت : وهذا الوجه مختص بورش في هذين الموضعين وفيهما له ولقنبل الوجهان السابقان..)ا.هـ1/102
وقال ابن الجزري في النشر :
واختلفوا عنه في موضعين وهما (هؤلاء إن كنتم، والبغاء إن أردن) فروى عنه كثير من الرواة التسهيل جعل الثانية فيها ياء مكسورة..)ا.هـ
فقد عبر أبو شامة وابن الجزري بعبارة : ياء مكسورة .
وقال الجعبّري في شرحه للبيت السابق : هذا وجه ثالث في القصيد ثان في التيسير كابن هلال وابن غانم وأبي غانم ورواه عن ورش في ثاني ( هؤلاء إن كنتم ) ( على البغاء إن أردن ) ياء مختلسة الكسر ، وهو بمعني خفيف الكسر وهذا معني قول التيسير : وأخذ عليّ ابن خاقان لورش بجعل الثانية ياء مكسورة في البقرة في قوله عز وجل ( هؤلاء إن كنتم )وفي النور ( على البغاء إن أردن) ، وقال في غيره : كسرة خفيفة ، وعليه اعتمد الناظم ....(وقال أيـضا بعد حكاية وجهي التسهيل والإبدال لورش ) : وزاد ورش وجه إبدالها ياء مختلسة في ( هؤلاء إن كنتم ) ( على البغاء إن أردن ))ا. هـ
وقول الجعبري : " هذا وجه ثالث في القصيد ثان في التيسير" لأنه لم يذكر في التيسير سوي وجهين حيث ذكر الياء المكسورة ـ كما نقل الجعبري ـ والوجه الآخر قال في التيسير : " .... فقنبل وورش يجعلان الثانية كالياء الساكنة"
قال الإمام المالقي في " الدر النثير" : وقوله في الهمزة الثانية : "كالياء الساكنة "لا ينبغي أن يفهم منه أن همزة بين بين تكون ساكنة بل لا بد من تحريكها وإنما أراد انها تجعل بين الهمزة والياء التي هي حرف المد .... ثم قال المالقي : ويدل علي صحة ذلك أن أصل هذه الهمزة الكسر ، فإذا سهلت بين بين فقد تغيرت تغييرا يخصها في ذاتها ، فلو كنت لكان إسكانها تغييرا ثانيا يلحقها في صفتها العارضة لها وهو غير التغيير الأول ...ثم قال المالقي : ويدل علي صحة هذا أيضا أن همزة بين بين لا تسكن عند الحذاق من النحوين وجلة المقرئين ، وهذا موجود في كلام الحافظ وغيره ، ولهذا لم تسهل قط الهمزة التي أصلها السكون بين بين ، وإنما تسهل بالبدل الخالص ..)ص 360
واختلفت العبارات عند الداني ولذا قال العلامة البنا في الإتحاف : واختلف عن الأزرق في قوله تعالى ( هؤلاء إن كنتم ) و ( البغاء إن ) فروى عنه بعضهم جعل الثانية ياء مختلسة الكسر مراعاة للأصل وهو في التيسير من قراءة مؤلفه على ابن خاقان عنه ، وقال : إنه المشهور عنه في الأداء لكن عبّر عن ذلك في جامعة بياء مكسورة محضة الكسر وأكثر من روى عنه هذا الوجه على إطلاق الياء المكسورة من غير تقييد بالخفيفة الكسر أو بالاختلاس كما يفهم من النشر ولذا أطلقه في طيبته واقتصر في الشاطبية على الأول تبعا للداني في بعض كتبه فتحصل للأزرق في ذلك ثلاثة أوجه))1/99
وقول صاحب الإتحاف يدل علي أنه اختلاف من الداني في العبارة والمدلول واحد ، ولذا عبر في نهاية قوله (فتحصل للأزرق في ذلك ثلاثة أوجه) وهو يريد بالثلاثة (التسهيل ـ والإبدال ياء ساكنة ـ وياء مختلسة الكسر ) .
ولكن الإمام الداني له قول بياء خفيفة الكسر ، وله قول بياء مكسورة كسرة مشبعة ، وهذا الذي أخذ به ابن المجراد ونقله د / حميتو قائلا : ....وعلى ما ذكر أبو عمرو يتحصل في هؤلاء إن" و"البغاء إن" ـ كما قال ابن المجراد-( إيضاح الإسرار والبدائع في شرح الدرر اللوامع لابن بري) أربعة أوجه:
1. البدل على ما يأتي- يعني حرف مد –
2. ابدالها ياء خفيفة الكسر كما قال المصنف -يعني ابن بري-
3. إبدالها مشبعة الكسر
4. ثم التسهيل
قال:"وإبدالها ياء مشبعة الكسر أقيس من إبدالها ياء خفيفة الكسر، وقد نص على هذا بعض شيوخ شيوخنا رحمهم الله تعالى"
والى الكسر ذهب ابن آجروم في "البارع" في قوله: و"هولاءان"على البغاء"…بالياء مكسورا لدى الأداء ،،وقال الجادري في "النافع": ويا بكسر هؤلا إن" و "البغاء" واجعلا.))ا.هـ
وهذا الاختلاف بين الإمام البنا صاحب (إتحاف فضلا البشر في القراءات الأربع عشر ) وبين ابن المجراد صاحب ( إيضاح الإسرار والبدائع في شرح الدرر اللوامع لابن بري ) يحيّر القارئ والمشهور عند قراء زماننا أنها بياء خفيفة الكسر لا بياء مكسورة كسرة مشبعة ، ولمعرفة القول الأصوب يحسن بنا الرجوع لأقوال الداني ـ رحمه الله ـ في كتبه وقد اقتبست عبارات الداني من الإمام عبد الله محمد بن عبد الملك المنتوري الاندلسي في (شرح الدرر اللوامع ) إلا أني غايرت في الترتيب حتي يسهل النظر في المسألة .
وقبل النظر في أقوال الداني نذهب إلي العلامة ابن الجزري ننظر ماذا قال في نشره بعد ذكره لكلام الداني؟ قال : ...... قلت : فدل على أنه قرأ بالوجهين على كل من أبي الفتح وأبي الحسن ولم يقرأ بغير إبدال الياء المكسورة على ابن خاقان كما أشار إليه في التيسير ، وقد ذكر فيهما الوجهين أعني التسهيل والياء المكسورة أبو علي الحسن بن بليمة في تلخيصه وابن غلبون في تذكرته وقال : إن الأشهر التسهيل، على أن عبارة جامع البيان في هذا الموضع مشكل ...))) ا.هـ
وقد ذكر الإمام ابن الجزري ياء خفيفة الكسر من قول الداني قال عند حديثه عن المضمومتين : ...وانفرد خلف بن إبراهيم بن خاقان الخاقاني فيما رواه الداني عنه عن أصحابه عن الأزرق بجعل الثانية من المضمومتين واواً مضمومة خفيفة الضمة قال الداني كجعله إياها ياء خفيفة الكسرة في (هؤلاء إن، والبغاء إن)...)ا.هـ
إلا أنه نفاها(أي خفيفة الضم ) عنه ولم يشر إلي هذا النفي في المكسورة حيث قال : قلت ـ ابن الجزري ـ : والعمل على غير هذا عند سائر أهل الأداء في سائر الأمصار ولذلك لم يذكره في التيسير مع إسناده رواية ورش من طريق ابن خاقان والله أعلم.
وانفرد بذلك في المضمومتين وسائر المكسورتين سبط الخياط في المبهج عن الشذائي عن ابن بويان في رواية قالون وترجم عن ذلك بكسرة خفيفة وبضمة خفيفة ولو لم يغاير بينه وبين التسهيل بين بين لقيل : إنه يريد التسهيل ولم أعلم أحداً روى عنه البدل في ذلك غيره . والله أعلم ))ا.هـ
وقول الإمام ابن الجزري " وترجم عن ذلك بكسرة خفيفة وبضمة خفيفة" يقصد بذلك أن الداني ـ رحمه الله ـ عبّر عن التسهيل بهذا القول ، إلا أنه في هذا الموضع ذكر التسهيل ثم ذكر وجها آخرا وترجم له بياء خفيفة ، وفي الضمة ترجم له بضمة خفيفة ،فدل ذلك علي أنه لم يرد لورش التسهيل إنما أراد له الكسر الخفيف (الاختلاس)في الياء المحضة . وابن الجزري يضعّف وجه إبدال الثانية واوا خفيفة الضم . والله أعلم .
وقوله : " وانفرد بذلك في المضمومتين وسائر المكسورتين سبط الخياط..." يريد بسائر المكسورتين أي تعميم الحكم علي جميع المكسورتين ولم يختص بموضعي (البقرة والنور ) وهذا هو الانفراد ، أما الحديث عن موضعي (البقرة والنور) فقد قال فيهما : واختلفوا عنه في موضعين وهما (هؤلاء إن كنتم، والبغاء إن أردن) فروى عنه كثير من الرواة التسهيل جعل الثانية فيها ياء مكسورة..)ا.هـ
ونعود لإقوال الداني ـ رحمه الله ـ :
قال في الإيضاح : قال لي أبو القاسم "وقد كان بعض شيوخنا يبدل هذين الموضعين ياء مكسورة مشبعة الكسرة ، وكان الجلة لا يشبعونها )ا.هـ
فقد حكي الداني هنا وجهين في إبدال الهمزة الثانية ياء مكسورة مشبعة الكسرة ، ثم قال : وكان الجلة لا يشبعونها . أي أن الأكثر يختلسون الياء .
إلا أنه قال في " إيجاز البيان " : وروي عنه فيهما تحقيق الأولي وتخفيف الثانية وإبدالها ياء مكسورة لانكسار ما قبلها ، وقيل عنه: "إنه يكسرها كسرة خفيفة " )ا.هـ
وذكر هنا " كسرة خفيفة " ،، وقال في الإيضاح بعد ذكره مذهبي التسهيل والإبدال ياء ساكنة : إلا أن أصحاب أبي يعقوب استثنوا أداءا عن ورش موضعين من جملة الباب وذكرهما ثم قال : وحكوا عنه أن يحقق الأولي ويجعل الثانية ياء مكسورة فيهما خلاف نظائرهما كذا قرأت علي شيوخ المصريين ))ا.هـ
وقال في التخليص : فقرأتهما علي ابن غلبون وابن خاقان وأبي الفتح بجعل الهمزة الثانية ياء مكسورة بدلا من الهمزة ولفظ لي بها )ا.هـ
وقال الإمام الداني في التيسير : اعلم أنهما إذا اتفقتا بالكسر نحو: ( هؤلاء إن كنتم ) و ( من النساء إلا ) وشبهه فقنبل وورش يجعلان الثانية كالياء الساكنة ، وأخذ على ابن خاقان لورش بجعل الثانية ياء مكسورة في البقرة في قوله عز وجل ( هؤلاء إن كنتم )وفي النور ( على البغاء إن أردن ) فقط وذلك مشهور عن ورش في الأداء دون النص....))ا.هـ ص28
ومما سبق دل علي ما قاله ابن المجراد وجعله أربعة أوجه ، وهذا الخلاف جاء لأجل أن هذا الوجه نقل أداءا ، قال: "الداني في "الإيضاح" بعد ذكر استثناء شيوخه المذكورين وغيرهم لهذين الموضعين من سورة البقرة والنور: "... ولا أعلم نصا جاء عنه ـ يعني عن ورش ـ بإخراج هذين الموضعين من جملة الباب، وإنما تلقاه الشيوخ عن ائمتهم تلقيا، وأخذوه عنهم أداء. قال:
"وروى أبو بكر بن سيف عن أبي يعقوب عن ورش في هذين الموضعين كسائر نظائرهما بتحقيق الأولى وجعل الثانية كأنها حرف مد، وهي في الحقيقة بين الهمزة والياء الساكنة، وقد قرأت أنا بذلك فيهما على ابن غلبون وأبي الفتح".
ثم وجه الداني في الإيضاح قائلا : ...فأما وجه الرواية الأخري التي جاءت عن طريق المصريين عن ورش في ( هؤلاء إن كنتم ) ( على البغاء إن أردن ) فإن همز الثانية لما أبدلت ياء محضة فلذلك حركت تحريكة خفيفة التي تستحقها في حالة التحقيق . قال وهذا من البدل الذي لا يجوز أن يقدم عليه إلا بالسماع من الثقات لخروجه عن القياس فلذلك سُيِّر إليه في هذين الموضعين فقط لعدالة من رواه فيهما ومكانه من الإتقان والضبط ، وإلا فالرواية الأخري فيها أجود لأنها جارية علي القياس وذلك أن الأصل الهمز )ا.هـ
ومما سبق يظهر أن القراء اختلفوا في أداء هذين الموضعين ، وأنّ جُلَّ القراء المصريين يأخذون بوجه ( الياء المختلسة ) وهم أصل قراءة ورش ـ رحمه الله ـ وأن غيرهم يأخذون بوجه الياء المكسورة كسرة محضة . والعمل الآن في مصرعلي الياء خفيفة الكسر تبعا لما نصه الشاطبي رحمه الله ، حيث إن كتاب التيسير لم يصلنا إلا عن طريق الشاطبية . والله أعلم
والسلام عليكم
 
اللمحة السادسة

اللمحة السادسة

باب القصر والمد
وَفِي وَاوِ سَوْآتٍ خِلاَفٌ لِوَرْشِهِمْ وَعَنْ كُلٍ الْمَوْءُودَةُ اقْصُرْ وَمَوْئِلاَ
مسألة : هل ذكر الإمام الشاطبي الأوجه الثلاثة في واو "سوءات" لورش ؟
نعود إلي ما قاله الإمام الشاطبي في منظمومته عند ذكره للين :​
وَإِنْ تَسْكُنِ الْيَا بَيْنَ فَتْحٍ وَهَمْزَةٍ بِكَلِمَةٍ أَوْ وَاوٌ فَوَجْهَانِ جُمِّلاَ
بِطُولٍ وَقَصْرٍ وَصْلُ وَرْشٍ وَوَقْفُهُ........
وقوله " بطول وقصر " يقصد به المد المشبع والتوسط وهو المأخوذ من قوله "وقصر " أي أقصر هذا الطول فتكون المرتبة التي بعدها وهي التوسط .
ثم قال الشاطبي :​
وَفِي وَاوِ سَوْآتٍ خِلاَفٌ لِوَرْشِهِمْ **** وَعَنْ كُلٍ الْمَوْءُودَةُ اقْصُرْ وَمَوْئِلا
وقوله" خِلاَفٌ لِوَرْشِهِمْ " فهذا الخلاف مغاير للخلاف السابق ، ولو أراد المد والتوسط لحكاهما ولا داعي لذكر الخلف ، فلما أراد وجها مغايرا مع ما تقدم من الخلف فدل ذلك علي أنه أراد الأوجه الثلاثة ، فتكون هذه الأوجه ـ بحسب قاعدة الشاطبي ـ ثلاثة أوجه كما مر بنا في باب البسملة ( وفيها خلاف جيده ) .​
قال أبو شامة : ...هذا الخلاف هو سقوط المد والمد ، فإن قلنا بالمد على الوجهين في طوله وتوسطه فوجه المد ظاهر ، ووجه تركه النظر إلى أصل ما تستحقه هذه الواو وهو الفتح لأن ما وزنه فعلة بسكون العين جمعه فعلات بفتحها كتمرات وجفنات وأسكن حرف العلة تخفيفا ..))ا.هـ​
وقال الإمام أبو عبد الله الفاسي في "اللآلئ الفريدة" :"واختلف أهل الأداء في "سوءات" المجموع، فمنهم من لم يفرق في قراءة ورش بينه وبين "سوءة" ونحوه، ومنهم من استثناه فقصره، فمن لم يفرق عامل اللفظ، ومن استثناه اعتل بأن أصل واوه الحركة، لأنه جمع سوءة، وسوءة اسم غير صفة، و"فعلة" إذا كانت اسما غير صفة جمع على فعلات بفتح العين.
وإذا كان صفة جمع على "فعلات" بسكون العين، كبيضات وجولات، لأن تحريكه يؤدي إلى إعلاله، وهذيل تجمعه كالصحيح ولا تعله".))ا.هـ

