كتبت بحثاً في تفسير الربع الأول لسورة الروم -نشر بحولية كلية أصول الدين بالمنوفية 2009-ومما جاء فيه لعله يفيد في الإجابة على السؤال
( وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ ) والروم من بعد هزيمتهم من فارس (سَيَغْلِبُونَ) فارس أما الوقت فهو(فِي بِضْعِ سِنِينَ) وفي قوله (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) إظهار القدرة فذلك بأمر الله لأن من غلب بعد غلبه لا يكون إلا ضعيفاً فلو كان غلبتهم بشوكتهم لكان الواجب أن يغلبوا قبل غلبهم فإذا غَلبوا بعد ما غُلبوا دل عليه أن ذلك بأمر الله وانظر إلى الدول التي انهارت هل قامت ولو بعد حين؟ وهذه الجيوش التي هُزمت في الحرب العالمية الثانية هل ترى لها من باقية؟ بعد مرور عشرات السنين ألمانيا واليابان تعتبران محتلتان من قبل أمريكا التي انتصرت عليهما.و لا جيش لهما الآن إلا ما ينظم الحياة فقط. فالروم من بعد غلبهم انتصروا بقدرة الله الذي يحيي الأرض بعد موتها فليتفكروا في ضعفهم ويتذكروا أنه ليس بقوتهم وإنما ذلك بأمرٍ هو من الله جل في علاه. ويوصلنا ذلك إلى الحديث عن حكمة إبهام عدد السنين أنه مقتضى حال كلام العظيم الحكيم أن يقتصر على المقصود إجمالاً وأن لا يتنازل إلى التفصيل؛ لأن ذلك التفصيل يتنزل منزلة الحشو عند أهل العقول الراجحة وليكون للمسلمين رجاء في مدة أقرب مما ظهر ففي ذلك تفريج عليهم.كذلك كانت هزيمة الروم منكرة وانتصار الفرس مفزع فمن الذي يجرؤ ويتخيل انتصار الروم على الفرس، ممكن تخيل انتصار الصين أو دولة أخرى لم تتعب في الحرب العالمية الثانية على أمريكا أما أن يقول أحد ممكن انتصار اليابان أو ألمانيا على أمريكا فهذا لا يقوله أحد.إنما العظمة تقول المغلوب سيغلب الغالب وعلى الغالب أن يستعد لذلك.الفرس هم الذين دخلوا بلاد الروم، فالتحدي العظيم أن يخبرنا القرآن أن هذا المغلوب المقهور المنهار الذي لا جيش له بل ولا عدة بل ولا أناس لهم رغبة في النصر. فيُعد المنتصر عدته وليستعد لعدوه فالمعركة ليست مفاجئة بل معارك متعددة قد ينهزم الفرس في معركة، وقد ينتصر في أخرى ،المعارك كثيرة والحروب طويلة.وبداية النصر الأكيد كانت مع انتصار المسلمين في بدر فكانت معارك متعددة ودخلتها دول كثيرة كادت تشمل نصف الأرض في عصرهم ونهاية المعركة الفاصلة كانت مع صلح الحديبية والله غالب على أمره.