كيفية الجمع بين دعاء زكريا عليه السلام وبين استفهامه من الإجابة

إنضم
24/03/2020
المشاركات
109
مستوى التفاعل
11
النقاط
18
الإقامة
الجزائر
سؤال: كيف يمكن الجمع بين دعاء زكريا عليه السلام بأن يرزقه الله الولد (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) آل عمران: 38. فاستجاب الله له وأعطاه مسألته (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) آل عمران: 39. وبعد ذلك اسْتَفهم زكريا من إستجابة دعوته (قال رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) آل عمران: 40. فزكريا قد دعا الله تعالى فلما استجاب له تَسَاءل، والسؤال من شِقَّين: الأول: أليس يعلم زكريا - وهو نبي من الأنبياء - أن الله تعالى على كل شيء قدير ومن ذلك منْحه الولدَ لمن يشاء، فما وجه الاستفهام في الآية، والثاني: إذا كان زكريا يعلم من حاله وحال أهله عدم إنجاب الولد فما وجه دعائه. فإذا قلنا: إنه يعلم أن الله تعالى قادر على رَزْقه الولد ولو كان هو شيخا كبيرا وامرأته عاقرا لا تُنْجب، فما وجه استفهامه في قوله تعالى: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ) . ومعنى أنى: كيف ومن أين.
 
ذكر الطبري في تفسيره لهذه الآية هذا الاستشكال فقال :" فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قَالَ زَكَرِيَّا وَهُوَ نَبِيُّ اللَّهِ: {رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} [آل عمران: ٤٠] وَقَدْ بَشَّرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِمَا بَشَّرَتْهُ بِهِ، عَنْ أَمْرِ اللَّهِ إِيَّاهَا بِهِ؟ أَشَكَّ فِي صِدْقِهِمْ؟ فَذَلِكَ مَا لَا يَحُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، فَكَيْفَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ؟ أَمْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِنْكَارًا لِقِدْرِهِ رَبِّهِ؟ فَذَلِكَ أَعْظَمُ فِي الْبَلِيَّةِ قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِ مَا ظَنَنْتَ، بَلْ كَانَ قَيلُهُ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَكَمَا: حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: " لَمَّا سَمِعَ النِّدَاءَ، يَعْنِي زَكَرِيَّا لَمَّا سَمِعَ نِدَاءَ الْمَلَائِكَةِ، بِالْبِشَارَةِ بِيَحْيَى جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُ: يَا زَكَرِيَّا إِنَّ الصَّوْتَ الَّذِي سَمِعْتَ لَيْسَ هُوَ مِنَ اللَّهِ، إِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ يَسْخَرُ بِكَ، وَلَوْ كَانَ مِنَ اللَّهِ أَوْحَاهُ إِلَيْكَ، كَمَا يُوحِي إِلَيْكَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَمْرِ، فَشَكَّ مَكَانَهُ، وَقَالَ: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} [آل عمران: ٤٠] ذَكَرَ، يَقُولُ: وَمِنْ أَيْنَ {وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} [آل عمران: ٤٠]
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ، فَأَرَادَ أَنْ يُكَدِّرَ عَلَيْهِ نِعْمَةَ رَبِّهِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَنْ نَادَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، نَادَانِي مَلَائِكَةُ رَبِّي، قَالَ: بَلْ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ، لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ رَبِّكَ لَأَخْفَاهُ إِلَيْكَ كَمَا أَخْفَيْتَ نِدَاءَكَ، فَقَالَ: {رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} [آل عمران: ٤١] " فَكَانَ قَوْلُهُ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ، وَمُرَاجَعَتُهُ رَبَّهُ فِيمَا رَاجَعَ فِيهِ بِقَوْلِهِ: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} [آل عمران: ٤٠] لِلْوَسْوَسَةِ الَّتِي خَالَطَتْ قَلْبَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، حَتَّى خَيَّلَتْ إِلَيْهِ أَنَّ النِّدَاءَ الَّذِي سَمِعَهُ كَانَ نِدَاءً مِنْ غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ: {رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} [آل عمران: ٤٠] مُسْتَثْبِتًا فِي أَمْرِهِ لِيَتَقَرَّرَ عِنْدَهُ بِآيَةٍ يُرِيهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ بِشَارَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى أَلْسُنِ مَلَائِكَتِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: {رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} [آل عمران: ٤١] ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيلُهُ ذَلِكَ مَسْأَلَةً مِنْهُ رَبَّهُ: مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَكُونُ الْوَلَدُ الَّذِي بُشِّرَ بِهِ؟ أَمِنْ زَوْجَتِهِ فَهِيَ عَاقِرٌ، أَمْ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ؟ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِمَا."

