الآية :
(قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) سورة الحجرات 14
أخطأ بعض العلماء عندما ظنوا أن في هذه الآية دليل على التفريق بين المسلم والمؤمن . و أن المرء قد يكون مسلما و ليس مؤمنا ، فالمؤمن هو المسلم لا فرق .
فما الدليل على ذلك ؟
أولا : يجب ألا ننزع الآية من السياق ، فبعد الآية التي أدرجتها يقول تعالى ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين )
ثانيا : الله تعالى لم يقل للأعراب أسلمتم ، ولكن قال ( قولوا أسلمنا ) ، بمعنى قولوا ما شئتم من الكذب ، و دليل كذبهم قوله تعالى( إن كنتم صادقين ) ، و لا يكذب في مسألة الإيمان إلا المنافق فثبت بذلك نفاقهم و لا يمكن الحكم بإسلام المنافق .
ثالثا :قول الأعراب ( يمنون عليك أن أسلموا ) و ليس آمنوا ، أي أنهم يمنون بإسلامهم فيقولون أسلمنا ، فدل ذلك أن ( أسلمنا ) لها نفس معنى (آمنا )، ثم يوضح الله تعالى أن المن بالإسلام إنما يكون من الله فكيف تكون صورته ( أن هداكم للإيمان ) ، فالمن بالإسلام هو الهداية للإيمان ، فثبت بذلك أن المسلم و المؤمن اسمان لمسمى واحد .
رابعا : أما قوله تعالى ( لا يلتكم من أعمالكم شيئا ) فمشروطة ب ( إن تطيعوا الله ورسوله ) ، و من أطاع الله ورسوله فهو المؤمن ، فدل ذلك أن المقصود هو الأعمال التالية للإيمان إن آمنوا و ليس الأعمال السابقة له كما ظن بعض المفسرين .
فمن المؤمن و من المسلم ؟
جاء في الحديث المتفق عليه أن الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته و كتبه ورسله و اليوم الآخر والقدر ، فعرفنا أن من آمن بذلك هو المؤمن .
و جاء فيه أن الإسلام هو الشهادة و الصلاة والزكاة والصوم والحج لمن استطاع ، فعرفنا أن من قام بذلك فهو المسلم.
و الإسلام عقيدة وعمل لا تجزئ إحداهما وحدها !!
فمن آمن بما ورد في الحديث و ترك العمل فليس بمؤمن ولا مسلم .
و من أدى أركان الإسلام و لم يؤمن بما سبق فليس بمؤمن ولا مسلم .
و لم يأت أي دليل على القول أن المرء قد يكون مسلما فقط . و لما كان ذلك ساقط من الأصل بما يقتضيه معنى اللفظ ، فلا يمكن أن نرد الأصل بالظن .
____________
تتمة :
وقد دلت بعض الآثار على تفضيل استخدام لفظ مسلم في تعيين الأشخاص بدلا من مؤمن كما في البخاري وغيره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطا وسعد جالس، فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا هو أعجبهم إلي، فقلت: يا رسول الله، ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما. فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم منه، فعدت لمقالتي فقلت: مالك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما، ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا سعد إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه، خشية أن يكبه الله في النار.
في الحديث علل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم إعطاء ذلك الرجل رغم أنه أحب إليه من غيره أنه يخشى على غيره أن يكبه الله في النار ، فدل ذلك أن هذا الرجل قوي الإيمان لا يُخشى عليه الفتنة من ترك العطاء له بعكس غيرة ممن أُجزل لهم العطاء ، و رغم ذلك فقد قدم لفظ مسلم في التعيين ، و لا يستقيم أن نظن أن الرجل الذي هو أحب إلى رسول الله من غيره ليس مؤمنا ، و من ذلك يتضح قوله أو مسلما لا يعني أنه ليس الرجل مؤمنا ، ولكن يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم سعدا أن استخدام لفظ مسلم في تعيين الشخص أولى من لفظ مؤمن .
(قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) سورة الحجرات 14
أخطأ بعض العلماء عندما ظنوا أن في هذه الآية دليل على التفريق بين المسلم والمؤمن . و أن المرء قد يكون مسلما و ليس مؤمنا ، فالمؤمن هو المسلم لا فرق .
فما الدليل على ذلك ؟
أولا : يجب ألا ننزع الآية من السياق ، فبعد الآية التي أدرجتها يقول تعالى ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين )
ثانيا : الله تعالى لم يقل للأعراب أسلمتم ، ولكن قال ( قولوا أسلمنا ) ، بمعنى قولوا ما شئتم من الكذب ، و دليل كذبهم قوله تعالى( إن كنتم صادقين ) ، و لا يكذب في مسألة الإيمان إلا المنافق فثبت بذلك نفاقهم و لا يمكن الحكم بإسلام المنافق .
ثالثا :قول الأعراب ( يمنون عليك أن أسلموا ) و ليس آمنوا ، أي أنهم يمنون بإسلامهم فيقولون أسلمنا ، فدل ذلك أن ( أسلمنا ) لها نفس معنى (آمنا )، ثم يوضح الله تعالى أن المن بالإسلام إنما يكون من الله فكيف تكون صورته ( أن هداكم للإيمان ) ، فالمن بالإسلام هو الهداية للإيمان ، فثبت بذلك أن المسلم و المؤمن اسمان لمسمى واحد .
رابعا : أما قوله تعالى ( لا يلتكم من أعمالكم شيئا ) فمشروطة ب ( إن تطيعوا الله ورسوله ) ، و من أطاع الله ورسوله فهو المؤمن ، فدل ذلك أن المقصود هو الأعمال التالية للإيمان إن آمنوا و ليس الأعمال السابقة له كما ظن بعض المفسرين .
فمن المؤمن و من المسلم ؟
جاء في الحديث المتفق عليه أن الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته و كتبه ورسله و اليوم الآخر والقدر ، فعرفنا أن من آمن بذلك هو المؤمن .
و جاء فيه أن الإسلام هو الشهادة و الصلاة والزكاة والصوم والحج لمن استطاع ، فعرفنا أن من قام بذلك فهو المسلم.
و الإسلام عقيدة وعمل لا تجزئ إحداهما وحدها !!
فمن آمن بما ورد في الحديث و ترك العمل فليس بمؤمن ولا مسلم .
و من أدى أركان الإسلام و لم يؤمن بما سبق فليس بمؤمن ولا مسلم .
و لم يأت أي دليل على القول أن المرء قد يكون مسلما فقط . و لما كان ذلك ساقط من الأصل بما يقتضيه معنى اللفظ ، فلا يمكن أن نرد الأصل بالظن .
____________
تتمة :
وقد دلت بعض الآثار على تفضيل استخدام لفظ مسلم في تعيين الأشخاص بدلا من مؤمن كما في البخاري وغيره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطا وسعد جالس، فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا هو أعجبهم إلي، فقلت: يا رسول الله، ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما. فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم منه، فعدت لمقالتي فقلت: مالك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما، ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا سعد إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه، خشية أن يكبه الله في النار.
في الحديث علل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم إعطاء ذلك الرجل رغم أنه أحب إليه من غيره أنه يخشى على غيره أن يكبه الله في النار ، فدل ذلك أن هذا الرجل قوي الإيمان لا يُخشى عليه الفتنة من ترك العطاء له بعكس غيرة ممن أُجزل لهم العطاء ، و رغم ذلك فقد قدم لفظ مسلم في التعيين ، و لا يستقيم أن نظن أن الرجل الذي هو أحب إلى رسول الله من غيره ليس مؤمنا ، و من ذلك يتضح قوله أو مسلما لا يعني أنه ليس الرجل مؤمنا ، ولكن يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم سعدا أن استخدام لفظ مسلم في تعيين الشخص أولى من لفظ مؤمن .