كتاب (الموضِّح في التفسير) المطبوع المنسوب للحدادي ليس له !

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,318
مستوى التفاعل
127
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
[align=justify]عام 1408هـ صدر عن دار القلم بدمشق كتابان منسوبان للإمام أبي نصر أحمد بن محمد السمرقندي الحدادي ، والحدادي نسبة إلى عمل الحديد ، أو إلى قرية اسمها حدادة. وذكر ياقوت الحموي أنها قرية كبيرة بين دامغان وبسطام على جادة الري ، وهي تابعة لإيران اليوم ، من أعلام القرن الرابع الهجري ، الذي برز في علم القراءات والتفسير ، ووصفه ابن الجزري بقوله :(وكان شيخ القراء بسمرقند ، انتهى إليه التحقيق والرواية ، وبقي إلى بعد الأربعمائة).[غاية النهاية 1/105] ، ومن شيوخه الذين ذكرهم ابن الجزري أبو سعيد السيرافي النحوي (ت368هـ) وأبو بكر بن مهران الأصفهاني النيسابوري(ت381هـ) ، مؤلف كتاب (الغاية في العشر) ، وهبة الله بن سلامة البغدادي(ت410هـ) ، صاحب (الناسخ والمنسوخ). وغيرهم من الشيوخ.
وكان ابنه نصر من شيوخ الإمام أبي القاسم الهذلي (ت465هـ) صاحب كتاب (الكامل في القراءات الخمسين).
وقد ذكر ابن الجزري للحدادي كتاباً في القراءات عنوانه (الغنية في القراءات) ، وقد وقف عليه ، وكان من مصادره في (غاية النهاية). ثم لا تجد بعد هذا للحدادي ذكراً كبيراً في كتب التراجم الأخرى .
وكنت قد درست مسائل نافع بن الأزرق دراسة مستوعبة لجوانبها في بحثي عن الشاهد الشعري في تفسير القرآن ، ولفت نظري تشابهٌ بين هذه المسائل ، ومسلك الحدادي في كتابه الذي طبع بتحقيق صفوان عدنان داوودي ، ونشرته دار القلم بدمشق عام 1408هـ. بعنوان (الموَضِّحُ في التفسير) لشيخ القراء بسمرقند أبي النصر أحمد بن محمد بن أحمد السمرقندي المعروف بالحدادي والمتوفى بعد الأربعمائة.[/align]
[align=center]
modheh.jpg
[/align]

[align=justify]وكان مما قلته في بحثي للمسائل :
( مِنْ أكثرِ من رأيتهُ نَسَجَ على مِنوالِ هذه المسائلِ دونَ الإشارةِ إليها أَدنى إشارةٍ أبو النَّصر أَحْمدُ بنُ مُحمدٍ السَّمْرَقَنْدِيُّ المعروفُ بالحَدَّاديِ في كتابه الذي طبع باسم «المُوضِّح في التفسير» ، وهو كتاب مُختصر لا يمكن اعتباره تفسيراً للقرآن ، وإنما شرح لمفردات قليلة في تفسير الغريب من ألفاظ القرآنِ وأساليبه ، يكتفي فيه بِبَيانِ اللفظةِ الغريبة ، أو التركيبِ المُشكلِ في الآيةِ بأَوجزِ عبارةٍ ، ثُم يستشهدُ على ذلك بشاهدٍ من الشِّعرِ أو أكثر ، على غرار مسائل نافع بن الأزرق ، ويقع الكتاب في (113) مائة وثلاث عشرة صفحة ، فسَّر فيها (200) مائتي لفظةٍ غريبةٍ ، وأسلوبٍ من أساليب القرآنِ الكريم ، واستشهد على تفسيره بِمائتين وخَمسةَ عشر شاهداً من الشعرِ الجيّدِ المُحتجِّ به عند المفسرين ، ولم ينسب منها لقائله إلا ثلاثة وعشرين شاهداً ، في حين استطاع المُحقق نسبة مائة وثلاثة وستين شاهداً ، وبقي تسعة وعشرون شاهداً غير منسوبة ، والشعراء الذين استشهد بشعرهم من الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين ، ولم يستشهد بشعر المُحدثين إلا في موضع واحدٍ ، فقد استشهد ببيت لأبي نواس ، معتمداً على إنشاد الفراء له.[انظر: الموضح في التفسير 120] ويظهر من منهجه أنه لم يكن يُعنى بنسبة الشواهد الشعرية إذا ثبتت لديه صحتها ، والثقة بها ، وقد كان هذا نهجاً عند العلماء ، وسيأتي بيان ذلك).أ.هـ [/align]