قال د / حميتو : الخلاف في واو سوءات:​
واختلف عن الأزرق عن ورش من هذا الأصل في واو "سوءات".
قال المنتوري: "وذكر الداني في "كتاب اختلاف أهل الأداء عن ورش في تمكين الياء والواو المفتوح ما قبلهما" وفي "جامع البيان" و"إيجاز البيان" و"التلخيص" .
والمد في واو "سوءات"، وهو ظاهر قوله في "الاقتصاد" و"التيسير" و"التمهيد" و"التعريف" و"الموجز".
وذكر في "إرشاد المتمسكين" و"التهذيب" القصر.
وقال في "كتاب رواية ورش من طريق المصريين": "وأما قوله "سوءاتهما" في الأعراف وطه، فاختلف عنه في تمكينهما وتركه، وبالتمكين قرأت له، وبه آخذ".
وقال مكي في "التبصرة": "فإن أتى بعد الهمزة في هذا الباب حرف مد ولين استغني بمده عن مد حرف اللين نحو "سوءاتهما" و"الموءودة" وشبهه، مد الثانية ولا يمد الأولى، غير أنه لا يمد "موئلا" وأصله يوجب مده".​
وعلى هذا يبقى قوله تعالى "سوأة أخيه" و"سوءة أخي" على أصله في زيادة التمكين للواو لأنه ليس بعده ما يستغني بمده عن مد ما بعده ، ولم يذكره مكي في هذا السياق فيبقي داخلا في الأصل العام في زيادة التمكين.
وقال ابن شريح في "الكافي": "وخالف أصله في "موئلا" و"الموءودة" و"سوءاتهما" و"سوءاتكم" فلم يمدهن". أي أخذ ابن شريح الكلمات الأربع المذكورة بالقصر .
وقال المنتوري بعد ذكر الخلاف في سوءات كما نص عليه ابن بري في قوله: "وفي سوءات خلف لما في العين من فعلات."
"وبالوجهين قرأته على بعض من لقيته، وقرأته على شيخنا الأستاذ أبي عبد الله القيجاطي ـ رضي الله عنه ـ بالمد وبه آخذ".
ثم قال د/ حميتو : قال ابن المجراد معتبرا لهذه الأقوال: "فإذا جمع ما لورش في ألف "سوءات" وواوها من الخلاف تصور للقارئ في ذلك تسعة أوجه: مدهما معا، وقصرهما معا، وتوسيطهما معا، والمخالفة بينهما قال: "وقد نظمت ذلك في أبيات فقلت:
"وسوءات فاقصر واوها ثم وسطن *****فتحصل في سوءات تسعة أوجه
فاشبعهما واقصر ووسط وخالفن ***** ومكن كهاويها لورش بلا وهم​
إذا تليت وصلا فحققه عن فهم******تجد تسعة لا شك فيها لذي العلم ))ا.هـ
وما قاله ابن المجراد ونقله د / حميتو من أنها تسعة أوجه غير معمول به الآن ، وإن كان هذا في ظاهر الشاطبية وقال به غير واحد من الشراح قديما إلا أن المجمع عليه الآن في أكثر الأقطار أن فيها أربعة أوجه قال الشيخ البنا في الاتحاف :
واختلف في واو ( سوآتهما ) و ( سوآتكم ) ، فلم يستثنها الداني في شيء من كتبه ولا الأهوازي في كتابه الكبير واستثناها صاحب الهداية والهادي والكافي والتبصرة والجمهور ووقع للجعبّري فيها حكاية ثلاثة أوجه في الواو تضرب في ثلاثة الهمز فتبلغ تسعة وتعقبه في النشر بأنه لم يجد أحدا روى إشباع اللين إلا وهو يستثني ( سوآت ) قال فعلى هذا يكون الخلاف دائرا بين التوسط والقصر قال وأيضا من وسطها مذهبه في الهمز المتقدم التوسط فيكون فيها أربعة أوجه فقط قصر الواو مع ثلاثة الهمزة والتوسط فيهما ونظمها رحمه الله تعالى في بيت فقال :​
( وسوآت قصر الواو والهمز ثلثا*****ووسطهما فالكل أربعة فادر )ا.هـ
ومما سبق وبعد ذكر أقوال الأئمة وثبات الأمر في (( سوآتهما ) و ( سوآتكم ) علي القصر والتوسط لقول ابن الجزري في النشر : " .. لم أجد أحدا روى إشباع اللين إلا وهو يستثني ( سوآت ) فعلى هذا يكون الخلاف دائرا بين التوسط والقصر..)​
يكون الأمر مشكلا ، ويتعارض قول ابن الجزري مع قول الداني الذي نقل المد في الجميع قال ابن القاصح مؤكدا ما سبق من أقوال الأئمة : ..فبعضهم نقل المد فيها وبعضهم نقل القصر .فمن مد فله وجهان المد الطويل المشبع ، والمد المتوسط... )ص62 وكما نقلنا عن أكثر شراح الشاطبية ، إلا أن أحدا لم يقرأ الآن بوجه المد المشبع في واو " سوءات" ، فعلي قاعدة " ما عليه العمل " لا ينبغي الآن أن يقرأ بوجه " المد المشبع " مع أنه كان مقروءا به .والله أعلم
والسلام عليكم
 
باب نقل حركة الهمز إلى الساكن قبلها


وَحَرِّكْ لِوَرْشٍ كُلَّ سَاكِنِ آخِرٍ صَحِيحٍ بِشَكْلِ الْهَمْزِ واحْذِفْهُ مُسْهِلاَ


227 - وَعَنْ حَمْزَةَ في الْوَقْفِ ..........


مسألة : هل يلزم الشاطبي أن يستثني ميم الجمع وقفا لحمزة ؟؟


ذهب بعض الشراح وبعض المحققين إلي وجوب استثاء ميم الجمع لحمزة في الوقف حتي قال ابن الناظم في شرح الطيبة عند شرحه لقول الإمام ابن الجزري : "لا ميم جمع وبغير ذاك صح " واستثني هؤلاء من هذا الأصل ميم الجمع فلم ينقلوا إليها وإن كان ساكنا صحيحا ، ولم يستثنه الشاطبي ولا بد من استثنائه )ص98


ونظم الشيخ الحسيني قائلا :


ولا نقل في ميم الجميع لحمزة ** بل الوقف حكم الوصل فيما تنقلا .


أقول :

ولا يلزم الشاطبي أن يستثني " ميم الجمع" لأنه عطف لحمزة ما لورش في النقل ، وورش لا ينقل لميم الجمع ، وعليه فلا يصح النقل عند حمزة وقفا ، وقد تفطن الإمام الجعبري لهذه المسألة فقال : ... وكل ما نقله ورش في الحالين نقله حمزة وقفا في أحد وجهيه إلا ميم الجمع ، فإن ورشا ضمها علي أصله نحو : منهم أستغفرت ...فخرجت عن ضابط النقل وأسكنها حمزة علي أصله ..)ا.هـ

إلا أن الإمام الجعبري حكي جواز النقل في ميم الجمع ، وقد أجابه في النشر قائلا :
" وأجاز النحاة النقل بعد الساكن الصحيح مطلقاً ولم يفرقوا بين ميم جمع ولا غيرها ولم يوافقه القراء على ذلك فأجازوا في غير ميم الجمع نحو (قد أفلح، وقل إني) لا في نحو (عليكم أنفسكم، ذلكم إصري) فقال الإمام أبو الحسن السخاوي : "لا خلاف في تحقيق مثل هذا في الوقف عندنا " انتهى.
وهذا هو الصحيح الذي قرأناه به وعليه العمل.

وإنما لم يجز النقل في ذلك لأن ميم الجمع أصلها الضم فلو حركت بالنقل لتغيرت عن حركتها الأصلية فيما مثلنا به ولذلك آثر من مذهبه النقل صلتها عند الهمز لتعود إلى أصلها ولا تحرك بغير حركتها على ما فعل ورش وغيره، على أن ابن مهران ذكر في كتابه في وقف حمزة فيها مذاهب:​

(أحدها) نقل حركة الهمزة إليها مطلقاً فتضم في نحو (ومنهم أميون) وتفتح في نحو (أنتم أعلم) وتكسر في نحو (إيمانكم إن كنتم).
الثاني) أنها تضم مطلقاً ولو كان الهمزة مفتوحة أو مكسورة حذراً من تحرك الميم بحركتها الأصلية (قلت) وهذا لا يمكن في نحو (عليهم آياتنا. زادتهم إيماناً) لأن الألف والياء حينئذٍ لا يقعان بعد ضمة.

(الثالث) ينقل في الضم والكسر دون الفتح لئلا تشتبه بالتثنية...)ا.هـ


والخلاصة : أنه لما ذكر أن ورشا ينقل حركة الهمز إلي الساكن ما قبله ، وقد تقدم له أنه لا ينقل ميم الجمع "وَمِنْ قَبْلِ هَمْزِ الْقَطْعِ صِلْهَا لِوَرْشِهِمْ " ، وأرجعنا حمزة إلي أصله وهو "وَأَسْكَنَهاَ الْبَاقُونَ بَعْدُ لِتَكْمُلاَ " .
وعليه فلا يلزم الإمام الشاطبي أن يستثني ميم الجمع . والله أعلم​

فائدة في مسألة جواز الروم والإشمام في ميم الجمع:

المانع الثالث : ميم الجمع عند من يصلها بواو وصلا فلا يدخلها الروم والإشمام أيضا، وأما من يقرؤها بالسكون وصلا ووقفا فلا يتأتى فيها دخول الروم والإشمام عنده .أ.هـ.الوافي في شرح الشاطبية للقاضي.

وعلة من وصلها بواو أنك لو ضممتها لظن أنها تضم لغير ذلك أي أن ضمها لأجل صلة الواو
فقط فعند انتفاء الصلة تنتفي علة الضم.

هذا وقد أجاز مكي الروم و الإشمام بها على قراءة من ضمها لغير الساكنين واحتج بأن النحاة
والقراء لم يفرقوا في الروم والإشمام بين حركتي الإعراب والبناء قال : وليس صلتها بواو بمانع
من ذلك فيها كما لم تمنع هاء الكناية إذا انفتح ما قبلها في نحو )قدره-أنشره ( ووصل ذلك بكلام أطاله .وللفائدة أنقل إليك كلام مكى :

( ميم الجمع أغفل القراء الكلام عليها والذي يجب فيها على قياس شرطهم أنيجوز فيها الروم والإشمام , لأنهم يقولون لا فرق بين حركة الإعراب وحركة البناء فىجواز الروم والإشمام , فالذي يروم ويشم حركة الميم على النص غير مفارق له , للإجماعوالذي يروم حركة الميم خارج عن النص بغير رواية , اللهم إلا أن يوجد الاستثناءمنصوصا , فيجب الرجوع إليه إذا صح , قال : وليس ذلك بموجود ، ومما يقوى جواز ذلكفيها نصهم على هاء الكناية بالروم والإشمام ,فهي مثل الهاء لأنها توصل بحرف بعدحركتها كما توصف الهاء ويحذف ذلك الحرف فى الوقف كما يحذف مع الهاء فهي مثلها فىهذا غير أن الهاء أخفى منها فلذلك امتنعت الهاء عند القراء من الروم والإشمام إذاكانت حركتها مثل حركة ما قبلها أو كان قبلها ساكن من جنس حركتها وهذا لا يكون فىالميم لأنها ليست بالخفية ، ولو كانت فى هذا مثل الهاء لم يجز الإشمام فى : ( ياقوم_ يحكم) وليس فى جوازه اختلاف وليس قولمن يمنع ذلك لأجل أن الميم من الشفتينبشيء لإجماع الجميع على الروم والإشمام فى الميم التي فى أواخر الأفعال والأسماءالتي ليست للجمع ولو تم له منع الإشمام فيها لم يتم له منع الروم فقياس ميم الجمعلمن ضمها _وهو يريد بضمه أصلها _ أن يقف عليها كغيرها من المتحركات والإسكان حسنفيها فأما من حركها للالتقاء الساكنين فالوقف له بالسكون لا غير . ا.هـ

قال الحافظ أبو عمرو رحمه الله: خالف في ذلك الإجماع وأتى بخطأ من القول لا يغيب عن الأصاغر من منتحلي مذاهب القراء فضلا عن الأكابر. والفرق بين ميم الجمع وهاء الكناية أن الهاء كانت قبل الصلة متحركة بحركة فلما ذهبت صلتها في الوقف وكانت حركتها أصل بنائها عوملت الحركة في الوقف معاملة سائر حركات البناء فاستعملا فيها كما يستعملان فيهن والميم كانت ساكنة قبل الصلة بالواو فلما ذهبت حركتها في الوقف بذهاب الواو وعوملت بالسكون الذي هو أصلها الذي بنيت عليه كما فعل ذلك فيما تحرك في الوصل بحركة لم تكن له في الأصل امتنعا ذلك كما امتنعا في سائر السواكن والله أعلم .أ.هـ السخاوى

والسلام عليكم
 
بارك الله فيك شيخنا عبدالحكيم على هذه الدرر النفيسة .
أفض علينا ، و بورك المداد .
 
بارك الله فيك شيخنا عبدالحكيم على هذه الدرر النفيسة .
أفض علينا ، و بورك المداد .
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا أخي الكريم علي هذه الكلمات الرقيقة
وأسأل الله أن يجمعنا والمسلمين في الفردوس الأعلي ..آمين
والسلام عليكم
 
ما شاء الله تبارك الله زادك الله من فضله يا شيخنا .
 
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم الشعباني وبارك الله فيكم
وأسأل الله أن يجمعنا والمسلمين في الفردوس الأعلي ..آمين
والسلام عليكم
 
اللمحة الثامنة

اللمحة الثامنة

قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ ...................**وعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ أُصِّلا
فيها مسألتان:
المسألة الأولي : هل يصلح هذا الشطر أن يكون شاهدا علي جواز الثلاثة أوجه في الإدغام الكبير ؟
المسألة الثانية : ما المقصود بقوله "وجهان أصلا " ؟
أما المسألة الأولي : لو ألقينا نظرة فيما فعله الإمام ابن الجزري في الطيبة بخصوص جواز المراتب الثلاث في عارض الإدغام ، وعارض السكون ، نجده قد فصَل بين المدّين ، قال في باب الإدغام الكبير :
" ومعتل سكن .. قبل امددن واقصره " وقوله " امددن" يقصد به التوسط والمد ، والقصر معلوم من قوله " واقصره "
وعند حديثه عن العارض للسكون نحو : " العالمين " قال : " ونحو عين فالثلاثة لهم.. كساكن الوقف " أي ساكن الوقف فيه الثلاثة أوجه أيضا .
أما الإمام الشاطبي : اكتفي بذكر العارض للسكون سواء كان هذا العارض قبله مد فقال : (وعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ أُصِّلا)) أو كان هذا العارض لينا (وَعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ لِلْكُلِّ أُعْمِلاَ.. وَعَنْهُمْ سُقُوطُ الْمَدِّ فِيهِ )) إلا أنه لم يتحدث عن عارض الإدغام في هذا الموضع ، قال أبو شامة : ... وإنما قال : " سكون الوقف ولم يقل وعند الوقف احترازا من الروم فلا مد مع الروم ويمد مع الإشمام لأنه ضم الشفتين بعد سكون الحرف .) ا.هـ
إذن القاعدة عند الشاطبي : إذا كان السكون عارضا جاز لنا المد والتوسط ، ولم يعول علي القصر ـ كما سيأتي ـ وإن كان القصر جائزا عند جمهور القراء ـ فيمكننا أن نلحق المدغم العارض بعارض السكون لكونهما عارضين ، وهذا لا يؤخذ من قوله ((وعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ أُصِّلا )) فقط فلا بد من بيان أن هذا السكون عارض ـ أي المدغم العارض ـ من " باب إدغام المتقاربين " أيضا من قوله ( ولا يمنع الإدغام إذ هو عارض ) جمعا بين الأدلة ، لأن المدغم العارض مختلف فيه من حيث مقادير المد ، قال ابن الجزري : ((وبعضهم فرق بين عروض سكون الوقف ، وبين عروض سكون الإدغام الكبير لأبي عمرو ، فأجرى الثلاثة له في الوقف وخص الإدغام بالمد وألحقه باللازم كما فعل أبو شامة في باب المد .​
والصواب أن سكون إدغام أبي عمرو عارض كالسكون في الوقف. والدليل على ذلك إجراء أحكام الوقف عليه من الإسكان والروم والإشمام كما تقدم.
قال الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن عمر الجعبري ولأبي عمرو في الإدغام إذا كان قبله حرف مد ثلاثة أوجه القصر والتوسط والمد كالوقف ثم مثله وقال: نص عليها أبو العلاء. قال المفهوم من عبارة الناظم يعني الشاطبي في باب المد ، قلت : أما ما وقفت عليه من كلام أبي العلاء فتقدم آخر باب الإدغام الكبير وأما الشاطبي فنصه على كون الإدغام عارضاً.. )ا.هـ​
ونصه " وأما الشاطبي فنصه على كون الإدغام عارضاً " وهذا يؤخذ من باب المتقاربين كما سبق .​
وأما ما ذكره ابن القاصح في شرح (وعِنْدَ سُكُونِ الْوَقْفِ وَجْهَانِ أُصِّلا) :
(فصل) : ويجوز المد الساكن المدغم الواقع بعد حرف المد نحو قراءة البزي (ولا تّمموا ـ ولا تّعاونوا ـ ) ونحو قراءة أبي عمرو بالإدغام نحو قوله تعالي ( ويستحيون نساءكم ـ فيه هدي ـ وقال لهم ...) وكذلك المد للساكن غير المدغم نحو : (الآن) موضعين بيونس ، وكذلك اللاي ومحياي في قراءة من سكن الياء .)ص59
فكلامه في عموم ما يجوز فيه المد للساكن عموما وليس استدلالا بهذا البيت علي جواز الثلاثة في إدغام أبي عمرو ، لأن هناك من ألزم المد المشبع لمن أدغم لأبي عمرو ـ كما سيأتي فيما بعد ـ إن شاء الله ـ .
ونعود لشراح هذا الشطر من البيت قال الإمام أبو شامة : قوله "وعند سكون الوقف " يعني إذا كان الساكن بعد حرف المد إنما سكّنه الوقف، وقد كان محركا فسكونه عارض فهل يمد لأجله لأنه "سكون" في الجملة أو لا يمد نظرا إلى عروض السكون ويكتفي بما في حرف المد من المد ؟​
فيه وجهان وذلك نحو (المصير)-(ويؤمنون)-(والألباب) ، وذلك أيضا عام لجميع القراء وإنما قال : " سكون الوقف ولم يقل وعند الوقف احترازا من الروم فلا مد مع الروم ويمد مع الإشمام لأنه ضم الشفتين بعد سكون الحرف ....))ا.هـ​
وقال في النشر : والساكن العارض المدغم نحو : (قال لهم، قال ربكم، يقول له، فيه هدى، ويريد ظلما، فلا أنساب بينهم، والصافات صفاً فالزاجرات زجراً) عند أبي عمرو ومن أدغم .​
والساكن اللازم غير المدغم نحو : (لام. ميم. صاد. نون) من فواتح السور نحو (ومحياي) في قراءة من سكن الياء. ونحو (اللاي) في قراءة من أبدل الهمزة ساكنة ونحو : (آنذرتهم، آشفقتم) عند من أبدل الهمزة الثانية ألفاً ونحو (هؤلاء إن كنتم ، وجا أمركم) عند من أبدل الهمزة الثانية المفتوحة ألفاً والمكسورة ياء.
والساكن العارض غير المدغم نحو : (الرحمن، والمهاد، والعباد، والدين، ونستعين، ويوقنون، ولكفور) ونحو (بير. والذيب. والضان) عند من أبدل الهمزة وذلك حالة الوقف بالسكون أو بالإشمام فيما يصح فيه.​
ووجه المد الساكن المتمكن من الجمع بينهما فكأنه قام مقام حركة.......))ا.هـ
وجمع العلامة ابن الجزري في هذا الموضع بين العارض المدغم وبين العارض الساكن من حيث الموافقة إلا أنه فرق بينهما في " متن الطيبة "
والخلاصة : يجوز الأخذ بهذا الشطر دليلا علي ثلاثة الإدغام بعد تبيين أن هذا الإدغام عارض من المتقاربين . والله أعلم
المسألة الثانية : ما المقصود بقوله "وجهان أصلا " ؟
اختلف الشراح في تعيين مقدار المد في العارض للسكون ، هل يقتصر علي التوسط والإشباع ؟ أم تؤخذ الثلاثة أوجه ؟ .
قال أبو شامة : ثم إذا قيل بالمد فهل هو مد متوسط أو مشبع فيه وجهان ، وذكر الشيخ وغيره أن الناظم أشار إلى هذين الوجهين بقوله "وجهان أصلا" أي جعلا أصلا يعتمد عليه وأشار بقوله " أصلا " إلى وجه ثالث وهو الاختصار على ما في حرف المد من المد ولا يظهر لي أنه أراد بالوجهين إلا "القصر والمد" لأنه ذكر المد لما قبل ساكن ولم يبين طوله ولا توسطه وقال بعد ذلك وعند سكون الوقف وجهان أصلا .
فعلم أنه المد وضده وهو القصر ولو كان أشار إلى الطول والتوسط لكان ممدودا بلا خلاف وإنما الخلاف في المقدار والمد لا يفهم من عبارته في نظمه فالظاهر ما ذكرته لكن ما ذكره الشيخ يقويه ما يأتي في شرح البيت الآتي وقوله أصلا تنبيه على الوجوه الثلاثة كأنه قال اختلف في مده وقصره بالنظر إلى أصل الكلام في ذلك .
ثم إذا قيل بالمد فهل هو مشبع أو متوسط فيه وجهان ولا يمتنع أن يكون أصلا رمزا لنافع فهو لفظ موهم كما ذكرناه في ووسطه قوم وقوله قبل ذلك وعن كلهم لا يدفع هذا الإبهام لاحتمال أن يقال الذي هو عن كلهم هو غير سكون الوقف ثم لا فرق في حرف المد بين أن يكون مرسوما نحو (قال) أو غير مرسوم نحو (الرحمن) ، أو كان بدلا من همزة نحو (الذئب)-(ويؤت) والرأس .
واختار أبو الحسن الحصري وجه القصر في سكون الوقف لأنه كسائر ما يوقف عليه مما قبله ساكن صحيح نحو (والعصر) و(خسر) و(الصبر) ، فما الظن بما قبله حرف مد فقال في قصيدته التي نظمها في قراءة نافع ، (وإن يتطرف عند وقفك ساكن فقف دون مد ذاك رأيي بلا فخر) ، (فجمعك بين الساكنين يجوز إن وقفت وهذا من كلامهم الحر))ا.هـ
فأجابه العلامة ابن الجزري قائلا : (قلت): أما ما وقفت عليه من كلام أبي العلاء فتقدم آخر باب الإدغام الكبير وأما الشاطبي فنصه على كون الإدغام عارضاً وقد يفهم منه المد وغيره على أن الشاطبي لم يذكر في كل ساكن الوقف "قصراً" بل ذكر الوجهين وهما "الطول والتوسط" كما نص السخاوي في شرحه وهو أخبر بكلام شيخه ومراده وهو الصواب في شرح كلامه لقوله بعد ذلك وفي عين الوجهان فإنه يريد الوجهين المتقدمين من الطول والتوسط بدليل قوله والطول فضلاً..)ا.هـ​
ثم قال في موضع آخر: ((ولو أراد القصر لقال: والمد فضل. فمقتضى اختيار الشاطبي عدم القصر في سكون الوقف فكذلك سكون الإدغام الكبير عنده.)ا.هـ​
مما سبق دل علي أن الإمام الشاطبي لم يلتف إلي وجه القصر في العارض للسكون وكذا يكون الحال في الإدغام الكبير ـ كما صرح به ابن الجزري ـ .
وزاد صاحب "الاتحاف" فائدة جليلة فقال : ..... وفرق شيخنا رحمه الله تعالى بين إدغام أبي عمرو وإدغام غيره ممن ذكر بأن أبا عمرو يجوز عنده كل من الإدغام والإظهار بخلاف نحو حمزة فإن الإدغام لازم عنده فكان المد معه واجبا لذلك ثم أورد عليه أن من روى الإدغام لأبي عمرو أوجبه له انتهى))ا.هـ
والسلام عليكم
 
