لأول مرة pdf: الاختيار في القراءات منشأه ومشروعيته وتبرئة الطبري من تهمة إنكار القراءات

ايت عمران

New member
إنضم
17/03/2008
المشاركات
1,470
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المغرب
الرجل واسع الاطلاع، صحيح الذوق، لكن دفاعه عن الطبري هش جدا. كلام الدكتور لبيب السعيد أقعد.
هو يؤكد على أن سبب إجمال الطبري نسبة القراءات الى المدن هو أنه انتهى من تأليفه، سنة 290، قبل تسبيع ابن مجاهد ثم ينقل - ص 32 - عن الطبري نفسه تسمية الكسائي في تفسير سورة الفجر، عند {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد}.
عبارات الطبري من الصراحة بحيث يستحيل إنكار ذلك.
 
تبرئة شلبي للطبري تفريط، ونقد لبيب السعيد إفراط

تبرئة شلبي للطبري تفريط، ونقد لبيب السعيد إفراط

الإختيار الذي يشير اليه الداني (وعند كل صحبه مشهور) يشمل الأنواع الثلاثة: رفض القراءة الثابتة، التفضيل، والتوقف. النوع الأول واضح في قراءة {فتلقى آدم} وبنى رفضه لقراءة صحيحة على حجة "إجماع" القراء وأهل التأويل على توجيه التلقي إلى آدم، وليس لأنها قراءة ضعيفة السند أو مخالفة للمصحف أو غريبة في اللغة، فليس هذا توجه علم القراءات في النقد العلمي، ليس بالمعايير التي ذكرها د. شلبي في كتابه (الصفحة 37). المعيار الثاني والثالث، بالخصوص.

ويتساءل الدكتور المحترم (الصفحة 46): "والعجيب أنه بعمله قد فتح لهم - اي للطاعنين - الباب وسيعا". أقول: لا، وإن العكس هو الصحيح. نحن ننسب شبيه ذلك إلى من هم أعظم من ابن جرير، الصحابة. بل ونقيم مشروعية تعدد القراءات على "فكدت أن أعجل عليه" - أي على هشام بن حكيم - و "قرأ قراءة أنكرتها عليه" أي أنكرها أبي بن كعب. إنفعال عمر بن خطاب و نقد أبي بن كعب رضي الله عنهما، يدل على مدى حرصهم على حفظ القرآن وقراءته وترتيله. والإختيار عند ابن جرير لا يدل إلا على الحرص على حفظ القرآن، وأن معاييره تدل على هذا الحرص كما تدل على الإكثار من عناصر القوة، حيث عاش في فترة ذهبية شهدت الإزدهار في اللغة والقراءات والتفسير. تلك الفترة الزمنية بالنسبة للتسبيع، كواقعة اليمامة بالنسبة للجمع البكري. وانعدام هذا التأطير التاريخي عند الدكتور لبيب السعيد كان وراء تلك القسوة النسبية في حكمه على موقف الطبري رحمه الله.

النقد العلمي للقراءات والمصاحف، شيء تنفرد به الأمة الإسلامية فيما يتعلق بثبوت أصولها المرجعية الدينية، وليس عند الطاعنين من المستشرقين والمتطفلين والمتعصبين من الأديان الأخرى، ما يمكن تقديمه في هذا الباب، أو التنافس به.

وشكرا على الكتاب، أخي الفاضل.
 