[align=justify]انتهى ما قلته في رسالتي عن (الشاهد الشعري في تفسير القرآن) عن هذا الكتاب . وكنت منذ زمن أنتقد إخراج المحقق عدنان صفوان داوودي وفقه الله لكتابي الحدادي دون وصف للمخطوطات التي اعتمد عليها ، ونشره للكتابين على مخطوطة وحيدة ، دون وضع صورة لبعض صفحاتها للاطمئنان إلى صحة الكتاب ، ونسبته إلى مؤلفه. لكنني لم أتوقف عند هذا الأمر ، وألحقته بمسائل دراستي لمسائل نافع بن الأزرق للشبه المنهجي بينهما ، مع تشكيكي بصحة كونه تفسيراً للقرآن.
وفي شهر ذي الحجة 1426هـ الفائت زارني أخي العزيز الدكتور محمد أجمل أيوب الإصلاحي ، وهو أستاذ في اللغة العربية بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية سابقاً ، وهو محقق دقيق ، حقق عدداً من كتب العلامة عبدالحميد الفراهي التي نشرتها دار القلم ودار الغرب الإسلامي مؤخراً.
وقد دار الحديث حول كتاب (الموضح) هذا ، ومنهجه الغريب ، فأخبرني أنه قد تنبه قديماً لهذه المسألة ، وأنه قد ناقش المحققَ ودعاه إلى زيارته في منزله في المدينة المنورة عندما كان الدكتور محمد أستاذاً بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية هناك ، وبَيَّنَ له خطأه في نسبة هذا الكتاب للحدداي ، وطلب منه صورةَ المخطوطة التي اعتمد عليها ، فاتضح للدكتور محمد أَنَّ الخطأ الذي وقع فيه المحقق ، هو أَنَّه لَفَّقَ هذا الكتابَ ، وأضاف إليه من عنده أموراً ولم يبين ذلك للقارئ . وأن الكتاب في حقيقته لرجلٍ قام بتجريد الشواهد الشعرية وموضع الاستشهاد من تفسير الحدادي الكبير المسمى بالموضح في التفسير.
وأخبرني الدكتور محمد أجمل الإصلاحي أنه كتب مقالة طويلة نشرها في ملحق التراث الذي يصدر عن جريدة المدينة في العدد 34 ، السنة 15 ، بتاريخ 6/6/1412هـ الموافق 12/10/1991م.[/align]
فطلبت منه تزويدي بهذا المقال ، فتفضل به مشكوراً ، وهو بعنوان:
[align=center]أهذا كتاب الموضح لعلم القرآن للحدادي ![/align]

[align=justify]وهذا نص المقال بعد مقدمة تعريفية بالحدادي :
لحسن حظنا تحتفظ مكتبة تشستربيتي – فيما تحتفظ به من نوادر التراث الإسلامي – بمجموع يحتوي على عدة كتب قيمة ، منها كتاب في علوم القرآن للحدادي ، رقم المجموع 3883 ، والكتاب المذكور فيه من ق246 إلى ق368 ، وقد فقدت الورقة الأولى التي فيها عنوان الكتاب ، غير أن المفهرس سماه (المدخل في علم تفسير القرآن) ، ولعله اعتمد في هذه التسمية على ما ورد في مقدمة المؤلف :(وجعلته مدخلاً لعلم تفسير كتاب الله تعالى ومعانيه).
وقد صدر هذا الكتاب عن دار القلم بدمشق سنة 1408هـ ، بتحقيق الأخ الشيخ صفوان عدنان داودي ، باسم (المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى).[/align]

[align=center]
madkhal.jpg
[/align]

