كيف نتعلم التلاوة بمرتبة التحقيق: نصائح عملية

إنضم
19 ديسمبر 2009
المشاركات
73
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
[frame="7 80"]النصائح العملية[/frame]
[frame="7 80"]
لتعلم التلاوة التحقيقية

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى.

أما بعد:
إهــداء:
أهدي هذا المقال إلى أخي الأكبر المهندس/ أحمد كرم، فله الفضل بعد الله جل وعلا في توجيهي إلى كثير مما سطرته في هذا المقال، فله مني كل شكرٍ وحبٍّ وتقدير، وأسأل الله ألا يحرمه ثواب ذلك، وأن يعينه على أمور دينه ودنياه وأخراه، وأن يبارك له في أهله وماله وولده.

[/frame]
[frame="7 80"]تقدِمــة:[/frame]
[frame="7 80"]
شاعَ اليومَ غالباً بينَ القراءِ التلاوةُ بمرتبتَيِ الحدر والتدوير، وغابَ عن كثيرينَ التلاوةُ بمرتبة التحقيق، مع أن أهل العلم جعلوها أعلى المراتب الثلاث وأثوبها مجردةً، بمعنى أنه إذا نحينا عوامل الفضل الأخرى كفضل الزمان الذي تُبتدرُ فيه الحسنات عداً بعدد الأحرف المتلوة من كتاب الله، أو من يريد اللحاق بورده اليومي الذي رتبه لنفسه، إذا نحينا هذا فإن مرتبة التحقيق هي أثوب المراتب، وذلك لحصول التدبر والتفصيل في تجويد الحروف والكلمات والآيات على نحوٍ يكون أقرب إلى تحقيق مراد الله وأمره بترتيل القرآن الكريم.
[/frame][frame="7 80"]
ومع غياب هذه المرتبة عن واقع قرائنا انقلب الحال إلى أن يطعن البعض ببدعيتها، بل رأيتُ مَصداقَ ذلك من يستفتي أهل العلم في جوازها! ولعل ما زاد الطينَ بِلَّةً؛ حادياً إلى وضعها في زاوية الاتهام: ما دأب عليه بعض القراء في بعض أمصار المسلمين من اتخاذ هذه المرتبة العظيمة من مراتب التلاوة مطيةً لإحياء أحفال العزاء، فيجتمع العوام على الصياح والتعليق أثناء التلاوة، مما يفسد رونقها ويُذهِب جمالها، وهم يرون ذلك من دواعي التأثر بالتلاوة، وما علموا أن في ذلك من التشويش وسوء الإنصات ما فيه.

هذا؛ وتختلف التلاوة بمرتبة التحقيق؛ عنها بمرتبتي التدوير والحدر، حيث تكون الحروف أوضح وأبين؛ وأزمانها أطول، لكن يُحتَرَزُ فيها من تمطيط الحركات حتى يتولد منها مدود، فمدُّ الفتحة يُوَلِّدُ ألفاً، ومدُّ الضمة يولد واواً، ومدُّ الكسرة يولد ياءً.

ويحتاج القارئ إلى التدرب على التلاوة بمرتبة التحقيق فترة من الزمن كما تدرب على المراتب الأخرى، حيث الغالبية العظمى من قراء القرآن الكريم يتقنونه بمرتبة الحدر والتدوير، ولا يحسنون التلاوة بالتحقيق.



والتحقيق مرتبة صحيحةٌ في التلاوة وهناك رواياتٌ تُروى بكامل خَتْمَتِهَا بهذه المرتبة؛ والله أعلم، فالتحقيقُ يُشبِهُ أن يكونَ مرتبةً متواترةً، إذ هي طريقة القارئ المتواترة في أداء القرءان الكريم بهذه الرواية!
[/frame]

[frame="7 80"]قبل الشروع:[/frame]
[frame="7 80"]
· الإخلاص والتجرد والتدبر: فما لم تكن مخلصاً متأثراً بالآيات التي تتلوها فلن تصل الآيات إلى المستمع على الوجه المطلوب، فالقرآن الكريم ينتقل من القلب إلى القلب قبل أن ينتقل بالصوت، وستفقد أحد أهم عوامل الجمال في صوتك؛ والثواب في تلاوتك إذا لم تتدبر ما تتلوه.

وكلما كان القارئ محباً للقرآن الكريم متدبراً لمعانيه؛ متأثراً وعاملاً بها؛ قريباً من الله سبحانه وتعالى؛ مع الإخلاص والتجرد؛ كانت قراءته قوية مؤثرة، ومن كانت له حالٌ مع القرآنِ الكريمِ في الخلوة، كَسَتْ حالُهُ تلكَ تلاوتَهِ خشوعَاً وخشيةً يتأثر بهما السامع، وهذا ما نجح فيه كبار القراء رحمهم الله جميعاً وجعل القرآن العظيم أنيساً لنا ولهم إلى يوم القيامة، آآآمييين.

