كيف علم نبينا مُحمد أن الجنين يُبصر في بطن أمه؟

إنضم
08/02/2024
المشاركات
153
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مصر، المنصورة
كيف علم نبينا مُحمد أن الجنين يُبصر في بطن أمه؟

FB_IMG_1766654596067.jpg


أغلبنا يعرف بأن الجنين يسمع وهو في بطن أمه، وهناك الكثير من التوصيات العلمية بمحادثة الجنين ليعتاد صوت أبوه وأمه وليمهد الطريق للتعلم بسهولة بعد الولادة، ولن أناقش هذه المسألة في هذا البحث فقد صارت من ثوابت علم الأجنة (1, 2)، وتناولها بعض كُتاب الإعجاز العلمي بشكل موسع، ولكن ماذا عن بصر الجنين؟

هل تخيلتم يوما أن الجنين له القدرة على الإبصار في ظلمات بطن أمه؟!
هل سمعتم أن النص الإسلامي أخبر عن تكون بصر الجنين في بطن أمه كما أخبر أيضا عن تكون سمعه؟!

أعرف أن الأمر يصعب تخيله لأن العلم السائد يقول بأن حاسة الإبصار لا تكتمل إلا بعد الولادة؟!
ولكن من كان يصدق أن الجنين يسمع في بطن امه قبل أن يقول العلم كلمته بعد تطور طرق قياس سمع الجنين فأثبت العلم أنه يسمع في بطن امه.
أليس من الوارد أن تتطور أيضا طرق قياس بصر الجنين فيثبت العلم أنه يمكنه الإبصار في بطن أمه؟!
النص الإسلامي يجعلني أثق في حتمية حدوث ذلك، ولذا قمت بالبحث عن أي علم حديث يمكنه قياس قدرة الجنين على الإبصار، فكانت المفاجأة.

ماذا قال النص الإسلامي عن بصر الجنين؟

بداية ينبغي أن يعلم القراء الأعزاء أن النص الإسلامي يُفرّق بين حاستيّ السمع والبصر وبين عضويّ الحاستين الأذن والعين، قال تعالى (أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بها)، وقال أيضا (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بها). وبالتالي فحين تتكلم نصوص الوحيين عن سمع وبصر الجنين فهي تقصد الحاسة ولا تقصد عضو الحاسة. ولكي تنشأ الحاسة فلابد من تكون العضو (العين والأذن) والعصب الذي يحمل الإشارات من العضو ومركز المخ الذي يستقبل الإشارات فتُترجم الى أشياء مفهومة، وذلك يتطلب وعي يعمل على تتبع الإشارات الخارجية ومحاولة فهمها.

قال تعالى بعد خلق المضغة عظاما وكسوتها باللحم (ثم أنشأناه خلقاً آخر).
ومعلوم أن الجنين في مرحلة المضغة المخلقة وغير المخلقة تتكون فيه بدايات الأعضاء ولكن لا يتشكل ولا يتصور بالشكل والصورة الإنسانية في هذه المرحلة، فجاء قول الله (ثم أنشأناه خلقا آخر) لتصف هذا التحول الكبير الذي يجعل المضغة المخلقة وغير المخلقة تتحول للشكل الإنساني بما في ذلك تكون حاستي السمع والبصر، ولذا قال بعض ادأصحاب التفاسير بأن معنى الآية أن يصير الجنين إنساناً سميعاً بصيراً بعد نفخ الروح فيه. وهذا المعنى نجده بوضوح في قول الله تعالى {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ}.
فذكر الله صراحة أن نفخ الروح سواء في آدم أو في ذريته لا يكون إلا بعد تمام تسوية الجسد والوصول به إلى الشكل الإنساني القابل للروح، علماً بأن الهاء في (سواه) ارجعها بعض المفسرين لآدم والبعض الآخر لأقرب مذكور وهو الذرية، ومن وجهة نظري القاصرة الجمع بين القولين أولى لعموم قول الله (الذي خلق فسوى)، فكل ما خلقه الله بحاجة للتسوية ليصل إلى الشكل المطلوب لوظيفته التي خُلق لها، وبالتالي فآدم قبل نفخ الروح كان بحاحة للتسوية وكذلك الذرية.

