لأقوياء الملاحظة في النحو

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع أبو علي
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

أبو علي

Member
إنضم
04/09/2003
المشاركات
382
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
كثيرا ما نسمع المشككين في بلاغة القرآن يتهمون القرآن بالأخطاء النحوية وغيرها ، ولقد جاؤوا عند قوله تعالى في سورة المائدة :
إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخروعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
وقفوا عند كلمة ( الصابؤون) واعتبروها خطئا نحويا، إذ يجب أن تقرأ وتكتب ( الصابئين) لأنها منصوبة بحرف ( إن) لأنها اسمها.
المفسرون لم يعطوا تفسيرا يزيل ذلك الإلتباس، لكننا يمكننا الوصول إلى معرفة سبب ذلك إذا دققنا الملاحظة.
عودوا إلى الآية 69 من سورة المائدة وتدبروها جيدا ستجدون إذا كنتم أقوياء الملاحظة أن الصحيح هو أن تقرأ وتكتب ( الصابئون)
والخطأ أن تقرأ وتكتب ( الصابئين).
بانتظار ملاحظاتكم.
 
الأستاذ أبا علي
ستجد تحريج هذا تحت:

جمع أبو بكر الصدّيق - رضي الله عنه - القرآن مشتملاً على سبعة الأحرف التي أذن الله بها للأمة في التلاوة بها ، ثم كان لكثير من الصحابة مصاحف وكذلك التابعين ، وفيها ماصح سنده وثبتت تلاوته ووافق العربية ، ولكن اختلف بعضها عن بعض ، حتى كان المعلم يعلم تلاوة الرجل ، والمعلم يعلم تلاوة الرجل ، فجعل الغلمان يتلقون فيختلفون ويختلف القراء من اهل العراق والشام ، وهذا الاختلاف أغضب حذيفة ، رضي الله عنه ، حتى احمرّت عيناه ، ففزع إلى عثمان ، رضي الله عنه ، فشرح الله صدره لجمع القرآن ، فجمع الأمة على حرف واحد ورسم واحد ، ما عدا اختلافات أحصاها المشتغلون بالدراسات القرآنية ، وكا خاليًا من النقط والشكل ، ثم بعث بالمصاحف إلى الأمصار ، وأمر أهل كل مصر أن يقيموا مصاحفهم على المصحف المبعوث إليهم ، فأصبحت قراءة كل مصر تابعةً لرسم مصحفهم . وقد منع عثمان - رضي الله عنه - القراءات بما خالف خطها ، وساعد على ذلك زهاء اثني عشر من الصحابة والتابعين ، واتبعه على ذلك جماعة من المسلمين بعده ، وصارت القراءة عند جميع العلماء بما يخالفه بدعة وخطأ ، وإن صحت ورُويت ، كما في ( الإبانة )لمكي.
وليس لنا إلى إنكار شيء من القرآن من سبيل ، بعد هذا الرسم الذي أجمعت عليه الأمة ، وأصبحت القراءة بما يخالف الرسم ، وإن وافق العربية وصح سنده ، كالذي جاء في مصاحف الصحابة والتابعين ، شاذةً ، لكونها شذت عن رسم المصحف الإمام المجمع عليه ، فلا تجوز القراءة بها ، لا في الصلاة ولا في غيرها. وذكر القرطبي 17/208 أن عليًا - رضي الله نه - قرأ : ( وطلع منضود ) بالعين ، وقرأ : ( ونخل طلعها هضيم ) وهو خلاف المصحف ، وقرئ بين يديه ( وطلح منضود ) فقال : وما شأن الطلح؟ إنما هو ( وطلع منضود ) ، ثم قال : لها طلع نضيد ، فقيل له : أفلا نحولها ؟ فقال : لا ينبغي أن يُهاج القرآن ولا يُحوّل. فاختار هذه القراءة ، ولم يرَ إثباتها في المصحف ، لمخالفة ما رسمه مجمع عليه ، وقدذكر بعض المستشرقين ( جولدتسيهر)في ( مذاهب التفسير الإسلامي ) أن سبب اختلاف القراءات هو أن الخط العربي الذي كتب به المصحف كان خاليًا من النقط والشكل ، وهذا ما أدى إلى الاختلافات النحوية والمعنوية.ورأيه هذا يهدم النقل عن الأئمة القراء ، وينكر صلة هذه القراءات بالسند عن رسول الله ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
في تأويل مشكل القرآن ص50 لابن قتيبة ، رحمه الله : باب ما ادُّعي على القرآن من اللحن
ذكر فيه حديث عائشة وحديث عثمان ، رضي الله عنهما ، في اللحن في القرآن والخبران فيهما إرسال ، ففي خبر عثمان عن قتادة عن عثمان ، ولا يُعرف من بينهما ، وفي خبر عائشة لا يُعرف حال مَن دون هشام بن عروة من الرواة ، وقد شكك الباقلاني في ( الانتصار ) 2/533 في الخبرين ، على أن هشام بن عروة ثقة فقيه ربما دلّس .
وقال الزمخشري في ( الكشاف ) 1/582 : " ولا يُلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنًا في خط المصحف ، وبما التفت إليه مَن لم ينظر في الكتاب ، ولم يعرف مذاهب العرب ، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان ، وغُبّي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدَّها من بعدهم ، وخرْقًا يَرْفُوه من يلحق بهم ".
والمفسرون - رحمهم الله - لم يغفلوا تخريج هذه الآية ، ولا غيرها ، وقد ذكر السمين في ( الدرّ ) 4/353-362 تسعة أوجه لتخريج الرفع في آية المائدة ، أرى أن أوجهها رأيان : الأول : قول جمهور البصريين سيبويه والخليل وأتباعهما أنه مرفوع بالابتداء ، والنية به التأخير ، والخبر محذوف لدلالة خبر الأول عليه . قال سيبويه :" وأما قوله ، عزّ وجلّ ( والصابئون ) فعلى التقديم والتأخير ، كأنه ابتدأ على قوله ( والصابئون ) بعدما مضى الخبر " والتقدير : إن الذين آمنوا والذين هادوا .... مَن آمن .. والصابئون كذلك ، كما تقول : إن زيدًا وعمرٌو قائم . قال ضابئ البرجمي :
فمن يكُ أمسى بالمدينة رحله *** فإني وقيارٌ بها لغريبُ
والثاني : أنه معطوف على محل اسم ( إن ) لأنه قبل دخولها مرفوع بالابتداء ، فلما دخلت عليه لم تغير معناه ، بل أكدته ، و ( إن ) تخالف أخواتها في أنها لا تغيّر معنى مدخولها ،بل
تؤكده فقط ، أما غيرها فتنقل الخبر إلى غير الخبر ، فـ ( كأنّ ) تنقله إلى التشبيه ، و ( ليت ) إلى التمني ... وهكذا ، وأنت إذا قلت : زيدٌ قائمٌ صلح في جوابه صدق وكذبَ ، وإذا قلت : ليت زيدًا قائم ، لم يُقل فيه صدقَ ولا كذب ، ومثلها : لعل ، وكأنّ . أما ( إن ) فإنها تؤكد المعنى لا غير ، فلا فرق بين قولك : إن زيدًا قائم ، وقولك : لزيد قائم ، إلا تأثير اللفظ ، ولا حظ له في المعنى. وهذا نص عليه ابن أبي الربيع في ( البسيط ) في باب ( إن ) ، وذكره ابن قتيبة في ( تأويله ) .
ويجدر بالذكر أن أُبيًّا وعثمان بن عفان وعائشة - رضي الله عنهم - والجحدري وسعيد بن جبير - رحمهما الله - وجماعة كانت قراءتهم : والصابئين.
 