· الاستماع الجيد: إذا لم تنجح في مرتبة التحقيق كمستمع واعٍ، فلن تنجح كقارئ: فأول مؤهلات تعلم هذه المرتبة الاستماعُ الكثيرُ والدقيقُ إلى تلاواتِ القراءِ بهذِهِ المرتبة، خصوصاً من المتقنين القدامى أمثال المشايخ المُنشاوي وعبد الباسط والحصري ومحمد رفعت وطه الفشني ومصطفى إسماعيل والبهتيمي وغيرهم.

· تحصن دائماً وأبداً بالأذكار الواردة عن الحبيب صلى الله عليه وسلم: مع الالتجاء الدائم إلى الله تعالى ليحفظ عليك نعمة الصوت، لأنه هو الوهَّاب لها، وهووحده الكفيل بحفظها من العين والمرض، ومن المشاهدِ أن العينَ حقٌّ، وكم أصابت عينُ السامعِ القارئَ من حيثُ لا يدري أحدهما! وأعجبُ من ذلك: أن تصيبَ عينُ القارئِ نفسَهُ هوَ فيتلجلجُ، وهي إحدى علامات إعجاب المرء بقدرته واغتراره بتلاوته!

[/frame]

[frame="7 80"]
رعاية البدن:

· أول الطريق: أن تعلم أن صحة البدن في مجموعها وعمومها تطبع صحة الحنجرة وآلات النطق بحالها، فإن كان البدن سليماً قوياً معافىً كانت الحنجرة كذلك.

· وأول محطات صحة البدن: راحته بالنوم الكافي، بحيث يكون أغلبه ليلاً بين العشاء الآخرة والفجر الصادق، وهو أوفى النوم وأصحه وأبلغه، والقيلولة في آخر الضحى أو بعد الزوال وصلاة الظهر مما يُحمَدُ لصحة البدن عموماً؛ ولإعانته على ناشئة الليل خصوصاً.


· الجلسة الصحيحة أثناء التلاوة؛ لها أثرها في توفير النَّفَسِ اللازمِ لها: فعود نَفْسَكَ على الجلوس مستقيم الظهر مرتفع الهامة غيرَ مُقَوَّسِ المنكبين، بحيث يكون صدرُكَ حين الشهيق ممتلئاً بالهواء متخماً به، ويمكن الانحناء إلى الأمام قليلاً عند إخراج النَّفَسِ لضمان خروجه كله، ثم العودة ببطء مع أخذ النَّفَسِ من جديد إلى الوضع الأول.

[/frame]

[frame="7 80"]

رعاية آلات النطق:

· احرص دائماً وأثناء التلاوة على وجه الخصوص على التنفس من أنفك لا من فمك، فالتنفس من الأنف له مميزات كبيرة كثيرة: أولها تنقيتُهُ من العوالق والشوائب من خلالِ الشعيراتِ الأنفيةِ (تصغيرُ وجمعُ شَعْرَة) والجدارِ المخاطيِّ للأنف، وتدفئتُهُ كذلك من خلال الشعيرات الدموية، إضافةً إلى ضيقَ مخرجِ الأنفِ عن مخرجِ الفَمِ فَيَنْتُجُ عن ذلك الرَّوِيَّةُ في الشَّهِيقِ بما يُعِينُ على الانتفاع بكاملِ كمية النَّفَسِ في استخلاص الأوكسجين، فضلاً عن أن ذلك هو الطبيعي: فالمريض والأخنف هما من يتنفس من فمه لا من مُنخَرِه، إضافة إلى أن التنفس من الفم يصيب الأحبال الصوتية بالجفاف مع تكراره.

· الأحبال الصوتية مثلها مثل العضلات في جسم الإنسان، فكلما دربتها واعتنيت بها في التغذية والتدريب والمحافظة عليها من الأمراض؛ استجابت لك بشكل أكثر مرونة وأعطتك أقصى مطلوبك منها.




· من العناية بالجهاز التنفسي عموماً عدم التعرض لتيارات الهواء الباردة بعد الدفء، وعدم الجلوس في مدى التكييف البارد جداً، وعدم التعرض للهواء القوي جداً كمن يركب الدراجات البخارية أو يفتح شباك السيارة على اتساعه، فكل هذه السلوكيات تصدم الجهاز التنفسي، وقد تصادف حالة ضعف فيمرض، خلاف ما فيها من إضعاف على المدى البعيد لآلة النطق.