[align=justify]والظاهر أن الاسم مأخوذٌ من المقدمة ، ولكن الأخ المحقق أعرض كل الإعراض ، في مقدمته الطويلة التي جاءت في 48 صفحة ، عن قضية عنوان الكتاب ، كأنه أمر مسلم لا نزاع فيه ، وكأن الكتاب كان مشهوراً بهذا الاسم بين العلماء والباحثين.
وجدير بالذكر بهذا الصدد أن في دار الكتب المصرية نسخة مصورة من كتاب (المنتخب من تحفة الولد للإمام المفسر أحمد بن محمد الحدادي) ، وصاحبه أبو محمد علي بن القاسم البامياني ، وذكر في فهرس دار الكتب (3/114) أنه (في علم الوجوه والنظائر الواردة في القرآن الكريم ، مرتب على 127 باباً).
وإنني أرجح أن المراد من (تحفة الولد) كتاب (المدخل) هذا ، فإن الحدادي صرح في مقدمته بذلك قائلاً :(صنفت كتابي هذا تحفة مني لولدي محمد ...). وفي آخر الكتاب أبواب من الوجوه والنظائر ، فلعل البامياني اختار هذه الأبواب في المنتخب .
والأمر الذي يثير التساؤل هو اسم الكتاب (تحفة الولد. أهذا هو الاسم الذي سماه به مؤلفه ، أم استخرجه البامياني من مقدمة المؤلف ، كما فعل مفهرس مكتبة تشستربيتي ، ومحقق الكتاب ؟
وقد ذكر أبو النصر الحدادي في مقدمة كتابه هذا (ص51) كتاباً آخر له صنفه قبل هذا الكتاب ، وسَمَّاه (الموضح لعلم القرآن). ومن هنا ذكره محقق المدخل في ترجمة الحدادي ، ثم بشرنا بوجود نسخة منه عنده ، وعزمه على نشره ، ولكن الغريب أنه لما نشره عام 1408هـ خالف المؤلف في تسمية كتابه ، وسماه (الموضح في التفسير) ! ولا ندري ما الذي حمله على ذلك ؟ ومرةً أخرى ، لم يتناول قضية العنوان في مقدمته ، كأنه أمر تأباه صناعة التحقيق.
أما مخطوطة الموضح فأشار إليها المحقق في مقدمته (ص20) بأنها (في مكتبة تشستربيتي ضمن مجموع) ، كما ذكر من قبل عن نسخة كتاب المدخل في مقدمته (ص45) أنها (مخطوطة في مكتبة تشستربيتي في إيرلندا) واكتفى بذلك ، فلم يذكر هنا ولا هناك رقم هذه ولا تلك. مع أن الكتابين جزء من مجموع واحد ، وهو المجموع الذي أشرتُ إليه من قبل ، وكان يحسن بالأخ المحقق أن يصرح بذلك في مقدمة الكتابين.
وليس من غرضي هنا نقد عمل المحقق في إخراج الكتابين ، إلا أنني أحب أن أؤكد حاجة الباحثين إلى نشرة جديدة أمينة لكتاب (المدخل) روعيت فيها قواعد النشر المتفق عليها ، ليصح الاعتماد عليها في الدراسة والبحث.

أما الأمر الذي قصدت إليه بهذه الكلمة فهو التنبيه على أن الرسالة التي نشرها الشيخ الداودي باسم (الموضح في التفسير) ليست بكتاب الموضح ، وقد غُمَّ عليه أمرها ، مع أن خاتمتها تكشف عن حقيقتها.
وبيان ذلك أن الأوراق (229-244) من المجموع المذكور تتضمن رسالتين لمؤلف مجهول ، وكلتاهما خالية ، مثل معظم كتب المجموع ، من ورقة العنوان ، ولكنهما تامتان ، وآخرهما يدل على محتواهما. فورد في آخر الرسالة الثانية ، وهي في ثلاث ورقات (242/أ-244/ب) :(تمت الأشعار الشواهد من الطريقة الرضوية) .
[/align]
[align=center]
radaweeh.jpg
[/align]
[align=justify]والعبارة واضحة ، فهي تفيد أن صاحب الرسالة جمع فيها الشواهد الشعرية التي وردت في كتاب (الطريقة الرضوية) ، وهو كتاب معروف ، في الخلاف ، من تأليف الإمام رضي الدين أبي الحسن المؤيد بن محمد بن علي الطوسي النيسابوري الحنفي (524-617هـ) وهو في ثلاث مجلدات ، كما قال صاحب كشف الظنون (1113).
وهكذا جاء في آخر الرسالة الأولى :(تمت الأشعار الشواهد في التفسير الموضح الحدادي (كذا)) .[/align]
[align=center]
makhtoot.jpg
[/align]

