مرهف
New member
- إنضم
- 27/04/2003
- المشاركات
- 511
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
- الإقامة
- ـ سوريا
- الموقع الالكتروني
- www.kantakji.org
بسم الله الرحمن الرحيم
إن قضية الإعجاز القرآني من أهم مباحث علوم القرآن وأدقها وأعظمها، بل إن علوم القرآن لو دققنا الفكرة لوجدناها في النهاية تخدم الإعجاز القرآني، ومن المقرر لدى علماء التفسير أن الأصل في إعجاز القرآن هو الإعجاز البياني والبلاغي، ومنه تتفرع أنواع الإعجاز من إعجاز تشريعي وإعجاز غيبي وإعجاز علمي وغير ذلك مما عدده العلماء في مصنفات علوم القرآن، لأنها من دلالات الإعجاز البياني للقرآن الكريم.
وإن قضية الإعجاز العلمي في عصرنا أخذت شهرة عظيمة ورواجاً واسعاً نظراً لما يتسم به العصر الحديث من تسارع في الاكتشافات العلمية والابتكارات المذهلة، ولعل بعضهم يقوم بذلك لوجود إشارات في القرآن الكريم لما يستجد من علوم ومحاولة آخرين ربط كل جديد بالقرآن ولذلك نجد كثيرين يخوضون فيه ويتسارعون للبحث عن جديد.
وأثناء بحثي عن الجديد في مؤلفات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والتفسير العلمي للقرآن الكريم سواء في المكتبات أو المواقع على الشبكة العنكبوتية ذهلت لكثرة المؤلفات والمقالات المكتوبة في هذه القضية العلمية، ولكن ما أذهلني في هذه المؤلفات أكثر هو ثلاثة أمور:
أحدها: الاختصاص العلمي للمؤلف والكاتب، إذ وجدت أن جُلَّ الكاتبين في الإعجاز العلمي هم من غير المتخصصين بالتفسير وعلوم القرآن أو علوم الشريعة الإسلامية، فهم إما مهندسون أو أطباء أو ما يقارب ذلك من اختصاصات أخرى غير شرعية، والعجيب في هؤلاء المؤلفين أنهم يكتبون فيما يتعلق بتخصصهم العلمي وما لا يتعلق فيه، فتجد كاتباً مهندساً معمارياً أو ميكانيكياً أو محامياً أو طبيباً أو غير ذلك يكتب في خلق الجنين وعلم الفضاء وعلم الفلك والفيزياء و..الخ، ويستدل على ذلك كله من القرآن، بل إنك تجده بعد حين أصدر موسوعة في الإعجاز العلمي وتصدر الشاشات والإعلام يصوب رأي المفسرين ويخطؤهم ويزاحمهم الأكتاف، فهل يعقل أن يكون متبحراً في كل هذه العلوم وبالأخص علوم القرآن وتأهل للكتابة بهذا الكم وهو لم يفتح كتاباً في أصول التفسير وعلوم القرآن ولم يدرس أصول الاستنباط ناهيك عن دراسة باقي العلوم التي يكتب فيها، فأين احترام التخصص العلمي.
أما الثاني: فهو التكرار لمواضيع "الإعجاز العلمي" واتسم هذا التكرار عند بعضهم بأخذ موضوع من مؤلف سابق ونشره باسمه دون الإشارة لذلك مع إضافات طفيفة في بعض المعلومات التطبيقية وقد لا تكون ثمة إضافات، أو يكون سبب التكرار هو إعادة نشر البحث نفسه من المؤلف نفسه ولكن بعنوان آخر وفي موقع غير الموقع الأول.
أما الثالث: فهو تمييع مصطلح الإعجاز ونقله من سدة التحدي والسبق المضبوط، إلى فوضى العبث العلمي والترهل الفضفاض، إذ صارت كل لائحة في الخيال إعجازاً، وصار كل ما يخطر ببال هؤلاء الكتاب إعجازاً علمياً، حتى تحكم هؤلاء في صياغة هذا المصطلح الشرعي بعيداً عن ضوابط صياغة المصطلحات وقواعدها، ثم يريدون من العلماء أن يسلموا لهم هذه الفوضى العلمية.
