أبو الخير صلاح كرنبه
New member
- إنضم
- 18/07/2007
- المشاركات
- 627
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
[align=justify][align=center][glow=FF0000]بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
للفيروزابادى[/glow][/align]
ملاحظة : كُتب الكتاب على الطريقة المصرية في حذف نقطتي الياء المتطرفة، مما يسبب الخلط بينها وبين الألف المقصورة.
كتاب يبحث في بعض علوم القرآن، يحتوي على مقدمة فيها فضل القرآن وشئ من المباحث العامة المتعلقة به كالنسخ ووجوه المخاطبات، ثم يأخذ في ذكر مباحث تتعلق بالقرآن : سورة سورة على ترتيبها المعروف في المصحف، فيذكر في كل سورة مباحث تسعة موضع النزول - عدد الآيات والحروف والكلمات - اختلاف القراء في عدد الآيات - مجموع فواصل السورة - اسم السورة او اسماؤها - مقصود السورة وما هي متضمنة له - الناسخ والمنسوخ - المتشابه منها - فضل السورة
[align=center]( 1 )
بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
كتاب بصائر ذوي التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للعلامة الفيروزابادى
/ النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق )
[align=center]ترجمة المؤلف. وآثاره وتآليفه[/align]
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( مولد المؤلف ونشأته العلمية )
إقليم فارس من أَقاليم إِيران، يقع فى جنوبيِّها الغربىّ. ومن هذا الإِقليم كورة أَرْدَ شِير خُرَّة، وقصبتها شِيراز، وهى مدينة إِسلاميَّة مصَّرها العرب فى سنة 64 هـ. وكانت قَصَبة الإِقليم كلِّه. وفى جنوبيّ شيراز تقع مدينة كارزين، وكانت من قبيل قصبة كُورة قُباذ خُرَّة. ويقل فيها ياقوت: "كارزين بفتح الراء وكسر الزاى وياء ونون" وفى التاج أَن المشهور فيه كسر الراء، كما هو عند الصاغانى، وأَن السمعانىَّ ضبطها بالفتح. وبذلك يعلم سند ياقوت فى ضبطه.
فى هذه المدينة (كارِزين) وُلد مجد الدين الفيروز آبادى محمد ابن يعقوب. وقد صرَّح بذلك فى مادة (كرز) من القاموس، ففيها: "وكارزين: د (بلد) بفارس، منه محمد بن الحسن مقرئ الحرم. وبه وُلدت. وإِليه ينسب محدِّثون وعلماء" وقد وقع عند كثير من المترجمين له أَنه ولد بكازَرون. ويذكر صاحب التاج أَن هذا الوهم وقع فيه بعض الخاصَّة. ومصدر هذا الوهم أَن كازرون أَيضا قريبة من شيراز، وإِن كانت من كورة سابور.
وكانت ولادة المجد فى ربيع الآخر - وقيل: فى جمادى الآخرة - سنة 729هـ (سنة 1329م). ولا يعرف من أَخبار أُسرته إِلا أَن أباه كان من علماء اللغة والأَدب فى شيراز. وقد توجّه إِلى حفظ القرآن فحفظه وهو ابن سبع سنين. وكان سريع الحفظ، واستمرَّ له ذلك فى حياته. وكان يقول: لا أَنام حتى أَحفظ مائتى سطر.
وقد بدا ميله إِلى اللغة فى زمن مبكِّر. فيذكر السخاويُّ أَنه نقل إِذ ذاك كتابين من كتب اللغة، والظار أَن هذا بتوجيه أَبيه.
وقد انتقل فى السنة الثامنة من حياته إِلى شيراز فى طلب العلم. فأَخذ عن أَبيه اللغة والأَدب. ويدخل فى ذلك النحو والصرف وعلوم البلاغة، وأَخذ عن القوام عبد الله بن محمود بن النجم. وتلقَّى الحديث عن محمد بن يوسف الزَّرَنْدىّ الحنفىّ المدنىّ وكانت وفاته سنة بضع وخمسين وسبعمائة كما فى الدرر الكامنة. ونجد أَن اتجاهه لعلوم المنقول، ولا نراه يتَّجه لعلوم المعقول كالمنطق والكلام، كما نرى ذلك فى علاَّمتى المعقول فى عصره وبيئته: سعد الدين التفتازانى المتوفى فى علاَّمتى المعقول فى عصره وبيئته: سعد الدين التفتازانى المتوفى سنة 792هـ، والسيد الشريف الجرجانى المتوفى سنة 816هـ.
