لماذا يأتي أسلوب القرآن جريا على اعتقاد الكفار..؟!

لطيفة

New member
إنضم
15/07/2007
المشاركات
471
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
من المعروف في العربية أن غير العاقل يُتحدث عنه بالإفراد والتأنيث
غير أن القرآن الكريم يتحدث عن الأصنام وهي كما هو معلوم من غير العاقل، بالجمع والتذكير
كقول الله عز وجل : ((لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون))
وقوله سبحانه: ((أيشركون مالايخلق شيئــًا وهم يخلقون))
وقوله تعالى: ((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله))
يقول المفسرون بأن ذلك جريـًا على اعتقاد الكفار..لكن السؤال : لماذا يجري القرآن على اعتقاد الكفار..؟

أهو من السخرية..؟ أم من المجاراة في الأسلوب كنوع من الإقناع المعروف في فن الحوار..؟
 
يقول الأستاذ أحمد الشعيب في موضوع آخر:

((ذلك أكثر تبكيتا ودلالة على المراد
لأنها جماد والجماد لا يدافع عن نفسه ولا يفعل فعل العاقل وسياقات الآيات تدل على أن المطلوب هو من العاقل ولا يكفي أن يكون حيا مدركا انظر لسياق احتجاج أبي الإسلام وبطل التوحيد إبراهيم
فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ
فإن الضرب إذا تعرض له أحد من قبل آخر للدفاع يحتاج لأمرين:
الأول: القدرة
العقل: العقل والإحساس بالحاجة للدفاع
فربما يكون قادرا ولكن لعدم تعقله للخطر لا يقوم بالدفاع
فهم يدعون أنهم عقلاء وقادرون فانتفى مانع الدفاع على رأيهم فلماذا لا يدافعون لولا أنها جماد لا يتحرك ولا يعقل والله العالم))

فما رأيكم..؟
 
لأنهم أنزلوا أصنامهم منزلة العاقل لما عبدوها فهي عندهم تسمع وتبصر و تنفع وتضر بالحقيقة.. وذكرت كذلك في القرآن لغاية : حتى يسمعوا دعوة الحق ويدركوا فساد تصورهم والله أعلم. ومثل ذلك ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حين قبل أن يكتب إسمه دون "رسول الله صلى الله عليه و سلم" وإن كان كذلك.. ولم يكن عمله تنازلاً كما حسبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. بل وسيلة لغاية أكبر وهو الفتح المبين.. والله أعلم. وللمسألة إحتمال آخر.. فمن تلك الأصنام ما هي صور عباد وأشخاص (كما نقرأ في الحديث أن أول الأصنام التي اتخذها البشر كانت صوراً لعباد صالحين).. والله أعلم.
 
أختي الكريمة، أنصحك بالتركيز على تفسير ابن عاشور، فأكثر أسئلتك قد أجاب عليها الجواب الشافي..
 
نقرأ في تفسير قول الله سبحانه : { أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ }[الأعراف:191] :
"وجعلوا إجراء ضمائر العقلاء في قوله وهم يخلقون وما بعده على الأصنام وهي جمادات لأنهم نزلوا منزلة العقلاء، بناء على اعتقاد المحجوجين فيهم" تفسير ابن عاشور
"أجريت الأصنام مجرى أولى العلم في قوله وَهُمْ يُخْلَقُونَ بناء على اعتقادهم فيها وتسميتهم إياها آلهة" تفسير الزمخشري
"وعبر عنها بهم كأنها تعقل على اعتقاد الكفار فيها وبحسب أسمائها" تفسير ابن عطية
"وإنما قال "وهم" وهو يعني الأصنام لأن عابديها أدّعَوا أنها تعقل وتميِّز فأجريت مجرى الناس" زاد المسير في علم التفسير

ونقرأ في تفسير قوله سبحانه :{ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ }[الأعراف:198] :
"وقيل "وتراهم" ولم يقل "وتراها" لأنها صور مصوَّرة على صور بني آدم عليه السلام." تفسير الطبري
"وإنما أخبر عنهم بالهاء والميم لأنهم على هيئة بني آدم" زاد المسير في علم التفسير
 
