محمد الشاوي
New member
بسم1
قال عز وجل:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)} [فاطر]
كثيرون على أنّ "لا" التي تسبق الكلمات "النُّور" و"الْحَرُور" و"الْأَمْوَات" هي زائدة، أي زائدة من جهة المعنى لا كحرف من حروف الكتاب، وذلك أنّهم رأو أنّ المعنى لا يتغيّر بحذفها؛ والحقيقة أنّ المعنى لا يتغيّر كليّةً ولكنه ينقص لأنّ الله عزّ وجل قد نفى إستواء الأعمى والبصير على أنهما وصفين مُرتبطين بسلامة العين ولا أهميّة لاختلاف درجات قوّتهما أو ضعفهما، فالعطف عطف صفات، فالأمر إمّا أن تكون بصيرا أو أعمى، ونفى استواء الظلمات والنور كشيئين مُختلفين ومُنفصلين فيما بينهما وبإضافة "لا" هنا إنتفى استواء الظلمات فيما بينها من درجات والنور فيما بين درجاته وتأكد إختلافهما في الجنس فالعطف عطف ذوات، ونفس الشيء بالنسبة للظلّ والحرور فإضافة "لا" أكدت اختلاف جنسهما وتعدي نفي الاستواء في درجات كلّ منهما، أما "وَمَا يَسْتَوِي" الثانية فهي للتأكيد ولبيان اختلاف مفهوم الاسواء فيما يأتي بعدها عن الاستواء في ما قبلها، فعدم الاستواء في الأولى منظور ومُشاهد وأما عدم استواء الأحياء والأموات فله جانبان جانب مُشاهد وجانب غير منظور.
وفي الجملة نجد أن الآيات فيها أن إدراك المرئيات يختلف عند اختلاف أوصاف العمى والإبصار وارتباطها بأصحابها ارتباط مباشر، ويختلف عند اختلاف الأحوال والظروف، فإدراك من في الظُلمة لا كإدراك من في النور، والنور يُقدّر بقدره فإدراك من في الظلّ ليس كإدراك من في الحرور. والله أعلم