ومما يؤسف في هذا المجال قلة الكتاب المتخصصين في علوم القرآن والتفسير في مجال التفسير العلمي والإعجاز العلمي للقرآن الكريم، فعلى سبيل المثال بحثت في موقع معرض الكتاب الدولي في الرياض – على النت - عن مادة "الإعجاز العلمي" فوجدت 116 عنواناً لم يتجاوز عدد المؤلفين في هذا الشأن من المختصين في التفسير وعلوم القرآن عدد أصابع اليد الواحدة.
ثم إنك تجد في الجهة المقابلة آخرين جعلوا من قضية الإعجاز العلمي عدواً لدوداً وبارزوا بالمحاربة كل من يشتغل به، تراه يتكئ على أخطاء من تكلمنا عنهم في البداية ليطعن في هذا اللون من الإعجاز القرآني، وإذا امتدحت بحثاً في الإعجاز العلمي بأنه سليم علمياً ولا يخالف الأصول الشرعية صنفك هؤلاء في قسم "الإعجازيين"، أو المبتدعين أو غير ذلك من الألقاب المتداولة لديهم بكثرة.
والحقيقة أننا نفتقد أحياناً للإنصاف العلمي كما أنه يلزمنا التخلي عن الأحكام المسبقة في القضايا العلمية حتى لا نفقد التوازن العلمي الهادئ في مثل هذه القضايا الحساسة.
وعلى كل حال فإني أذكر نفسي والأخوة الكاتبين في أبحاث الإعجاز العلمي بتقوى الله في كتابه وكلامه، وأن ينظروا في أنفسهم بإنصاف ملتزمين قوله تعالى ((ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً))، وأختم مقالي بما ينبغي على المشتغل بكتاب الله تعالى مراعاته والتزامه وبيان مراتب الناس في الاشتغال ببيان كتاب الله تعالى كما في كتاب علوم القرآن لشيخنا الدكتور نور الدين عتر حفظه الله إذ يقول:
((التحفظ من القول في كتاب الله تعالى إلا على بينة: باستيفاء العلوم التي ذكرناها فإن الناس في العلم بالأدوات المحتاج إليها في التفسير على ثلاث طبقات:
إحداها: من بلغ في ذلك مبلغ الراسخين كالصحابة والتابعين ومن يليهم، وهؤلاء قالوا في التفسير برأيهم مع التوقي والتحفظ، والهيبة والخوف من الهجوم، فنحن أولى منهم إن ظننا بأنفسنا أنا في العلم والفهم مثلهم.
الثانية [أي من طبقات الناس]: من علم من نفسه أنه لم يبلغ مبالغهم ولا داناهم، فهذا طرف لا إشكال في تحريم ذلك عليه، وسبيله أن يأخذ تفسيراً يدرسه بمراجعة العلماء.
الثالثة: من شك في بلوغه مبلغ أهل الاجتهاد أو ظن ذلك في بعض علومه دون بعض، فهذا أيضا داخل تحت حكم المنع من القول فيه، لأن الأصل عدم العلم، فعندما يبقى له شك أو تردد في الدخول مدخل العلماء الراسخين فانسحاب الحكم الأول عليه باق بلا إشكال، وكل أحد فقيه نفسه في هذا المجال، وربما تعدى بعض أصحاب هذه الطبقة طوره، فحسن ظنه بنفسه، ودخل في الكلام فيه مع الراسخين، ومن هنا افترقت الفرق، وتباينت النحل، وظهر في تفسير القرآن الخلل)) ا.هـ
ثم أكمل الشيخ الدكتور نور الدين باقي شروط المفسر ألخصها بالآتي:
"منها أن يعتمد المفسر على من تقدمه في التفسير وله في ذلك سعة، ومنها أن يكون على بال من الناظر والمفسر والمتكلم على القرآن أن ما يقوله من التفسير هو قول بلسان بيانه: هذا مراد الله تعالى من هذا الكلام، فليثبت أن يسأله الله تعالى: من أين قلت عني هذا؟ فلا يصح له ذلك إلا ببيان الشواهد وإلا كان باطلاً، ومنها أن يلاحظ المفسر في كلامه المنهجية في البيان وأن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر ومنها أن يبين المفسر خطة تفسيره".