من أفضل من كتب في الدفاع عن الإمام الطبري الدكتور زيد بن مهارش في كتابه ( منهج الإمام الطبري في القراءات وضوابط
اختيارها في تفسيره) وقد أتي فيه بأمثلة صريحة تدل على على عدم إنكار الطبري رحمه الله للقراءات وإنما قصده بذلك الاختيار والترجيح الذي لا يسقط القراءة المرجوحة حيث يقول والقراءة التي لا أستجيز القراءة بغيرها وبعدها يقول مع أن لكل منهما وجه صحيح عندي
نعم ورد عن الإمام الطبري انتقاد لبعض القراءات بل تضعيف لها وهو في ذلك معذور إذ مصطلح القراءات المتواترة لم يعرف إلا بعد تسبيع ابن مجاهد للقراءات وقد تتواتر القراءة عند قوم دون آخرين كما قرر ذلك الامام علم الدين السخاوي وغيره
وأما تصريح الامام الطبري بقراءة أحد القرّاء ونسبتها إليه فليس فيه دليل على أنها كانت معروفة في زمنه بمصطلح التواتر الذي هو في زمننا إذ نسبة القراءة إلى أصحابها معروفة قبل زمن الامام الطبري
وخلاصة القول
أن من ورد عنهم نقد للقراءات من علمائنا الأجلاء مما يترتب عليه رد للقراءة وتضعيف لها لا يوافقون عليه وهم في ذلك معذورون إنما أدّاهم لذلك دفاعهم عن القرآن الكريم وألا ينسب إليه إلا كل قراءة صحيحة لغة ونقلا حسب نظرهم ولهذا نجد كثيرا من العلماء ممن ينتقدون قراءات في موضع يدافعون عن غيرها في موضع آخر مثل أبي جعفر النحاس وغيره فهم في ذلك مأجورون إن شاء الله وينبغي على من ينتقدهم في ذلك التأدب معهم فلا يرميهم بالطعن في قراءة متواترة ولما يكن تواتر بعد!
أو يجعلهم في خانة المستشرقين والطاعنين في القرآن
( وفوق كل ذي علم عليم)
 
عجيب!
لم ينكر بل إنتقد، يعني لم يذهب بل انصرف.
الإختيار والترجيح، يعني ملتقى أهل التفسير وملتقى القراءات (فيه).

إختلف عمر مع هشام في قراءة سورة الفرقان، ووقع لابن مسعود قصة شبيهة في قراءة آل حم، وأنكر أبي بن كعب قراءتين، واختلف طلحة مع ابن عباس في قراءة {في عين حميئة}، ثم يأتي من يعبث ويتلاعب بالألفاظ أن ابن جرير لم يختلف لم ينتقد لم يضعّف لم ينكر ولم ولم. مع أن المسألة لا تستحق كل هذا التهويل. صحابي يختلف ينتقد ينكر، وتقرير النبي (ص) يضع الامور في نصابها. قراء يختلفون ينتقدون ينكرون، و أرث النبي (العلم) ينتصر لهم أو عليهم حسب الأصول المنقولة والمتواترة والمتفق عليها. فما الإشكال، أو ما الحاجة إلى ما يسمى الدفاع عن الطبري ؟

والقول أن الطبري معذور لأن مصطلح ما يسمى القراءات المتواترة لم يكن إذ ذاك إشتهر بعد، كلام بلا معنى إلا "تلاعب ألفاظ"، فالمصطلح قيمته علمية تواصلية، لا قيمة عملية. والتسبيع لم يأتي بجديد إلا على المستوى العلمي، ولا أعرف من يدّعي غير ذلك إلا بعض المستشرقين مثل هذا الأحمق الذي يرى أن بإمكان الباحثين المسلمين الاستفادة من نقد الباحثين المسيحيين لنصوصهم المقدسة!(غباء يضحك الثكلى)؛ نكرة يقحم نفسه فيما لا يحسنه ولا حتى يعنيه يظن أن التسبيع "سلطة معرفية"، وكأن للمسلمين كنيسة تشرع كتابا لا يُعلم له أصل ولا فرع، ثم تضفى عليه القدسية. سقطة الإسقاط، لا يقع فيها إلا من يقرأ تراث غيره وهو لا يستطيع أن يتحرر من ذاتيه أثناء عملية القراءة. ليس لأن التسبيع كعلم جديد، معنى هذا أن مادة هذا العلم أيضا مستحدثة، فالمادة كانت، كما كان التفكير المنطقي عند الناس قبل أن يقعده دارماكيرتي الهندي أو يؤصله أرسطو المقدوني. فالتسبيع إذن حادث من حيث التأصيل لا من حيث مادته المعرفية، وإلا فإن لأعلام القراءات قبل التسبيع أسس ومعايير، مثلما هو الحال عند ابن عامر بقوانينه الثلاثة في تقرير القراءة: الاعتماد على السند، موافقة المصحف، و موافقة العربية. وأبو عمرو بنى اختياراته على أسس هي: اتباع اكثر الائمة، موافقة المصحف، موافقة الوجه الاقوى في العربية، الاعتماد على النظام الداخلي للقرآن، والإعتماد على الأحاديث. وحمزة إعتمد في تقريره للقراءات على السند، وموافقة المصحف والعربية، واجتناب التكلف والإفراط في المد ونحو ذلك. وأيضا للطبري معاييره، وغيرهم من القراء قبل التسبيع.