· شربُ العسل: والسنة فيه أن يكون ممزوجاً بالماء، والأفضل تناوله قُبيل النوم أو بعد الاستيقاظ مباشرة.

· حبذا تناول وجبة دسمة ساخنة قبل التلاوة بساعة أو اثنتين، مع التنبيه على عدم الامتلاء الشديد والتُّخمة، وإن كان بعضهم يحَبِّذُ ذلك، لكنَّه خلاف السنة. ويشاع أن الطعام يأخذ من مساحة النَّفَسِ، ولكن الصحيح أن الوجبة القَيِّمَةَ الساخنة تُعطي طاقة للقارئ يحتاج إليها لبذل المجهود اللازم للتلاوة المجودة، وتساعد حرارتها في جلي الحلق وتصفية الصوت وتنقيته وتقويته.

· حاول أن تتناول مشروباً دافئاً قبل بَدء التلاوة، لأنه يرطب الحلق ويزيل العوالق والإفرازات الحلقومية عن مجرى الصوت فيصفيه من الحشرجة والانقطاع.

· يلاحظ عدم شرب السوائل ساخنة جداً، بل يستحسن الانتظار إلى فتور حرارتها، وتناوُلها دافئةً أقربَ إلى السخونة، وضابط ذلك أن يُمْكِنَ عَبُّها دون أن تلسعَ اللسانَ أو تؤذيَ الحلقَ، فهذه هي الدرجة المطلوبة.

· احذر حذراً شديداً من شرب السوائل الباردة جداً حتى في الصيف القائظ، فإنها تضر الأحبال الصوتية جداً، وعود نفسك على شرب السوائل الفاترة التي تكون في درجة حرارة الغرفة العادية أو إن كنت مصراً ففي أول درجات البرودة.

· من المشروبات المفيدة: اليانسون، والنعناع الدافئ، والقرفة الممزوجة بالزنجبيل المطحون باللبن الحليب، والشاي سواءً الأخضر أو الأحمر فهو معقم ومرطب للحلق.

[/frame]
 
استكمال الموضوع

استكمال الموضوع

[frame="7 80"]لكي تشرع في تعلُّمِ التلاوة المجودة:[/frame]

[frame="7 80"]
· اعلم أن التلاوة المجودة على نوعين: نوع في الأحفال والمناسبات، وآخر في الاستوديو. ومن سمات الأول التطريب والاستعراض وتعدد المقامات ووجود هتافات التشجيع والاستحسان، ومن سمات الثاني: الهدوء والثبات سواء في الطبقة الصوتية أو المقام أو الرتم، كما يمتاز بالخشوع والضبط غالباً، بخلاف الأول. ولتجويد الحفلات أدبياته التي يعرفها أهله، ولستُ خِرِّيتاً بها، كما أن على كثير منها علامات استفهام، ولذا سأضرب عنها صفحاً.

· اعلم أن الصوت يخرج من حلق التالي للقرآن الكريم على ثلاثة درجاتٍ أو طبقاتٍ:
o طبقة (القرار): وهو أغلظها وأفخمها صوتاً وأهدؤها أداءاً، واسمه على مسماه، فمِنْهُ المُنْطَلَقُ إلى علوِّ الصوت فهو القرار من الاستقرار!
o طبقة (الجواب): وهو الدرجة أو الطبقة الوسطى، وتميل إلى الحدَّةِ وعلوِّ الصوت قليلاً، ويكون عليها أغلب التلاوة.
o طبقة (جواب الجواب): وهو أَحَدُّ الطبقاتِ وأرفعُها وأعلاها صوتاً.
· داخل كل طبقة من الطبقات الثلاث: توجد طبقات أخرى فرعية، حاول استكشافها والتدرب عليها حتى تصبح ضمن مجال صوتك، وربما اكتشفت بالتدريب طبقةً جديدة تكون مريحة لك أكثر من سابقتها أثناء التلاوة مما يُمَكِّنُكَ من التلاوة لوقتٍ أطول، كما يمكنك أن تفيئ إليها أحياناً إذا أرهقتك التلاوة في طبقاتٍ أخرى، أو كنت تتلو القرآن الكريم وحنجرتك مصابة.

· و(النشاز) في الصوت: هو اختلالٌ في تَدَرُّجِ القارئ نزولاً وصعوداً بين طبقات الصوت المختلفة، وتعرِفُه الأذن بسهولة، وسببه عدم تمكن آلة النطق من الانتقال بين طبقات الصوت بسهولة، ويزول ذلك بالتدريب والمحاولة والصبر والدأب على تقوية الحنجرة والأحبال الصوتية.