وقال مكي في الهداية :" فلما رأى زكرياء من الله لمريم ما رأى، طمع بالولد مع كبر سنه من المرأة العاقر فدعا الله في الولد من ذلك الوقت، وهو قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} فبشر وهو يصلي بالمحراب.
وقيل: بشر يحيى بعد أربعين سنة من وقت دعائه ولذلك قال عند البشارة: {رَبِّ ‌أنى ‌يَكُونُ ‌لِي ‌غُلاَمٌ} لأنه نسي دعاءه لطول المدة التي بين الدعاء والإجابة.

هذه بعض أقوال المفسرين في ذلك ...والله أعلم ..
 
السلام عليكم ورحمة الله
هذا الموضع في الحقيقة ليس موضع استفهام بل موضع تعجب من قدرة الله وتعداد للموانع التي يستحيل معها وقوع الحمل وحصول الذرية وبرغم هذا فقد حصل ما يرجو ، وهذا من أبلغ الشكر ، فالمنعم عليه ينشغل بحصول النعمة ولا يتفكر في كيفية حصولها وهذا دأب بني آدم فدائما ما تحدث العجائب والآيات فلا يتفكرون في كرم الله وجليل عطاءه.
وهناك موضع شبيه بهذا الموضع إذ يقول تعالى : {قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) } سورة هود.
بل هذا من أعظم العرفان بنعم الله وإدراك عظيم فضله ، وإلا فإن سوى الأنبياء والأولياء الصالحين لا يلقون بالا لنعم الله ولا يتفكرون في حصول الخوارق التي تتجاوز السنن.
وزكريا في هذا الموضع يقر لله بعلمه بأن ما أنعم الله به عليه ليس من عامة ما ينعم به على بقية الخلق فدفعه أدبه مع الله أن يظهر تعجبه وامتنانه تجاه ما أسبغ الله به عليه من نعمة.
 
[ قال زكريا عليه السلام في قوله تعالى { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ یَكُونُ لِی غُلَـٰمࣱ وَقَدۡ بَلَغَنِیَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِی عَاقِرࣱۖ} قال الله تعالى{ كَذَ ٰ⁠لِكَ ٱللَّهُ یَفۡعَلُ مَا یَشَاۤءُ}


استفهام زكريا عليه السلام، هو استفهام تعظيم قدرة الله على أنه يفعل ما يشاء و ليس استفهام قدرة الله على أنه يفعل ما يشاء.


و الضاهر إن هناك فرق بين دعاء زكريا عليه السلام أن يهب الله له من لدنه وليا و الدعاء أن يهب له ذرية طيبة. فعندما دعا أن يهب له ذرية كان بعد أن عاين الآية العجيبة من رزق الله تعالى لمريم عليها السلام و الأية هي ( إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) ، قال الله تعالى :{ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِیَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِی مِن لَّدُنكَ ذُرِّیَّةࣰ طَیِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِیعُ ٱلدُّعَاۤءِ (٣٨)} آل عمران.

"تفسير البقاعي : ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَما قالَ زَكَرِيّا حِينَئِذٍ؟ قِيلَ: ﴿هُنالِكَ﴾ أيْ في ذَلِكَ الوَقْتِ وذَلِكَ المَكانِ العَظِيمِ المِقْدارِ ﴿دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ﴾ تَذَكُّرًا لِما عَوَّدَهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى بِهِ مِنَ الإكْرامِ، فَظَهَرَتْ عَلَيْهِ كَراماتُ هَذِهِ الكَفالَ ، "

