كتاب : بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزابادى في حلقات

إنضم
18 يوليو 2007
المشاركات
627
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=justify][align=center][glow=FF0000]بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز

للفيروزابادى[/glow]
[/align]

ملاحظة : كُتب الكتاب على الطريقة المصرية في حذف نقطتي الياء المتطرفة، مما يسبب الخلط بينها وبين الألف المقصورة.

كتاب يبحث في بعض علوم القرآن، يحتوي على مقدمة فيها فضل القرآن وشئ من المباحث العامة المتعلقة به كالنسخ ووجوه المخاطبات، ثم يأخذ في ذكر مباحث تتعلق بالقرآن : سورة سورة على ترتيبها المعروف في المصحف، فيذكر في كل سورة مباحث تسعة موضع النزول - عدد الآيات والحروف والكلمات - اختلاف القراء في عدد الآيات - مجموع فواصل السورة - اسم السورة او اسماؤها - مقصود السورة وما هي متضمنة له - الناسخ والمنسوخ - المتشابه منها - فضل السورة

[align=center]( 1 )
بسم الله الرحمن الرحيم
[/align]

كتاب بصائر ذوي التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للعلامة الفيروزابادى
/ النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق )

[align=center]ترجمة المؤلف. وآثاره وتآليفه[/align]

النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( مولد المؤلف ونشأته العلمية )

إقليم فارس من أَقاليم إِيران، يقع فى جنوبيِّها الغربىّ. ومن هذا الإِقليم كورة أَرْدَ شِير خُرَّة، وقصبتها شِيراز، وهى مدينة إِسلاميَّة مصَّرها العرب فى سنة 64 هـ. وكانت قَصَبة الإِقليم كلِّه. وفى جنوبيّ شيراز تقع مدينة كارزين، وكانت من قبيل قصبة كُورة قُباذ خُرَّة. ويقل فيها ياقوت: "كارزين بفتح الراء وكسر الزاى وياء ونون" وفى التاج أَن المشهور فيه كسر الراء، كما هو عند الصاغانى، وأَن السمعانىَّ ضبطها بالفتح. وبذلك يعلم سند ياقوت فى ضبطه.
فى هذه المدينة (كارِزين) وُلد مجد الدين الفيروز آبادى محمد ابن يعقوب. وقد صرَّح بذلك فى مادة (كرز) من القاموس، ففيها: "وكارزين: د (بلد) بفارس، منه محمد بن الحسن مقرئ الحرم. وبه وُلدت. وإِليه ينسب محدِّثون وعلماء" وقد وقع عند كثير من المترجمين له أَنه ولد بكازَرون. ويذكر صاحب التاج أَن هذا الوهم وقع فيه بعض الخاصَّة. ومصدر هذا الوهم أَن كازرون أَيضا قريبة من شيراز، وإِن كانت من كورة سابور.
وكانت ولادة المجد فى ربيع الآخر - وقيل: فى جمادى الآخرة - سنة 729هـ (سنة 1329م). ولا يعرف من أَخبار أُسرته إِلا أَن أباه كان من علماء اللغة والأَدب فى شيراز. وقد توجّه إِلى حفظ القرآن فحفظه وهو ابن سبع سنين. وكان سريع الحفظ، واستمرَّ له ذلك فى حياته. وكان يقول: لا أَنام حتى أَحفظ مائتى سطر.
وقد بدا ميله إِلى اللغة فى زمن مبكِّر. فيذكر السخاويُّ أَنه نقل إِذ ذاك كتابين من كتب اللغة، والظار أَن هذا بتوجيه أَبيه.
وقد انتقل فى السنة الثامنة من حياته إِلى شيراز فى طلب العلم. فأَخذ عن أَبيه اللغة والأَدب. ويدخل فى ذلك النحو والصرف وعلوم البلاغة، وأَخذ عن القوام عبد الله بن محمود بن النجم. وتلقَّى الحديث عن محمد بن يوسف الزَّرَنْدىّ الحنفىّ المدنىّ وكانت وفاته سنة بضع وخمسين وسبعمائة كما فى الدرر الكامنة. ونجد أَن اتجاهه لعلوم المنقول، ولا نراه يتَّجه لعلوم المعقول كالمنطق والكلام، كما نرى ذلك فى علاَّمتى المعقول فى عصره وبيئته: سعد الدين التفتازانى المتوفى فى علاَّمتى المعقول فى عصره وبيئته: سعد الدين التفتازانى المتوفى سنة 792هـ، والسيد الشريف الجرجانى المتوفى سنة 816هـ.
ويفارق شيراز فى سنة 745هـ إلى العراق، فيدخل واسطا، ويقرأُ بها القراءات العشر على الشهاب أَحمد بن علىّ الديوانىّ. ويدخل بغداد فيأْخذ عن التاج محمد بن السبّاك، والسراج عمر بن علىّ القزوينىّ، وعليه سمع الصحيح (الظاهر أَنه صحيح البخارى) ومشارق الأَنوار للصاغانىّ فى الحديث، ويذكر ابن حجر فى الدرر الكامنة هذا الرجل، فيصفه بأَنه محدّث العراق، ويقول: "ومات سنة 750. ورى عنه جماعة من آخرهم شيخنا مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازى صاحب القاموس" ويختصّ فيها بقاضى بغداد الشرف عبد الله بن بكتاش. وكان مدرّس النظاميّة، فيعمل مُعيدا عنده. ويمكثُ هكذا فى بغداد سنين.
وبعد هذا يدخل دمشق سنة 755هـ، فيأخذ عن علمائها ومحدِّثيها، كقاضى القضاة التقىّ السبكِّى المتوفى سنة 756، وابنه التاج عبد الوهاب المتوفى سنة 771هـ، ومحمد بن إِسماعيل المعروف بابن الخبَّاز مسِند دمشق المتوفى سنة 756هـ، وابن قيِّم الضيائيَّة عبد الله بن محمد ابن إِبراهيم المتوفى سنة 761هـ.
وطاف فى بلاد الشام يأخذ عن علمائها. واستقرَّ به المقام حينا من الدهر فى بيت المقدس. فأَخذ عن صلاح الدين خليل بن كَيْكَلدِى العلائى، وكان مدرس المدرسة الصلاحية بالقدس من سنة 731هـ، وكانت وفاته سنة 761هـ بالقدس.
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( أستاذية المجد )

