كان الرجل مؤمنا فكفر، فلماذذا كفر؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
كان الرجل مؤمنا فكفر، لماذا؟

مررتُ اليوم بقصة صاحب الجنتين في سورة الكهف ، ووجدتُه يقول: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا}فقلتُ لنفسي: إن الرجل كان مؤمنا ، يعلم أن له ربا ثم كفر به ، يؤكد ذلك قول صاحبه المؤمن له: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا}الرجل كان مؤمنا ثم كفر، فلماذا كفر؟

لقد ابتلاه الله بالنعم العظيمة فاغتر بها {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} ، ونسي أن تلك النعم إنما هي بعض نعم الله عليه ، فجحد فضل الله عليه ، وكفر بنعمه ، فكانت النعمة سببا في الكفر.

وتذكرتُ قارون ، لقد كان هو الآخر مؤمنا ثم كفر قال الله عز وجل: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} أي أنه كان مؤمنا لكنه تكبر وتجبر وبغى عليهم ، فلماذا؟


السبب ذكره الله تعالى: {آتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} إن السبب هي النعم والكنوز العظيمة التي ابتلاه الله بها ، فكانت هذه النعم وتلك الكنوز سببا في جحوده وكفره ، قال الله عز وجل على لسان قارون: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}

لقد كانت النعمة بلاء عظيما على صاحب الجنتين وعلى قارون، فقد دفعتهما للكفر بالله الذي رزقهما تلك النعم فجحدوا بها ، واغتروا بما في أيديهم، فظنوا أنهم استغنوا ، فكفروا بربهم.

إن الله يبتلي عباده بالشر ، ويبتليهم بالخير قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} وقال العلماء : إن الابتلاء بالنعم أشد على الإنسان من الابتلاء بالنقم والشدائد، ذلك لأن الابتلاء بالشدائد معلوم للمؤمن شَرُّه إذا هو جزع ، ويعلم عاقبته إذا هو قَنَطَ ، فهو يجاهد نفسه ويصبر على ما يصاب به من مصائب.


إن المؤمن يمرض فيحمد الله ويصبر ، ويخسر ماله فيحمد الله ويصبر ، ويموت ولده فيسترجع ويصبر ، ويصاب في نفسه وبدنه وأهله فيحمد الله ويصبر.


أما الابتلاء بالنعم فإنما هو استدراج خفي ، يسقط فيه العبد رويدا رويدا ، يستدرجه الشيطان ، وتستهويه نفسه ، حتى يتخلى العبد شيئا فشيئا عن قِيَمِه ومبادئه بل ودينه في غمرة اغتراره بما امتلأ به جوفه من كنوز.


وقد ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة [الأبرص والأقرع والأعمى] التي وردت في البخاري ومسلم آية ومثالا للجحود بفضل الله والاغترار بمتاع الدنيا الزائل، والقصة لثلاثة نفر ابتلاهم الله بالشفاء من أمراض لا دواء لها آتاهم وِدْيَانا من النعم ، فاغتر اثنان وجحدا [الأبرص والقرع] فهلكا ، وأَقَرَّ أحدهم بفضل الله ونعمه فَنَجَا وفاز.


ولعل هذه القصة تخبرنا أن الذين يهلكون في الابتلاء بالنعم أضعاف الذين ينجون منها،
ولعل هؤلاء الثلاثة يصدق فيهم قول الله عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ، فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.


إنها عاقبة جحود نعم الله على العبد ، حيث يصاب القلب بداء لا دواء منه حتى يلقى الله غاضبا عليه، اسمع لقوله عز وجل: { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}


إن العبد إذا اغتر بنعمة الله عليه ، ينصرف قلبه عن الله ، وينشغل بمتاع الدنيا الحقير ، فَيَنْكَبُّ على الدنيا فتأخذه أخذا ، فتطرد الإيمان من قلبه ، وتَحُلُّ الدنيا في قلبه حَلًّا ، فتقيم فيه ، وتسكن حتى تملأ أركانه ، فلا تَدَعُ مكانا فيه لله.


اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم إنا نعوذ بك من فتنة تغشى القلب فتشغله عنك.
اللهم اعصم قلوبنا ونفوسنا من الزلل.
اللهم طهر قلوبنا ونفوسنا من كل شر وسوء.
اللهم هذب نفوسنا وأخلاقنا وقلوبنا بما يرضيك عنا ربنا.
بقلم د. محمد الجبالي
 
آه منَ النعَمِ اللائِي إذَا غمَرَتْ***عَبدًا طَغَى وسَعَى فِي الأَرض إفسَادَا
لَولا فضَائل ذِي مَنٍّ وذي كرمٍ*** كنّا لغيرِ ملِيكِ العَرشِ عُبّادَا
لكن حِكمتَه شاءتْ برحمَتهِ***أن يَقْدِرَ الرزقَ عنَّا بعْدَ مَا جَادَا
 
اخي د.محمد الجبالي. وفقه الله

احببت حفظك الله أن احييك على ومضاتك الجميلة في تدبر القرآن العظيم ، وأود أن أعقب على ما تفضلت به في ثنايا ما سطرت:
تفضلت بالقول :

لسبب ذكره الله تعالى: آتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إن السبب هي النعم والكنوز العظيمة التي ابتلاه الله بها ، فكانت هذه النعم وتلك الكنوز سببا في جحوده وكفره ، قال الله على لسان قارون: قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي
لقد كانت النعمة بلاء عظيما على صاحب الجنتين وعلى قارون، فقد دفعتهما للكفر بالله الذي رزقهما تلك النعم فجحدوا بها ، واغتروا بما في أيديهم، فظنوا أنهم استغنوا ، فكفروا بربهم.