اللمحة التاسعة

اللمحة التاسعة

اللمحة التاسعة
314 - وَذُوا الرَّاءِ وَرْشٌ بَيْنَ بَيْنَ وَفي أَرَاكَهُمْ وَذَوَاتِ الْيَالَهُ الْخُلْفُ جُمِّلاَ
315 - وَلكِنْ رُءُوسُ الآيِ قَدْ قَلَّ فَتْحُهَا لَهُ غَيْرَ مَاهَا فِيهِ فَاحْضُرْ مُكَمَّلاَ
فهم الحافظ ابن الجزري من هذا البيت بأن رؤوس الآي يصح فيها الوجهان حيث قال :
(فالحاصل): أن غير ذوات الراء للأزرق عن ورش على أربعة مذاهب :
(الأول): إمالة بين بين مطلقاً رؤوس الآي وغيرها ما كان فيها ضمير تأنيث أولم يكن وهذا مذهب أبي طاهر صاحب العنوان وشيخه وأبي الفتح وابن خاقان .​
(الثاني) : الفتح مطلقاً رؤوس الآي وغيرها وهذا مذهب أبي القاسم بن الفحام صاحب التجريد .​
(الثالث): إمالة بين بين في رؤوس الآي فقط سوى ما فيه ضمير تأنيث فالفتح وكذلك ما لم يكن رأس آية وهذا مذهب أبي الحسن بن غليون ومكي وجمهور المغاربة.​
(الرابع): الإمالة بين بين مطلقاً أي رؤوس الآي وغيرها إلا أن يكون رأس آية فيها ضمير تأنيث وهذا مذهب الداني في التيسير والمفردات وهو مذهب مركب من مذهبي شيوخه .​
وبقي مذهب (خامس) : وهو إجراء الخلاف في الكل رؤوس الآي مطلقاً وذوات الياء غير (ها) إلا أن الفتح في رؤوس الآي غير ما فيه (ها) قليل وهو فيما فيه (ها) كثير وهو مذهب يجمع المذاهب الثلاثة الأول وهذا الذي يظهر من كلام الشاطبي وهو الأولى عندي بحمل كلامه عليه لما بينته في غير هذا الموضع والله أعلم.)2/61​
وإلي هذا المذهب الخامس جنح الإمام المتولي في الروض النضيرفقال : وبه قرأت في الختمة الأولي علي شيخنا التهامي كما كان ديدنه في الإقراء ...وقرأت عليه أيضا ثانيا من الطريق المذكور بالمذهبين الأولين ..) والمتولي ـ رحمه الله ـ يجيز الفتح في رؤوس الآي لورش فقال : إلا أن الفتح في رؤوس الآي غير ما فيه (ها) قليل وهو فيما فيه (ها) كثير وهو مذهب يجمع المذاهب الثلاثة الأول وهذا الذي ظاهر كلام الشاطبي قال في النشر :​
وهو الأولى عندي لحمل كلامه ـ أي الشاطبي ـ عليه ))ا.هـ ص526​
وكذا ذكر الشيخ الجمزوري في الفتح الرحماني أن الشيخ العلامة عبد الرحمن اليمني ، والعلامة محمد المنير ممن قالا بالوجهين .
أقول : وما فهمه العلامة ابن الجزري وتبعه علي ذلك المتولي وغيرهما في حملهما لكلام الشاطبي حيث فهما منه ( أن الفتح في رؤوس الآي غير ما فيه (ها) قليل وهو فيما فيه (ها) كثير) غير سديد.​
ولذا أسأل سؤالا : هل يمكننا أن نأخذ من البيت الثاني أن لورش الوجهين في رؤوس الآي سواء فيها (ها) أم لا ؟؟؟؟؟​
من أمعن النظر في قول الإمام الشاطبي علم أن هذا ليس مرادا من قوله للآتي :
أولا : : أن الشاطبي ـ رحمه الله ـ أتي بأداة من أدوات الاستثناء " غير" قال صاحب " الكواكب الدرية في إعراب الشاطبية ) ص 238 و" غير ما " بالإضافة مستثني من تقليل الفتح "ا.هـ
فأقول :من أي شئ استثني الإمام الشاطبي ـ رحمه الله ـ ؟
الجواب : أنه استثني بداية رؤوس الآي من الخلف السابق في قوله ( وفي أراكهم وذوات الياء له الخلف جملا ) ثم ذكر التقليل في رؤوس الآي قولا واحدا ثم استثني منه ما فيه (ها) .
ولو قلنا : هناك وجهان في رؤوس الآي ،أقول : كيف يستثني وجهين من وجهين فلا قيمة للاستثناء إذن ؟!!
فدل علي أنه أراد وجها واحدا في رؤوس الآي ثم استثني من الوجه الواحد ما فيه (ها) فيبقي وجهان فيما فيه (ها) .
ولو قلنا : إن ما قاله ابن الجزري : ( أن الفتح في رؤوس الآي غير ما فيه (ها) قليل وهو فيما فيه (ها) كثير) صحيح .​
الجواب : لم يذكر ابن الجزري نفسه في المذاهب التي ذكرها أن هناك مذهبا يقلل ما فيه (ها) دون بقية رؤوس الآي .
ولذا رجع عنه في الطيبة وجزم بالتقليل قولا واحد فقال : ( وقلل الرا ورؤوس الآي جف ) . والله أعلم
ثانيا : ماحكاه تلميذ الشاطبي ـ رحمه الله ـ وهو الإمام السخاوي أن المقصود بقوله : قد " قل فتحها " أي فتحها فتحا قليلا يعبّر بذلك عن الإمالة اليسيرة )ص 479
وقال أبو شامة : يعني أن رءوس الآى لا يجري فيها الخلاف المذكور بل قراءته لها على وجه واحد وهو بين اللفظين وعبر عن ذلك بقوله قد قل فتحها يعني أنه قلله بشيء من الإمالة وقد عبر عن إمالة بين بين بالتقليل في مواضع كقوله وورش جميع الباب كان مقللا والتقليل جادل فيصلا وقلل في جود وعن عثمان في الكل قللا...)(ص 166 )​
وبهذا قال جمع من الشراح أمثال الإمام الفاسي في شرحه ص (1/421) وابن القاصح في شرحه (ص113) وغيرهم كثرة . والله أعلم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله تبارك الله زادك الله من فضله
ونفع الله بكم ونفعكم
 
وفقكم الله وبارك فيكم على هذه الدرر النفسية
وإن أذنتم أيها الأستاذ الفاضل لدي سؤال في قول الناظم :
وقبل يئسن الياء في اللاء عارض = سكونًا أو أصلا فهو يظهر مسهلا
فيظهر من كلام الناظم أن الإظهار خاص بالسوسي رغم أن شراح الشاطبية - الذي قرأت لهم - يجرون هذا الوجه ووجه الإدغام أيضا للدوري عن أبي عمرو والبزي أيضا , فهل تتكرمون بإيضاح ذلك ؟
 
لدي سؤال في قول الناظم :
وقبل يئسن الياء في اللاء عارض = سكونًا أو أصلا فهو يظهر مسهلا
فيظهر من كلام الناظم أن الإظهار خاص بالسوسي رغم أن شراح الشاطبية - الذي قرأت لهم - يجرون هذا الوجه ووجه الإدغام أيضا للدوري عن أبي عمرو والبزي أيضا , فهل تتكرمون بإيضاح ذلك ؟
السلام عليكم
المسألة يسيرة لأن هذه الكلمة من جهة صورتها ( أي وجود ياء ساكنة بعدها ياء محركة من كلمتين ) من باب الإدغام الصغير " وما أول المثلين فيه مسكن فلا بد من إدغامه " ولذا جميع من قرأ بتسكين الياء من (اللاي ) يجب فيه الإدغام حيث لا يمكن نطق المثلين الصغير بدون إدغام ، ولذا من أظهر جعل سكتا بين المثلين الصغيرهنا وكذا في مثل قوله تعالي (ماليه هلك ) .

أما من نظر لأصلها (أي أصل الكلمة قبل تسكينها )ولم ينظر لصورتها جعلها من باب الإدغام الكبير قال في الإتحاف :
(( واختلفوا أيضا في ( واللائي يئسن ) بالطلاق الآية 4 على وجه إبدال الهمزة ياء ساكنة وقد ذكرها الداني في الإدغام الكبير وتعقب بأن محلها الصغير لسكون الياء وأجيب بأن وجه دخولها فيه قلبها عن متحرك وقد ذهب الداني والشاطبي والصفراوي وغيرهم إلى إظهار الياء فيها لتوالي الإعلال لأن أصلها ( اللائي ) بياء ساكنة بعد الهمز كقراءة ابن عامر ومن معه فحذفت الياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصارت كقراء قالون ومن معه ثم أبدلت الهمزة ياء ساكنة على غير قياس لثقلها فحصل في الكلمة إعلالان فلا تعل ثالثا بالإدغام .

وذهب الآخرون إلى الإدغام قال في النشر : قلت وكل من وجهي الإظهار والإدغام ظاهر مأخوذ به وبهما قرأت على أصحاب أبي حيان عن قراءتهم بذلك عليه وليسا مختصين بأبي عمرو بل يجريان لكل من أبدل معه وهما البزي ...)ا.هـ والله أعلم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
وإليكم مناقشة رائعة للشيخ سلطان المزاحي لمن أجاز الفتح في رؤوس الآي من كتابي ((آمال الطلبة ..فيما زادته الطيبة علي الشاطبية والدرة ) قال الشيخ العلامة سلطان المزاحي رحمه الله :

فإن قلت : ذ كر الداني فى باب لإمالة عن ابن غلبون لإمالة فى ذوات الياء ومذهبه فى البدل القصر، قلت :الناقل عنه ذلك اشتبه عليه مسألة بأخرى لأن ابنى غلبون لهما الفتح فى ذوات الياء مالم تكن رأس أية وفيها (ها)كناية مؤنث كما نقل ذلك النشر،ثم اعلم أن محل كون الفتح والتقليلل لورش فى ذوات الياء فى غير رءوس آى الإحدى عشرة أما أى هى فليس له فى رءوس آيها إلا التقليل.

قال في النشر : فصل
وأمال ورش من طريق الأزرق جميع ما تقدم من رؤوس الآي في السور الإحدى عشر المذكورة بين بين كإمالته ذوات الراء المتقدمة سواء وسواء كانت من ذوات الواو نحو (الضحى، وسجى، والقوى) أو من ذات الياء نحو (هدى، والهوى، ويغشى) وانفرد صاحب الكافي ففرق في ذلك بين اليائي فأماله بين بين وبين الواوي ففتحه.
واختلف عنه فيما كان من رؤوس الآي على لفظ (ها) وذلك في سورة النازعات والشمس نحو (بناها، وضحاها وسواها. ودحاها، وتلاها؛ وأرساها، وجلاها) سواء كان واوياً أو يائياً فأخذ جماعة فيها بالفتح وهو مذهب أبي عبد الله بن سفيان وأبي العباس المهدوي وأبي محمد مكي وابني غلبون وابن شريح وابن بليمة وغيرهم وبه قرأ الداني على أبي الحسن وذهب آخرون إلى إطلاق الإمالة فيها بين بين وأجروها مجرى غيرها من رؤوس الآي وهو مذهب أبي القاسم الطرسوسي وأبي الطاهر بن خلف صاحب العنوان وأبي الفتح فارس بن حمد وأبي القاسم الخاقاني وغيرهم ـ ثم قال ـ : وانفرد صاحب التجريد عن الأزرق بفتح جميع رؤوس الآي ما لم يكن رائياً سواء كان واوياً أو يائياً فيه"ها" أو لم يكن فخالف جميع الرواة عن الأزرق.

فانظر كيف جزم أولابإمالة رءوس الآى عنه ثم حكى الفتح وانفرد عن ((التجريد)) وجزم بمخالفته جميع الروايات،ومعنى قولهم :
وانفرد:شذ إذ الشاذ والمفرد واحد كم عليه ابن الصلاح وغيره،والشاذ ماخلف فيه الثقه جميع الثقات كما عليه لإمام الشافعى وأكثرالصحابه،أو ما خالف فيه الاثقه من هو أوثق منه كما عليه ابن حجر العسقلانى ومن تبعه ، فإن قلت : هذا عند المحدثين، أما عند القراء فهو ماخف أحد الأركان الثلاثه التى هى موافقة الرسم،ووجه من وجوه العربية وصحه الإسناد،قلت: هذا غلط نشأ من عدم معرفة صحة الإسناد،قال فى النشر : وقولنا صح سندها فإنما نعنى به أن يروى تلك القراءة العدل الضابط عن مثله وهكذا حتى ينتهى وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ به بعضهم أهـ.