· ابدأ تلاوتك دائماً بالقرار واختمها به، إلا إذا كنت تستكمل تلاوة سابقة أو تسجل مصحفاً أو سورة طويلة، وبالتالي يكون القرار في أول السورة وآخرها، لأن البدء بالجواب يؤذى الحنجرة والأحبال الصوتية، كمن يقوم بمزاولة رياضة عنيفة دون إحماءٍ أو تليينٍ لعضلاته أولاً، وعلى قانون القصور الذاتي فإن القيام بحركة قوية وسريعة قد يؤدي إلى قصور الحنجرة عن مجاراة الصوت، وذات الحال مع ختم التلاوة بالقرار حتى يكون التوقف بعد التهدئة لا مفاجئاً فيقفَ القارئُ؛ والسامعُ لم يتهيئ للوقف معه! كما أنَّ ختمَ التلاوةِ بالقرارِ يوحي للسامعِ بقربِ الاستقرار بنهاية التلاوة، وذلك لنزوع الصوت فيه إلى الهدوء.

· كن حريصاً أثناء التدرب على طبقة الجواب: لأنها طبقة قوية يسهل فيها جرح الأحبال الصوتية، فابدأ بالارتفاع ببطء عن طبقة القرار قليلاً قليلاً حتى تأنس من صوتك التمكن من أول درجات الجواب، ولا تعجل على نفسك بل استمر في التلاوة فترة تكفي لاستقرار حنجرتك على الطبقة الجديدة.

· أياً ما كانت الطبقة التي تتدرب عليها: أوقف التدريب فوراً إذا أحسست بإنهاك صوتك أثناء التلاوة، لا تَقْسُ على حنجرتك وامنحها فرصة للراحة لحين استعادة نشاطها وقوتها، وهذا السلوك يحفظ عليك تألق صوتك وبريقه ويمنح أحبالك الصوتية الحيوية والنشاط اللازمين لصوتك.

· لا تَصِلْ إلى أعلى طبقاتِ صوتِكَ وهو جوابُ الجوابِ إلا إذا عرفتَ وتعلمتَ كيف تنزل إلى الجوابِ أو القرارِ مرةً أخرى بسلاسة وسهولة ودون نشاز. كما أنه من البدهي ألا ترتفع كذلك إلى الجواب حتى تتقن الانتقال والنزول منه إلى القرار مرة أخرى، ويكون ذلك في آخر التلاوة غالباً، فإذا لم يتدرب القارئ على النزول من الجواب إلى القرار لختم التلاوة به وهو حتمٌ غالباً، فإنه يميل مباشرة إلى النشاز!

· عادةً ما يُتلى تعقيب الله جل وعلا على كلام الفاسقين بطبقة القرار، لأنها طبقة فخيمة توحي بالجلال والعظمة والكبرياء والعلو، بعكس كلام الفاسقين الذي يتلى عادة بالجواب إذ يشبه الصراخ، ويعطي انطباعاً بالحدة والرعونة قياساً بالقرار.

· حاول تنويع رتمك ودرجة صوتك أثناء التلاوة، تنويعاً في الأداء ليناسب أسلوب الاستفهام والإخبار ومعاني الآيات المختلفة من بشارة ونذارة وآيات أحكامٍ وقَصَصٍ وغير ذلك، بالانتقال بين طبقات الصوت المختلفة وبين المقامات إذا كنت متمكناً منها، بخيث لا تشغلك عن أحكام التجويد أو التدبر، وكيفيات الاستفهام والإخبار تُعرف بالتلقي من المشايخ.

· والتمييز بين الإخبار والاستفهام من أبسط وأهم الملكات التي يجب أن يصقلها القارئ: وبيان ذلك سهل جداً ويتقنه كل أحد ولو بالعامية: إذ لو قال لك قائل (جاء إبراهيم) مخبراً، فاستبعدتَ كلامَهُ فأعدتَ الجملةَ ثانيةً مستنكراً(جاء إبراهيم؟)، أليست إعادتك لها بِرِتْمٍ مخالفٍ تماماً، فانظر إلى فارق هذا من ذاك! إنه عين الفارق بين الاستفهام وبين الخبر!