وهذه الخاتمة – كما ترى – مثل خاتمة الرسالة السابقة ، فكما جرد المؤلف في تلك شواهد الطريقة الرضوية ذات المجلدات الثلاث في ثلاث ورقات ، جرد في هذه شواهد كتاب الموضح في ثلاث عشرة ورقة.

وجرى المؤلف في الرسالتين على سنن واحد :
فهما خاليتان من المقدمة ، ولا يشير المؤلف إلى أبواب الطريقة الرضوية أو فصولها ومباحثها في الرسالة الثانية ، ولا إلى السور والآيات في الرسالة الأولى ، وإنما يلتقط المسألة النحوية أو التفسير اللغوي الذي استشهد عليه المؤلف ، ثم يسوق الشاهد.
وإليكم بداية الرسالة الثانية :
(التقديم والتأخير جائز في كلام العرب . قال الشاعر :
[align=center]إِنِّي إذا ما كَلْبُ قومٍ فَغَرا * أَلقمتُ فاه فا تَّقاني الحَجَرا[/align]
أي : ألقمت فاه حجراً.
أراد بالكسب المكسوب ، قال الشاعر :
[align=center]إذا كانت الأموالُ اكتسابَ مَعشر* فمالي من كسبٍ سوى المجدِ والفخرِ).[/align]
[كذا في المخطوط ، ولعل الصواب في صدر البيت : كسب معاشرٍ]
فلا يعرف من هذا السياق المبحث الذي أورد فيه مؤلف الطريقة الشاهدين.
أما الرسالة الأولى فبدايتها هكذا :
(ذلك بمعنى هذا ، قال القائل:
[align=center]أقول له والرمح يأطر متنه* تأمل خفافاً إنني أنا ذلكا[/align]
أي : هذا .
- الواحد يذكر ، ويراد به الجماعة ، قال تعالى : ﴿والملك على أرجائها﴾ أي الملائكة. قال الشاعر :
[align=center]فقلنا أسلموا إنا أخوكم* فقد برئت من الإحن الصدور[/align]
ولم يقل : إخوانكم.
الغشاوة وهي الغطاء ، قال الشاعر :
[align=center]صحبتك إذ عيني عليها غشاوة *فلما انجلت قطعت نفسي أذيمها).[/align]

[align=justify]ولما كانت هذه الرسالة تتعلق بكتاب في تفسير القرآن ، كان سهلاً على القارئ معرفة الآيات والسور التي وردت في تفسيرها هذه الشواهد.
فظاهرٌ من العبارة التي نقلناها أن أول شاهد من الشعر ورد في كتاب الموضح للحدادي هو في تفسير الآية الثانية من سورة البقرة ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾. والشاهدان الثاني والثالث في تفسير قوله تعالى : ﴿ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة﴾ فالسمع واحد أريد به الجمع عند المؤلف.
وهذه الرسالة هي التي وقعت في يد الشيخ داوودي ، فزاد فيها من عنده أسماء السور ، وزاد الآيات ، من غير أن ينبه على ما فعل ، ثم سماها (الموضح في التفسير) ونسبها إلى الحدادي !
ومما يلاحظ أن المحقق لما أخبرنا في مقدمة كتاب (المدخل) بأنه يملك نسخة من الموضح قال (ص26) :(هو عندي مخطوط في 32 ورقة) بينما هو في 13 ورقة فقط ! فهل كان يعني عدد أوراق نسخته التي نسخها هو من الأصل ؟

