لماذا قال تعالى (فيهن خيرات حسان) ولم يقل فيهما

إنضم
11/04/2014
المشاركات
31
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
العمر
42
الإقامة
القاهرة
لماذا قال تعالى في سورة الرحمن:( فيهن خيرات حسان) و ( فيهن قاصرات الطرف) ولم يقل فيهما مع أن الحديث عن لجنتين?!


[تمت المشاركة باستخدام تطبيق ملتقى أهل التفسير]
 
الضمير في "فيهن" عائد الى نساء الجنة وليس الى الجنتين والتقدير من نساء الجنة نساء خيرات حسان وقرئت بالتشديد "خيِّرات" وفي سورة الصافات"وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴿٤٨ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ"
 
الضمير يحتمل تقديرات متعددة تبعًا لسياق الآية، ومن ذلك:
* أن يكون عائدًا على (الجنتين)؛ وجاء جمعًا لأنهما في حقيقة الأمر جنانٌ عدة، والعرب تطلق التثنية وتريد الإفراد، وتطلق التثنية وتريد الجمع، وكلتا السبيلين مطروقة في القرآن، ومن الأخير قوله جل وعلا: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ"، وقوله سبحانه وتعالى: "ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ"، وأشباه ذلك كثير.
* أن يكون عائدًا على (الجنتين)، والمراد ما فيهما من القصور والبيوت والمجالس والنواحي، كمن يتكلم عن القرية ويجمع، يريد ما فيها من الخلائق.
* أن يكون عائدًا على الجنان الأربع جميعها، وذلك في الموضع الثاني "فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ"، وبذلك يكون المراد هو ظاهر اللفظ.
* أن يكون عائدًا على (الفرش)، والأصل أن يُقال (على الفرش كذا)، واستعملت (في) للدلالة على التغييب في الفُرُش، كنايةً عن الترف والراحة.
* أن يكون عائدًا على (الآلاء)، بمعنى الآلاء المستقبلة من نعيم الجنة وما فيها من صنوف الملذات.
* أن يكون عائدًا على (جنى الجنتين) وما سبق ذلك من ذكر الأفنان والعينين والفاكهة.

أما القول بتعلّق الضمير بنساء الجنة، فلا أعلم قائلًا به من المفسرين في حدود بحثي القاصر، ويُبعده كون المتعلَّق به محذوفًا، وكذلك دلالة ظاهر اللفظ على اقتصار هذه الأوصاف على بعض نساء الجنة دون بعض، مع الاختلاف الظاهر بين لفظ الآية في سورة الرحمن وسورة الصافّات، ولعلي قد أوتيتُ من قِبَل جهلي.
 
نعيد التأمل في الآيات :
جاءت الآيات التي ذكرت فيها الجنان الأربعة على هذا المنوال :
{ولمن خاف مقام ربه جنتان ... ذواتا أفنان ... فيهما عينان تجريان ... فيهما من كل فاكهة زوجان ... متكئين على فرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان ... فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ... كأنهن الياقوت والمرجان ... هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ... ومن دونهما جنتان ... مدهامتان ... فيهما عينان نضاختان ... فيهما فاكهة ونخل ورمان ... فيهن خيرات حسان ... حور مقصورات في الخيام ... لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ... متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ... }
من خلال تتابع الآيات يتبين أن ما تتضمنه الجنان ينقسم إلى قسمين : ماديات الجنان وساكنة الجنان . فماديات الجنان اقترنت معها كلمة (فيهما) كالأفنان والعينين والفاكهة وغيرها .
بينما كلمة (هن) اقترنت بساكنة الجنان من العنصر النسوي :
أولى الجنتين جاء التعبير القرآني بهذا الترتيب :
{... متكئين على فرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان ... فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ... كأنهن الياقوت والمرجان ... }
وثانية الجنتين جاء التعبير القرآني بهذا الترتيب :
{... فيهن خيرات حسان ... حور مقصورات في الخيام ... لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ... متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ... }
فالتعبيران كلاهما يتكلمان عن ساكنة الجنان ، لأنهم هم المتكئون على فرش في المقام الأول ، وهم المتكئون على رفرف خضر في المقام الثاني . وكما نعلم فساكنة الجنان ينقسمون إلى ذكور وإناث ، والإناث آدميات وحوريات ، فجاءت كلمة (فيهن) لتبين أن النساء في الجنان فيهن صنف خاص وهم الحوريات ، خصهم الله بهذه الأوصاف تمييزا لهم عن غيرهم من النساء في الجنة .

