لماذا قال ابراهيم عليه السلام:" و من عصاني فإنك غفور رحيم"، و قال عيسى عليه السلام:" و إن

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
لماذا قال ابراهيم عليه السلام:" و من عصاني فإنك غفور رحيم"، و قال عيسى عليه السلام:" و إن

بسم1

لماذا قال ابراهيم عليه السلام:" و من عصاني فإنك غفور رحيم"، و قال عيسى عليه السلام:" و إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيمّ"؟
قال تعالى على لسان الخليل إبراهيم عليه أفضل الصلاة و التسليم:" رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)" ابراهيم.
و قال سبحانه على لسان عيسى عليه الصلاة و السلام:" إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)" المائدة.
تساءلت في نفسي: لماذا قال ابراهيم عليه السلام:" و من عصاني فإنك غفور رحيم"، و قال عيسى عليه السلام:" و إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيمّ" فقد يقول قائل أن الأولى بابراهيم عليه السلام أن يقول:" فإنك عزيز حكيم" إذ كيف يقابل المعصية باسمين كريمين يدلان على مغفرته سبحانه و رحمته، و أن الأولى بعيسى عليه السلام أن يقول:" فإنك أنت الغفور الرحيم" لأن هذا أنسب لقوله "إن تغفر لهم"؟
و الذي يظهر و الله أعلم و أحكم أن السبب في ذلك أن مقالة الخليل عليه السلام كانت في الدنيا و هي دار باب التوبة فيها مفتوح، و أن العاصي بل المشرك قد يمن الله عليه بالتوبة و الإنابة و التوبة كما في الحديث تجب ما قبلها و الإسلام يجب ما قبله، لذا كان الأنسب ختم الكلام بهذين الاسمين الكريمين.
[/COLOR]أما مقالة عيسى عليه السلام فالراجح أنها في الآخرة-1- و هي دار جزاء لا عمل و دار حساب لا توبة أو إياب، فكان الأنسب استعمال اسمين يدلان على عزته سبحانه و حكمته إذ كيف يقول "فإنك أنت الغفور الرحيم" و الكلام عن مشركين اتخذوه و أمه إلهين؟
فكان استعمال كل اسمين في موضعهما أنسب.

يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى:" وهذه تعقيباتٌ في مسألة الغُفران والرحمة بعد العصيان؛ فمرّة يعقُبها الحق سبحانه : { العزيز الحكيم } [ المائدة : 118 ] ومرّة يعقبها : { الغفور الرحيم } [ الزمر : 53 ] ...وهكذا تأتي العزّة والمغفرة بعد ذِكْر العذاب؛ فهناك مواقف تُناسِبها العِزّة والحكمة؛ ومواقف تناسبها المغفرة والرحمة . .."اهـ
يقول صاحب بيان المعاني:" وَمَنْ عَصانِي» فيها «فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» به تقدر على هدايته إذا شئت ، وليس في هذه الآية جواز الدعاء للكافرين بالمغفرة والرحمة ، لأنها جارية مجرى الخبر ، أي أن الكافر إذا تاب وأناب فإنك غفور لأمثاله ، رحيم بهم ، أو أنها على حد استغفاره لأبيه قبل أن يعلمه اللّه عدم غفران الشرك ، لعلمه أنه قادر على أن ينقله من الكفر إلى الإيمان ، وعلى هذا قول عيسى بن مريم عليه السلام في الآية 118 من المائدة في (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) إلا أن عيسى ختم كلامه بما لا يدل على المغفرة والرحمة ، لأن لفظ العزيز يدل على العظمة والغلبة ، ولفظ الحكيم يدل على أن ما يفعله اللّه موافق للواقع ، لأن الحكمة تعذيب العاصي وتكريم الطائع ، فبين ختام الآيتين بون شاسع في المعنى" اهــــــ
و أذكر هنا بعض أقوال أهل التفسير في توجيه قول الخليل:" و من عصاني فإنك غفور رحيم"-2-:
يقول الإمام القرطبي رحمه الله تعالى:" قيل : قال هذا قبل أن يعرفه الله أن الله لا يغفر أن يشرك به وقيل : غفور رحيم لمن تاب من معصيته قبل الموت وقال مقاتل بن حيان : ( ومن عصاني ) فيما دون الشرك"اهـ
و " قال السدي معناه : ومن عصاني ثم تاب ، وقيل : إن هذا الدعاء إنما كان قبل أن يعلم أن الله تعالى لا يغفر الشرك ، وقيل من عصاني بإقامته على الكفر فإنك غفور رحيم ، يعني أنك قادر على أن تغفر له وترحمه بأن تنقله عن الكفر إلى الإسلام ، وقيل المراد من هذه المغفرة أن لا يعاجلهم بالعقاب بل يمهلهم حتى يتوبوا أو يكون المراد أن لا تعجل اخترامهم فتفوتهم التوبة." نقل هذه الأقوال الإمام الرازي في تفسيره و بين ضعفها من وجوه.
يقول الإمام الألوسي:" وفي الآية دليل على أن الشرك يجوز أن يغفر ولا إشكال في ذلك بناء على ما قال النووي في «شرح مسلم» من أن مغفرة الشرك كانت في الشرائع القديمة جائزة في أممهم وإنما امتنعت في شرعنا .
واختلف القائلون بأن مغفرة الشرك لم تكن جائزة في شريعة من الشرائع في توجيه الآية ، فمنهم من ذهب إلى أن المراد غفور رحيم بعد التوبة ونسب ذلك إلى السدي . ومنهم من ذهب إلى تقييد العصيان بما دون الشرك وغفل عمل تقتضيه المعادلة . وروى ذلك عن مقاتل . وفي رواية أخرى عنه أنه قال : إن المعنى ومن عصاني بإقامته على الكفر فإنك قادر على أن تغفر له وترحمه بأن تنقله من الكفر إلى الإيمان والإسلام وتهديه إلى الصواب .9/389.
و عن ابن عباس رضي الله عنه فيما ينسب إليه من التفسير المسمى بتنوير المقباس من تفسير ابن عباس:" وَمَنْ عَصَانِي } فخالف ديني { فَإِنَّكَ غَفُورٌ } متجاوز لمن تاب منهم أي يتوب عليهم { رَّحِيمٌ } لمن مات على التوبةّ"-1/272-.
و أما قول الطنطاوي في تفسيره الموسوم بالتفسير الوسيط:" فالجملة الكريمة تدل على الأدب السامي ، والخلق العالي ، الذي كان يتحلى به إبراهيم - عليه خالسلام - في ماطبته لربه - عز وجل - حيث فوض الأمور إليه دون أن يقطع فيها برأى ، كما تدل على رقة قلبه وشفقته على العصاة من الوقوع في العذاب الأليم.
وشبيه بهذه الآية ما حكاه - سبحانه - عن عيسى - عليه السلام - في قوله : إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " هذا ، ولا نرى وجها لما ذهب إليه بعض المفسرين ، من أن قول إبراهيم - عليه السلام - « ومن عصاني فإنك غفور رحيم » كان قبل أن يعلم بأن اللّه لا يغفر الشرك ، أو أن المراد بالمعصية هنا مادون الشرك ، أو أن المغفرة مقيدة بالتوبة من الشرك .. وإنما المقصود بها تفويض أمر العصاة إلى اللّه - تعالى - إن شاء نقول : لا نرى وجها لكل ذلك ، لأن الجملة الكريمة ليس المقصود بها الدعاء غفر لهم ورحمهم .."اهـ
قلت في آخر قوله نظر لأن ختم الخليل عليه السلام القول باسمي الغفور الرحيم، فيه فتح باب الأمل و الرجاء و التوبة على العصاة و هذه التوبة لا شك أنها تتضمن مغفرة ذنوبهم.
و الذي يظهر أن الاختلاف في ختم كلام كل من ابرهيم الخليل و عيسى عليهما السلام يرجع إلى اختلاف موقفيهما و موضع قوليهما، فإبراهيم عليه السلام قال ذلك في الدنيا و عيسى عليه السلام قاله في الآخرة، فكان الأنسب ما ختم به قول كل واحد منها، عليهما السلام.