فانظر قوله: وتكون ذلك مشهورة ...إلخ فصرح بأنه يشترط مع نقل العدل الضابط عن مثله وهكذا ألا يشذ بها وهذا بعينه هو ماذكره المحدثون فإنهم قالوا فى تعريف الصحيح ذلك ، قال القرافى فى ألفيته :
واهل هذا الشأن قسموا السنن***إلي صحيح وضعيف وحسن
فالأول المتصل الإسناد*** بنقل عدل ضابط الفؤاد
عن مثله من غيرما شذوذ ***وعلة قادحة فتوذي

ثم قال في باب الشاذ :

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة **فيه الملا فالشافعي حققه
ولا يقال لا يلزم من تفرد الراوي شذوذه كما هو مقرر في محله .
قلت : نعم لا يلزم لكن الكلام في الشاذ المردود ، وقال شيخ الإسلام في شرح ألفية القرافي : فالشاذ المردود كما قال ابن الصلاح قسمان :

أحدهما : الحديث المفرد المخالف وهو ما عرفه الشافعي
ثانيهما : المفرد الذي ليس فيه رواية الثقة والضبط ما يقع جابرًا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف . اهـ
وما نحن فيه من القسم الأول بقرينة قول ابن الجزري " فخالف جميع الرواة عن الأزرق" فما ذكره صاحب التجريد شاذ علي المذخبين وأجمع الفقهاء والقراء والأصوليون علي أن الشاذ ليس بقرآن كما قال النويري في شرح الطيبة وتحرم القراءة به.

فإن قلت : مستند ذلك قول الشاطبي " وَلكِنْ رُءُوسُ الآيِ قَدْ قَلَّ فَتْحُهَا" فظاهره أن له الفتح والإمالة في رءوس الآي ، قلت : شراحه أعلم بمراده وقد قال ابو شامة : وَلكِنْ رُءُوسُ الآيِ قَدْ قَلَّ فَتْحُهَا لَهُ غَيْرَ مَاهَا فِيهِ فَاحْضُرْ مُكَمَّلاَ
يعني أن رءوس الآى لا يجري فيها الخلاف المذكور بل قراءته لها على وجه واحد وهو بين اللفظين وعبر عن ذلك بقوله قد قل فتحها يعني أنه قلله بشيء من الإمالة وقد عبر عن إمالة بين بين بالتقليل في مواضع كقوله وورش جميع الباب كان مقللا والتقليل جادل فيصلا وقلل في جود وعن عثمان في الكل قللا

ووقع لي في ضبط ذلك بيتان فقلت ، (وذو الراء ورش بين بين وفي رءوس الآى سوى اللاتي تحصلا) ، (بها وأراكهم وذي اليا خلافهم كلا والربا مرضاة مشكاة أهملا)
فذكر أولا ما يميله بلا خلاف ثم ما فيه وجهان ثم امتنعت إمالته "ا.هـ
قال الجعبري :
اي قلل ورش باتفاق ألفات فواصل الإحدي عشرة فجزم بذلك ولم يعتبر المخالف القائل بالفتح لشذوذه مع أنه ذكره آخرا وقيل : قل وجه الفتح يفهم منه كثرة وجه التقليل ويجري فيها خلاف غيرها وهذا الاحتمال صحيح من جهة النقل كما بينت احتمال التيسير وقطع مكي وابن شريح والحصري بالإمالة والصقلي بالفتح ويؤيده فصل الفاصلة عن المختلف علي اختلاف ترجيح الإمالة )ا.هـ

علي أن قوله : وهذا الاحتمال صحيح من جهة النقل ناقضة في باب اللامات في شرح (وعند رؤوس الآي ترقيقها اعتلا ) ،حيث قال : ووجها الفاصلة مفرعان علي الإمالة ومن عبر بترقيقها عن إمالتها يلزم منه وجه فتح غير مقبول )ا.هـ

فانظر قوله : "مفرعان " أي التغليظ والترقيق على الإمالة وارتكب هذا وإن كان العمل خلافه كما بينته ، هروبا من كون التغليظ مع الفتح في رؤوس الآي ورد من أراد ذلك بأنه يلزم منه وجه فتح رؤوس الآي غير منقول ، فإن قلت : هو قد نقل الفتح عن الصقلي فحينئذ لم ينفرد صاحب " التجريد" بالفتح ، فقول النشر : "وانفرد " مرود ، قلت الصقلي هو صاحب التجريد قال في النشر في ذكر الكتب كتاب التجريد تأليف الأستاذ أبي القاسم عبد الرحمن ابن أبي بكر عتيق بن خلف الصقلي المعروف بابن الفحام وبهذا يرد علي من ادعي أن ابن الفحام هو أبو القاسم الحر غير صاحب التجريد ، فإن قلت : قال ابن الجزري : (فالحاصل) أن غير ذوات الراء للأزرق عن ورش على أربعة مذاهب :
(الأول) إمالة بين بين مطلقاً رؤوس الآي وغيرها ما كان فيها ضمير تأنيث أولم يكن وهذا مذهب أبي طاهر صاحب العنوان وشيخه وأبي الفتح وابن خاقان
(الثاني) الفتح مطلقاً رؤوس الآي وغيرها وهذا مذهب أبي القاسم بن الفحام صاحب التجريد .
(الثالث) إمالة بين بين في رؤوس الآي فقط سوى ما فيه ضمير تأنيث فالفتح وكذلك ما لم يكن رأس آية وهذا مذهب أبي الحسن بن غليون ومكي وجمهور المغاربة.
(الرابع) الإمالة بين بين مطلقاً أي رؤوس الآي وغيرها إلا أن يكون رأس آية فيها ضمير تأنيث وهذا مذهب الداني في التيسير والمفردات وهو مذهب مركب من مذهبي شيوخه وبقي مذهب خامس وهو إجراء الخلاف في الكل رؤوس الآي مطلقاً وذوات الياء غير (ها) إلا أن الفتح في رؤوس الآي غير ما فيه (ها) قليل وهو فيما فيه (ها) كثير وهو مذهب يجمع المذاهب الثلاثة الأول وهذا الذي يظهر من كلام الشاطبي وهو الأولى عندي يحمل كلامه عليه لما بينته في غير هذا الموضع والله أعلم. )ا.هـ

قلت: لم يعتمد هو هذا الحمل بل فى أول الفصل بالإماله فى رءوس الآى عن الأزرق ولم يحك الفتح فيها إلا انفراداً عن صاحب "التجريد" مع مخالفته لجميع الرواه كما تقدم وجزم فى طيبته كما جزم به فى النشر فقال:
" وقلل الراوروس الآى جف" فلو كان ماحمل عليه كلام الشاطبى معمولاًبه لذكر الخلف فى رءوس الآى فى طيبته ونشره إذ من جمله طرقهما الشاطبية، ولم يحك الفتح انفراداً عن صاحب "التجريد" غاية الأمر أن اللفظ محتمل لماذكره وحمله عليه لا يلزم منه صحة العمل بمضمونه لما قرره هو أولاً .
فإن قلت : مما يدل صريحاً على رءوس الآى فيها الوجهان قول الشاطبى
فى اللامات : وعند رءوس الآى ترقيقها اعتلا،
وقول ابن الجزرى فى طيبته "والعكس فى الآى رجح " أى الترقيق فى رءوس الآى رجح على التغليظ ففيه تصريح باجراء الفتح والإمالة في رؤوس الآي لأن التفخيم لا يكون إلا مع الفتح ، والترقيق لا يكون إلا مع الإمالة كما حكى الاجتماع عليه فى النشر.

قلت: شرح الجعبرى كلام الشاطبى على
أن المراد: أن التغليظ والترقيق كلاهما مع الإماله حيث قال ووجها الفاصلة مفرعان على الإماله ، ومن قال :عبر بترقيقها عن إمالتها يلزم منه وجه فتح غير منقول أهـ.

وهذا صريح فى أن التغليظ يوجد مع الإماله ، ومما يصرح به أيضاً أن "التيسير" لم يذكر لورش فى ذوات الياء إلا الإماله مع ذكره تغليظ اللام فلزم منه أن الإماله مع التغليظ، فادعى الإجماع على أن التغليظ لا يكون إلا مع الفتح مردود بما ذكر ،ولئن سلمنا ذلك فيمكن أن يقال إن التفخيم مع الفتح فى رءوس الآى هو طريق صاحب "التجريد" الذى نقل عنه فى النشر أنه انفرد بفتح رءوس الآى عن ورش وقال إنه خالف جميع الرواة عن الأزرق.

فإن قلت :سلمنا أن هذا الجواب ممكن فى عبارة الشاطبى والطيبة فماذا تفعل فى عبارةالنشر فإنه نقل التفخيم عن جماعة والترقيق عن جماعة وبمقتضي ذلك يلزم أن يكون الفتح والأمالة جاريين في رؤوس الآي وعبارته في باب اللامات : "واختلفوا فيما إذا وقع بعد اللام ألف ممالة نحو: (صلى، وسيصلى، ومصلى، ويصلاها). فروى بعضهم تغليظها من أجل الحرف قبلها. وروى بعضهم ترقيقها من أجل الإمالة ففخمها في التبصرة والكافي والتذكرة والتجريد وغيرها ورققها في المجتبي وهو مقتضى العنوان والتيسير وهو في تلخيص أبي معشر أقيس. والوجهان في الكافي وتلخيص ابن بليمة والشاطبية والإعلان وغيرها. وفصل آخرون في ذلك بين رؤوس الآى وغيرها فرققوها في رؤوس الآى للتناسب وغلظوها في غيرها لوجود الموجب قبلها وهو الذي في التبصرة وهو الاختيار في التجريد والأرجح في الشاطبية والأقيس في التيسير وقطع أيضاً به في الكافي إلا أنه أجرى الوجهين في غير رؤوس الآى))ا.هـ

قلتُ : كلامه في هذا الفصل يضرب بعضه بعضا ، وذلك أن قوله " ففخمها في التبصرة والكافي والتذكرة والتجريد" عام في رؤوس الآي وغيرهما ، فيقتضي أن صاحب التبصرة والكافي يقولان : بأن في رؤوس الآي التفخيم ـ أي مع الفتح ـ أي لا يكون إلا كذلك ، وقوله آخرا : وفصل آخرون إلي أن قال : وهو الذي في التبصرة .. وقطع أيضاً به في الكافي" نص في أن لهما الترقيق في رؤوس الآي ـ أي مع الإمالة ـ وهذا المتعين لهما لأن جميع الرواة مجمعون علي الإمالة في رؤوس الآي إلا صاحب " التجريد" كما ذكره في بابها وأيضا ذكره في بابها لصاحب التبصرة الذي هو مكي الإمالة في رؤوس الآي نصا ونقله أولا عن صاحب التذكرة الذي هو أبو الحسن طاهر ابن غلبون التفخيم ، فإن كان مع الفتح اقتضي أن له في رؤوس الآي الفتح وهو مخالف صريح ما ذكره في باب الإمالة من أن له رؤوس الآي الإمالة لا غير ، وإن كان مع الإمالة اقتضي أن التفخيم يكون مع الإمالة وهو مخالف لما ذكره في باب اللامات من أن التفخيم لا يكون مع الإمالة ، وقوله : " إلا أنه ـ أي الكافي ـ أجري الوجهين في غير رؤوس الآي يقتضي أن له الفتح والإمالة في ذوات الياء غير رؤوس الآي وهو ينافي ما ذكره في باب الإمالة من أن له الفتح لا غير ، إلا أن يقال : إن له التغليظ والترقيق مع الفتح وهو خلاف المعروف من أن التغليظ مع الفتح ، والترقيق مع الإمالة .

فنخلص من هذا أنه يتعين أن يكون لصاحب "الكافي " "والتبصرة " " والتذكرة " الترقيق في رؤوس الآي ليوافق ما ذكره لهم في صريحا في باب الإمالة من أن الإمالة في رؤوس الآي ، وإلا يلزم أن لا يكون صاحب " التجريد" انفرد بالفتح في رؤوس الآي وخالف سائر الرواة علي أن قوله هنا : وهو الاختيار في التجريد " يقتضي أن المختار له الإمالة في رؤوس الآي إلا أن يقال : إنه يقول بالترقيق مع الفتح وهو خلاف المعروف
فإذا علمت ما ذكر وأردت قراءة قوله تعالى { وهل أتاك حديث موسى } الآية 9 فتقرأ بالفتح و الإمالة في ( أتاك ) على إمالة ( موسى ) لأن القائلين بالفتح في غير رؤوس الآي كابن غلبون ومكي وصاحب الهادي والهداية وابن بليمة من معه قائلون بالإمالة في رؤوس الآي
أو نحو: قوله تعالى (أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) الآية 50 فتأتي بالفتح و الإمالة في ( أعطى ) على كل من التوسط والطويل في "شيء " مع الإمالة في "هدى" لما تقرر
كذلك نحو قوله تعالى (سنعيدها سيرتها الأولى ) الآية 21 فتقرأ بثلاثة مد البدل على الإمالة لأن ابن غلبون ومكيا وابن بليمة لهم الإمالة في رؤوس الآي مع القصر والتوسط والطويل علم حكمها مما مر .
ونحو قوله تعالى (وعصى آدم ربه فغوى) فتأتي بالفتح في "وعصى"علي القصر والطويل في " آدم"مع الإمالة في " فغوي " .
وإن كنت تقرأ من طريق الطيبة : فتأتي بالفتح في "وعصى" على الثلاثة في "آدم" مع الإمالة في "غوى" ثم و الإمالة في "وعصى" مع التوسط والطويل في "آدم" مع الإمالة في "غوى" .)ا.هـ رسالة الشيخ سلطان مزاحي في أجوبة المسائل العشرين . من ص29 إلي ص 37 بتصرف
والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الشيخ عبد الحكيم جزائك الله خيراً على هذا النقل المفيد.

بتزاكر من وَرَايَ (ابتسامة)
 
جزاك الله خيرًا أخي الفاضل الشيخ عبد الحكيم عبد الرزاق على هذه اللمحات المفيدة, ولكن قولك:
وقد يقول قائل : فقد ذُكر لهالوجهان في قوله " وفي الكل ..لسانه بخلف " فلا داعي لذكره مع قالون؟؟

أقول : الشاطبي ـ رحمه الله ـ إن ذكر قاعدة عامة لقارئ ثم ذكر لقارئ آخر القراءة نفسها يأتي بصاحب القاعدة أيضا لكيلا يوهم خروج صاحب القاعدة في هذا الموضع . كما فعل ذلك فيقوله :
وَفِي اللاَّمِ لِلتَّعْرِيفِ أَرْبَعُ عَشْرَةٍ فَإِسْكَانُهَا (فَـ)ـاشٍ

ثم ذكر موافقة بعض القراء لحمزة وذكر حمزة مرة أخري مع كل قارئ حتي لا يحدث وهم من استثناء هذه المواضع من عموم ما أقره لحمزة ..فقال :

.......................** ..........
وَعَهْدِي (فِـ)ي (عُـ)لاَ

وَقُلْ لِعِبَادِي (كَـ)ـانَ (شَـ)رْعاً وَفِي النِّدَا (حِـ)مًى (شَـ)ـاعَ آيَاتِي (كَـ)مَا (فَـ)ـاحَ مَنْزِلاَ
ومثال آخر :
وكذا في قوله : وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا
فكلمة (تذكرون ) في جميع مواضعها في القرآن قرأها بالتخفيف حفص وحمزة والكسائي وهو المشار إليهم بـ (علي شذا)
ثم قال في سورة الأعراف : وَتَذَّكَّرُونَ الْغَيْبَ زِدْ قَبْلَ تَائِهِ ***كَرِيماً وَخِفُّ الذَّالِ كَمْ شَرَفاً عَلاَ
قال أبو شامة : أي زاد ابن عامر ياء فقرأ ( قليلا ما يتذكرون) ، وخفف الذال ، والباقون لم يزيدوا هذه الياء الدالة على الغيب وهم في تخفيف الذال وتشديدها مختلفون على ما سبق في الأنعام (وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا) وإنما احتاج إلى إعادة الكلام في تخفيف الذال هنا لأجل زيادة ابن عامر على تخفيفها .. والله أعلم)انتهي بتصرف
وقال أيضا في سورة الرعد :
وَمَا كُرِّرَ اسْتِفْهَامُهُ نَحْوُ آئِذَا أَئِنَّا فَذُو اسْتِفْهَامٍ الْكُلُّ أَوَّلاَ
وهو يعني بما يطلق في هذا الباب الاستفهام المكرر وهو يقصد جميع المواضع لأنه قال بعدها : "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ "
فجميع القراء يستفهمون في الموضع الأول سوي نافع في النمل فيخبر فيه ، ثم تحدث عن المواضع الأخري ما عدا موضع النمل فقال : ".....وَالشَّامِ مُخْبِرٌ سِوَى النَّازِعَاتِ مَعْ إِذَا وَقَعَتْ وِلاَ"
أي أخبر الشام في جميع المواضع الأخري الموضع الأول ، وقد استثني موضعي النازعات والواقعة .. ومن قوله "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ " علمنا استثناء موضع النمل .
يفهم منه أنها قاعدة مطردة عند الشاطبي رحمه الله مع أنَّ الواقع خلاف ذلك, ففي أبيات (سورة أم القرآن) ذكر صلة ميم الجمع الواقعة قبل محرك لابن كثير وقالون بخلف عنه, ثم قال:
"ومن قبل همز القطع صلها لورشهم", ولم يُعِدْ ذكر ابن كثير وقالون مع أن الصلة لهما داخلة هنا.
وفي أبيات (باب حروف قربت مخارجها) ذكر إدغام باء الجزم في الفاء لخلاد, والكسائي, وأبي عمرو, ثم قال:
"وخيِّر في يتب قاصدًا ولا" ولم يُعدْ ذكر الكسائي وأبي عمرو.
وفقك الله إلى كل خير
لك مني التحية والتقدير