والله أعلم وأحكم
 
جزاك الله خيرا اخي الفاضل عبد الكريم عزيز على هذا التوضيح وما قلته عن تقدير الضمير الى النساء هو وجه يحتمله النص ولم اكن انفي غيره وما قاله الاخ الفاضل عبد الكريم فقد افاض واجاد حقيقة في بيان تقديرات عديدة وان كنت لااميل الى تخريج الضمير بان العرب تطلق التثنية وتريد الجمع اذ يبقى هذا الوجه مع جوازه لغة يحتاج الى السؤال لم اطلق القران الجمع واراد التثنية اذا كان من عادة القران اطلاق التثنية عندما اريد التثنية واطلاق الجمع عندما يريد الجمع فينبغي التامل في علة العدول وعدم الاكتفاء بانه وجه جائز لغة . رزقنا الله تامل كتابه وشكر الله لجميع الاخوة الذين شاركوا فأثروا النقاش واستفدنا منهم كثيرا ارك الله في الجميع
 
أخي الحبيب عبد الكريم، حفظك الله ورعاك ..

أعجبتني جدًا نظرتك الشمولية لمجموع الآيات، وسبرك الجميل لتلافيف السياق القرآني، زادك الله نورًا وبصيرةً.
ولكن يُعكّر صفاءَ هذا الرأي أن العَرَب لا تُغلِّب المؤنث على المذكر عند الجمع، فلو أتى الضمير مذكّرًا (فيهم قاصرات الطرف) لصحَّ التعلّق بعموم ساكني الجنة من المتكئين على سبيل المصاحبة، وهو ما لا يتحقق في المسألة محل المُدارسة. وتعلُّق (في) بمحذوف - أعني عموم نساء الجنة - لا يدل عليه السياق دلالةً مباشرة = أشدُّ تكلّفًا من سائر الأقوال المأثورة. ولا أحسب هذا القول - إن صحَّ - يعزب عن فهوم عموم محققي المفسرين.

واستعمال كلمة (متكئين) - ككلمة مفتاحية في فهم المعنى - يستند إليه أحد التوجيهات التي مردّها إلى إرادة الجمع ولكن من سبيل أخرى؛ إذ جعل الله جل وعلا جنتين لكل امرئ من أهل الجنة (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)، ثم عدّد الله جل وعلا مباهج الجنتين وزينتهما، ثم التفت النص القرآني من الكلام عن نعيم الفرد إلى الكلام عن نعيم عموم أهل الجنة (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ)، فناسب السياق إتيان الضمير بصيغة الجمع (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ)؛ إذ صار عائدًا على مجموع جنان عموم أهل الجنة المتكئين على الفُرُش، وهذا توجيهٌ حسن.

___

وأما ما ذكره أخي العزيز أبو العزايم - حفظه الله تعالى - من استبعاد إرادة الجمع مع إطلاق التثنية فيحتمل المناقشة من وجهين:

أولهما: أن هذا المسلك من مسالك العرب في كلامهم ليس غريبًا على لغة القرآن ولا نائيًا عنها، ومن ذلك قوله جل وعلا: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ"، فالمراد بذلك كل أخوين متقاتلين فأكثر، فآل اللفظ إلى إرادة الجمع، ومن ذلك قول الله جل وعلا: "هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ". وأما ذكر الجمع وإرادة التثنية فكثير، ومنه قوله سبحانه وتعالى: "إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا"، وقوله جل وعلا: "وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ"، وقوله تبارك وتعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا"، وهذا كله يؤكّد ثبوت ذلك المسلك في كتاب رب العالمين جل وعلا عند القائلين بذلك.