أقول: فهؤلاء الذين يرتجلون التفسير ويتعجلون المعاني دون تفكير ويتلقفون ما هب ودرج من النقول والنظريات دون تمحيص ولا تحقيق ثم يصدرونها في ما يسمى بأبحاث في التفسير و الإعجاز العلمي أين هم في هذا التصنيف، وأين أمانتهم في بيان كتاب الله تعالى، نعم لا أحد يستطيع أن يحجر على العقول التدبر بكتاب الله تعالى ولا أن يحجر على المتدبر فهم معاني القرآن الكريم بشكل صحيح، ولكن كلامنا هنا في الذين يكتبون ويشرقون ويغربون في كتاب الله بما يدخل وما لا يدخل في معانيه، ثم بعد ذلك يقال: إياك أن تعترض علينا لأنك إن فعلت فسنصفك بالمتزمت والمتحجر وبأنك تمنع حرية الرأي وأنك تحتكر فهم القرآن على الناس.
وأختم مقالتي بما ورد عن سلفنا الصالح في المهابة والحذر من الخوض في كتاب الله دون علم، ومن ذلك ما ورد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال : "أنا لا أقول في القرآن شيئا" ، وكان سعيد إذا سئل عن الحلال والحرام تكلم ، وإذا سئل عن تفسير آية من القرآن سكت ، كأن لم يسمع شيئا.
ومنه : ما روي عن الشعبي أنه قال : "ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت : القرآن ، والروح، والرؤى"، وما روي عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة : يعني السلماني -وهو تابعي جليل- عن آية من القرآن فقال : "ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن، فاتق الله وعليك بالسداد" ، وروي عن مسروق : أنه قال : اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله". إلى نحو ذلك من النقول، والله أعلم.
إن قضية الإعجاز القرآني من أهم مباحث علوم القرآن وأدقها وأعظمها، بل إن علوم القرآن لو دققنا الفكرة لوجدناها في النهاية تخدم الإعجاز القرآني، ومن المقرر لدى علماء التفسير أن الأصل في إعجاز القرآن هو الإعجاز البياني والبلاغي، ومنه تتفرع أنواع الإعجاز من إعجاز تشريعي وإعجاز غيبي وإعجاز علمي وغير ذلك مما عدده العلماء في مصنفات علوم القرآن، لأنها من دلالات الإعجاز البياني للقرآن الكريم.
وإن قضية الإعجاز العلمي في عصرنا أخذت شهرة عظيمة ورواجاً واسعاً نظراً لما يتسم به العصر الحديث من تسارع في الاكتشافات العلمية والابتكارات المذهلة، ولعل بعضهم يقوم بذلك لوجود إشارات في القرآن الكريم لما يستجد من علوم ومحاولة آخرين ربط كل جديد بالقرآن ولذلك نجد كثيرين يخوضون فيه ويتسارعون للبحث عن جديد.