ولى المجد فى بيت المقدس عدّة تداريس. ومعنى ذلك أَنه كان مدرّسا فى عدّة مدارس، يتقاضى من كل مدرسة نصيبه المخصَّص لدرسه فى الوقف. وهنا تبدأُ أُستاذيَّته، فيأْخذ عنه الناس, وممن أَخذ عنه الصلاح الصفَدى المتوفى بدمشق سنة 764، وأَخذ هو أَيضاً عن الصلاح. وفى الضوءِ اللامع أضنه بقى فى القُدس عشر سنوات أَى إِلى سنة 765هـ. ولكنَّا نراه فى خلال هذه المدّة مرَّة فى القاهرة، كما يأْتى، فلا بدَّ أَنه فى أَثناءِ هذه المدّة كان يرحل إِلى جهات أَخرى، ويعود إِلى القدس.
ولا يقنع المجد بمكانه فى القدس وتداريسه، فيرحل إِلى القاهرة، ويلقى علماءَها، كبهاءِ الدين عبد الله بن عبد الرحمن المشهور بابن عقيل شارح الأَلفيَّة المتوفى سنة 769، وجمال الدين عبد الريح الإِسنوىّ المتوفَّى سنة 772هـ، وابن هشام عبد الله بن يوسف النحوىّ المشهور، المتوفَّى سنة 761، ونرى من هذا أَنه جاءَ مصر قبل سنة 765، فإِذا صحّ أَنه استقرّ فى القدس عشر سنوات منذ سنة 755 فإِنه كان يحضر مصر فى رحلات ثم يعود إِلى القدس.
ونرى فى العقد الثمين أَنه قدم مكَّة قبل سنة 760. وعلى حسب كلام السخاوىّ يكون قدومه إِلى مكة من بيت المقدس. ثم يقول: إِنه قدمها بعد ذلك سنة 770هـ، وإِنه فى هذه المرة أَقام بها خمس سنين متوالية، أَو ست سنين - يشكُّ الفاسىُّ صاحب الكتاب - ثم رحل عنها أَى فى سنة 775، أَو سنة 776، ولا يذكر الفاسىُّ إِلى أَين رحل. ثم يذكر أَنه عاد إِلى مكة غير مرَّة بعد التسعين، وكان بها مجاوراً سنة 792، ومجاورة الحرم أَن يظل فى مكة بعد الحجّ، ولا يعود إِلى بلده مع العائدين. ولا أَدرى لمَ لمْ يجعله مجاورا فى السنين الخمس المتوالية أَو السنين الست التى أَقامها بمكة. وقد رحل فى هذه المرة من مكة إِلى الطائف، واشترى فيها بستاناً كان لجدِّ الفاسىّ من جهة أُمِّه. ولا بدّ أَنه فى مكة كان يدرّس فى مدارس، ويتقاضى منها مرتبات يعيش بها. وقد أَخذ عنه الفاسىّ، ويلقبه بشيخنا.
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( رحلات المجد ووفادته على الملوك )