إنني أعتقد أن كتاب (الموضح لعلم القرآن) كان كتاباً كبيراً في التفسير ، واستظهرت ذلك من كلام المؤلف في مقدمة (المدخل) . وهو قوله :(إني لما فرغت من تصنيف كتاب الموضح لعلم القرآن صنفت كتابي هذا ... وجعلته مدخلاً لعلم تفسير كتاب الله تعالى ومعانيه ، وتنبيهاً على ما غمض من طرقه ومبانيه ، ورداً على الملحدين الطاعنين في كتاب الله ، لقصور علمهم عن افتنان لطائف لغة العرب وفصاحتها ومذاهبها...).
أما هذا التعليق الذي توهمه الناشر كتاب الموضح فلا يصدق عليه لفظ التصنيف بأي وجه من الوجوه.

ثم الكتاب الذي جعله المؤلف مدخلاً لعلم التفسير جاءت نسخته في أكثر من مائة وعشرين ورقة ، فهل يكون تفسيره في ثلاث عشرة ورقة فحسب ؟
وقد زعم الأخ المحقق أنه كتاب مختصر في غريب القرآن ، وهيهات أن يكون كذلك ، فهل يعقل أن يقدم عالم من العلماء على تصنيف كتاب مختصر في غريب القرآن – مهما بالغ في اختصاره المخل – فيقتصر في سورة الواقعة مثلاً على تفسير ﴿فسلام لك﴾ فيقول:
(أي سلامة . والسلام والسلامة واحد. قال الشاعر :
[align=center]نحيي بالسلامة أم بكر* وهل لك بعد رهطك من سلام).[/align]
ثم يغفل تفسير الألفاظ الآتية من السورة نفسها :
رجت الأرض - بست الجبال - هباء منبثاً - المشأمة – ثلة – موضونة – سدر مخضود – طلح منضود – عرباً – يحموم – شرب الهيم – تفكهون – تورون – المقوين – مدهنون – تجعلون رزقكم أنكم تكذبون – روح وريحان .
ألم تكن هذه الألفاظ كلها أولى بالتفسير من لفظة ﴿سلام﴾ ؟

وهكذا أيرى المؤلف قراء كتابه بحاجة إلى شرح كلمة (عَجَل) في قوله تعالى في سورة الأنبياء 37 ﴿خلق الإنسان من عجل﴾ ويعتقد أنهم في غنى عن شرح ﴿أضغاث أحلام﴾ و ﴿قصمنا﴾ و ﴿كانتا رتقاً ففتقناهما﴾ و ﴿نفشت﴾ و ﴿ينسلون﴾ و ﴿حصب جهنم﴾و ﴿حسيس﴾ وغيرها من مفردات السورة ؟
أفقراء كتاب الحدادي في القرن الرابع كانوا أعلم من قراء كتب أبي عبيدة واليزيدي وابن قتيبة الذين تجشموا تفسير الألفاظ المذكورة ، في القرنين الثاني والثالث ؟

