كلام الشيخ عبدالعزيز بن محمد العبد اللطيف في المجاز

إنضم
02/07/2011
المشاركات
123
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
كازاخستان
بسم الله الرحمن الرحيم​

فقد وزع أستاذنا إبراهيم نور سيف "مدرس مادة الوضع و الوضاعين" بالجامعة الإسلامية وريقة لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن محمد العبد اللطيف رحمه الله تعالى كتب فيها كلمات عن المجاز, و هي بخط يده الجميل. و أرى ما سطره رحمه الله جميلٌ و جديرٌ بالنشر, أنقل كلامه لتعم الفائدة, و هذا نصه:
[FONT=QCF_BSML]*>=<[/FONT]​
أولاً: مناقشة في إجراء المجاز
1 – المجاز لا يصح إجراؤه إلا بالقرينة الصارفة عن الحقيقة. و القرينة قائمة على "النظر و القياس". و لذلك لا يجري المجاز إلا في الأمور الخاضعة لميزان العقل أو لواقع المشاهدة, و هذا ما يصدق عليه أنه "عالم الشهادة" فقط. و من هنا لا يمكن إجراؤه إجراءً صحيحاً في "الغيبيات" مثل صفات رب العالمين و أحوال القبر و البعث و النشور و الجنة و النار و نحو ذلك.
2 – القول بإثبات المجاز أقوى في الرد على المخالفين من القول بنفيه. فمتى تأول المخالف شيئاً من الصفات مجازاً يقال له: أين القرينة الصارفة ؟ فإن قياسك الغيب على ما ترى من عالم الشهادة قياس ممنوع أصلاً فاسد الاعتبار شرعاً, فلتبق نصوص الصفات و نحوها على الحقيقة لعدم القرينة المعتبرة شرعاً و عقلاً.
3 – قول المخالفين بالمجاز في كلامهم عند تأويل الصفات أهون مما لو قالوا بالاشتراك اللفظي. فقد يقول قائلهم مثلاً: "اليد" في لغة العرب تطلق على معانٍ متعددةٍ, منها "الذاتية" و "النعمة" و "القوة" و كلها حقائق, و عندئذ يؤسس معتقداً مبناه على أن "اليد" حقيقة بمعنى "النعمة" أو حقيقة بمعنى "القوة" و يزعم أنه بذلك ما خرج عن الحقيقة في لغة العرب, بينما لو سمى ذلك مجازاً لأمكنت مناقشته من جهة القرينة.
ثانياً: مناقشة القائلين بنفي المجاز في نصوص الشرع
أقوى حجج القائلين بنفي المجاز في نصوص الشرع " أن القول به يعني أن في نصوص الشرع ما يصح نفيه" و ذلك باطل.
و هذا يناقش بما يلي:
1 – أن مراد المتكلم بكلامه - و هو المقصود شرعاً - لا يصح نفيه, و إنما الذي يصح نفيه هو ظن السامع أن المراد هو معنى الكلام لو تجرد عن القرينة.
2 – أن المنكرين للمجاز بهذه الحجة يقرون بأمور يصح نفيها, منها:
أ) العام المراد به الخصوص [FONT=QCF_BSML]([/FONT]الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ[FONT=QCF_BSML])[/FONT]
ب) الكناية " أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتَقِهِ"
ج) المبالغة " مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ..." الحديث
د) الخبر باللسان العربي عن الأنبياء و مجادلة أممهم غير العرب
و لكن المنفي في هذه و نحوها ليس هو مراد المتكلم أصلاً.
ثالثاً: أثر حذف موضوع "المجاز" من المناهج التعليمية
1 – يهدم المخالف في لحظة ما تبنيه المناهج في سنين, و ذلك بأن يقول للطالب: إن الذي حملك على إجراء الصفات على ظاهرها أنك لم تدرس باباً من أوسع أبواب اللغة هو "المجاز" و لو عرفتَه لعرفتَ كيف تنزّه الله تعالى.
2 – تنفصم شخصية الطالب عندما يقرّر له نفي المجاز ثم يجد كتب التفسير و شروح الحديث مشحونة بذكر المجاز فضلاً عن كتب اللغة.
و لذلك فالسبيل الأمثل هو دراسة "المجاز" دراسة تعتني ببيان الأساس الذي يقوم عليه و هو "النظر و القياس" و بهذا يتميز ما يصح إجراؤه فيه عما لا يصح إجراؤه فيه.
و الله أعلم, و صلى الله و سلم و بارك على النبي و على آله و صحبه أجمعين
ليلة السبت 29|رجب|1418 هـ