· مدة القراءة بالقرار في أول التلاوة: تكون لمدة دقيقة أو اثنتين ريثما تتجهز الحنجرة للقراءة على طبقة الجواب، ويتهيئ السامع لاسترسال التلاوة! ويكون الارتفاع في الصوت والانتقال إلى الجوابِ تدريجياً لا مفاجئاً، انتقالاً يوحي بتناغم والتحام الطبقتين دون فاصل، بحيث لو أردت أن تعرف الفاصل بين الطبقتين في استماعك التلاوة لم تجده واضحاً!​

· مهما كان نَفَسُكَ قصيراً: فإنك بالاقتصاد في إخراجه تُؤدِي أكثر ما يمكنكَ إداؤه من الكلام، ومثال ذلك: لو أنَّنا أردنا أن نستغل المياه المخَزَّنة في سدٍّ من السُّدودِ لتوليد الكهرباء، فإننا لا نُخرجُ من الماء إلا المقدار الذي يُحرِّكُ المراوح التي تقوم بتوليد الكهرباء، وهكذا: كلما اقتصدنا في إخراج الهواء بالمقدار المطلوب أمكننا أن نصل إلى مدى بعيد.


· حاول أن تُخرجَ الكلام من أعمق الأعماق: بمعنى أنَّ الصوت يبدأ من الجوف ويستمر حتى يصل إلى مخرجه المُتحكِّمِ فيه، فكلما كان مخرجك واسعاً كان الصوت قوياً رناناً، بعكس التلاوة التي تخرجُ من مخرج قريب ليس لصوته امتدادٌ في الجوف، وهذا الأمر له ضوابط عملية تُعرَفُ بالتلقي فقط.

· التلاوة بالتحقيق عادة تَنْحَىْ إلى المَطِّ والإطالةِ والتنغيمِ بالمقاماتِ المختلفةِ، وما لم يكن التجويدُ حاكماً على تلاوتك مُظَلِّلاً لها فسوفَ تَحِيْدُ إلى التغني على طريقةِ الأناشيدِ والتواشيحِ دون ضابط بالمقادير المعلومة في التجويد، وهو ما لا يجوز في تلاوة القرآن الكريم، والجائز فقط: هو التلاوة بالتجويد على مقاديره المعروفة دون زيادة أو نقصان. وأبرعُ من طوَّعَ التلاوةَ المحققةَ للتجويدِ هو شيخ المقارئ المصرية الأسبق الشيخ الحصريُّ عليه رحمة الله، إذ كان إماماً في الفن فن التجويد والقراءات، وكان حازماً في تنزيل قواعد التجويد على التلاوة المحققة، فاستمع له واقتف أثره في ذلك رحمه الله رحمة واسعة.

· وإتقان التجويد أحد عوامل نجاح القارئ في مرتبة التحقيق: ذلك أن طول النَّفَسِ يعين على اختيار مواضع الوقف فلا تكون اضطرارية، وحينما ترى بعض القراء يُضيِّع نَفَسه في همس حروف مجهورة، أو يَمُدُّ أحرف المدِّ الطبيعي أطول من مقدارها، أو يقرأ قراءة خيشومية بالخَنَفِ جاعلاً غُنَّةً مُظَلِّلَةً لقراءته كلها، فكلُّ ذلك مما يُضيِّعُ النَّفَسَ سُدىً ويُذهبه هباءً، والأولى توفيره وادخاره لضبط الوقف في موضع الاختيار.

· حاول أن تبحث عن أحد المتقدمين السابقين لك ليتبنى موهبتك: قد يكون مستمعاً قديراً ذا أذنٍ مرهفة، أو قارئاً قديماً ذا موهبةٍ صقيلة، قد يكون في محيطك الاجتماعي من حولك أو محيطك التخيُّلي (كما هو الحال على الشنكبوتية [الشبكة العنكبوتية])، وقد تُقَسِّمُ الأمرَ بين بعض المتخصصين: فيصحح لك بعضهم التجويد والقراءات، وبعضهم الصوتيات، وهكذا ... المهم أن تجد من يوجهك ويصحح لك التلاوة.

· حاول أكثر أن تستخدم درجات طبقة القرار الفخمة بشكل متنوع حسب معنى الآيات ونوعيتها، فآيات العذاب يجب أن تختلف عن آيات النعيم، وآيات القصص القرآني يجب أن يكون لها طابعها المتميز بحيث يكون تأثيرها على المستمع أقوى، وآيات التذكير والوعيد وضرب الأمثال لها أسلوبها الفريد الذي يوصل المعنى، وهكذا ... الخ.

· اجعل صلتك بالقرآن الكريم قوية: ولابد من تثبيت وقت للتدرب على التلاوة يومياً، لأن المهارات الصوتية ملكةٌ تخبو بالنسيانِ وعدمِ تعاهدِها بالصقلِ والتدريبِ والتطوير.

· يجب أن يكون الفاصل بين الآيات كافياً، حتى لا تكون الآيات متعاقبةً برتم سريع، فالفاصل الوقتي الكافي يعطي المستمع راحة من الصوت، ويضفي على التلاوة نوعاً من التشويق لاستقبال الآية أو الابتداء الجديد، كما يعطي القارئ راحة وقدرة على التحكم في مستوى طبقة الصوت الذي سيبدأ به الآية القادمة مع فرصةٍ وافيةٍ لتدبر معانيها قبل تلاوتها.