فصرفت سبب الكفر إلى نعمة الله وليس إلى فساد نفس الكافر وسوء تقديره لفضل الله ونعمه عليه ، وطالما كان المدد بالنعم سببا في احسان العبادة والامتنان لله ، فهذا عبدالله سليمان عليه السلام آتاه الله مالم يؤت أحدا من العالمين ، وهذا أيوب عليه السلام أصابه الله بضر عظيم فذلك شكر وهذا صبر ، وكما ضربنا لهما مثلا فهناك من ابتلاه الله بالضراء فكانت سببا لكفره يقول تعالى :
{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ } [هود:9]
وقد ضرب الله مثلا لأولئك فقال تعالى :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [الحج:11]

فهذا نقيض ما وقع على صاحب الجنة ، فهو يطمئن بالنعماء ، وينقلب عند وقوع الضراء فلا يمكن القول أن السراء أو الضراء سببان للكفر أو الإيمان وإلا فإننا بذلك نبرئ الكافر من كفره ونرمي باللائمة على ولي النعمة وحاشاه تعالى عن ذلك.
فيكون الصواب أن سوء الطوية ، وفساد النفس وغياب الإيمان الحقيقي بالله تعالى هو الدافع الحقيقي عند الانسان إلى اعتناق الكفر وترك الاسلام سواء كان الحال تدفق النعماء أو انحسارها ، والله تعالى أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
 
يقول تعالى : {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا} [الكهف:35-36] .
صاحب الجنتين كان كافرا ، ولم يكن مؤمنا فتحول إلى الكفر بواسطة ما حباه الله من نعم ؛ يقول الطبري (ت:310هـ) : " يقول تعالى ذكره : هذا الذي جعلنا له جنتين من أعناب ﴿دخل جنته﴾ وهي بستانه ﴿وهو ظالم لنفسه﴾ وظلمه نفسه : كفره بالبعث ، وشكه في قيام الساعة ، ونسيانه المعاد إلى الله تعالى ، فأوجب لها بذلك سخط الله وأليم عقابه ، وقوله : ﴿قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا﴾ يقول جل ثناؤه : قال لما عاين جنته ، ورآها وما فيها من الأشجار والثمار والزروع والأنهار المطردة شكا في المعاد إلى الله : ما أظن أن تبيد هذه الجنة أبدا ، ولا تفنى ولا تخرب ، وما أظن الساعة التي وعد الله خلقه الحشر فيها تقوم فتحدث ، ثم تمنى أمنية أخرى على شك منه ، فقال : ﴿ولئن رددت إلى ربي﴾ فرجعت إليه ، وهو غير موقن أنه راجع إليه ﴿لأجدن خيرا منها منقلبا﴾ يقول : لأجدن خيرا من جنتي هذه عند الله إن رددت إليه مرجعا ومردا ، يقول : لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ولي عنده أفضل منها في المعاد إن رددت إليه " .
ويقول سيد طنطاوي (ت:1431هـ) : " قالوا : ولا يستلزم قول صاحب الجنتين قبل ذلك : {وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً} أنه كان مؤمنا ، لأنه قال ذلك على سبيل الفرض والتقدير ، لا على سبيل الاعتقاد واليقين ، بدليل تردده في إمكان قيام الساعة ، ولأن اعترافه بوجود الله - تعالى - لا يستلزم الإِيمان الحق ، فالكفار كانوا يعترفون بأن الله - تعالى - هو الخالق للسموات والأرض ، ومع هذا يشركون معه فى العبادة آلهة أخرى " .

والله أعلم وأحكم
 
أخي عدنان الغامدي :حياكم الله أخي وبارك الله فيكم
لا أخالفك أخي فيما قدمت بل أتفق معك ، لكنك تعلم أن النفس الإنسانية عامة تميل للمخالفة والانحراف هذا عام في كل نفس ، ويتميز هنا من يضبطها ويهذبها ويربيها فيسوقها إلى نجاتها ونجاته ، يتميز ممن يتبع هواها فتقوده إلى هلاكه وهلاكها قال الله عز وجل : "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"
وقد قال الله عز وجل: "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" فقد حددت الآية موضع الفتنة بالابتلاء بالشر وبالابتلاء بالنعم وهو أشد من الأول.
 
