"لا" هل هي زائدة هنا؟

إنضم
14/02/2016
المشاركات
20
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
الجزائر
بسم1

قال عز وجل:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)} [فاطر]
كثيرون على أنّ "لا" التي تسبق الكلمات "النُّور" و"الْحَرُور" و"الْأَمْوَات" هي زائدة، أي زائدة من جهة المعنى لا كحرف من حروف الكتاب، وذلك أنّهم رأو أنّ المعنى لا يتغيّر بحذفها؛ والحقيقة أنّ المعنى لا يتغيّر كليّةً ولكنه ينقص لأنّ الله عزّ وجل قد نفى إستواء الأعمى والبصير على أنهما وصفين مُرتبطين بسلامة العين ولا أهميّة لاختلاف درجات قوّتهما أو ضعفهما، فالعطف عطف صفات، فالأمر إمّا أن تكون بصيرا أو أعمى، ونفى استواء الظلمات والنور كشيئين مُختلفين ومُنفصلين فيما بينهما وبإضافة "لا" هنا إنتفى استواء الظلمات فيما بينها من درجات والنور فيما بين درجاته وتأكد إختلافهما في الجنس فالعطف عطف ذوات، ونفس الشيء بالنسبة للظلّ والحرور فإضافة "لا" أكدت اختلاف جنسهما وتعدي نفي الاستواء في درجات كلّ منهما، أما "وَمَا يَسْتَوِي" الثانية فهي للتأكيد ولبيان اختلاف مفهوم الاسواء فيما يأتي بعدها عن الاستواء في ما قبلها، فعدم الاستواء في الأولى منظور ومُشاهد وأما عدم استواء الأحياء والأموات فله جانبان جانب مُشاهد وجانب غير منظور.

وفي الجملة نجد أن الآيات فيها أن إدراك المرئيات يختلف عند اختلاف أوصاف العمى والإبصار وارتباطها بأصحابها ارتباط مباشر، ويختلف عند اختلاف الأحوال والظروف، فإدراك من في الظُلمة لا كإدراك من في النور، والنور يُقدّر بقدره فإدراك من في الظلّ ليس كإدراك من في الحرور. والله أعلم
 
بورك بكم...اسمح لي بمزيد ايضاح عن كيفية نفي لا الاستواء في درجات النور او الظلمات.... اعتقد ان الجمع كفيل بذلك وحده فافراد كل ظلمه يعني تميزها عن باقي الظلمات
و احب ان اضيف انه يتذوق التوكيد على عدم استواء الاعمى والبصير وتكرارها بين الاضاد يزيد التوكيد توكيدا
 
السلام عليكم
أود اضافة لما تفضلتم به ادراج مقتطف من مقال سبق نشره بشأن التمييز في آية الدفع بالأحسن :

توجيه الآية الكريمة

أجمع جمهور المفسرين على وجه واحد من أوجه المعاني القرآنية ملخصه أن المراد من قوله تعالى (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ) أن المقارنة هنا ونفي المساواة هو بين (الحسنة) من جهة و (السيئة) من جهة أخرى ولا شك أن هذا بديهي ولا يُنْكَرُ هذا القول ولكنه وجه بعيد وليس هو ما يبتدره ذهن المتدبر للآية الكريمة ، فالمقارنة بين الحسنة والسيئة لا شك انها تنبيء بعدم التساوي بين الاثنتين ولكن السياق ينبئنا بأمر آخر ، فلو كان القول : (ولا تستوي الحسنة والسيئة) لقلنا أن المقارنة بين الحسنة والسيئة ولكن الوجه الأقرب هو :

المقارنة بين الحسنات بأنواعها ودرجاتها مراتبها والمقارنة بين السيئات بدرجاتها وانواعها ومراتبها فالتقدير الحقيقي للآية هو (ولا تستوي الحسنة ولا تستوي السيئة) وحذفت الثانية وبقي أثرها والمراد ( لا تستوي الحسنات فيما بينها فهناك (الحسنة) وهناك (الأحسن) ولا تستوي السيئات فيما بينها فهناك (السيئة) وهناك (الأسوأ) ، وما يثبت ذلك هو ما تلا ذلك إذ أمر بالدفع بالأحسن فيقول تعالى (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وهذا وجه من أوجه التفضيل والتباين بين الحسنات من حسنة لأحسن ، والأحسن مقترن بدرجة رفيعة من الأجر لاشتمالها على الإحسان بكل معانيه السامية المتميزة ، وكذلك فالسيئات تتمايز فيما بينها وليست كلها درجة واحدة.

وبالتالي فإن التمييز في الآية الكريمة بين درجات النور ودرجات الظل ودرجات الحرور وليس بين الظل والحرور ، إلا إن عظيم إحكام كتاب الله تعالى أن من فهم الآية بغير ذلك كان فهمه أيضا متسقا لا إشكال فيه ويمكن اعتباره وجها آخرا من أوجه البيان والله اعلى وأعلم
 
عودة
أعلى