· مرحلة القدرة على الارتجال: ستصل إليها بعد مدة من التدريب، والوصول إليها يعنى الانعتاق من التقليد والنمطية، والخروج إلى أول دوائر الإبداع والتألق في الأداء، فأينما وردت عليك آيةٌ أو مقطعٌ أمكنك أن تتلوه مجوداً مُحقَّقَاً بكل تحبيرٍ وإتقان.

نفع الله بكم وهداني وإياكم، وفي انتظار تعقيباتكم.
[/frame]
 
السلام عليكم ورحمة الله
كأني بمقالي عن مرتبة التحقيق قد طرقت أرضًا مواتًا، فالتلاوة بهذه المرتبة قليلة فعلا، ولكني أرى من الأهمية بمكان أن يتعلمها الطالب القارئ، وأن يتدرب عليها.
لا زلت أنتظر تعليقاتكم على الموضوع.
 
جزاك الله خيرا أخي أحمد على هذا البحث الطيب، لكن يُفهم من بعض النقاط أنك تشجع على التلذذ بأنواع المشروبات المتنوعة، وأكل الوجبات الدسمة، والخلود إلى النوم لفترات مختلفة حتى يتحقق المراد. ولكن الذي ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون وبنهاره إذ الناس يفطرون، إذا فكيف يتفق الإثنان؟​

ثم إني لم أفهم ما تعني بقولك
· احرص دائماً وأثناء التلاوة على وجه الخصوص على التنفس من أنفك لا من فمك،

فكيف يتنفس المرء من فمه أثناء القراءة؟ أم تعني حبس الهمس من بعض الحروف (كالهاء) وقد رأينا من بعض الشيوخ - غفر الله لهم- وهم يحبسون الهمس من هذا الحرف، حتى نطقوها كالغين.
 

فكيف يتنفس المرء من فمه أثناء القراءة؟ أم تعني حبس الهمس من بعض الحروف (كالهاء) وقد رأينا من بعض الشيوخ - غفر الله لهم- وهم يحبسون الهمس من هذا الحرف، حتى نطقوها كالغين.​

يقصد التنفس بين الوقفات ، وبعدين الرجل لم يقل لك اقض حياتك في الأكل والنوم .
وبعدين من منا يطبق هذه المقولة ، عفا الله عنا .
أنا بحترم جميع أنواع الأكلات اللذيذة ، ولا أتورع عن إيها .
لكن نومي قليل فعلا .​
 
أنا بحترم جميع أنواع الأكلات اللذيذة ، ولا أتورع عن إيها .
لكن نومي قليل فعلا .
ونحن كذالك يا أخي نأكل ونشرب ما تيسر لنا، بل أنام كثيرا - أسأل الله ان يغفر لي- لكن كنت أُذكّر الأخ حال السلف وأسأله كيف يمكن أن نتصف بتلك القاعدة وفي نفس الوقت نتجول في المحلات لنبحث عن اليانسون، والنعناع الدافئ، والقرفة الممزوجة بالزنجبيل المطحون باللبن الحليب، وو..
ثم يا شيخ إحنا في 2012 زمن القحط والثورات والناس بتجري وراء لقمة عيشها!! ما تنظرش الدمياط بس (ابتسامة)
 
ونحن كذالك يا أخي نأكل ونشرب ما تيسر لنا، بل أنام كثيرا - أسأل الله ان يغفر لي- لكن كنت أُذكّر الأخ حال السلف وأسأله كيف يمكن أن نتصف بتلك القاعدة وفي نفس الوقت نتجول في المحلات لنبحث عن اليانسون، والنعناع الدافئ، والقرفة الممزوجة بالزنجبيل المطحون باللبن الحليب، وو..
ثم يا شيخ إحنا في 2012 زمن القحط والثورات والناس بتجري وراء لقمة عيشها!! ما تنظرش الدمياط بس (ابتسامة)
أضحكتني والله، أضحك الله سنك.
ولكن عفوا: لم أذكر مسئلة التجول في المحلات؛ للبحث عن المشروبات، هذه من كيسك، فاللهم لا حساب عليها!!
على العموم: إذا توفرت المشروبات والمطعومات فالقصد فيها والاعتدال في تناولها؛ وإلا فلا داعي لها، لأنها تعود الإنسان البطنة، والبطنة تُذهب الفطنة!!
 
