لماذا استعمل القرآن الكريم لفظ [منسأة] ولم يستعمل [عصا] في آية موت سليمان عليه السلام؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
لماذا استعمل القرآن الكريم لفظ (مِنْسَأًة) بدلا من لفظ (عصا) في قصة موت سليمانعليه السلام؟

إن (مِنْسَأَة) اسم من أسماء العصا، فلو نظرتَ في المعاجم ستجد أن من معاني (منسأة): عصا غليظة، وعصاة.
و(مِنْسَأَة) اسم آلة مشتق من الفعل (أَنْسَأَ): بمعنى أَخَّرَ

ونعود إلى سؤالنا:
لماذا استعمل القرآن لفظ [مِنْسَأَة] في قول الله تعالى:
[فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ
فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ] [سبأ: 14]

وأقول وهذا اجتهاد مني وأسأل الله الرحمن الرحيم السداد:
إن تلك العصا التي كان يتكئ عليها سليمان عليه السلام كانت سببا في تأخير معرفة الجن موت سليمان زمنا طويلا، إذ ظَلُّوا في شَقَاء وعَنَاء، ولو كانوا يعلمون الغيب كما يزعمون لأدركوا موت سليمان في حينه.
ولأنَّ العصا أَنْسَأَت (أي أَخَّرَت) خبر موت سليمان، وأَنْسَأَت معرفة ذلك، كان مٍن لطيف المعاني والألفاظ أن يستخدم السياق القرآني اسم [مِنْسَأة] الذي هو بعض أسماء العصا.

والله أعلم

د. محمد الجبالي
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الاخ الكريم الدكتور الجبالي،

جزاك الله خيرا للإجتهاد و لكن لم أفهم شيء ما و هو : الإسم يكون دال على الوظيفة ، فكيف يتم تجريد الإسم الدال على الوظيفة و يبدل بإسم فقط دال على سبب لحدث ما ، و ذلك الحدث لا علاقة له بالوظيفة و لا يقع لكل من تم استعمال العصا. مثال : عصا موسى ع ل ي ه ا ل س ل ا م عليه السلام كانت آية لموسى و لكن لم يتم تبديل اسم العصا باسم الآية.
فالاسماء تعطى على سبب وجود الأشياء و خلقها و ليس على حدث ما كان سببه ذلك الشيء.


​​​

فهل يمكن أن تعطي مثال حي يعزز اجتهادك ؟
و شكرا
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختنا الفاضلة: بارك الله فيك
إن العرب دأبت على تسمية الشيء العزيز بأسماء شتى، وذلك بحسب تعدد صفاته، وبحسب تعدد وظائفه وفوائده، وهذا مشهور كثير لدى العرب في كل الأنواع
فمن البشر: النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهو محمد، وأحمد، والحاشر، والعاقب، ..
ومن الحيوانات: فراجعي أسماء الابل وأسماء الأسد في العربية
ومن النبات: فراجعي أسماء النخلة، ,أسماء ثمارها
ومن الجماد: راجعي أسماء السيف
أما العصا: فقد جمع لها صاحب كتاب: اللطائف في اللغة [معجم أسماء الأشياء] جمع للعصا أكثر من ثلاثين اسما
فإن قلت كيف تعددت أسماؤها وكثرت؟
قلنا: ذلك بتعدد وظائفها وصفاتها.
وجزاكم الله خيرا.
 
تأخير معرفة الجن موت سليمان ع ل ي ه ا ل س ل ا م لا يعد من صفات العصا، و لكن هو حدث خاص وقع لسليمان ع ل ي ه ا ل س ل ا م، فالعصا بصفة عامة لا تؤخر معرفة الموت....

أي أنه قد يكون استعمل اسم المنسأة بدل العصا في الآية لأنها هي أصلا منسأة قبل موت س ل ي م ا ع ل ي ه و ا ل س ل ا م.

قَالَ الفرَّاءُ فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ: {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ}، هِيَ الْعَصَا الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الرَّاعِي، يُقَالُ لَهَا المُنْسأَة، أُخذت مِنْ نَسَأْتُ الْبَعِيرَ أَي زَجَرْتُه لِيَزْداد سَيْرُه.

قَالَ أَبو طَالِبٍ عمُّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهَمْزِ:

أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ، لَا أَباكَ، ضَرَبْتَه ***بِمِنْسَأَةٍ، قَدْ جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا

تفسير ابن العثيمين
قال الله تعالى: ﴿تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ﴾ بالهمز وتركه بألف؛ يعني فيها قراءتان ﴿مِنْسَأَتَهُ﴾، القراءة الثانية: اجعل الهمزة ألفًا أي: ﴿مِنْسَاتَهُ﴾ ، ولهذا قال: (بالهمز وتركه)، ولكن إذا تركناه يكون (بألف؛ لأنها يُنْسَأ: يُطْرَد ويزجر بها). * الطالب: (...). * الشيخ: لا، عندنا: (يزجر).
إي نعم، كأن المؤلف رحمه الله يريد أن يُبَيِّن اشتقاق هذه الكلمة، وأنها من النسأ أي الطرد والزجر؛ فإن الإنسان يزجر بعصاه بحزها على مَنْ يوجه إليه الخطاب، ويطرد بها بالضرب.