و الله أعلم و أحكم

-1- 2- انظر وقفة للعبد الضعيف على هذا الملتقى المبارك بعنوان:لماذا قال عيسى عليه السلام:" و إن تغفر لهم" مع أن الكلام عن كفرة؟
 
لو تتبعنا اخي الحبيب مواقف خليل الله عليه السلام لعلمنا انه من اسباب حيازته للخلة العظيمة والميزة الكريمة هو اشفاقه على الخلق ورحمته بالناس ومحبته لهدايتهم وانقاذهم وهذه الخصلة والصفة من صفات الله جلت قدرته فأحب جل وعلا ان تكون في عباده فكانت كأجمل ما تكون في انسان في ابراهيم عليه السلام ، فهاهو يجادل الملائكة الذين أتوا لعذاب قوم لوط وبرغم ان امر الله سبق عليهم إلا ان السياق ذا دلالة بيّنة أن الله جل وعلا برغم ذلك أحب فعل ابراهيم عليه السلام واثنى عليه (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ(75) فإبراهيم من اعرف العارفين بالله ومن اكثر المدركين لرحمته ومن اكثر انبيائه إشفاقاً ورقة وخشية على الناس من عذاب الله، وكان صادقا لو قال فإنك شديد العقاب ولكنه قدم المغفرة و الرحمة وكأنه يدعو الله ان ييسرهم لما يدخلهم في اسباب المغفرة الرحمة بهذا الثناء على ربه جلت قدرته وتقدست أسماؤه.
أما مقولة عيسى فهي كما سلف في حال عرض وحساب وخضوع للعبد المسيء امام ربه فناسب موقف العزة والحكمة اذ لم يعد مجال لتوبة أو تيسير لعمل يقود للرحمة والمغفرة ولا تنفع دعوة نبي او شفاعة شافع وهم ليسوا اهلا لها في هذا المقام والله اعلى واعلم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجدت توجيها آخر عند الإمام السيوطي رحمه الله تعالى حيث ذكر جزءا من ذلك الإشكال في ثنايا كلامه عن مشكلات الفواصل في القرآن الكريم فقال رحمه الله تعالى:
"من مشكلات الفواصل قوله تعالى إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فإن قوله وإن تغفر لهم يقتضي أن تكون الفاصلة الغفور الرحيم وكذا نقلت عن مصحف أبي وبها قرأ ابن شنبوذ وذكر في حكمته أنه لا يغفر لمن استحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز أي الغالب والحكيم هو الذي يضع الشيء في محله."اهـــــــ.

لكن ما سبق ذكره أنسب، لأن الحوار لم يكن هنا في الدنيا حيث باب التوبة لا يزال مفتوحا، وإنما سيكون هناك في الآخرة حيث لا مجال للتوبة ولا للإيمان كما قال تعالى:"وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ"-سبأ-.
ثم ظهر لي وجه آخر، وهو أن عيسى عليه السلام لو ختم كلامه باسم الله "الغفور" لظهر في مقام المدافع عليهم والشافع فيهم مع أنهم كفروا وضلوا، وهذا لا يليق به عليه الصلاة والسلام، فكان الأنسب التذييل بما يدل على العزة والحكمة.

والله أعلم وأحكم.
 
السلام عليكم
كان من المناسب أن يذكر المسيح عليه السلام إسم الله المناسب للظرفية الزمانية ليوم القيامة والحدث الذي يقع فيه وهو حساب الناس ، فالقاضي هو الله تعالى ، والقضاء بالحق يتطلب الحكمة ، فلو قال عيسى عليه السلام : إنك أنت الغفور الرحيم ) فقد يغفر الغفور ويرحم الرحيم من لا يستحق المغفرة ولا الرحمة، في هذه الحالة تثبت له صفة الرحمة وصفة المغفرة لكن لا تثبت له صفة الحكمة لأنه غفر لمن لا يستحق المغفرة ورحم من لا يستحق الرحمة، أما إن ذكر صفة الحكمة فالحكيم لا يكون حكيما إلا إذا غفر لمن يستحق المغفرة ورحم من يستحق الرحمة.
إذن فالإسم المناسب هو الحكيم. والصفة التي تضفي الكمال على صفة الحكمة هي العزة، أي الغلبة، فقد يكون الحكيم حكيما فيأتي من هو أحكم منه فيعدل حكم الأول من حسن إلى أحسن.
في هذه الحالة يعتبر الأول حكيما لكنه ليس عزيزا ، فالثاني الذي عدل حكم الأول هو العزيز الحكيم ، فقد غلب الحكيم الأول حين جاء بحكم أحسن من حكمه.
إذن فالإسم المناسب هو (العزيز الحكيم) .
 
عودة
أعلى