تبيَّن القارئُ مما سبق كثرةُ رحلاته فى طلب العلم. وقد كان أَيضاً كثير الوفادة على الملوك والأُمراءِ لعهده. ويُذكر أَنه كان له حُظوة عندهم، فلم يدخل بلدا إِلا وأَكرمه متوليها.
فنراه اتصل بالأَشرف سلطان مصر. والظاهر أَنه الأَشرف شعبان ابن حسين من ملوك المماليك الترك، وقد ولى ملك مصر سنة 764، وقتل سنة 778 وقد أَجازه الأَشرف ووصله، وفى النجوم الزاهرة: "كانت أيام الملك الأَشرف شعبان المذكور بَهجة، وأَحوال الناس فى أَيامه هادئة مطمئنَّة، والخيرات كثيرات .... ومَشَى سوق أَرباب الكمالات فى زمانه من كل علم وفنّ، ونفقت فى أَيامه البضائع الكاسدة من الفنون والمُلَح، وقصدته أَربابها من الأَقطار، وهو لا يكلّ من الإِحسان إِليهم فى شىء يريده، وشئ لا يريده، حتى كلَّمه بعض خواصّه، فقال - رحمه الله -: أَفعلُ هذا لئلا تموت الفنون فى دولتى وأَيَّامى".
وفى سنة 792 كان المجد بمكة، فاستدعاه ملك بغداد أَحمد بن أُويس إِليها بكتاب "كتبه إِليه، وفيه ثناء عظيم عليه، من جملته:
*القائل القولَ لو فاه الزمان به * كانت لياليه أَياما بلا ظُلَم*
*والفاعل الفعلَة الغرَّاء لو مُزِجت * بالنار لم يك ما بالنار من حُمَم*
وفيه بعد ذكر هديَّة من مستدعيه:
*ولو نطيق لَنهدى الفرقدين لكم * والشمسَ والبدر والعيُّوق والفلكا*
وصدور هذا من سلطان لعالم منقبة كبيرة له، وقد ذهب إِلى بغداد مع الركب العراقىّ بعد الحجّ، ونال برَّه وخيره.

ويليه الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى
[/align]
 
[align=justify][align=center][glow=FF0000]الحلقة الثانية [/glow][/align]