لم أقرأ كتاب الدكتور زيد، لكن قلت إن الإختيار عند الطبري يشمل الأوجه الثلاثة: 1) الإنكار أو النقد، مثلا في قراءته للآية {فتلقى آدم من ربه كلمات} و {إلا أن تكون تجارة حاضرة} و {وإن تلووا أو تعرضوا} إلخ؛ 2) التفضيل أو الترجيح، مثلا في قراءته للآية {وهم من فزع يومئذ} حيث يفضل قراءة الإضافة؛ ثم 3) التوقف أو التسوية، مثلا في قراءته للآية {وكل أتوه داخرين}.

فهل ناقش الدكتور موقف الطبري من تلك الآيات، أم خلط بين مستويات الإختيار، أم يفصح عن تناقضه إن كان هو من أعذر الطبري بحجة حداثة المصطلح، لأن التضعيف أو "الشاذ" كمصطلح أيضا مستحدث؟
 
الأستاذ محمود بن سعيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
فإني لم أقرأ الكتاب الذي أرفقتموه، لكني قرأت بنفسي كتاب الدكتور لبيب السعيد، وعدت إلى كل المواضع التي ذكرها في تفسير الطبري بتحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، بمعنى: بعد دلالة الدكتور لبيب السعيد بإمكاني أن أقول قال الإمام الطبري، دون الإسناد إليه. كما قرأت الكتاب المرفق في هذه الصفحة وعشرات المقالات في الدفاع عن الطبري وخلصت إلى ما يلي، بادئا بالخلاصة نفسها:
الدفاع عن حكم الطبري على القراءات في تفسيره ليس صعبا، بل مستحيل، إلا أن يكون الكتاب غير صحيح عنه، أو يكون التحقيق غير موفق.
ركز الدافعون عن الطبري على نقطة تؤول إلى الطعن في الطبري نفسه؛ قالوا بأن حكمه على القراءات جاء قبل تسبيع ابن مجاهد أو قل قبل تمايز القراءات. وهذا القول الخاطئ يعني - ومعاذ الله أن يقول بذلك محمد الحسن بوصو - أن احترام القراءة يتوقف على ابن مجاهد أو على التسبيع أو قل التأليف، وأن الطبري فرَّط لما مات قبل تسبيع ابن مجاهد، إذ كان عليه أن يعيش بعد ذلك ويستفيد من التسبيع ليعدِّلَ أحكامه على القراءات في تفسيره. وهذا يعني أنه كان مثل عامة المسلمين في القراءات، لكنه يختار فيها.
المعروف أن الطبري من الطبقة الأذكى والأوسعِ معرفةً في تاريخ الإسلام كله، يتمتع باحترام لاحدود له، ومع ذلك يقول عنه الدفاع - ومعاذ الله أن يقول ذلك محمد الحسن بوصو - أنه يعرف القراءاتِ والمدنَ التي تقرأ بها، ولكنه لا يعرف كيف ينسب القراءةَ إلى رجل بعينه، إنما يعرف ذلك ابن مجاهد، وقد انتظر أن يسبع ابن مجاهد ليعرفهم، لكن ابن مجاهد تأخر في التسبيع إلى توفي رحمه الله، ولو علم بالقراءات التي أوردها ابن مجاهد لعرف كيف ينسب القراءات إلى القراء ولعيَّنَهُم في تفسيره على نحو ما فعله المتكلمون في القراءات، لكن قدر الله وما شاء فعل !!!
يُخيل إليَّ أن هذا الدفاع عن أمي، وليس عن الطبري، الذي لا يوجد في الإسلام من سابقيه معتبرٌ في الدين أو وفي الدنيا إلا ويعرفه بتفاصيل لا يفوقه عليها عصريٌّ له.
ولو قالوا "الإجمال منهجه، لأن الكتاب ليس كتاب قراءات" لكان على وجازته أقرب للصواب.
ولو قالوا: "نعم ! طعن الطبري في القراءات، لكن ذلك كان خطأ منه، لذلك ترك جميع المسلمين خطأه هذا، وعملوا بصوابه الكثير" لكان مُريحا وغير مُستفِزٍّ.
وأخيرا أشكركم على الموعظة الحسنة التي تفضلتم بها بخصوص احترام العلماء، وحسنا فعلتم
 