أخي حسن الأسامي ..شكر الله جهدك، وأثاب سعيك
أخي محمد العبادي..لم أجد عند ابن عاشور مايشفي
أغلب المفسرين قالوا بأن القرآن جارى الكفار في اعتقادهم.. لكن السؤال : لماذا جاراهم هل هو سخرية.. أم تعريض.. أم تنبيه أم ماذا..؟
 
السلام عليكم
قال تعالى " فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " الآعراف 190
الكلام عام على كل من يفعل ذلك من الأزواج فى أى زمان..أنهما يتخذان شريكا لله بعد ايتاءهما صالحا ... ومن المنطق أنه لن يشرك كل من يفعل ذلك أصناما ... بل الأرجح أن يشركا جنا شيطانا ، أو بشرا ملكا أو كاهنا أو شيخا ، أو دجالا .. إلخ .
أى أنه عندما يكون مايشركون به ... أصناما وغيرها ... يأت الكلام بصيغة العاقل ، مما يرجح أن جمهرة مايشركون به يكون عاقلا .. ملائكة ، جن ، بشر .
وهؤلاء ينطبق عليهم وصف "أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ" الأعراف 191
بل إنهم المذكورون فى قوله تعالى
"أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ" الأعراف 195
حيث التحدى ... إذ أن اجابة السؤال : نعم لهم أيد وأرجل وآذان ، إذن قل طالما أنهم يملكون أسباب الكيد من بطش ومشى وسمع ...فأنا أتحداهم فليكيدون .، كما قال نوح عليه السلام " ..... فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ" يونس 71..

عندما كان الكلام عن الأصنام دون غيرها... جاءت صيغة غير العاقل
" إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ " الأنبياء 52 ، 53
" قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ" الشعراء 71
وعلى هذا فالقاعدة لم تتخلف
والله أعلم
 
عندما كان الكلام عن الأصنام دون غيرها... جاءت صيغة غير العاقل
" إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ " الأنبياء 52 ، 53
" قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ" الشعراء 71
وعلى هذا فالقاعدة لم تتخلف
والله أعلم

أحسن الله إليك أخي مصطفى سعيد.. لكن ماذا نقول للمفسرين الذين نصوا على أن القرآن جاراهم في اعتقادهم، مما يؤكد أن ثمة مجاراة وأن القاعدة قد تخلفت..؟
 
السلام عليكم
أقول لهم إنها إن أفردت دون العاقلين وجيء بخطاب العاقلين فإن هناك معنى غير المجاراة المزعومة
مثل قوله تعالى : "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" ابراهيم 35 ،36
فهذا الدعاء على لسان ابراهيم عليه الصلاة والسلام ولم يكن يجارى أحدا فى اعتقاده .
 
شكر اله لك أخي مصطفى

قد يعبد الكفار أشياء عاقلة من ملائكة وغيرها كما تفضلت، لكن الغالب والسائد والمشهور والأكثر أنهم يعبدون الأصنام؛ لذا توقف المفسرون عند مسألة لماذا تحدث القرآن عن تلك المعبودات بصيغة العاقل

أما إبراهيم عليه السلام فتحدث عن الأصنام بضمير المؤنث (إنهن أضللن) وهو لغير العاقل فعاملهم معاملة غير العاقل ولم يجار أحداً
فماذا توجيهك..؟
 
لاحت لي اليوم لطيفة في تساؤل أختنا لطيفة وهو أن الله نزل أصنامهم منزلة العاقل لتتقابلا تقابل جماليا مع تجريد الله تعالى له من عبدتها فقال عنهم بأنهم كالأنعام بل أضل سبيلا
فانظر هداك الله عزوجل بعد ما بين العابد والمعبود واحمد الله على الإقرار بدل الجحود
 
شكر اله لك أخي مصطفى

قد يعبد الكفار أشياء عاقلة من ملائكة وغيرها كما تفضلت، لكن الغالب والسائد والمشهور والأكثر أنهم يعبدون الأصنام؛ لذا توقف المفسرون عند مسألة لماذا تحدث القرآن عن تلك المعبودات بصيغة العاقل