وأثناء بحثي عن الجديد في مؤلفات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والتفسير العلمي للقرآن الكريم سواء في المكتبات أو المواقع على الشبكة العنكبوتية ذهلت لكثرة المؤلفات والمقالات المكتوبة في هذه القضية العلمية، ولكن ما أذهلني في هذه المؤلفات أكثر هو ثلاثة أمور:
أحدها: الاختصاص العلمي للمؤلف والكاتب، إذ وجدت أن جُلَّ الكاتبين في الإعجاز العلمي هم من غير المتخصصين بالتفسير وعلوم القرآن أو علوم الشريعة الإسلامية، فهم إما مهندسون أو أطباء أو ما يقارب ذلك من اختصاصات أخرى غير شرعية، والعجيب في هؤلاء المؤلفين أنهم يكتبون فيما يتعلق بتخصصهم العلمي وما لا يتعلق فيه، فتجد كاتباً مهندساً معمارياً أو ميكانيكياً أو محامياً أو طبيباً أو غير ذلك يكتب في خلق الجنين وعلم الفضاء وعلم الفلك والفيزياء و..الخ، ويستدل على ذلك كله من القرآن، بل إنك تجده بعد حين أصدر موسوعة في الإعجاز العلمي وتصدر الشاشات والإعلام يصوب رأي المفسرين ويخطؤهم ويزاحمهم الأكتاف، فهل يعقل أن يكون متبحراً في كل هذه العلوم وبالأخص علوم القرآن وتأهل للكتابة بهذا الكم وهو لم يفتح كتاباً في أصول التفسير وعلوم القرآن ولم يدرس أصول الاستنباط ناهيك عن دراسة باقي العلوم التي يكتب فيها، فأين احترام التخصص العلمي.
أما الثاني: فهو التكرار لمواضيع "الإعجاز العلمي" واتسم هذا التكرار عند بعضهم بأخذ موضوع من مؤلف سابق ونشره باسمه دون الإشارة لذلك مع إضافات طفيفة في بعض المعلومات التطبيقية وقد لا تكون ثمة إضافات، أو يكون سبب التكرار هو إعادة نشر البحث نفسه من المؤلف نفسه ولكن بعنوان آخر وفي موقع غير الموقع الأول.
أما الثالث: فهو تمييع مصطلح الإعجاز ونقله من سدة التحدي والسبق المضبوط، إلى فوضى العبث العلمي والترهل الفضفاض، إذ صارت كل لائحة في الخيال إعجازاً، وصار كل ما يخطر ببال هؤلاء الكتاب إعجازاً علمياً، حتى تحكم هؤلاء في صياغة هذا المصطلح الشرعي بعيداً عن ضوابط صياغة المصطلحات وقواعدها، ثم يريدون من العلماء أن يسلموا لهم هذه الفوضى العلمية.
ومما يؤسف في هذا المجال قلة الكتاب المتخصصين في علوم القرآن والتفسير في مجال التفسير العلمي والإعجاز العلمي للقرآن الكريم، فعلى سبيل المثال بحثت في موقع معرض الكتاب الدولي في الرياض – على النت - عن مادة "الإعجاز العلمي" فوجدت 116 عنواناً لم يتجاوز عدد المؤلفين في هذا الشأن من المختصين في التفسير وعلوم القرآن عدد أصابع اليد الواحدة.
ثم إنك تجد في الجهة المقابلة آخرين جعلوا من قضية الإعجاز العلمي عدواً لدوداً وبارزوا بالمحاربة كل من يشتغل به، تراه يتكئ على أخطاء من تكلمنا عنهم في البداية ليطعن في هذا اللون من الإعجاز القرآني، وإذا امتدحت بحثاً في الإعجاز العلمي بأنه سليم علمياً ولا يخالف الأصول الشرعية صنفك هؤلاء في قسم "الإعجازيين"، أو المبتدعين أو غير ذلك من الألقاب المتداولة لديهم بكثرة.
والحقيقة أننا نفتقد أحياناً للإنصاف العلمي كما أنه يلزمنا التخلي عن الأحكام المسبقة في القضايا العلمية حتى لا نفقد التوازن العلمي الهادئ في مثل هذه القضايا الحساسة.
وعلى كل حال فإني أذكر نفسي والأخوة الكاتبين في أبحاث الإعجاز العلمي بتقوى الله في كتابه وكلامه، وأن ينظروا في أنفسهم بإنصاف ملتزمين قوله تعالى ((ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً))، وأختم مقالي بما ينبغي على المشتغل بكتاب الله تعالى مراعاته والتزامه وبيان مراتب الناس في الاشتغال ببيان كتاب الله تعالى كما في كتاب علوم القرآن لشيخنا الدكتور نور الدين عتر حفظه الله إذ يقول:
((التحفظ من القول في كتاب الله تعالى إلا على بينة: باستيفاء العلوم التي ذكرناها فإن الناس في العلم بالأدوات المحتاج إليها في التفسير على ثلاث طبقات:
إحداها: من بلغ في ذلك مبلغ الراسخين كالصحابة والتابعين ومن يليهم، وهؤلاء قالوا في التفسير برأيهم مع التوقي والتحفظ، والهيبة والخوف من الهجوم، فنحن أولى منهم إن ظننا بأنفسنا أنا في العلم والفهم مثلهم.
