قال الله تعالى: ((انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغني من اللهب..))
وفي آية أخرى:: ((لهم من فوقهم ظلل من النار))
ففي الأولى أفرد الظل وفي الثاني جمعه..فما الغرض من ذلك..؟
لبيان أن العذاب لأهل النار ألوان ، ولما كان الإنسان إذا احتر في الدنيا بحث عن الظل ليرتاح من الحر ، بين الله تعالى أن الظل والظلل في النار نوع من العذاب ، ولما كانت النار دركات ، جمع ( الظل ) فمن فوقهم ظلل من النار لهم ، ومن تحتهم ظلل لمن في الدركة السفلى ، وهكذا .. والعلم عند الله تعالى .
[FONT="]والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ،والعلم عند الله أقول وبالله التوفيق[/FONT]
[FONT="]فبدءا كما قال الاخ محمد محمود عطية وأضيف
انّ الله قد جعل كل ما كان في الدنيا لدرء الأذى ، جعله لأهل النار لجلبِ مزيد الأذى. فالظلّ في الدنيا يقي من حرّ الشمس وفي الآخرة حرُّ على حرّ ونارٌ على نار ،لا يحمي من سموم جهنّم ولا يقي من لهيبها.[/FONT]
[FONT="]والماء في الآخرة حميماً لا يبرد منه الجوف ولا تتماسك به دواخل الإنسان بل يقطِّعُ الأمعاء ويحرقها[/FONT]
[FONT="]وحين تكون السرابيل والملابس في الدنيا لتقي من الحر والبرد والبأس كانت قطران منتن يلتصق بالجسد فتلتصق معه رائحته الكريهة القذرة فلا يزال إلا بالجلد[/FONT]
[FONT="]ويوم كان الذهب والفضة في الدنيا مصدر رفاهية وغنى وعزّة وبها يتحصّل الدواء والماء وكل متع الدنيا ، يُحمى عليها في جهنم فتصبح مصدر عذاب لا يطاق.[/FONT]
[FONT="]- وفي الوقت الذي يشرب الانسان من الماء فيرتوي فإن اهل جهنم يشربون من الماء الحميم شرب الهيم فلا يرتوون ولا هم عنه يستغنون وعبر عنه بلفظ (نزل) الذي يعرف في الدنيا منزل الضيافة والكرم فهذا قدرهم وضيافتهم في الآخرة سخرية وعذابا معنويا فوق العذاب البدني فيقول (هذا نزلهم يوم الدين) يوم استيفاء الدين منهم والاقتصاص لقاء كفرهم وبغيهم وظلمهم
[/FONT]
[FONT="]فالتعبير القرآني في عذاب اهل النار اذا بالغ في التعداد فإنه يصف اشتداد العذاب وقسوته وزيادته كقوله ظلل وليس ظل واحد وهذا زيادة في العذاب وليس زيادة في الرحمة ، وحين يقول وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ، فأصبح الغيث الذي هو مناط الرحمة في الدنيا هو مثار العذاب الاليم في الآخره ، ومن تنوع المعاني وتعددها ان الله جل وعلا عبر عن الظل مفردا وعبر عنه جمعا لان الظل في الدنيا يتحرك ويتراكب ويتضاعف وينقشع ويتآلف وينقسم ويتشعب تبعا للجسم المكون للظل ولذلك فقد اتى باكثر من لفظ ، فيها ما يفيد المفرد وينفي عنه وظيفة الظل المعروفه في قوله لا ظليل وجمعا في موضع آخر كقوله ظلل ومقسما في موضع آخر كقوله ثلاث شعب ، وكل ذلك تبعا لحالات الظل المعروفه الدائمة التغير واهل الجنة يدخلهم الله ظلا ظليلا اي ظلا يؤدي وظيفة الظل باحسن ما تكون [/FONT][FONT="](لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (النساء:57)[/FONT][FONT="] بينما الظل الذي يغشى الكفار ينفي عنه ذلك فيقول ( لا ظليل ) ولا يغني من اللهب
والله اعلم[/FONT]