الثاني: ثبوت القرائن الصارفة إلى معنى الجمع في خطاب الشرع، ومن ذلك قوله جل وعلا: "قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ"، وقوله سبحانه: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ"، وعامة الآيات التي ذُكرت فيها الجنان على سبيل الجمع. وقال الله سبحانه وتعالى: "وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ"، وهذه الآية جمعت بين ذكر الجنان على سبيل الجمع، وذكر الداخل على سبيل الإفراد، فتأمل.
ومن ذلك أيضًا ما أخرجه البخاري من حديث حُميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ"، وأشباه ذلك كثير.

* ملاحظة: أنا أيضًا لا أميل إلى هذا القول، ولا أرى جمهور المفسرين ينتهضون للانتصار له؛ وإنما كتبتُ ما كتبتُ احترامًا لمن ذكر هذا القول من كبار المفسرين وأهل اللغة رحمهم الله ورضي الله عنهم.
 
اخي الفاضل كريم حلمي بارك الله فيك وزادك من علمك ثراؤك في النقاش يدفعني ان اشاركك لازداد من علمك انا لم اقل باستبعاد القران ارادة الجمع مع اطلاق التثنية او العكس لانه طبيعي ان كان هذا وجه من وجوه اللغة العربية فقد نزل القران بلسان عربي مبين لكن قصدت ان القران عادة ما يستخدم التثنية عندما يريد التثنية ويستخدم الجمع عندما يريد الجمع فان عدل عن هذا الاسلوب فلابد ان نتامل السر في العدول لان الوقوف عند اعتبار ذلك وجه من وجوه اللغة -واعلم ان هذا منهج عند بعض المفسرين- اقول الوقوف عند هذا الحد حرمنا من خير كثير واضرب لك مثلا بما ذكرت لو سمعت قوله تعالى "إإِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ" واكتفيت بالقول انه اطلق التثنية واراد الجمع لحرمت من خير كثير لكن اذا دلفت الى جو الاية ابحث عن اسرار اخري للعدول غير ان ذلك وجه لغوي لوجدت ان هناك قراءة " اخوتكم " وهي قراءة يعقوب احد القراء العشر وهي بالجمع كما يمكن ان يكون الفريقين المتخاصمين رغم انهما جمع فالصلح عادة ما يكون بين رأسي الفريقين وليس بين افراد الجميع فاذا تصالح رأسا الفريقين تصالح الجميع وانظر الى قوله تعالى في الاقتتال قال "وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" اطلق الجمع واراد الجمع لان القتال بين افراد الفريقين وعددهم كثير ومنه "هذان خصمان اختصموا في ربهم " لكن في معرض الصلح قال فاصلحوا بينهما ولم يقل بينهم كما قال اقتتلوا لان الصلح لايكون بين جميع افراد الطائفتين في العادة بل يكون بين رأسيهما وقد يكون بين الجميع فتدل عليه قراءة يعقوب "بين اخوتكم " عموما انا اشكر لك هذا الثراء وزادك الله من علمه انت وجميع من شاركونا .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأحبة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الطاعات ويغفر لنا ولكم الزلات
سأستعير إيضاح الشيخ عبدالكريم عزيز:

{ولمن خاف مقام ربه جنتان ... ذواتا أفنان ... فيهما عينان تجريان ... فيهما من كل فاكهة زوجان ... متكئين على فرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان ... فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ... كأنهن الياقوت والمرجان ... هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ... ومن دونهما جنتان ... مدهامتان ... فيهما عينان نضاختان ... فيهما فاكهة ونخل ورمان ... فيهن خيرات حسان ... حور مقصورات في الخيام ... لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ... متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ... }

فالأمر يشرحه السياق ببساطة ، فالجنان (مؤنثة) بلا شك ، وهنا نجد أربعُ جنان ولسن اثنتين ، فلمن خاف مقام ربه جنتان ، وله أيضا "من دونهما جنتان" لكل منهما صفات فالجنتين الأوليين مثلاً فيهما عينان تجريان ، بينما الجنتين اللتين من دونهما فيهما عينان نضخاتان.
وكل الجنان الأربع فيهنَّ خيراتٌ حسان
والله أعلم واحكم
 