الثانية [أي من طبقات الناس]: من علم من نفسه أنه لم يبلغ مبالغهم ولا داناهم، فهذا طرف لا إشكال في تحريم ذلك عليه، وسبيله أن يأخذ تفسيراً يدرسه بمراجعة العلماء.
الثالثة: من شك في بلوغه مبلغ أهل الاجتهاد أو ظن ذلك في بعض علومه دون بعض، فهذا أيضا داخل تحت حكم المنع من القول فيه، لأن الأصل عدم العلم، فعندما يبقى له شك أو تردد في الدخول مدخل العلماء الراسخين فانسحاب الحكم الأول عليه باق بلا إشكال، وكل أحد فقيه نفسه في هذا المجال، وربما تعدى بعض أصحاب هذه الطبقة طوره، فحسن ظنه بنفسه، ودخل في الكلام فيه مع الراسخين، ومن هنا افترقت الفرق، وتباينت النحل، وظهر في تفسير القرآن الخلل)) ا.هـ
ثم أكمل الشيخ الدكتور نور الدين باقي شروط المفسر ألخصها بالآتي:
"منها أن يعتمد المفسر على من تقدمه في التفسير وله في ذلك سعة، ومنها أن يكون على بال من الناظر والمفسر والمتكلم على القرآن أن ما يقوله من التفسير هو قول بلسان بيانه: هذا مراد الله تعالى من هذا الكلام، فليثبت أن يسأله الله تعالى: من أين قلت عني هذا؟ فلا يصح له ذلك إلا ببيان الشواهد وإلا كان باطلاً، ومنها أن يلاحظ المفسر في كلامه المنهجية في البيان وأن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر ومنها أن يبين المفسر خطة تفسيره".
أقول: فهؤلاء الذين يرتجلون التفسير ويتعجلون المعاني دون تفكير ويتلقفون ما هب ودرج من النقول والنظريات دون تمحيص ولا تحقيق ثم يصدرونها في ما يسمى بأبحاث في التفسير و الإعجاز العلمي أين هم في هذا التصنيف، وأين أمانتهم في بيان كتاب الله تعالى، نعم لا أحد يستطيع أن يحجر على العقول التدبر بكتاب الله تعالى ولا أن يحجر على المتدبر فهم معاني القرآن الكريم بشكل صحيح، ولكن كلامنا هنا في الذين يكتبون ويشرقون ويغربون في كتاب الله بما يدخل وما لا يدخل في معانيه، ثم بعد ذلك يقال: إياك أن تعترض علينا لأنك إن فعلت فسنصفك بالمتزمت والمتحجر وبأنك تمنع حرية الرأي وأنك تحتكر فهم القرآن على الناس.
وأختم مقالتي بما ورد عن سلفنا الصالح في المهابة والحذر من الخوض في كتاب الله دون علم، ومن ذلك ما ورد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال : "أنا لا أقول في القرآن شيئا" ، وكان سعيد إذا سئل عن الحلال والحرام تكلم ، وإذا سئل عن تفسير آية من القرآن سكت ، كأن لم يسمع شيئا.
ومنه : ما روي عن الشعبي أنه قال : "ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت : القرآن ، والروح، والرؤى"، وما روي عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة : يعني السلماني -وهو تابعي جليل- عن آية من القرآن فقال : "ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن، فاتق الله وعليك بالسداد" ، وروي عن مسروق : أنه قال : اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله". إلى نحو ذلك من النقول، والله أعلم.