عزالدين كزابر
New member
سألني سائل عما بين النظرية النسبية وبعض العقائد الإسلامية من معارضة، فأجبته إجابة موجزة. ولمّا خشيت ألا تفي بالبيان، وعدته بتفصيل القول حينما يتيسر من الوقت ما يسع، و - على همسٍ - من الإقدام ما لا ينخذل! .. خاصة وأني أعلم أن كل من أقلع في بحار النسبية لم يعد، وكل من أراد صيدَها لم يطعم، وكل من طمع في اصدافها لم يجمع، وكل من جمع من تخطيط شواطئها لم تصدق له خارطة.
ولأن جواب السائل واجب، نويت الوفاء، غير عابئ ولا ندمان، والله المستعان.
وكان سؤال السائل:
[ أرجو منكم أن تفيدوني في حل هذا الإشكال الذي ورد علي منذ مدة، وهو إشكال يتعلق بالنظرية النسبية الخاصة ومدى توافقها مع بعض الغيبيات في دين الإسلام.
إني لا أشك – والحمد لله – أن الإسلام حق، وأسأل الله أن يحيينا عليه وأن يتوفانا عليه، وإني أعلم أنه يمتنع التعارض بين المنقول الصحيح والمعقول الصريح، وبين الحقائق الشرعية الدينية أو التجريبية العلمية.
لا أخفيكم أني قد درست عن النظرية الخاصة دون العامة، وإني أسألكم أولا قبل الشروع في عرض ما استشكلت منها:
هل النظرية النسبية مثبتة بالتجارب بحيث لا يصح تفسير نتائج هذه التجارب إلا بها؟ هل تمدد الزمن/تقلص الأبعاد/نسبية الترتيب الزمني للأحداث/مطلقية سرعة الضوء ... أمور قطعية علمية؟ أم أنها قد تفسر بطرق أخرى تتجنب الإشكال المذكور الآتي؟
فمعلوم أن الله تعالى فوق كل شيء وأنه سبحانه خلق السموت والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى السماء في حجة الوداع قائلا: اللهم هل بلغت اللهم فاشهد، وإليه صعد النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة ليلة الإسراء والمعراج، فالله سبحانه خارج العالم وفوقه، ويقبض الأرض جميعا يوم القيامة وهو بكل شيء محيط ولا يحيط به شيء من خلقه إلى غير ذلك من المعاني الصحيحة التي فطرالله الناس عليها ونطقت بها الرسالات.
ومعلوم أيضا أن الله فعال لما يريد، لم يزل فاعلا، أي يفعل الشيء بعد الشيء منذ الأزل سبحانه، فخلق السموات والأرض بالحق، ويحيي الأرض بعد موتها، وينزل الغيث، ويخلقنا في بطون أمهاتنا، ويجيب دعاء المضطر ويكشف السوء، وينصر رسله وأولياءه، كما هو مشاهد.
و في المقابل، فإن النظرية النسبية تستلزم امتناع تحرك أي جسم (أو معلومة) بسرعة أعلى من سرعة الضوء في أي من الجهات، فيمتنع حسب النظرية أن يسبب حادث ما أثرا يكون فارقهما الزمني لا يكفي لانتقال الإشارة الضوئية بينهما، وبهذا تنتفي السببية بين الحوادث خارج "المخروط الضوئي".
وإن استرسلنا في هذه النظرية وافترضنا أن نجمين بعيدين انفجرا انفجارين متزامنين بالنسبة لنا، فسيكون هناك إطارٌ يرى فيه الأول منفجرا قبل الثاني، وإطار آخر يرى الثاني منفجرا فيه قبل الأول، فيلزم القائل بالنظرية حينها أحد أمرين: إحداهما: أن يقول إن الله أراد هذه قبل أن يريد هذه حسب إطار، وأراد هذه قبل أن يريد هذه حسب إطار آخر وهذا التقدير ممتنع فاسد، والأمر الثاني أن يقول: نفذ فعل الله في النجمين بعد إرادته إياه بمدة طويلة تكون كافية لوجود السببية بين إرادة الله وفعله، وهذا ظاهره التعارض مع قول الله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) وقول الله تعالى: (و ما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) وقول الله تعالى: (كل يوم هو في شأن).
ثم إن الله سبحانه يجيب دعاء عباده، والإجابة فعل الله الذي يشاؤه سبحانه بعد فعل العبد وهو الدعاء، وهذا مشكل عند اعتبار النسبية نظرا لدنو زمن الإجابة من الدعاء - إلا أن تكون الإرادة الإلهية في محل داخل ما يسمى بالمخروط الضوئي، ومعلوم أن الله ليس داخل العالم.
