د.عبدالرحمن الصالح
New member
في علم الحضارات والأفكار الكبرى وتصنيف معلمي البشرية الكبار (كسقراط وبوذا والمسيح وكونفوشيوس) الذي يرد في كتابات الإنكليز كـ هـ جـ ويلز وأرنولد توينبي والألمان مثل كارل ياسبرز وأيضا إريك فروم والأمريكان كريتشارد رورتي ، يقول رورتي "نحن نعيش في البارادايم اليهودي الإغريقي"، وهو يعني أن أهم بعدين في الإطار الفكري (البارادايم) الذي نعيش فيه في الحضارة المعاصرة مسلمين ونصارى ويهود هما "بعد الغاية من الوجود" أو البعد العمودي ومصدره اليهودية، والبعد الأفقي القائم على رصد الطبيعة ومحاكاتها أي العلم والتأمل في الوجود دون سلطة تفرض على العقل من خارجه وهذا هو البعد الإغريقي.
ولما كان الإسلام مصحِّحا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، وعائدا بالفكر اليهودي إلى أصله الإبراهيمي قبل أن يشوهه اليهود والنصارى من بعدهم، وقد أولى الغاية من الوجود عناية أكبر بلا مقارنة من البعد العيشيّ الإغريقي بسبب أن الإسلام يرى أن البعد العقلي هو بعد الحيوان الناطق الحتمي الذي لا فرار منه، وأنه مهما كان مستوى الإنسان الحضاري والعقلي فلا فكاك له من توظيف ذلك في تحقيق الهدف الغائي وهو "رضا الله تعالى" الذي يتطابق في نتيجته العملية دنيويا مع "مصلحة المجموع"، (لما كان ذلك كذلك) فقد يستغرب المرء أو المرأة ألّا يرِد ذكرٌ للحضارة اليونانية والفلسفة الإغريقية في القرآن العظيم وأن التراث التفسيري للقرآن قد قصرنا على جانب التصحيح في الفكر اليهودي.
الصواب أن الحضارة اليونانية والفلسفة الإغريقية قد كان لهما نصيب في كتاب الله وإن كان هذا النصيب هو ما يحقق دعاية الكتاب المبين للغاية من رسالات الله وهي الغاية الفكرية (التوحيد) والغاية (الأخلاقية). ففي القرآن سورة باسم حكيم لم يتعرض لذكر نبوته من عدمها وظلت مسألةَ تخمين بين المفسيرين وهو لقمان عليه السلام.
مسوغات القول بأن لقمان هو نفسه الفيلسوف سقراط (399 ق م)
- شَكلُ سقراط. بإلقاء نظرة على تمثال سقراط والاطلاع على أوصافه يبدو الشبه الظاهر بين اشتقاق كلمة لقمان (عظيم اللقمة) وبين هذا الرجل. يمكن النظر إلى صورة تمثال سقراط هنا
- الأصل الاجتماعي لسقراط والصورة التي رسمها المفسرون لتخيلهم للأصل الاجتماعي للقمان.
- اشتهار لقمان في التراث العربي بالحكمة واشتهار سقراط بذلك حتى إن أرجح الأقوال في استخدام فيلسوف أي محب الحكمة يعود إلى سقراط، فقد قالها تواضعاً حين قيل له أنت حكيم فقال لا بل محب للحكمة (فيلسوف).
أما لماذا لَقمنَ القرآن الكريم سقراط، فمسألةُ تعريب واستخدام لغوي وتراثي على معهود العرب في خطابها ولا ريب، مثلما قالت التوراة عن رسوّ سفينة نوح على (أراراط) وقالت ملحمة جلجامش البابلية قبل التوراة عن الجبل (جبل نصير) وقال تعالى "واستوت على الجودي"
وكلها مجهولة المرجع لمن كتب في التفسير وما له إلا التخمين.
