للآية تفسيران، أحدهما انه "الخبثيات من القول للخبيثين من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من القول، هم اولى بها لانهم اهلها"
والتفسير الثاني "الخبيثات من الزوجات للخبيثين من الازواج ... والطيبات من الزوجات للطيبين من الازواج".
التفسير الاول هو ترجيح الطبري، والتفسير الثاني هو تفسير ابن عاشور (واصله من عبدالرحمن بن زيد).
اللام في قوله (للخبيثين) هي لام
الاولوية كما يفهم من قول ابن جرير وسمّاها ابن عاشور لام
الاستحقاق فيكون معنى ترجيح ابن جرير:
الازواج الخبيثون هم اولى بالاقوال الخبيثة لانهم اهل الخبث.
والزوجات الخبيثات هنّ أولى بالاقوال الخبيثة لانهن اهل الخبث.
والزوجات الطيبات هنّ اولى بالاقوال الطيبة لانهن اهل الطيبة.
والازواج الطيبون هم اولى بالاقوال الطيبة لانهم اهل الطيبة.
واما على
عبارة ابن عاشور وتفسيره:
الزوجات الخبيثات مستحقات للازواج الخبيثين والازواج الخبيثون مستحقون للزوجات الخبيثات.
والزوجات الطيبات مستحقات للازواج الطيبين والازواج الطيبون مستحقون للازواج الطيبات.
سؤالك ليس عن التفسير الراجح بل عن (وجه أو توجيه وتعليل) تفسير بن زيد.
روى الامام الطبري روايةً أكمل عن عبدالرحمن بن زيد، تبينُ كلامَه:
روى ابن جرير الطبري:
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: 26] قَالَ: " نَزَلَتْ فِي عَائِشَةَ حِينَ رَمَاهَا الْمُنَافِقُ بِالْبُهْتَانِ وَالْفِرْيَةِ، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَيٍّ هُوَ خَبِيثٌ، وَكَانَ هُوَ أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ لَهُ الْخَبِيثَةُ وَيَكُونَ لَهَا. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَيِّبًا، وَكَانَ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ لَهُ الطَّيِّبَةُ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ الطَّيِّبَةَ، وَكَانَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهَا الطَّيِّبُ. {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} قَالَ: هَاهُنَا بُرِّئَتْ عَائِشَةُ. انتهى كلامه.
فهو يقول "اولى" يبين انه ليس حتما ولكن اولى.
ولم يقل إنها قاعدة مطردة ولكن كأنه قال:
إذا رأيت رجلين في مكان أحدهما خبيث والآخر طيب ثم رأيت في مكان آخر امرأتين إحداهما خبيثة والأخرى طيبة،
وسألك الخبيث أن تؤدي أمانة إلى امرأته القاعدة في المكان الاخر ولم يذكر اسمها ولا صفتها، فإننا حينئذ سنؤدي الامانة الى المرأة الخبيثة لان هذا هو الاغلب والاولى.
هذا هو فهمي لكلام عبدالرحمن بن زيد رحمه الله.
ثم قال الطبري رحمه الله:
" وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِالْخَبِيثَاتِ: الْخَبِيثَاتِ مِنَ الْقَوْلِ وَذَلِكَ قَبِيحُهُ وَسَيِّئُهُ لِلْخَبِيثِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَالْخَبِيثُونَ مِنَ النَّاسِ لِلْخَبِيثَاتِ مِنَ الْقَوْلِ؛ هُمْ بِهَا أَوْلَى، لِأَنَّهُمْ أَهْلُهَا. وَالطَّيِّبَاتُ مِنَ الْقَوْلِ وَذَلِكَ حَسَنُهُ [ص:238] وَجَمِيلُهُ لِلطَّيِّبِينَ مِنَ النَّاسِ، وَالطَّيِّبُونَ مِنَ النَّاسِ لِلطَّيِّبَاتِ مِنَ الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُهَا وَأَحَقُّ بِهَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا: هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ، لِأَنَّ الْآيَاتِ قَبْلَ ذَلِكَ إِنَّمَا جَاءَتْ بِتَوْبِيخِ اللَّهِ لِلْقَائِلِينَ فِي عَائِشَةَ الْإِفْكَ، وَالرَّامِينَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَإِخْبَارِهِمْ مَا خَصَّهُمْ بِهِ عَلَى إِفْكِهِمْ، فَكَانَ خَتْمُ الْخَبَرِ عَنْ أَوْلَى الْفَرِيقَيْنِ بِالْإِفْكِ مِنَ الرَّامِي وَالْمَرْمِيِّ بِهِ أَشْبَهَ مِنَ الْخَبَرِ عَنْ غَيْرِهِمْ. انتهى كلامه.
علماً بان التفسيرين يبدوان لي كأنهما تفسير واحد لأن احدهما كأنّه يوجب الآخر ويستلزمه.