ويفارق شيراز فى سنة 745هـ إلى العراق، فيدخل واسطا، ويقرأُ بها القراءات العشر على الشهاب أَحمد بن علىّ الديوانىّ. ويدخل بغداد فيأْخذ عن التاج محمد بن السبّاك، والسراج عمر بن علىّ القزوينىّ، وعليه سمع الصحيح (الظاهر أَنه صحيح البخارى) ومشارق الأَنوار للصاغانىّ فى الحديث، ويذكر ابن حجر فى الدرر الكامنة هذا الرجل، فيصفه بأَنه محدّث العراق، ويقول: "ومات سنة 750. ورى عنه جماعة من آخرهم شيخنا مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازى صاحب القاموس" ويختصّ فيها بقاضى بغداد الشرف عبد الله بن بكتاش. وكان مدرّس النظاميّة، فيعمل مُعيدا عنده. ويمكثُ هكذا فى بغداد سنين.
وبعد هذا يدخل دمشق سنة 755هـ، فيأخذ عن علمائها ومحدِّثيها، كقاضى القضاة التقىّ السبكِّى المتوفى سنة 756، وابنه التاج عبد الوهاب المتوفى سنة 771هـ، ومحمد بن إِسماعيل المعروف بابن الخبَّاز مسِند دمشق المتوفى سنة 756هـ، وابن قيِّم الضيائيَّة عبد الله بن محمد ابن إِبراهيم المتوفى سنة 761هـ.
وطاف فى بلاد الشام يأخذ عن علمائها. واستقرَّ به المقام حينا من الدهر فى بيت المقدس. فأَخذ عن صلاح الدين خليل بن كَيْكَلدِى العلائى، وكان مدرس المدرسة الصلاحية بالقدس من سنة 731هـ، وكانت وفاته سنة 761هـ بالقدس.
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( أستاذية المجد )
ولى المجد فى بيت المقدس عدّة تداريس. ومعنى ذلك أَنه كان مدرّسا فى عدّة مدارس، يتقاضى من كل مدرسة نصيبه المخصَّص لدرسه فى الوقف. وهنا تبدأُ أُستاذيَّته، فيأْخذ عنه الناس, وممن أَخذ عنه الصلاح الصفَدى المتوفى بدمشق سنة 764، وأَخذ هو أَيضاً عن الصلاح. وفى الضوءِ اللامع أضنه بقى فى القُدس عشر سنوات أَى إِلى سنة 765هـ. ولكنَّا نراه فى خلال هذه المدّة مرَّة فى القاهرة، كما يأْتى، فلا بدَّ أَنه فى أَثناءِ هذه المدّة كان يرحل إِلى جهات أَخرى، ويعود إِلى القدس.
ولا يقنع المجد بمكانه فى القدس وتداريسه، فيرحل إِلى القاهرة، ويلقى علماءَها، كبهاءِ الدين عبد الله بن عبد الرحمن المشهور بابن عقيل شارح الأَلفيَّة المتوفى سنة 769، وجمال الدين عبد الريح الإِسنوىّ المتوفَّى سنة 772هـ، وابن هشام عبد الله بن يوسف النحوىّ المشهور، المتوفَّى سنة 761، ونرى من هذا أَنه جاءَ مصر قبل سنة 765، فإِذا صحّ أَنه استقرّ فى القدس عشر سنوات منذ سنة 755 فإِنه كان يحضر مصر فى رحلات ثم يعود إِلى القدس.
ونرى فى العقد الثمين أَنه قدم مكَّة قبل سنة 760. وعلى حسب كلام السخاوىّ يكون قدومه إِلى مكة من بيت المقدس. ثم يقول: إِنه قدمها بعد ذلك سنة 770هـ، وإِنه فى هذه المرة أَقام بها خمس سنين متوالية، أَو ست سنين - يشكُّ الفاسىُّ صاحب الكتاب - ثم رحل عنها أَى فى سنة 775، أَو سنة 776، ولا يذكر الفاسىُّ إِلى أَين رحل. ثم يذكر أَنه عاد إِلى مكة غير مرَّة بعد التسعين، وكان بها مجاوراً سنة 792، ومجاورة الحرم أَن يظل فى مكة بعد الحجّ، ولا يعود إِلى بلده مع العائدين. ولا أَدرى لمَ لمْ يجعله مجاورا فى السنين الخمس المتوالية أَو السنين الست التى أَقامها بمكة. وقد رحل فى هذه المرة من مكة إِلى الطائف، واشترى فيها بستاناً كان لجدِّ الفاسىّ من جهة أُمِّه. ولا بدّ أَنه فى مكة كان يدرّس فى مدارس، ويتقاضى منها مرتبات يعيش بها. وقد أَخذ عنه الفاسىّ، ويلقبه بشيخنا.