أخي الفاضل دكتور : عبد الكريم جزاكم الله خيرا ونفع بكم وأدام نفعكم أبدا

نعم أخي إن أكثر المفسرين قالوا بما قدمت ، لكني أقمت رؤيتي على عمادتين:

الأولى : قول المؤمن لصاحب الجنتين : { أكفرتَ } فهذه لا تقال إلا لمن كان مؤمنا وكفر ، ولا تقال لكافر معلوم أنه كافر ، فليس كفره جديدا عليه حتى يعجب ويستنكر عليه كفره.

الثانية : قول المؤمن لصاحب الجنتين : {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} إنه يعلمه كيف يشكر نعمة الله عليه ، ولولا أنه يعلم أنه كان مؤمنا ما قال له ذلك ، حيث إنه لو علم أنه كافر فلن يعلمه كيفية شكر النعمة، وإنما سيدعوه أولا إلى الإيمان.

ويعجبني ما التفتَ إليه الزمخشري والنسفي في تفسيريهما من أن العجب بالمال والنعمة يمكن أن تلحظه في حال المسلمين واقعا ملموسا وإن لم يبوحوا بالبطر والنكران والجحود قال الزمخشري رحمه الله:
"{ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } وهو معجب بما أوتي مفتخر به كافر لنعمة ربه ، معرّض بذلك نفسه لسخط الله ، وهو أفحش الظلم . إخباره عن نفسه بالشك في بيدودة جنته : لطول أمله واستيلاء الحرص عليه وتمادي غفلته واغتراره بالمهلة وإطراحه النظر في عواقب أمثاله . وترى أكثر الأغنياء من المسلمين وإن لم يطلقوا بنحو هذا ألسنتهم ، فإن ألسنة أحوالهم ناطقة به منادية عليه"

والله أعلم
جزاكم الله خيرا
 
زعم بعض الزملاء - غفر الله لنا وله - أن قارون لم يكن من قوم موسى، وأنه لم يكن مؤمنا بل كان كافرا أصلا واستند في رأيه إلى بعض كتب التاريخ.

وأرد ذلك الزعم بدليلين كل منهما كفيل بإبطاله ، ولن ألتفت إلى ما جاء في كتب التاريخ، وإنما سأسوق أدلتي من كتاب الله ومن إجماع علماء التفسير سلفا وخلفا.

أولا: رأي السادة علماء التفسير في تأويل قول الله عز وجل: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى}
أجمع علماء التفسير قاطبة بلا خلاف على أن قارون على صلة قرابة بموسى عليه السلام، واختلفوا في درجة القرابة باختلاف الروايات، فبعضهم قال: إن قارون ابن عم موسى عليه السلام وهو الأكثر، وبعضهم قال: إنه عم موسى، وبعضهم قال: إنه ابن خالة موسى.

ولم يخرج أحد من المفسرين عن ذلك، وقد بحثت في أربعين تفسيرا ، وجمعت آراءهم وأقوالهم في ذلك في ملف قائم بذاته.

وهناك روايات وآثار عن ابن عباس وغيره بعضها صحيح على شرط الشيخين تؤكد ما ذهب إليه علماء التفسير.

ثانيا: سأوافق أخانا الذي اعترض قائلا: هو من قوم موسى لكنه لم يكن مؤمنا،
وأرد عليه وأدعوه إلى تأمل الحوار الذي دار بين قارون وقومه:

قالوا له: {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} ، إن قومه يذكرونه بالله، ويخوفونه الله، وهل يخاطب بهذا الكلام إلا مؤمن؟!

وقالوا له: { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} إنهم يذكرونه بالآخرة ، ويدعونه إلى النفقة والتصدق رغبة في النجاة والفوز في الدار الآخرة، ولا يقال مثل ذلك إلا لمؤمن، ولا يُذَكَّر بذلك إلا مؤمن.

وقالوا له: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} ذلك ترغيب وترهيب، يُذَكِّرونه بفضل الله عليه، ويُرَغِّبُونه في الإحسان، ثم يُحَذِّرُونه ، ويُخَوِّفُونه من الفساد والبغي، ومثل ذلك لا يقال إلا لمؤمن.

فالسياق في الآيات يدل دلالة قاطعة على أن قارون كان مؤمنا، فبغى وتجبر وتكبر بما أوتي من كنوز.

قال الرازي والنيسابوري وثلة عظيمة من المفسرين: "اعلم أن نص القرآن يدل على أن قارون كان من قوم موسى عليه السلام وظاهر ذلك يدل على أنه كان ممن قد أمن به ولا يبعد أيضاً حمله على القرابة،

قال الكلبي: إنه كان ابن عم موسى عليه السلام، لأنه كان قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوى، وموسى بن عمران بن قاهث بن لاوى،

وقال محمد بن إسحق إنه كان عم موسى عليه السلام، لأن موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث، وقارون بن يصهر بن قاهث،

وعن ابن عباس أنه كان ابن خالته، ثم قيل إنه كان يسمى المنور لحسن صورته وكان أقرأ بني إسرائيل للتوراة، إلا أنه نافق كما نافق السامري."

د. محمد الجبالي
 
عودة
أعلى