أي أن عندما دعا زكريا عليه السلام هنالك لم يركز على كبر سنه و لا على أن امرأته عاقر و إنما ركز على الآية ( إن الله يرزق ما يشاء بغير حساب) فأهداه الله ما سأل مصدقا بالآية ( إن الله يفعل ما يشاء).
أما حين كان يدعو أن يعطيه الله وليا فكان ذلك قبل أن يدعو بالذرية، أي قبل أن يدعوا معاينة الآية (إن الله يرزق ما يشاء بغير حساب) فقد كان يرى من الاحسن أن يدعو أن يعطيه من لدنه وليا يرثه منه العلم لانه كبر في السن و امرأته عاقر،قوله تعالى { وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا }سورة مريم، والوارث هنا ليس بالضرورة أن يكون ولدا من صلبه، و إنما الوارث قد يكون ابن مريم عليها السلام، و لكن رحمة الله أكبر، فحين دعا الذرية بمعاينة الآية "إن الله يرزق من يشاء بغير حساب" ناسيا كبره و عقر إمرته، أعطاه الله يحيى عليهما السلام و عيسى عليهما السلام.

و الحكمة هنا أن الانسان عندما يدعو فيجب أن يركز على قدرة الله ، لا على الصعوبات ولا الحوافز التي تجعله يصيب بخيبة الآمل، أو القنوط من رحمة الله،
فمن يؤمن بآيات الله، يرزقه الله منها خيرا. و الاية التي أمن بها زكريا عليه السلام و دعا بها هي { إن الله يرزق من يشاء بغير حساب} و استجاب الله له مصدقا بالآية { كَذَ ٰ⁠لِكَ ٱللَّهُ یَفۡعَلُ مَا یَشَاء}

}
 
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أشكر للإخوة والأخوات حسن التجاوب مع السؤال والإجابة للسائل
الجواب: ظهر لي بعد النظر في بضعة كتب من كتب التفسير أن الجواب جوابان، أحدهما مجمل وآخر مفصل كما يأتي مبينا:
الجواب المجمل يتضمن أمورا: أولا: استفهام زكريا عليه السلام هو من باب الاستعلام، ثانيا: استفهامه إنما هو متعلق بكيفية إتيان الولد لا بوعد الله تعالى وقدرته، ثالثا: أن الاستفهام كان قبل تحقُّق وعد الله تعالى ووقوعه.
والجواب المفصل أن يقال فيه: إن قول زكريا عليه السلام: أنى يكون لي ولد، المقصود منه هو الاستعلام، يقول ابن الجوزي: قال العلماء، منهم الحسن، وابن الأنباري، وابن كيسان: كأنه قال: من أي وجه يكون لي الولد؟ أيكون بإزالة العقر عن زوجتي، وردّ شبابي؟ أم يأتي ونحن على حالنا؟ فكان ذلك على سبيل الاستعلام، لا على وجه الشك. زاد المسير: 280/1. وأما على القول الآخر: أن المراد به هو الشك فيكون موافقا للقول الأول كذلك، لأن الشك والتردد يكون متعلقا بكيفية إتيان الولد لا غير، يقول البغوي: وجواب آخر: وهو أنه لم يشك في وعد الله إنما شك في كيفيته، أي: كيف ذلك. معالم التنزيل: 437/1. يقول القرطبي: في معنى هذا الاستفهام وجهان: أحدهما أنه سأل هل يكون له الولد وهو وامرأته على حاليهما أو يردان إلى حال من يلد؟. الثاني: سأل هل يرزق الولد من امرأته العاقر أو من غيرها. الجامع لأحكام القرآن: 79/4.
وكل هذا يؤيده ويناسبه شيء واحد وهو أنه إذا علمنا أن هذا التساءل من زكريا عليه السلام: أنى يكون لي ولد، كان بعد بِشارة الملائكة له، أي: قبل أن يأتيه الولد ويعاين معجزة الله تعالى كأمر واقع بين يديه، وزكريا عليه السلام مع عُلو مقام النبوة إلا أنه يبقى بشرا لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله تعالى عليه، وهنا لفتة جميلة وهي أن علم الغيب لا يعلمه أحد إلا الله تعالى ولو كان نبيا مرسلا .
ويضيف الشوكاني تخريجا آخر في معنى الآية فيقول: وإنما وقع منه هذا الاستفهام ... استعظاما لقدرة الله سبحانه لا لمجرد الاستبعاد. فتح القدير: 387/1. أو يكون من باب التواضع كما قال القرطبي: وقيل: المعنى بأيِّ منزلة أستوجب هذا وأنا وامرأتي على هذه الحال، على وجه التواضع. الجامع لأحكام القرآن: 79/4.
وقد تناول غير واحد من المفسرين الآية الكريمة بالبيان فلتراجع في مظانِّها والله تعالى أعلم
 