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( رحلات المجد ووفادته على الملوك )
تبيَّن القارئُ مما سبق كثرةُ رحلاته فى طلب العلم. وقد كان أَيضاً كثير الوفادة على الملوك والأُمراءِ لعهده. ويُذكر أَنه كان له حُظوة عندهم، فلم يدخل بلدا إِلا وأَكرمه متوليها.
فنراه اتصل بالأَشرف سلطان مصر. والظاهر أَنه الأَشرف شعبان ابن حسين من ملوك المماليك الترك، وقد ولى ملك مصر سنة 764، وقتل سنة 778 وقد أَجازه الأَشرف ووصله، وفى النجوم الزاهرة: "كانت أيام الملك الأَشرف شعبان المذكور بَهجة، وأَحوال الناس فى أَيامه هادئة مطمئنَّة، والخيرات كثيرات .... ومَشَى سوق أَرباب الكمالات فى زمانه من كل علم وفنّ، ونفقت فى أَيامه البضائع الكاسدة من الفنون والمُلَح، وقصدته أَربابها من الأَقطار، وهو لا يكلّ من الإِحسان إِليهم فى شىء يريده، وشئ لا يريده، حتى كلَّمه بعض خواصّه، فقال - رحمه الله -: أَفعلُ هذا لئلا تموت الفنون فى دولتى وأَيَّامى".
وفى سنة 792 كان المجد بمكة، فاستدعاه ملك بغداد أَحمد بن أُويس إِليها بكتاب "كتبه إِليه، وفيه ثناء عظيم عليه، من جملته:
*القائل القولَ لو فاه الزمان به * كانت لياليه أَياما بلا ظُلَم*
*والفاعل الفعلَة الغرَّاء لو مُزِجت * بالنار لم يك ما بالنار من حُمَم*
وفيه بعد ذكر هديَّة من مستدعيه:
*ولو نطيق لَنهدى الفرقدين لكم * والشمسَ والبدر والعيُّوق والفلكا*
وصدور هذا من سلطان لعالم منقبة كبيرة له، وقد ذهب إِلى بغداد مع الركب العراقىّ بعد الحجّ، ونال برَّه وخيره.
ويليه الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى
[/align]
للفيروزابادى[/glow][/align]
ملاحظة : كُتب الكتاب على الطريقة المصرية في حذف نقطتي الياء المتطرفة، مما يسبب الخلط بينها وبين الألف المقصورة.
كتاب يبحث في بعض علوم القرآن، يحتوي على مقدمة فيها فضل القرآن وشئ من المباحث العامة المتعلقة به كالنسخ ووجوه المخاطبات، ثم يأخذ في ذكر مباحث تتعلق بالقرآن : سورة سورة على ترتيبها المعروف في المصحف، فيذكر في كل سورة مباحث تسعة موضع النزول - عدد الآيات والحروف والكلمات - اختلاف القراء في عدد الآيات - مجموع فواصل السورة - اسم السورة او اسماؤها - مقصود السورة وما هي متضمنة له - الناسخ والمنسوخ - المتشابه منها - فضل السورة
[align=center]( 1 )
بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
كتاب بصائر ذوي التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للعلامة الفيروزابادى
/ النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق )
[align=center]ترجمة المؤلف. وآثاره وتآليفه[/align]
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( مولد المؤلف ونشأته العلمية )
إقليم فارس من أَقاليم إِيران، يقع فى جنوبيِّها الغربىّ. ومن هذا الإِقليم كورة أَرْدَ شِير خُرَّة، وقصبتها شِيراز، وهى مدينة إِسلاميَّة مصَّرها العرب فى سنة 64 هـ. وكانت قَصَبة الإِقليم كلِّه. وفى جنوبيّ شيراز تقع مدينة كارزين، وكانت من قبيل قصبة كُورة قُباذ خُرَّة. ويقل فيها ياقوت: "كارزين بفتح الراء وكسر الزاى وياء ونون" وفى التاج أَن المشهور فيه كسر الراء، كما هو عند الصاغانى، وأَن السمعانىَّ ضبطها بالفتح. وبذلك يعلم سند ياقوت فى ضبطه.