وقد رحل إِلى الهند، ووصل إِلى دِهْلى. وف العقد الثمين أَن دخوله لليمن من بلاد الهند، وقد دخل اليمن سنة 796، فيكون رحلته إِلى الهند، متَّصلة بهذا التاريخ، وكان هذا فى عهد السلطان سكندر شاه الأَول الذى ولى السلطان فى سنة 795، فإِن كان فى الهند قبل هذا التاريخ فإِنه يكون اتصل أَيضاً بالسلطان محمد شاه سلف هذا السلطان، وهما من بنى تغلق شاه.
وذهب إِلى بلاد الروم (الأَناضول) ولقى فيها حُظوة عند السلطان بايزيد بن مراد الذى ولى السلطنة سنة 791؛ ومات سنة 804، وكانت حاضرة ملكة بُرُسَّا، إِذ لم تكن القسطنطينيَّة قد فتحت بعد.
ووفد على تيمور لنك فى شيراز. ووصله تيمور بنحو مائة أَلف درهم. وقد تغلَّب تيمور على فارس والعراق وممكلة التتار، وقصد الشام وغلب عليها حيناً. وكان ظالماً غشوماً. ومع هذا كان يقرِّب العلماءَ والأَشراف وينزلهم منازلهم. وكان يجمع العلماء فى مجلسه ويأمرهم بالمناظرة ويسأَلهم ويعنِّتهم بالمسائل. وكانت وفاته سنة 807هـ.
ووفد على شاه شجاع بن محمد بن مظفَّر اليزدى صاحب عراق العجم الذى يعرف بالجبال. وفى الدرر الكامنة فى ترجمته: "وقد اشتغل بالعلم واشتهر بحسن الفهم ومحبَّة العلماءِ. وكان ينظم الشعر ويحبُّ الأُدباءَ، ويجيز على المدائح، وقُصد من البلاد. ويقال: إِنه كان يقرئ الكشاف وكتب منه نسخة بخطِّه الفائق، ورأَيت خطه وهو فى غاية الجودة... وله أَشعار كثيرة بالفارسية" وكانت وفاته سنة 787. وفى الضوءِ أَن وفادته كانت على شاه منصور بن شاه شجاع هذا. وشاه منصور ليس ابن شاه شجاع بل هو ابن أَخيه، كما يتبين من معجم الأَنساب والأُسرات الحاكمة ص 379، فالرواية الأُولى أَثبت وهى رواية ابن حجر العسقلانى.

النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( مكانة المجد العلمية والثقافية )