وتسوية الجنين تقتضي خلق كافة أعضاءه على الصورة الإنسانية ولكن الآية خصت بالذكر أشرف حاستين وهما السمع والبصر لأننا نعرف عن الله ونهتدي إليه بهاتين الحاستين. وقول الله بصيغة الماضي (وجعل لكم السمع والأبصار) يدل على تخلقهما في بطن الأم قبل نفخ الروح، ولذا قال تعالى في موضع آخر (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة)، فجعل الله تكون هذه الحواس في بطن الأم قبل الخروج منها لتكون أدوات التعلم بعد الخروج منها. وذكر وجود الحاسة قبل الولادة يقتضي قدرتها على ممارسة مهمتها بغض النظر عن وجود الجنين في بيئة الرحم المظلمة، فكونه لا يرى سوى ظلام لا يعني انعدام قدرته على الإبصار، وهو في ذلك مثلنا إذا جلسنا في حجرة مظلمة لا نرى شيء، فعدم الرؤية لا ينفي القدرة على الإبصار.

وما تم ذكره بصورة شبه مستترة في الآيات السابقة جاء مفصلاً في السنة النبوية حيث شرح النبي صلى الله عليه وسلم تسوية الجنين ليصل للشكل الإنساني (خلقاً آخر) قبل نفخة الروح في حديث صريح قال فيه الصادق الذي لا ينطق عن الهوى(إذا بلغت النطفة ٤٢ ليلة أتاها ملك من قبل الله فصورها وخلق لها سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال يا رب ذكر أم انثى، ما رزقه وما أجله فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك............الحديث)، رواه مسلم. فوافق الحديث آيات القرآن في ذكر تكون حاستي السمع والبصر بدلا من ذكر الأذن والعين، ونص على ان موعد تكونهما بعد ٤٢ ليلة من تكون النطفة الامشاج حيث يكون الجنين مضغة مخلقة وغير مخلقة، فكان هذا الحديث بمثابة تفسير واضح يشرح قول الله (ثم أنشأناه خلقا آخر) ويبين بوضوح شديد أن تقدير الرزق والعمر وبالتالي نفخة الروح هي امور لا تكون إلا بعد الوصول للشكل الإنساني ومن ذلك ان يكون سميعا بصيرا، مع العلم بأن أحاديث جمع خلق الجنين في البخاري ومسلم وضحت أن نفخ الروح بعد تقدير الرزق والأجل.

تطور حاسة البصر في الجنين

سبق وقلنا بأن البصر كحاسة غير العضو المسؤول عن الحاسة، فالحاسة لا تكتمل إلا بخلق كامل العضو والعصب الذي ينقل الإشارات إلى مركز مخصص في المخ مع وجود إشارات كهربية، فهل فعلا من الناحية العلمية تتكون حاسة البصر على هذا النحو بعد مرور ٤٢ ليلة من تخلق النطفة الامشاج (بعد ٦ اسابيع)؟

تكون بداية العين في بداية الأسبوع الرابع (يوم ٢٢)، ولكن حاسة البصر بأكملها لا تنشط للتكوين إلا بعد انتهاء الأسبوع السادس (بعد ٤٢ يوم) حيث تظهر كرة العين والعدسة الداخلية ويبدأ العصب البصري في التكون وتظهر أجزاء المخ الخمسة في الأسبوع الخامس من الحمل، وبنهاية الأسبوع السابع يكتمل العصب البصري وشبكية العين وتتشكل جفون العين، ويتشكل الفص الخلفي للمخ والذي يستقبل إشارات العصب البصري وتبدأ موجات المخ الكهربية بالعمل. وفي الأسبوع الثامن يحدث إتمام ما بدأ في الأسبوع السابع ليصل الجنين الى الشكل الانساني، وتصبح موجات المخ الكهربية شبيهة لما هو موجود عند البشر البالغ، وبذلك يمكن للعين نظرياً التأثر بالضوء الواصل لها (3، 4).

العلم يثبت قدرة الجنين على الإبصار بالتجربة العملية

من المعروف أن الأطفال حديثي الولادة يهتمون بالوجوه فهي تلفت انتباههم أكثر من الأشياء الأخرى، ولكن المثير للدهشة أن هذا الإهتمام بالوجوه يبدأ في الرحم، حسب ما أظهرته نتائج دراسة حديثة (5) قام بها باحثون بريطانيون عام 2017. وفيها قام الباحثون بتسليط ضوء ساطع على جدار الرحم لعدد من النساء الحوامل، فلاحظوا أن الأجنة بعمر 34 أسبوعا من الحمل يلتفتون عند عرض أشكال تشبه الوجوه، في حين لا يقومون بنفس ردة الفعل عند عرض أشكال أخرى. ويقول الباحثون "استطعنا إثبات أن الأجنة تبدي اهتماما عند عرض الوجوه بعكس الأشكال الأخرى، هذا التفضيل معروف لدى الأطفال الصغار منذ عقود ولكن حتى الآن لم يتم اكتشاف الرؤية لدى الأجنة لأسباب تقنية، والتي حالت دون إجراء دراسات حول سلوك الأجنة في الرحم".