 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الشيخ عبد الحكيم جزاك الله خيراً على هذا النقل المفيد.
بتزاكر من وَرَايَ (ابتسامة)
السلام عليكم
هو أنا هقدر أعملها وأزاكر من وراك يا شيخ محمد ؟
بارك الله فيكم شيخنا الكريم ونفع بكم .
وسبب هذا الرد أن البعض أراد أن يجوّز الوجهين في رؤوس الآي من طريق الشاطبية وكان هذا أبلغ رد .
ولكم جزيل الشكر
والسلام عليكم
 

يفهم منه أنها قاعدة مطردة عند الشاطبي رحمه الله مع أنَّ الواقع خلاف ذلك, ففي أبيات (سورة أم القرآن) ذكر صلة ميم الجمع الواقعة قبل محرك لابن كثير وقالون بخلف عنه, ثم قال:
"ومن قبل همز القطع صلها لورشهم", ولم يُعِدْ ذكر ابن كثير وقالون مع أن الصلة لهما داخلة هنا.
[/CENTER]​

السلام عليكم
شيخنا الكريم جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
إذا اقتصر الأمر علي هذين المثالين فالأمر سهل ويسير .
فلم يذكر قالون وابن كثير مع ورش لأنه كان في معرض التخصيص لورش بعدما عمّم لابن كثير بلا خلاف ولقالون بخلاف ، فأراد تخصيص ورش بما قبل همزة قطع فذكره . ولم يحتج لإعادة قالون وابن كثير لوضوح المعني .والله أعلم

[RIGH
وفي أبيات (باب حروف قربت مخارجها) ذكر إدغام باء الجزم في الفاء لخلاد, والكسائي, وأبي عمرو, ثم قال:
"وخيِّر في يتب قاصدًا ولا" ولم يُعدْ ذكر الكسائي وأبي عمرو.
وفقك الله إلى كل خير
لك مني التحية والتقدير[/CENTER]​

وهنا أيضا كان في معرض تخصيص الخلاف لخلاد بعدما عمّم لـ (قد رسا حميدا ) فأراد تخصيص خلاد بوجه زائد علي ما تقدم فذكره منفردا لعدم مشاركة الآخرين له في الوجه الزائد علي ما سبق . والله أعلم
والسلام عليكم​
 
الشيخ عبد الحكيم زادك الله حكمة وعلمًا:
وفي قوله: "وفي طه بوجهين بجلا"
ألم يكن ـ أيضًا ـ في معرض تخصيص ذلك الموضع بالخلاف لقالون عن بقية المواضع السابقة, ولم يذكر هشامًا لوضوح المعنى؟
وسلام الله عليك ورحمته وبركاته
 
الشيخ عبد الحكيم زادك الله حكمة وعلمًا:
وفي قوله: "وفي طه بوجهين بجلا"
ألم يكن ـ أيضًا ـ في معرض تخصيص ذلك الموضع بالخلاف لقالون عن بقية المواضع السابقة, ولم يذكر هشامًا لوضوح المعنى؟
وسلام الله عليك ورحمته وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين آمين آمين .ولك مثله أخي الحبيب
لا يمكن حمل كلامه علي ما ذكرتم ((ألم يكن ـ أيضًا ـ في معرض تخصيص ذلك الموضع بالخلاف لقالون عن بقية المواضع السابقة, ولم يذكر هشامًا لوضوح المعنى؟)) .
لأنه لا توجد رواية تساعدك علي ما حملت عليه ، لأنه لا توجد رواية عن هشام بقصر (يأته) فحمل كلامه علي ما عليه الناس أولي . والله أعلم
والسلام عليكم
 
شيخنا الكريم بارك الله فيك, قولك:
لا يمكن حمل كلامه علي ما ذكرتم ((ألم يكن ـ أيضًا ـ في معرض تخصيص ذلك الموضع بالخلاف لقالون عن بقية المواضع السابقة, ولم يذكر هشامًا لوضوح المعنى؟)) .
لأنه لا توجد رواية تساعدك علي ما حملت عليه ، لأنه لا توجد رواية عن هشام بقصر (يأته) فحمل كلامه علي ما عليه الناس أولي

أقــول أنا لست متمسكًا برأيي في هذه المسألة, وإنما أريد الفائدة:
قال الإمام الداني في جامع البيان (200ـ211):
" اختلفوا في هاء الكناية إذا اتصلت بفعل مجزوم, وجملة ذلك ستة عشر موضعًا, أربعة مواضع منها الهاء فيها مضمومة, وهي في الباقي مكسور ة, فأول ذلك في هذه السورة ـ أي آل عمران ـ أربعة مواضع:
{يؤده إليك}, و{لا يؤده}, و{نؤته منها}, وفي النساء موضعان {نوله ما تولى ونصله}, وفي الأعراف والشعراء {أرجه}, وفي طه {ومن يأته}, وفي النور {ويتقه}, وفي النمل {فألقه}, وفي الزمر {يرضه لكم}, وفي الشورى {نؤته منها}, وفي البلد {أن لم يره أحد}, وفي الزلزلة {خيرًا يره}, و{شرًّا يره}".
فذكر مذاهب القراء إلى أن وصل إلى هشام فقال:
" واختلف الحلواني عن هشام عن ابن عامر في المكسورة فروى لنا الفارسي عن أبي طاهر بإسناده عن الحلواني عنه أنه يكسر الهاء في ذلك كله ويشبع الكسرة, وبذلك قرأت أنا من طريقه على أبي الحسن عن قراءته, وبه قرأت أيضًا على أبي الفتح عن قراءته على غير عبد الله بن الحسين, ونا محمد بن علي, قال: نا ابن مجاهد, عن الجمال, عن الحلواني, عن هشام, عن ابن عامر أنه كان لا يشبع في الباب كله, وكذلك روى لي ذلك أبو الفتح عن عبد الله بن الحسين عن أصحابه عن الحلواني عن هشام"اهـ.
فيلاحظ أنه أثبت هذا الوجه, أعني قصر الهاء من (يأته مؤمنًا) لهشام, والله أعلم.
وجزاك الله خيرًا شيخنا على الإفادة بهذه اللمحات المباركة.
 
أقــول أنا لست متمسكًا برأيي في هذه المسألة, وإنما أريد الفائدة:
قال الإمام الداني في جامع البيان (200ـ211):
" اختلفوا في هاء الكناية إذا اتصلت بفعل مجزوم, وجملة ذلك ستة عشر موضعًا, أربعة مواضع منها الهاء فيها مضمومة, وهي في الباقي مكسور ة, فأول ذلك في هذه السورة ـ أي آل عمران ـ أربعة مواضع:
{يؤده إليك}, و{لا يؤده}, و{نؤته منها}, وفي النساء موضعان {نوله ما تولى ونصله}, وفي الأعراف والشعراء {أرجه}, وفي طه {ومن يأته}, وفي النور {ويتقه}, وفي النمل {فألقه}, وفي الزمر {يرضه لكم}, وفي الشورى {نؤته منها}, وفي البلد {أن لم يره أحد}, وفي الزلزلة {خيرًا يره}, و{شرًّا يره}".
فذكر مذاهب القراء إلى أن وصل إلى هشام فقال:
" واختلف الحلواني عن هشام عن ابن عامر في المكسورة فروى لنا الفارسي عن أبي طاهر بإسناده عن الحلواني عنه أنه يكسر الهاء في ذلك كله ويشبع الكسرة, وبذلك قرأت أنا من طريقه على أبي الحسن عن قراءته, وبه قرأت أيضًا على أبي الفتح عن قراءته على غير عبد الله بن الحسين, ونا محمد بن علي, قال: نا ابن مجاهد, عن الجمال, عن الحلواني, عن هشام, عن ابن عامر أنه كان لا يشبع في الباب كله, وكذلك روى لي ذلك أبو الفتح عن عبد الله بن الحسين عن أصحابه عن الحلواني عن هشام"اهـ.
فيلاحظ أنه أثبت هذا الوجه, أعني قصر الهاء من (يأته مؤمنًا) لهشام, والله أعلم.
وجزاك الله خيرًا شيخنا على الإفادة بهذه اللمحات المباركة.

السلام عليكم
أخي الكريم أعلمُ يقينا أنكم لا تتعصبون لرأيكم ، ولأن المسألة مشتركة في النهاية بيننا في كون القصر في " يأته" ليس مقروءا به لا من طريق الشاطبية ولا من طريق الطيبة والنشر . ولكن الخلاف في طريقة الاستدلال فقط . إذن النتيجة واحدة .
ثانيا : لا نشك في أدبكم الجم ، ففضيلتكم لا تتعرضون في الكتابة إلي الأشخاص بعبارات نحو " فتدبر ـ فتأمل ـ فاعلم ف ف ف) وتصبُّون كلامكم علي الأدلة وفقط .

أما بخصوص مسألتنا :

فقد وجدت النص في مفردة الداني أيضا أما في التيسير فلا يوجد فيها إلا الإشباع .
وقال في النشر :
واختلف عن السوسي في إسكان هاء (يأته) فروى الداني من جميع طرقه عن إسكانها وكذلك ابنا غلبون وكذلك صاحب الكافي والتلخيص والتبصرة والشاطبي وسائر المغاربة وروى عنه ابن سوار وابن مهران وسبط الخياط والحافظ أبو العلاء وكذلك صاحب الإرشادين والعنوان والتجريد والكامل سائر العراقيين ونص على الوجهين عن أبو العباس المهدوي في هدايته واختلف عن قالون وابن وردان في اختلاسها فأما قالون فروى عن الاختلاس وجهاً واحداً صاحب التجريد والتذكرة والتبصرة والكافي والتلخيص وأبو العلاء في غايته وسبط الخياط في كفايته وهي طريق لصالح بن إدريس عن أبي نشط وطريق ابن مهران وابن العلاف والشذائي عن ابن بويان. وكذلك رواه ابن مهران عن الحلواني من طريق السامري والنقاش وبه قرأ الداني على أبي الحسن وروى عنه الإشباع وجهاً واحداً صاحب الهداية والكامل من جميع طرقنا وبه قرأ الداني على أبي الفتح ولم يذكر في جامع البيان عن الحلواني سواه وهي طريق إبراهيم الطبري وغلام الهراس عن أبي بويان وطريق جعفر بن محمد عن الحلواني وأطلق الخلاف عنه صاحب التيسير والشاطبي ومن تبعهما. وأما ابن وردان فروى الاختلاس عنه هبة الله بن جعفر وكذلك ابن العلاف والوراق وابن مهران عن أصحابهم عن الفضل وبه قرأ الخبازي على زيد في الختمة الأولى وروى عنه الإشباع النهرواني من جميع طرقه وابن هارون الرازي كذلك وانفرد أبو الحسين الخبازي في قراءته على زيد في الختمة الثانية بإسكان الهاء. وأما رويس فروى الاختلاس عنه العراقيون قاطبة لا نعرف بينهم في ذلك خلافاً وروى الصلة عنه أبو الحسن طاهر بن غلبون والداني من طريقيه وأبو القاسم ابن الفحام فيما أحسب وسائر المغاربة. وبذلك قرأ الباقون وهو ابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وورش والدوري وابن جماز وروج وقد انفرد مهران عن روح بالاختلاس، فخالف سائر الناس، فيكون للسوسي وجهان وهما الإسكان والإشباع، ولكل من قالون وابن وردان ورويس وجهان وهما الاختلاس والإشباع.))ا.هـ

وقال في الطيبة عاطفا علي القصر : اقصر,......يأته الخلف بره.... خذ غث سكون الخلف يا

فأنتم ترون أن ابن الجزري لم يذكر القصر لهشام لا في النشر ولا في الطيبة ، وكذا ما قاله أبو شامة : "وليس لهشام في حرف طه إلا الصلة لا غيروإن كانت عبارته صالحة أن يؤخذ له بالوجهين لقوله أولا وفي الكل قصر لكن لم يذكر أحد لها القصر فحمل كلامه على ما يوافق كلام الناس أولى ..)ا.هـ​

وذكر ابن الجزري في التحبير الخلف لقالون والإسكان للسوسي ثم قال "والباقون بإشباعها"ص461

ولا يخفي عليك أن ما في التحبير بعينه في التيسير .
ويبقي الإشكال لماذا أهمل ابن الجزري هذا النص من جامع البيان ومن المفردات ؟
أعتقد الجواب : أن هذا مخالف لما عليه الناس ـ كما قال أبو شامة ـ ، أو أهمله ابن الجزري لعدم صحته . فيكون كالعدم ، وكأن هذا النص لاوجود له ..أماذا تقولون ؟
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
المسألة يسيرة لأن هذه الكلمة من جهة صورتها ( أي وجود ياء ساكنة بعدها ياء محركة من كلمتين ) من باب الإدغام الصغير " وما أول المثلين فيه مسكن فلا بد من إدغامه " ولذا جميع من قرأ بتسكين الياء من (اللاي ) يجب فيه الإدغام حيث لا يمكن نطق المثلين الصغير بدون إدغام ، ولذا من أظهر جعل سكتا بين المثلين الصغيرهنا وكذا في مثل قوله تعالي (ماليه هلك ) .

أما من نظر لأصلها (أي أصل الكلمة قبل تسكينها )ولم ينظر لصورتها جعلها من باب الإدغام الكبير قال في الإتحاف :
(( واختلفوا أيضا في ( واللائي يئسن ) بالطلاق الآية 4 على وجه إبدال الهمزة ياء ساكنة وقد ذكرها الداني في الإدغام الكبير وتعقب بأن محلها الصغير لسكون الياء وأجيب بأن وجه دخولها فيه قلبها عن متحرك وقد ذهب الداني والشاطبي والصفراوي وغيرهم إلى إظهار الياء فيها لتوالي الإعلال لأن أصلها ( اللائي ) بياء ساكنة بعد الهمز كقراءة ابن عامر ومن معه فحذفت الياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصارت كقراء قالون ومن معه ثم أبدلت الهمزة ياء ساكنة على غير قياس لثقلها فحصل في الكلمة إعلالان فلا تعل ثالثا بالإدغام .

وذهب الآخرون إلى الإدغام قال في النشر : قلت وكل من وجهي الإظهار والإدغام ظاهر مأخوذ به وبهما قرأت على أصحاب أبي حيان عن قراءتهم بذلك عليه وليسا مختصين بأبي عمرو بل يجريان لكل من أبدل معه وهما البزي ...)ا.هـ والله أعلم
والسلام عليكم


جزاك الله خيرا و بارك في علمكم
لكن ألا يكون في عدم نصه على قراءة دوري أبي عمرو والبزي لبس خصوصا أن لهما وجها آخر - الإظهار - غير الإدغام الذي عُلم من قواعد الإدغام الصغير ؟
وهو في هذا مخالف لعادته , كم في نصه على حمزة في قوله : ( إِدْغَامُ بَيَّتَ فِي حُلاَ ) وغيرها كثير
 
السلام عليكم
أخي الكريم أعلمُ يقينا أنكم لا تتعصبون لرأيكم ، ولأن المسألة مشتركة في النهاية بيننا في كون القصر في " يأته" ليس مقروءا به لا من طريق الشاطبية ولا من طريق الطيبة والنشر . ولكن الخلاف في طريقة الاستدلال فقط . إذن النتيجة واحدة .
ثانيا : لا نشك في أدبكم الجم ، ففضيلتكم لا تتعرضون في الكتابة إلي الأشخاص بعبارات نحو " فتدبر ـ فتأمل ـ فاعلم ف ف ف) وتصبُّون كلامكم علي الأدلة وفقط .