أخي الأستاذ خالد الشبل
شكرا لمداخلتك وبيان ما قيل في إعراب ( الصابؤون).
في الحقيقة أن هذه المسألة الإعرابية ومسائل أخرى في القرآن طرحها النصارى العرب في موقع لهم نقلها أحد الإخوة إلى منتدى إسلامي.
وبالرجوع إلى التفاسير لاحظت أن المفسيرين لاحظوا فقط الإعراب في ( الصابؤون) ولم ينتبهوا إلى ما هو أهم من ذلك ألا وهو التوكيد بحرف ( إن).
والتوكيد لا يكون إلا لمن يستحق التوكيد، فإذا كنت تخاطب إثنين أو ثلاثة من أصدقاءك وتريد أن تخبرهم بشيء يخصهم فهؤلاء فقط هم الذين يحتاجون أن ( تأكد) لهم الخبر أما من لم يكن حاضرا فلا يحتاج خبره لتوكيد .
إذن فالمخاطب هو الذي يحتاج للتوكيد، وبالرجوع إلى ما قبل الآية 69 من سورة المائدة نجد ما قبلها من آيات تخاطب الذين آمنوا وتخاطب أهل الكتاب وتتكلم عن الذين آمنوا وعن أهل الكتاب،
فكم مرة وردت (يا أيها الذين آمنوا) وكلام كثير عن اليهود والنصارى إلى أن قال تعالى في الآية 68 ( قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل).
إذن فالكلام والخطاب قبل الآية 69 موجه فقط للذين آمنوا ولأهل الكتاب = الذين هادوا والنصارى ، فهؤلاء فقط هم الذين يحتاجون للتوكيد ،
أما الصابئون فلم يكن الكلام عنهم ولا الخطاب كان موجها إليهم، فهؤلاء (الصابئون) لا يحتاجون للتوكيد بإن ، إذن فمن الصواب أن يأكد ل( الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى) ومن الصواب أن ترفع ( الصابئون) بالواو لأنها لا يشملها التوكيد بحرف التوكيد والنصب ( إن).
 
الأخ " أبو علي " حفظه الله من كل سوء

كيف تكون كلمة " الصابؤون " مرفوعة ؟

هل من الممكن أن تــغير مواضع الكلمة في الجملة حتى تـُفهم أكثر ؟

وهل هناك ما يشهد لصحة كلامك من القرآن أو كلام العرب ؟
 
حفظك الله وسلمك من كل مكروه.
من هم الصابئون؟
سبق ذكر هؤلاء في سورة البقرة في آية مشابهة لآية سورة المائدة وتكاد تكون كأنها نفس الآية مكررة إلا أن في آية سورة البقرة جاءت كلمة ( الصابئين) منصوبة بياء جمع المذكر السالم لأنها منصوبة بحرف التوكيد والنصب ( إن) ، وجاءت ) معطوفة على كلمة ( النصارى ، بينما في آية سورة المائدة جاءت كلمة ( الصابئون ) مرفوعة بالواو وعطفت عليها ( النصارى).
لماذا تم توكيد كلمة (لصابئين) في سورة البقرة ب (إن) ولم تؤكد في المائدة؟
لأن سورة البقرة تعتبر ملخصا للقرآن ، والخطاب موجه لكل الناس في قوله تعالى : يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) ، وسورة البقرة بينت للناس القصة التي تهم كل الناس ألا وهي قصة خلق الإنسان واستخلافه في الأرض من بعد أن مر بتجربة إغواء الشيطان، إذن فهي سورة تبين الهدى لكل الناس
الذين يبحثون عن التقوى ( هدى للمتقين) فكان من الحكمة أن تتناول سورة البقرة كل سبل التقوى.
نعود إلى آية سورة البقرة لنعلم من هم الصابئون ،
قال تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) الآية 62 البقرة.
لو كان الصابئون هم الذين كانوا يعبدون الكواكب والنجوم كما قال بعض المفسرين فكيف نقول في البوذيين من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا؟ وماذا عن الهندوس والبراهمانيين والهنود الحمر وغيرهم من أمم الأرض؟ أليس هؤلاء ناس؟ ألا يكون جزاء كل إنسان آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا هو : أجره عند ربه ولا
خوف عليه ولا هو يحزن مهما كان هذا الإنسان!!
إذن فالناس قسمان :
منهم من ينتسبون إلى دين سماوي لهم كتب سماوية وهؤلاء هم:
الذين آمنوا ( أهل الكتاب ) :القرآن)
والذين هادوا والنصارى ( أهل الكتاب) : التوراة والإنجيل.
والقسم الثاني من الناس لا ينتسبون لأي دين سماوي ليسوا أهل كتاب، وهؤلاء هم المعبر عنهم بكلمة ( الصابئين) ، فالبوذيون والهندوس والوثنيون وكل شعوب العالم التي لا تنتسب إلى الإسلام ولا إلى اليهود ولا إلى النصارى تعتبر صابئة.
أكتفي بهذا وسأعود لأجيب عن سؤال أخي ( أخوكم) متى أصلحت
جهاز حاسوبي .أخي (أخوكم) .
 