دلوني على جواب هذه المسألة جزاكم الله خيرا، وعصمنا وإياكم وجميع المسلمين من الزلل.
ويجيء شروعي في الجواب – الذي قد يطول - وبمشيئة الله تعالى، على الرابط التالي:
كتاب: فتاوى شرعية في النظرية النسبية
ولأن جواب السائل واجب، نويت الوفاء، غير عابئ ولا ندمان، والله المستعان.
وكان سؤال السائل:
[ أرجو منكم أن تفيدوني في حل هذا الإشكال الذي ورد علي منذ مدة، وهو إشكال يتعلق بالنظرية النسبية الخاصة ومدى توافقها مع بعض الغيبيات في دين الإسلام.
إني لا أشك – والحمد لله – أن الإسلام حق، وأسأل الله أن يحيينا عليه وأن يتوفانا عليه، وإني أعلم أنه يمتنع التعارض بين المنقول الصحيح والمعقول الصريح، وبين الحقائق الشرعية الدينية أو التجريبية العلمية.
لا أخفيكم أني قد درست عن النظرية الخاصة دون العامة، وإني أسألكم أولا قبل الشروع في عرض ما استشكلت منها:
هل النظرية النسبية مثبتة بالتجارب بحيث لا يصح تفسير نتائج هذه التجارب إلا بها؟ هل تمدد الزمن/تقلص الأبعاد/نسبية الترتيب الزمني للأحداث/مطلقية سرعة الضوء ... أمور قطعية علمية؟ أم أنها قد تفسر بطرق أخرى تتجنب الإشكال المذكور الآتي؟
فمعلوم أن الله تعالى فوق كل شيء وأنه سبحانه خلق السموت والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى السماء في حجة الوداع قائلا: اللهم هل بلغت اللهم فاشهد، وإليه صعد النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة ليلة الإسراء والمعراج، فالله سبحانه خارج العالم وفوقه، ويقبض الأرض جميعا يوم القيامة وهو بكل شيء محيط ولا يحيط به شيء من خلقه إلى غير ذلك من المعاني الصحيحة التي فطرالله الناس عليها ونطقت بها الرسالات.
ومعلوم أيضا أن الله فعال لما يريد، لم يزل فاعلا، أي يفعل الشيء بعد الشيء منذ الأزل سبحانه، فخلق السموات والأرض بالحق، ويحيي الأرض بعد موتها، وينزل الغيث، ويخلقنا في بطون أمهاتنا، ويجيب دعاء المضطر ويكشف السوء، وينصر رسله وأولياءه، كما هو مشاهد.
و في المقابل، فإن النظرية النسبية تستلزم امتناع تحرك أي جسم (أو معلومة) بسرعة أعلى من سرعة الضوء في أي من الجهات، فيمتنع حسب النظرية أن يسبب حادث ما أثرا يكون فارقهما الزمني لا يكفي لانتقال الإشارة الضوئية بينهما، وبهذا تنتفي السببية بين الحوادث خارج "المخروط الضوئي".
وإن استرسلنا في هذه النظرية وافترضنا أن نجمين بعيدين انفجرا انفجارين متزامنين بالنسبة لنا، فسيكون هناك إطارٌ يرى فيه الأول منفجرا قبل الثاني، وإطار آخر يرى الثاني منفجرا فيه قبل الأول، فيلزم القائل بالنظرية حينها أحد أمرين: إحداهما: أن يقول إن الله أراد هذه قبل أن يريد هذه حسب إطار، وأراد هذه قبل أن يريد هذه حسب إطار آخر وهذا التقدير ممتنع فاسد، والأمر الثاني أن يقول: نفذ فعل الله في النجمين بعد إرادته إياه بمدة طويلة تكون كافية لوجود السببية بين إرادة الله وفعله، وهذا ظاهره التعارض مع قول الله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) وقول الله تعالى: (و ما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) وقول الله تعالى: (كل يوم هو في شأن).
ثم إن الله سبحانه يجيب دعاء عباده، والإجابة فعل الله الذي يشاؤه سبحانه بعد فعل العبد وهو الدعاء، وهذا مشكل عند اعتبار النسبية نظرا لدنو زمن الإجابة من الدعاء - إلا أن تكون الإرادة الإلهية في محل داخل ما يسمى بالمخروط الضوئي، ومعلوم أن الله ليس داخل العالم.
دلوني على جواب هذه المسألة جزاكم الله خيرا، وعصمنا وإياكم وجميع المسلمين من الزلل.
صاحب السؤال: محمد فكري]
ويجيء شروعي في الجواب – الذي قد يطول - وبمشيئة الله تعالى، على الرابط التالي:
كتاب: فتاوى شرعية في النظرية النسبية