وقد تمكن الباحثون من إجراء هذه الدراسة بفضل استعمال الأشعة فوق السمعية رباعية الأبعاد عالية الجودة 4D ultrasound إذ يمكن للضوء اختراق نسيج الرحم مما يسمح للجنين بالرؤية وتمييز الأشكال بسهولة. وأجريت الدراسة على 39 جنينا وتم مراقبة ردود أفعالهم عند رؤية أنماط مختلفة من الوجوه المسلطة ضوئيا على الرحم، وعندما قام الباحثون بتحريك الصور في مجال الرؤية للأجنة لاحظوا أنهم كانوا يلتفتون ويتبعون الصور المعروضة عندما تكون مشابهة للوجه. وخلصت الدراسة إلى أن ردود أفعال الأجنة حيال رؤية الوجوه مشابهة لردود الأطفال حديثي الولادة ما يعني أن هذا التفضيل يبدأ من الرحم وليس مكتسبا بعد الولادة.

وقد تم تأكيد نتائج الدراسة السابقة في عدة أبحاث أحدث تثبت قدرة الضوء على اختراق جدار بطن الأم والوصول لعين الجنين، وقدرة العين على التأثر بهذا الضوء قبل الولادة (6 - 8).

نتائج البحث

1. أصاب النص الإسلامي حين استخدم مفردة البصر بدلا من العين كعضو للإبصار عند الحديث عن نشأة وتكون أعضاء الجنين، واصاب أيضا حين قال بأن حاسة البصر تتكون بعد إنتهاء الأسبوع السادس من الحمل (٤٢ يوم)، وهذا من الإعجاز العلمي الذي يحسب للنص الإسلامي.

2. حين قال النص الإسلامي بتكون السمع والبصر في الجنين وهو بداخل بطن أمه لم يكن ذلك على سبيل الكناية والمجاز بل كان على سبيل الحقيقة ليثبت قدرة الجنين على السمع والبصر وهو بداخل بطن أمه وهو أمر لم يكن لأحد من البشر القدرة على معرفته في زمن بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا قبل زمن البعثة لا من كتاب سماوي سابق ولا من اقوال الفلاسفة، فقد كان بديهيا عند الناس وإلى وقت قريب جدا أن الجنين لا يسمع ولا يبصر في بطن أمه وظلت هذه المعرفة مستقرة حتى تطورت أدوات القياس حديثا وثبت بالبرهان العلمي أن الجنين يسمع ويبصر في بطن أمه، فكان هذا من الإعجاز العلمي الواضح الذي يحسب لصالح النص الإسلامي والذي يعجز البشر بدون الأدوات العلمية أن يأتوا بمثله والله تعالى أعلى وأعلم.

3. تحرك وجه الجنين باتجاه الضوء عندما يرسم شكل الوجه يدل على إرادة واعية وقدرة مسبقة على التعلم، فالجنين لم يخرج للدنيا بعد ولا علم له بشكل الوجوه، فلماذا جذبت انتباهه، وهل المعرفة يمكن ان تكون فطرية فيولد الجنين وعنده معارف فطرية تؤهله بعد ذلك لتلقي المعارف المكتسبة عن طريق السمع والبصر والفؤاد، وهذه النقطة بحاجة لمزيد من البحث.

4. نشأة حاستي السمع والبصر وإكتمال المخ بإشاراته الكهربية في هذه المرحلة الجنينية المبكرة ربما يدل على أن الروح تنفخ في الجنين بعد الأسبوع الثامن من الحمل أو حوله، وهذه النقطة بحاجة لمزيد من البحث.

اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.

د. محمود عبدالله نجا
أ.م. بكلية طب القنفذة - جامعة أم القرى
 
■ المراجع

1. Development of fetal hearing

2. Learning-induced neural plasticity of speech processing before birth

3.Prenatal Development Timeline

4. How your baby's eyes and vision develop in the womb

5. The Human Fetus Preferentially Engages with Face-like Visual Stimuli

6. Fetal eye movements in response to a visual stimulus

7. The effect of adipose tissue on transdermal monochromatic light presented to the human fetus using Monte Carlo simulations

8. Gap Junction Coupling Shapes the Encoding of Light in the Developing Retina
 
عودة
أعلى