موقف الطبري هو آخر موقف "علمي"[بقي في كتاب] من القراءات لأن الناس اتجهوا منذ المئة الرابعة إلى فهم قول الله تعالى "إنّا نحنُ نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" أي لحافظون له عندكم بدل "عندنا" أي عند الله تعالى كما ورد الطبري في تفسيره هذا الفهم عن مجاهد وابن جريج. ولأنهم ظنوا أن القراءات متواترة في حين أن المتواتر هو المصحف وما أجمعوا عليه من صور القراءة. أما القراءات منفردة فهي متواترة عن القراء الذين اختاروها مما عُلِّموا وليست بمتواترة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقد كان اتجاه الناس قويا أدى إلى انقراض موقفي ابن شنبوذ بفتح النون رغم أنه عالم جليل القدر جدا.
وبحسب فهمي المتواضع للأمر لم أجد من يفوق ابن جرير رحمه الله في موقفه من القراءات. وهؤلاء الذين ألفوا في الدفاع عنه انطلقوا من صحة موقف مخالفيه لا من صحة موقفه.
وبرغم أن الأمة كلها اليوم على خلاف موقفه إلا أن موقفه هو الأقرب لصواب المسألة لأنه لم ينطلق من مسلّمات كان للتقليد دور في شيوعها. وليس غريبا أن يشيع أضعف الآراء ويطمس أصحها فلدينا أكثر من مثال في الفقه والكلام واللغة. فالسنّة مثلا في وضع اليدين هي الصلاة مرسلا لكن الذي شاع منذ المئة الثالثة أن يصلي الناس واضعي الأيمان على الشمائل لأنهم لم يفهموا من نهي النبيّ صلى الله عليه وسلم عن "الخصر" او "الاختصار" أو "التخصر" في الصلاة أنه نهي عن الوضع في حين أن وضع الأيمان على الشمائل هو فعل يهود وكان نهيه صلى الله عليه وسلم عن الخصر/التخصر/الاختصار في الصلاة أنه فعل يهود!
وقد كان أكابر الفقهاء في المئة الثانية كمالك والليث والأوزاعي والنخعي وقبلهم الحسن البصري يصلون مرسلين لا واضعين.
فلأمرٍ ما يقتنع الناس بفهم معين ثم يسود هذا الفهم على غيره من الفهوم حتى يحصرها في زاوية ضيقة، وقد حصل مثل هذا لمذهب بن جرير في القراءات فبرغم أنه أصوب المذاهب إلا أنه اليوم أغربها.
وبرغم أن مؤلفين كباراً في القراءات قد اقتنعوا في أعماقهم بصحة موقف ابن جرير إلا أنهم بم يجرؤوا بحكم روح العصر أن يجهروا بصحة موقفه.
والله أعلم.
 