فإطلاق القرآن اسم لقمان على سقراط جائز لغة وواقعاً، ولكن مالعلاقة بين أفكار سقراط كما اشتهرت عنه تاريخيا وبين مجموعتي أقوال لقمان، الأولى التي قصها علينا الله تعالى والثانية التي دونها المفسرون من التراث العربي مما نسب إليه؟
هذا ما سنعرج عليه لاحقاً.
وكذلك تحدث القرآن العظيم عن شخصية عظيمة شغلت العالم القديم بمجمله وهي شخصية الإمبراطور الإغريقي الشاب الإسكندر الثالث المقدوني المشهور بالإسكندر الأكبر الذي ولد 356 ق م وحكم بين 336-323 ق م. وقد مكن الله له وآتاه من كل شيء سببا فأتبع سببا.
والأسئلة المطروحة الآن هي هل يمكن افتراض أن ذي القرنين شخص آخر غير الإسكندر المقدوني.؟
الجواب إن هذا افتراض مبعدٌ للنجعة للأسباب الآتية:
- أن القصة القرآنية وردت جوابا على سؤال من قبل قريش ويهود عنه. فلا يجوز التماس المرجعية الواقعية للشخصية المسؤول عنها في غير ثقافة السائلين وخلفيتهم المعرفية. فإن يهود وقريش حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقد سألوه عن الإسكندر المقدوني وهو ما سماه الشعر الجاهلي بـ "ـالصعب ذي القرنين"، فلا يجوز تغيير المرجع بسبب أن التراث الجاهلي والتاريخي قد تحدث عن صفة من صفات ذي القرنين لا تتطابق مع وصف القرآن له، تلك الصفة هي كونه موحدا أم وثنياً. فالصواب أن نصحح كونه وثنيا فقط بالقرآن لا أن نبعد النجعة فنفترض أنه شخصية أخرى مغرقة في العماء والإبهام كأنها العنقاء، فإن نصف جواب السؤال موجود لدى السائلين أنفسهم.مثلما صححنا فقلنا إن المسيح لم يصلب، بالقرآن، ومثلما قلنا أنه قد تكلم في المهد بالقرآن وهو شخصية أقرب زمنيا من لقمان ومن ذي القرنين. فنحن نصحح فقط الصفات بالقرآن لا نلغي وجود الشخصية التاريخية نفسها أو نتخيلها غير ما يعرفه الناس ويعهدونه.
سوف نحاول في وقت لاحق أن نناقش هذه الفكرة وهاتين الشخصيتين مع من أحب أن يدخل فيها من الإخوة الفضلاء في الملتقى.
ولما كان الإسلام مصحِّحا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، وعائدا بالفكر اليهودي إلى أصله الإبراهيمي قبل أن يشوهه اليهود والنصارى من بعدهم، وقد أولى الغاية من الوجود عناية أكبر بلا مقارنة من البعد العيشيّ الإغريقي بسبب أن الإسلام يرى أن البعد العقلي هو بعد الحيوان الناطق الحتمي الذي لا فرار منه، وأنه مهما كان مستوى الإنسان الحضاري والعقلي فلا فكاك له من توظيف ذلك في تحقيق الهدف الغائي وهو "رضا الله تعالى" الذي يتطابق في نتيجته العملية دنيويا مع "مصلحة المجموع"، (لما كان ذلك كذلك) فقد يستغرب المرء أو المرأة ألّا يرِد ذكرٌ للحضارة اليونانية والفلسفة الإغريقية في القرآن العظيم وأن التراث التفسيري للقرآن قد قصرنا على جانب التصحيح في الفكر اليهودي.
الصواب أن الحضارة اليونانية والفلسفة الإغريقية قد كان لهما نصيب في كتاب الله وإن كان هذا النصيب هو ما يحقق دعاية الكتاب المبين للغاية من رسالات الله وهي الغاية الفكرية (التوحيد) والغاية (الأخلاقية). ففي القرآن سورة باسم حكيم لم يتعرض لذكر نبوته من عدمها وظلت مسألةَ تخمين بين المفسيرين وهو لقمان عليه السلام.