أما إبراهيم عليه السلام فتحدث عن الأصنام بضمير المؤنث (إنهن أضللن) وهو لغير العاقل فعاملهم معاملة غير العاقل ولم يجار أحداً
فماذا توجيهك..؟
الآيات التى قال المفسرون أن القرآن جارى الكفار أو عبدة الأصنام على معتقدهم لم تخصص غير العاقلين .... أقول لم يذكر فى سياقها الأصنام ... والمتبادر من السياق أنها أى آلهة مزعومة ، بل الراجح العاقلين
قوله تعالى "وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ " البقرة 165 والآية التالية " إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ " فقد اتبعوا عاقلين ظنا أنهم آلهة ولاذكر هنا للأصنام .
وكذلك آية الأعراف "أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ" 191 لم يأت ذكر للأصنام .
وقوله تعالى "أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ " الأنبياء 43 ، السياق لم يرد فيه تخصيص لغير العاقلين ،وكلمة "يصحبون " ترجح أن المقصود العاقلين
والآيات التى ذكرت المعبودات الغير عاقلة ذكرتها على الإفراد والتأنيث
إلا فى آية "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" ابراهيم 35 ،36 فقد وردت مؤنثة ولكنها جمع ، والقاعدة أن تأتى مفرد !!!
ولم أجد من المفسرين من تكلم فى هذا إلا صاحب البحر المحيط الذى قال :
وأنث الأصنام لأنه جمع ما لا يعقل يخبر عنه أخبار المؤنث كما تقول: الأجذاع انكسرت.
والإخبار عنه أخبار جمع العاقل المذكر بالواو ومجاز نحو قوله: فقد ضلوا كثيراً.
والسمين الحلبى :
والضميرُ في " إنَّهُنَّ " و " أَضْلَلْنَ " عائدٌ على الأصنامِ لأنها جمعُ تكسيرٍ غيرُ عاقلٍ.
وربما الأمر يحتاج إلى مزيد بحث ... فالله المستعان
 
شكر الله لك أخي مصطفى
خلاصة قولك ـــ رعاك الله ـــ أن القرآن تعامل مع تلك المعبودات بناء على حقيقتها؛ إذ لم يذكر أنها أصنام فقد تكون من العاقل
 
السلام عليكم
نعم هو كذلك
والآيات التى ذُكر فيها معبودات غير عاقلة.....أوردت الحديث عنها مفردا مؤنثا
وذلك فى قوله تعالى " إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ " الأنبياء 52 ، 53
" قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ" الشعراء 71
حيث الكلام عنها خاصة
أماآية ابراهيم 36 فبالبجث تبين لى أن الخليل عليه السلام اختار الأصنام خاصة لأنه أينما ذهب وجدها ،فقد كانت فى بلاده فى العراق ،وقد كانت فى مصر وفى فلسطين
وكانت مكة خالية من الزرع والناس و... والأصنام أيضا ، فدعا ربه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام
ولما كانت الحجارة لاتضل بنفسها بل بمن وراءها من الكهنة والسدنة .... إذن فالأصنام المعبودة وراءها عقول ؛ إذن هى منظومة مركبة من العاقل وغير العاقل
وعند صياغة كلام عنها من الأفضل ألا يكون صيغة غير العاقل مطلقا ولا صيغة العاقل مطلقا
ولذلك جاء بصيغة مشتركة "إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ " بالتأنيث والجمع
أو أن تقول أنه إذا كان الحديث - نحويا ولغويا - يعود على غير عاقل والمقصود به من ورائه من العاقلين فإنه يأت بصيغة جمع العاقلين المؤنث

ولهذا شاهد آخر
كلمة الفلك
قال تعالى " وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ " البقرة 164 فقد وردت مفرد مؤنث... لأن هذا كلام عنها خاصة ، وليس على من فيها
لكن فى قوله تعالى "هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ ....." يونس22، جمع مؤنث وذلك لأنها تحمل العاقلين الآن والكلام على من فيها

وبهذا أفهم الدعاء أنه عليه السلام يدعو ألا يكون من بنيه من يفترى عبادة الأصنام أو من يصنعها أو أن يجلبها من الخارج ثم يدعو إلى عبادتها.... أى يدعو ألا يكون أحدا من بنيه جزء من منظومة عبادة الأصنام ولذلك قال "....وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ "

الخلاصة أن مسألة المجاراة المزعومة ليس لها وجود مطلقا .. فهى وهم من المفسرين
واللغة هى المُحدد الوحيد
والله أعلم
 