ثم هناك سور كثيرة لم يفسر شيء من مفرداتها في هذه الرسالة. نحو الفاتحة ، والمؤمنون ، والنمل ، ولقمان ، والأحزاب ، وفاطر ، والزخرف ، والدخان ، والجاثية ، والأحقاف ، والقتال ، والفتح ، والحجرات ، والذاريات ، والطور وغيرها. فهل وجدهنَّ المؤلفُ خلواً من الغريب (حسب اصطلاح القوم) ؟
وأخيراً نرى الحدادي يحيل في كتابه (المدخل) على كتاب الموضح الذي صنفه من قبل ، فقال في باب (ما جاء عن أهل التفسير ولا يوجد له أصل عند النحويين ولا في اللغة) :
(في قوله تعالى: ﴿عيناً تسمى سلسبيلا﴾.. عن علي بن أبي طالب في معناها : سل إلى ربك سبيلاً. فأول ما قرع سمعي هذه المقالة كنت أبدي عجباً ، وقلت : ليس هذا من قيل علي رضي الله عنه مع فصاحته وفضله. وأين خبر (تسمى) ؟ وذكرت في كتابي الموضح هذا القول ، وقلت : ليس هذا من علي رضي الله عنه ، حتى وجدته في بعض كتب المتقدمين أن هذا من قيل علي رضي الله عنه ، فسلمت ، وعددته من جملة ما ورد عن أهل التفسير مما لا أصل له في اللغة).[المدخل 107].
وهذا الموضع الوحيد الذي أحال فيه الحدادي على كتاب الموضح ، وكان على الأخ المحقق أن يرجع إلى الرسالة التي زعمها نسخةً من كتاب الموضح ، وهي عنده ، ثم يشير في الحاشية إلى الموضع الذي ورد فيه هذا النص ، ولكنه لم يفعل. ولو رجع إلى تلك الرسالة لم يجد فيها النص المذكور ، ولخالجه شك فيما زعم ، ولكنه مضى كمضي القائل:
[align=center]فَمَضيتُ ، ثُمَّتَ قُلتُ : لا يَعنيني ![/align]
وخلو الرسالة من النص المشار إليه يؤيد ما سبق من أنها ليست بكتاب (الموضح في علم القرآن) للحدادي ، وإنما هي تجريد للشواهد الشعرية الواردة فيه ، قام به عالم مجهول ، وقد صرح بذلك في خاتمة الرسالة كما سبق ، والله أعلم بالصواب).

انتهى ما كتبه الدكتور محمد أجمل الإصلاحي وفقه الله في مقالته الماتعة . وقد انتفعت بها أولاً في تصحيح ما ذكرته في بحثي عن هذا الكتاب ، وأحببت تعميم الفائدة للجميع بنشر هذه المقالة مرة أخرى على صفحات الملتقى ، مع وضع الصور الموضحة . وأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك.[/align]
 
جزاك الله خيراً أبا عبد الله,
وحسبنا الله ونعم الوكيل, ورحم الله الحدادي, وعَوَّضه فيما كتب خيراً.
 
شكر الله لك أبا عبد الله هذه الفائدة ، ولعلك تتعهد الملتقى ببحوث الشيخ محمد أجمل الإصلاحي إن كان عنده بحوث في التفسير وعلوم القرآن .
 
السلام عليكم ورحمة الله
هذه رسالة ماتعة جدا وفيها من القضايا التي تحوج الى توجيه سؤال للدكتور الداوودي لعله يتحف السادة القراء بما عنده لاسيما وهذه الرسالة اعتراض على عمله فهل من يوصل هذه الرسالة اليه؟
 
هذه المقالة قد نشرت قبل خمسة عشر عاماً في جريدة المدينة ، والشيخ صفوان داوودي قد قرأها في ذلك الوقت ، وعرف الصواب ، ولكن الكتاب قد نشر ، ولعله في طبعة قادمة يصوب ذلك إن شاء الله. هذا ما حدثني به الدكتور محمد أجمل الإصلاحي بنفسه ، وقد قابله وناقشه حينها في الأمر. وذكر لي بأن المحقق الأستاذ صفوان داوودي طالب علم جيد ، وله عناية بالتتلمذ على أيدي العلماء الشناقطة في المدينة المنورة ، وتأثره ظاهر بهم في حواشي تحقيقه لكتاب المفردات للراغب الأصفهاني ، فكثيراً ما ينقل ضوابط علمية في أبيات مفردة لبعض الشناقطة. ولكن قراءة المخطوطات ، وفن إخراجها ليس من الأمور التي اشتغل بها ومهر ، ولذلك وقع فيما وقع فيه جزاه الله خيراً.
 
أحببت لفت انتباه الباحثين إلى الالتفات إلى مخطوطات كتاب المدخل للحدادي مرة أخرى ، وإن أمكن إعادة نشره مرة أخرى على نسخ خطية موثوقة فهذا أدعى للوثوق به .
وقد أشار إلى هذا الدكتور محمد الإصلاحي بقوله :
(أحب أن أؤكد حاجة الباحثين إلى نشرة جديدة أمينة لكتاب (المدخل) روعيت فيها قواعد النشر المتفق عليها ، ليصح الاعتماد عليها في الدراسة والبحث)
 