و الله أعلم
 
المِنَسَّةُ : العصَا الغليظةُ وهي: المِنسَأَةُ
مِنساة : اسم آلة من نسَأَ/ نسَأَ في
هراوة، عصا غليظة يحملها الرُّعاة أو الجنود، وتُستخدم في الضرب ودفع الدوابّ والحثّ على السَّير والتَّوكّؤ ونحوه،
نَسَّ الدَّابَّةَ : سَاقَهَا، زَجَرَهَا
نَسَّتِ الْمَاشِيَةُ : وَرَدَتِ الْمَاءَ
والنس: صوت لسوق الدابة
نَسَأَتِ الدابَّةَ : ضَرَبها بالمِنْسَأَة .
نَسَّأَ الدابةَ في السير: مبالغة في نسَأَها
المَنْسُوسُ : المطرودُ
 
بارك الله فيكم يا دكتور محمد الجبالي على هذا الاجتهاد اللطيف.
ذكر ابن فارس الرازي في كتابه مقاييس اللغة في الجزء 5 صفحة 422 من طبعة عبدالسلام هارون ليبين وجه تسمية العصا منسأةً :
(ونَسأتُها: ضربتُها بالمِنسأَةِ : العصا. وهذا أقيس ؛ لأن العصا كأنه يُبعَدُ بها الشيءُ ويُدفعُ) ويقصد بهذا أن فيها معنى التأخير بسوق الغنم أو الإبل بالعصا فتؤخر أو تُدفَعُ بذلك.
وقد قال من قبل في معاني (نسَّ) 5/355 أنها تأتي بمعنى السَّوْقِ إذا جاءت غير مهموزة، فتقول : نسَّ إبلَه ينُسَّها نَسَّاً إذا ساقها.
وهذا يكون عادة بالعصا وهي المنساة وقد ذكر عدد من العلماء أنها تأتي غير مهموزة، وقد تركت العرب همزها. وبعضهم يرى أن فيها لغتين ترك الهمز والهمز.
 
بارك الله فيكم ولو لم تكن لفظ المنسأة مرتبط بالعصا فقد اكتسبت عصاه تسمية المنسأة من دورها في تأخير خبر موت سليمان (ع) عن الجن وفي ذلك كفاية
 
جزى الله خيرا أستاذنا الدكتور: عبد الرحمن الشهري
فتح الله بكم ونفع وأدام نفعكم أبدا
وأود أن أنوه أني وصلني على الخاص رسالة منكم -ما رأيتها إلا متأخرا- وقد حاولت الرد عليكم من خلال صندوق الملتقى فما أمكنني، حاولت مرارا، لكن أيقونة الرسائل الخاصة إليكم لا تبلغني، فلجأت إلى فيسبوك الخاص بكم - ويبدو كأنك لم تستعمله منذ زمن بعيد- لجأت إليه وأرسلت إليكم ردا على رسالتكم
فرجاااااء لا تظن بأخيكم سوءا
وجزاكم الله خيرا لحسن ظنكم بي

ولا يفوتني أن أشكر أخانا الغالي: الغامدي لفهمه البديع، جزاكم الله خيرا
 
الإخوان الكرماء الجبالي و عدنان،

- حتى و لو و لم تكن لفظ المنسأة مرتبط بالعصا لن تكسب عصاه تسمية المنسأة، و ذلك لسبب و هو :

١. تأخير معرفة موت سليمان حصل للجن و ليس لسليمان، فسليمان مات، إذن من هنا، فالأحرى نقول منسأتهم و ليس منسأته.

الحالة الوحيدة التي يمكن أن تكسب عصاه لفظ منسأته و إن لم تكن إسم من أسماء العصا و هي حالة علم سابق و هو عندما يكون سليمان ع ل ي ه الس ل ا م قبل موته يعرف أن مما أكلت منه الدابة سيكون سبب تأخير معرفة موته.. لأن في هذه الحالة الحدث أصبح وظيفة.


و الله المستعان
 
عصا سليمان عــليه السلام تلك عصًا مباركةٌ مهيبة:
- أخرت علم الجِنّ بوفاته فما كانوا يقدرون أن يقربوه خوفا منه، والظاهر والله أعلم أنّ زجْرهُ عـــليه السلامُ إياهم أو بعضًا منه كان بها.
- ولو صحّ زجرهم بالعصا في حياته لاكتملت وظائفها المستنبطة من تسميتها اللغوية المختارة في القرآن في حياته وبعد مماته عـــليه السلام.
 
عودة
أعلى