واد ابن جربر الطبري رحمه الله، وواد عبد الرحمن الصالح حفظه الله

واد ابن جربر الطبري رحمه الله، وواد عبد الرحمن الصالح حفظه الله

الدكتور عبد الرحمن الصالح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
فيؤسفني هذا المنطق الذي عكفت عليه في جميع مشاركاتك حول القراءات القرآنية. وحيث أنه معلوم لديك أن موقفي من القراءات القرآنية تنافي موقفك منها على طول الخط فإن إعادة ذلك مما أعتبره فتحا لباب المراء، والمراء، كله، شر.
إلا أنه من باب النصيحة المتوجبة لك عليَّ أنبه حضرتك إلى أني لا أعرف من تناصر، ولكنك لا تنصر مذهب ابن جرير الطبري في الطعن في القراءات، ولا يوجد ما يجمع علتك بعلته.
أنت تتحدث عن التواتر، عن تدخل الساسة، عن طغيان التقليد، عن تيه الجهل، عن الخلل في المنطق العام،عن اشتمال القرآن على المتواتر لفظا، وفوق الصحيح دون المتواتر، والمأذون فيه، والاجتهاد، وابن جرير يطعن في القراءات خارج دائرة هذه الاعتبارات كلها، يطعنها لسببين اثنين: المعنى والقياس اللغوي بغض النظر عن التواتر وعدم التواتر.
 
ما ثمرة البحث في موقف الامام الطبري من القراءات القرانية في وقتنا المعاصر؟
هل لهذا البحث علاقة بالبحث الاستشراقي في القراءات القرانية و ما مدى هذه العلاقة؟
الهدف من السؤال فهم الموضوع.
جزاكم الله خيرا
 
أختنا زمزم؛
نعم: له علاقة بالإستشراق، كما له علاقة بفرضية علمية تحاول التوسط بين الرؤية الإسلامية والرؤية الإستشراقية، أقصد رؤية الأخ الأستاذ عبدالرحمن الصالح في محاولة التقريب بين من يسميهم "المتطرفون شفاهيا" و "المتطرفون كتابيا" من خلال فرضية "المتواتر إحتمالا والمتواتر قطعا". ولعل سبب تكرار الأستاذ الصالح لموقفه من القراءات - الشيء الذي لاحظه شيخنا محمد الحسن بوصو - هو إغلاق شريط الحوار في هذه الفرضية التي تفتقر إلى أدلة علمية لقبولها. أظن، والله أعلم، أنه لو لم يغلق الحوار لتمركز الكلام حول هذه الفرضية في شريط واحد.

شخينا محمد الحسن بوصو؛
لدي سؤال لك، بارك الله فيك.
قرأت كلاما لسيدي محمد بن عبدالسلام الفاسي (تـ. 1214) يقول فيه: "وإني ممن يعتقد وجوب إثبات التواتر في القرآن والقراءات معا، وبطلان دعوى المخالف، فأما أبو محمد المكي فتبعه أبو شامة، وإلى رأيهما جنح ابن الجزري في نشره، وقال في طيبته: وكل ما وافق وجه نحو * وكان للرسم احتمالا ..، واعترض كلامه تلميذه أبو القاسم النويري في شرح الطيبة قائلا: هذا قول حادث مخالف لإجماع الفقهاء والمحدثين".

أشكل علي فهم هذا النص إذ لا أدري لماذا ميز بين القرآن والقراءات، حيث اشترط التواتر للقرآن والقراءات معا. ولا أدري كيف أفهم دعوى الأستاذ الصالح في قوله (موقف الطبري هو آخر موقف "علمي"[بقي في كتاب] من القراءات) في ضوء كلام سيدي عبدالسلام الفاسي، وفي ضوء موقف الشيخ علي النوري الصفاقسي من القراءات. أنفهم من هذا الكلام أن الجزري لم يميز بين القراءة المتواترة والقراءة الصحيحة التي تلحق بالمتواترة والقراءة الصحيحة التي لا تلحق بالمتواترة والقراءة الصحيحة الشاذة والقراءة الشاذة ؟
 