كان المجد واسع المعرفة، كثير الاستحضار للمستحسَن من الشعر والْحكايات، وقد أَعانه على ذلك قوَّة حفظه، وكان ذلك من أَسباب سعادته عند الملوك والأُمراءِ. وكان يحسن اللسان الفارسىّ إِذ نشأَ فى بلاد فارس، وكان ينظم الشعر فى هذا اللسان، كما كان ينظم الشعر العربىّ. ومن شعره الذى مال فيه إِلى التجنيس قوله:
*أَحبتنا الأَماجد إِن رحلتم * ولم ترعَوا لنا عهدا وإِلاَّ*
*نودِّعْكم ونودعْكم قلوباً * لعلَّ الله يجمعنا، وإِلاَّ*
فقوله: :إِلا" فى آخر البيت الأَول يريد به الحرمة والذِّمام، وقوله: "إِلاَّ" فى آخر البيت الثانى مركَّبة من إِن الشرطية ولا النافية، وفعل الشرط محذوف، أَى: وإِلا ترحلوا تمتعنا ببقائكم. ويحتمل أَن يكون المراد: وإِلاَّ يجمعنا الله أَضرّ بنا الوجدُ، أَو نحو ذلك. ويقول الفاسىُّ فى العقد الثمين: "وسمعت من ينتقد عليه قوله فى آخر البيت الثانى: (وإِلا) بما حاصله: أَنه لم يتقدَّم له ما يوطِّئ له وأَن مثل هذا لا يحسن إِلا مع تقديم توطئة للمقصود".
وقد ساعده على سعة ثقافته كثرة كتبه "حتى نقل الجمال الخيَّاط أَنه سمع الناصر أَحمد بن إِماعيل يقول: إِنه سمعه يقول: اشتريت بخمسين أَلف مثقال ذهباً كتباً. وكان لا يسافر إِلاَّ وصحبته منها عدَّة أَحمال، ويخرج أَكثرها فى كل منزلة فينظر فيها ثم يعيدها إِذا ارتحل". ويذكِّرنا هذا بالصاحب إِماعيل بن عبَّاد، فقد ذكر عنه أَنه كان يحتاج فى نقل كتبه إِلى أَربعمائة جمل. على أَنه قد يمدّ يده إِلى كتبه فيبيع منها، فقد ذكروا عنه أَنه كان مسرِفاً، وكان مع كثرة ثروته يمحقها بالإِسراف.
وقد علمت مما مرَّ بك ميل المجد إِلى علوم الرواية، وتَطوافه فى البلاد للأَخذ عن علمائها، فكانت له مشيخة كثيرة، وقد كتب جمال الدين محمد بن موسى المراكشى المكىُّ كتابا ذكر فيه مشيخته، على عادة العلماءِ فى ذلك العهد.
وقد قام برواية الحديث ونشره حين استوسق أَمره. وقد علمت عنايته باللغة منذ نعومة أَظفاره، وظل يجدُّ فيها، حتى كانت له اليد الطولى فى مباحثتها. ويدلُّ ثبت كتبه الذى سيمر بك على تضلعه فى كل ما يتَّصل بالرواية.
وكان على سعة معارفه تعوزه الدقَّة فى بعض تآليفه. فقد أَخذ عليه التقى الفاسىّ فى العقد الثمين أَنه أَلَّف كتابا فى فضل الحَجُون - وهو جبل بأَعلى مكَّة فيه مقبرة - فذكر من دُفن فيه من الصحابة. ويقول الفاسى: "ولم أَر فى تراجمهم فى كتب الصحابة التصريح بأنهم دُفنوا جميعا بالحجون، بل ولا أَن كلهم مات بمكَّة. فإِن كان اعتمد فى دفنهم أَجمع بالحجون على من قال: إِنهم نزلوا بمكَّة فلا يلزم من نزولهم بها أَن يكون جميعهم دُفن بالحجون، فإِن الناس كانوا يدفنون بمقبرة المهاجرين، بأَسفل مكة، وبالمقبرة العليا بأَعلاها، وربما دفنوا فى دورهم".
ومن ذلك أَنه كان يتساهل فى رواية الأَحاديث الضعيفة والموضوعة، على علمه بوضعها وضعفها. وقد أَلَّف هو مجموعا فى الأَحاديث الضعيفة. وتراه فى كتاب البصائ يذكر فى فضائل السور حديث أُبَىّ بن كعب الطويل، فيذكر فى كل سورة ما يخصّها من هذا الحديث، وهو حديث موضوع تحاشاه المفسّرون إِلا الزمخشرى والبيضاوى فقد يأْتيان ببعضه، وأُخذ عليهما هذا. وكذلك حديث على المتناول لكل سورة، وفيه: يا على إِذا قرأْت سورة كذا كان لك كذا، فهو يوردُه مع التنبيه عليه فى بعض الأَحيان بأَنه واهٍ أَو ساقط. والمتحرِّى للدقة ينأَى عن هذا السبيل، وقد شدَّد العلماء فى رواية الموضوعات ووجوب تجنُّبها.
ومن هذا أَنه جمع ما يروى فى التفسير عن ابن عباس، واعتمد على رواية محمد بن مروان عن الكلبى عن أَبى صالح عن ابن عباس. ويقول السيوطى فى الإِتقان فى النوع الثمانين الذى عقده لطبقات المفسرين، إِن أَوْهى الطرق عن ابن عباس طريق الكلبى عن أَبى صالح عنه، فإِن انضم إِلى ذلك رواية محمد بن مَرْوان السُدِّى الصغير فهى سِلسلة الكذب.
وقد عابه النقَّاد بإِيمانه برَتن الهندىّ. وهو رجل ظهر بعد الستمائة من الهجرة، أَو ادَّعى ظهوره، وادَّعى صحبته للرسول عليه الصلاة والسلام، بل زعم أَنه أَسنّ منه، وروى عنه أَحاديث وأَحوالا. وقد ردّ هذه الدعوى الجهابذة. ويذكر الذهبىّ أَن هذه فرية مختلقة، وأَنه لا وجود له. ولكن المجد يصدّق بوجوده وصحبته وبقائه هذه المدة الطويلة، وينكر على الذهبىّ إِنكاره له. ويقول ابن حجر فى الإِصابة: "ولمّا اجتمعت بشيخنا مجد الدين الشيرازىّ شيخ اللغة بزَبيد فى اليمن - وهو إِذ ذاك قاضى القضاة ببلاد اليمن - رأَيته ينكر على الذهبىّ إشنكار وجود رَتَن. وذكر لى أَنه دخل ضَيْعته لمَّا دخل بلاد الهند، ووجد فيها من لا يُحصى كثرة ينقلون عن آبائهم وأَسلافهم قِصَّة رَتَن ويثبتون وجوده".
على أَنه فى الرواية البَحْت كان عَلَما مشهودا له. ويقول الخزرجىّ فيه حين كان يلقى دَرس البخارىّ فى زبيد: "وكان من الحفَّاظ المشهورين، والعلماء المذكورين. وهو أَحقّ الناس بقول أَبى الطيِّب المتنبى حيث يقول:
*أَدِيب رسَتْ للعمل فى أَرض صدره * جبالٌ جبالُ الأَرض فى جنْبها قُفُّ*
وأَعود إِلى الحديث عن تبريزه فى اللغة. فيذكر صاحب الشقائق النعمانيّة أَن المجد آخر من مات من الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفنّ فاق فيه أَقرانه على رأْس القرن الثامن الهجرى. وهم سوى الفيرو ابادى:
1- الشيخ سراج الدين البُلقينى، فى الفقه على مذهب الشافعى. وهو عمر بن رسلان مجتهد عصره. له تصنيف فى الفقه والحديث والتفسير، منها حواشى الروضة، وشرح البخارىّ، وشرح الترمذى. وولى تدريس التفسير بالجامع الطولونى. وكانت وفاته سنة 805.
2- والشيخ زَين الدين العراقىّ فى الحديث. وهو عبد الرحيم بن الحسين، حافظ العصر، وله الأَلفيَّة فى مصطلح الحديث وشرحها، وتخريج أَحاديث الإِحياء، وغيرها. مات سنة 806.
3- والشيخ سراد الدين بن الملقّن فى كثرة التصانيف فى فنّ الفقه والحديث. وهو عمر بن علىّ. اشتغل بالتصنيف وهو شابّ، حتى كان أَكثر أَهل العصر تصنيفا. ومن تصانيفه شرح البخارىّ، وشرح العمدة، وشرحان على المنهاج فى الفقه، وشرح الحاوى، وشرح التنبيه، وشرح منهاج البيضاوىّ فى الأُصول، والأَشباه والنظائر. وكانت وفاته سنة 804.
4- والشيخ شمس الدين الفنارىّ فى الاطلاع على كلّ العلوم العقليَّة والنقليَّة والعربية. وهو محمد بن حمزة من علماء الروم فى أَيام السلطان بايزيد بن مراد. وكانت وفاته سنة 834، وبهذا لا يكون المجد آخر من مات، كما يذكر صاحب الشقائق. وقد أَبدى هذا النقد اللكنوى فى كتابه "الفوائد البهيَّة فى تراجم الحنفية".
5- والشيخ ابن عرفة فى فقه المالكية بالمغرب. وهو محمد بن محمد ابن عرفة. توفى سنة 803.
ويستدرك المقرّى فى أَزهار الرياض على صاحب الشقائق، فيقول: "قيل: ولو زاد ولىّ الدين بن خلدون فى التاريخ وطبائع العالَم لحسن". وابن خلدون أَشهر من أَن يعرَّف به. وكانت وفاته سنة 808.
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( مذهبه الفقهى وتصوفه )