مسوغات القول بأن لقمان هو نفسه الفيلسوف سقراط (399 ق م)
- شَكلُ سقراط. بإلقاء نظرة على تمثال سقراط والاطلاع على أوصافه يبدو الشبه الظاهر بين اشتقاق كلمة لقمان (عظيم اللقمة) وبين هذا الرجل. يمكن النظر إلى صورة تمثال سقراط هنا
- الأصل الاجتماعي لسقراط والصورة التي رسمها المفسرون لتخيلهم للأصل الاجتماعي للقمان.
- اشتهار لقمان في التراث العربي بالحكمة واشتهار سقراط بذلك حتى إن أرجح الأقوال في استخدام فيلسوف أي محب الحكمة يعود إلى سقراط، فقد قالها تواضعاً حين قيل له أنت حكيم فقال لا بل محب للحكمة (فيلسوف).
أما لماذا لَقمنَ القرآن الكريم سقراط، فمسألةُ تعريب واستخدام لغوي وتراثي على معهود العرب في خطابها ولا ريب، مثلما قالت التوراة عن رسوّ سفينة نوح على (أراراط) وقالت ملحمة جلجامش البابلية قبل التوراة عن الجبل (جبل نصير) وقال تعالى "واستوت على الجودي"
وكلها مجهولة المرجع لمن كتب في التفسير وما له إلا التخمين.
فإطلاق القرآن اسم لقمان على سقراط جائز لغة وواقعاً، ولكن مالعلاقة بين أفكار سقراط كما اشتهرت عنه تاريخيا وبين مجموعتي أقوال لقمان، الأولى التي قصها علينا الله تعالى والثانية التي دونها المفسرون من التراث العربي مما نسب إليه؟
هذا ما سنعرج عليه لاحقاً.
وكذلك تحدث القرآن العظيم عن شخصية عظيمة شغلت العالم القديم بمجمله وهي شخصية الإمبراطور الإغريقي الشاب الإسكندر الثالث المقدوني المشهور بالإسكندر الأكبر الذي ولد 356 ق م وحكم بين 336-323 ق م. وقد مكن الله له وآتاه من كل شيء سببا فأتبع سببا.
والأسئلة المطروحة الآن هي هل يمكن افتراض أن ذي القرنين شخص آخر غير الإسكندر المقدوني.؟
الجواب إن هذا افتراض مبعدٌ للنجعة للأسباب الآتية:
- أن القصة القرآنية وردت جوابا على سؤال من قبل قريش ويهود عنه. فلا يجوز التماس المرجعية الواقعية للشخصية المسؤول عنها في غير ثقافة السائلين وخلفيتهم المعرفية. فإن يهود وقريش حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقد سألوه عن الإسكندر المقدوني وهو ما سماه الشعر الجاهلي بـ "ـالصعب ذي القرنين"، فلا يجوز تغيير المرجع بسبب أن التراث الجاهلي والتاريخي قد تحدث عن صفة من صفات ذي القرنين لا تتطابق مع وصف القرآن له، تلك الصفة هي كونه موحدا أم وثنياً. فالصواب أن نصحح كونه وثنيا فقط بالقرآن لا أن نبعد النجعة فنفترض أنه شخصية أخرى مغرقة في العماء والإبهام كأنها العنقاء، فإن نصف جواب السؤال موجود لدى السائلين أنفسهم.مثلما صححنا فقلنا إن المسيح لم يصلب، بالقرآن، ومثلما قلنا أنه قد تكلم في المهد بالقرآن وهو شخصية أقرب زمنيا من لقمان ومن ذي القرنين. فنحن نصحح فقط الصفات بالقرآن لا نلغي وجود الشخصية التاريخية نفسها أو نتخيلها غير ما يعرفه الناس ويعهدونه.
سوف نحاول في وقت لاحق أن نناقش هذه الفكرة وهاتين الشخصيتين مع من أحب أن يدخل فيها من الإخوة الفضلاء في الملتقى.
والله من وراء القصد