الأستاذان الكريمان محمد الحسن وشايب أعزكما الله تعالى:
الأخ محمد الحسن: لا والله ما دخلت للمراء ولا أزكّي من نفسي على الله تعالى ولكني لا أشعر أن لي في المراء حاجة، مع من لا أودّ فكيف بمن أودُّ وأُجِلُّ؟!
بل إني لأزهدُ في التعليق لمجرّد التعليق أو المرور لتسجيل الحضور كما يقال ولكني رأيت موضوعا يستحثني على مشاركة من أودّ في التفكير فيه فدخلت. وأنا - العبدَ لله تعالى- لا أنكر تعصبي لابن جرير وحبّي الشديد له.
عندما كنت في وسط التعليق تذكرت ما قاله الأستاذ محمد الحسن حفظه الله "أنه معلوم لديك أن موقفي من القراءات القرآنية تنافي موقفك منها على طول الخط"، وهممت حفاظا على مودته وخشية إحفاظه أن لا أرسل التعليق لكني اعتمدت على سعة صدره وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضية فأرسلت التعليق. ولو علمتُ أنه يسوءه أنّ لي رأيا يخالف رأيه لاختبأت منه خلف شاشة الحاسوب!

وقد أطاعك من أرضاك ظاهرُه . وقد أجلّكَ من يعصيك مستترا

وفي الجانب العلمي في المسألة فإن موقفي من القراءات القرآنية الذي تراكم في سنين طويلة لا يخرج عن موقف ابن جرير في شيء. والحديث هاهنا عن الموقف بصورته العامة لا عن أفراد المواقف فابن جرير قد يرجّح قراءة على قراءة ولا يقنعنا في ترجيحه مثلما أنه رجح معنى على معنى في تفسيره فلم نستطع أن نقتنع بترجيحه، كما فعل في اختيار أن{الذي بيده عقدة النكاح} هو الزوج بدل الوليّ(!).
وسبب تحسس الناس - أو بعضهم- من هذا الموقف في القراءات ذهاب ظنهم إلى أنه ينافي أو يصادم أو -على الأقل - ينافي تعهد الله تعالى بالحفظ لجميع القرآن العظيم حتى بالروايات التي قبلها الناس لأسباب تاريخية ثم علمية [أو علمية ثم تاريخية وليس سواهما معاً]. وعسى أن تكشف الأيام لنا ذات يوم العثور على نسخة من كتاب ابن جرير الكبير في القراءات فيحسم الأمر في تجلية رؤيته إذ لا بد أن فيه تعليقات وآراء لم يتضمنها تفسيره.
وهذا الموقف على الرغم من أنه لا يماشي عواطف الناس إلا أنه يردّ الاعتبار لحروف كثيرة من القرآن لم يتمكن المذهب الآخر (الشائع) من المحافظة عليها. وضربتُ على ذلك مثلا وهو قراءة ابن محيصن{لكل امرئ منهم يومئذ شأن يعنيه} بالعين المهملة فلو قرأ بها أحد في الصلاة لقال الظانّون بتواتر العشر وشذوذ ما سواها إن هذا المصلي قد قرأ بالشاذّ وإنّ صلاته لا تجوز وإن الإعادة خلفه أسلم، في حين أن من ذهب مذهب ابن جرير ، كما فعل صاحب هذا التعليق، سيعدُّ هذا القارئ قد قرأ بحرف صحيح لا شذوذ فيه وإن لم تحوه الكتب التي اختار مؤلفوها لسبب عمليّ قبول قراءة ما من أولها إلى آخرها أو رفضها من أولها إلى آخرها لأنه لم يمكن في وقتهم من الناحية العملية ردّ حروف معينة فقط من قراءة معينة وقبول البواقي. (وإن كنا لا نحب أن يقرأ إمام بما يستفز الناس ويشغلهم عن صلاتهم).
ولكن الإخوة يزيد استغرابهم إذا أضفنا أن هذا الحرف "يعنيه" قد يكون أصحّ في الواقع من بعض الحروف المفردة في قراءات لا يحسن أكثر الناس غيرها مما انفرد أصحابها من الرواة بها عن سائر القرّاء.