الإخوة والأخوات
شهر مبارك كريم وكل عام وأنتم بخير
وبعد ، فالتأويل الذي نحن بصدده سيبقى الخلاف فيه قائما . لأنه خلاف أصلي ، فهو خلاف تضاد بين السلف الصالح .
وأصل هذا الخلاف راجع لتأويل الآيتين : {ولمن خاف مقام ربه جنتان} و {ومن دونهما جنتان} .
وابن عطية (ت:542 هـ) يشرح هذا الخلاف في تفسيره : " وقوله تعالى : { ومن دونهما جنتان } اختلف الناس في معنى : { من دونهما } ، فقال ابن زيد وغيره معناه : أن هذين دون تينك في المنزلة والقدرة ، والأوليان جنتا السابقين ، والأخريان جنتا أصحاب اليمين . قال الرماني قال ابن عباس : الجنات الأربع للخائف { مقام ربه } [ الرحمن : 46 ] . وقال الحسن الأوليان للسابقين والأخريان للتابعين . وقال ابن عباس ، المعنى : هما دونهما في القرب إلى المنعمين وهاتان المؤخرتان في الذكر أفضل من الأوليين ، يدل على ذلك أنه وصف عيني هذه بالنضخ والأخريين بالجري فقط ، وجعل هاتين مدهامتين من شدة النعمة ، والأوليين ذواتي أفنان ، وكل جنة ذات أفنان وإن لم تكن مدهامة .
قال القاضي أبو محمد : وأكثر الناس على التأويل الأول ، وهذه استدلالات ليست بقواطع . وروي عن أبي موسى الأشعري أنه قال : جنتان للمقربين من ذهب ، وجنتان لأهل اليمين من فضة مما دون الأولين . "
هذا الخلاف يؤدي بنا إلى نوعين من التأويل :
التأويل الأول ، اعتمادا على قول ابن زيد : السياق يتناول الجنتين في النوع الأول فقط . ويتناول الجنتين في النوع الثاني فقط . والأوليان منفصلتان عن الأخريين . مما ينعكس على الكلام عن الحور العين في السياق الأول : { ... فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ... كأنهن الياقوت والمرجان ... } ، فيكون للتأويل احتمالان :
الاحتمال الأول : فيهن : في الجنتين المعدتين لمن خاف مقام ربه قاصرات الطرف ... [قضية الجمع العائد على المثنى] .
الاحتمال الثاني : فيهن : في نساء الجنتين المعدتين لمن خاف مقام ربه قاصرات الطرف ... [جاء في الآية تغليب الذكور على الإناث في (متكئين) ثم خصص نوعا من الإناث وهن الحور العين من نساء الجنة المذكورة ] .
ما يقال منفصلا عن الجنتين المعدتين لمن خاف مقام ربه وهم حسب المفسرين : المقربون ، يقال عن الجنتين اللتين من دونهما المعدتين لأصحاب اليمين .
التأويل الثاني ، اعتمادا على قول ابن عباس : السياق يتناول أربع جنات المخصصة لمن خاف مقام ربه . ويكون الضمير (هن) آنذاك يشمل الجنات الأربعة .
خلاصة القول : أؤكد في الختام أن الخلاف في التأويل سيبقى قائما ، وهي ظاهرة صحية أكدها سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ، ونفعنا الله بعلمهم آمين .

والله أعلم وأحكم
 
الذي عليه المفسرون، وهو الظاهر المتبادر من الآيات أن ضمير (فيهن قاصرات الطرف) عائد إلى الفُرُش، وضمير (فيهن خَيرات) عائد إلى الجنات الأربع.
بينما الضمائر الأخرى يعود كل منها إلى الجنتين.
ولأجل هذا اختلف الضمير في هاتين الآيتين خصوصا، إذ جاء في كل موضع على ما يناسبه في المعنى والسياق، والحمد لله.
 
