ناصر عبد الغفور
Member
بسم1بسم1
كيف يرجح الإمام ابن جرير قراءة على قراءة؟
لاحظت من خلال تفسير سورتي الأعلى والغاشية اختلاف تعامل الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى فيما يتعلق باختلاف القراء:
ففي قوله تعالى:" وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى" ذكر أن القراء الستة قرؤا (قدّر) بالتشديد، إلا الكسائي فقد قرأها بالتخفيف، ثم اختار قراءة الجماعة قائلا:" واجتمعت قرّاء الأمصار على تشديد الدال من قدّر، غير الكسائي فإنه خفَّفها. والصواب في ذلك التشديد، لإجماع الحجة عليه."[SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP].
وفي قوله تعالى:" بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" ذكر أن القراء قرءوا (تؤثرون) بالتاء، وخالفهم أبو عمرو فقد قرأ بالياء، ثم رجح قراءة الجماعة قائلا:" واختلفت القرّاء في قراءة قوله:( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الأمصار:( بَلْ تُؤْثِرُونَ ) بالتاء، إلا أبا عمرو فإنه قرأه بالياء، وقال: يعني الأشقياء. والذي لا أوثر عليه في قراءة ذلك التاء، لإجماع الحجة من القرّاء عليه."[SUP]([/SUP][2][SUP])[/SUP].
ففي هاتين الآتين رجح قراءة الستة على الواحد، لكنه خالف هذا المنهج في آية الغاشية وهي قوله تعالى:" تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً":
فقد قال رحمه الله تعالى عند تأويلها:"واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة( تَصْلَى ) بفتح التاء، بمعنى: تصلى الوجوه. وقرأ ذلك أبو عمرو( تُصْلَى ) بضم التاء اعتبارًا بقوله:( تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) ، والقول في ذلك أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب."[SUP]([/SUP][3][SUP])[/SUP].
فهل الأمر يعود إلى الانفراد، فالكسائي انفرد بالتخفيف في (قدر)، وأبو عمرو انفرد بالياء في (تؤثرون)، بخلاف قوله تعالى(تصلى) من سورة الغاشية فليس هناك انفراد في المخالفة حيث أن أبا عمرو وافقه في الضم-أي ضم التاء- شعبة ويعقوب؟
لكن إن كان الأمر كذلك، فقراءة الواحد من السبعة كما هو معلوم قراءة معتبرة صحيحة ثابتة أخذها ممن أخذها يقينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا مجال للترجيح، فمن قواعد التفسير: "أنه إذا ثبتت القراءتان لم ترجح إحداهما -في التوجيه- ترجيحا يكاد يسقط الأخرى.." .
يقول الإمام الزركشي رحمه الله: "إلا أنه ينبغي التنبيه على شيء وهو أنه قد ترجح إحدى القراءتين على الأخرى ترجيحا يكاد يسقط القراءة الأخرى، وهذا غير مرضي، لأن كلتيهما متواترة."[SUP]([/SUP][4][SUP])[/SUP].
([1] ) جامع البيان:24/369.
([2] ) جامع البيان:24/375.
([3] ) جامع البيان:24/383.
([4] ) البرهان في علوم القرآن:1/339-340.
كيف يرجح الإمام ابن جرير قراءة على قراءة؟
لاحظت من خلال تفسير سورتي الأعلى والغاشية اختلاف تعامل الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى فيما يتعلق باختلاف القراء:
ففي قوله تعالى:" وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى" ذكر أن القراء الستة قرؤا (قدّر) بالتشديد، إلا الكسائي فقد قرأها بالتخفيف، ثم اختار قراءة الجماعة قائلا:" واجتمعت قرّاء الأمصار على تشديد الدال من قدّر، غير الكسائي فإنه خفَّفها. والصواب في ذلك التشديد، لإجماع الحجة عليه."[SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP].
وفي قوله تعالى:" بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" ذكر أن القراء قرءوا (تؤثرون) بالتاء، وخالفهم أبو عمرو فقد قرأ بالياء، ثم رجح قراءة الجماعة قائلا:" واختلفت القرّاء في قراءة قوله:( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الأمصار:( بَلْ تُؤْثِرُونَ ) بالتاء، إلا أبا عمرو فإنه قرأه بالياء، وقال: يعني الأشقياء. والذي لا أوثر عليه في قراءة ذلك التاء، لإجماع الحجة من القرّاء عليه."[SUP]([/SUP][2][SUP])[/SUP].
ففي هاتين الآتين رجح قراءة الستة على الواحد، لكنه خالف هذا المنهج في آية الغاشية وهي قوله تعالى:" تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً":
فقد قال رحمه الله تعالى عند تأويلها:"واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة( تَصْلَى ) بفتح التاء، بمعنى: تصلى الوجوه. وقرأ ذلك أبو عمرو( تُصْلَى ) بضم التاء اعتبارًا بقوله:( تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) ، والقول في ذلك أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب."[SUP]([/SUP][3][SUP])[/SUP].
فهل الأمر يعود إلى الانفراد، فالكسائي انفرد بالتخفيف في (قدر)، وأبو عمرو انفرد بالياء في (تؤثرون)، بخلاف قوله تعالى(تصلى) من سورة الغاشية فليس هناك انفراد في المخالفة حيث أن أبا عمرو وافقه في الضم-أي ضم التاء- شعبة ويعقوب؟
لكن إن كان الأمر كذلك، فقراءة الواحد من السبعة كما هو معلوم قراءة معتبرة صحيحة ثابتة أخذها ممن أخذها يقينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا مجال للترجيح، فمن قواعد التفسير: "أنه إذا ثبتت القراءتان لم ترجح إحداهما -في التوجيه- ترجيحا يكاد يسقط الأخرى.." .
يقول الإمام الزركشي رحمه الله: "إلا أنه ينبغي التنبيه على شيء وهو أنه قد ترجح إحدى القراءتين على الأخرى ترجيحا يكاد يسقط القراءة الأخرى، وهذا غير مرضي، لأن كلتيهما متواترة."[SUP]([/SUP][4][SUP])[/SUP].
([1] ) جامع البيان:24/369.
([2] ) جامع البيان:24/375.
([3] ) جامع البيان:24/383.
([4] ) البرهان في علوم القرآن:1/339-340.