أما بخصوص مسألتنا :

فقد وجدت النص في مفردة الداني أيضا أما في التيسير فلا يوجد فيها إلا الإشباع .
وقال في النشر :
واختلف عن السوسي في إسكان هاء (يأته) فروى الداني من جميع طرقه عن إسكانها وكذلك ابنا غلبون وكذلك صاحب الكافي والتلخيص والتبصرة والشاطبي وسائر المغاربة وروى عنه ابن سوار وابن مهران وسبط الخياط والحافظ أبو العلاء وكذلك صاحب الإرشادين والعنوان والتجريد والكامل سائر العراقيين ونص على الوجهين عن أبو العباس المهدوي في هدايته واختلف عن قالون وابن وردان في اختلاسها فأما قالون فروى عن الاختلاس وجهاً واحداً صاحب التجريد والتذكرة والتبصرة والكافي والتلخيص وأبو العلاء في غايته وسبط الخياط في كفايته وهي طريق لصالح بن إدريس عن أبي نشط وطريق ابن مهران وابن العلاف والشذائي عن ابن بويان. وكذلك رواه ابن مهران عن الحلواني من طريق السامري والنقاش وبه قرأ الداني على أبي الحسن وروى عنه الإشباع وجهاً واحداً صاحب الهداية والكامل من جميع طرقنا وبه قرأ الداني على أبي الفتح ولم يذكر في جامع البيان عن الحلواني سواه وهي طريق إبراهيم الطبري وغلام الهراس عن أبي بويان وطريق جعفر بن محمد عن الحلواني وأطلق الخلاف عنه صاحب التيسير والشاطبي ومن تبعهما. وأما ابن وردان فروى الاختلاس عنه هبة الله بن جعفر وكذلك ابن العلاف والوراق وابن مهران عن أصحابهم عن الفضل وبه قرأ الخبازي على زيد في الختمة الأولى وروى عنه الإشباع النهرواني من جميع طرقه وابن هارون الرازي كذلك وانفرد أبو الحسين الخبازي في قراءته على زيد في الختمة الثانية بإسكان الهاء. وأما رويس فروى الاختلاس عنه العراقيون قاطبة لا نعرف بينهم في ذلك خلافاً وروى الصلة عنه أبو الحسن طاهر بن غلبون والداني من طريقيه وأبو القاسم ابن الفحام فيما أحسب وسائر المغاربة. وبذلك قرأ الباقون وهو ابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وورش والدوري وابن جماز وروج وقد انفرد مهران عن روح بالاختلاس، فخالف سائر الناس، فيكون للسوسي وجهان وهما الإسكان والإشباع، ولكل من قالون وابن وردان ورويس وجهان وهما الاختلاس والإشباع.))ا.هـ

وقال في الطيبة عاطفا علي القصر : اقصر,......يأته الخلف بره.... خذ غث سكون الخلف يا

فأنتم ترون أن ابن الجزري لم يذكر القصر لهشام لا في النشر ولا في الطيبة ، وكذا ما قاله أبو شامة : "وليس لهشام في حرف طه إلا الصلة لا غيروإن كانت عبارته صالحة أن يؤخذ له بالوجهين لقوله أولا وفي الكل قصر لكن لم يذكر أحد لها القصر فحمل كلامه على ما يوافق كلام الناس أولى ..)ا.هـ​

وذكر ابن الجزري في التحبير الخلف لقالون والإسكان للسوسي ثم قال "والباقون بإشباعها"ص461

ولا يخفي عليك أن ما في التحبير بعينه في التيسير .
ويبقي الإشكال لماذا أهمل ابن الجزري هذا النص من جامع البيان ومن المفردات ؟
أعتقد الجواب : أن هذا مخالف لما عليه الناس ـ كما قال أبو شامة ـ ، أو أهمله ابن الجزري لعدم صحته . فيكون كالعدم ، وكأن هذا النص لاوجود له ..أماذا تقولون ؟

والسلام عليكم

شيخنا الفاضل حفظكم الله:
كنت أؤثر عدم مواصلة النقاش حتى لا أقطعك عن لمحاتك الماتعة, لا سيما والنتيجة واحدة عند الجميع, وهي أن القصر في (يأته مؤمنًا) لا يقرأ به لهشام, لو قولك:
أماذا تقولون ؟
أقـول:
ينبغي فهم كلام الناظم رحمه الله هنا بما عليه الشراح, ما دام ووجه القصر في هذه الكلمة قد ذكره غيره, وإن لم يذكر في التيسير والنشر, مع التنبيه على عدم الأخذ به, والله أعلم.
 
جزاك الله خيرا و بارك في علمكم
لكن ألا يكون في عدم نصه على قراءة دوري أبي عمرو والبزي لبس خصوصا أن لهما وجها آخر - الإظهار - غير الإدغام الذي عُلم من قواعد الإدغام الصغير ؟
وهو في هذا مخالف لعادته , كم في نصه على حمزة في قوله : ( إِدْغَامُ بَيَّتَ فِي حُلاَ ) وغيرها كثير
السلام عليكم
أولا : الذي في التيسير والشاطبية وجه الإظهار وليس وجه الإدغام .
فوجه الإظهار هو الوجه الذي يحتاج إلي تنبيه ، أما الإدغام فوجهه ظاهر كما سبق من الاتحاف .
ثانيا : يمكن الاعتذار للشاطبي بأنه اكتفي بالمثال ويقاس عليه كل من قرأ به حيث لا فرق بينهم . والله أعلم .

أقـول:
ينبغي فهم كلام الناظم رحمه الله هنا بما عليه الشراح, ما دام ووجه القصر في هذه الكلمة قد ذكره غيره, وإن لم يذكر في التيسير والنشر, مع التنبيه على عدم الأخذ به, والله أعلم.

أخي الكريم
الشراح لم يتفقوا كما سبق وانظر إلي ما قاله أبو شامة . وعموما وجهة نظركم تحترم والأهم الاتفاق في النتيجة وبارك الله فيكم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا على هذا البحث المفيد، وشكرا لكم.
أضيف أن المقدم أداء عند المغاربة هو قصر الهاء من يأته لهشام. لكن الصواب في نظري هو ما قاله أبو شامة من أن هشاما ليس له فيها إلا الصلة. وسبب جريان العمل بالقصر عند المغاربة مع أنه مرجوح هو الالتباس الواقع في الشاطبية وشراحها حول الموضوع، بل إن هذا الالتباس قد وقع في كتب الداني نفسه. والظاهر أن الشاطبي كان يقول بالوجهين لهشام؛ فصاحبه السخاوي نص على الوجهين في فتح الوصيد: 1/264 – 265، وهو قد أخذ الشاطبية عن مؤلفها، وقال فيه ابن الجزري في النشر في حديثه عن المد العارض: 1/336: "كما نص السخاوي في شرحه وهو أخبر بكلام شيخه ومراده". وكذلك نص على الوجهين الفاسي في اللآلئ الفريدة: 1/216 وقد أخذ عن أصحاب الشاطبي، والجعبري: 1/326، بل قال: "وجه الصلة لهشام من زيادات القصيد".
وقد نص الإمام محمد بن عبد السلام الفاسي على أن المقدم عند المغاربة هو القصر لهشام في يأته مؤمنا، كما يقول في نظمه في المقدم أداء:
نؤتهْ مُصَدَّر هشام فيه=وبابه القصر بلا تمويه
وقد شرح ابن عبد السلام الفاسي نظمه هذا بكتابه: "إبراز الضمير من أسرار التصدير"، وخصص هذا الشرح لتعليل تقديم كل وجه مقدم أداء. وقد حاول في شرح هذا البيت الدفاع عن ما جرى به العمل عند المغاربة في هذه المسألة، وحاول أن يؤول ما لا يتفق معه من كلام التيسير، واحتج بابن أبي السداد المالقي، يقول ابن عبد السلام الفاسي:
"صدر لاقتصار التيسير عليه، ونصه في آل عمران: "أبو بكر وأبو عمرو وحمزة: يؤده إليك، ولا يؤده إليك، ونؤته منها في الموضعين، وفي النساء نوله ونصله، وفي عسق نوته منها: بإسكان الهاء في السبعة، وقالون باختلاس كسرة الهاء فيها، وكذا روى الحلواني عن هشام في الباب كله" فقوله: "في الباب كله" يعني به حرفي يوده وثلاثة حروف نؤته منها ونوله ونصله ويأته مؤمنا بطه، ويتقه وفألقه، وهو لم يذكر في سورة آل عمران عند يؤده سوى السبعة الأول كما رأيت، ثم قال: "في الباب كله" ولما ذكر يأته في طه قال: "قالون باختلاف عنه: ومن يأته مؤمنا باختلاس كسرة الهاء في الوصل، وأبو شعيب بإسكانها فيه، والباقون بإشباعها" فربما توهم أن هشاما مندرج في الباقين، وقال في يتقه: "أبو بكر وأبو عمرو وخلاد بخلاف عنه: ويتقه بإسكان الهاء، وقالون: باختلاس كسرتها"، والباقون بصلتها". وقال في فألقه إليهم: "عاصم وأبو عمرو وحمزة: فألقه إليهم بإسكان الهاء، وقالون يختلس كسرتها في الوصل، والباقون يشبعونها فيه". فربما توهم أيضا اندراج هشام في الباقين الواصلين فيهما". لكن قال ابن أبي السداد: "وذكر في المفردات هذه الألفاظ التي ذكر هنا وذكر معها يأته وفألقه وشبهه، وهذا عنى بقوله في التيسير: "في الباب كله". ثم قال ابن أبي السداد عنه أنه ذكر في المفردات أنه قرأ على أبي الفتح بالاختلاس وعلى أبي الحسن بالإشباع؛ فيتوجه التصدير أيضا من أنه المروي عن من أسند له قراءة هشام في التيسير. والله أعلم".
 
السلام عليكم
بارك الله فيكم شيخنا فضيلة د أحمد كوري علي هذه الإضافة الطيبة وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم
 
باب هاء الكناية
قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ : وَفي الْكُلِّ قَصْرُ الْهَاءِ كانَ لِسَانَهُ بخُلْفٍ وَفي طه بِوَجْهَيْنِ بُجِّلاَ.
مسألة : هل لهشام الوجهان ـ القصر والإشباع ـ في هاء ( يأته ) ؟ أم له وجه واحد وهو (الإشباع) ؟؟؟
قال الداني في التيسير : قالون بخلاف عنه ( ومن يأته مؤمنا ) باختلاس كسرة الهاء في الوصل وأبو شعيب باسكانها فيه والباقون بإشباعها)ا.هـ
فلم يذكر في التيسير سوي وجه واحد وهو المذكور في قوله (والباقون بإشباعها) وهشام منهم ـ أي من المشبعين ـ
ولقائل أن يقول : وجه القصر يُعد من زيادات القصيد ـ أي من زيادات الشاطبي علي التيسير .
الجواب : قال ابن الجزري في النشر : يأته ...وروى الصلة عنه أبو الحسن طاهر بن غلبون والداني من طريقيه وأبو القاسم ابن الفحام فيما أحسب وسائر المغاربة. وبذلك قرأ الباقون وهو ابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وورش والدوري وابن جماز وروح....)ا.هـ
فذكر الصلة لابن عامر بتمامه .ولم يذكر القصر لهشام فدل علي أن هذا الوجه لا وجود له لهشام .
قال صاحب الإتحاف :
تنبيه : بما تقرر علم أن ابن عامر من أصحاب الصلة في هذا الحرف أعني ( يأته ) قولاواحدا وهذا هو الذي في الطيبة كالنشر وتقريبه وغيرهما لكن كلام الشاطبي رحمه اللهتعالى يفهم بظاهره جريان الخلاف لهشام عنه بين الصلة والاختلاس وذلك أنه قال بعدذكره يأته مع حروف أخر وفي الكل قصر الهاء بأن لسانه بخلف فأثبت الخلاف لهشام فيجميع ما ذكره من ( يؤده ) إلى (يأته ) ودرج على ذلك شراح كلامه فيما وقفناعليه ولم أر من تنبه لذلك غير الإمام الحافظ الكبير أبي شامة رحمه الله تعالى فقال بعد أن قرر كلامه على ظاهره ما نصه : وليس لهشام في حرف طه إلا الصلة لا غير وإن كانتعبارته صالحة أن يؤخذ له بالوجهين لقوله أولا وفي الكل قصر لكن لم يذكر أحد لهالقصر فحمل كلامه على ما يوافق كلام الناس أولى انتهى
بحروفه ولم ينبه عليه فيالنشر وهو عجيب))ا.هـ
وذكره الشيخ الجمزوري في الفتح الرحماني ـ تحقيقالعلامة الشيخ عبد الرزاق علي موسي ـ رحمه الله تعالي ـ
وذكر ابن الجزري فيالتحبير الخلف لقالون والإسكان للسوسي ثم قال "والباقون بإشباعها"ص461

وذكرالسخاوي والفاسي وابن القاصح والجعبّري وغيرهم الوجهين لهشام

ومن تأمل متن الشاطبية يعلم أن الشاطبي لم ينسب لهشام سوي وجه واحد وهو الإشباع ويؤخذ هذا من قوله "وفي طه بوجهين بجلا" استثناء موضع (طه) لهشام لأنه لم يذكره مع قالون في الخلف .

وقد يقول قائل : فقد ذُكر لهالوجهان في قوله " وفي الكل ..لسانه بخلف " فلا داعي لذكره مع قالون؟؟

أقول : الشاطبي ـ رحمه الله ـ إن ذكر قاعدة عامة لقارئ ثم ذكر لقارئ آخر القراءة نفسها يأتي بصاحب القاعدة أيضا لكيلا يوهم خروج صاحب القاعدة في هذا الموضع . كما فعل ذلك فيقوله :

وَفِي اللاَّمِ لِلتَّعْرِيفِ أَرْبَعُ عَشْرَةٍ فَإِسْكَانُهَا (فَـ)ـاشٍ

ثم ذكر موافقة بعض القراء لحمزة وذكر حمزة مرة أخري مع كل قارئ حتي لا يحدث وهم من استثناء هذه المواضع من عموم ما أقره لحمزة ..فقال :

.......................** ..........

وَعَهْدِي (فِـ)ي (عُـ)لاَ

وَقُلْ لِعِبَادِي (كَـ)ـانَ (شَـ)رْعاً وَفِي النِّدَا (حِـ)مًى (شَـ)ـاعَ آيَاتِي (كَـ)مَا (فَـ)ـاحَ مَنْزِلاَ

ومثال آخر :
وكذا في قوله : وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا
فكلمة (تذكرون ) في جميع مواضعها في القرآن قرأها بالتخفيف حفص وحمزة والكسائي وهو المشار إليهم بـ (علي شذا)
ثم قال في سورة الأعراف : وَتَذَّكَّرُونَ الْغَيْبَ زِدْ قَبْلَ تَائِهِ ***كَرِيماً وَخِفُّ الذَّالِ كَمْ شَرَفاً عَلاَ
قال أبو شامة : أي زاد ابن عامر ياء فقرأ ( قليلا ما يتذكرون) ، وخفف الذال ، والباقون لم يزيدوا هذه الياء الدالة على الغيب وهم في تخفيف الذال وتشديدها مختلفون على ما سبق في الأنعام (وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ عَلَى شَذَا) وإنما احتاج إلى إعادة الكلام في تخفيف الذال هنا لأجل زيادة ابن عامر على تخفيفها .. والله أعلم)انتهي بتصرف
وقال أيضا في سورة الرعد :
وَمَا كُرِّرَ اسْتِفْهَامُهُ نَحْوُ آئِذَا أَئِنَّا فَذُو اسْتِفْهَامٍ الْكُلُّ أَوَّلاَ
وهو يعني بما يطلق في هذا الباب الاستفهام المكرر وهو يقصد جميع المواضع لأنه قال بعدها : "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ "
فجميع القراء يستفهمون في الموضع الأول سوي نافع في النمل فيخبر فيه ، ثم تحدث عن المواضع الأخري ما عدا موضع النمل فقال : ".....وَالشَّامِ مُخْبِرٌ سِوَى النَّازِعَاتِ مَعْ إِذَا وَقَعَتْ وِلاَ"
أي أخبر الشام في جميع المواضع الأخري الموضع الأول ، وقد استثني موضعي النازعات والواقعة .. ومن قوله "سِوَى نَافِعٍ فِي النَّمْلِ " علمنا استثناء موضع النمل .
فالخلاصة : أن ابن عامر استثني من الإخبار الموضع الأول من النمل والواقع والنازعات . أي استفهم في الأول في هذه السور الثلاث .

والشاهد : أن الشاطبي لو أراد الإخبار لابن عامر في موضع النمل لذكره مع الإمام نافع وحيث لم يذكره دل علي انفراد نافع فقط بموضع النمل ، ولذا قال أبو شامة في شرحه : .....أي نافع وحده قرأ في النمل بالإخبار ودل على أنه منفرد بذلك أنه لم يعد ذكر ابن عامر معه وذلك لازم كما بيناه قوله رمى صحبة وفي غير ذلك ..)

وبما أن الشاطبي لم يذكر هشاما مع قالون في الخلف فمعناه أنه ينفي عنه الخلف ، ويستثني موضع (يأته) من جميع ما سبق . والله أعلم .
تنبيه :
قد أجبت علي هذا السؤال في هذا الرابط من قبل :
http://qiraatt.com/vb/showthread.php?t=388

ثم وجدت الأخ السائل قد أجاب في مكان آخر ـ يعلم الله ويشهد ـ أني لم أر جوابه إلا بعد إنزالي لجوابي وهذا رابط جواب الأخ :
http://qiraatt.com/vb/showthread.php?t=393

إلا أني زدت هنا بعض الزيادات اليسيرة .
والسلام عليكم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
الشيخ الفاضل عبد الحكيم.
إني أتفق مع فضيلتكم هنا في بعضٍ وأختلف في بعض.

فأما ما أتفق معكم فيه:
1- نقلكم عن الداني.
قال الداني في التيسير: قالون بخلافٍ عنه (ومن يأته مؤمنًا) باختلاس كسرة الهاء في الوصل، وأبو شعيب بإسكانها فيه، والباقون بإشباعها). اهـ.
فلم يذكر في التيسير سوى وجه واحد وهو المذكور في قوله: (والباقون بإشباعها) وهشام منهم - أي من المشبعين -

2- نقلكم عن ابن الجزري.

قال ابن الجزري في النشر: يأته ... وروى الصلة عنه أبو الحسن طاهر بن غلبون والداني من طريقيْه وأبو القاسم ابن الفحام فيما أحسب وسائر المغاربة، وبذلك قرأ الباقون؛ وهم: ابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وورش والدوري وابن جماز وروح....). اهـ.