فى هذه المدينة (كارِزين) وُلد مجد الدين الفيروز آبادى محمد ابن يعقوب. وقد صرَّح بذلك فى مادة (كرز) من القاموس، ففيها: "وكارزين: د (بلد) بفارس، منه محمد بن الحسن مقرئ الحرم. وبه وُلدت. وإِليه ينسب محدِّثون وعلماء" وقد وقع عند كثير من المترجمين له أَنه ولد بكازَرون. ويذكر صاحب التاج أَن هذا الوهم وقع فيه بعض الخاصَّة. ومصدر هذا الوهم أَن كازرون أَيضا قريبة من شيراز، وإِن كانت من كورة سابور.
وكانت ولادة المجد فى ربيع الآخر - وقيل: فى جمادى الآخرة - سنة 729هـ (سنة 1329م). ولا يعرف من أَخبار أُسرته إِلا أَن أباه كان من علماء اللغة والأَدب فى شيراز. وقد توجّه إِلى حفظ القرآن فحفظه وهو ابن سبع سنين. وكان سريع الحفظ، واستمرَّ له ذلك فى حياته. وكان يقول: لا أَنام حتى أَحفظ مائتى سطر.
وقد بدا ميله إِلى اللغة فى زمن مبكِّر. فيذكر السخاويُّ أَنه نقل إِذ ذاك كتابين من كتب اللغة، والظار أَن هذا بتوجيه أَبيه.
وقد انتقل فى السنة الثامنة من حياته إِلى شيراز فى طلب العلم. فأَخذ عن أَبيه اللغة والأَدب. ويدخل فى ذلك النحو والصرف وعلوم البلاغة، وأَخذ عن القوام عبد الله بن محمود بن النجم. وتلقَّى الحديث عن محمد بن يوسف الزَّرَنْدىّ الحنفىّ المدنىّ وكانت وفاته سنة بضع وخمسين وسبعمائة كما فى الدرر الكامنة. ونجد أَن اتجاهه لعلوم المنقول، ولا نراه يتَّجه لعلوم المعقول كالمنطق والكلام، كما نرى ذلك فى علاَّمتى المعقول فى عصره وبيئته: سعد الدين التفتازانى المتوفى فى علاَّمتى المعقول فى عصره وبيئته: سعد الدين التفتازانى المتوفى سنة 792هـ، والسيد الشريف الجرجانى المتوفى سنة 816هـ.
ويفارق شيراز فى سنة 745هـ إلى العراق، فيدخل واسطا، ويقرأُ بها القراءات العشر على الشهاب أَحمد بن علىّ الديوانىّ. ويدخل بغداد فيأْخذ عن التاج محمد بن السبّاك، والسراج عمر بن علىّ القزوينىّ، وعليه سمع الصحيح (الظاهر أَنه صحيح البخارى) ومشارق الأَنوار للصاغانىّ فى الحديث، ويذكر ابن حجر فى الدرر الكامنة هذا الرجل، فيصفه بأَنه محدّث العراق، ويقول: "ومات سنة 750. ورى عنه جماعة من آخرهم شيخنا مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازى صاحب القاموس" ويختصّ فيها بقاضى بغداد الشرف عبد الله بن بكتاش. وكان مدرّس النظاميّة، فيعمل مُعيدا عنده. ويمكثُ هكذا فى بغداد سنين.
وبعد هذا يدخل دمشق سنة 755هـ، فيأخذ عن علمائها ومحدِّثيها، كقاضى القضاة التقىّ السبكِّى المتوفى سنة 756، وابنه التاج عبد الوهاب المتوفى سنة 771هـ، ومحمد بن إِسماعيل المعروف بابن الخبَّاز مسِند دمشق المتوفى سنة 756هـ، وابن قيِّم الضيائيَّة عبد الله بن محمد ابن إِبراهيم المتوفى سنة 761هـ.
وطاف فى بلاد الشام يأخذ عن علمائها. واستقرَّ به المقام حينا من الدهر فى بيت المقدس. فأَخذ عن صلاح الدين خليل بن كَيْكَلدِى العلائى، وكان مدرس المدرسة الصلاحية بالقدس من سنة 731هـ، وكانت وفاته سنة 761هـ بالقدس.
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( أستاذية المجد )
ولى المجد فى بيت المقدس عدّة تداريس. ومعنى ذلك أَنه كان مدرّسا فى عدّة مدارس، يتقاضى من كل مدرسة نصيبه المخصَّص لدرسه فى الوقف. وهنا تبدأُ أُستاذيَّته، فيأْخذ عنه الناس, وممن أَخذ عنه الصلاح الصفَدى المتوفى بدمشق سنة 764، وأَخذ هو أَيضاً عن الصلاح. وفى الضوءِ اللامع أضنه بقى فى القُدس عشر سنوات أَى إِلى سنة 765هـ. ولكنَّا نراه فى خلال هذه المدّة مرَّة فى القاهرة، كما يأْتى، فلا بدَّ أَنه فى أَثناءِ هذه المدّة كان يرحل إِلى جهات أَخرى، ويعود إِلى القدس.