الخلاصة أن مسألة المجاراة المزعومة ليس لها وجود مطلقا .. فهى وهم من المفسرين
أخي الكريم مصطفى
يفضل لطالب العلم في مسألة من المسائل ألا يستعجل استخلاص الخلاصات حتى يستوفي البحث و ينظر جميع الإحتمالات الممكنة, فيتجنب بذلك الإنتصار لقوله أو تأويل الصحيح من القول الذي يخالف قوله ليوافق ما وصل إليه. و لقد مسكتَ بخيط من خيوط العلم فلنحاول إيجاد خيوط أخرى نضيفها إليه ليصير حبلا مثينا.
مسألة المجاراة التي طرحتها الأخت لطيفة تدعو إلى استيفاء البحث فيها بالنظر في جميع السياقات التي ذكرت فيها الأصنام في القرآن الكريم, ثم نبحث عن أقوال المفسرين فيها و ننظر لِمَ تُذكَر في سياق بصيغة العاقل وفي غيره بصيغة غير العاقل.. و ما قلتَ احتمال من الإحتمالات, ويمكن حمْل ذكرها بصيغة غير العاقل في سياق الآية 36 من سورة إبراهيم أن إبراهيم عليه السلام كان يدعو ربه - فالخطاب هنا بين إبراهيم و ربه- فلا حاجة لذكرها بصيغة العاقل. أما إذا خاطب إبراهيم قومه ذكرها بصيغة العاقل, و هذا ما نحاول أن نفهم سببه. و مثال ذلك قول إبراهيم عليه السلام في سورة الشعراء : {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73)} [الشعراء] .
و تجدر الإشارة إلى أن القول بالمجاراة ورد في سؤال الأخت لطيفة و لم يقل به أحد من المفسرين حسب ما أعلم. فهم بينوا أن المواطن التي ذُكِرت فيها الاصنام بصيغة العاقل فلأجل أن من عبدها أنزلها منزلة العاقل كما أوردتُ في مداخلتي السابقة. أما السبب وراء إنزالها تلك المنزلة هل هو مجاراة أو غيره, فلم يتطرق إليه المفسرون حسب ما أعلم و هو ما نحاول التوصل إليه هنا.
و من تدبر الآيات من سورة الشعراء استخلص غير ما بينتَ. فالأصنام هنا و إن كان الكلام فيها خاصة ذُكِرت بصيغة العاقل :"يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ". بل ما يستوقف المتدبر للآيات أن إبراهيم عليه السلام ذكرها بصيغة العاقل بينما أشار إليها قومه بصيغة غير العاقل :{ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ }[الشعراء:71]. فليست فيها مجاراة.
ما أردت التنبيه عليه أن على المرء إذا كان بصدد بحث مسألة من المسائل أن يستوفي بحثه قبل استخلاص الخلاصات. فما لم نصل إلى ذلك فالأولى أن نتهم فهمنا و لا نستعجل رد خلاصات من قام بالبحث قبلنا. و أختم بخلاصة لك سابقة أراها أدل على ما نحن فيه :
وربما الأمر يحتاج إلى مزيد بحث ... فالله المستعان
 
الخلاصة أن مسألة المجاراة المزعومة ليس لها وجود مطلقا .. فهى وهم من المفسرين

شكر الله لك أستاذي الفاضل.. لكن أليست هذه مؤلمة لعلمائنا المفسرين...؟
 
و تجدر الإشارة إلى أن القول بالمجاراة ورد في سؤال الأخت لطيفة و لم يقل به أحد من المفسرين حسب ما أعلم. فهم بينوا أن المواطن التي ذُكِرت فيها الاصنام بصيغة العاقل فلأجل أن من عبدها أنزلها منزلة العاقل كما أوردتُ في مداخلتي السابقة. أما السبب وراء إنزالها تلك المنزلة هل هو مجاراة أو غيره, فلم يتطرق إليه المفسرون حسب ما أعلم و هو ما نحاول التوصل إليه هنا.
:

أظن أنهما واحد، أعني القول بالمجاراة ،وأن من عبدها أنزلها منزلة العاقل ، فالقرآن جارى من عبدها في تنزيل الأصنام منزلة العاقل .. لكن السؤال : لماذا أنزلها القرآن تلك المنزلة..؟
 