فذكر الصلة لابن عامر بتمامه، ولم يذكر القصر لهشام فدلَّ على أنَّ هذا الوجه لا وجود له لهشام.
3- نقلكم أيضًا الذي يوضح ما في الشاطبية وموقف الشراح منه.
لكن كلام الشاطبي - رحمه الله تعالى - يُفهم بظاهره جريان الخلاف لهشام عنْه بين الصلة والاختلاس؛ وذلك أنَّه قال بعد ذكره (يأته) مع حروفٍ أُخَر: وفي الكُلِّ قصرُ الهاء بان لسانُه * * بِخلفٍ.
فأثبت الخلاف لهشام في جَميع ما ذكره من (يؤده) إلى (يأته) ودرج على ذلك شُرَّاح كلامِه فيما وقفْنا عليْه، ولَم أرَ من تنبَّه لذلك غير الإمام الحافظ الكبير أبي شامة - رحمه الله تعالى - فقال بعد أن قرَّر كلامه على ظاهرِه ما نصُّه: وليس لهشامٍ في حرف طه إلاَّ الصلة لا غير، وإن كانت عبارته صالحةً أن يُؤخذ له بالوجهين؛ لقوله أوَّلا: وفي الكل قصر..
4- قولكم: وذكر السخاوي والفاسي وابن القاصح والجعبري وغيرهم الوجهين لهشام.
= = = =
أما الذي أخالفكم فيه، وأخالف - بشدة - الأخ أبا سدين الذي أشرتم إلى كلامه ... فهو: ومن تأمَّل متن الشاطبية يعلم أنَّ الشاطبيَّ لم يَنسب لهشام سوى وجهٍ واحد وهو الإشباع، ويُؤخذ هذا من قوله: "وفي طه بوجْهَين بُجِّلا" استثناء موضع (طه) لهشام لأنَّه لم يذكره مع قالون في الخلف.
وأنتم - بارك الله فيكم - لو تأملتم هذا مع ما سبق أن ذكرتموه عن الشراح لظهر أن البون شاسع.
فالحقيقة:
أن ظاهر كلام الشاطبي - رحمه الله - أنه ذكر لهشام وجهين، وإن كان بهذا مخالفًا للداني أو زائدا عليه، وكذلك وإن لم ينبه عليه ابن الجزري.
والحقيقة أن مَن ذكرتم من الشراح [السخاوي والفاسي والجعبري وشعلة وغيرهم] كانوا مصيبين حين فهموا أن الشاطبي يعني الوجهين لهشام، وإن لم يبحثوا عن صحة وجه "القصر".
والحقيقة أن أبا شامة لم يرد وجه القصر بسببٍ في النظم بل بسبب خارج عنه، وهو: وليس لهشامٍ في حرف طه إلاَّ الصلة لا غير .. ... لكن لم يَذكُر أحدٌ له القصر فحمْل كلامِه على ما يوافق كلامَ النَّاس أوْلى فرد وجه القصر للنقل عن الناس، لكن ظاهر النظم عنده: الوجهان.
أما أن تقول ويقول مَن أحلْتَ إلى كلامه - وهو عندي ليس بالقوي -: إنَّ الشاطبيَّ لم يَنسب لهشام سوى وجهٍ واحد وهو الإشباع .. فهذا فيه تخطئة للشراح، وليّ لفهْم النظم على غير ما ورد.
ويراجع: غيث النفع، وهو قوله: ذِكرنا حذف الصلة لهشام إنما هو تبع له ولشراحه ....
وأما قول الأخ أبي سدين:
من حيث الرواية : فالثابت أنه لا توجد أصلاً عن هشام بقصر الهاء وجود هذه الرواية في بطون كتب القراءات المسندة في { يأته } لدى طه ، ولم يثبت بطريق من الطرق ، لا بطريق صحيح ولا سقيم .


فهذا عندي خطأ محض، وتسور على الغيب، ومجازفة في الحكم، ورد لما نقله الجعبر عن ابن شريح ومكي.
وإذا نشطت إن شاء الله ... أنقل ما ذكره الديواني عن وجهي (يأته) عن هشام.

مع أني لا أخالفكم في ضعف وجه القصر، لكن المبالغة في الرد مذمومة.
والله أعلم.​
 
قد تفضَّل الشيخ الفاضل عبد الحكيم بالردِّ على هذا الرابط:
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=407751#post407751
فجزاه الله خيرًا.
= = =
ولم يكن بين يديَّ كتاب "التبصرة" لمكي طيلة الأيام السابقة.
كما أني أعتذر للشيخين "الأهدل" و "أحمد كوري" لأني لم أكن قد قرأت كلامهما جيّدًا.
الآن لي رجاء، وهو:
يُرجى ممن لديه كتاب "التبصرة" محققًا نقل كلام الإمام مكي - رحمه الله - حول الاختلاف في "يأته" بنصه؛ لأن العبارة التي في نسختي فيها اضطراب، وهي ص 593 بتحقيق د. محمد غوث الندوي.
 
********
الفرق بين الراءات المرققة والممالة والمقللة
باب مذاهبهم في الراءات
وَرَقَّقَ وَرْشٌ كُلَّ رَاءٍ وَقَبْلَهَا مُسَكَّنَةً يَاءٌ أَوِ الْكَسْرِ مُوصَلاَ

وقال في باب الراءات أيضا :

وَلاَ بُدَّ مِنْ تَرْقِيِقِهاَ بَعْدَ كَسْرَةٍ إِذَا سَكَنَتْ ياَ صَاحِ لِلسَّبْعَةِ المَلا

وفي باب الإمالة قال :

وَقَدْ فَخَّمُوا التَّنْوِينَ وَقْفاً وَرَقَّقُوا وَتَفْخِيمُهُمْ في النَّصْبِ أَجْمَعُ أَشْمُلاَ

فكلمة ترقيق في الأبيات الثلاثة مختلفة في الأداء وإن اطلقوا لفظ الترقيق في الجميع ، وقبل الحديث عن الأبيات الثلاثة نعرج على ذكر مخرج الراء وصفاتها ثم نتحدث عن الفرق بين هذه الأنواع :
مخرج الراء :
قال في النشر : المخرج الحادي عشر- للراء- وهو من مخرج النون من طرف اللسان بينه وبين ما فوق الثنايا العليا ، غير أنها أدخل في ظهر اللسان قليلاً . )
صفات الراء :
قال في هداية القاري : فالحرف المتصف بالصفات السبع هو الراء ولا ثاني له في الحروف على المعتمد فهو : جهريٌّ ، متوسط ، مستفل ، منفتح ، مذلق ، منحرف ، مكرَّر)

حالات ترقيق الراءات :

اختصر المالقي هذا الباب حيث قسم الراءات إلي ثلاثة أقسام قال :
قسم يرقق في الوصل والوقف : وهو ما كان من هذه الراءات التي ذكرها مفتوحة أو مضمومة بعد كسرة أو ياء ساكنة على قراءة الجماعة نحو : " سخر ، والحمير، المصور ، تثير " .
وقسم يفخم في الوصل والوقف على قراءة الجماعة : وهو ما كان من هذه الراءات المتحركة بالفتح أو الضم أو الساكن ليس قبله كسرة ولا ياء ساكنة نحو:" حضر ، كبر ، يصهر ، ينظر" .
وقسم يفخم فى الوصل ويرقق في الوقف : وهو الراء المفتوحة والمضمومة من القسم الأول بعينه علي قراءة غير ورش بشرط ألا يوقف علي المضموم بالروم " ا. هـــ صــ 565
أما الراء في قراءة ورش فهو لا ينظر إلي الحركة التي علي الراء وإنما ينظر إلي ما قبل الراء ، فإن كان قبلها كسر أو ياء ساكنة رققت الراء بصرف النظر عن الراء مفتوحة هي أو مضمومة . وهناك بعض الاستثناءات تجدها في المطولات . والله أعلم
الفرق بين الراء المرققة والراء المفخمة :

فقد فرّق بعض العلماء بين مخرج الراء المفخمة وبين الراء المرققة . وهو ما يقال عنه زيادة توضيح وبيان ، فمن لم يذكر تفصيل مخرج الراء اعتمد أن الراء من طرف اللسان فهي في كلتا حالتي التفخيم والترقيق تخرج من طرف اللسان وهذا ما ذكره كثير منهم ، وهناك بعض العلماء قد ذكروا تفصيلا زائدا لمحاولة تقريب المسألة أكثر ، وإن كانت المشافهة توضح المسألة ..وإليك من قالوا بزيادة التوضيح والبيان :
قال الإمام عبد الوهاب القرطبي في كتاب الموضح : ...فإن كانت مكسورة رقت ، وكان العمل فيها برأس اللسان ، ومعتمدها أدخل إلي جهة الحلق في الحنك الأعلى يسيرًا وأخذ اللسان من الحنك أقلّ مما يأخذ مع المفخمة ، فينخفض اللسان حينئٍذ فلا ينحصر الصوت بينه وبين الحنك فتجيء الرقة كقوله تعالى :{ رئاء الناس } .....فإذا كانت مضمومة أو مفتوحة فُخِّمَتْ وكان ما يأخذه مع الترقيق ، وكان معتمد اللسان أخرج في الحنك الأعلى يسيرًا فينبسط حينئذ اللسان وينحصر الصوت بينه وبين الحنك فيحدث التفخيم لذلك ، كقوله تعالى :{ ركبانًا } وأيضًا{ رحمت الله } ) أ.هـ65 ، 66

وقال الإمام المالقي في (الدر النثير) : وإنما كلام العرب على تمكينها من الطرف إذا انكسرت فيحصل الترقيق المستحسن فيها إذ ذاك وعلى تمكينها إلى ظهر اللسان إذا انفتحت أو انضمت فيحصل لها التغليظ المناسب للفتحة والضمة . أ هـ ص35

وقال د/ أحمد نصيف الجنابي ـ في كتابه " الدراسات اللغوية النحوية في مصر منذ نشأتها حتى نهاية القرن الرابع الهجري ـ
" الفرق بين الراء المرققة والمفخمة يشبه بين اللام المرققة والمغلظة أيْ : أن الراء المفخمة تُعَدُّ من الناحية الصوتية أحد أصوات الإطباق ولكن الرسم العربي لم يرمز لها برمزٍ خاص يتغير بتغير معنى الكلمة ولهذا يُعد كلا من النوعين رمزا صوتيا واحدا . " أ هـ ص41

والخلاصة : أن الراء المفخمة طرف اللسان أدخل إلى جهة الحلق بخلاف المرققة . وهذا بخلاف من جعل طرف اللسان في موضع واحد ظنا منه أن المتحكم في التفخيم والترقيق الاستعلاء بأقصى اللسان فقط .


الإمالة والتقليل :
قال ابن أبي الرضا الحموي في ( القواعد والإشارات في أصول القرآن) :
الثالث والعشرون : الإمالة. قال الأصبغ: هي ضد الفتح.
قلت: ولهذا عبر عنها بالكسر؛ وهي ضربان: أحدهما الكبرى، وهي المرادة عند الإطلاق؛ وحدّها: نطق بألف خالصة فتصرف إلى الكسر كثيرا.

والثاني: الصغرى ، ويعبر عنها بالتقليل ، وبين بين ؛ وحدّها : النطق بألف منصرفة إلى الكسر قليلا.

الرابع والخامس والعشرون: البطح، والإضجاع، وهما عبارتنا قديمتان عن الإمالة الكبرى.
السادس والعشرون: التغليظ : التغليظ ، وهو سمن يعتري الحرف المراد تغليظه فيملأ الفم حال النطق والتفخيم بمعناه.
السابع والعشرون: الترقيق، وهو نحول يعتري الحرف على ضد ما قبله ، وهو ضربان : أحدهما يدخل على المفتوح كالإمالة ، والآخر يدخل على غير المفتوح كالراءات فكل إمالة ترقيق ، ولا عكس. )

وقال في التمهيد :وأما الإمالة فهي عبارة عن ضد الفتح وهي نوعان : إمالة كبرى وإمالة صغرى .
فالإمالة الكبرى : حدّها أن ينطق بالألف مركبة على فتحة تصرف إلى الكسر كثيرا .
والإمالة الصغرى : حدّها أن ينطق بالألف مركبة على فتحة تصرف إلى الكسرة قليلا .
والعبارة المشهورة في هذا : بين اللفظين أعني بين الفتح الذي حددناه وبين الإمالة الكبرى والبطح والإضجاع عبارتان بمعنى الإمالة الكبرى .

وأما التغليظ فهو عبارة عن ضد التغليظ وهو نحول يدخل على جسم الحرف فلا يملأ صداه الفم ولا يغلقه وهو نوعان : ترقيق مفتوح وترقيق غير مفتوح وهو الإمالة على نوعيها فكل فتح ترقيق وليس كل ترقيق فتحًا وكل إمالة ترقيق وليس كل ترقيق إمالة )

وقال في النشر : والفتح هنا : عبارة عن فتح القارئ لفيه بلفظ الحرف وهو فيما بعده ألف أظهر ويقال له أيضاً التفخيم وربما قيل له النصب.

وينقسم إلى فتح شديد وفتح متوسط :

فالشديد : هو نهاية فتح الشخص فمه بذلك الحرف.
ولا يجوز في القرآن بل هو معدوم في لغة العرب. وإنما يوجد في لفظ عجم الفرس ولاسيما أهل خراسان. وهو اليوم في أهل ماوراء النهر أيضاً ولما جرت طباعهم عليه في لغتهم استعملوه في اللغة العربية وجروا عليه في القراءة ووافقهم على ذلك غيرهم وانتقل ذلك عنهم حتى فشا في أكثر البلاد وهو ممنوع منه في القراءة كما نص عليه أئمتنا وهذا هو التفخيم المحض.

وممن نبه على هذا الفتح المحض الأستاذ أبو عمرو الداني في كتابه الموضح قال والفتح المتوسط هو ما بين الفتح الشديد والإمالة المتوسطة. قال وهذا الذي يستعمله أصحاب الفتح من القراء انتهى.
ويقال له الترقيق وقد يقال له أيضاً التفخيم بمعنى أنه ضد الإمالة.)أ. هـ

الإمالة والتقليل لغة من لغات العرب وبهما وردت الرواية بهما ، قال الإمام الزرقاني في مناهل العرفان: قال الهذلي : وقد أجمعت الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على الأخذ والقراءة والإقراء بالإمالة والتفخيم. وذكر أشياء ثم قال: وما أحد من القراء إلا رويت عنه إمالة قلَّت أو كثرت إلى أن قال : وهي يعني الإمالة لغة هوازن وبكر بن وائل وسعد بن بكر.)ا.هـ

وحجة من قرأ بالفتح أو بالإمالة ذكره العلامة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة في كتابه "حجة القراءات " حيث قال : قرأ أبو عمرو والكسائي وورش على ابصارهم و قنطار و دينار بإمالة الألف وحجتهم في ذلك أن انتقال اللسان من الألف إلى الكسرة بمنزلة النازل من علو إلى هبوط فقربوا الألف فإمالتهم إياها من الكسر ليكون عمل اللسان من جهة واحدة وقرأ الباقون أبصارهم بغير إمالة وحجتهم في ذلك أن باب الألف هو الفتح دون غيره وأن ما قبل الألف لا يكون أبدا إلا مفتوحا لأنه تابع لها فتركوها على بابها من غير تغيير .)ا.هـ

الفرق بين الإمالة الكبري والصغري :

قال د. حميتو : ".... فقال في :"الرعاية" : "ومعنى الإمالة : أن تنحو بها نحو الياء، ولا تقدر على ذلك حتى تنحو بالفتحة التي قبلها نحو الكسرة ، فإذا قلت : " في دارهم " أملت الألف لأجل كسرة الراء، وأملت فتحة الدال لأجل إمالة الألف، فالألف وهاء التأنيث يمالان في أنفسهما ، ويمال ما قبلهما من أجلهما ، وتمال هي من أجل غيرها نحو " ترى" و" اشترى" " فافهمه" .
وأكثر الناس ممن سمعنا قراءتهم أو بلغنا عنهم يلفظون بها على لفظ الإمالة المحضة ، ويجعلون الفرق بين المحضة وبين بين رفع الصوت بالمحضة وخفضه ببين بين، وهذا خطأ ظاهر، فلا أثر لرفع الصوت وخفضه في ذلك ما دامت الحقيقة واحدة ، وإنما الغرض تمييز حقيقة المحضة من حقيقة بين بين ، وهو ما ذكرناه ، فلفظ الصوت ببين بين يظهر على صورة اللفظ بترقيق الراءات ، وقد أطلق العلماء على ترقيق الراءات لفظ بين بين فدل على ما ذكرناه ، وإن كان الأمر في اتضاحه لا يحتاج إلى شاهد".)