ولا يقنع المجد بمكانه فى القدس وتداريسه، فيرحل إِلى القاهرة، ويلقى علماءَها، كبهاءِ الدين عبد الله بن عبد الرحمن المشهور بابن عقيل شارح الأَلفيَّة المتوفى سنة 769، وجمال الدين عبد الريح الإِسنوىّ المتوفَّى سنة 772هـ، وابن هشام عبد الله بن يوسف النحوىّ المشهور، المتوفَّى سنة 761، ونرى من هذا أَنه جاءَ مصر قبل سنة 765، فإِذا صحّ أَنه استقرّ فى القدس عشر سنوات منذ سنة 755 فإِنه كان يحضر مصر فى رحلات ثم يعود إِلى القدس.
ونرى فى العقد الثمين أَنه قدم مكَّة قبل سنة 760. وعلى حسب كلام السخاوىّ يكون قدومه إِلى مكة من بيت المقدس. ثم يقول: إِنه قدمها بعد ذلك سنة 770هـ، وإِنه فى هذه المرة أَقام بها خمس سنين متوالية، أَو ست سنين - يشكُّ الفاسىُّ صاحب الكتاب - ثم رحل عنها أَى فى سنة 775، أَو سنة 776، ولا يذكر الفاسىُّ إِلى أَين رحل. ثم يذكر أَنه عاد إِلى مكة غير مرَّة بعد التسعين، وكان بها مجاوراً سنة 792، ومجاورة الحرم أَن يظل فى مكة بعد الحجّ، ولا يعود إِلى بلده مع العائدين. ولا أَدرى لمَ لمْ يجعله مجاورا فى السنين الخمس المتوالية أَو السنين الست التى أَقامها بمكة. وقد رحل فى هذه المرة من مكة إِلى الطائف، واشترى فيها بستاناً كان لجدِّ الفاسىّ من جهة أُمِّه. ولا بدّ أَنه فى مكة كان يدرّس فى مدارس، ويتقاضى منها مرتبات يعيش بها. وقد أَخذ عنه الفاسىّ، ويلقبه بشيخنا.
النصوص الواردة في ( بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى ) ضمن الموضوع ( مقدمة المحقق ) ضمن العنوان ( رحلات المجد ووفادته على الملوك )
تبيَّن القارئُ مما سبق كثرةُ رحلاته فى طلب العلم. وقد كان أَيضاً كثير الوفادة على الملوك والأُمراءِ لعهده. ويُذكر أَنه كان له حُظوة عندهم، فلم يدخل بلدا إِلا وأَكرمه متوليها.
فنراه اتصل بالأَشرف سلطان مصر. والظاهر أَنه الأَشرف شعبان ابن حسين من ملوك المماليك الترك، وقد ولى ملك مصر سنة 764، وقتل سنة 778 وقد أَجازه الأَشرف ووصله، وفى النجوم الزاهرة: "كانت أيام الملك الأَشرف شعبان المذكور بَهجة، وأَحوال الناس فى أَيامه هادئة مطمئنَّة، والخيرات كثيرات .... ومَشَى سوق أَرباب الكمالات فى زمانه من كل علم وفنّ، ونفقت فى أَيامه البضائع الكاسدة من الفنون والمُلَح، وقصدته أَربابها من الأَقطار، وهو لا يكلّ من الإِحسان إِليهم فى شىء يريده، وشئ لا يريده، حتى كلَّمه بعض خواصّه، فقال - رحمه الله -: أَفعلُ هذا لئلا تموت الفنون فى دولتى وأَيَّامى".
وفى سنة 792 كان المجد بمكة، فاستدعاه ملك بغداد أَحمد بن أُويس إِليها بكتاب "كتبه إِليه، وفيه ثناء عظيم عليه، من جملته:
*القائل القولَ لو فاه الزمان به * كانت لياليه أَياما بلا ظُلَم*
*والفاعل الفعلَة الغرَّاء لو مُزِجت * بالنار لم يك ما بالنار من حُمَم*
وفيه بعد ذكر هديَّة من مستدعيه:
*ولو نطيق لَنهدى الفرقدين لكم * والشمسَ والبدر والعيُّوق والفلكا*
وصدور هذا من سلطان لعالم منقبة كبيرة له، وقد ذهب إِلى بغداد مع الركب العراقىّ بعد الحجّ، ونال برَّه وخيره.
ويليه الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى
[/align]