الأخ شايب: يبدو لي أن الشيخ عبدالسلام قد أعلن إيمانه بذلك وأحسن رد عليه قول صديقنا الدكتور السالم الجكني حفظه الله تعالى ورعاه "إن التواتر هو من مصطلحات المحدّثين ومن صفات الأخبار وإنه لا حقّ للقراء أن يستخدموه في غير ما وضع له"، فهو قول في غاية الدقة وفيه تلميح إلى تضعيف مذهب من ذهب إلى ادعاء التواتر في مفردات الحروف ومختلِف الفرش لمجرد أنه يوافق فهمه لقوله تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}

وبعد فإذا كان لما نقوله وجه في العلم فإنا نحمد الله تعالى عليه وإذا كان ظاهر البطلان أو راجحه فإنا نعتذر من الإخوان ونعوذ بالله من الخذلان

والله من وراء القصد
 
سيدي الدكتور عبد الرحمن الصالح ! كلامك جميل ورائع، واﻷجمل هو وضوح موقفك وثباته بغض النظر عن صحته وخطئه.
اعلم سيدي أنه تم ذكر المراء على صورة تعليل لعدم إعادة تبيين موقفي وموقفك من القراءات القرآنية، وليس على أن حوارك أو سابقتك أو أخلاقك كذلك. لعلي لم أحسن التعبير لكن الغرض من ذكره هو هذا.
ومع أن بإمكانك إعادة قراءة الجملة في المشاركة أعلاه إﻻ انه حرصا على راحتك فقد اقتبستها هنا على طريقتي:
"وحيث أنه معلوم لديك أن موقفي من القراءات القرآنية تنافي موقفك منها على طول الخط فإن إعادة ذلك مما أعتبره فتحا لباب المراء، والمراء، كله، شر"
 
مسألة في بيان تواتر القرآن والفرق بين القرآن والقراءات للقيجاطي

مسألة في بيان تواتر القرآن والفرق بين القرآن والقراءات للقيجاطي

أشكل علي فهم هذا النص إذ لا أدري لماذا ميز بين القرآن والقراءات، حيث اشترط التواتر للقرآن والقراءات معا.
وللشيخ الأستاذ المقرئ الخطيب البليغ الإمام أبي عبد الله محمد بن محمد بن علي الكناني المعروف بالقيجاطي في معنى ما تقدم مقالة مفيدة رأيت إثباتها هنا حرصا على مزيد فائدة، نصها: مسألة في بيان تواتر القرآن والفرق بين القرآن والقراءات، وهي مسألة جليلة خطيرة شهيرة عند أهل العلم بحيث لا تخفى، وقد خفيت على كثير من المتأخرين فاعتقدوا الأمر على خلاف ما هو عليه لجهلهم بعلم صناعات القراءات، فضلوا وأضلوا، وأثبتوا من القراءات الصحيحة المعمول بها المجمع عليها بعضا من كل، وسموا ما أثبتوا من ذلك بالقراءات السبع، واعتقدوا فيما أثبتوه من ذلك أنه القرآن المتواتر وأن ما خرج عنه شاذ متروك، وهي قاصمة ،أعاذنا الله منها، والقرآن المتواتر عند علماء الإسلام غير القراءات، ومن وقف تواتر القرآن على تواتر القراءات فهو جاهل بالقرآن وبالقراءات وبما أجمع عليه العلماء، ويلزمه عدم تواتر القرآن لزوما لا انفكاك له عنه؛ لإجماع أئمة المسلمين على أن طرق نقل القراءات إنما هي الأسانيد الصحيحة ... ينظر تمامه في المعيار المعرب للونشريسي وينظر أيضا كلام ابن لب وغيره من العلماء..
 
عودة
أعلى