كان المجد شافعىّ المذهب، كأَكثر أَهل شيراز. ويذكر الفاسىّ أَن عنايته بالفقه غير قويَّة. وهو مع ذلك ولى قضاءَ الأقضية باليمن، وكان سلفه جمال الدين الرَّيمى من جِلَّة الفقهاء، وله شرح كبير على التنبيه لأَبى إِسحق الشيرازى. وفى الحقّ أَنا لا نكاد نرى له تأليف فى الفقه خاصَّة. ونراه فى سفر السعادة يعرض لأحكام العبادات، ويذكر أَنه يعتمِد فيها على الأحاديث الصحيحة، فيذهب مذهب أَهل الحديث لا مذهب الفقهاءِ.
وكانت له نزعة قويِّة إِلى التصوف، واسع الاطلاع على كتب الصوفيَّة ومقاماتهم وأَحوالهم. يبدو ذلك حين يعرض فى البصائر لنحو التوكل والإِخلاص والتوبة، فتراه ينحو نحو الصوفية، وينقل عنهم الشىء الكثير ونراه فى صدر سفر السعادة يتحدَّث عن الخَلْوة عند الصوفيَّة لمناسبة ذكر خلوة الرسول عليه الصلاة والسلام فى غار حراء.
وحين كان فى اليمن انتشرت مقالة محيى الدين بن عربى فى وحدة الوجود وما إِليها فى زبيد. وكان يدعو إِليها الشيخ اسماعيل الجبرتى الذى استوطن زبيد، وأَحرز مكانة عند السلطان؛ إّذ ناصره عند حصار الإِمام الزيدىّ للمدينة، فمال المجد إِلى هذه العقيدة. ويذكر ابن حجر فى إِنباءِ الغُمر أَنه كان يُدخل فى شرح صحيح البخارى من كلام ابن عربى فى الفتوحات المكية ما كان سببا لشَين الكتاب، ويقول: "ولم أَكن أَتَّهم الشيخ المذكور بمقالته (أَى بمقالة ابن عربى)، إِلا أَنه كان يحبُّ المداراة. ولما اجتمعت بالشيخ مجد الدين أَظهر لى إِنكار مقالة ابن العربى وغضَّ منها" وكان اجتماع ابن حجر به فى زبيد عام 800.
ولكنا نرى أَنه يمجّد ابن عربى، ويثنى على كتبه بما ينبئ عن صدق اعتقاده فيه، وأَنه أَدنى إِلى أَن يدارى ابن حجر الذى كان شديد الإِنكار على ابن عربى.
فقد أَلَّف كتاباً بسبب سؤال رفع إِليه فى شأْن ابن عربى، وفى هذا الكتاب: "الذى أَعتقده فى حال المسئول عنه، وأَدين الله تعالى به أَنه كان شيخ الطريقة حالاً وعلما، وإِمام الحقيقة حقيقة ورسماً، ومحيى رسوم المعارف فعلاً واسماً.
*إِذا تغلغل فكر المرءِ فى طَرَف * من بحره عرِقت فيه خواطره*
ثم يقول بعد الثناءِ الكثير:
*ومع علىَّ إِذا ما قلت معتقدى * دع الجهول يظنّ العدل عدوانا*
*والله والله والله العظيم ومَن * أَقامه حجَّة للدين برهانا*
*إِن الذى قلت بعض من مناقبه * ما زدت إِلا لعلى زدت نقصانا*