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ (114) وَنَجَّيْنَاهُمَاوَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116) وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (119) سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ (120) إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
 
دعونا نرجع لسياق الآيات ، ومع كل جنتين على حدة :
الجنتان الأوليان :
ذواتا أفنان
فيهما عينان تجريان
فيهما من كل فاكهة زوجان
متكئين على فرش بطائنها من استبرق
وجنى الجنتين دان
فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان
كأنهن الياقوت والمرجان
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
تأملوا معي الضمائر الموجودة في الآيات : فيهما – هم (متكئون) – فيهن
فيهما : الضمير يعود على الجنتين الأوليين
هم ، في متكئين : ضمير مستتر يعود على ساكنة الجنتين الأوليين أي : كل من خاف مقام ربه من الذكور والإناث (تغليب الذكور على الإناث) .
فيهن ، ضمير لغير مذكور ، لكن من خلال السياق يتبين أن الكلام عن نساء الجنة خاصة ، وبما أن نساء الجنة آدميات وحوريات ، فالحوريات من نساء الجنة قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ، كأنهن الياقوت والمرجان .
لأن في الأسلوب القرآني ، أحيانا يأتي الضمير لغير مذكور لكنه مشهور ومعروف ، يعرفه المخاطب من خلال سياق الحال . والمثال على ذلك قوله تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر:1]
أنزلناه : الهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، يعود على القرآن ، رغم أنه لم يسبق في الكلام ؛ لأنها الآية الأولى في السورة .
وهكذا يتبين لنا من خلال السياق أن هاتين الجنتين متكاملتين ومنفصلتين عن الأخريين من دونهما .
 
الجنتان الأخريان :
مدهامتان
فيهما عينان نضاختان
فيهما فاكهة ونخل ورمان
فيهن خيرات حسان :
حور مقصورات في الخيام
لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان
متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان
كذلك نجد في الجنتين الأخريين هذه النعم التي جاء ذكرها مقتصرا عليها .
فالضمير : فيهما ، يعود على الجنتين .
بينما يأتي ضمير : فيهن ، الذي يعود على نساء الجنة عامة ، والذي يبين أن فيهن خيرات حسان هن الحور المقصورات في الخيام والتي لم يطمثهن إنس قبلهم (قبل رجالهن) ولا جان .
وساكنة هاتين الجنتين متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان .
وبهذا يتبين أن الكلام بين واضح فاصل بين نوعين من النعيم ؛ جنتان لصنف من العباد ، ومن دونهما جنتان لصنف آخر من العباد .

والله أعلم وأحكم
 
أطلعت على مشاركات الاخوة السابقه وجزاكم الله جميعا خيرا ..
ولكني رايت (والله اعلم ) أن اقرب الاقوال وجواب مباشر لسؤال الاخت (ساره ) ، ما ذكره الفاضل عدنان الغامدي في المشاركه (9) فهى اربع جنان ، عطاء الله سبحانه وتعالى وبشارته لعباده ، الذين يخافون مقامه ، دلنا ذلك على عظم هذه العبادة ، جعلنا الله واياكم جميعا منهم ، واشير لمشاركة الاخ عبد الكريم عزيز (13و14) فيهما كلام مؤسس على اربع جنان كل جنتين لساكن ولها مايميزها وتحتاج لوقفه وتامل ..

مع ملاحظة التالي ..

1- من دونهما لاتعني اقل رتبه ، فقد تكون لساكنها عمق اخر ، فتاتي بعد الجنتين الاوليان ، فتكون الايات فيها تتدرج من اقل الي اكثر .
2- الضمير في (فيهن ) جاء مع الحور فقط ، ولكن عند ذكر النعم الاخرى جاء (فيهما )والله اعلم ، أن الحور في هذه الجنان يختلفن عن باقي الحور ، فالضمير يشعر أن ساكن هذه الجنان له نوع خاص به من الحورالعين .


والله اعلم
 
عودة
أعلى