 
جزاك الله خيراً أبا إبراهيم
وللفائدة : فإن أقوى حجج القائلين بنفي المجاز -فيما أعلم- قولهم:
كيف تثبتون أن هذا المعنى وضع للَّفظ في الوضع الأوَّل فكان حقيقةً فيه ؟ فإنَّه لا سبيلَ إلى إثباتِ ذلك. ولماذا لا يكون المعنى الثاني -المجازُ عندكم- هو الحقيقة في اللفظ؟

وما عدا ذلك من الإيرادات فالرَّدُّ عليها ميسور.
 
2 – القول بإثبات المجاز أقوى في الرد على المخالفين من القول بنفيه. فمتى تأول المخالف شيئاً من الصفات مجازاً يقال له: أين القرينة الصارفة ؟ فإن قياسك الغيب على ما ترى من عالم الشهادة قياس ممنوع أصلاً فاسد الاعتبار شرعاً, فلتبق نصوص الصفات و نحوها على الحقيقة لعدم القرينة المعتبرة شرعاً و عقلاً.

وما حاجتنا لمعرفة وجود قرينة أم لا ؟
لو لجأنا لفهم " الحقيقة " على أنها تنقسم إلى: حقيقة شرعية وحقيقة لغوية وحقيقة عُرفية لما احتجنا للقول بالمجاز أصلاً أليس كذلك ؟
يد الله عز وجل: يد حقيقية حقيقة شرعية
يد الإنسان: يد حقيقية حقيقة لغوية
يد القِدر الذي يغلي فيه الماء (وهي المِقْبَض): يد حقيقية حقيقة عُرفية
فيكون المخالف مخطئ وقاصر الفهم لمّا يُقْصِر الحقيقة على الحقيقة اللغوية فقط
وإلا كان قوله تعالى: " وأقيموا الصلاة " مجاز في اللغة
لأن العرب تعرف الصلاة بمعنى الدعاء وليس بمعنى تلك الحركات المخصوصة المُبتَدَأَة بالتكبير والمُختَتَمَة بالتسليم وهو معنى الصلاة وفقاً للحقيقة الشرعية
وهذا - أي القول بأن قوله تعالى " وأقيموا الصلاة " مجاز - لم يقل به أحد
فيلزم المخالف الإقرار بطريقة تقسيم الحقيقة إلى لغوية وشرعية
فعندما نقول: صفات الله المعنوية - كالعلم والرحمة - والخبرية - كاليد والوجه والساق - صفات حقيقية
على المخالف أن يفهم أن قصدنا هو الحقيقة الشرعية لا اللغوية
كما أقر هو أن قوله تعالى " وأقيموا الصلاة " محمول على الحقيقة الشرعية وليس اللغوية وأن أحداً لم يقل أنه من المجاز رغم ان العرب ما وضعت يوماً - قبل الإسلام - لفظ " الصلاة " لما يفعله المسلمون .

ثم إن ابن تيمية رحمه الله - على ما أعتقد - قال بانتفاء وجود المجاز في القرآن ، وهو حجة في الإسلام وأدلته قوية

3 – قول المخالفين بالمجاز في كلامهم عند تأويل الصفات أهون مما لو قالوا بالاشتراك اللفظي. فقد يقول قائلهم مثلاً: "اليد" في لغة العرب تطلق على معانٍ متعددةٍ, منها "الذاتية" و "النعمة" و "القوة" و كلها حقائق, و عندئذ يؤسس معتقداً مبناه على أن "اليد" حقيقة بمعنى "النعمة" أو حقيقة بمعنى "القوة" و يزعم أنه بذلك ما خرج عن الحقيقة في لغة العرب, بينما لو سمى ذلك مجازاً لأمكنت مناقشته من جهة القرينة.
نفس الرد السابق
 
عودة
أعلى