ويليه الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى وفيها

النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( استقراره في اليمن )
[/align]
 
أخونا أبو الخير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخونا الفاضل لو اقتصرت على المواضيع المميزة في الكتاب ، والمواضيع التي تحتاج إلى نقاش لكان أفضل ، وأيضا أن تكون قصيرة وإذا كان الموضوع في الأصل طويل ممكن تنزيله على أجزاء.

هذا مجرد اقتراح.
وجزاك الله خيرا.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله عنا خيرا أخانا كرنبة

أخي محب القرآن أرى والله أعلم أن هذا الملتقى إنما هو ملتقى أهل الشأن والتخصص ولهذا فالأفضل والله تعالى أعلم أن تكون طريقة تناول المواضيع شمولية ليكتمل التصور عند المشايخ والأساتذة فيكون الحكم بإذن الله أشمل وأدق وأصوب...
لأن الطريقة التجزيئية في كل شيء جنت على البحث العلمي...
وأرى والله أعلم أن الأفضل في كل بحث:
" تقليص مساحة البحث لا تقزيم الموضوع"
وليس كل ما يعلم يقال كما أنه ليس كل ما يقال يناقش...
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله عنا خيرا أخانا كرنبة

أخي محب القرآن أرى والله أعلم أن هذا الملتقى إنما هو ملتقى أهل الشأن والتخصص ولهذا فالأفضل والله تعالى أعلم أن تكون طريقة تناول المواضيع شمولية ليكتمل التصور عند المشايخ والأساتذة فيكون الحكم بإذن الله أشمل وأدق وأصوب...
لأن الطريقة التجزيئية في كل شيء جنت على البحث العلمي...
وأرى والله أعلم أن الأفضل في كل بحث:
" تقليص مساحة البحث لا تقزيم الموضوع"
وليس كل ما يعلم يقال كما أنه ليس كل ما يقال يناقش...