بسم الله الرحمان الرّحيم

لَمْ يَكُنْ قَوْلُ زَكَرِيَّا "أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ "
قَوْلًًا شَاذًّا مًُنْفَردًا خَاصًّا بِهِ وَحْدهُ فِي قِصَص الأَنْبِياءِ التِّي أَوْرَدَهَا القُرْآنُ لِكَيْ نَتَدَارَسَهُ وَحْدَهُ و نَفْصِلَهُ عَنْ غَيْرِهِ
و هَذَا خَطَأٌ فَالقُرْآنُ بَعْضُهُ يُفَسِّرُ بََعْضًا

فكلّ الأنبياء لمّا تضرّعوا و أُسْتُجيبَ لَهُمْ تَعَجّبُوا
و لمْ يكنْ إسْتِفْهَامًا حَقِيقِيًّا المُرَادُ بِهِ إِجَابَةٌ كما زَعمَ صَاحِبُ المَنْشُورِ وَ لَكِنْ إِسْتِفْهَامًا للْتَّعَجُّبِ و سَنُبَيِّنُ ذَلكَ بإِذْنِ اللَّهِ

زَكَرِيَّا:"قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ"
إِمْرَأَةُ إِبْرَاهِيمَ:"
وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ - قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ "
مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرانَ:"
قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا- قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا"

هَلْ كُلُّ هَؤُلَاءَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ مُصْطَفُونَ وَ أَخْيَارٌ كَمَا يَزْعُمُ قَليلُوا قِرَاءَةِ القُرْآنِ وَ تَدَبُّرِهِ؟

أَمْ هُمْ كَمَا يَزْعُمُ المُبْطِلُونَ يَشُكُّ كُلُّهُمْ فِي قُدْرَةِ الَلَّهِ ؟
أمْ يَسْأَلُ كلُّهُمْ عَنْ وَجْهِ الإِنْجَابِ كمَا زَعَمَ القَوْلُ المَنْسُوبُ لإِبْنِ الجُوزِيِّ ؟
هَلْ إِجْتَمعُوا عَلَى الشَّكِّ وَ الظَّنِّ وَ القُنُوطِ منْ رَحْمَةِ الله ؟
أمْ أَنَّكُمْ تَرْمُونَ الأَنْبياءَ و أَهْلِيهُمْ و الصَّالِحِينَ و المُقَرَّبينَ ببُهْتَانٍ ؟

بَلْ إِنَّهُ إِسْتِفْهامُ تَعَجُّبٍ
و الدَّلِيلُ أَمَامَ أَعْيُنِ المُبْصِرينَ
وهوَ قَوْلُ إِمْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا و لَنَا عِنْدَمَا جَاءَهَا الرَّسُولُ قالت "إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ "
فَنَهَرَهَا رَسولُ رَبِّ العَالمِينَ و قَالَوا لَهَا
"قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ"

و أَقُولُ لَكُمْ مُتَعَجِّبًا هَلْ فِي هَاتِهِ الآيَةِ بَيِّنَةٌ لذِي حِجْرٍ ؟
قالت أُمُّنَا أَنَّ مَا بَشَّرَها بهِ الرُّسلُ شَيْءٌُ عَجِيبٌ و هُوَ سَبَبُ تَعَجُّبِهَا فَنَهَرُوهَا لِتَعجُّبِهَا و ذَكَّروها بِمَنْزلَةِ أَهْل البَيْتِ و بِقُدْرَةِ اللَّهِ


بَشَّرَ هؤُلَاءِ الرُّسُلُ أَنْبياءَ اللهِ و أَهَاليهِمْ و الصَّالِحينَ أَشْيَاءً سَتَحْدُثُ فَاقَتْ تَوَقَُّعَاتِهِمْ و قًُدُرَاتِهِمْ العَقْلِيِّةِ
كَمَا تَعَجَّبَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ مِنْ أَنَّهُ و بَني آدَم خُلِقُوا منْ طِينٍ
يقول عز و جل " بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ "
كَمَا تَعَجَّبَ مِنْ قصَّةِ أَصْحَابِ الكَهْفِ يَقُول سُبْحانه " أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا "


( مُلاحَظَةٌ: شَكُّ النَّبِيِّ أَوِ العَبِْدِ فِي قُدْرَةِ اللهِ فِي وَقْتِ الضَّعْفِ وَ الوَهنِ أَو في الشِّدَِّةِ أو وَقْتَ التَثَبُّتِ ليْسَ شَيْئًا سَيِّئًا وَ أَدِلَّتُنا عَديدَةٌ مِنْها قَولُ إِبْرَاهيمَ
" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي "
و قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَنْ هَاتِهِ الآية
"نَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بِالشَّكِّ"
و قولُ مُوسَى
"وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ"

ثم قوله " سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ"
يعْني رُجُوعُهُ عَنْ شَكِّهِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ لِلْجَبَلِ لَمَّا خَرَّ

أَمَّا مَنْ قَالَ بَأَنَّ زَكَرِيَّا لَمَّا قَال " أَنَّى يَكُونُ لِي ...."
يَعْنِي يَتَساءَلُ عَنْ الوَجْهِ الذِّي سيَأْتِي مِنْهُ الوَلَدُ
فَهَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ لأَنَّ أُمَّ إسْحَاق قَالَتْ نَفْسَ الشَّيْءِ
و طَرِيقَةُ مَجيئِهِ لَا تَهُمُّ المُهُمِّ هُوَ المَجيِءُ


 
أَمَّا بِالنِّسْبةِ لِمنْ أَوْردَ وَ ذَكَرَ قَوْل الطَّبريِّ أَيْنَ
قولٌ لِلٍْسَدِّي و قَوْلٌ لِعِكْرِمَةَ يَزْعُمُونَ فِيهِ أَنَّ الشَّيْطانَ أَتَى زَكَرِيَّاءَ فَهَذا بُهْتَانٌ و قَوْلُ زُورٌ

أَوَّلا القَوْلانِ مَوْقُوفَانِ لا يُرْفَعَانِ للنَّبِيِّ

فَمِنْ أَيْنَ لِلْطَّبَرِي وَ السَّدِّي وَ عِكْرِمَةَ أَنْ يُحَدِّثُوا بِالغَيْبِ ؟

أَلَمْ يَقُلِ الله تعالى " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ" ؟

أَمْ أَنَّ الطَّبَرِيَّ وَ عِكْرِمَةَ رُسُلٌ كَيْ يُخْبِرُوا بِالغَيْبِ و يَحَدِّثُوا النَّاسَ بَمَجِيءِ الشَّيْطَانِ لِزَكَرِيَّا

و هَذَا شَيْءٌ لَمْ يُحَدِّثْهُمْ بِهِ النَّبِيُّ

وهَذِهِ أَقْوَالٌ مَكْذُوبَةٌ مَرْوِيَّةٌ بَِأَسَانِيدَ بَاطِلَةٍ كَما سَنُبَيِّنُ

الظَّاهِرُ أَنَّ الأُخْتَ لَا تَعْرِفُ صِحَّةَ الأَسَانِيدِ فِي جَامِعِ البَيَانِ
و أَنَّهَا لَمْ تَتَعَمَّقْ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ وَ تُلَخِّصْهُ لَكِنْ هَذَا لَنْ يَمْنَعَ اللهَ مِنْ أَنْ يَسْأَلَهَا عَمَّا نَقَلَتْهُ و كَتَبَتْهُ و لَنْ يُجْزِيَ عَنْها الطَّبَريُّ لِلْأَسَفِ

فَأَمَّا قَوْلُ السَّدِّي
فَعِلَّتُهُ الأُولَى الوَقْفُ فَحتّى لوْ كَانَ سَندُهُ صَحيحًا يَكُونُ إدِّعَاءًا وَ رَجْمًا بِالغَيْبِ وَ تَقَوُّلًا عَلَى اللهِ
أَمَّا عِلَّتُهُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ سَنَدُهُ الوَاهِي


وَ أَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ
فَفِيهِ نَفْسُ العِلَّتَانِ
الوَقْفُ و الإٍخْبَارُ بالغَيْبِ و ضَعْفُ و لِينُ السَّنَدِ
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ

أَوّلًا أُرِيدُ أَنْ أُبَيِّنَ إِخْفَاءً مِْنَ الطَّبَرِيِّ لَِعِلَلِ القَوْلِ
فَذِكْرُه أبَا بَكْرٍ عَنْ عِكْرِمة فِيهِ تَدْلِيسٌ لِأَنَّ أَبُو بَكْرَ إِسْمٌ مَشْهورٌ يُحيلُنَا عَلَى العَديدِ مِن الأَشْخَاصِ وَ الأَعْلَامِ
و لَكِنَّهُ لَيْسَ إِسْمًا وَ لَيْسَ نَسَبًا إِنَّما كِنَايَةٌ
و الإِسْمُ الحَقيقِيُّ لَأَبِي بَكْرٍ هَذَا هُو سَلَمى بْنُ عَبْدِ اللهِ الهَذْلِيُّ وَ إِسْمُ الشُّهْرَةِ أَبُو بَكْرٍ الهَذْلِيُّ
و هو رجٌُلٌ مَتْروكُ الحَديثِ لَيْسَ بِمَتِينٍ ضَعيفٌ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ منْ عُلَمَاءِ الجَرْح و التَّعْديلِ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَوْ يَجْرَحْهُ
و فيهِ أَيْضًا الحسين بنُ دَاوُدَ و إِسْمُ الشُّهْرةِ سُنَيْدٌ بْنُ دَاودَ و الكنْيةُ أَبو عَلِيٍّ و هوَ ضَعيفٌ لَمْ يَكُنْ بِذاكَ و قَال عَنْهُ النَّسَائِيُّ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً وَ ضعَّفهُ الحَافظُ بْنُ حَجَرٍ



يقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ " كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ "
وَجَبَ التَّثَبُّتُ مِنَ الأَقْوَالِ قَبْلَ نَقْلِهَا
 
الأخ الكريم عبدالله بن بشر وفقك الله وأًصلحك .
عنايتك بالضبط بالشكل جيد ويبدو أنك جيد وجديد على الملتقى.
لكن معلوماتك وأسلوبك يدل على أنك في بداية طريق التعلم ونسأل الله لك التوفيق، لكنني أدعوك للتأدب بأدب العلم وأدب الكتابة والنقاش وعدم التعالي والغرور فهذا قاتل لطالب العلم ومهلك له.
ما نقله الطبري عن السدي وغيره من علماء التابعين له اعتباره الكبير في فهم الآيات، وتحتاج التعلم لمنهج الإمام الطبري وطريقته في الاعتماد على أقوال السلف في التفسير، وليس الأمر كما ظننتَ في مشاركتك، وقد تم بيان الصواب في التعامل مع أسانيد التفسير وخصوصيتها في ذلك في مشاركات كثيرة في الملتقى منذ سنوات وتكرر ذلك لمن يتابع ويقرأ .
 
في الأسئلة التي يطلب فيها السائل الإجابة عن استشكال ما
فأنا أنصح باختصار الإجابة قدر الإمكان بإجمال
ثم بتفصيل بعد ذلك ..

لذا فبإجمال:
هذا الرأي أراه الأقرب للسياق ولأصول الإسلام العامة..

يقول القرطبي: في معنى هذا الاستفهام وجهان: أحدهما أنه سأل هل يكون له الولد وهو وامرأته على حاليهما أو يردان إلى حال من يلد؟. الثاني: سأل هل يرزق الولد من امرأته العاقر أو من غيرها. الجامع لأحكام القرآن: 79/4.
وكل هذا يؤيده ويناسبه شيء واحد وهو أنه إذا علمنا أن هذا التساءل من زكريا عليه السلام: أنى يكون لي ولد، كان بعد بِشارة الملائكة له، أي: قبل أن يأتيه الولد ويعاين معجزة الله تعالى كأمر واقع بين يديه، وزكريا عليه السلام مع عُلو مقام النبوة إلا أنه يبقى بشرا لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله تعالى عليه، وهنا لفتة جميلة وهي أن علم الغيب لا يعلمه أحد إلا الله تعالى ولو كان نبيا مرسلا

أما التفصيل ففي المشاركات السابقة خير وبركة

وأنصح بالاستماع لتفسير الشعراوي للآية الكريمة (سماعاً لا كتابة)
فقد أجاب بلغة ميسرة وبكلمات قليلة عن الاستشكال
قريبة من تفسير القرطبي

ووفقكم الله
 
عودة
أعلى