صدرت مقالات وبحوث الدكتور محمد أجمل الإصلاحي مؤخراً عن دار الغرب الإسلامي هذا العام 1428هـ .
[align=center]
6477138e6d0318.jpg
[/align]

ومن الطريف أن المؤلف قد أشار في مقدمته للمقالات إلى أن ما دار بيني وبينه من حوار حول كتاب الموضح للحدادي هذا ، كان دافعاً له إلى نشر مقالاته مجموعة في كتاب حتى يسهل الاطلاع عليها لمن لم يطلع على المجلات والصحف التي نشرت فيها .
وأنا أنصح بالاطلاع على هذه البحوث والمقالات لنفاستها وما فيها من الفوائد والتحقيقات العلمية .

في 16/12/1428هـ
 
سبحان الله

كنت اقتنيت هذا الكتاب في الماضي ثم ضاع مني لسبب لا أذكره.

شيخنا الفاضل عبد الرحمن...لقد رجوت دوما ان تكون لي نسخة من كتاب الحدادي المدخل في تفسير كتاب الله...فهل هذا الكتاب مطبوع ...وأرجو المعذرة فقد قرأت الموضوع بشيء من العجلة...ولعلي أعود اليه...

كما احب ان اعرف رايكم عن تحقيق الاخ عدنان الداودي لمفردات الراغب .
 
نعم أخي العزيز : كتاب المدخل مطبوع كما هو مبين أعلاه ، وهو متوافر في المكتبات في السعودية وخارجها لأنه من مشنورات دار القلم بسوريا ومطبوعاتها منتشرة في العالم العربي بسهولة وفي المغرب توجد كذلك ، ورأيت الدكتور فاروق حمادة وفقه الله ينشر كتبه مؤخراً لديها وهو من أساتذة الجامعات المغربية المعروفين .

وأما تحقيق الأستاذ صفوات داوودي لمفردات الراغب فهو أجود التحقيقات الموجودة ، وليس عندي غيره ، وأستفيد منه دوماً، ولم أتحقق من جودة التحقيق بموازنته بالمخطوطات فهذا شأن له أهله ولستُ منهم .
 
الحمد لله ، وبعد ..

فائدة نفيسة ، وتصحيح مجوَّد .

نفع الله بالجميع خيراً
 
يرى بعض الباحثين أن (المدخل في علم تفسير القرآن) للحدادي أقدم كتاب في علم أصول التفسير، و هذا غير صحيح، فليس الكتاب في أصول التفسير، وإنما هو نظرات وقواعد نحوية وبلاغية في بعض آيات القرآن .
 
حياك الله يا أبا سلمان ، ومرحبا بك في هذا الموضوع الذي طواه الزمن عني فأضحى مزاره بعيداً على قربٍ ، قريباً على بُعدِ كما يقول ابن الرومي .
أما الكتاب فليس من كتب اصول التفسير قطعاً كما تفضلتم، ومن عده كذلك فقد يكون غره عنوان الكتاب (المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى) ، وإلا فحقيقته كما تفضلتم، وفيه تأثر بكتاب ابن قتيبة (تأويل مشكل القرآن) وتأثر كذلك بكتاب ابن فارس الرازي (الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها) ، وليس فيه تحرير لأي مسألة مهمة من مسائل أصول التفسير، إلا عنايته باللغة التي تعتبر مصدراً مهماً من مصادر التفسير ، ولكن قيمة الكتاب لقدم مؤلفه، وغزارة مادته اللغوية وشواهده الشعرية، فهو من المكثرين من إيراد الشواهد الشعرية .
 
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة وقد قابلت الاستاذ صفوان داوودي وأخبرني انه يشتغل بتحقيق بعض أجزاء التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة للسخاوي منذ فترة وأظنهم فرغوا من الكتاب.. وكان يعجبني في تحقيقة نقولاته عن بعض الشناقطة في حواشيه والله المستعان....
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل من جديد بخصوص كتاب الموضح لعلم القرآن للحدادي؟
هل تم العثور عليه وتحقيقه؟
أم لا زال مفقودَا؟
أرجو الإفادة؟


جزاكم الله خيرا..
 
عودة
أعلى