كيف نرجو رحمة الله ؟

إنضم
19/02/2009
المشاركات
9
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
كيف نرجوا رحمة الله؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. وبعد:
فإنه مما لاشك فيه أن الإنسان يعيش في تلك الدنيا برحمة الله تبارك وتعالى:
وكما نعلم أن رحمة الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى:
1-الرحمة العامة ، وهي التي بها يعيش الإنسان ويتلذذ بنعم الله سبحانه وتعالى ، وتكون للكافر وللعاصي وللإنسان والحيوان وسائر المخلوقات.
ولذا نجد الحق جل وعلا يقدم الله سبحانه وتعالي الرحمة على المغفرة في موضع واحد في قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُور.
حيث تتقدم المغفرة على الرحمة في القرآن كله سوي هذا الموضع .
وعندما تتدبر تدرك أن المغفرة والرحمة يختم الله بها آيات تتحدث عن ذنوب ومعاص للعباد ارتكبوها ؛ فيفتح الله لهم أبواب المغفرة حتى يعودوا لربهم ، ثم يثنّي بالرحمة إشارة إلى أن مغفرته لذنوب العباد إنما هي رحمة منه سبحانه وتعالى . اقرأ قول الله سبحانه وتعالي :
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
أما في الموضع الذي قدّم الله فيه الرحمة علي المغفرة ؛ فلا تجد الآيات تتحدث عن ذنوب للعباد وإنما تتحدث عن كمال قدرة الله سبحانه وتعالي في ملكه وأن العباد جميعا يتنعّمون في مُلك الله عز وجل برحمته وليس بذكاء منهم ولا بحسن تصرف ؛ ولذا قدّم الله عز وجل الرحمة ههنا حتى يدرك العباد ذلك ؛ فإذا أدركوا ذلك وتيقّنوا أن لهذا الكون ربّا إلها خالقا يستحق العبادة دون شريك فهو رحيم حتى يفتح الله لهم باب التوبة والرحمة.
2- الرحمة الخاصة ، وهي تأييد الله لعباده المؤمنين وتوفيقه لهم ، وتلك الرحمة الخاصة لعباده المؤمنين، وهي التي ينبغي على المؤمن أن يرجوها.
3- رحمة الله لعباده المؤمنين ، وهي لخاصتهم ، فهي الرحمة المدخرة التي يؤثر الله بها من يشاء من عباده، وهي التي تجدها في القرآن الكريم ( رحمة من عندنا ، أو رحمة من لدنا ) لأن عند ، ولدن كلاهما ظرف ومعنى الظرفية يدل على أن الرحمة هنا مدّخرة عند الله سبحانه وتعالى ويُؤثر بها من يشاء من عباده .
4- ولتعلم أخي أن الرحمة التي هي من لدن رب العالمين أو من عند الله وإن كانت لخاصة الخاصة إلا أن الله عز وجل علّمنا أن نطلبها منه سبحانه وتعالى : اقرأ قوله عز وجل: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
وقوله تعالى : إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا.
فقد علمنا الله أن نطلب تلك الرحمة التي هي لخاصة الخاصة ولذا قال الله تعالى عن العبد الصالح قال سبحانه : فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا.
فالله آتاه رحمة من عنده ، وعلّمه من لدنه ؛ فتأمل وتدبر.
وإياك أن تظن أنك لا تستطيع أن تحصل على تلك الرحمة ، فإن الله سبحانه وتعالى قد بيّنّ لنا أنّ تلك الرحمة تُنال بالتضرع والتذلل والخضوع والانقياد لأمر الله سبحانه وتعالى ، ويتجلى هذا في قصة نبي الله أيوب عليه السلام فقد ذكر الله استجابته لأيوب وكشف ما به من ضر وآتاه أهله ومثلهم معهم ، وذكر الله ذلك في موضعين في كتاب الله سبحانه وتعالى لنقرأ الموضعين ونتدبر قال تعالى : وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَي رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ .سورة الأنبياء.
وفي سورة (ص~) قال تعالي : وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَي رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ .

فنجد الحق جل وعلا قال في موضع سورة الأنبياء ( رحمة من عندنا) لماذا؟ لأنه ذكر أن أيوب عليه السلام بالغ في التضرع فقال : وأنت أرحم الراحمين لكنه في الموضع الآخر قال : مسني الشيطان بنصب وعذاب ، ولذا تجد الحق سبحانه وتعالي ختم الآية التي بالغ فيها أيوب بالتضرع بقوله ( وذكري للعابدين ) أي : الخاضعين المنقادين لأمر الله سبحانه وتعالى. أما في الآية الأخرى ؛ فقال ( وذكري لأولي الألباب) .
\إذن : عندما بالغ أيوب في التضرع والتذلل قال تعالي ( رحمة من عندنا ) وعندما لم يذكر تضرعا قال تعالى ( رحمة منا) ليعلّمك أنك إذا أردت الحصول على رحمة الله التي يمنحها الله لعباده ، وهي لخاصة الخاصة ؛ فعليك بالتضرع والتذلل والخضوع لأمر الله سبحانه وتعالى.
ولذا لا يذكر الله رجاء الرحمة لعباده منه عز وجل إلا أن تكون مسبوقة بعمل يحقق الخضوع والانقياد لأمر الله سبحانه وتعالى ، كما حدّد مواطن للحصول على رحمته وهي في كتاب الله سبحانه وتعالى ليشير إلى أن من أراد أن تصيبه رحمة الله فعليه أن يكون في تلك المواطن .
ونعلم أن الأمة في حاجة ماسة إلى رحمة الله في كل وقت وبخاصة في هذه ا؟لأيام . وبمشيئة الله عز وجل سأبين تلك المواطن ، وكيف ترجو رحمة ربك؟ لأن رجاء رحمة الله ليست كلمة تقال ، وإنما لابد لها من عمل ولابد من تواجدك في مواطن تلك الرحمة.
وعلى وعد بمشيئة الله سبحانه وتعالى لبيان تلك المواطن حتى نفوز برحمة الله عز وجل أستودعكم الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولا تنسوني من دعوة صالحة.
محمود شمس
 
بارك الله فيك أستاذي الفاضل وفي إنتظار تتمة الموضوع جزاك الله خيرا
 
كيف نرجوا رحمة الله؟

2-الرحمة الخاصة ، وهي تأييد الله لعباده المؤمنين وتوفيقه لهم ، وتلك الرحمة الخاصة لعباده المؤمنين، وهي التي ينبغي على المؤمن أن يرجوها.


بارك الله فيكم و في علمكم .. و كتب لكم الأجر و المثوبة ...

أشكل علي فهم ما اقتبسته هنا ..

هل هذا معنى صفة الرحمة الخاصة .. ؟ أم أنه من آثارها ؟


جزيتم خيرا ...
 
الرحمة الخاصة

الرحمة الخاصة

بارك الله فيك أختي الكريمة على متابعتك وحرصك.
هذا بيان للرحمة الخاصة التي يمنحها الله لعباده المؤمنين ، وقصدت التفرقة بينها وبين الرحمة العامة التي بها يحيا الخلق جميعا ويرزقون ويتنعمون ، وبالتالي هي تمهيد للوصول إلى بيان الرحمة التي يمنحها الله سبحانه وتعالى لخاصة الخاصة من عباده , وهي التي يعبر القرآن عنها دائما بقوله : من لدنا ، أو: من عندنا.
وقد علّمنا الله تبارك وتعالى أن نطلب منه تلك الرحمة في كثير من المواضع مثل قوله تعالى : رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
وعلى لسان أصحاب الكهف في قوله تعالى : إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من أهل رحمته فهو أرحم الراحمين.
لعل اللبس يزول أختي الكريمة .
مع دعائي .
 
[align=center][align=center]
نسأل الله أن يشملنا جميعاً ووالدينا وشيوخنا ومن نحب ومن له حق علينا برحمته التي وسعت كل شيء ..


شكر الله لكم وبارك في علمكم ونفع بكم ..

جزيتم الجنة .. [/align]
[/align]
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على الموضوع
لكن لدي استفسار اذا سمحت لي يا دكتور.........
هل الرحمة الخاصة يمكن ان يحصل عليها احد بالدعاء وإن لم يصل الى درجة المؤمنين الخاصة
اي مثلا العاصي التائب الذي يدعو الله راجيا رحمة ربه؟؟
هذا وجزاك الله خيرا
 
عودة
أعلى