الأخ * أخوكم*
في كلام كل الناس وليس فقط في كلام العرب لا يخص الذكر والتوكيد إلا الأولى به . مثلا:
المعلم أو الأستاذ يتوجه إلى تلاميذه قبل الامتحان قائلا:
إن الطالب المجتهد الذي يذاكر دروسه هو الذي سينجح في الاختبار.
لا شك أن المعني بتوكيد الكلام هو الطالب المجتهد وليس الطالب الكسول، مع العلم أن الطالب الكسول إذا اجتهد وذاكر دروسه ينجح هو الآخر. فإذا أراد الأستاذ أن يتكلم عن التلميذ الكسول بعد ذلك فإنه يقول : والتلميذ الكسول إذا ذاكر دروسه جيدا ينجح,
مثل آخر:
رئيس الدولة أو الملك إذا أصدر أمرا بأنه سيعاقب كل من يخالف دستور البلاد، من هم الذين أولى بعدم مخالفة الدستور؟
لا شك أنهم الوزراء والمقربون والذين هم على رأس الدولة هم أولى بعدم مخالفة الدستور ، وهؤلاء هم أولى بالتوكيد.
لنعد إلى الآية : إن الذين آمنوا والذين هادوا) التوكيد هنا للذين أوتوا الكتاب( القرآن) وللذين أوتوا الكتاب( التوراة) ، هؤلاء وهؤلاء كتبهم تأمرهم بالإيمان بالله واليوم الآخر وعمل الصالحات، وهو تذكير بإيمان الفطرة، والإنسان بفطرته السليمة حتى ولو كان ليس من أهل كتاب ( صابئ) إذا استعمل عقله استعمالا سليما فإنه يهتدي إلى أن هذا الكون له خالق وأن الموت ليس هو نهاية كل شيء بل لا بد أن بعده يوم آخر يحاسب فيه الإنسان على ما قدم في حياته الدنيا.
أما النصارى فإنهم خالفوا إيمان الفطرة وخالفوا التوراة التي هي كتابهم مثل ما هو كتاب اليهود والله في زعمهم هو المسيح. إذن فالإيمان بالله واليوم الآخر أقرب إلى الصابئ من النصراني لأن الصابئ مازالت فطرته سليمة إن هو استعملها أما النصراني فاعتقاده في المسيح ناقض به ما فطره الله عليه، ولذلك جاءت كلمة ( الصابؤون) قبل كلمة ( النصارى) في آية سورة المائدة.
نستخلص من آية سورة المائدة أن التوكيد (للذين آمنوا وللذين هادوا),
وأما (الصابؤون والنصارى) فهما معطوفان عطف جملة على جملة وليس عطفا في التوكيد، فكأن المعنى هو كالتالي:
إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، والصابئون
والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
لكن الآية تجنبت هذا التكرار وجاءت كما هي في سورة المائدة ،
وكلمة ( النصارى) لو جاءت معطوفة على ( الذين هادوا) قبل ( الصابؤون)
لما عرفنا إن هي شملها التوكيد ب ( إن) أم لم يشملها لأنها من الجمع الذي لا يتأثر بحركات الإعراب (الرفع والنصب والجر).
 
جزاك الله كل خير أخي الكريم (أبو علي )
ما قصرت الله يعطيك العافية شرح وإيجاز ودليل


وأثني بالشكر للأخ الفاضل خالد الشبل الذي ما قصر

افدتمونا كثيرا بارك الله فيكما
 
جزاكم الله خيرا ... وأرجو أن تكثروا من موضوعات النحو فقد استفدت من هذا الموضوع كثيرا ... وبارك الله فيكم.
 
جزاك الله خيرا وجعله فى ميزان حسناتك يوم القيامة
 
عودة
أعلى