يحق للمسلم أن ينفر من القول إن القرآن الكريم - الذي يصحح أخطاء البشر- يجري في التعبير مراعياً اعتقادات أهل الشرك.
والبشر في الحضارات القديمة والحديثة لم يكونوا بهذه السذاجة حتى يعتقدوا أن الحجر هو الذي يملك القدرة على نصرهم- مثلاً- بل هم يعبدون ما يمثله الصنم. والصنم دائماً يمثل عاقلاً هو المعبود الحقيقي مثل بوذا، عيسى عليه السلام، مريم عليها السلام..ألخ.
إذا دخلت الكنيسة اليوم تجد تماثيل لعيسى ومريم عليهما السلام تقدم لها الصلوات، ولا أظن أن مسيحياً يعطي التمثال قدرة ربانية، بل هو مدرك أن القوة النافعة هي في ما يرمز إليه الصنم، أو ما يسبغ على الصنم من قبل المعبود الحقيقي.
إذن عبادة الأصنام هي في الحقيقة والأصل عبادة لعقلاء، ولكن مع مرور الأيام وهيمنة العادة قد يذهل الإنسان عن هذه الحقيقة فيُشْرب في قلبه حب الصنم وعبادته، وعلى وجه الخصوص عندما تتراجع الفكرة ويكون التخلف. ولا يعني هذا أن العلم والتنور يبعد عن الوثنية، ولكنها وثنية تستند إلى فلسفة. ومعلوم أن الإنسان البدائي حسي والمتنور أقدر على التجريد.
مثال، للتوضيح فقط، بعيداً عن السياسة:عندما أسقطت أمريكا تمثال صدام في الحادثة المشهورة، والتي تناقلتها الفضائيات، كانت تقصد أن تعلن للناس عن سقوط صدام ونظامه، ولم تكن تقصد أن تقول إننا أسقطنا تمثال صدام.
.
 
أظن أنهما واحد، أعني القول بالمجاراة ،وأن من عبدها أنزلها منزلة العاقل ، فالقرآن جارى من عبدها في تنزيل الأصنام منزلة العاقل .. لكن السؤال : لماذا أنزلها القرآن تلك المنزلة..؟
صدقت. غفلت عن قول الزمخشري : "أجريت الأصنام مجرى أولى العلم في قوله وَهُمْ يُخْلَقُونَ بناء على اعتقادهم فيها وتسميتهم إياها آلهة". وهي مجاراة على مستوى اللفظ و ليست موافقة و اتفاقا على مستوى المضمون اقتضاها منهج الدعوة و الله أعلم.
 
السؤال الذي عنون به الموضوع غير متجه ، لأنه يوحي بأن مجاراة معتقد الكفار من عادات القرآن ، والحال ليس كذلك بل كل موضع بحسبه ، فيقال عند الموضع المراد: ما الحكمة في مجاراة معتقد الكفار في هذا الموضع ؟ أو في هذه المواضع ؟ ونحو ذلك.

والمجاراة من أساليب الجدل القرآني ، ويلزم منها عادة التبكيت والسخرية من الخصم ، وما هنا كذلك ، على معنى أنكم تعتقدون أن هذه الأصنام عاقلة فليكن الأمر كما زعمتم ، لكن عقلها لم يقدها إلى الرضا بأن تُعبَد من دون الله كما رضيتم أنتم بأن تعبدوا من دون الله ما هو مخلوق وليس بخالق وما هو عاجز وليس بقادر ، إذن فأنتم أحط منها منزلة وأقل قدرا.

وذلك أن هذه الأصنام العاقلة -في زعمكم- تدرك بهذا العقل أنها لم تَخلُق شيئا وأنها مخلوقة ، وأنها لا تستطيع نصر أنفسها فضلا عن غيرها ، فهي بذلك تفتقد خصائص الإله الذي يستحق العبادة.... فكيف بكم أنتم لم تدركوا ما أدركته هذه الأصنام؟
وعليه فإذا كانت هذه الأصنام الصماء لها عقول فليكن الأمر كما زعمتم ، لكن ارضوا بنتيجة هذا الزعم وهو الحكم بأنه لا عقل لكم.
وذلكم هو قوله تعالى: [وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ] ونحوه من آيات القرآن..... والله أعلم
 
شكر الله لك أستاذي الفاضل.
 
عودة
أعلى