لماذا زاد وصف (معلوم) في آية المعارج دون آية الذاريات

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24 ديسمبر 2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
لماذا زاد لفظ [معلوم] في آية المعارج عنها في آية الذاريات، قال الله تعالى:
  • [وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)] (الذاريات)
  • [وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)] (المعارج)؟
على الباحث في مثل هذه المسألة من المسائل القرآنية أن ينظر في السياق، سياق الآيات كل منها في موطنها، فالسياق هنا عمدة يجب الاعتماد عليها للوقوف على حقيقة الزيادة أو الحذف في آية ما عن أختها.
ولو تأملنا السياق سنجد ما يلي:

  • إن آية الذاريات قد سبقها الحديث عن التقوى والإحسان والتطوع بالنوافل قيام الليل والاستغفار بالأسحار، قال الله تعالى: [إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)] (الذاريات).
  • أما آية المعارج فقد سبقها الحديث عن الصلاة المكتوبة المفروضة، قال الله عز وجل: [إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)] (المعارج).
  • ومن هنا نعلم أن المقصود بالحق المعلوم في آية المعارج إنما هو زكاة المال المفروضة الواجبة، لاقترانها بالصلاة المكتوبة، ولأن الزكاة معلومة مقدرة، فناسبها اللفظ (معلوم)، أما الحق في آية الذاريات فالمقصود به الصدقة والنفقة الزائدة على الزكاة الواجبة لاقترانها بأعمال الإحسان من التطوع والتنفل.
وقد ذهب الكثير من المفسرين إلى أن الراجح في الحق المعلوم الزكاة المفروضة، لكونها اقترنت بالصلاة المكتوبة، ولكونها معلومة مقدرة، وذهب إلى ذلك أيضا شيخ علماء توجيه المتشابه اللفظي في القرآن الكريم العلامة أحمد الغرناطي رحمه الله، قال: "إن آية المعارج قد تقدمها متصلا بقوله: [إلا المصلين] والمراد بالصلاة هنا المكتوبة، وأيضا يقرن بها في آي الكتاب الزكاة المفروضة، وبها فسر المفسرون الحق المعلوم في آية المعارج ... وليس في المال حق مقدر معلوم وقتا ونصابا ووجوبا غيرها، فلما أريد بالحق هنا الزكاة أتبع بوصف يحرز المقصود...ولما قصد في آية الذاريات غير هذا المقصد بدليل ما تقدمها [إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)] فوصف هؤلاء بطول صلاتهم وتهجدهم ومداومتهم على الاستغفار في الأسحار، فذكروا بزيادة من التطوع والنفل على ما فرض عليهمفناسب هذا الإطلاق الوارد في إنفاقهم ليفهم الزيادة على ما فرض عليهم من الزكاة المقدرة"
والله أعلم
د. محمد الجبالي





 
السلام عليكم ورحمة الله
توجيه جميل بارك الله فيك أخي محمد
 
عودة
أعلى