اختلف القراء في وصف الإمالة بين بين هل تقرب من الفتح ، أو تقرب من الإمالة ؟
فقد اختلف القراء قديما في وصف التقليل .. هل هي إلي الفتح أقرب أو إلي الإمالة أقرب ؟
قال الإمام الداني : ومعني قول أصحاب ورش عنه عن نافع في هذا الضرب وفي غيره من الممال فيما بين ذلك وسطا من اللفظ أي فيما بين الفتح الذي يستعمله ابن كثير وعاصم وبين الإمالة التي يستعملها حمزة والكسائي إلا أنه إلي الإمالة أقرب ، ومعني قول من وافق ورشا من أصحاب نافع علي تلك العبارة فيما بين ذلك الفتح وبين تلك الحالة إلا أنه إلي الفتح أقرب )جامع البيان ص312

وقال الإمام الزركشي (ت 794هـ) : ذكر القراء أن الإمالة قسمان إمالة محضة وهي أن ينحى بالألف إلى الياء وتكون الياء أقرب بالفتحة إلى الكسر وتكون الكسرة أقرب .
وإمالة تسمى " بين بين " وهي كذلك إلا أن الألف والفتحة أقرب وهذه أصعب الإمالتين وهي المختارة عند الأئمة ولا شك في تواتر الإمالة أيضا وإنما اختلافهم في كيفيتها مبالغة وحضورا)ا.هـ ص320 البرهان في علوم القرآن

وظاهر كلام الإمام الزركشي أنها إلي الفتح أقرب وهو ظاهر قوله (إلا أن الألف والفتحة أقرب ) .
أما نص الإمام الداني فقد ذكر فيه الوصفين ، وإلي الفتح أقرب مثل تقليل الشيخ الحصري رحمه الله في قراءة ورش ، وإلي الإمالة أقرب مثل تقليل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله

الفرق بين ترقيق الراء وبين تقليل الراء :
فقد اختلف القراء في أداء الراءات المرققة نحو (خيرا ـ خبيرا ) في قراءة ورش وبين الراءات المقللة في رواية ورش نحو (شورى ـ ذكرى ) ، قال الإمام المارغني في النجوم الطوالع : ... لا لأن الترقيق هو الإمالة الصغرى فيكون ضربا الإمالة خلافا لجماعة لأنهما حقيقتان مختلفتان، فالترقيق إنحاف ذات الحرف أى جعله نحيفا ضعيفا ، والإمالة الصغرى أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء قليلا، ولهذا يمكن الإتيان بأحدهما دون الآخر .)ا.هـ 106


وقال أيضا : والفرق بين الإمالة والترقيق كما نصوا عليه أن الإمالة أقوى وأفشى في اللغة من ترقيق الراء بدليل أنها تكون للكسرة والياء وغيرهما فتوسع فيها بخلاف الترقيق ) ص117

قال المالقى : واعلم أنه يستعمل في هذا الباب تفخيم الراء وفتحها وتغليظها بمعنى واحد ، ويستعمل أيضا ترقيقها وإمالتها وبين اللفظين بمعنى واحد . لكن هذا فيما كان من الراءات متحركا بالفتح ، فأما الراء المكسورة فلا يستعمل فيها إلا لفظ الترقيق خاصة وكذلك الراء المضمومة التي يرققها ورش ينبغي أن يعبر عنها بلفظ الترقيق دون لفظ الإمالة " ا هــ الدر النثير والعذب النمير صـــ536ــــ
قال د/ أحمد نصيف الجنابى في كتابه الدراسات اللغوية والنحوية في مصر : " والترقيق من الرقة ويعرف عند القراء بأنه: " انحراف ذات الحرف ونحوله "
والتفخيم فهو من الفخامة وهى العظمة والكثرة ويعرف بأنه عبارة عن ربو الحرف وتسمينه " ومن الجديد بالذكر أن الترقيق للحرف وليس للحركة وللإمالة في الراء هي : إمالة حركته دونه وهى تفخيم كالإدغام ولعل ذلك الذي دفع " مكيا " إلى أن يسمى الترقيق إمالة
للصلة الجامعة بينهما وهى التفخيم وإن كان هذا المنحنى غير مشهور ولا مأخوذ به عند جمهور القراء. ا هـ
قال صاحب إتحاف فضلاء البشر : " ..... إلا أن المستعمل في الراء في ضد الترقيق لفظ التفخيم وفى اللام التغليظ وهو أعنى التفخيم الأصل في الراء " ا هــــ 295

وقال ابن الجزري (النشر في القراءات العشر) : ... وقد عبّر قوم عن الترقيق في الراء بالإمالة بين اللفظين كما فعل الداني وبعض المغاربة ، وهو تجوّز إذ الإمالة أن تنحو بالفتحة إلى الكسرة وبالألف إلى الياء كما تقدم. والترقيق إنحاف صوت الحرف فيمكن اللفظ بالراء مرققة غير ممالة ومفخمة ممالة وذلك واضح في الحسن والعيان ، وإن كان لا يجوز رواية مع الإمالة إلا الترقيق ، ولو كان الترقيق إمالة لم يدخل على المضموم والساكن ولكانت الراء المكسورة ممالة وذلك خلاف إجماعهم.
ومن الدليل أيضاً على أن الإمالة غير الترقيق : أنك إذا أملت (ذكرى) التي هي فعلى بين بين كان لفظك بها غير لفظك بـ (ذكراً ) المذكر وقفاً إذا رققت ، ولو كانت الراء في المذكر بين اللفظين لكان اللفظ بهما سواء وليس كذلك ولا يقال : إنما كان اللفظ في المؤنث غير اللفظ في المذكر ؛ لأن اللفظ بالمؤنث ممال الألف والراء واللفظ بالمذكر ممال الراء فقط ، فإن الألف حرف هوائي لا يوصف بإمالة ولا تفخيم بل هو تبع لما قبله ن فلو ثبت إمالة ما قبله بين اللفظين لكان ممالاً بالتبعية كما أملنا الراء قبله في المؤنث بالتبعية ولما اختلف اللفظ بهما والحالة ما ذكر ولا مزيد على هذا في الوضوح والله أعلم.

وقال الداني في كتابه التحديد: الترقيق في الحرف دون الحركة إذا كان صيغته ، والإمالة في الحركة دون الحرف إذ كانت لعلة أوجبتها وهي تخفيف كالإدغام سواء انتهى. وهذا حسن جداً.)ا.هـ

وقال الإمام أبو شامة : في سبأ (ذكرى الدار) ، في ص فإذا وقفت على القرى وذكرى أملت لأبي عمرو وحمزة والكسائي ولورش بين اللفظين ، وههنا أمر لم أر أحدًا نبه عليه وهو أن (ذكرى الدار) ، وإن امتنعت إمالة ألفها وصلا فلا يمتنع ترقيق رائها في مذهب ورش على أصله لوجود مقتضى ذلك وهو الكسر قبلها ولا يمنع ذلك حجز الساكن بينهما فيتخذ لفظ الترقيق وإمالته بين بين في هذا فكأنه أمال الألف وصلا ، وما ذكره الشيخ في شرح قوله ( وحيران بالتفخيم بعض تقبلا ) من قوله الترقيق في (ذكرى) ، من أجل الياء لا من أجل الكسر أراد بالترقيق الإمالة فهو من أسمائها والله أعلم ، والسوسي في أحد الوجهين يكسر الراء في الوصل ومثله (حتى نرى الله - و- يرى الذين أوتوا العلم) بخلاف قوله : (أو لم ير الذين كفروا) ، لأن ألف يرى قد ذهبت للجازم فإذا وقفت عليها قلت أو لم ير ثم ذكر ما حذفت فيه الألف لأجل التنوين لأنه ساكن .)
وقال د/ الجنابى : " .. إذن لا فرق بين أن تمال الفتحة أو أن تمال ألف اللين لأن العملية العضلية واحدة . واللسان مع الفتحة يكون مستويا في قاع الفم ، فإذا أخذ في الصعود نحو الحنك الأعلى بدأ ، حينئذ ذلك الوضع الذى يسمى الإمالة ، وأقصى ما يصل إليه اللسان فى صعوده نحو الحنك الأعلى هو القياس الذى يسمى عادة بالكسرة كانت طويلة أو قصيرة .
وهكذا نرى أن الفرق بين الفتح والإمالة ليس إلا اختلاف في وضع اللسان مع كل منهما ، حين ينطق بهذين الصوتين ، واللسان فى حالة الإمالة أقرب إلي الحنك الأعلى منه فى حال الفتح . وحين تعرض الإمالة لغير أصل من أصول الكلمة ـ كإمالة الفتحة أو إمالة ألف المد غير المنقلبة عن أصل ـ فليس هناك إلا نوع واحد من الانسجام بين أصوات اللين ولذلك جعل القراء من أسباب هذه الإمالة وجود كسرة سواء أكانت سابقة أو لاحقة ..." صــ 51

هذا بالنسبة لإمالة الألف والفتحة أما التعليل الصوتي لإمالة حركة الراء قال د / الجنابي : " التفسير الصوتي لإمالة حركة الراء مبنى على أساس التلازم بين الراء والإمالة وذلك أن الراء صوت متوسط يشترك فى هذه الصفة مع الياء فهذا الاشتراك فى الصفة يجعل من السهل على الناطق أن يؤدى الراء الممالة أكثر من غيرها لأنه حينئذ يجعل فتحة الفم ضيقة عند الناطق بالراء ضيقة تكفى لأدائها مرققة ـ إذا لا يجوز مع الإمالة إلا الترقيق ـ وضيق المخرج في حالة المرققة كاف لأداء الكسرة الممالة دون غيرها من الحركات يساعد على ذلك اشتراط وجود كسرة لازمة أو ساكن قبله كسرة أو يا ساكنة قبل الراء الممالة ، ولا فرق بين الياء والكسرة هنا فمخرج الكسرة ووضع اللسان معها هو نفسه مخرج ياء المد ، فالياء كسرة طويلة ولا فرق بين القصيرة والطويلة إلا فى الكمية وأقصى ما يميل إليه اللسان في صعوده نحو الحنك العلى هو ذلك القياس الذي يسمى عادة بالكسرة طويلة كانت أو قصيرة ومن هنا كان الانسجام الصوتي عند أداء مثل تلك الإمالة " ا . هـ

والخلاصة :
أن ترقيق الراء يخالف صوتيا تقليل الراء ، ولتقريب المسألة أقول : إن أردت نطق الراء المرققة في قراءة ورش انظر لوضع اللسان عند نطقك راء مفخمة مثل (خيرا ) مثلا ستجد اللسان أدخل إلي داخل الفم ن فالمطلوب منك أن ترققه علي هذا الوضع ـ أي واللسان لداخل الفم ـ .
أما أداء التقليل فيكون لسانك قريبا من اللثة وكذا الحال حين ترقق الراء للجميع نحو (من خيرٍ) . والله اعلم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=1730244
 
بسم1​
بسم الله والصلاة السلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم
بعد أن تحدثنا عن الفرق بين الراء المقللة والممالة والمرققة عند ورش والمرققة عند غيره ، نشرع في ذكر كيفية نطق الراء المضمومة المرققة لورش ، حيث يخطئ البعض في أداء هذه الراء خاصة عند الإمام ورش .
وقبل الخوض في الكلام عن هذه المسألة ، أقدم مقدمة عن أثر الشفتين في النطق بالحركات .
فإذا أردت معرفة أثر الشفتين في نطق الحركات ، فانطق حرف الباء مثلا بحركاته الثلاثة (بَ بِ بُ ) سترى أثر الشفتين في أداء هذه الحركات . والذي يهمنا في هذا المقام معرفة كيفية أداء الضم ..يقول الإمام الطيبي
وكل مضموم فلن يتما ... إلا بضم الشفتين ضما
فالذي يضم فيه الشفتان :
الواو : تخرج من الشفتين بهيئة مستديرة ببروز للإمام .
الحرف المضموم : لأن الحركات أبعاض حروف المد فتأخذ هيئتها.

الاختلاس : أيضا تكون بهيئة الواو ؛ لأنها جزء من الضم .
الروم : يشارك الروم الاختلاس في التبعيض فيوافقان الواو .
الإشمام : كما في ( تأمنا ) أو الإشمام في قراءة أبي عمرو مثل (حيثُ شيتم ـ نحنُ نسبح ـ نبينُ لهم ) ، أو الإشمام وقفا ( نستعينُ ) .
التسهيل مع الروم : نحو ( أؤنبئكم ) عند من سهل ، وكذا ( السماءُ ) عند هشام وحمزة وقفا ؛ لأن التسهيل بين الهمزة والواو .
النون الساكنة والتنوين مع الواو : لأن أحرف (يرملون) إذا غُنت غُنت في مخارجها فتأتي بالواو ثم تقوم بالغنة عليها .
فالذي نخلص منه أنه لابد من ضم الشفتين للأمام في هذه الحالات السابقة ولذا قال الطيبي :
إن تر القارئ لن تنطبقا ... شفاهه بالضم كن محققا
بأنه منتقص ما ضما ... والواجب النطق به متما .
وبعد هذه المقدمة نتحدث عن مخرج الراء :
الراء المفخمة: نقلب ظهر اللسان إلي الداخل فليمس بطرف لسانه الحنك الأعلي .
وأما الراء المرققة ـ في غير ما اختصت رواية ورش به ـ : نخرج اللسان إلي الخارج قليلا بخلاف المفخمة .

أما الراء المرققة عند ورش : نضع اللسان في مكان المفخم ثم نقوم بترقيق الراء واللسان في موضع المفخم .
أما وضع الشفتين مع الراء المضمومة المفخمة لورش : لابد أن تكون بارزة للإمام ـ دون مبالغة حتى لا تصير على هيئة حرف ( o) بالإنجليزية ـ أثناء ترقيق الراء في نحو (خيرٌ ـ بصيرٌ ـ المصيرُ ـ كافرون ) ؛ لأن البعض عند أداء هذا الحكم لورش يعود بالشفتين للخلف فلا يُحِدثُ بروزا للشفتين لجهة الإمام ظنًا منه أن هذا هو الترقيق المطلوب ؛ بل الترقيق المطلوب لورش في حال الضم أن تبرز بالشفتين لجهة الأمام لأجل الضم ، وأن يكون طرف اللسان داخلا لجهة الحلق ـ كما هو الحال حال التفخيم لغير ورش ـ ، فيكون الترقيق في حال الضم ضعيفا لا يظهر بجلاء كما هو الحال في حال الفتح .
أما ارجاع الشفتين للخلف وتسويتها كما تنطق الفاء من ( في ) فهذا خطأ محض ، ويتعين على فاعله مراجعة أدائه على شيخه . والله أعلم .
والسلام عليكم
 
جزيت خير الجزاء شيخنا الكريم
ما معنى ( القلب ) في قول فضيلتك :
الراء المفخمة: نقلب ظهر اللسان إلي الداخل فليمس بطرف لسانه الحنك الأعلي .
 
ما معنى ( القلب ) في قول فضيلتك :الراء المفخمة: نقلب ظهر اللسان إلي الداخل فليمس بطرف لسانه الحنك الأعلي .
السلام عليكم
قلب ظهر اللسان هو ما يسميه البعض إدخال الظهر للداخل وهو معنى قول الناظم ( لظهر أدخلوا ).
والمقصود بالظهر من اللسان : هو الجزء الأعلى الملاصق لجهة الحنك الأعلى ، فإن أردت نطق الراء تجد الظهر يقلب ويقرع طرف اللسان الحنك الأعلى ، فإن قمت بفتح فمك أثناء أداء الراء المفخمة سيظهر لنا باطن اللسان ويكون الظهر مقلوبا للداخل .والله أعلم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
قلب ظهر اللسان هو ما يسميه البعض إدخال الظهر للداخل وهو معنى قول الناظم ( لظهر أدخلوا ).
والمقصود بالظهر من اللسان : هو الجزء الأعلى الملاصق لجهة الحنك الأعلى ، فإن أردت نطق الراء تجد الظهر يقلب ويقرع طرف اللسان الحنك الأعلى ، فإن قمت بفتح فمك أثناء أداء الراء المفخمة سيظهر لنا باطن اللسان ويكون الظهر مقلوبا للداخل .والله أعلم
والسلام عليكم
جزيت خيرا شيخنا
ولكن هل يوجود نصوص عُبر فيها _ عن المعنى الذي تفضلت به _ بكلمة ( القلب ) ؟
بارك الله فيكم
 

جزيت خيرا شيخنا
ولكن هل يوجود نصوص عُبر فيها _ عن المعنى الذي تفضلت به _ بكلمة ( القلب ) ؟
بارك الله فيكم
السلام عليكم
بداية أقول : إن شرح صوت أدائي لا يلزمه تحري الدقة في المصطلحات ؛ بل الأصل أن يأتي بعبارة يستطيع الشخص من خلاله أن يفهم مقصد قائله ؛ لأنه وصْف كتابيّ للفظ حقه أن يكون صوتيا ، فيتخير القارئ من الألفاظ والتقريبات ما يوضح مقصده .
والأمر الآخر : استخدامي لكلمة القلب له وجه في خاطري الذي أردت أن أقرب به كيفية أداء لفظ صوتي عن طريق الكتابة .
إذا فتحت فمك ولسانك راقد فوق الحنك الأسفل ستجد ظهورا لظَهْر اللسان ، فإذا نطقت بالراء ستجد الظهر اختفى في الداخل والباطن هو الذي ظهر لك فكأن الأمر انقلب ووجدت الباطن بدلا من الظاهر ـ وهذا هو المقصد ـ .
وفي نهاية الأمر قول أبي شامة ( لا مشاحة في الاصطلاح إذا عرفت الحقائق ) رغم أني لم أضع مصطلحا ؛ بل شرحت هيئة تغيرت من جهة لجهة وهو المعني بلفظة القلب : تحويل الشئ عن وجه . والله أعلم .
ولكن سؤالي لكم : هل فهمتم مقصدي في كيفية أداء الراء المضمومة لورش ؟
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
بداية أقول : إن شرح صوت أدائي لا يلزمه تحري الدقة في المصطلحات ؛ بل الأصل أن يأتي بعبارة يستطيع الشخص من خلاله أن يفهم مقصد قائله ؛ لأنه وصْف كتابيّ للفظ حقه أن يكون صوتيا ، فيتخير القارئ من الألفاظ والتقريبات ما يوضح مقصده .
والأمر الآخر : استخدامي لكلمة القلب له وجه في خاطري الذي أردت أن أقرب به كيفية أداء لفظ صوتي عن طريق الكتابة .
إذا فتحت فمك ولسانك راقد فوق الحنك الأسفل ستجد ظهورا لظَهْر اللسان ، فإذا نطقت بالراء ستجد الظهر اختفى في الداخل والباطن هو الذي ظهر لك فكأن الأمر انقلب ووجدت الباطن بدلا من الظاهر ـ وهذا هو المقصد ـ .
وفي نهاية الأمر قول أبي شامة ( لا مشاحة في الاصطلاح إذا عرفت الحقائق ) رغم أني لم أضع مصطلحا ؛ بل شرحت هيئة تغيرت من جهة لجهة وهو المعني بلفظة القلب : تحويل الشئ عن وجه . والله أعلم .
ولكن سؤالي لكم : هل فهمتم مقصدي في كيفية أداء الراء المضمومة لورش ؟
والسلام عليكم
نعم شيخنا فهمت مقصد فضيلتك بارك الله فيك ،
ولكن _ شيخنا _ هل التعبير بلفظ القلب يوهم غير المعنى المراد ؟
إذ قد يفهم من التعبير بــ ( قلب ظهر اللسان ) أن باطن اللسان هو طرف العضو الأول .
 
عودة
أعلى