أنا بحترم جميع أنواع الأكلات اللذيذة ، ولا أتورع عن أيها .
كلام جميل وعظيم!
كلَّما طالعْنا موضوعًا جادًّا ذا فوائد، يدخل علينا الشيخ أحمد الدمياطي ليأخُذنا إلى الأكلات اللذيذة والحلويات والدقيق، "والمشبِّك".
لكن كنت أُذكّر الأخ حال السلف وأسأله كيف يمكن أن نتصف بتلك القاعدة وفي نفس الوقت نتجول في المحلات لنبحث عن اليانسون، والنعناع الدافئ، والقرفة الممزوجة بالزنجبيل المطحون باللبن الحليب، وو..
ثم يا شيخ إحنا في 2012 زمن القحط والثورات والناس بتجري وراء لقمة عيشها!! ما تنظرش الدمياط بس (ابتسامة)
أحسنتُم جابةً.
 
( ولا أتورع عن إيّاها )
كلام جميل وعظيم!
كلَّما طالعْنا موضوعًا جادًّا ذا فوائد، يدخل علينا الشيخ أحمد الدمياطي ليأخُذنا إلى الأكلات اللذيذة والحلويات والدقيق، "والمشبِّك".
وقاني الله وإياك شر الأكلات الشهية ، والحلويات الدمياطية .
ولكني لم أكن أعلم أن في زماننا من يأخذ السويق ويُبَلّعه بالماء ، ولا من يطلب من جاريته أن تطعمه وهو يكتب حتى لا يضيع الوقت ، ولكن أعلم يقينا أن المطاعم أشد ازدحاما من غيرها .
ولا أعلم أي شيء استحسنت من كلام الأخ الصومالي ، هل ذكره أحوال السلف ، أم مشروباته التي أضحكت الأخ أحمد النبوي .
أظننا أثرينا الموضوع بما لا يحب صاحبه .
 
( ولا أتورع عن إيّاها )
أحسَب أنَّ الضميرَ المنفصلَ (إياها) قلقٌ في موضعه هنا.
= أوَّلا لأنَّه ضميرُ نصبٍ وليس ضمير جر، وإن كانت ضمائر النصب والجر أولاد عمومة.
= ثانيًا لأنك إذا أردت الضمير بعد حرف الجر، فيمكنك أن تقول: ولا أتورَّع عنها.
ومن الأبيات القليلة التي أحفظها من الخلاصة:
وفي اختيارٍ لا يجيءُ المنفصِل * إذا تأتَّى أن يجيءَ المتَّصل
 
أحسَب أنَّ الضميرَ المنفصلَ (إياها) قلقٌ في موضعه هنا.
= أوَّلا لأنَّه ضميرُ نصبٍ وليس ضمير جر، وإن كانت ضمائر النصب والجر أولاد عمومة.
= ثانيًا لأنك إذا أردت الضمير بعد حرف الجر، فيمكنك أن تقول: ولا أتورَّع عنها.
ومن الأبيات القليلة التي أحفظها من الخلاصة:
وفي اختيارٍ لا يجيءُ المنفصِل * إذا تأتَّى أن يجيءَ المتَّصل
أشكر لك فوائدك ودررك ، و. . . جزاكم الله خيرا
 
جزاك الله عنا خير الجزاء أخي أحمد النبوي طلبت تعليقا وهذا بعض الكلام المكمل لما تكلمت به:
لأننا نقرأ كلام الله فعلينا أن نتأدب بكل حال قبل القراءة مثلا الوضوء، السواك، المكان الذي نقرأ فيه، التفكر والتدبر بما نقرأ لأنه يعطي القراءة لونا جميلاً، هذا من ناحية؛ أما من ناحية القراءة على الشيخ فيجب أن تكون القراءة بالتحقيق وهي تكاد اليوم أن تندثر في حلقات التدريس، لأن أغلب الطلاب اليوم يحبون السرعة، والحصول على الإجازة مع الأسف.
أذكر عندما كنا ندرس في مرحلة الثمانينات على شيخنا – رحمه الله – في المسجد كان يعطينا في اليوم صفحة؛ وأحيانا نصف صفحة؛ وكان يتابع قراءتنا حرفاً حرفاً، وينظر إلى أفواهنا ويُصَوِّبُ لنا المخارج مخرجاً مخرجاً، وإذا استعجلنا لا يقبل، ويطلب منا الإعادة، وهذه القراءة أي : قراءة التحقيق هي قراءة الرسول – صلى الله عليه وسلم – كما وصفت السيدة عائشة – رضي الله عنها – قراءته قالت : " كانت قراءته تعد حرفاً حرفاً "، وفي هذه القراءة أي : التحقيق لا يغيب أي حرف على الشيخ إذا كان الطالب يقرأ عليه بعكس باقي مراحل التلاوة الأخرى، قد تعبر على الشيخ بسبب السرعة، ولا يحصل الطالب على المقصود من تلاوته وهي الجودة والإتقان، كذلك بالتحقيق تُصَوَّرُ الآيات للسامع من حيث الأمر والنَّـهي ، والفرح والحزن، والكثرة والقلة، ووصف الجنة والنار، وهذا لا يتأتى إلا بالقراءة بالتحقيق والله أعلم ..
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ما صُبغ بالأحمر في مشاركتكم أخي الكريم فمن تعقيبي، الذي أرجو أن تقبله مشكورا:
جزاك الله عنا خير الجزاء أخي أحمد النبوي
وإياك أخي الكريم.
طلبت تعليقا وهذا بعض الكلام المكمل لما تكلمت به:

لأننا نقرأ كلام الله فعلينا أن نتأدب بكل حال قبل القراءة مثلا الوضوء، السواك، المكان الذي نقرأ فيه، التفكر والتدبر بما نقرأ لأنه يعطي القراءة لونا جميلاً، هذا من ناحية؛ أما من ناحية القراءة على الشيخ فيجب أن تكون القراءة بالتحقيق وهي تكاد اليوم أن تندثر في حلقات التدريس، لأن أغلب الطلاب اليوم يحبون السرعة، والحصول على الإجازة مع الأسف.

صدقتَ، وهو واقعٌ أليم، لكن بقية أهل العلم - من أمثال شيخكم - له بالمرصاد إن شاء الله:

أذكر عندما كنا ندرس في مرحلة الثمانينات على شيخنا – رحمه الله – في المسجد كان يعطينا في اليوم صفحة؛ وأحيانا نصف صفحة؛ وكان يتابع قراءتنا حرفاً حرفاً، وينظر إلى أفواهنا ويُصَوِّبُ لنا المخارج مخرجاً مخرجاً، وإذا استعجلنا لا يقبل، ويطلب منا الإعادة، وهذه القراءة أي : قراءة التحقيق هي قراءة الرسول – صلى الله عليه وسلم – كما وصفت السيدة عائشة – رضي الله عنها – قراءته قالت : " كانت قراءته تعد حرفاً حرفاً "، وفي هذه القراءة أي : التحقيق لا يغيب أي حرف على الشيخ إذا كان الطالب يقرأ عليه بعكس باقي مراحل التلاوة الأخرى، قد تعبر على الشيخ بسبب السرعة، ولا يحصل الطالب على المقصود من تلاوته وهي الجودة والإتقان.

أما التحقيق في التلاوة - كمرتبةٍ - فليس هو المقصودَ من حديث أُمِّنا عائشة رضي الله عنها وعن أبيها، فالتلاوة بالحدر مع بيان الحروف وإعطائها مداها وزمنها؛ تدخل في نطاق الحديث الشريف الآتي في سياق كلامكم، لكنها في التحقيق أشد وأوضح وأبين، والله أعلى وأعلم وأحكم.

كذلك بالتحقيق تُصَوَّرُ الآيات للسامع من حيث الأمر والنَّـهي ، والفرح والحزن، والكثرة والقلة، ووصف الجنة والنار، وهذا لا يتأتى إلا بالقراءة بالتحقيق والله أعلم

أحسب أن القارئ إذا أراد إيصال هذه المعاني للسامع في مرتبة الحدر والتدوير فذلك في إمكانه، لكن مع قليل من الدربة والمَلكة إن شاء الله
 
أخي أحمد أنا أقصد تعليماً على الشيخ يكون بالتحقيق أولاً حتى يتعود الطالب على ضبط التلاوة، والأداء، والمخارج ضبطاً صحيحاً، ثم يكون بعدها مهيئاً لأن يتلوها بالمرتبتين الأخرتين التدوير والحدر، أنا لم أقصد أنها لا تقرأ بالتدوير أو الحدر ولكن لا تضبط، لأن الطالب لا يمتلك المرونة التامة حتى يؤديها أول تعليمه وكذلك هناك بعض الأمور لا تُضبط في البداية إلا قراءتها بالتحقيق أمام الشيخ حتى تتقن، مثلاً المدود وموازنتها في الآية الواحدة خصوصا المد الطبيعي، وكذلك كيفية السكت لحفص أو حمزة لأن السكت له أداءٌ خاص عند القراءة وهكذا ...
 
نعم صدقت أخي الحبيب، من الأهمية بمكان أن يبدأ الطالب تعلمه بالقراءة على الشيخ بالتحقيق، جزاك الله خيرا.
 
عودة
أعلى