الأخ الفاضل يوسف
الكتاب موجود على النت ، وأظن أن كثيرا من الأخوة المتخصصين يمتلكون الكتاب في مكتباتهم أو عندهم في مكتبات جامعتهم.
فمجرد عرض الكتاب على صفحات المنتدى لا أرى فيه فائدة ، وبدل من ذلك يمكن وضع الرابط الموجود عليه الكتاب ومن يرغب في قراءته يقوم بتنزيله.

والكتاب عندي على الجهاز وفي مكتبتي وفيه مواضيع مميزه تحتاج إلى تأمل ، وفيه مواضيع عادية جداً، وفيه مواضيع هي من فضول العلم وبعضها ليست صحيحة ومتكلفة.
 
[align=right]
اخواني الكرام .. أعتذر عن تطفلي عليكم ..

ولكن الكتاب برغم ما فيه من خير ، ففيه طامات وأوابد ..
ومن طالع الجزء الأخير وما ذكره عن الأنبياء .. من قصص فارغة وحكايات باطلة ، أيقن أن مؤلفه - رحمه الله - بعيد كل البعد عن علم الحديث ، وقد ذكر اسماءً للنبي صلى الله عليه وسلم يذهل لها العقل ..
كما أن فيه كذلك ما لابد من مناقشته في آيات الصفات ..
والكتاب عندي منذ سنوات خمس أو يزيد ..
واستفدت منه في اللغة في المقام الأول ، كمعاني كلمات القرآن وعدد وأوجه ورودها في القرآن ..
أما علوم القرآن وقصصه وأسباب النزول .. فهو أقل بكثير من الكتب المتخصصة ..

فياحبذا لو استفدنا من مناقشة بعض مواضيعه الهامة ..
كشيء فتح الله عليه فيه ، أو غيره شذ فيه عن العلماء ..
فتتفرق الفوائد بين طلبة العلم ..
والأخ مشكورا ..
لا يفهم مني تقليل جهده ، كلا وحاشا ، والله عليم بما أقول ..
فأنا على يقين بنيته الطيبة ، لنفع إخوانه ..
لكن الكتاب كبير .. وطرحه كله لن يفيد الكثير ..
وهذا اقتراحي .. وقد أكون مخطئاً ..
فالتمسوا لي العذر وسامحوني بارك الله فيكم ..
[/align]
 
متابعة

متابعة

[align=right]
اخواني الكرام .. أعتذر عن تطفلي عليكم ..

فياحبذا لو استفدنا من مناقشة بعض مواضيعه الهامة ..
كشيء فتح الله عليه فيه ، أو غيره شذ فيه عن العلماء ..
فتتفرق الفوائد بين طلبة العلم ..
والأخ مشكورا ..
لا يفهم مني تقليل جهده ، كلا وحاشا ، والله عليم بما أقول ..
فأنا على يقين بنيته الطيبة ، لنفع إخوانه ..
لكن الكتاب كبير .. وطرحه كله لن يفيد الكثير ..
وهذا اقتراحي .. وقد أكون مخطئاً ..
فالتمسوا لي العذر وسامحوني بارك الله فيكم ..
[/align]

بل كلامك مفيد وهو اقتراح من يبحث عن الفائدة ، وأنا معك فيه لكن باختصار شديد فبعض المسائل الواردة في الكتاب قد أشبعت نقاشا من قبل في هذا الملتقى وفي غيره ؛ فالأولى هو الاقتصار على ما ورد في الكتاب مما لم يبحث من قبل بحثا علميا مستقيما.
وجزاك الله خيرا على هذا الطرح المفيد ، وجزى الله خيرا صاحب الموضوع كذلك ووفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
اقتراح جميل ويا حبذا عقد المقارنات بينه وبين الكتب المشابهة له فيما تناوله من قضايا وموضوعات .
 
عودة
أعلى